الصفحات

السبت، 19 يوليو 2014

اختلال وتقزم وتفتت حيازة الأراضى الزراعية في أواخر القرن العشرين ومستهل القرن الحادي والعشرين : دراسة جغرافية تطبيقية على مركز منوف ، محافظة المنوفية ...

اختلال وتقزم وتفتت حيازة الأراضى الزراعية في أواخر القرن العشرين ومستهل القرن الحادي والعشرين: دراسة جغرافية تطبيقية على مركز منوف ، محافظة المنوفية .
مجلة الجغرافية والتنمية ، كلية الآداب جامعة المنوفية ، العدد الرابع والعشرون ، فبراير 2001م.

أ.د. فايز حسن حسن غراب


      لقد شهدت خريطة مصر الزراعية خلال القرن العشرين العديد من التحولات وخاصة النصف الثاني منه وذلك لسيادة حركة الإصلاح الزراعي التي كانت تشكل اتجاها عالميا ورغم هذا فقد ظهرت مستجدات عانت منها هذه الخريطة وارتبطت هذه بعاملين رئيسيين أولهما ذلك النمو السكاني المتزايد والمتسارع وثانيهما النقص المتزايد في الرقعة الزراعية وأدى ذلك إلى تقزم الحيازة الزراعية وتفتتها، إن مقارنة بسيطة للوضع الحيازى للأرض الزراعية في مصر مع بعض الدول العربية توضح أبعاد تلك الظاهرة فقد بلغ متوسط مساحة الوحدة الحيازية 1.13 هكتار ، بينما يرتفع المتوسط إلى 25.2 هكتار في قطر و 11.58 هكتار في تونس و 11.14 هكتار في الجزائر و 8.88% هكتار في سورية و 1.8 هكتار في اليمن ([1]) .

      وتتصاعد درجة خطورة الوضع الحيازى في مصر إذا ما قارنا نسبة الوحدات الحيازية داخل الفئة 2 هكتار ( أقل من خمسة أفدنة ) حيث ارتفعت نسبتها في مصر ارتفاعا كبيراً إلى 89.92% من إجمالي الوحدات الحيازية بها ولكنها انخفضت وبفارق كبير جداً في بقية الدول العربية فقد تراوحت نسبتها بين 58.18 % في الإمارات العربية و 36.85% في البحرين و 32.03% في سوريا ، 29.5% في تونس ، و 19.03% في لبنان ([2]) .
     ومما يزيد من أثر المشكلة أن جزءً كبيراً من الاقتصاد المصري مازال قائما على القطاع الزراعي حيث أسهم الأخير بـ 17.67% من الناتج المحلى مقابل 15.76% على مستوى الوطن العربي وتتراوح تلك النسبة بين 5.4% في الأردن ، و 2.95% في البحرين والصومال 2.62% والجزائر 10.24% ، و35.51% في السودان ، و28.3% في سورية ، وهناك تنامي لهذا الدور فقد بلغ معدل زيادة الناتج الزراعي خلال الفترة 1995 1997 41.8% وهو معدل يفوق مثيله للناتج المحلى البالغ 34.67% خلال تلك الفترة ، ويضاف إلى ذلك أن أكثر من نصف القوة العاملة ينتظم في القطاع الزراعي (51.15%) وتصل تلك النسبة إلى 39.62% على مستوى الوطن العربي (عام 1997) .
    وبالمقارنة فقد تراوحت تلك النسبة بين 1.8% في الكويت ، 3.22% في قطر، و17.7% في العراق، و65% في السودان ، و85% في الصومال([3]).
     وكان من نتائج الاختلال السابق ذكره مع انتهاء القرن العشرين أن شكلت نسبة الواردات الغذائية 29.7%  من إجمالي الواردات المصرية عام 1996 وتدنت الصادرات الغذائية إلى 14.74% من إجمالي الصادرات المصرية  وفى نفس العام بلغت نسبة كمية القمح المستورد 90.53% من إجمالي إنتاج الحاصلات الغذائية وصدر منه ما قيمته 0.1% من الكمية المنتجة  ([4]) .
    ولعل الجانب الأكبر من هذه المشكلات ينصرف إلى ظاهرة تقزم وتفتت الحيازة الزراعية وقد بذلت الدولة الكثير من الجهود لعلاج مشكلة تقزم وتفتت الحيازة الزراعية منذ أواخر القرن التاسع عشر حيث صدر قانون عام 1869 الذي اسند التكليف الأكبر الأبناء في حالة التوريث بالمشاع([5]) . وفى خطوة لحماية صغار المزارعين صدر القانون رقم 4 لسنة 1913 والمعدل بالقانون 10 لسنة 1916 الذي قرر في مادته الأولى عدم جواز الحجز على الأملاك الزراعية التي تقل عن خمسة أفدنة لكل مزارع وكذلك مساكن الزراع والآلات الزراعية ودابتين من دواب الجر ([6]) ، ومع تعاظم المشكلة فقد حملت المادة 23 من قانون الإصلاح الزراعي لسنة 1952 تهديداً واضحا وخطيرا ببيع الأراضي (التي لم يتفق على من يؤول إليه التكليف) في المزاد العلني ([7]) .
       وفى خلال النصف الثاني من القرن العشرين صدرت عدة قوانين زراعية لتنظيم الشئون الزراعية 0 كان أكثرها أهمية القانون رقم 96 لسنة 1992 الذي وضع خريطة جديدة للزراعة المصرية في ظل سيادة نظام تملك الأراضي الزراعية (كما سيأتي) ولكنه لم يقلل ظاهرة التقزم والتفتيت.
مناهج البحث وأساليب الدراسة :
    لقد اعتمدت الدراسة على عدة تحليلات فالتحليل التطوري Temporal Modes of Explanation  في تتبع التطورات التى لاحقت الوحدة الحيازية خلال فترة الدراسة وكذلك التحليل الوظيفي والإيكولوجي Functional and Ecological Analysis  فالوحدة الحيازية تمثل وحدة بيئية اجتماعية واقتصادية وظيفية تقوم بدور مهم في النظام الحيازي في الريف المصري كوحدة عملية Process  يتم فيها إدخال المؤثرات (المدخلات Inputs) كما أنها تحمل تأثيرات على الخريطة الزراعية (المخرجات Outputs) وأخيراً التحليل المكاني Spatial- Analysis لإظهار الاختلافات المكانية لأنماط الحيازات وقد تمت هذه التحليلات من خلال الأساليب التالية :
أولا: العمل الميداني :
المرحلة الأولى : جمع البيانات الخاصة بالأنماط الحيازية (ملك إيجار مشاركة) عام 1997 وكذلك التركيب المحصولى لنواحي المركز البالغ عددها 33 ناحية وذلك من الإدارة الزراعية بمركز منوف كما تم جمع البيانات الخاصة بالأحواض الزراعية ومساحتها والضرائب المربوطة عليها في عام 1998 من مأمورية الضرائب العقارية منوف وسرس الليان وقد بلغ عدد الأحواض 632 حوضا .
المرحلة الثانية : وتم خلالها المرور على 12 قرية إضافة إلى مدينة سرس الليان وذلك لجمع بيانات عن عدد الحائزين عدد القطع بكل حوض أنماط الحيازات الملك الإيجار المشاركة الخرائط الخاصة بالأحواض الزراعية0 وبلغت نسبة حيازات العينة 6.2% من إجمالي حيازات النواحي السابقة ([8]) وبلغ معامل الارتباط بينها 0.8444 أي أن العينة تعكس خصائص المركب الحيازي في الـ 13 ناحية التي تشكل 39.39%  من نواحي المركز وعددها حالات العينة 1106 حيازة .
المرحلة الثالثة : توزيع استمارة الاستبيان على أربع نواحي تمثل 12% من نواحي المركز وتم تبويبها وفرزها من قبل الباحث وملحق بالبحث نسخة من هذه الاستمارة وبلغ عدد الاستمارات الموزعة 1500 استمارة جمع منها 149 استمارة بنسبة 10% .
ثانياً : الأساليب الكمية :
وتمثلت في معدلات الزيادة نسب الاختلال الحيازى معامل التقزم مؤشر الأهمية معاملات الارتباط الإحصائي باستخدام الحاسب الآلي (برنامج إكسل) إضافة إلى الأساليب الكارتوجرافية على النحو الموضح بالبحث.   
    فقد تناول هذا البحث ظاهرة ثلاثية الأبعاد أصابت الخريطة الزراعية : اختلال ، تقزم ، تفتت المركب الحيازي وذلك خلال مرحلتين متميزين الأولى خلال القرن العشرين حيث ساد نمط معين للعلاقة بين المالك والمستأجر والثانية مرحلة جديدة توافقت مع التطبيق الفعلي للقانون رقم 96 لسنة 1992 م  الذي ألغى صفة الإيجار ( ما لم يتفق الطرفان ) وذلك في مستهل القرن الواحد والعشرين ، فمازال الاختلال الحيازي سائدا في المركب الحيازي فقد انخفض متوسط مساحة الوحدة الحيازية من 1.03 فدان عام 1985 إلى 0.88 فدان عام  م1997مع العام 2001 م  زادت إلى 0.91 فدان .
     كذلك تزايدت حدة الاختلال الحيازي خلال الأعوام المذكورة فإذا اعتبرنا أن نسبة مساحة متوسط الوحدة الحيازية إلى المتوسط العام للمركز 75  100% ، 100 125% إطار للتجانس الحيازي فإن نسبة نواحي هذا الإطار تراوحت بين 84.85% عام 1985 ، و 84.85% عام 1997 و75,75% عام 2001 من إجمالي نواحي المركز .
    أما ظاهرة التقزم فتظهر بوضوح بدراسة فئات المركب الحيازي خلال الأعوام المذكورة ففي عام 1985 بلغت نسبة الحيازات الأكثر من فدان ونصف من 16.55% من حيازات المركز انخفضت إلى 0.69% عام 1997 وأمام التقزم اختفت تلك الفئة عام 2001 ، كذلك انخفضت نسبة حيازات فدان فدان ونصف من 76.89% إلى 57.58% في العامين 1985 ، 1997 وإلى  26.72% عام 2001 والأكثر خطورة أن نسبة حيازات نصف الفدان أقل من الفدان ارتفعت ارتفاعا ملحوظا من 6.56% عام 1985 إلى 39.39% عام 1997 ومع بداية القرن الحالي بلغت 70.9% (عام 2001) من إجمالي حيازات المركز وكما سبق فالعلاقة بين الاختلال والتقزم عكسية (0,46937 ).
   فإذا انتقلنا إلى الظاهرة الثالثة وهى تفتيت الحيازة الزراعية فقد اتضح أن النمط العام لتوزيع الحيازية هو نمط القطعة الواحدة حيث استأثرت بنسبة 72.24% من حيازات العينة يليه نمط حيازة القطعتين بنسبة 24.51% ويشكل النمطان 96.75% من حيازات العينة وتتوزع النسبة الضئيلة المتبقية بين الأنماط الأكثر من قطعتين.
    وعن تأثير تفتيت الحيازة الزراعية وتأثرها بالاختلال والتقزم فقد بلغت معاملات الارتباط بين حيازة القطعة الواحدة وبين الزمام المزروع 0.8339 وبين الاختلال الحيازي 0.5969 وأصبحت علاقة عكسية مع معاملات تقزم حيازات الملك (المعامل 0.4197) وتقزم حيازات الإيجار (معامل 0.2283) لعام 1997 و 0.213 لتقزم حيازات عام 2001.
    وبخصوص حيازة القطعتين فقد كانت العلاقة طردية على ثلاث متغيرات هي : حيازة القطعة الواحدة (0,5277) والاختلال الحيازي (0.401531) إضافة إلى متغير تقزم حيازات الإيجار (0.13984) .
    وكانت العلاقة عكسية مع متغيرى تقزم حيازات الملك (0.57795 - لعام 1997) وتقزم حيازات عام 2001 (المعامل 0.20657) .
  وتحمل الخريطة الزراعية النتاج النهائي لهذه الظاهرات ففي أواخر القرن العشرين كان البرسيم والقمح والحدائق أكثر تأثرا وارتباطا بظاهرة التقزم سواء في حيازات الملك أو حيازات الإيجار فقد تراوحت معاملات الارتباط تقزم حيازات الملك ومساحة البرسيم 0.83433 ويقاربها المعامل لحيازات الإيجار 0.79419 ، وتراوح المعامل بين التقزم وبين مساحة القمح 0.8512 للملك ، و 0.69608 للإيجار وبين التقزم وبين الحدائق ملك إيجار 0.65 .
    ومع أوائل القرن الواحد والعشرين (ومع غياب نمط حيازات الإيجار) ارتفعت مستويات السيطرة المحصولية لثلاثة محاصيل رئيسية وهذا ما أكد من معاملات الارتباط بين المركب الحيازى وبين محاصيل الذرة (0.97) والقمح  (0.88) والحدائق (0.7) وأخيرا البرسيم (0.54625) ويمثل ذلك الوضع الحالي الخريطة المركب الحيازى والخريطة المحصولية .
    وإذا ما تناولنا دور التفتيت في خريطة المركب الحيازي سواء في القرن العشرين أو أوائل القرن الحالي فإننا يمكن أن نؤكد أن حيازة القطعة الواحدة لها الريادة في التأثير على الخريطة الزراعية يعكس ذلك الارتباط الطردى الكبير بين نمط القطعة الواحدة وبين المحاصيل الزراعية القمح ، البرسيم ، الحدائق وكذلك متوسط مساحة الوحدة الحيازية والعمالة الزراعية حيث زادت قيم المعاملات على 0.6 وكذلك فهناك تأثير لحيازة القطعتين على الزمام المزروع ومحصول البرسيم والعمالة الزراعية فالمعامل بينهما أكثر من 0.5 ولكن الملاحظ أن الخريطة الزراعية قد تغيرت كثيرا حاليا عما كانت عليه في القرن العشرين وانصب التغيير على تدهور الدور الاقتصادي لأهم المحاصيل الزراعية في مصر ألا وهو القطن إن مطالعة بسيطة لنسبة صادرات القطن إلى إجمالي الصادرات الزراعية توضح ذلك التدهور فقد انخفضت تلك النسبة من 70.2% عام 1985 إلى 44 % عام 1990 وإلى 30% عام 1998.
وباعتبار الدراسة السابقة دراسة حالة فان خريطة مصر الزراعية فى حاجة ماسة إلى إعادة التخطيط .


1-إظهار التغيرات في النظام الحيازي خلال القرن السابق وبداية القرن الحالي ودور القانون الجديد للعلاقة بين المالك والمستأجر رقم 96 لسنة 1992 .
2-إظهار التحولات التي حدثت في خريطة المركب المحصولى خلال الفترتين المذكورتين ومدى تأثرها بالظاهرات المدروسة .
الملامح العامة لمنطقة الدراسة :
تناولت الدراسة مركز منوف الذي يتبع إداريا محافظة المنوفية ويتوسطها وذلك بعد ضم مركز السادات للمحافظة وأصبحت المحافظة داخل محيط دائرة مركزها مدينة منوف  (الشكل رقم1) ويضم المركز 14.9% من سكان المحافظة و 13.9% مساحتها وترتفع نسبة الحضرية لتشكل ثلث سكان و22.50 % من سكان حضر المحافظة وينفرد المركز بأنه يضم مركزين حضرين (مدينتى منوف وسرس الليان) وفى الجانب الزراعي تشكل نسبة الأراضي الزراعية بالمركز 98.7% من مساحته الكلية (مقابل 51.73% للمحافظة) ارتفعت به الكثافة الزراعية إلى 188.3% (مقابل 173.8% للمحافظة) ويتميز المركز بالتركيز الشديد لفئات الحيازات القزمية والصغيرة فقد بلغت نسبة الحيازات الأقل من ثلاثة أفدنة 99.37% من إجمالي المركب الحيازى مقابل 95.9% للمحافظة (بمعامل توطن 1.04%) وبلغت مساحتها 99.17% من مساحة حيازات المركز مقابل 72.08% للمحافظة (بمعامل توطن 1.4%) .
أهداف البحث :
1. لقد هدف البحث أساساً إلى تشخيص الوضع الحرج للخريطة الزراعية المصرية على النحو الوارد في المقدمة .
2. دور القانون الأخير للعلاقة بين المالك والمستأجر (رقم 96 لسنة 1992) في تغيير ملامح النشاط الزراعي وذلك خلال فترتي القرن العشرين وبداية القرن الحالي .
3. متابعة ظاهرة تقزم الحيازات الزراعية وتحليل أسبابها وانعكاساتها على النشاط الزراعي .
4. رصد النتائج المترتبة على تغيير شكل العلاقة بين المالك والمستأجر وبالتالي أنماط الحيازة الزراعية من أنماط حيازات الملك ، الإيجار ، المشاركة في القرن العشرين وخاصة النصف الثاني منه إلى سيادة نمط واحد فقط (حيازات الملك) مع بداية القرن الحالي .
5. تحليل ظاهرة تفتيت الحيازة الزراعية ومسبباتها وتأثيراتها على جوانب الاقتصادي الزراعي من المركب المحصولي ، والعمالة الزراعية ، ورحلة العمل الزراعي .
6. تقييم خريطة المركب المحصولي على ضوء الجوانب السابقة خلال الفترتين المذكورتين .
وقد تمت هذه المعالجة في بعدين رئيسيين :
البعد الرأسى التطورى Vertical Expansion  
حيث ركزت الدراسة على مرحلتين رئيستين الأولى أواخر القرن العشرين واعتمدت على الدورتين الحيازيتين 1993 1997 وكذلك بيانات المركب المحصولي للعام الزراعي 95/1996 . أما المرحلة الثانية : أوائل القرن الحادى والعشرين في أعقاب التنفيذ الفعلي للقانون 96 لسنة 1992 مع نهاية السنة الزراعية 96/1997 . واعتمدت على بيانات الدورة الحيازية 2001 2003 والمركب المحصولي للعام الزراعي 2000/2001.
البعد الأفقي Horizontal Expansion :
وقد تمت هذه المعالجة على ثلاثة مستويات إقليمية .
فالمستوى الأول: وشمل المركز بحدوده الإدارية وذلك عند دراسة مستوى الاختلال الحيازي والتقزم والخريطة الزراعية .
والمستوى الثاني: وتمثل في قرى العينة الأثنتى عشرة إضافة إلى مدينة سرس الليان وذلك عند دراسة تفتت الحيازة الزراعية فى مركز منوف.
المستوى الثالث : وتمثل في القرى الثلاث : كفر فيشا الكبرى ميت ربيعة – فيشا الكبرى إضافة إلى مدينة سرس الليان وذلك عند دراسة عوامل التقزم والتفتت في الحيازة الزراعية وذلك في إطار دراسة الحالة (A Case Study) وذلك لإعطاء التعميمات الخاصة بالنظام الحيازي في مصر.
     وبعد ... فقد تناول هذا البحث ظاهرة ثلاثية الأبعاد أصابت الخريطة الزراعية : اختلال ، تقزم ، تفتت المركب الحيازي وذلك خلال مرحلتين متميزين الأولى خلال القرن العشرين حيث ساد نمط معين للعلاقة بين المالك والمستأجر والثانية مرحلة جديدة توافقت مع التطبيق الفعلي للقانون رقم 96 لسنة 1992 الذي ألغى صفة الإيجار (ما لم يتفق الطرفان) وذلك في مستهل القرن الواحد والعشرين ، فمازال الاختلال الحيازي سائدا في المركب الحيازي فقد انخفض متوسط مساحة الوحدة الحيازية من 1.03 فدان عام 1985 إلى 0.88 فدان عام 1997مع العام 2001 زادت إلى 0.91 فدان .
   كذلك تزايدت حدة الاختلال الحيازي خلال الأعوام المذكورة فإذا اعتبرنا أن نسبة مساحة متوسط الوحدة الحيازية إلى المتوسط العام للمركز 75 100% ، 100 125% إطار للتجانس الحيازي فإن نسبة نواحي هذا الإطار تراوحت بين 84.85% عام 1985 ، و 84.85% عام 1997 و75,75% عام 2001 من إجمالي نواحي المركز .
   أما ظاهرة التقزم فتظهر بوضوح بدراسة فئات المركب الحيازي خلال الأعوام المذكورة ففي عام 1985 بلغت نسبة الحيازات الأكثر من فدان ونصف من 16.55% من حيازات المركز انخفضت إلى 0.69% عام 1997 وأمام التقزم اختفت تلك الفئة عام 2001 ، كذلك انخفضت نسبة حيازات فدان فدان ونصف من 76.89% إلى 57.58% في العامين 1985 ، 1997 وإلى 26.72% عام 2001 والأكثر خطورة أن نسبة حيازات نصف الفدان أقل من الفدان ارتفعت ارتفاعا ملحوظا من 6.56% عام 1985 إلى 39.39% عام 1997 ومع بداية القرن الحالي بلغت 70.9% (عام 2001) من إجمالي حيازات المركز وكما سبق فالعلاقة بين الاختلال والتقزم عكسية (0,46937 ) .
     فإذا انتقلنا إلى الظاهرة الثالثة وهى تفتيت الحيازة الزراعية فقد اتضح أن النمط العام لتوزيع الحيازية هو نمط القطعة الواحدة حيث استأثرت بنسبة 72.24% من حيازات العينة يليه نمط حيازة القطعتين بنسبة 24.51% ويشكل النمطان 96.75% من حيازات العينة وتتوزع النسبة الضئيلة المتبقية بين الأنماط الأكثر من قطعتين .
    وعن تأثير تفتيت الحيازة الزراعية وتأثرها بالاختلال والتقزم فقد بلغت معاملات الارتباط بين حيازة القطعة الواحدة وبين الزمام المزروع 0.8339 وبين الاختلال الحيازي 0.5969 وأصبحت علاقة عكسية مع معاملات تقزم حيازات الملك (المعامل 0.4197) وتقزم حيازات الإيجار (معامل 0.2283) لعام 1997 و 0.213 لتقزم حيازات عام 2001 .
     وبخصوص حيازة القطعتين فقد كانت العلاقة طردية على ثلاث متغيرات هي : حيازة القطعة الواحدة (0,5277) والاختلال الحيازي (0.401531) إضافة إلى متغير تقزم حيازات الإيجار (0.13984).
    وكانت العلاقة عكسية مع متغيرى تقزم حيازات الملك (0.57795 - لعام 1997) وتقزم حيازات عام 2001 (المعامل 0.20657) .
    وتحمل الخريطة الزراعية النتاج النهائي لهذه الظاهرات ففي أواخر القرن العشرين كان البرسيم والقمح والحدائق أكثر تأثرا وارتباطا بظاهرة التقزم سواء في حيازات الملك أو حيازات الإيجار فقد تراوحت معاملات الارتباط تقزم حيازات الملك ومساحة البرسيم 0.83433 ويقاربها المعامل لحيازات الإيجار 0.79419 ، وتراوح المعامل بين التقزم وبين مساحة القمح 0.8512 للملك ، و 0.69608 للإيجار ودار المعامل بين التقزم وبين الحدائق ملك إيجار 0.65 .
    ومع أوائل القرن الواحد والعشرين (ومع غياب نمط حيازات الإيجار) ارتفعت مستويات السيطرة المحصولية لثلاثة محاصيل رئيسية وهذا ما أكد من معاملات الارتباط بين المركب الحيازى وبين محاصيل الذرة (0.97) والقمح  (0.88) والحدائق (0.7) وأخيرا البرسيم (0.54625) ويمثل ذلك الوضع الحالي الخريطة المركب الحيازى والخريطة المحصولية.
     وإذا ما تناولنا دور التفتيت في خريطة المركب الحيازي سواء في القرن العشرين أو أوائل القرن الحالي فإننا يمكن أن نؤكد أن حيازة القطعة الواحدة لها الريادة في التأثير على الخريطة الزراعية يعكس ذلك الارتباط الطردى الكبير بين نمط القطعة الواحدة وبين المحاصيل الزراعية القمح ، البرسيم ، الحدائق وكذلك متوسط مساحة الوحدة الحيازية والعمالة الزراعية حيث زادت قيم المعاملات على 0.6 وكذلك فهناك تأثير لحيازة القطعتين على الزمام المزروع ومحصول البرسيم والعمالة الزراعية فالمعامل بينهما أكثر من 0.5 ولكن الملاحظ أن الخريطة الزراعية قد تغيرت كثيرا حاليا عما كانت عليه في القرن العشرين وانصب التغيير على تدهور الدور الاقتصادي لأهم المحاصيل الزراعية في مصر ألا وهو القطن إن مطالعة بسيطة لنسبة صادرات القطن إلى إجمالي الصادرات الزراعية توضح ذلك التدهور فقد انخفضت تلك النسبة من 70.2% عام 1985 إلى 44 % عام 1990 وإلى 30% عام 1998.
وباعتبار الدراسة السابقة دراسة حالة فان الخريطة الزراعية للمحافظة فى حاجة ماسة إلى إعادة التخطيط .



([1]) جامعة الدول العربية ، المنظمة العربية للتنمية الزراعية الكتاب السنوي للإحصاءات  الزراعية العربية ، المجلد 18 ، الخرطوم 1998 ، جداول 50 64 ص ص 57 71 .
([2]) نفس المصدر نفس الصفحات .
([3]) نفس المصدر جدول 7 ص 12 . 
 ([4])Ciheam (1998), Development and Ugri-Food Policies in the Mediterranean Region, Annual Report.
([5]) محمد محمد خليل (1968) ، شرح التشريعات الزراعية في مصر ، الأنجلو المصرية ، القاهرة  ص 187 .
([6]) نفس المرجع ، ص 188 . 
([7]) محمد فهيم أمين (1967) ، قوانين الإصلاح الزراعي ، دار الفكر العربي ، الكتاب الأول ص 31 .
([8]) شمل نطاق العينة قرى : شبشير طملاى برهيم كفر السنابسة سدود فيشا الكبرى كمشوش كفر فيشا طملاى الحامول شبرابلولة كفر العامرة إضافة إلى مدينة سرس الليان وبلغ عدد حالات العينة 1106 حالة من 17722 وحدة حيازية (بنسبة 6.2%) .  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق