الصفحات

الجمعة، 22 أغسطس 2014

محاضرات في جغرافية الزراعة.. المحاضرة الثالثة عشر - المحاضرة الرابعة عشر ...

المحاضرة الثالثة عشر

صيد الأسماك والثروات البحرية  
سنتناول في هذه المحاضرة (الثالثة عشر) مناقشة حرفة صيد الأسماك والثروات البحرية حسب عناصر المحاضرة والتي ستكون على النحو الآتي:
         المقدمة
         صيد الأسماك والثروات البحرية:
o       الظروف الطبيعية المؤثرة في الأسماك
o       أثر العوامل البشرية في حرفة صيد الأسماك
o       مناطق صيد الأسماك الكبرى
o        زراعة الماء
         تعتبر الأسماك أحد أنواع الغذاء الرئيسة لدى الانسان منذ اقدم العصور بدليل ما خلفة الانسان من آثار تدلل على اعتماده على الأسماك في غذائه وخاصة عند المصريون منذ 4000 سنة مضت متمثلة بنقوش تمثل طرق الصيد كما أن الحضارة الإغريقية قد عرفت الأسماك كغذاء من خلال استخدامهم الحراب والشباك في الصيد.
         تتوافر الأسماك في 72% من سطح الأرض (بحار، محيطات، أنهار وغيرها) وتعتبر الأسماك المصدر البديل لسد النقص في الغذاء (الجوع) إذ يقدر أن عدد أصناف الاسماك 40.000 نوع والتي يتراوح عمرها بين 10 – 30 سنة بالمقابل هناك أنواعاً لا تعيش أكثر من تسعة أشهر مثل السمك الأبيض أما الرنجة في بحر الشمال يتراوح عمرها من 10 – 15 سنة.
         كما هو معروف فان الأسماك تضع كمية كبيرة من البيض مليون وعشرة ملايين بيضة من الحجم  الصغير في الوقت نفسة يموت من هذا البيض نسبة كبيرة والتي تصل الى 99,9% لدى سمك الكود ، وتتباين الأسماك في أحجامها وسرعة نموها بين الأنواع المختلفة حتى في النوع الواحد من مكان لآخر كما أن الأسماك التي تعيش في المياه الدافئة تنمو بشكل أسرع تلك التي تعيش في المياه الباردة.
         تمثل الأسماك مصدر بروتين غذائي رخيص ولعل من التطورات على تاريخ صيد الأسماك استخدام الاسماك منذ الحرب العالمية الثانية كغذاء للحيوانات وخاصة الدواجن حيث تعتبر الأسماك ويمارس الصيد الآن على نطاق واسع.
وقد مرت عملية صيد الأسماك كما وصفها مورتيليه (De Mortillet) بمراحل تطور على النحو التالي:
1.     مرحلة الجمع والالتقاط التي خلفها المد والجزر.
2.     استخدام الرمح ثم الحربة.
3.     استخدام الخيط.
4.     ابتكار الشبكة الذي يعد آخر مراحل التطور.لشبكة.
واحياناً أخرى تستخدم المواد الكيماوية لتخدير الأسماك أو تعكير المياه كأحد طرق صيد الأسماك ولكن في الوقت الحالي ومع التقدم العلمي تطورت وسائل الصيد ولم يعد الصيد مقتصراً على المياه الضحلة لا بل تحولت تلك العملية من الشكل العشوائي الى المنظم في ظل تحديد مواقع الصيد مبنية على اسس علمية.
يمكن القول أن هناك عوامل تؤثر في حرفة صيد الأسماك منها:
الظروف الطبيعية المؤثرة في الأسماك
يمكن القول أن هناك عوامل تؤثر في حرفة صيد الأسماك منها:
أولاً: الظروف الطبيعية.
1-      الضوء والحرارة.
2-      المياه الضحلة.
3-      أشكال السواحل.
4-      حركة المياه.
5-      الرواسب النهرية.
6-      فصول السنة.
7-      خصائص المناطق المجاورة.
ثانياً: العوامل البشرية.
وفيما يلي بعض التفصيل لهذه العوامل(الظروف الطبيعية) المؤثرة في صيد الأسماك.
1.     الضوء والحرارة
هناك مجموعة من الجوانب التي يؤثر فيها الضوء في الأسماك منها :
1.     الحماية من الأسماك المفترسة وخاصة التي تعتمد على حاسة الرؤية.
2.     البحث عن الغذاء.
3.     تم اثبات أن قوة الضوء يمكنها أن تتحكم في موعد نضج الأعضاء الجنسية في الأسماك.
4.     تحركات الأسماك الرأسية اليومية.
تنجذب الأسماك نحو الضوء الصناعي إذ تستغل هذه العملية في عمليات الصيد وكما هو معلوم فأن البلانكتون(كائنات دقيقة) بشقيها النباتي والحيواني تعيش في الطبقة السطحية لكي تستفيد من ضوء الشمس وثاني أكسيد الكربون المذاب في الماء كما تقوم تلك الكائنات نهاراً بإفراز مواد سامة أثناء عملية التمثيل الضوئي كوسيلة دفاع ضد الأسماك.
أما درجة الحرارة فلا يقل تأثيرها عن تأثير الضوء في سلوك الأسماك ونموها بدليل أن بعض الأسماك تكف عن تناول الطعام إذا انخفضت درجة الحرارة الماء. بالمقابل يقل نشاطه إذا ارتفعت درجة الحرارة عن 16 درجة مئوية  إذ ادت موجات البرد التي اجتاحت الولايات المتحدة عام 1983م الى هلاك آلاف الاطنان من الأسماك (شواطئ ولاية فلوريدا الأمريكية).
2. المياه الضحلة
تنتشر معظم المصايد الشهيرة للأسماك في المناطق المجاورة للقارات والتي تعرف باسم الأرصفة القارية مع العلم بأن الرصيف القاري يطلق على المناطق التي لا يزيد عمقها على 180 متر وع العلم بان الأرصفة تشغل نسبة 7.5% من مساحة المحيطات الكلية أي ما يعادل 18% من مساحة اليابس مما يسمح لأشعة الشمس أن تنفذ خلال هذا العمق وبالتالي نمو البلانكتون الذي يمثل مصدراً غذائياً للأسماك.
إن مياه الأنهار المنتهية بالمحيطات تثري بشكل كبير مياه الرصيف القاري بالأملاح التي تساعد على تكاثر البلانكتون والمواد العضوية كما أن ضحالة المياه تيسر استخدام أجهزة الصيد.
هناك اعتقاد بان أصل الرصيف القاري هو أرض يابسة أو جافة في العصور الجليدية وعندما ذاب الجليد ارتفع مستوى الماء وغطى ذلك الجزء من اليابس الذي أصبح يسمى بالرصيف القاري وكلما اقتربنا من مصبات الأنهار تصبح الأرصفة أقل عمقاً وحينما تزيد الحواجز المرجانية.
الشط (Banks): هي تلك المناطق التي يقل عمقها عن 100 متر والتي ترتفع نسبياً عن الأرصفة القارية أي بمعنى هي تلك المناطق التي ترتفع نسبياً من الأرصفة القارية.
تكون الشطوط المنحدرة تدريجياً التي تغطيها الرمال أو الطمي مناسبة لعمليات الصيد وخاصة التي تتم بواسطة الشباك الكبيرة ويقع شط دوجر المتراوح في  العمق (40– 100) متر في وسط بحر الشمال الذي يعتبر من أغنى الشطوط في العالم مع العلم أنه لا يبعد عن اليابس الا بمقدار 160 كم تقريباً إلى جانب Grand Bank الشط الكبير وشط جورج.
3. أشكال السواحل:
تعتبر أشكال السواحل من بين العوامل التي تؤثر في حرفة صيد الأسماك لأن وجود الخلجان والفيوردات والتعاريج الكثيرة أو القليلة تؤثر في عمليات صيد الأسماك حيث أن وجود التعاريج تتيح وجود مرافئ التي من خلالها تنطلق رحلات الصيد كما أنها تعتبر ملجاً للصيادون وقت العواصف .
كثرة تعاريج الساحل تزيد من مساحة المصايد كما أن طول خط الساحل يتيح اتصالاً مباشراً بين كثير من الناس وبين البحر حيث أن 90% من سكان نيوزيلاندا يعيشون على السواحل.
1.     حركة المياه:
هناك أنواع متعددة من حركات المياه منها
ý    التيارات الصاعدة
التيارات الصاعدة والتي تحدث نتيجة انخفاض درجات حرارة المياه السطحية فتزداد كثافتها فتهبط لتحل محلها مياه من الأعماق غنية بالأملاح الغذائية.
ý    الدوامات المحلية ا
الدوامات المحلية القريبة من السواحل والجزر بسبب تضاريس قاع البحر أو نتيجة لتكوينات شاطئية يؤدي هذا الى تجمعات كبيرة من الأسماك التي تندفع الى مناطق تلك الدوامات لتتغذى على البلانكتون المتركز في وسط الدوامات.
ý    التيارات الدفئة والباردة
التيارات الدفئة والباردة عند التقاء تياران أحدهما دافئ والأخر بارد فان مياه التيار الدافئ تنزلق فوق مياه التيار البارد ففي منطقة التقاء تلك التيارات تتركز مناطق الصيد العظمى كما الحال في التقاء التيارات القطبية ودون القطبية الباردة المتجهة نحو خط الاستواء بالتيارات الدافئة المتجهة بعيداً عن خط الاستواء وتقع مثل هذه المناطق بين دائرتي عرض 40 ،70 درجة شمالاً في النصف الشمالي من الكرة الأرضية (تيار لبرادور البارد مع تيار الخليج الدافئ).
ý    أمواج المحيطات والبحار
أمواج المحيطات والبحار تؤثر كثيراً على عمليات الصيد في فصل الشتاء على سبيل المثال يعد موسم صيد السالمون النشيط بالنسبة لليابان ما بين شهر مايو وأكتوبر أما في فصل الشتاء فتعرقل الأمواج عمليات الصيد
5. الرواسب النهرية: الكثير من الأنهار ينتهى بها المطاف في المحيطات ولكن المهم هنا ما تحمله هذه الأنهار من مواد أو رواسب متنوعة حيث قدرت هذه الرواسب بنحو 750 مليون طن سنوياً وبما أن هذه المياه الوافدة الى المحيطات تكون قد تنوعت حمولتها من العالقة الى الذائبة الى المواد العضوية أو المعدنية وغيرها الكثير التي تعتمد عليها الكائنات الحية الدقيقة أو الأسماك.
6. فصول السنة:
تتحرك معظم أنواع الأسماك بشكل فصلي خلال العام الواحد وذلك وفقاً لظروف معينة فعلى سبيل المثال تتحرك أصناف السالمون الى مياه السواحل في الفترة من مايو إلى اكتوبر بدليل أن معظم ما يتم اصطياده من أسماك السالمون من المياه في المحيط الهادي الشمالي أي بمعنى أن هناك حركة كبيرة في الصيد في تلك الفترة بالمقابل أن هناك خمول في الصيد في فصل الشتاء.
أما أسماك الرنجة تظهر في البحار الشمالية في بداية الربيع بالقرب الشواطئ ومع مرور الربيع تتجه الأسماك نحو الجنوب ويبدأ موسم صيد أسماك الرنجة في شهر مارس في البحار وينتهي في يونيو أو يوليو أو أغسطس في البخار الجنوبية.
7. خصائص المناطق المجاورة للساحل
للمناطق المجاورة بالسواحل بما تمتاز به من خصائص تنعكس على حرفة الصيد من خلال العديد من الجوانب فاذا كانت تلك المناطق المجاورة تغطيها الغابات القريبة من الشطوط سواء الغابات النفضية أو الصنوبرية كما هو الحال في اليابان حيث أن 60% من مساحتها تغطيها الأشجار أما النرويج فالنسبة تبلغ 25% أما السويد فتبلغ 55% حيث تمثل هذه الغابات مصدراً مهماً للأخشاب التي تصنع منها قوارب الصيد ولوازمها من صناديق وغيرها لحفظ الأسماك ونقلها.
كما أن الأخشاب ذاتها تستخدم في تدخين الأسماك وقود للتدفئة في منازل الصيادين.
بالمقابل إذا كانت تلك المناق القريبة من السواحل صخرية أو تضاريسها وعرة مما لا يساعد على استغلالها في عمليات الرعي والزراعة فان اتجاه السكان يكون نحو البحر.
أثر العوامل البشرية في حرفة صيد الأسماك   
تتأثر حرفة صيد الأسماك بشكل عام بمجموعة عوامل بشرية منها
1.       حجم السكان وعادتهم.
2.       التقدم العلمي والتكنولوجي.
3.       وسائل المواصلات والاتصال.
4.       أسعار اللحوم.
5.       الاتفاقات الدولية.
6.     الحروب والمشاكل السياسية.
وفيما يلي بعض التفصيل لهذه العوامل :
تأثير حجم السكان في حرفة الصيد يبدو واضحاً من خلال تركز السكان في مناطق معينة حيث تعتبر أشد مناطق العالم ازدحاماً تلك الواقعة بالقرب من الشطوط والمصايد الهامة ففي الصين واليابان نجد أن بعض المناطق فيها تصل كثافة السكان في المناطق المواجهة للساحل إلى 2000 شخص/ميل مربع.
إن ديانة الملايين من سكان امريكا الشمالية واوروبا تدفعهم الى تحاشي تناول اللحوم في أيام معينة والاعتماد على الأسماك في الوقت ذاته كما الحال لدى الطائفة الكاثوليكية التي تتناول الأسماك في يوم الجمعة وبعض الأعياد الدينية لديهم.
إن ارتفاع أسعار اللحوم الأخرى بسبب ازدياد تكاليف نقلها أو انتاجها يدفع السكان في بعض المناطق الى الاعتماد على الأسماك بسبب رخص سعرها
أثرت التطورات العلمية المختلفة في حرفة صيد الأسماك كما أن تقدم وسائل النقل ووسائل التبريد فتح أسواقاً بعيدة للأسماك، ولعل وعي الانسان قد دفعة الى المحاولة للحفاظ على الثروة السمكية حيث عقد سنة 1899م في اوسلو للوقوف على اكتشاف مكنون البحر واسراره ،أما في عام 1902م تم تأسيس  المجلس الدولي لاكتشاف البحر في كوبنهاجن حيث انتظم نشاطه في ثلاث لجان هي:
1.       اللجنة الهيدروجرافية (جغرافية البحار).
2.       لجنة هجرات الأسماك.
3.       لجنة الإسراف في الصيد الذي غير اسمها إلى لجنة المحافظة على الأسماك.
لقد تم عقد اتفاقية في عام 1933م  تمنع صيد سمك موسى عندما انخفضت كمياتها في البحر البلطي التي تعتبر أول اتفاقية دولية تخص الأسماك في منطقة الأطلنطي كما أن هناك اتفاقيات أخرى.
لقد تم تشكيل لجنة دولية لمصايد شمال الهادي سنة 1950م تم فيها تحديد مناطق لا يسمح فيها بالصيد لأنها باتت منطقة غير منتجة بالشكل المطلوب أو الطبيعي بسبب عمليات الاسراف في الصيد. وفي عام 1950 تكونت لجنة الحيتان الدولية للمحافظة عليها.
مناطق صيد الأسماك الكبرى
تم تقسيم مناطق سيد الأسماك من قبل منظمة الأغذية والزراعة في العالم الى 27 منطقة رئيسة التي تشمل أيضاً على ثماني مناطق داخلية إذ اسهمت المناطق الداخلية بأكثر من 8 مليون طن عام 1999م.
أما المناطق التسع عشرة الرئيسة فتتمثل في المصائد البحرية التي تغطي أكثر من 361 مليون كم مربع من مياه المحيطات وتشمل المحيط الأطلسي والهادي والهندي وما جاورها من بحار (30.5 % من مساحة البحار والمحيطات).
يستخدم مصطلح مصائد المحيطات الجنوبية على ثلاثة أجزاء هي :
1.       الجزء الجنوبي من  المحيط الأطلسي والواقعة جنوبي درجة عرض 50 جنوباً.
2.       الجزء الجنوبي من المحيط الهادي والواقعة جزء منها جنوبي درجة 45 والجزء الأخر منها جنوب درجة عرض 55 جنوباً.
3.       الجزء الجنوبي من المحيط الهادي الواقعة جنوب درجة عرض 60 درجة جنوباً.
تقدر مساحة مصائد المحيطات الجنوبية الى 35.5 مليون كيلو متر مربع أي ما تعادل مساحة تقدر بـ 9.8% من مساحة المحيطات والبحار.
يأتي المحيط الهادي في مقدمة المحيطات بإنتاج السمك ثم المحيط الأطلنطي فالمحيط الهندي حيث بلغ الانتاج  52.8  ثم 23.1 ثم 8.5 مليون طن على التوالي.
زراعة الماء Aquaculture
يجب أن نميز ما بين مصطلحين يستخدمان في مجال زراعة الماء،
الأول : مصطلح زراعة الماء وهو مصطلح عام يقصد به زراعة الماء العذب أو المالح على حد سواء.
الثاني: مصطلح زراعة البحر(Marine culture) وهذا النوع يقتصر على زراعة البحر فقط، ويقصد بزراعة البحر: زراعة النباتات أو الأسماك أو الأصداف تحت أحوال يتحكم بها الإنسان.
لقد أكد أحد علماء الأحياء المائية أن استغلال 1% فقط من مساحة الأرصفة القارية في زراعة الأسماك يمكن أن يوفر احتياجات سكان العالم من البروتين وهذا كان في عام 2000م.
أهم المشكلات التي تواجه زراعة البحار
من أبرز المشكلات التي تواجه زراعة البحار :
         ارتفاع التكاليف
         انشاء الموانئ ومستودعاتها
         ارتفاع أسعار الأراضي
          تلوث مياه البحر، فوفقا لأحد تصريحات عالم البحار المشهور جاك كوستو بأن تلوث البحار قد دمر 40% من الكائنات الحية في البحار. وتلوث البحار يأخذ العديد من الأشكال كتصريف مياه المجاري إلى البحار و التلوث الحراري الناتج عن تصريف المياه الساخنة التي تهدد حياة الكائنات الحية سواء في البحار أو المحيطات ومشروعات الطاقة النووية والتلوث بالبترول الناتج عن التسرب أو الغرق لناقلات النفط .
          موت أعداد كبيرة من الأسماك الصغيرة التي تربى (هناك اعتقاد أن التلوث هو أحد الأسباب).

المحاضرة الرابعة عشر
الثورة الخضراء والجوع في العالم
المقدمة
سنواصل حديثنا في هذه المحاضرة الأخيرة (الرابعة عشر) حول موضوع من مواضيع الدراسة لهذا المقرر أحسب أنه في غاية الأهمية ألا وهو المتعلق بالثورة الخضراء وأزمة الجوع في العالم.
          الثورة الخضراء 
          مشكلة الجوع
الثورة الخضراء
"هذه التطورات وغيرها في مجال الزراعة تحتوي على ما يؤهلها لثورة جديدة، وهي ليست ثورة عنيفة مثلها في ذلك مثل الثورة السوفييتية الحمراء، كما أنها ليست ثورة بيضاء مثلها في ذلك مثل شاه إيران، أسميها الثورة الخضراء”.
تم الحكم على التنمية الزراعية التي بدأت في المكسيك في عام 1943 على يد العالم نورمان بورلوغ باعتبارها نجاحا. وسعت مؤسسة روكفلر لنشر هذا النجاح وتعميمه على الدول الأخرى. أصبح مكتب الدراسات الخاصة في المكسيك والبحوث مؤسسة دولية غير رسمية في عام 1959، وفي عامالثورة الخضراء هي قفزة نوعية في الإنتاجي الزراعي نتجت عن زيادة استخدام تقنيات مختلفة مثل مبيدات الحشرات ومبيدات الأعشاب والأسمدة وكذلك ضروب جديدة من المحاصيل عالية الغلة في العقود التي تلت الحرب العالمية الثانية. أدت الثورة الخضراء إلى زيادة كبيرة في الإنتاج العالمي من الغذاء مما قلص مشاكل الجوع.
تشير الثورة الخضراء إلى سلسلة من الأبحاث والتطوير ونقل التكنولوجيا والمبادرات، التي حدثت بين سنوات أربعينيات القرن العشرين وحتى أواخر سبعينيات القرن العشرين، والتي زادت الإنتاج الزراعي في جميع أنحاء العالم، وبالذات في أواخر ستينيات القرن العشرين.
تضمنت الثورة الخضراء مبادرات تطوير أصناف عالية الغلة من الحبوب، والتوسع في البنية الأساسية للري، وتحديث أساليب الإدارة، وتوزيع البذور المهجنة، والأسمدة الصناعية والمبيدات للمزارعين.
استخدم مصطلح "الثورة الخضراء" لأول مرة في عام 1968م على لسان المدير السابق للوكالة الأمريكية للتنمية وليم زينة، الذي لاحظ انتشار التكنولوجيات الجديدة، وقال:
 1963 أطلق عليه رسميا اسم "سيميت" (بالإسبانيةCIMMYT) (المركز الدولي لتحسين الذرة والقمح).
الابتكارات الزراعية: المحاصيل المعدلة وراثيا 
Ag. Innovations: Genetically Modified Crops


في عام 1961 كانت الهند على شفا مجاعة جماعية. ودعي بورلوغ إلى الهند من قبل مستشار وزير الزراعة الهندي سواميناثان. على الرغم من العقبات البيروقراطية التي تفرضها احتكارات الحبوب في الهند، تعاونت مؤسسة فورد والحكومة الهندية لاستيراد بذار القمح من سيميت. وقد تم اختيار ولاية البنجاب الهندية من قبل الحكومة لتكون أول موقع لمحاولة زراعة محاصيل جديدة بسبب إمدادات مياه يمكن التعويل عليها وإضافة إلى تاريخ من النجاح الزراعي في هذه الولاية. بدأت الهند برنامجها للثورة الخضراء بتربية النباتات، وتنمية الري، واستعمال الكيماويات الزراعية.
اعتمدت الهند أصنافًا متنوعة من الأرز شبه القزم (IR8) التي وضعها المعهد الدولي لبحوث الأرز (بالإنكليزيةIRRI‏)، وكانت إنتاجيتها أعلى من السابق خصوصًا مع إضافة الأسمدة والري. في عام 1968، نشر مهندس زراعي هندي استنتاجاته عن إنتاجية أرز IR8 التي وصلت إلى 5 أطنان في الهكتار الواحد بدون الأسمدة، وما يقرب من 10 أطنان في الهكتار الواحد في ظل ظروف مثلى. كان هذا الإنتاج يماثل عشرة أضعاف إنتاج محاصيل الأرز التقليدية. كانت أصناف IR8 ناجحة في جميع أنحاء آسيا، وأطلق عليها اسم "الأرز المعجزة". وقد وضعت أيضا IR8 في أصناف شبه قزمة (بالإنكليزيةIR36‏).
مشكلة الجوع
مشكلة الجوع هي قاسم مشترك بين معظم الدول النامية ومن بينها غالبية الدول الإسلامية، ومن أهم مظاهر هذه المشكلة في بلدان العالم الإسلامي ما يلي:
(1 يوجد عدد يتراوح ما بين 300-400 مليون نسمة، أي نحو نصف عدد المسلمين بتلك الدول لا يحصلون إلا على القليل من الطعام، ويتعرضون دائماً للمجاعة، وخاصة في الدول الأفريقية.
 (2يتسبب النقص في التغذية في وفاة عدد كبير من الأطفال المسلمين طبقاً للإحصاءات والبيانات الدولية.
(3المعاناة الشديدة التي يعيش فيها عدد من البلدان الإسلامية من ناحية النقص في الغذاء، وخاصة تلك التي تتعرض للكوارث الطبيعية كالجفاف والفيضانات.
(4  تتحمل حكومات معظم الدول الإسلامية في ميزانياتها نسبة كبيرة من الدخل الوطني لاستيراد الطعام من الخارج، ومن أمثلة اعتماد المسلمين كلياً على الاستيراد لسد الأفواه الجائعة ما يلي:
أ‌نقلت الأخبار أن مصر تستورد الطعام بما قيمته 8 ملايين دولار في اليوم الواحد.(30 مليون ريال يوميا)
ب‌ونقلت الأخبار أيضاً أن اندونيسيا اضطرت إلى استيراد مليونين ونصف من الأطنان أرزاً خلال عام واحد فقط، نتيجة سوء موسم الحصاد.
جونقلت الأخبار كذلك أن البلاد العربية تنفق حالياً 200 ألف مليون دولار سنوياً على استيراد الغذاء.
والسؤال الهام هومَنْ الذي يستهلك غذاء العالم بإسراف؟!
 يدعي بعض الغربيين أن الزيادة في عدد سكان العالم الفقير هي سبب مشاكل الجوع ونقص الغذاء، ولعل أحسن ردّ ما جاء على لسان المفكر الفرنسي رجاء جارودي حين قال: ((من العار أن نسمع المؤتمر السكاني في بوخارست يقول فيما يتعلق بالسكان، إن إنجاب أقل عدد ممكن من الأطفال يُجنب العالم مشاكل الجوع، في الوقت الذي نعرف جيداً أن فلاحاً باكستانياً أو هندياً يستهلك أقل مما يستهلكه زميله الأمريكي في كاليفورنيا بأربعمائة مرة...)).
ولذلك يقول جوزيه دي كاسترو: ((إن مشكلة العالم هي مشكلة توزيع، وليست مشكلة فقر، لقد أصبحت الدول المتقدمة مستهلكاً نهماً، فبلدٌ مثل أمريكا تضم 6% فقط من سكان العالم تستهلك 40% من موارد العالم)).
بل إن هناك آخرين يرون أن هذا الجوع في عالم تسكنه الوفرة والبحبوبة، ليس بسبب وجود ركاب زائدين عن الحد على الأرض، ولا بسبب رداءة الطقس أو التقلبات المناخية، وإنما ذلك لأن الغذاء تحت مراقبة الأغنياء، لذا يعاني الفقراء وحدهم من الجوع.
 تقول فرانسيس مورلابيه وجوزيف كولينز في كتابهما ((الجوع في العالم 12خرافة)): ((منذ أكثر من 15سنة حاولنا أن نفهم لماذا هناك جوع في عالم تسكنه الوفرة، وحين تجاوزنا النظرة السطحية والمخيفة إلى الجوع، وصلنا إلى حقائق مذهلة، ليس الجوع في أي دولة من دول العالم مشكلة مستحيلة الحل، حتى تلك الدول التي تعتبر مكتظة بالسكان إلى حد كبير، لديها الإمكانات الضرورية لتحرير نفسها من عبء الجوع)).

إن وجود هذه الهوة السحيقة في الإنفاق والاستهلاك بين الدول المتقدمة والدول المتخلفة، جعلت الدول الغنية تزداد غنى، والدول الفقيرة تزداد فقراً.

ولقد أشار إلى شيء من هذه الحقيقة سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه حين قال: ((إن الله سبحانه وتعالى فرض في أموال الأغنياء أقوات الفقراء، فما جاع فقير إلا بما منع غني، والله تعالى سائلهم عن ذلك((.
قائمة من الحقائق المفيدة والأشكال عن الجوع في العالم
         هناك نحو 925 مليون شخص ليس لديهم ما يكفي من الطعام ليأكلوه، ويعيش نحو 98 بالمائة منهم في البلدان النامية. ( المصدر: بيان صحفي من الفاو، 14 سبتمبر 2010). 
         منطقة جنوب آسيا والمحيط الهادئ موطن لأكثر من نصف سكان العالم، وبها أيضا نحو ثلثي الجوعي في العالم. (المصدر: بيان صحفي من الفاو، 2010) 
         تشكل النساء ما يزيد قليلاً عن نصف سكان العالم، ولكن هن أيضا يشكلن أكثر من 60% من الجوعى في العالم. (المصدر: تقرير تعزيز الجهود الرامية إلى القضاء على الجوع، المجلس الاقتصادي والاجتماعي، 2007)
         يعيش نحو 65% من الجوعى في العالم في سبع بلدان فقط، هي الهند والصين وجمهورية الكونغو الديمقراطية وبنجلاديش وإندونيسيا وباكستان وإثيوبيا. (المصدر: بيان صحفي من الفاو، 2010).
         يؤدي نقص التغذية إلى حدوث 5 ملايين حالة وفاة بين الأطفال دون سن الخامسة كل عام في البلدان النامية. (المصدر: سبب الوفيات بين الأطفال دون سن الخامسة، يونيسف، 2006)
         يعاني طفل واحد من بين كل أربعة أطفال ـ حوالي 146 مليون- من نقص الوزن. ( المصدر: وضع الأطفال في العالم 2007، يونيسف).
يعيش أكثر من 70% من الأطفال ممن يعانون نقص الوزن (في سن الخامسة أو أقل ) في 10 بلدان فقط، حيث يوجد أكثر من 50% منهم في منطقة جنوب آسيا وحدها. (المصدر: التقدم من أجل الأطفال 2006، يونيسف). 
         يموت نحو 10.9 مليون طفل دون سن الخامسة سنوياً في البلدان النامية، وتتسبب الأمراض المرتبطة بسوء التغذية والجوع في 60% من هذه الوفيات. (المصدر: وضع الأطفال في العالم 2007، يونيسف).
         نقص الحديد هو أكثر أشكال سوء التغذية انتشاراً في جميع أنحاء العالم، حيث يؤثر على ما يقدر بـ ملياري شخص. القضاء على نقص الحديد يمكن أن يحسن مستويات الإنتاج الوطنية بمقدار 20%. (المصدر: منظمة الصحة العالمية، قاعدة بيانات منظمة الصحة العالمية بشأن الأنيميا.) 
         نقص اليود هو أكبر سبب للتخلف العقلي واعتلال المخ، ويؤثر على 1.9 مليار شخص في جميع أنحاء العالم. ويمكن بسهولة الوقاية من ذلك عن طريق إضافة اليود إلى الملح. المصدر: (التقرير الخامس لحالة التغذية في العالم، لجنة الأمم المتحدة الدائمة للتغذية 2005).

 جميع محاضرات جغرافية الزراعة حمله من هنا

منتدى جامعة الملك فيصل  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق