الصفحات

الأحد، 29 سبتمبر 2013

أ. د . محمد مكي رئيس الجمعية الجغرافية السعودية : الانفراد في تخطيط المدن السبب الأول لأخطار السيول ...


أ. د . محمد مكي رئيس الجمعية الجغرافية السعودية:

الانفراد في تخطيط المدن السبب الأول لأخطار السيول


الاقتصادية - الثلاثاء 1431/07/3 هـ. الموافق 15 يونيو 2010 العدد 6091 -حوار: عبد الله زايد:
    أوضح الدكتور محمد بن شوقي بن إبراهيم مكي، رئيس مجلس الإدارة للجمعية الجغرافية السعودية أن سبب أخطار السيول التي مرت بها بعض مدن المملكة أخيراً عائد للانفراد في تخطيط المدينة بتخصصات محدودة يعتقد أنها هي فقط المؤهلة والمخولة للتخطيط الحضري والعمراني.

   وبيّن أن عملية تخطيط المدن يجب أن تأخذ في الحسبان خصائص المكان في الماضي والحاضر، حيث إن الوديان لم تحفر مجاريها في سنة واحدة وإنما لسنوات عديدة، بمعنى أنه أصبحت لها طاقة استيعابية وتصريفية تتناسب مع حجم هذه المجاري وسعتها. ولذلك عندما يقترب الإنسان من هذه المجاري المائية يجب ألا ينسى هذه الحقيقة بحجة أن المجرى لم يسل لسنوات طويلة.
   وقال في حوار مع «الاقتصادية» إن رخص المخططات والمباني تركز على المواصفات العامة للمخطط والتفصيلية للمبنى دون الاهتمام بمنسوب ارتفاع المبنى وعلاقته بخصائص المكان حوله.
   كما دعا الدكتور مكي في حواره إلى العمل على توزيع الخدمات الطبية المناسبة مكانياً داخل المدن وخارجها حتى لا يتدفق المرضى إلى مدن معدودة أو مستشفيات محدودة. فإلى تفاصيل الحوار:
هل سبق للجمعية أن قدمت آراء أو دراسات في مجال تخطيط الأحياء والمدن بصفة عامة؟
  نعم لقد قدم الجغرافيون من خلال السلاسل العلمية العديد من الدراسات العلمية التي تهتم بتخطيط المدن بشكل عام أو لجوانب محددة تتصل بالمراكز العمرانية الحضرية أو الريفية. فمثلاً تضمنت سلسلة بحوث جغرافية الأعداد: 2، 7، 8، 11، 14، 15، 20، 31، 35، 37، 51، 55، 74، 75، 78، 83، 88، والتي تناولت مواضيع تتصل بتخطيط المدن وتوزيع الخدمات أو النشاطات الاقتصادية فيها، وتركيب السكان والقوى العاملة في المدن. يضاف إلى ذلك أبحاث أخرى تناولت الأقاليم المناخية في المملكة، والتحليل التكراري لكميات المطر في بعض مناطق المملكة، واحتمالات هطول الأمطار ودرجة الاعتماد عليها، والعواصف الرملية والغبارية وآثارها في بعض مناطق المملكة، وتردد الرياح وتتابعها على بعض مناطق المملكة. ولا شك أن نتائج هذه البحوث لو حولت إلى منتج سيسهم في تنمية المكان وتجنب الإنسان الكثير من المخاطر والمضايقات.
   هل أنجزت الجمعية دراسات وبحوثا في مجال السكان والعمران، تهدف لوضع رؤيتها أو حلولاً حول النمو السكاني وأزمة تملك المسكن التي يعانيها نسبة كبيرة من السعوديين؟
    نعم لقد أنجزت الجمعية عددا من الدراسات التي تتصل بخصائص السكان وتأثيرات هذه الخصائص في المجتمع والمكان، وكذلك تأثرها بهذين الجانبين. فمثلاً هناك دراسة «نظرة جغرافية لتخطيط المدن الصحراوية»، و»التحليل الجغرافي المقارن للمخطط التوجيهي الأول لمدينة الرياض»، و»التحليل المكاني للخدمات التنموية في وادي تندحة في منطقة عسير»، و»الانتقال السكني في مدينة الرياض»، و»التوزيع المكاني للسكان والتنمية في السعودية»، و»مواقع المدارس وسبل رفع مستوى سلامة التلاميذ المرورية في مدينة الرياض»، و»القوى العاملة في السعودية: أبعادها الديموغرافية والاقتصادية والاجتماعية»، و»مساهمة الإناث السعوديات في قوة العمل»، و»البطالة في السعودية». ومن الواضح أن جميع هذه الدراسات تهدف إلى تحسين وضع السكان في المملكة والمساهمة في إيجاد الحلول التي قد تواجه السكان في توزيعهم أو تركيبهم، أو نشاطاتهم، أو الخدمات التي يحتاجون إليها.
في مجال دراسات المناخ والبيئة والمياه، هل نشهد تحولات في مناخ المملكة؟
   في الواقع حالة الطقس والمناخ دائماً تتصف بالتغير وعدم الثبات بين الليل والنهار وبين فصول السنة، وقد خلق الله سبحانه وتعالى عالمنا بخاصية هذا التغير عبر دورات قد تطول أو تقصر وقد نعلم بعضها وقد لا نعلم بعضها الآخر. وقد أثير في السنوات الأخيرة جدل من قبل المختصين وغير المختصين حول حقيقة تغير المناخ، وقد بالغ بعض من هؤلاء وأولئك في حجم هذا التغير وآثاره المستقبلية. ومع هذا تثبت العديد من الدراسات تغير عناصر المناخ من حرارة وأمطار وغير ذلك. وما آثار ذوبان الجليد في المناطق القطبية، وكثافة الأمطار في المناطق المدارية إلا دليل على ذلك. وقد يكون لهذه التغيرات بعض الآثار الإيجابية في بعض المناطق وبعض الآثار السلبية في مناطق أخرى. وهذه حكمة الله يصرف الكون كيف يشاء، فقد تسببت انهيارات الجليد في انحسار مساحة الأماكن التي تشكل بيئات لحياة الإنسان والحيوان، وغمرت أراضٍ واسعة بالمياه، وقد تشكل الأمطار مورد حياة ونماء وخضرة للمناطق الجافة والحارة.
   والمملكة ليست بمنأى عن هذه التحولات المناخية، خاصة وهي تقع في منطقة مدارية بين دوائر عرض 16 ْ و12 32 ْ شمالاً، إذ تمر الدائرة الأولى جنوب الربع الخالي وتمر الثانية عند جبر عنازة شمالاً. ولهذا الموقع دلالته المناخية من حيث درجات الحرارة، وكمية الأمطار، مستوى الرطوبة، مستوى الرطوبة، ودرجة التبخر. لا شك أن تقلبات ظروف المناخ ليست حديثة بل تشير كتب التراث إلى حدوث هذه التقلبات في الجزيرة العربية قبل مئات بل آلاف السنين من مرور سنوات ممطرة وأخرى عجاف تهلك الحرث والنسل. ولكن نظراً لقلة عدد السكان في الماضي وقلة استهلاكهم للمياه فقد كان هناك توازن بين الموجود والمفقود ولهذا تشير كتب التراث إلى جنان خضراء ومزارع كانت تنتج الحبوب وتصدرها إلى خارج محيطها كما كان الحال في المدينة المنورة على عهد معاوية بن أبي سفيان. ولكن زيادة عدد السكان والإسراف في استهلاك المياه لأغراض متنوعة لم تكن موجودة في الماضي أديا إلى شدة تأثير سنوات الجفاف. ويضيف بعض المتخصصين تأثير النشاط البشري وصناعاته والإسراف في بث الملوثات الجوية إلى زيادة التأثير في تقلبات المناخ.
   وهناك دراسات عديدة تشير إلى الاتجاه نحو التسخين الحراري في العالم وفي المملكة مع اختلاف في تقدير حجم هذه الاتجاهات. وفي اعتقادي أن من المهم للإنسان الذي استخلفه الله في الأرض ألا يسيء إلى بيئته وألا يكون أنانياً بالنظر إلى مصلحته الشخصية وإنما يكون ديدنه التعاون والنظر إلى مصالح الآخرين لنعيش بسلام ورفاهية على كوكبنا الجميل. وفي الواقع هناك دراسات متزنة يشارك فيها بعض الجغرافيين السعوديين من أعضاء الجمعية المتخصصين في جغرافية المناخ مثل الأستاذ الدكتور فهد بن محمد الكليبي، الدكتور عبد الله بن عبد الرحمن المسند، التي تدعو إلى التريث في إطلاق التعميمات على ما يسمى بظاهرة التغيرات المناخية أو التسخين الحراري.
ما حدث في عدة مدن عندما غمرت المياه بعض الشوارع بسبب الأمطار، هل هو ناتج عن قصور في التخطيط للمدينة؟ أم نتيجة لتحولات مناخية؟ ما وجهة نظركم؟
    بسم الله الرحمن الرحيم، قال تعالى: (هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قريب مجيب) «سورة هود، آية 61»، فالله سبحانه وتعالى خلق الإنسان في هذه الأرض ليعمرها وليس ليخربها. وقد مر إنسان هذه الأرض بتجارب طويلة مكنته من أن يختار المواقع المناسبة لعمرانه واستقراره ويتجنب مكامن الخطر ولا يتعدى على خصائص المكان حتى لا ترد عليه بالمثل. ولهذا عاش الإنسان لأزمنة طويلة وهو متعايش مع خصائص المكان. وكما أشرنا سابقاً بأن تقلبات المناخ ليست ظاهرة حديثة وإنما مرت بها الجزيرة العربية لأزمنة طويلة ولم يحدث تصادم بين الإنسان وظروف المناخ إلا نادراً. ولكن عندما نسي أو تناسى الإنسان هذا التعايش حصل ذلك التصادم الذي كان الإنسان الضعيف هو الخاسر فيه. وقد روي الدارمي عن الزهري: «آفة العلم النسيان وترك المذاكرة». وفي الواقع فطرة النسيان أحياناً تكون نعمة وأحياناً تكون نقمة فالنسيان يكون نعمة عندما يؤدي إلى عدم تذكر إساءة الآخرين، خاصة الأقارب، مما يقوي لحمة المجتمع، وقد رفع الله سبحانه وتعالى عن أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - الخطأ والنسيان، ولكن النسيان والتناسي قد يكون نقمة إذا كان متعمداً ومضراً بالآخرين. والذي أراه أن سبب الأخطار التي مرت بها بعض مدن المملكة أخيراً عائد إلى هذا النوع من النسيان والانفراد في تخطيط المدينة بتخصصات محدودة يعتقد أنها هي فقط المؤهلة والمخولة للتخطيط الحضري والعمراني، مع أنه من المعروف أن التخطيط عملية شمولية تحتاج إلى تعاون عديد من التخصصات منها المهندس المعماري، والإنشائي، والجغرافي، والمؤرخ، والاجتماعي... إلخ، بمعنى أن عملية تخطيط المدن يجب أن تأخذ في الاعتبار خصائص المكان في الماضي والحاضر. ونحن نعرف أن الوديان لم تحفر مجاريها في سنة واحدة وإنما لسنوات عديدة، بمعنى أنه أصبحت لها طاقة استيعابية وتصريفية تتناسب مع حجم وسعة هذه المجاري. ولذلك عندما يقترب الإنسان من هذه المجاري المائية يجب ألا ينسى هذه الحقيقة بحجة أن المجرى لم يسل سنوات طويلة، بل الواجب ألا يتم التعدي على هذه المجاري وإنما يتم التعامل معها بالتحسين وتسهيل الجريان وعدم وضع العوائق التي تعوق مرور المياه سواء بالردم أو تضييق المجاري أو تغيير المسارات لمصلحة اكتساب مساحات للعمران. والحمد لله بلادنا واسعة ويمكن للإنسان المعاصر أن يتعايش مع خصائص المكان بل ربما بصورة أفضل من الماضي لما تتوافر له من إمكانات الخرائط والصور الفضائية. وليس من داع لحشر الإنسان نفسه في أماكن محدودة قد يحفها الخطر. كما أنه من الضروري مراعاة الجهات المختصة عند منح رخص المخططات والمباني أن تراعى مناسيب الأرض وربط التركيبات القديمة بالحديثة. الأمر الذي يحدث في مدننا - ومن تجربة شخصية - أؤكد أن رخص المخططات والمباني تركز على المواصفات العامة للمخطط والتفصيلية للمبنى دون الاهتمام بمنسوب ارتفاع المبنى وعلاقته بخصائص المكان حوله. وعندما تسأل المخطط عن أهمية ذلك وعن الارتفاع المناسب للمبنى عن مستوى الأرض لا تجد الإجابة ويطلب منك استشارة مكتب آخر أو مساح متخصص في الرفع المكاني. أنا لا أسمي هذا إلا تسيباً، فكيف يسمح مكتب لنفسه أو جهة رسمية أن تمنح رخصة دون تحديد الارتفاع المناسب للمبنى بالنسبة للشوارع أو مجاري الأودية حوله. وهذا مكمن الخطر في النمو العشوائي الحقيقي للمدن، والنمو المخطط ظاهرياً.
    من أجل المحافظة على مخزون المياه الجوفية، تم إيقاف زراعة الشعير وإيقاف تدريجي لزراعة القمح، إلا أن زراعة البرسيم مستمرة، وهي تستهلك من المياه معدل أربع مرات ما تستهلكه زراعة الشعير والقمح، فما رأيكم كخبير جغرافي؟ وأيضا ما مرئياتكم ووجهة نظركم في مجال المحافظة على المخزون المائي الجوفي؟
المحافظة على المياه هي أمانة في أعناق الجيل الحالي أمام الأجيال القادمة، فمن المهم المحافظة عليها وعدم الإسراف في استهلاكها. وقد أمرنا الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز بعدم الإسراف في كل شيء. قال تعالى في سورة الأعراف: (يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين)، آية 31. بل وحض الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - على عدم الإسراف في الماء حتى وإن كان في الوضوء، وإن كان على نهر جار.
   فالماء أغلى ثروة يجب أن يحافظ عليها الإنسان لأنها تعنى الحياة ولا مكان لإعمار الأرض إلا بوجود هذه المادة الحيوية. ولهذا فإن بلادنا كما هو معروف فقيرة في أمطارها وهي فقيرة الآن أيضاً في مياهها الجوفية نتيجة كثافة الاستخدام. فلا بد من الموازنة بين حاجة الإنسان وحاجات التنمية المتنوعة ومنها الاستخدام الزراعي. ولذلك ينبغي وضع استراتيجية وطنية للتنمية الزراعية واعتقد أن هذه موجودة، ولكن لا بد من التأكيد على استخدام أفضل الطرق التي ترشد استخدام المياه في الزراعة التي تستهلك في الوقت الحاضر أكثر مما يستهلكه الإنسان وذلك بتطبيق نظم الري الحديثة التي توفر الحاجة الأساسية للنبات وتمنع الاستهلاك غير الضروري أي الذي ليس له منفعة للنبات ولا مردود اقتصادي للإنسان، وكذلك الاتجاه بقوة إلى تطوير تقنية تدوير المياه المستخدمة لتوفير حاجة الاستهلاك الزراعي أو البشري. وأعني بالقوة هنا التعاون بين الإدارات ذات العلاقة والجامعات ومراكز البحث العلمي التي ازدادت فيها كراسي البحث العلمي في الآونة الأخيرة، فحبذا لو خصصت أهداف بعض هذه الكراسي لهذه المشكلة.
    في مجال الجغرافيا الطبية، توجد مشكلة عدم وجود أسرة للمرضى، وانتظار طويل جدا للحصول على موعد عند طبيب، فضلا عن المعاناة لفتح ملف طبي في المستشفيات... فهل هي ناتجة عن قلة المنشآت الطبية أو لشح في الكوادر البشرية أم هي مشكلة تخطيط؟
   هذه نقطة مهمة جداً، وعادة في الدول المتقدمة لابد أن يكون هناك تناسب بين عدد الأطباء والممرضين والأسرة وعدد السكان. لا شك أن الخدمات الطبية تطورت كثيراً في المملكة في الـ 20 سنة الأخيرة، ولكن في المقابل ازداد عدد السكان بنسب نمو مرتفعة سواء من السكان المحليين أو الوافدين مما يجعل مجارات المعايير العالمية أمر في غاية الصعوبة. ولذلك نجد في السنوات الأخيرة بدأ المواطن والمقيم يشعر بإشكالية الحصول على الخدمات الطبية، إذ كانت المواعيد تمتد لشهر فأصبحت تتم لأربعة أشهر أو ستة أشهر وأحياناً لسنة أو أكثر. فهل من المعقول أو المنطق أن ينتظر المريض هذه المدة الطويلة. ربما يقول قائل فليذهب إلى الطوارئ أو المستشفيات الخاصة، ولكن أقسام الطوارئ لا تقدم إلا العلاجات العامة أو المهدئة وتحيل المريض إلى الأقسام المتخصصة وهنا تكمن المشكلة في عدم الحصول على موعد قريب. كما أنه ليس كل المرضى قادرين على مراجعة العيادات أو المستشفيات الخاصة. ولهذا لا بد من العمل على توزيع الخدمات الطبية المناسبة مكانياً داخل المدن أو خارجها حتى لا يتدفق المرضى إلى مدن معدودة أو مستشفيات محدودة. وهنا يبرز العامل الجغرافي في أهمية توزيع الخدمات الطبية تبعاً لمستوياتها المختلفة وحاجة السكان لها.
النمو السكاني في المملكة متسارع وبوتيرة كبيرة، فهل لهذا أثر في رفاهية المواطن؟
   نعم يشهد النمو السكاني في المملكة خطوات متسارعة، إذ تشير مثلاً معدلات النمو بين تعدادي 1413هـ و1425هـ إلى نسبة نمو 4.4 في المائة سنوياً، وإلى نسبة تحضر بين سنوات 1394-1425هـ تصل إلى نحو 81 في المائة، وهذه نسب مرتفعة جداً وتعني تركز النسبة الغالبة من السكان في المدن. والمدن كما هو معروف تتصف بغلاء المعيشة فيها وما تتطلبه من مصاريف على السكن والنقل ومتطلبات الحياة العامة.
   والحمد لله أن موارد المملكة جيدة وكافية لتغطية متطلبات الوطن والمواطن وتنمية احتياجاته. ولكن لا شك أن تكاليف الحياة المتصاعدة في نسب غير متوافقة مع تصاعد الدخل الفردي تشكل هاجساً وضغطاً على كل رب أسرة، خاصة من أصحاب الدخل المحدود أو المتوسط، مما يتطلب دائماً وضع الخطط التي تحافظ على مستوى معيشة السكان بل وتحسن هذا المستوى وتمنع أي تضخم يرفع مؤشرات الأسعار، خاصة السلع الأساسية التي قد تؤثر في مستوى راحة وسعادة الإنسان.
   في جغرافية الخدمات، هل هناك تكامل وتغطية لكل أرجاء المملكة في مجال الخدمات الحكومية (الصحة، الشؤون الاجتماعية، البلديات.. إلخ. وما أهم ملاحظاتكم في هذا السياق؟
   الحقيقة مشاريع التنمية طالت البلاد بالطول والعرض ووصلت إلى أقاصي الأماكن في المملكة. ولكن لنا أن نتساءل لمن تبنى هذه المشاريع؟ حتماً الإجابة ستكون للمواطن وسعادته. إذاً لا بد أن يكون هنالك توافق بين حجم ومستوى هذه الخدمات ومتطلبات التركزات السكانية. وجغرافية الخدمات تركز على التوازن في طرفي المعادلة حجم الخدمة وحجم السكان. وفي الواقع رغم الجهود المكثفة في نشر التنمية في خطط التنمية الوطنية الأخيرة إلا أن تحقيق هذا التوازن يحتاج إلى مزيد من الجهد. كما أنه يجب العناية ليس فقط بالحجم وإنما أيضاً بنوع الخدمة التي تعكس المستوى الحضاري للدولة. وهناك نماذج عديدة مطبقة في الدول المتقدمة لتحقيق ذلك التوازن الذي يحقق حاجة السكان ويحافظ على الموارد العامة.
ما كلمتكم في ختام هذا اللقاء؟
   أشكر لكم تلطفكم بالمساهمة في نشر المعرفة الجغرافية، كما أدعو المخططين والمنفذين في القطاعات الرسمية وغير الرسمية إلى عدم تجاهل خصائص المكان في أي خطة أو مشروع تنموي أو خدمي. وأعتقد أن الجغرافي خير من يسهم في التعريف وتحديد هذه الخصائص. لا بد من الإشارة هنا إلى أننا لو نظرنا إلى الدول المتقدمة نجد أن أية دائرة حكومية أو غير حكومية لا تخلو من جغرافي يسهم في البرامج المتصلة بالمكان والتوزيع، بل نجد أن الشركات الأجنبية التي تسهم في مشاريع التنمية لا تخلو من جغرافي يسهم باختصاصه في تحقيق أهداف شركته أو مؤسسته. نسأل الله التوفيق والسداد للجميع. وأن نراعي مخافة الله في كل ما نؤتمن عليه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق