إحصائيات أمنية تحدد جغرافيا الجريمة بالمغرب
جريدة الصباح المغربية - الأربعاء - 20 يوليو 2011 - رضوان حفياني :
" الأمن في مواجهة الظواهر الإجرامية وأقسام أمنية لدراسة مؤشرات ومعدلات الجريمة "
تعكف أقسام مختصة على دراسة نسب الجريمة على الصعيد الوطني، في المديرية العامة للأمن، لإعداد دراسات حول الظواهر الإجرامية، لتوضع رهن إشارة القيمين على التسيير الأمني في المملكة، لتكون أساس المخططات الأمنية، التي تتولى وزارة الداخلية وضعها بإشراك المختصين من الأمن والدرك والأجهزة الموازية لهما. وبعد أزيد من ثلاث سنوات على تنفيذ المخطط الأمني 2008-2012، يلاحظ أن معدل الجريمة لم يرتفع إلى مستوى العدد الإجمالي للجنايات والجنح التي سجلت سنة 2005، لأسباب سنحاول تحديدها من خلال الاعتماد على إحصائيات أمنية ودراسات مختصين في مكافحة الجريمة.
انتقل العدد الإجمالي للجنايات والجنح المسجلة لدى مصالح الأمن من 321.077 قضية خلال سنة 2008 إلى 335.528 خلال سنة 2010، أي بمعدل تزايد يوازي 4,5+ في المائة، والذي هم بالأساس أصناف جرائم محددة، وتهم على وجه الخصوص الجرائم الشائعة مثل السرقة والاعتداء والضرب والجرح والاغتصاب...
وحسب مختص في علم الإجرام، فبإجراء مقارنة لهذه الإحصائيات مع تلك المسجلة خلال السنوات الأربع الماضية، يلاحظ أن هذا الارتفاع جاء بعد تدني كبير خلال سنة 2005 وثبات مؤشر الجريمة خلال سنة 2008. ووفق المختص نفسه، فإنه خلال السنوات الأخيرة سجل تنامي للجريمة بشكل طفيف، وهذه مسألة عادية ومستساغة، على حد تعبيره، من الناحية العقلية والمنطقية، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار التطور الديموغرافي والتوسع العمراني وامتداد النطاق الحضري ليشمل مناطق قروية، على حد قوله.
أسباب محددة لارتفاع الجريمة
يعزى ارتفاع معدل الإجرام خلال سنة 2009 بنسبة 4,5 في المائة من الرقم الإجمالي للجنايات والجنح المسجلة، أي بمعدل 14.451 قضية إضافية، وفق ما جاء في دراسة أمنية، إلى عدة عوامل وأسباب دالة.
وحسب الإحصائيات نفسها، فإنه سجلت 10.879 قضية إضافية في سنة 2009، وتهم فقط الجرائم العادية والبسيطة سيما السكر العلني البين، وجرائم الشيك بدون رصيد، و التحريض على الفساد، و قضايا السب والشتم... بالإضافة إلى 3.641 قضية إضافية، تتعلق بمضاعفة جهود مصالح الأمن في مجال مكافحة الاتجار غير المشروع في المخدرات، مما يعني أن تلك القضايا ناجمة فقط عن مبادرة من مصالح الشرطة.
ويبرر مصدر أمني مسؤول الارتفاع المسجل في معدلات الجريمة بالقول إن 2.274 قضية إضافية سجلت سنة 2009، كانت نتيجة عمل المفوضيات الجهوية للشرطة التي تم إحداثها خلال تلك السنة، بكل من مدن دمنات والبئر الجديد و إييمزورن ومريرت وميسور وطاطا.
وحسب المصدر المسؤول، فإن هذه الأرقام لا تعكس في الحقيقة سوى مجرد معاينة اجتماعية للظاهرة، وأن الطريقة الأنجع لقياس عمل مصالح الشرطة هي معرفة نسبة حل القضايا المسجلة لديها، ومعرفة عدد الأشخاص الموقوفين والمحالين على العدالة.
مردودية الأجهزة الأمنية
بناء على معطيات حصلت عليها «الصباح»، من إحصائيات أمنية للمديرية العامة للأمن الوطني، فإنه تم تسجيل ارتفاع في المردودية بين سنتي 2008 و2009، وهو ما كان من بين أسباب تحسين أوضاع رجال الأمن ووضع قانوني أساسي جديد. وباستقراء إحصائيات الجريمة المسجلة خلال النصف الأول من سنة 2010، ومقارنتها مع الإحصائيات المسجلة برسم الفترة نفسها من السنة الماضية، يلاحظ تسجيل استقرار وثبات في معدلات الإجرام على مستوى مختلف المناطق الحضرية بالمملكة، إذ عرفت ستة أشهر الأولى من سنة 2010 تسجيل 169.412 قضية مقابل 169.366 قضية خلال الفترة نفسها من سنة 2009.
وتفيد دراسة أمنية صدرت، أخيرا، أنه باستثناء الارتفاع الذي سجلّته الجرائم الاقتصادية والمالية بنسبة 8,75 في المائة (23.918 قضية)، عرفت باقي الجرائم تراجعا ملحوظا.
استجلاء حقيقة الجرائم
تمكنت مصالح الأمن من معالجة واستجلاء حقيقة 153.182 قضية، أي بمعدل نجاح بلغ 90.41 في المائة، قدمت بموجبها أمام القضاء ما مجموعه 168.115 شخصا، من بينهم 16.745 امرأة و7.359 قاصرا.
وبخصوص الجرائم المقرونة بالعنف، والتي تؤثر سلبا على الإحساس بالأمن لدى المواطن، فقد مكنت المجهودات الأمنية المبذولة خلال النصف الأول من سنة 2010، من تسجيل تراجع ملحوظ في مؤشرات هذا النوع من الإجرام، بلغ 0.2- في المائة مقارنة مع السنة الماضية، إذ تراجعت نسبة السرقات تحت التهديد بالسلاح الأبيض ب3.77- قضية، والسرقات بالخطف ب 2.75- قضية، و سرقة السيارات -7.6- قضية. وبخصوص العمليات اليومية التي تقوم بها مصالح الأمن للوقاية وزجر الجريمة، فقد أسفرت عن توقيف 473.295 شخصا، وضع منهم تحت الحراسة النظرية 109.651 شخصا، من بينهم 84.631 ضبطوا في حالة تلبس، و25.020 شخصا كانوا يشكلون موضوع مذكرات بحث من أجل جرائم مختلفة.
جريمة القاصرين
إدراكا من المصالح الأمنية بأهمية الفضاءات التعليمية، فقد أحدثت المديرية العامة للأمن الوطني على صعيد جميع مصالحها الخارجية اللامتمركزة، فرقا محلية مختلطة تعنى بتطهير ومراقبة محيط المؤسسات التعليمية، وأسفرت تحركاتها عن معالجة 1016 قضية تتعلق بترويج المخدرات، قدم بموجبها أمام القضاء 1122 مشتبها فيه، وحجز إثرها 35 كيلوغراما و762 غراما من الشيرا، و22 كيلوغراما و393 غراما من الكيف الممزوج بطابا، و14 كيلوغراما و501 غرام من المعجون، و1357 قرصا طبي مخدر، و97 غراما من الكوكايين و18 غراما من الهيروين.
وأفادت إحصائيات أمنية أنه جرى إيقاف 1239 شخصا في محيط المؤسسات التعليمية من أجل جرائم مختلفة تتنوع بين الضرب والجرح المفضي إلى الموت (شخص واحد)، والسرقات تحت التهديد (41 شخصا)، والسرقة بالعنف (36 شخصا)، والسرقة بالخطف (24 شخصا)، والاختطاف والاغتصاب (تسعة أشخاص)، والتحريض على الفساد (تسعة أشخاص)...
وفي سعيها إلى تنفيذ ما جاء في المخطط الأمني قامت مصالح الأمن خلال السنتين الماضيتين بمجهودات في مجال مكافحة جرائم الاتجار غير المشروع في المخدرات، والهجرة غير المشروعة، والإرهاب، والسطو على البنوك والمؤسسات المصرفية، وسرقة السيارات بمستوييها الوطني والدولي، والجرائم المعلوماتية.
ومكنت المجهودات الأمنية المبذولة في مجال مكافحة الاتجار في المخدرات من معالجة 14.278 قضية خلال النصف الأول من سنة 2010 مقابل 13.709 من الفترة نفسها برسم سنة 2009، أي بمعدل زجر يعادل +4,15 في المائة. وأسفرت العمليات الأمنية المنجزة في هذا الصدد عن إيقاف 16.362 مشتبها فيه، وحجز كميات كبيرة من مختلف أنواع المخدرات.
الاتجار في المخدرات
أفاد مصدر أمني مسؤول أن 95 في المائة من الشحنات المحجوزة من المخدرات تكون موجهة للتهريب الدولي، سيما في اتجاه الأسواق الأوربية وبصورة خاصة نحو دول غرب أوربا.
أما بخصوص مخدر الكوكايين، فقد أسفر تشديد المراقبة الأمنية بمختلف مطارات المملكة، سيما بمطار محمد الخامس الدولي الذي يعتبر محطة عبور لمختلف الرحلات بين إفريقيا وأوربا، عن إجهاض عدد من محاولات التهريب، فضلا عن ثني الشبكات الإجرامية عن القيام بعمليات مماثلة، ولعل هذا ما يفسر تراجع حجم الضبطيات من هذا المخدر خلال النصف الأول من سنة 2010 (أوقف ثلاثة مواطنين أفارقة فقط يتحدرون من دول جنوب الصحراء بمطار محمد الخامس وبحوزتهم ثلاثة كيلوغرامات و499 غراما من الكوكايين).
ورصدت مصالح الأمن أسلوبا إجراميا جديدا في مجال ترويج مخدر الكوكايين، يعتمد بالأساس على تجنيد بعض الشبكات الإجرامية لمرشحين للهجرة غير المشروعة يتحدرون من دول جنوب الصحراء، وتكليفهم بمهام توزيع وترويج لفافات المخدر المذكور بالأسواق الوطنية. وفي هذا الإطار أوقف 54 مهاجرا إفريقيا وبحوزتهم 730 غرام من الكوكايين.
وحرصا منها على تعزيز آليات التعاون الدولي في مجال مكافحة الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية، وانسجاما مع المقتضيات القانونية المقررة بموجب الاتفاقيات الدولية المبرمة أو المصادق عليها من قبل المملكة المغربية، قامت المديرية العامة للأمن الوطني باستخدام تقنية التسليم المراقب للمخدرات في 11 عملية مشتركة مع كل من فرنسا (10 عمليات) وإسبانيا (عملية واحدة)، خلال النصف الأول من السنة الماضية، أسفرت عن إيقاف 26 شخصا وحجز 11 طنا و457 كبلوغرام من الحشيش.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق