الصفحات

الأربعاء، 4 يونيو 2014

العوامل المؤثرة على التنمية العمرانية المتواصلة - ( دولة الكويت – حالة تطبيقية ) ...

العوامل المؤثرة على التنمية العمرانية المتواصلة )دولة الكويت – حالة تطبيقية)
 الدكتور المهندس / علي مهران هشام - خبير التخطيط البيئي والعمراني
ملخص الدراسة  : ABSTRACT 
   يرتبط الإنسان عبر التاريخ بالحيز المكاني وغالبا ما يكمن ارتباطه بالمكان نابعا من العلاقات والعوامل المحيطة سواء الطبيعية أو البيئية أو الاجتماعية أو الاقتصادية ولقد عزز ذلك من خاصية التطوير والتواصل في أعمال التنمية الشاملة بصفة عامة والعمرانية والحضرية بصفة خاصة.

   لقد مرت المدن العربية بمراحل تطور عمراني وحضري متعدد الأنماط وانعكست التنمية الاقتصادية والصناعية والتزايد السكاني السريع على النمو العمراني سواء في الشكل أو المضمون، لذلك فإن الحاجة الى توظيف المعارف والتكنولوجيا الحديثة ونظم المعلومات المتطورة يمثل ضرورة لتحقيق منظومة التنمية العمرانية المتواصلة من أجل توفير الراحة والأمان والمستوى المعيشي والحضاري للإنسان وحيزه المكاني. 
  تمثل التنمية العمرانية في دولة الكويت أحد نتائج النهضة الشاملة التي أعقبت إنتاج النفط بكميات كبيرة والذي ترتب عليه زيادة احتياجات السكان وتغير أنماط معيشتهم الاجتماعية والسكنية.
   ويتركز التطوير الحضري لدولة الكويت في مساحة 250 كيلومترا مربعا ولتلبية الاحتياجات الإسكانية للسكان والتي تقدر بحوالي 60 ألف وحدة سكنية حتى العام 2001م فإنه يلزم توفير مساحة للنمو العمراني تقدر بحوالي 200 كيلومتر مربع بما في ذلك احتياجات المرافق والخدمات والمباني العامة.
لقد أخذت دولة الكويت بتطبيق نظم المعلومات الجغرافية GIS كأداة تحليل علمية لتحقيق الاستغلال الأمثل للموارد والإمكانيات المتاحة لتقليل الفاقد وتحقيق أعلى عائد من إدارة وتوظيف هذه المصادر.
أن أحد أهداف هذه الدراسة هو الوصول الى العناصر والمحددات الفعالة للتنمية العمرانية المتواصلة وأهمية تطبيق نظم المعلومات الجغرافية في تحقيق منظومة العمران المتوازن وظيفيا وجماليا.
   وتمثل الملامح الحضرية والعمرانية والعوامل المؤثرة على التنمية في دولة الكويت الحالة التطبيقية لهذه الدراسة.
ويمكن إيجاز عناصر هذه الدراسة في التالي :
1.     عوامل تحقيق التنمية العمرانية المتوازنة في الكويت.
2.  تطبيق نظم المعلومات الجغرافية في الكويت كأداة للتنمية المتواصلة .
3.
سياسات وخطط التنمية الحضرية والعمرانية في الكويت.

الكلمات الكاشفة
: KEYWORDS
الثوابت والمتغيرات – الأسس الحاكمة في التخطيط – نظم المعلومات الجغرافية GIS المخطط الهيكلي – الخطط الخمسية.

المقدمة :
   ترمي التنمية المتواصلة SUSTANABLE DEVELOPMENT الى تحقيق التوازن بين التفاعلات والتغيرات للعلاقات المتبادلة والتي تشمل الإنسان بإمكانياته وثقافته وطموحاته وحضارته وعناصر المكان الطبيعية والبيئية ودور الإنسان في استغلالها أو تعديلها أو تنميتها، والتنمية المتواصلة تفي بضروريات الحاضر للمجتمع دون الإخلال بالموارد والإمكانيات الطبيعية والمتوارثة مع مراعاة الرؤية المستقبلية وتحقيق تطلعات الأجيال القادمة.
أن الوصول الى التنمية العمرانية والحضرية المتجانسة والمتوازنة يتطلب توظيف التقنيات الحديثة والعلوم المتطورة بما يتلاءم مع المعطيات المحيطة بالمجتمع سواء الطبيعية أو البيئية أو البعد الاجتماعي والثقافي او الاقتصادي، ولعل تبني سياسات وخطط جديدة تتوافق مع هذه العناصر ولا تتصادم معها يمثل ضرورة ملحة لتحقيق مستوى حضاري وتنمية مستقرة للإنسان والمكان.[هشام علي مهران- 1998م، 1999م].
   لقد اهتمت دولة الكويت على المستوى التطبيقي والتنفيذي بالأخذ بالأساليب الحديثة في أعمال التنمية العمرانية ومنها استخدام نظام المعلومات الجغرافية (GIS) GEO GRAPHICAL INFORMATION SYSTEM كأداة تحليلية وتقنية ذات فعالية سواء للمخططين أو متخذي القرار وكذلك المسئولين عن الإدارة البيئية والسكان والموارد وذلك منذ الثمانينات والذي بدأ في 30/3/1983 بتنفيذ مشروع إنشاء نظام المعلومات لخدمات البنية التحتية المنفذة تحت الأرض والذي يطلق عليه اسم (كودامس KUDAMS) KUWAIT DATA INFORMATIONMANAGMENT SYSTME وذلك بالتعاون مع شركة اتحاد آسيا اليابانية، ويحتوي هذا النظام على بنك معلومات مركزة قادرة على السيطرة على التغيرات التي تطرأ على البيانات الطبوغرافية والسكنية والمنشآت ويتركز مجال عمل مشروع كودامس في مرافق وخطوط الكهرباء وخطوط الهاتف وأنابيب المياه العذبة والمالحة وأنابيب الغاز وأنابيب مجاري الأمطار والمجاري الصحية . وقد ألحق المشروع ببلدية الكويت إدارة -المساحة لتطوير- خرائط مفصلة للمعلومات مبنية على أساس نظام المعلومات الجغرافي. [عبدالجواد محمد- 2000م].
   وتعتبر صور الأقمار الاصطناعية الأساس الفوتوغرافي التفصيلي الذي يشكل الطبقة الأساسية الأولى لنظم المعلومات الجغرافية وبعد ذلك تشكل مجموعات بيانات كودامس الطبقة الثانية التي تسقط على الطبقة الأساسية مستخدمة الخرائط الطبوغرافية وخرائط مسح الخدمات. ولقد تم تحقيق مستوى مقبول من تسجيل البيانات والمعلومات منذ عام 1992م ويمثل الاستخدام الحالي للأراضي الطبقة الثالثة من النظام وستستخدم طبقة رابعة تبين معلومات تحديد الاستخدامات وذلك من قبل مخططي المدن والعمران.[AL-JASSIM, 1997]
    أن الضغوط المتزايدة على الرقعة الحضرية والعمرانية الكويتية نتيجة التسارع في أعمال التنمية والخدمات المكملة لها أفرزت مجموعة متشابكة من المشكلات السكانية والإسكانية والاجتماعية والبيئية والطبيعية مما كان له تأثيرا واضحا في التغيرات والتعديلات المتلاحقة على الهيكل العام للتخطيط الحضري والعمراني. ولعل استخدام نظم المعلومات الجغرافية يقلل الى حد كبير من التكلفة ويحقق سرعة في اتخاذ القرار لمواجهة المشكلات العمرانية العاجلة إضافة الى المساندة في انجاز الخطط بمعدلات أسرع وبجودة عالية وبما يقلل من الهدر في الموارد والطاقات.
على كل حال، تشتمل هذه الدراسة على العناصر التالية :
· عوامل تحقيق التنمية العمرانية المتوازنة في الكويت.
· تطبيق نظم المعلومات الجغرافية في الكويت كأداة للتنمية المتواصلة.
· سياسات وخطط التنمية الحضرية والعمرانية في الكويت.
الأهداف والإطار العام للدراسة :
   تهدف هذه الدراسة الى الوصول الى العوامل والقواعد الفعالة في عملية التنمية العمرانية والحضرية وتطبيق ذلك في دولة الكويت إضافة الى أهمية استخدام نظم المعلومات الجغرافية في تحقيق التنمية المتجانسة والمتواصلة والمساعدة في اتخاذ القرارات التنموية والحضارية بالسرعة المطلوبة وبدقة وجودة عالية.
   ويتحدد الإطار العام للدراسة من خلال مناقشة وتحليل أبعاد التطور الحضري والعمراني ودور الأدوات والتقنية الحديثة في رسم السياسات والخطط التنموية العمرانية ، وتشتمل هذه الدراسة على مجموعة من الأشكال والمخططات الحضرية والعمرانية في دولة الكويت كوسائل تشخيصية وأدوات تحليلية واضحة لتعزيز الغايات من هذه الدراسة.
عوامل تحقيق التنمية العمرانية المتوازنة في دولة الكويت
مدخل وخلفية عامة:
   تقع دولة الكويت على الطرف الشمالي الغربي للخليج العربي وتبلغ المسافة بين أقصى موقع على الحدود الشمالية والجنوبية حوالي 200 كيلومتر وعلى الحدود الشرقية والغربية حوالي 170 كيلومترا.
   ومناخ دولة الكويت من النوع القاري الذي يتميز به الإقليم الجغرافي الصحراوي عامة وذلك لوقوعها بين خطي عرض 45-28ْ و 05-30ْ شمال خط الاستواء وخطي طول 30-46ْو 30-48ْ شرق خط جرينتش، ويضم التقسيم الإداري للدولة ستة محافظات هي العاصمة وحولي والفروانية والجهراء والأحمدي ومحافظة مبارك الكبير، وتبلغ المساحة الكلية للكويت حوالي 18000 كيلومترا مربعا ويصل عدد السكان في عام 1997م الى حوالي 2208790 نسمة منهم 758942 نسمة للكويتيين (34.4%) 1449848 نسمة لغير الكويتيين بنسبة (65.6%) ويتكون السطح في معظمه من سهول رملية منبسطة وينحدر تدريجيا من الغرب الى الشرق وتوجد تلال قليلة الارتفاع. وتغطي الجزء الأكبر من السهول رواسب من الحصى والرمال . 
   كما توجد بعض التلال والمرتفعات التي تمتد من الشمال الشرقي الى الجنوب الغربي بالقرب من الجهراء.
   وتشترك دولة الكويت مع أخواتها في دول الخليج العربية في طبيعة المناخ الحار الجاف صيفا والذي تتعدى درجات الحرارة فيه 45ْ درجة مئوية، مع هبوب الرياح المحملة بالغبار (الطوز) كما يتسم الشتاء بسقوط الأمطار وتكون السيول.[المرزوق،خلود- 2000م]، [وزارة الإعلام-1993م]
   ويوجد في صحراء الكويت بعض الآبار التي يتدفق منها الماء العذب والتي تغذي المناطق العمرانية بالكويت مثل الآبار الموجودة في منطقة الروضتين. والمياه الساحلية قليلة العمق وتسود الشواطئ ظاهرة المد والجزر ويوجد عدد من الجزر مثل جزيرة بوبيان وفيلكا ووربة.
  ويرتبط أهل الكويت بالبحر ارتباطا اقتصاديا وعاطفيا ويمثل الماضي والتراث والحاضر والمستقبل ويعتبر البحر عاملا مشتركا بين الأرض والإنسان والتنمية واسم الكويت ذاته يرجع الى كلمة قرن وكوت والذي يعني التل أو الأرض العالية أو البيت المبني على هيئة قلعة أو حصن بجانب الماء.
   ولقد شهدت الكويت مثلها كباقي دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية منذ ظهور النفط عدة تغيرات اقتصادية واجتماعية وعمرانية وتشريعية وقد تفاوتت المراحل الزمنية لهذا التغير (مرحلة ما قبل النفط- مرحلة اكتشاف النفط- مرحلة ما بعد تحرير الكويت في فبراير 1991(.
  ولقد أحدثت الطفرة النفطية تغيرا شاسعا في البنية الاجتماعية والاقتصادية في البلاد وانعكس ذلك على حركة التطور العمراني وأعمال التشييد والمباني والتخطيط الحضري حيث كان لسرعة التغير المادي والتكنولوجي وارتفاع مستوى دخل الفرد الكويتي انعكاسات ذلك على الحركة الثقافية والخدمات والمرافق وتغير نمط المعيشة أثر كبير في تغير ملامح المناطق العمرانية والحضرية نتيجة لضغوط مجموعة متداخلة من العوامل المؤثرة على شكل ونوعية البيئة العمرانية والحضارية مثل الهيكل السكاني وأبعاده المتغيرة حيث يمثل الكويتيون نسبة 34.4% من التركيبة السكانية في البلاد طبقا لعام 1997م إضافة الى تطور واتساع سوق العمل وتركيبة العمالة ونوعيتها والزيادة السريعة في الوحدات السكنية لتغطية الطلب المتلاحق عليها وخاصة للأفراد- والعائلات الكويتية والوافدين أيضا إضافة الى التفاوت في النمو والتطور في قطاع التجارة والصناعة وارتباط الأنشطة الصناعية بالأسواق المحلية والإقليمية والعالمية. كما كان لتوسع شبكات الطرق الحضرية والإقليمية وحركة النقل والتزايد المستمر في أعداد المركبات والسيارات وإنشاء الجسور والأنفاق لامتصاص الزيادات السريعة للرحلات المرورية سواء للعمل أو التعليم أو غيرها من استعمالات الأراضي. لقد كان لكل هذه العوامل المترابطة والمتداخلة والمعقدة كذلك أثر بالغ في انتهاج أساليب وسياسات تنموية غير تقليدية تعتمد على القواعد والأسس العلمية والتقنية الحديثة في أعمال التخطيط الحضري والتنمية العمرانية المتواصلة في الكويت وذلك لمواكبة النهضة الحديثة ولتحقيق مستوى حضاري للفرد والمجتمع يلائم معطيات ومتطلبات القرن الحادي والعشرين.[بلدية الكويت- 1999م]، [أبوعياش،أبوعبدالله – 1986م] ويبين المخطط رقم (1) السمات العمرانية والموارد الطبيعية في الكويت في حين يوضح شكل رقم (1) تأثير العوامل المناخية على توجيه الشوارع والمعيشة والفصول الدراسية.
3-2-  الثوابت والمتغيرات في التنمية العمرانية :
    تمثل طبيعة أرض الكويت ومناخها الحار والصحراوي أحد عناصر تحديد الطابع العمراني وأنماط التنمية الحضرية فيها ويعود للحرارة الشديدة والجفاف أثرهما في إظهار النمو الاندماجي في العمران حيث تتراص المباني مشكلة طرقا ضيقة ومتعرجة تكثر فيها الظلال الناشئة عن حوائط وبروزات البيوت على الجانبين كما تعمل هذه الطرق المتعرجة على كسر حدة الرياح المحملة بالغبار صيفا والباردة شتاءا. والنسيج الحضري القديم كانت فيه البيوت تبنى في اتجاه معين تسمح بمرور تيارات الهواء من خلال أبراج الريح التي صممت لتزويد الغرف بتيارات هواء تلطف الجو الداخلي كما كان لسقوط الأمطار وتكون السيول أثره في توجه النمو العمراني حيث ابتعد الأهالي عن إقامة مساكنهم بالقرب من مخرات السيول.[هشام،علي مهران-1998م]،[المرزوق،خلود-2000م].
    إن قلة الأشجار والمساحات الخضراء أدت إلى استخدام اللون البني في واجهات المباني حتى تحاكي.. المنشآت العمرانية الأرض الطبيعية كما أن انبساط الأرض أدى الى تقارب ارتفاعات المباني وتوحيد خط أفق المدينة SKY LINE الى حد كبير .
   أما البعد الديني فيشمل أحد الثوابت التي انعكست على العمران مثل استخدام الزخارف النباتية والنقوش الهندسية التي تتماشى مع روح الشريعة وفصل الذكور عن الإناث في المرافق والمباني العامة مثل المدارس وغيرها وكذلك فتح الغرف للمساكن الى الداخل لتوفير الخصوصية والاهتمام بالفراغات والحيزات الداخلية.[هشام،علي مهران-1999].
   وللعامل الاجتماعي أثر واضح في أعمال التصميم العمراني مثل حاجة الأهالي الى الالتقاء والاجتماع ومناقشة العديد من الأمور الحياتية مما أوجد أماكن مخصصة لذلك مثل الديوانيات وهي أماكن التقاء الرجال وعادة ما تفتح على الخارج أما على مستوى التجمع العمراني فتوجد (الباحة) التي تتوسط الفريج (مجموعة سكنية تتكون من 10-14 وحدة سكنية CLUSTER) وتشكل مركزا ومتنفسا للأهل حيث تلتقي الأسر والأطفال في جو اجتماعي وعائلي وآمن. وتوضح المخططات أرقام (3،4) تخطيط المجموعة السكنية وتجانسها.
   أما العوامل الثقافية وتبادل السكان الكويتيين للزيارات للمناطق والدول المحيطة واحتكاك السكان الكويتيين بثقافات السكان الوافدين كان له أثرا في تغير نمط العمران وظهر ذلك في تقليد الكثير من العمران الغربي سواء في التصميم أو تنفيذ المباني أو مواد البناء المستخدمة وظهرت أنماط عمرانية متداخلة وغير متناغمة في أحياء كثيرة سواء في الارتفاعات أو الشكل الخارجي أو الفتحات أو الألوان المستخدمة مما استلزم وجود مخططات تنموية عامة لتوجيه أعمال التنمية العمرانية في الاتجاه الذي يحفظ الهوية ويواكب التطور الحديث.
    إن التغير في الوضع الاقتصادي وارتفاع مستوى دخل الفرد الكويتي والزيادة الكبيرة في أعداد السكان وبالتالي زيادة احتياجاتهم من المرافق والخدمات العامة وحدوث قفزات كبيرة في تكنولوجيا البناء والتخطيط والتنمية والعمران وتطلعات الفرد والمجتمع الى اقتناء كل جديد، أدى إلى ضرورة إرساء التنمية المتناغمة وضمان تواصلها واستمرارها بالتوازن المنشود . وذلك يتطلب مشاركة جميع القطاعات المعنية بالتنمية الشاملة والتي تشمل المنشآت والمباني العامة والإسكان والمرافق والخدمات والطرق والنقل العام والمرور والكفاءة العالية في استخدام مواد البناء وتحقيق التوافق بين البيئة بمعطياتها الثابتة وتطلعات الإنسان المتغيرة. وبمعنى آخر انتهاج السبل والوسائل التي تحقق التوافق بين البيئة والتنمية العمرانية. ذلك ان العوامل المتغيرة في التنمية العمرانية في دولة الكويت كثيرة ومتشابكة لذ انه نتيجة للنهضة التنموية الشاملة التي أعقبت إنتاج النفط وتصديره بكميات كبيرة وحدوث تطور اقتصادي في البلاد زادت الاحتياجات في أعداد الوحدات السكنية والتي تقدر بأكثر من 50 ألف وحدة سكنية في عام 1997م – 1998م وهو يفوق قدرة الدولة على توفير هذه الرعاية السكنية إذا أتيحت الأساليب والمعالجات القائمة منذ عام 1974م (وهو تاريخ إنشاء الهيئة العامة للإسكان) حيث، معدلات انجاز المؤسسة العامة للرعاية السكنية [المؤسسة أصبحت بديلا للهيئة العامة للإسكان بالقانون رقم 27 لسنة 1993م] حوالي ثلاثة آلاف وحدة سكنية سنويا في حين ان الطلبات السنوية المقدمة للحصول على وحدات سكنية تصل الى خمسة آلاف طلب بخلاف الطلبات المتراكمة ، وحيث أن من ظواهر المشكلة الإسكانية في الكويت إن أكثر من 80% من الأسر الكويتية يعيش في وحدات سكنية متفردة (بيوت- قسائم) كما ان معظم مستحقي السكن الحكومي من المواطنين الكويتيين يصرون على الحصول على مثل هذه الوحدات المنفردة ولا يفضلون نظام الشقق السكنية (العمارات والتي تقوم على التوسع الرأسي).[المؤسسة العامة للرعاية السكنية-1995م].
    إن النمو الحضري في الكويت يتركز في مساحة 250 كيلومترا مربعا ولتلبية الاحتياجات السكنية المتوقعة في عام 2000-2001م (حوالي 60 ألف وحدة سكنية) فانه يلزم توفير مساحة حضرية للتنمية العمرانية تقدر بحوالي 200 كيلومتر مربع لتوفير الخدمات والمرافق وشبكة الطرق والمرور والمباني العامة لهذه التجمعات العمرانية.
    وتقع معظم الأراضي في الكويت تحت مظلة شركة نفط الكويت حيث ان البترول هو المصدر الرئيسي للدخل وللحصول على أية أراضي للتنمية الأفقية العمرانية فلابد من فك هذا التشابك وإزالة العوائق القائمة من خطوط للمرافق أو توفير الحماية لمسارات وشبكات النفط والعزل الآمن بين مصادر النفط والمناطق العمرانية المقترحة وهذا ما يطلق عليه "ندرة الأراضي الصالحة للمشروعات الإسكانية"، كما يمثل التزايد المستمر في تكاليف البناء والتشييد وتطور مواد التشطيب احد المتغيرات الأخرى ناهيك عن سياسة الدولة المتبعة في تشجيع الزيادة السكانية للكويتيين من خلال منح 50 دينارا كويتيا لرب العائلة لكل طفل جديد، مما يترتب عليه زيادة في توفير هذه الاحتياجات المستقبلية سواء الاجتماعية أو الاقتصادية او العمرانية (سكن- خدمات-مرافق).[الجاسم، وليد-1994م]، [بلدية الكويت-1999م].
     إن زيادة الطلبات نحو تملك وحدات سكنية في شكل بيوت أو قسائم (مساحة القطعة 400 متر مربع طبقا لقانون الرعاية السكنية) فضلا عن الطلبات المتراكمة والطلبات السنوية الجديدة، ومع ضيق المساحة المتاحة داخل الحيز الحضري للدولة ووجود عوائق للتنمية العمرانية في بعض الأراضي الفضاء مثل شبكات الضغط العالي للكهرباء وخطوط النفط والصرف الصحي والمياه وطبيعة التربة وغيرها والتكلفة الاقتصادية الكبيرة على الدولة لتوفير مثل هذه التجمعات العمرانية المتكاملة المرافق والخدمات فقد بدأت الدراسات لإنشاء مدن جديدة لاستيعاب هذه الاحتياجات التي أصبحت تمثل ضغطا اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا أحيانا على كاهل الحكومة وقد اقترح إنشاء مدينة الصبية في الشمال وربطها بجسر بمدينة الكويت وذلك لاستيعاب حوالي ربع مليون نسمة وكذلك مدينة الخيران في الجنوب لاستيعاب حوالي 125 ألف نسمة حيث ترتكز أعمال التنمية العمرانية أساسا على المناطق الساحلية … وللبحر دور كبير في توجيه التوسع والنمو العمراني في الكويت حيث انه يحيط بأكثر من 60% من أطراف الكويت.
   على الطرف الآخر فإن توعية المواطنين وانتهاج أسلوب غير تقليدي في السكن مثل الإقامة في شقق سكنية (أسلوب التوسع العمودي) يمثل ضرورة لتوفير الأراضي وكذلك الخدمات والمرافق .
   إن إتاحة المجال للقطاع الخاص للمشاركة في أعمال التنمية العمرانية تمثل احد ملامح سياسات الدولة المتوازنة في اتجاه التنمية الحضرية والعمرانية المتواصلة في المستقبل.
 3-3-
المعايير والأسس الحاكمة في التخطيط العمراني :
   انتقلت الكويت من مرحلة النمو العفوي للعمران الى مرحلة التطور الحديث بانتهاج أسلوب المخططات الهيكلية والذي بدأ عام 1951-1952م وحدد المعايير والأسس الحاكمة لعمليات النمو التوسع العمراني والحضري والإطار العام لاستعمالات الأراضي والتوقعات المستقبلية للسكان وتحديد الثروات الطبيعية وتوظيفها من خلال السياسات والخطط ذات الأهداف الواضحة والمحددة.
    وتشمل المعايير والأسس الحاكمة في التخطيط العمراني في الكويت العناصر التالية:
·
مراعاة طبيعة العوامل المناخية والبيئية للكويت مثل التوجيه الملائم للمباني والطرق لمواجهة الرياح المحملة بالأتربة وكذلك زوايا الشمس وعلاقات الكتل البنائية بالفراغات الداخلية والخارجية وتوفير الظلال من خلال البروزات وعلاقة ارتفاعات المباني بالشوارع والساحات والفراغات ومراعاة طبيعة التربة وطبوغرافية الموقع في التخطيط والتصميم العمراني.
·
إتباع أسلوب التدرج الهرمي في التخطيط URBAN HIERARCHY الذي يعطي الإحساس بالاتجاه الطبيعي نحو مركز المنطقة الابتدائية – وحدة الضاحية السكنية.
·
ان ينبع التخطيط العمراني للضواحي والمناطق العمرانية والسكنية من خلال المخطط الهيكلي للدولة والذي يمثل السياسة الحاكمة في أعمال التنمية العمرانية الحالية والمستقبلية.
·
أن يتسم تخطيط وتصميم شبكات الطرق والمرور بالسهولة والمرونة وتوفير الأمان للسكان والمركبات وتحديد مداخل سهلة وواضحة للمناطق العمرانية والمجموعات السكنية.
·
توفير عوامل الأمان ومرونة الحركة والتنقل لحركة المشاة وخاصة من والى الخدمات والمباني العامة (المدارس- الحدائق- المساجد- المراكز الصحية-المراكز التجارية ..الخ .(
·
أن يؤكد نظام تخطيط الطرق وأنماطه نظام التدرج الوظيفي المتناغم مع التدرج العمراني للمناطق.
· إبراز فكرة نظام الضواحي السكنية NEIGHBOURHOOD SCALE والتي تعطي الصبغة التنموية الشاملة والمتكاملة (اكتفاء ذاتي) للضاحية السكنية من حيث توفير الخدمات والمرافق والمباني العامة للتجمعات العمرانية.
· مراعاة العوامل الثقافية والتركيبة الاجتماعية والعادات والتقاليد للمجتمع الكويتي مثل تحديد مدارس للذكور وأخرى للإناث أو مناطق ترفيهية للإناث وأخرى للذكور وتوفير الساحات والمناطق المفتوحة التي تلبي متطلبات العائلات الكويتية (أفراح- مناسبات- أعياد دينية ووطنية) وتوفير ملاعب للأطفال تتسم بعوامل الراحة والأمان مع ضرورة مراعاة التراث العمراني الكويتي في الفكر العام للتخطيط.
· مراعاة تقليل الحاجة الى الصيانة العامة في تصاميم المناطق المفتوحة والمرافق العامة والاهتمام بتوفير عامل التكلفة الأقل مع الجودة العالية.
· مراعاة الاهتمام بالتخضير والتشجير والتنسيق العام LAND SCAPE للمناطق وتوفير مساحات خضراء وأماكن لزراعة الأشجار المناسبة للبيئة المحلية والتي تتوافق مع درجات الحرارة المرتفعة وتشجير جزر الطرق والدوارات وتوفير ممرات مشاة مناسبة ومزروعة لممارسة هواية رياضة المشي.
أما الأسس التصميمية المكملة لعناصر التخطيط العمراني فيمكن إيجازها فيما يلي :
·
ان يتم التصميم المعماري على أساس وحدات قياسية مع توفير أنماط مختلفة من حيث المسطحات وطرق التجميع وتقديم البدائل التصميمية لاختيار الأفضل.
· إتباع فكرة النواة والامتداد وتفادي ظاهرة إجراء تعديلات عشوائية على المساكن من خلال تقديم تصاميم معمارية للوحدات السكنية تلائم احتياجات الناس الاجتماعية والثقافية والبيئة الاقتصادية.
· تصميم المباني بشكل يكفل كفاءة عزل حرارة عالية من خلال جودة أسلوب ومواد البناء والتشييد واستخدام تقنيات تساعد على خفض استهلاك الطاقة.
· دراسة الأبعاد والمسطحات للوحدات بصورة جيدة من حيث العروض والأعماق مع عدم الإخلال بالوظائف الحيوية للمنشأ.
· تحقيق الكفاءة والسهولة التصميمية داخل الوحدة من حيث نسبة عناصر الاتصال والخدمات إلى نسبة الفراغات المستعملة وتقليل الفاقد من الفراغات الداخلية (النهايات الميتة) وان تكون الزخارف والبروزات والحليات التجميلية ذات وظائف واضحة ومكملة لعناصر البناء ولتحقيق المنظومة العمرانية المتجانسة في النسيج العمراني والحضري.
· إن تتسم ألوان المباني وارتفاعاتها بالتجانس والتناغم وتحقيق الجمال البصري للتجمع العمراني.
· إن تنسجم عناصر تصميم المباني مع الخصائص المميزة للمجتمع العربي والإسلامي.
· إيجاد مظلة تنسيق بين الأجهزة المشرقة على تقديم المرافق العامة قبل البدء في تنفيذ أي من هذه المرافق .
 · إن يتسم التصميم المعماري للمنشآت بالمرونة وإمكانية التمدد وإعادة الاستخدام مع ضمان إطالة عمر المنشأ.
· دراسة العلاقات المترابطة للمبنى والمنطقة المحيطة مثل نوع التربة ومصادر المياه والطبوغرافيا والكثافة العامة واستعمالات الأراضي.
 )يبين المخطط رقم (2) مراحل تطور التخطيط العمراني في حين يوضح الشكل رقم (2) مراحل العمل في أعمال التنمية العمرانية).
 تطبيق نظم المعلومات الجغرافية GIS في الكويت كأداة للتنمية المتواصلة
خلفية تاريخية عن GIS :
   تستخدم معظم الهيئات والحكومات سواء في الدول المتقدمة أو النامية نظم المعلومات الجغرافية (GIS) GEOGRAPHICAL INPORMATION SYSTEM بشكل أكثر من أي وقت مضى لدرجة ان السؤال المطروح في الوقت الحاضر هو من لا يستطيع استخدام نظم المعلومات الجغرافية؟ بل والاهم من ذلك امتلاكها وتطبيقها . وفكرة تصميم نظم GIS تتضمن حقائق مفادها أنه في حالة تحديد موقع جغرافي فهناك الكثير من البيانات والمعلومات المتعلقة بالخرائط مثل البيانات الطبيعية والبيئية والتي تشمل أنواع التربة والنباتات والبيانات الجيولوجية والمعلومات المتعلقة بالموقع واستعمالات الأراضي بما في ذلك الحدود الإقليمية والدولية والسياسية والمدارس وتصنيف الحي أو المنطقة أو البيانات السكانية أو أية معلومات هامة وحيوية في تخطيط المدن والعمران أو المواقع الأخرى في الغابات والصحراء وغيرها . وعادة ما يتم تصميم النظام بالشكل الذي يقابل الاحتياجات الرئيسية للتنمية في المجتمع ولتلبية متطلبات الأفراد والهيئات والمؤسسات والمنظمات كذلك، ويعتمد التصميم على مكونات عديدة منها إجراء تشغيل وإدارة النظام وقاعدة المعلومات وأجهزة الحاسبات الآلية وأنواعها والتي من شأنها القيام بالتحليل العلمي الكامل للبيانات والمعلومات إضافة إلى القوى البشرية والأفراد الذين يحتاجون ويستخدمون هذه التقنية وخاصة الأشخاص الذين يستفيدون من الخدمات الهامة في وقت قصير وفي نطاق ميزانية محدودة بعيدا عن التكاليف الباهظة للنظم اليدوية، فمثلا عندما تفكر البلدية في مدينة ما في تغيير نظام البناء في قطعة بإحدى المناطق العمرانية فعليها ان تحدد عناوين العقارات المتأثرة بواسطة النظم اليدوية وقد يستغرق ذلك وقتا طويلا ويستهلك مصادر ضخمة وقد يقود ذلك الى قائمة غير دقيقة بالعناوين ولكن باستخدام نظام- GISفإن هذه المهمة بالكامل بما فيها إعداد المعلومات البريدية بالكمبيوتر، قد لا تستغرق أكثر من عدة ثوان. [العنقري، خالد – 1990] [AL-JASSIM, 1997]  وبإيجاز فإن نظم المعلومات الجغرافية عبارة عن مجموعة من الأدوات والوسائل والإجراءات المبرمجة والتي يمكن استخدامها بفعالية متناهية لتحويل البيانات الى رموز (تشغيل) وتخزينها والوصول إليها في عملية البحث عن البيانات واسترجاعها بقراءتها أو كتابتها على وحدة التخزين وكذلك الطرق التحليلية لفحص علاقات البيانات في الملفات بالتحليل والعرض وتوزيع المعلومات ذات العلاقة بالأرض أو المعلومات الجغرافية وتستخدم نظم المعلومات الجغرافية موضع SITUATION أو موقع LOCATION جغرافي كخيط استرشادي شائع للتوصيل الى تكامل وتحليل تام للمعلومات المتوفرة من مصادر أخرى متنوعة، ويتم موالفة نظم المعلومات الجغرافية من المجمعات الأساسية التالية: 
· شبكة جيوديسية جيدة لتوفير نظام مقارنة لمصدر إحداثيات متماسكة.
· خريطة أساس BASE MAP طبوغرافية رقمية وقاعدة بيانات يمكن من خلالها تحديد موضعي الملامح الجغرافية الأخرى مثل برامج الخدمات العامة والاتصالات.
· قاعدة بيانات لخرائط الأراضي يمكن من خلالها الرجوع الى بيانات حول استخدام الأرض وتطويرها وتنميتها إضافة الى البيانات الديموغرافية المتنوعة . (يوضح الجدول رقم (1) بعض الاستعمالات الحكومية لنظم المعلومات الجغرافية.
    ويتوقف نجاح نظام – GIS على تطوير الإجراءات الكفيلة بكيفية تصميم وتحديث واستخدامات قاعدة البيانات وتصل أحيانا إلى حوالي 200 مهمة منفصلة تدخل في عمليات جمع وإدخال وإدارة وتوزيع واستخدام البيانات ابتداءاً من مخططات المواقع وإصدار تصاريح البناء وإدارة الطرق وحركة النقل والمرور وإدارة البنية التحتية INFRASTRUCTURE ووضع السياسات والخطط والبرامج التخطيطية والتنمية العمرانية كما ان التصميم الجيد لقاعدة البيانات يلزم ان يتضمن تقييما للقاعدة والشخص المستخدم لها ومعرفة نوعية النتائج المطلوبة والمستهدفة كما يلزم ان تتوفر درجة كبيرة من المرونة في تصميم النظام إضافة إلى ضرورة الاختيار الدقيق في برامج أنظمة – GIS وذلك لوجود العديد من البرامج في الأسواق التي تتناسب مع احتياجات الأفراد والجهات العامة ويمكن تكييفها لملائمة الأغراض والغايات المطلوبة من استخدام وتطبيق هذه التقنيات الجديدة. [AL-GHADBAN,1997] [عبدالجواد،محمد- 2000م].
   وفيما يتعلق باستخدام دولة الكويت لنظام GIS فإن تجربتها تتصدر دول الخليج العربي في هذا المجال حيث نظمت أول مؤتمر حول نظم المعلومات الجغرافية في جامعة الكويت في العام 1997م ثم توالت بعد ذلك الاهتمامات على المستوى التطبيقي. [عبدالجواد،محمد-2000م]. 
4-2-
 المخطط الهيكلي لدولة الكويت وتطبيق نظم المعلومات الجغرافية – GIS :
   بدأ الأخذ بأسلوب المخططات الهيكلية في التنمية الحضرية والعمرانية بدولة الكويت منذ أكثر من أربعين عاما (1951-1952م)، وقد ساهمت هذه المخططات الهيكلية المتتابعة وتطويرها المستمر في نقل دولة الكويت الى مصاف الدول المتقدمة والعصرية. وقد قامت بلدية الكويت في عام 1989م وقبل المراجعة الثالثة للمخطط الهيكلي بإدخال نظم المعلومات وإنشاء قاعدة بيانات منهجية بتوظيف تكنولوجيا الحاسوب الآلي وذلك من خلال مشروع إدارة المرافق والبيانات والمعروف باسم كودامس [KUDAMS] KUWAIT DATA INFORMATION MANAGEMENT SYSTEM ويحتوي المشروع على بنك معلومات مركزة قادرة على السيطرة على التغييرات التي تطرأ على البيانات العقارية والطبوغرافية وعمل مسح ميداني وتصوير جوي للمرافق مثل خطوط الكهرباء ذات الضغط العالي أو المنخفض وإضاءة الشوارع وخطوط الهاتف وأنابيب المياه العذبة والمالحة وأنابيب المجاري الصحية ومجاري الأمطار وأنابيب الغاز وغيرها.
   وقد تبع هذا المشروع عدة مشروعات أخرى مثل مشروع وزارة الأشغال العامة المسمى (كيممس KIMMS)- نظام إدارة صيانة البنية التحتية KUWAIT INFRASTRUCTURE MAINTANCE MANAGEMENT SYSTEM  وقد أطلقت إدارة الصيانة في الوزارة برنامجا شاملا لتنفيذ البنية التحتية من خلال تحقيق التوازن بين معادلة أعلى عائد واقل فاقد وفي ظل بيئة ترشيد تأخذ مسألة الفائدة والنفع والكلفة والتوازن بينهما في اعتبارها وعبر الآجال المتوسطة والطويلة. [الجاسم، خليفة-1994م]، [AL-GHADBAN,1997]، [عبدالجواد، محمد-2000م].
   على كل حال، فقد بدأت بلدية الكويت بعد التحرير الاهتمام بالتخطيط الشامل وأعمال التنمية والتطوير لملاحقة التغيرات التي طرأت على البلاد بعد تحرير البلاد من الغزو العراقي وخاصة العوامل السكانية والبنية التحتية والمرافق العامة والتطور العمراني والإسكان وقد تم تقييم شامل للمخطط الهيكلي الثالث في عام 1992م وتقرر إدخال تكنولوجيا GIS كجزء جوهري في المخطط الهيكلي الجديد ومصطلح "المخطط الهيكلي" يعني وصف وإطار لسلسلة من المخططات تقدم على شكل ثلاثة إطارات رئيسية بحيث يغطي كل منها مجالا مختلفا لتحقيق أهداف خاصة به وهي * إستراتيجية الخطة الطبيعية القومية لتغطي كامل أراضي دولة الكويت * الخطة الهيكلية للمنطقة الحضرية وتغطي مدينة الكويت والمنطقة الممتدة من الجهراء الى ميناء عبدالله * الخطة الهيكلية لمدينة الكويت العاصمة وتغطي مركز المدينة داخل حدود الطريق الدائري الأول.
    ويعكس تطوير نظم المعلومات الجغرافية للمخطط الهيكلي الجديد المخططات الثلاثة الأساسية المكونة له من حيث كيفية حفظ البيانات المتعلقة بالسكان والتوظيف والبناء والتشييد وكيفية عرضها والاستفادة منها:
· في إطار الخطة القومية: يحفظ البيانات على مستوى المحافظة.
· في إطار الخطة الهيكلية للمنطقة الحضرية: يحفظ البيانات على مستوى المنطقة ومستوى القطعة.
· في إطار مدينة الكويت العاصمة: ويشمل التفاصيل الكاملة والشاملة وتكون على مستوى القسيمة (الوحدة السكينة).
   وهناك خطة طموحة لتعميم التفاصيل الكاملة على مستوى القسيمة للدولة بأكملها . [بلدية لكويت –1999، 2000م] . وتوفر صور الأقمار الاصطناعية أساسا فوتوغرافيا تفصيليا يشكل الطبقة الأساسية الأولى لنظام GIS ثم تشكل مجموعات بيانات كودامس KUDAMS الطبقة الثانية التي تسقط على الطبقة الأساسية مستخدمة الخرائط الطبوغرافية وخرائط مسح الخدمات والمرافق ويستخدم نظام التنسيق القائم بين الطبقتين بمستوى جودة مقبولة من التسجيل بين المجموعتين من خلال الاستخدام المشترك لنظام التنسيق القائم على أساس K.T.M. (ماكراتور KTM) KUWAIT TRANS VERSE MACERATOR وتتكون الطبقة الأساسية الثالثة من الاستخدام الحالي للأراضي وهو ما يتم الحصول عليه من البيانات التخطيطية والعمرانية ويتم إعداد هذه الطبقة في بلدية الكويت.
وهناك طبقة رابعة تشمل تحديد الاستخدامات من مخططي المدن والعمران من خلال مخططات القسائم الموجودة حاليا وتساعد هذه الطبقة في تسهيل التحليلات اللازمة للمخططين ومتخذي القرارات التنموية والعمرانية بالسرعة المطلوبة والكفاءة والجودة العالية . وتقوم الطبقات المستخدمة بوظائف وصفية وبيانية وتحليلية وسيتم إدخال طبقات إضافية على النظام تشمل الطبقات التنبؤية والتوقعات المستقبلية وتساعد هذه الطبقات في رسم السياسات والاقتراحات المتعلقة بالتخطيط والتنمية العمرانية والحضرية الشاملة. يوضح الشكل رقم (3) الفكر النظري والتجريدي لقاعدة بيانات نظام المعلومات الجغرافية . وقد نتج عن تطبيق نظام GIS كأداة تقنية تحليلية للبيانات والمعلومات في الكويت عرض المخططات الهيكلية بوسائل الكترونية ويتم استخدامها على نطاق واسع بأجهزة الحاسوب الآلية سواء المركزية أو الشخصية ويمكن للمستخدم بسهولة استخراج خرائط جداول البيانات الإحصائية أو التحليلية الخاصة بها وتساعد هذه النتائج الدقيقة في توضيح العلاقة التناظرية والوظيفية بين البيانات والاتجاهات المختلفة للنمو العمراني والحضري والأراضي واستعمالاتها المتنوعة. 
    إن تطبيق هذا النظام GIS التقني يساعد في انجاز المهام التنموية ورسم السياسات المستقبلية بكفاءة اكبر وسرعة أكثر مع تزويد المستخدم بالمعلومات المتناسقة والدقيقة والمساعدة في تحقيق خطط التطوير العمراني والحضري وتعزيز العمل في المستويات الإدارية ذات العلاقة.
  ويعتبر نظم المعلومات الجغرافية للمخطط الهيكلي الثالث GIS-3KMP THIRD KUWAIT MASTER PLAN هو المرحلة الأولى لسياسة طموحة في إنشاء نظام معلومات جغرافي متكامل او قاعدة للبيانات الشاملة تستفيد منه جميع القطاعات التنموية والجهات المختلفة في دولة الكويت .
  ومن تجارب الكويت الأخرى في مجال GIS تجربة معهد الكويت للأبحاث العلمية والذي استخدم نظم المعلومات الجغرافية البيئية – EIS -ENVIRONMENTAL INFORMATION SYSTEM نظام المعلومات البيئية والذي ينطلق من قاعدة بيانات جغرافية عريضة قادرة على دمج بيانات بيئية مع المسائل والمتغيرات الاجتماعية والاقتصادية ذات الصلة حتى يمكن دعم متخذي القرارات وصانعي السياسات في تحقيق أهداف الدولة في التنمية المتواصلة، وقد عالجت المراحل الأولى من هذا البرنامج بيانات البيئة البحرية والمتوفرة لدى معهد الكويت للأبحاث العلمية وقد استخدمت تقنية GIS وخاصة برمجية أرك أنفو ARC/INFO للسيطرة على قواعد البيانات العديدة والمتفرقة وبالتالي حسن استخدامها في حماية البيئة البحرية في مياه الكويت الخليجية ويمكن من خلال ذلك التنسيق والتكامل مع تجارب وقواعد بيانات الدول الخليجية الأخرى والاستفادة من الدراسات التي تهتم بالحفاظ على بيئة الخليج العربي بصورة صحية ونظيفة وخالية من أي ملوثات مما يساعد على تحقيق التنمية المتوازنة والمتواصلة المستهدفة . [AL-GHADBAN,1997]. ويبين المخطط رقم (5) التنمية العمرانية والحضرية لمدينة الكويت باستخدام نظم المعلومات الجغرافية.
   كما يوضح المخطط رقم (6) التنمية العمرانية والحضرية لدولة الكويت باستخدام نظم المعلومات الجغرافية.
سياسات وخطط التنمية الحضرية والعمرانية في الكويت
   تعتبر الكويت من الدول المميزة في الاعتماد على التخطيط الحضري والعمراني كأسلوب لمعالجة مشاكل التنمية المتشابكة والمعقدة وتقدير احتياجات المجتمع الحالية والمستقبلية من الأراضي والخدمات والمرافق والمباني العامة وتحديد الأنشطة الحيوية المختلفة.
5-1-  ضوابط التخطيط والتطوير الحضري والعمراني:
   تشمل إستراتيجية التطوير للمنطقة الحضرية التنسيق لاستعمالات الأراضي والنقل والتي تسمح بالحياة الاقتصادية والاجتماعية بشكل حضاري ومستوى معيشي مزدهر ودائم (الراحة- البيئة الصحية- الجاذبية).
ويتمثل ذلك في النقاط التالية :
· توزيع امثل وجذاب للتجمعات السكانية من خلال خلق تدرج في التجمعات العمرانية وإنشاء أنماط عمرانية تحقق الهوية والجمال.
· تحقيق الرخاء الاجتماعي والاقتصادي من خلال توفير مواقع ملائمة للأنشطة يسهل الوصول إليها وتكون المراكز الاقتصادية ذات "قيمة مضافة" عالية للكويتيين.
· حماية الموارد الطبيعية والمحميات البيئية من خلال تقليل عمليات التطوير في مناطق النفط والمياه الجوفية والزراعية.
· حماية المناطق ذات القيمة البيئية والجمالية من خلال تجنب التأثيرات السلبية للتطوير على المناطق ذات الأهمية البيئية وتحقيق الجذب البصري والجمالي.
· تحقيق كفاءة شبكات النقل والاتصال والطرق والمواصلات من خلال تحديد العلاقة بين أماكن العمل والسكن وإعادة توزيع الحركة المرورية .
· التقليل من التكلفة سواء في الصيانة أو التغيرات المفاجئة واستحداث وسائل فعالة لمواجهة الطوارئ والكوارث الطبيعية أو الناتجة عن الأنشطة البشرية.
· تفعيل دور التشريعات والقوانين سواء في التطبيق أو المتابعة والرقابة لضمان استمرار التنمية بمعدلاتها المدروسة.
   ويمثل دليل التخطيط الخاص بالمخطط الهيكلي الثالث لدولة الكويت المقاييس التخطيطية القومية للتطوير والتنمية المتواصلة. والتي تعتبر الأداة المرجعية الرئيسية للبلدية والسلطات الأخرى المعنية بتوفير المرافق والخدمات العامة ويشمل الدليل على مقاييس للتطوير السكني والتجاري والمرافق الصناعية والخدمات والمباني العامة والطرق ومواقف السيارات والمناطق المفتوحة والترفيهية وتشمل هذه المقاييس والضوابط إجراءات التنسيق فيما بين السلطات وجهات الاختصاص. كما تساعد في ضمان التجانس في تخصيص الأراضي للأنشطة التنموية المختلفة والاستغلال الأمثل والملائم للمساحات، كما يوجد دليل التصميم السكني للمساعدة في وضع التخطيط والتصميم المناسب للتنمية والتطوير الإسكاني وضمان حركة المرور المريحة والآمنة خارج وداخل التجمعات والمناطق السكنية وتعزيز المبادئ الإسلامية الخاصة بالعلاقات بين الجيران وخصوصية السكن وتوفير الهدوء والراحة والأمان لقاطنيه. [بلدية الكويت-1999م،2000م].
   وتشمل سياسات استعمالات الأراضي الحضرية والعمرانية تقسيم المناطق القائمة والمستقبلية الى مناطق تنظيمية لاستعمالات الأراضي وفيما عدا الظروف الخاصة والقومية لن يسمح بالتطوير ما لم يطابق الاستعمال الرئيسي للمنطقة التنظيمية المقترح إقامة التطوير فيها. ويمكن حصر الاستعمالات الرئيسية للمناطق التنظيمية فيما يلي:
· سكن خاص: مناطق التجمع السكاني في وحدات السكن الخاص للأسرة الواحدة.
· سكن استثماري: مناطق التجمع السكني في وحدات لإسكان العديد من الأسر.
· تجاري: مناطق مخصصة للمحلات والمعارض والخدمات الشخصية والمكاتب الخاصة لخدمة التجمعات السكنية.
· صناعي ثقيل ومتخصص: الصناعة الثقيلة والصناعات ذات المخاطر التي تحتاج الى العزل عن استعمالات الأراضي الأخرى وإنتاج البتروكيماويات.
· صناعي عام وخفيف: صناعة عامة وخفيفة ، طباعة ونشر، المستودعات المتعلقة بها.
· تجاري حديث: مكاتب، تكنولوجيا متطورة وبحوث.
· صناعي خدمات ومخازن: ورش التصليح والصناعات الحرفية والخدمات والمخازن.
· مرفق حكومي: مكاتب حكومية، القوات المسلحة ، الدفاع المدني والمرافق الحكومية الخاصة.
· بنية تحتية عامة: نقل حكومي ومرافق الخدمات العامة.
· ترفيهي: مناطق مخصصة للترفيه الخارجي الهادئ والنشط وتشمل المناطق الساحلية ذات الاستعمال العام. (يوضح مخطط رقم (7) تصنيف الإسكان وتوزيعه في دولة الكويت).
5-2-  سياسات التنمية في مدينة الكويت العاصمة:
    تتمتع بيئة مدينة الكويت ونسيجها الحضري URBAN FABRIC بمنظر جمالي وطابع بصري مميز من خلال البنيان والطراز المعماري المتناسق والمترابط والذي يسمح بالحركة والتوجه السهل والمريح. وتقوم سياسات التصميم العمراني الخاصة بالعاصمة على تحقيق المبادئ:
· تحديد المناطق المميزة وتقوية وحدة طابعها.
· التحكم في ارتفاعات المباني ومظهرها لخدمة أغراض التصميم (الوظيفة والجمال)-(والعلاقة بين الكتلة والفراغ).
· توضيح تدرج الطرق وتقوية وظيفة الطرق والممرات الآلية والإنسانية.
· المحافظة على مظهر وموقع المعالم الرئيسية ذات البعد التاريخي والتراثي.
   وقد تم تقسيم المدينة الى مناطق حيث تتميز كل منطقة بطابع متجانس خاص ومميز لها ويحدد النشاط والاستعمال هذه الخاصية كما يظهر ذلك في السوق القديم أو المناطق السكنية في منطقة دسمان ويمكن تحديد ذلك من خلال مظهر وطراز المبنى أو استعماله مثل مبنى مجلس الأمة الذي يخلق طابعا مميزا للمنطقة المحيطة به، والمناطق هي الوحدات الأساسية المكونة لشخصية المدينة.
   ويمثل ارتفاع المباني مؤشرا هاما لطابع المنطقة العمراني دليلا على وجود اختلال وعدم اتزان بين ارتفاعات مباني المدينة وفراغاتها وطرقها المحيطة ، ويظهر ذلك في مجاورة المباني القديمة (دورين الى ثلاثة ادوار) بالمباني شاهقة الارتفاعات (عشرة الى خمسة عشر دورا(..
    ويلزم إتباع أسلوب أكثر توحيدا ومعياريا للفن المعماري في مدينة الكويت بما في ذلك ارتفاع المباني والارتداد والواجهات وتشطيبها ومواد البناء المستخدمة وألوان المباني وفرش الفراغات (أشجار- تبليطات- مظلات-نافورات مياه- إضاءة- مقاعد-نصب تذكارية-الخ(....
    وتمثل سياسات تنمية وتطوير مدينة الكويت العاصمة توحيد الضوابط والأسس لتحقيق هذه المنظومة العمرانية الملائمة للإنسان والمكان وتوفير البعد الجمالي والوظيفي المتناغم مع المحافظة على الشخصية والهوية المعمارية للمجتمع الكويتي. أما ضوابط التنمية الحضرية والعمرانية لمناطق مدينة الكويت الرئيسية فيمكن تحديدها فيما يلي: 
المنطقة التجارية:- 
-  الطابع العمراني المرغوب: يتمثل في اعتبارها منطقة تسوق تجارية مع بيئة آمنة ومريحة للمشاة.
-  الخطط الإرشادية: يتحقق ذلك بالمحافظة على ارتفاع موحد للمباني وعلى الواجهات وتشجيع إعادة تطوير المباني القديمة المتهالكة وتحسين بيئة التسوق وخلق حارات واضحة ومسارات آمنة ومريحة للمشاة.
منطقة الواجهة البحرية :
- الطابع العمراني المرغوب: منطقة سكنية/ترفيهية مختلطة توفر واجهة القبلة البحرية الترفيه العام على طول الساحل وتطوير السكن للكويتيين.
-  الخطوط الإرشادية : يفضل ان تكون المباني منخفضة الارتفاع على طول المنطقة الساحلية وبالقرب من شارع الخليج العربي الموازي للبحر ويلزم ان يتجانس التصميم العمراني مع معطيات البحر والساحل وطابع وطراز المباني التاريخية المجاورة.
القطاع المدني :
- الطابع العمراني المرغوب : التعبير عن الأهمية الثقافية والتاريخية للمنطقة ، وتوفير بيئة هادئة ومريحة تناسب الأهمية الثقافية والرمزية لوزارة العدل ومبنى مجلس الأمة والمتحف الوطني والمكتبة الوطنية .
- الخطوط الإرشادية: ان تخلق الخطة التنموية ميدانا عاما مزينا بالزراعات التجميلية مع وصلات للمشاة بين المباني المزينة وعمل مواقف سيارات تحت الأرض لخلق مساحات عامة مفتوحة OPEN SPACE جيدة التصميم وتجمع بين الجمال البصري والمعماري وتحقيق الهيبة والوقار للمكان. [بلدية الكويت-2000م] – [هشام ، علي مهران-1999م]. ويوضح المخطط رقم (8) إستراتيجية التنمية الحضرية والعمرانية المستقبلية في دولة الكويت.

الخلاصــة والخاتمــة CONCLUSIONS 

   تميزت الكويت بتطور حضري وعمراني مميز وقد سار هذا النهج بمعدلات متسارعة في النمو والتوسع وذلك منذ مطلع الخمسينيات عندما تم الأخذ بأسلوب الخطط الهيكلية في التنمية حيث تقوم سياسة الدولة على إتباع سياسة الخطط الخمسية والتي يتخللها خطط دورية سنوية لمتابعة ومراجعة ما تم انجازه من أعمال وذلك بما يتفق مع موارد الدولة وتقاليد وتراث المجتمع الكويتي، ويمثل المخطط الهيكلي للدولة وثيقة تنموية حضارية وقانونية للتنمية العمرانية والنمو الحضري المستقبلي.
    وقد قامت وزارة التخطيط في العام 1993م بعمل قاعدة بيانات للتشييد والبناء مثل تفريغ بيانات رخص المباني وإعداد استمارات المباني وإعداد نشرات لإحصاءات التشييد وتمثل هذه المعلومات والبيانات خطوة هامة في مجال تحليل الأراضي الفضاء والمشيدة ومؤشر اقتصادي وعمراني للتنمية والاستثمار في مجال العمران والتطوير الحضري.
    وتقوم بلدية الكويت بدور التخطيط والتنمية العمرانية مع بعض اختصاصات الصحة والبيئة والنظافة العامة واعتماد المخطط الهيكلي للدولة إضافة الى اعتماد المخططات العمرانية والتصميمات المعمارية للمباني ومتابعة الالتزام بالضوابط وقوانين البناء لتوفير الأمان والهدوء والجمال البصري للنسيج الحضري وتحقيق الرفاهية للإنسان والمحافظة على الشخصية والهوية العمرانية للمجتمع.
   يمثل الإسكان في الكويت احد الأطراف الرئيسية في منظومة التنمية العمرانية التي تشكل النسيج الحضري والحضاري للمجتمع وتنتهج الدولة أسلوب الخطط الخمسية في تخطيط وتنفيذ التجمعات العمرانية وقد بدأ العمل بهذا الأسلوب منذ عام 1974م وهو إنشاء الهيئة العامة للإسكان ونوجز هذه الخطط الخمسية في النقاط التالية
· الخطة الخمسية الأولى (75/1976م – 79/1980م) وقد تم انجاز حوالي 33555 وحدة سكنية في هذه الخطة.
· الخطة الخمسية الثانية (80/1981م-84/1985م) وبلغت حصيلة هذه الخطة توفير حوالي 9163 وحدة سكنية تطورت من خلالها تصاميم البيوت الحكومية سواء في الشكل أو المضمون وأصبح المشروع الإسكاني متكامل المرافق والخدمات والمباني العامة.
· الخطة الخمسية الثالثة (85/1986م-90/1991م(.
· وقد وفرت هذه الخطة حوالي 18889 وحدة سكنية موزعة على البيوت الحكومية والقسائم ضمن 12 مشروعا إسكانيا متكامل المرافق والخدمات والمباني العامة.
· الخطة الخمسية الرابعة (90/1991م-95/1996).
· وقد تعطلت هذه الخطة نتيجة للغزو العراقي على الكويت وبعد التحرير في عام 1991م استكملت المشروعات العمرانية والإسكانية وتم انجاز حوالي 9053 وحدة سكنية وقد صدر القانون رقم 47 لسنة 1993م بتبني قيام المؤسسة العامة للرعاية السكنية بدلا من الهيئة العامة للإسكان.
· الخطة الخمسية الخامسة (95/1996م-2000/2001م).
· وتتولى المؤسسة العامة للرعاية السكنية متابعة تنفيذ المشروعات الإسكانية والعمرانية لهذه الخطة والتي تهدف إلى توفير أكثر من 25000 وحدة سكنية.
لقد بلغت الاعتماد المالية المخصصة للمشاريع الإسكانية والعمرانية بخدماتها المتكاملة (الطرق-المدارس-المساجد-المراكز الصحية-المراكز التجارية-الحدائق-المخافر-محطات كهربائية-شبكات المياه والأمطار والصرف الصحي-شبكات الهاتف والاتصالات) وذلك حتى نهاية الخطة الخمسية الثالثة 85/1990م حوالي 250 مليار دينار كويتي .
على الجانب الآخر، فإن تجربة الكويت في الأخذ بالأساليب الحديثة واستخدام التقنية المتقدمة في عمليات التخطيط والتنمية الحضرية والعمرانية ومنها نظام المعلومات الجغرافية GIS وذلك كأداة تحليلية وتقنية عالية الكفاءة في توظيف الموارد واستعمالات الأراضي وتقليل الهدر في الوقت والتكلفة ولمساعدة متخذي القرارات في عمليات التنمية القائمة والمستقبلية.
   وقد أدخلت الكويت عدة مشروعات لتطبيق هذا النظام مثل نظام KUDAMS وهو مشروع إدارة المرافق والبيانات وذلك في عام 1989م ويحتوي المشروع على بنك معلومات مركزة قادرة على السيطرة على التغييرات التي تطرأ على البيانات العقارية والطبوغرافية وعمل مسح ميداني وتصوير جوي للمرافق والبنية التحتية إضافة إلى مشروع كيمس KIMMS وهو نظام إدارة صيانة البنية التحتية المستخدم في وزارة الأشغال العامة واستخدام نظام GIS في المخطط الهيكلي الثالث في عام 1992م والمستخدم في بلدية الكويت
وكذلك معهد الكويت للأبحاث العلمية الذي استخدم نظم المعلومات الجغرافية البيئية EIS وهو نظام ينطلق من قاعدة بيانات جغرافية عريضة قادرة على دمج بيانات بيئية مع المسائل والمتغيرات الاجتماعية والاقتصادية ذات الصلة حتى يمكن دعم متخذي القرارات وصانعي السياسات في تحقيق أهداف الدولة في التنمية المتواصلة وقد عالج هذا البرنامج بيانات البيئة البحرية وتوفير بيئة ساحلية صحية خالية من أي تلوث
   إن الأخذ بمفهوم نظام GIS في سياسات التنمية الحضرية والعمرانية في الكويت يساعد في التغلب على الصعوبات التي تواجه المخططين ومتخذي القرارات المتعلقة بالمتغيرات الطبيعية واستعمالات الأراضي والعوامل الديموغرافية والاقتصادية والعقارية والحدود والشواطئ والبيئة والأرض.
لقد تعرضت هذه الدراسة الى مناقشة وتحليل ثلاثة محاور رئيسية نوجزها فيما يلي
· المحور الأول : عوامل تحقيق التنمية العمرانية المتوازنة في دولة الكويت :
   وقد شمل هذا المحور مدخل وخلفية عامة عن الكويت من حيث الموقع والمساحة والحدود والسكان والأوضاع الطبيعية والمشيدة وانعكاس ذلك على التنمية العمرانية إضافة إلى الأوضاع السكنية وتراكم الطلبات للحصول على سكن حكومي وأثر ذلك على عمليات النمو والتمدد العمراني سواء الأفقي أو الرأسي.
   كما شمل المحور أيضا المعايير والأسس الحاكمة في عمليات التخطيط العمراني والتي تحقق التنمية المتوازنة والمتواصلة.
· المحور الثاني : تطبيق نظم المعلومات الجغرافية GIS في الكويت كأداة للتنمية المتواصلة :
     وقد شمل هذا المحور خلفية تاريخية عن نظام المعلومات الجغرافية (GIS) GEOGRAPHICAL INFORMATION SYSTEM وأهمية هذا النظام في مواجهة الاحتياجات الرئيسية في التنمية الشاملة والمستقرة وتلبية متطلبات الأفراد ومتخذي القرار وواضعي السياسات ومخططي المدن والحضر وكذلك الهيئات والمؤسسات والمنظمات العاملة في مجال المشروعات والاستثمارات وعمليات التنبؤ المستقبلي وذلك بالكفاءة والدقة والسرعة العالية وبكلفة أقل.
    كما تضمن هذا المحور المخطط الهيكلي لدولة الكويت وتطبيق نظام GIS وذلك في مشروعات بلدية الكويت (KUDAMS) ومشروع GIS – 3KMP ومشروع معهد الكويت للأبحاث العلمية وهو نظام المعلومات البيئية EIS وقد تضمنت إطارات التنمية:
· إطار الخطة القومية 
· إطار الخطة الهيكلية للخطة الحضرية.
· إطار مدينة الكويت العاصمة.
· المحور الثالث : سياسات وخطط التنمية الحضرية والعمرانية في الكويت
    وقد تضمن هذا المحور إلقاء الضوء على ضوابط التخطيط والتطوير الحضري والعمراني والتي تسمح بالحياة الاقتصادية والاجتماعية بشكل حضاري ومستوى معيشي مزدهر للإنسان والمكان (الراحة- البيئية- الصحية- الجاذبية). وحصر الاستعمالات الرئيسية للمناطق التنظيمية.
    كما اشتمل هذا المحور على سياسات التنمية في مدينة الكويت العاصمة باعتبارها مدينة المال ومقر الدولة والواجهة الحضرية والتاريخية والحضارية لدولة الكويت حيث تقوم سياسات التصميم العمراني بالعاصمة على تحقيق المبادئ التالية :
· تحديد المناطق المميزة وتقوية وحدة طابعها.
· التحكم في ارتفاعات المباني وضبط خط السماء SKY LINE ..
· تعزيز التدرج الهرمي للطرق وحركة لنقل.
· المحافظة على مظهر وموقع المعالم الرئيسية ذات البعد التاريخي والتراثي.
   إن العوامل المؤثرة على التنمية العمرانية المتواصلة في دولة الكويت متشابكة وترتبط بعضها ببعض وبتناظر وظيفي محدد الملامح والسمات وتشمل هذه العوامل معظم المعطيات مثل الطبيعة والسكان والأرض والتاريخ والهوية والتراث والحدود والبيئة والتقاليد والثقافة ومصادر الدخل والاقتصاد ويمثل نظام المعلومات الجغرافية GIS الأداة الفعالة في ربط هذه العناصر والتنسيق بينها بدقة وكفاءة مع سرعة الحصول على النتائج والمردودات سواء للمواطن أو المخطط او واضعي السياسات ومتخذي القرار مما يساهم في تحقيق النهضة المنشودة.
المراجع :
 1. أبوعياش، عبدالاله يوسف: "مستقبل التطور الحضري في الكويت"- المؤتمر العام الثامن لمنظمة المدن العربية– الرياض- المملكة العربية السعودية 12-17 رجب 1406هـ – 22-27 مارس 1986م.
 2. بلدية الكويت : "الخطة الهيكلية للمنطقة الحضرية" المخطط الهيكلي الثالث لدولة الكويت – بلدية الكويت- دولة الكويت 1999م.
  3. بلدية الكويت : "الخطة التنفيذية الهيكلية لمدينة الكويت" بلدية الكويت- دولة الكويت 2000م.
4.  الجاسم- وليد خليفة: "تاريخ التخطيط العمراني في دولة الكويت" – مجلة المهندسون – العدد 43.
5.  عبدالجواد، محمد علي: "دعم القرارات المكانية التخطيطية من خلال تقنية نظم المعلومات الجغرافية: ثلاثة نماذج تطبيقية عربية"- مجلة دراسات الخليج والجزيرة العربية – العدد 98 – 4288 0254 ISSN – مجلس النشر العلمي بجامعة الكويت – الكويت 2000م ص 115 : ص177 .
6.  العنقري، خالد: "تطبيق نظام المعلومات الجغرافية" سلسلة رسائل جغرافية- الجمعية الجغرافية الكويتية وقسم الجغرافيا – العدد 134 – جامعة الكويت – الكويت 1990م.
 7. المرزوق، خلود يوسف: "مدينة الأجداد – الجزء الثاني" مجلة بيئتنا – العدد السادس والعشرون- الهيئة العامة للبيئة – دولة الكويت – أكتوبر 2000م ص20 : ص 22 .
 8.  المؤسسة العامة للرعاية السكنية : "القوانين والنظم والقرارات الصادرة في شأن الرعاية السكنية" – المؤسسة العامة للرعاية السكنية – دولة الكويت – 1995م.
9.  هشام، علي مهران: "المعايير التخطيطية والتصميمية اللازمة لتوفير الأمان في الإسكان الحضري" – المؤتمر الدولي الخامس للبناء والتشييد- 98 INTERBUILD – المجموعة العربية للتنمية – القاهرة 18-22 يونيه/1998م.
10.  هشام، علي مهران: "العوامل المؤثرة على توافق العمران مع البيئة المحيطة" مؤتمر الشرق الأوسط لصناعة التشييد بين المحلية والعالمية 98 MEDIC – المقاولون العرب – القاهرة 1-3 أكتوبر 1998 من ص1 : ص23 .
11.  هشام، علي مهران: "التوظيف الأمثل للمحددات الطبيعية لتخطيط بيئة عمرانية صحية ومتوازنة في دول الخليج العربي" – ندوة الإبداع والتميز في النهضة العمرانية بالمملكة خلال مائة عام- وزارة الأشغال العامة والإسكان – المملكة العربية السعودية – فبراير 1999م – من ص1 :ص14 .
12.  هشام،علي مهران:"ملائمة تصميم الفراغات العمرانية لتوفير بيئة حضارية متجانسة في المدن العربية" – الملتقى الثالث للتصميم الداخلي – الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب- دولة الكويت 20-25 نوفمبر 1999م ص1 :ص25 .
13.  وزارة الإعلام: "الكتاب السنوي" إدارة البحوث والترجمة – دولة الكويت 1991م ، 1993م.
14. AL-GHADBAN,A. “Towards a GIS- Based Environmental Information System for Kuwait” GIS/GPS Conference, Ministry of Municipal Affairs and Agriculture, state of Qatar, Doha, March 2-6,1997. 
15. AL-JASSIM,WALEED.K. “Dynamic Planing Using GIS: The Kuwait Experience”, http://www.glsqatar-org.qa/conf97/links/e3-html.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق