الصفحات

السبت، 17 سبتمبر 2016

الفساد السياسي والإداري كأحد أسباب الثورات العربية : دراسة وصفية تحليلية ثورة 17 فبراير في ليبيا نموذجاً ...

مؤتمر فيلادلفيا الدولي السابع عشر
ثقافة التغيير : الأبعاد الفكرية - العوامل - التمثلات
68 نوفمبر 2012
المحور الثاني : عوامل التغيير و أدواته، العوامل السياسية
ورقة بحثية بعنوان : الفساد السياسي والإداري كأحد أسباب الثورات العربية
دراسة وصفية تحليلية
ثورة 17 فبراير في ليبيا نموذجاً
                  د . فتحي محمد أميمة
ليبيا- جامعة مصراته - كلية الآداب
fathiemmaima@yahoo.com
المقدمة:

  يعدُّ الفساد بعمومه أحد أكثر الظواهر التي شغلت بال المهتمين وصُنّاع القرار في المجتمعات البشرية كافة قديماً وحديثاً، وتثير جدلاً واسعاً بين مختلف الأوساط الأكاديمية، والاجتماعية،والسياسية،والاقتصادية،والقانونية،كما تحتل في الوقت ذاته أولوية كبيرة في رؤية وتفكير النخب والمثقفين وعامة الناس في الدول المتقدمة والمتخلفة على حد سواء،بصرف النظر عن طبيعة النظام السياسي والايدولوجيي التي تحكمه،وكيفية تعامله مع القضايا والمشكلات المعاصرة التي تعانيها النظم الاقتصادية والإدارية والمنظمات الإنتاجية والخدمية المختلفة العامة والخاصة في تلك الدول والتي تتركز في مجملها في انخفاض الكفاءة والفعالية وبطء النمو الاقتصادي والتضخم،وجمود الهياكل،وكل مظاهر الفساد الإداري من:رشوة،ومحسوبية،وتبذير للموارد والإمكانات المادية والبشرية، ونهب المال العام والبيروقراطية والجمود ونحو ذلك، والتي أخدت رقعتها في الاتساع إلى الحد الذي بات فيه الفساد خطراً متزايداً ومحدقاً بكل الإنجازات التي حققتها البشرية على مر عصوره،وهي تنشد من وراء ذلك تحقيق الرفاهية والرخاء والتقدم.

   وبذلك أصبحت قضية تتخطى في حجمها وخطورتها حدود الدول الوطنية والمنظمات المحلية إلى ما يمكن أن نسميه بالفساد العالمي؛نظراً لما يترتب عليه من آثار سلبية خطيرة ومدمرة ليس للبنى المؤسساتية والتنظيمية الفاعلة في إدارة الاقتصاديات المعاصرة المحلية والدولية فحسب؛وإنما يمتد لتدمير كافة الأنساق القيمية والأخلاقية والقانونية التي وجدت لضبط السلوك الإنساني للأفراد والجماعات البشرية،وتنظيم علاقاتهم ضمن أُطُر مؤسساتية وتنظيمية وإدارية هدفها خدمة المجتمع في المجالات المختلفة،بالإضافة إلى تدمير الاقتصاد والقدرة المالية والإدارية وبالتالي عجز الدولة على مواجهة تحديات إعمار أو إعادة إعمار وبناء البنى التحتية اللازمة لنموها.

  وباعتبار أن(ليبيا)هي إحدى الدول التي تعاني من الفساد بأشكاله المختلفة طيلة فترة الحكم السابق؛ونظراً لما تشكله هذه الظاهرة من أهمية كبيرة على المستويين"المحلي والدولي"بهدف إيجاد الوسائل والأساليب واقتراح الخطط والاستراتيجيات الكفيلة للحد من الآثار السلبية الناجمة عنه، والتي باتت تهدد حياة الأفراد ومعاشهم،واستقرار الدول وتقدمها،وأمن العالم وازدهاره،فإن هذا البحث جاء للإجابة على هذا التساؤل:

"ماهي المسببات والعناصر الرئيسية التي أدت إلى بروز ظاهرة الفساد في الدولة الليبية خلال الفترة1969ــ2011؟"

  وتتمثل أهداف هذه الدراسة في الوقوف على مظاهر الفساد السياسي والإداري والمالي المتعددة، وتشخيصها واقتراح الحلول المناسبة لتفادي تكرارها،وضمان التقليل من آثارها السلبية على التنمية بأبعادها الاقتصادية والإدارية كونها ظاهرة من ظواهر التخلف،وسلوك سلبي لشريحة من المجتمع تعكس بآثارها على مختلف نواحي الحياة.

أهمية الدراسة: تأتي أهمية البحث من أهمية الموضوع نفسه لما يشكله من خطر كبير على اقتصاد الدولة وحقوق المواطنين،إضافةً إلى أهميته في تشخيص مظاهر الفساد ومحاولة إيجاد الحلول المناسبة لها.

منهج الدراسة: تعتمد هذه الدراسة على المنهج الوصفي التحليلي باعتباره أكثر المناهج ملائمة لطبيعة موضوع الدراسة مع الاستعانة بالمنهج التاريخي لتوضيح بعض القضايا ذات الصلة من سرد للأحداث والوقائع.

حدود الدراسة:

الحدود الزمنية: تتمثل في الفترة الممتدة منذ سبتمبر(1969)حتى اندلاع ثورة(17 فبراير2011) .

الحدود المكانية: ليبيا والتي تقع شمال القارة الأفريقية،ويحدها من الشمال البحر الأبيض المتوسط،ومن الشرق مصر والسودان،ومن الجنوب تشاد والنيجر،ومن الغرب الجزائر وتونس، وتبلغ مساحتها 1.750.000 كيلو متر مربعاً.

  لقد عرفت المجتمعات البشرية ظاهرة الفساد في كل الأزمنة والعصور،إذ يمكننا القول بأنها ظاهرة عالمية مستمرة؛ولا يختلف اثنان على أن المجتمعات كافة في الشرق والغرب تحتوي على قدر معين من الفساد،بدليل أن ما يشغل بال المهتمين وصّناع القرار هو حجم الفساد واتساع دائرته وتشابك حلقاته وترابط آلياته بدرجة لم يسبق لها مثيل[1]،بصرف النظر عن طبيعة النظام السياسي والاقتصادي الذي يحكمها،وهو بذلك يعد من أكثر المواضيع إثارة للجدل بين مختلف الأوساط،لما ينتج عنه من قضايا ومشكلات تتمثل في انخفاض الإنتاجية،وبطء النمو الاقتصادي،والتضخم وكل مظاهره من رشوة ومحسوبية،وتبذير ونهب للمال العام مما يجعلها تشكل خطراً على الإنجازات التي حققتها البشرية على مر عصورها[2].

  فما من أمم انهارت أو أنظمة سقطت أو ثورة قامت إلا وكان الفساد عنصراً فاعلاً فيها، والتاريخ لم يثبت لنا وجود ثقافة معينة يمكن أن تدّعي إن لها سلوكاً يحصنها من آفة الفساد[3]، وعليه فإن الفساد بشتى أنواعه أصبح السمة المميزة لمعظم حكومات دول العالم الثالث سواءً أتوا بالانقلابات العسكرية أو بالانتخابات[4]،إلا أن مستوياته تتباين بتباين النظم السياسية حيث أن مستواه ينخفض في النظم التي تقيم الضوابط المؤسسية بين الفروع الثلاثة للحكم المتمثلة في (الجهاز التنفيذي،والجهاز التشريعي،والجهاز القضائي)،وآليات فعالة لمنع وكشف هذا السلوك غير المشروع والمعاقبة عليه، بينما ترتفع مستوياته عندما تضعف الآليات المؤسسية لمكافحة الفساد أو أنها لا تستعمل،فيتفشى لدرجة يصبح فيها أمراً مقبولاً ومسموحاً به[5].

  وعلى الرغم من أن ظاهرة الفساد لا تحظى بتعريف جامع ومتفق عليه دولياً باعتبارها ظاهرة تتضمن أبعاد ومعايير سياسية،واقتصادية،وثقافية،وقانونية،ودينية،وكذلك زمانية ومكانية،تتجه حصرياً نحو السلوك الأخلاقي والثقافي المنحرف،إلا أننا نستطيع تحديدها باعتبارها ظاهرة مرضية اجتماعية تهدد كيان المجتمع وتهدد مسيرته التنموية والتقدمية وتعطل آليته السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية،وتساعد على تكريس ظاهرة الفقر والقهر والتخلف، وتعمل على تفتيت المجتمع وتقطيع أوصاله وانعدام الإحساس الوطني والانتماء للوطن.

   وتعرف ظاهرة الفساد بأنها:"تحول الشئ من حالته الطبيعية المقبولة إلى حالة متفسخة غير مقبولة"وهو"استغلال فرد أو مجموعة أفراد ذوى منصب حكومي لوضعهم الوظيفي"[6]،"كما أنه يتمثل في استخدام السلطة من أجل كسب ربح شخص،أو تحقيق هيبة أو مكانة اجتماعية، بالطريقة التي يترتب عليها خرق القانون"،وبذلك يتضمن الفساد انتهاك للواجب العام وانحراف عن المعايير الأخلاقية في التعامل،ومن ثم يُعدُّ سلوكاً غير مشروع من ناحية،وغير قانوني من ناحية أخرى، ومن صور الفساد الشائعة الرشوة،الاختلاس من المال العام،والاحتيال والنصب، والتزييف والتزوير في التقارير الرسمية[7]. وإجمالاً فإن الفساد يوجد حيثما توظف أي منظمة أو أي شخص صاحب سلطات وصلاحيات من هم مخولون بالتصرف وفقاً لأسس غير موضوعية تطغى عليها غلبة المصالح الخاصة والذاتية على مصالح المجتمع والخضوع لحكم الهوى والرغبة دون التفات إلى النتائج المترتبة على سلوكياتهم؛خاصة عندما يتمتع شخص أو منظمة بحماية خاصة أو حصانة تجنبهم المساءلة[8].

   ومشكلة الفساد ليست مجرد مسألة حسابية تقاس بالأرقام،فالمسألة أخطر وأكبر من كمية الأموال المدفوعة في شكل رشاوى وعمولات سمسرة؛لأن ما ينتج من ممارسات الفساد والإفساد هو ذلك الخلل الكبير الذي يصيب أخلاقيات العمل وقيم المجتمع،بالإضافة إلى سيادة حالة ذهنية لدى الأفراد والجماعات تبرر الفساد وتجد له من الذرائع ما يبرر استمراره واتساع نطاق مفعوله في الحياة اليومية،إذ نجد أن الرشوة والعمولة والسمسرة أخدت تشكل تدريجياً مقومات نظام الحوافز الجديد الذي لا يجاريه نظام آخر،وهو ما يُسمّى ب(الفساد المنتج)،وتدريجياً أصبحت الدخول الخفية الناجمة عن الإفساد والفساد هي الدخول الأساسية التي تفوق قيمتها- أحياناً- الدخول الفعلية الناتجة عن العمل،الأمر الذي يجعل الفرد يفقد الثقة في أهمية العمل الأصلي وقيمته، وبالتالي يتقبل نفسياً فكرة التفريط التدريجي في معايير أداء الواجب الوظيفي والمهني والرقابي،وإذا ما تأكد للمواطن العادي المرة تلو المرة أن القانون في سبات عميق وأن الجزاءات واللوائح لا تطبق ضد المخالفات الصريحة والصارخة لأمن المجتمع الاقتصادي والاجتماعي، فستكون النتيجة حتماً هي فقدان الثقة في هيبة القانون وسلطانه من المجتمع، وتصبح مخالفة القانون هي الأصل واحترامه هو الاستثناء[9]. 

مؤشرات الفساد:

  إن انتشار ظاهرة الفساد تعكس ضعف المنظومة الاقتصادية والسياسية والقانونية للدولة وللتمييز بين الممارسات الفاسدة وغير الفاسدة فإن الفيصل في ذلك(الشفافية والمحاسبة)،ورغم محاولة إخفائه إلا أن مؤشراته تظل واضحة المعالم،تنتشر وتتفشى داخل المجتمع،يتجسد ظهوره بصيغ وهيئات مختلفة تتمثل في:

1 شيوع ظاهرة الغنى الفاحش والمفاجئ في المجتمع.

2 شيوع ظاهرة الرشوة لدرجة تصل فيها من جملة المستمسكات المطلوبة في أية معاملة.

3 المحسوبية والولاء لذوي القربى في شَغلِ الوظائف والمناصب بدلاً من الجدارة والكفاءة والمهارة والمهنية والنزاهة[10]. 

4 غياب مبدأ تكافؤ الفرص في شغل الوظائف.

5 ضعف الرقابة(( أجهزة وأداءً ودوراً))أو ظهورها بشكل شكلي مع إهمال نتائجها.

6 الاستغلال السيئ للوظيفة لتحقيق مصالح ذاتية على حساب المصالح الموضوعية.

7 الخروج المقصود عن القواعد والنظم العامة لتحقيق منافع خاصة.

8 بيع الممتلكات العامة لتحقيق منافع ومكاسب خاصة.

9 انعدام الشراكة بين المواطنين والدولة وفق آلية المواطنة والديمقراطية الأمر الذي يجعل سياسة الدولة غير ممثلة لأمال وتطلعات الشعب وهذا يؤدي إلى خَلقِ نوعٍ من عدم الارتياح لدى المواطنين.

10 انتشار ظاهرة الابتزاز التي يقوم بها كبار المسؤولين ممثلة بالتعقيدات الإجرائية والروتين الذي يؤدي إلى هروب رؤوس الأموال من البلد[11]. 

   ويعد ارتفاع مؤشر الفساد في أي مجتمع دالة على تدني الرقابة الحكومية،وضعف القانون، وغياب التشريعات،وقد ينشط الفساد نتيجة لغياب المعايير والأسس التنظيمية والقانونية وتطبيقها، وسيادة مبدأ الفردية بما يؤدي إلى استغلال الوظيفة العامة وموارد الدولة من أجل تحقيق مصالح فردية أو مجموعاتية على حساب الدور الأساسي للجهاز الحكومي بما يلغي مبدأ العدالة،وتكافؤ الفرص،والجدارة،والكفاءة، والنزاهة،في شغل الوظائف العامة.

الفساد في ليبيا خلال العقود الماضية:

   لم تكن ليبيا استثناءً عن تلك الدول التي لحقها الفساد، بل كانت له جذور تاريخية امتدت إلى العهد الملكي،غير أن الفساد في ذلك الوقت كان مختلفاً عن الفترة التي تلته،وهنا تجدر الإشارة إلي توضيح مظاهر الفساد في فترتي الحكم بليبيا(فترة الحكم الملكي وحكم القدافي)؛ففي العهد الملكي لم تتضح معالمه إلا في أواخر فترة الحكم وكانت الأسباب الأساسية لانتشار الفساد في تلك الفترة ضعف الملك واعتلال صحته،فلم يكن قادراً علي النهوض بأعباء الحكم بالبلاد وكان يشعر بثقل المسؤولية المُلقاه على عاتقه،وفي هذه الفترة استطاعت مجموعة فاسدة الإحاطة بالملك مستغلة ارتخاء قبضته على النظام ووهن عزيمته،فأفسدت وكانت بطانة سوء وحاشية فساد[12].

   والملاحظ أنه في فترة الحكم الملكي لم يكن الفساد أساسه "رأس النظام"بل هو"استغلال لضعف الملك وعدم قدرته على متابعة ومحاربة الفساد"،والدليل على ذلك أنه لم يكن يسمح لنفسه بالتمتع بمزايا الحكم والسلطان،فكان متقشفاً في معيشته،وعند انتقاله إلى الإقامة في مصر بعد قيام الانقلاب اضطر الرئيس(جمال عبد الناصر)إلى دفع المال للملك وأسرته ليكفيهم ذلّ السؤال إضافة إلى مساعدات أخرى قدّمها أهل الخير والوفاء من الليبيين[13]،بالإضافة إلى أنه لم يستسلم للفساد أثناء حكمه،فقد حاول مرات عديدة وقف سيله، ولعل أشهرها الإنذار الشهير الذي وجهه في 13 يوليو1960إلى جميع مسؤولي الدولة تحت عنوان((لقد بلغ السيل الزبى))والذي جاء فيه (إلى رئيس الحكومة الاتحادية والوزراء والوكلاء وكل مسؤول بها وإلى والي طرابلس ووالي برقة ووالي فزان ونظارهن ومديريهن ومتصرفيهن وكل مسؤول فيهن إنه قد بلغ السيل الزبى وما يصم الآذان من سوء سيرة المسؤولين في الدولة من أخد الرشوة،سراً وعلانية،والمحسوبية القاضيتان على كيان الدولة،وحسن سمعتها في الداخل والخارج مع تبذير أموالها ... وأَختَتم بـ وإنني بنعمة الله وقدرته سوف أُغيِّر بيدي إن شاء الله ما استطعت ولن تأخذني في الله لومة لائم والسلام)[14].

   أما في فترة حكم القدافي فقد اتضحت ملامح الفساد فيها منذ الأيام الأولي حيث أسرع مجلس قيادة الثورة الذي يترأسه القدافي ورفاقه بجمع وغنم ما جمع من مصادرات ووزعها على شركات أنشأها وجعلها في منظومة أسماها(مؤسسة القطاع العام)والتي تعود ملكيتها للنظام الانقلابي،وأوكل إدارة شركة القطاع العام إلى زُمرة من أعوانه،اختارهم من المخلصين له دون مراعاة للمتطلبات الإدارية من خبرة وعلم وأمانة وحرص على المال العام فأصبحت لها صلاحيات مالية عظيمة دون خبرة في الإدارة ودون علم بضوابط التعامل،تسيطر عليهم رغبة ملحة للنهب والسلب والتمتع بما نهبوا بشكلٍ علني ودون حياء،هذا بالإضافة إلى سياسة القمع والتخويف والترهيب التي انتهجها منذ استلامه الحكم.

  وعلى مدى العقود الماضية لم يترك الشعب الليبي وسيلة من وسائل المقاومة للتخلص من هذا النظام مظاهرات،اعتصامات،تمرد مسلح،محاولات اغتيال،ومحاولات انقلاب،ولكنها جميعاً لم تؤدي إلى النتيجة المرجوة،وما كان بيد الشعب مع تلك السياسة الدكتاتورية القمعية إلا الوقوف بمواقف سلبية من سياسات النظام وعدم التفاعل أو التجاوب معه،وبتناول الفساد بالتحليل والنقد على المواقع الالكترونية الوطنية في الخارج منذ عام2002 كان له الأثر الأكبر في وضع الفساد على رأس أجندة كل المهتمين بالشأن الليبي بالإضافة إلى الدور الذي لعبته الشبكة العنكبوتيه التي كانت منبراً لأجيال من الشباب العربي، فالانترنت وَفَّر لهم وسيلة اتصال وتواصل استطاعوا من خلالها معرفة العديد من الحقائق خاصةً ما يتعلق بالفساد،بعيداً عن نظر الحكومات ورقابتها.

   ولعل الانتفاضات الشعبية-التي كانت شعلة الثورات العربية-خير دليل لتأثير الانترنت في وعى الشباب العربي وتحفيزهم للمطالبة بحقوقهم المهضومة،فالغليان الشعبي والحراك الاجتماعي نابع من جملة من الدوافع كتآكل الشرعية لذي القادة السياسيين بشكل عام،والفساد السائد بكامل أشكاله الإداري والسياسي والمالي والأخلاقي،وإقصاء الجماهير من المشاركة السياسية الحقة، واحتكار دوائر صنع القرار في يد أقلية محدودة،وعدم احترام حقوق الإنسان، كل ذلك دفع بأبناء الشعب إلى الخروج للشوارع مطالبين بالتغيير،ولم يعد الأمر يقبل وعوداً ولا إصلاحات تجميلية تنتهي بإجراءات فوقية،فالاهتزاز الواضح في الثقة بين الحاكم والمحكوم جعل الحراك الاجتماعي يدفع بالخروج للشوارع والاعتصام حتى رحيل الحاكم ومن معه في قمة الهرم السلطوي[15] . 

   ونتيجة لهذا بدأت الانطلاقة الأولى لثورة(17فبراير)حيث أنشأ أحد النشطاء والمتخصص في مجال المعلوماتية صفحة على موقع الفيس بوك الاجتماعي،يدعو إلى انطلاق ثورة في كافة أنحاء ليبيا يوم(17 فبراير)في ذكرى أحداث مدينة بنغازي عام 2006[16]،وللتخلص من الفقر والتعبير عن حقوق الشعب المشروعة،وسرعان ما بدأت صفحته في الانتشار يدعو إلى انتفاضة في البلاد،غير أن هذه الحركة قوبلت بالرفض والقمع قبل اندلاعها خوفاً من حدوث أي حراك مشابه لما حدث بتونس ومصر،وبالفعل خرج الليبيون مطالبين بحقوقهم فاندلعت الثورة قبل اليوم المحدد،إذ خرجت مظاهرة في مدينة بنغازي يوم 15 فبراير ضمت أهالي شهداء سجن(أبوسليم) احتجاجاً على اعتقال محامي هذه العائلات،أمام مديرية الأمن بالمدينة وسرعان ما جاءت مجموعة يهتفون تأييداً للقذافي هاجمت المحتجين وانتهت بوصول قوات الأمن وإصابة(38)جريحاً واعتقال العديد منهم،هذه كانت أولى خطوات القمع العلنية تلاها الهجوم المسلح من قبل قوات النظام[17].

  وبذلك اكتسبت الثورة الليبية خصوصيتها التي ميزتها عن غيرها من الثورات العربية،فقد خاض الشعب الليبي حرباً كلفته آلاف الشهداء والجرحى والمفقودين ناهيك عن الخراب والدمار الذي حل بمعظم أرجاء البلاد،فبعد أن كانت انتفاضة سلمية تهدف إلى المطالبة بحقوق مشروعة، وبمحاربة الفساد الذي عمَ البلاد،قاومتها كتائب القذافي ومرتزقته بالأسلحة الثقيلة فتحولت الانتفاضة من سلميه إلى مسلحة وهو ما أعطاها شرعية تحرير البلاد بالسلاح.

   وبدايات الفساد في ليبيا-أثناء حكم القدافي-كان لنفس الأسباب السياسية والاقتصادية والاجتماعية لكل المجتمعات التي عاشت تحت وطأة الاستبداد والديكتاتورية؛غير أن التطور السلبي الذي شهدته ليبيا منذ سبتمبر1969م والسرعة التي تدهورت بها الأمور،يعود في الأساس إلى عدم وجود نظام أصلا أي أن الفوضى السياسية والاقتصادية والتعليمية كانت من أكبر العوامل التي أدت إلى وجود وانتشار الفوضى الإدارية،ولم يكن هناك نظام عام في السياسة والإدارة والاجتماع والاقتصاد حتى يتم الرجوع إليه والاستفادة منه لتصحيح بدايات الفساد في ليبيا،فما حدث هو انهيار للنظام وغياب كامل لدولة المؤسسات الدستورية والاقتصادية.

   والمشكلة الأساسية في ليبيا هي عدم وجود مساءلة بين الحاكم والمحكومين،بالإضافة إلى غياب أي آلية لنقد ومراجعة القواعد والأنظمة القانونية والقوانين التي يتم إصدارها وفرضها على المواطن،خاصة تلك التي يكون مصدرها توجيهات القذافي وهي الكلمات والجمل التي يتفوه بها وتصدر بما يعرف ب(توجيهات العقيد)،ويتم طرحها على ما يسمى بالمؤتمرات الشعبية الأساسية وعلى مؤتمر الشعب العام ليتم إقرارها بشكل مسرحي هزيل فتصبح قوانين وتشريعات مكتوبة بلغة القانونيين، يعاقب القانون من يخالفها من المواطنين العاديين[18].

   وبإعطاء الأولوية المطلقة للترتيبات والرغبات الإدارية التي يرتجلها القذافي والتي يتم فرضها على الإدارة الليبية من منطلق أن توجيهات القذافي ملزمة،لم تعد هناك أولويات إستراتيجية تخدم الدولة بل انحسرت تلك الأولويات في رغبات وأهواء شخص القذافي،بالرغم من تعارض أغلبها مع ابسط قواعد الحكم الرشيد المتعارف عليها في أنحاء العالم خاصة في الدول المتحضرة.

   ونظراً لسياسة القمع والتخويف التي انتهجها القذافي((حيث اختار القدافي أسلوب العنف والمواجهة مع جميع المعارضين له في الداخل والخارج، أفراداً كانوا أو دولاً))[19]،أصبح من المستحيل اعتراض تنفيذ هذه التوجيهات أو حتى مجرد مناقشتها وفي المقابل عمل على التفنن في اقتراح أنظمة رقابية صارمة تدخلت في كافة جوانب حياة المواطنين لا سيما في مجال حرية الرأي والتعبير الأمر الذي أدى إلى تدنى درجة الحرية السياسية وانعدامها بالنسبة للمعارضة السياسية الليبية التي لجأت للخارج،في حين اقتصرت على فئات متنفذة في النظام والدولة وهي نفس الفئات التي ساهمت بشكل كبير في تفشى ظاهرة الفساد بمختلف أنواعه وأشكاله،بالإضافة إلى غياب حرية تشكيل النقابات والتجمعات السياسية والاجتماعية والثقافية غير مبالياً بمواثيق حقوق الإنسان والعهود والاتفاقيات الدولية بهذا الخصوص وقد سعى فضلاً عن ذلك إلى وضع قوانين وتعليمات رقابية فرضت على المواطنين تتعلق بالنشاط الاقتصادي والاجتماعي من خلال أطراً محددة وضيقة للحياة.

   إن طبيعة النظام السياسي في ليبيا والذي أشتهر ظاهرياً بالنظام الديمقراطي،كانت له تقاسيم خفية تخدم القذافي وتحافظ على إدامة نظامه وحكمه،وبمعرفة هذه التقسيمات السياسية والحكومية يتسنى لنا معرفة وفهم ملامح الفساد السياسي في ليبيا والوقوف على أبرز مظاهره،((فمصطلح القيادات السياسية في ليبيا أصابه شيء من الغموض بهدف التمويه؛لأن القذافي وهو الحاكم المطلق في ليبيا ينفي عن نفسه صفة الحاكم السياسي،وكذلك عن أبنائه وبعض المقربين منه، بل أن المسؤولين في الدولة من وزراء وكبار الموظفين ومدراء المؤسسات الحكومية يتحولون إلى مجرد خدم له))[20]،مع نفى الصبغة السياسية الرسمية عنهم،وقد كان بعض الأبناء يتعمدون إهانة بعض المسؤولين والتطاول عليهم أمام الناس،وأحيانا تحدث مشادات بينهم تنتهي برضوخ المسؤولين،فالأبناء يعتقدون أن المسؤولين موظفون عندهم[21]،ولم يكن هناك وجود للتسميات المتعارف عليها في أي دولة كرئيس الوزراء أو الوزراء،ولم يكن هناك وجود لبعض التقسيمات الدقيقة فقد يكلف شخص واحد لأكثر من منصب،والقيادات السياسية في ليبيا تضم كل من يكلف بأي مسؤولية سياسية أو تشريعية أو أمنية أو عسكرية أو إدارية. 

  إن غياب الرقابة الشعبية بسبب الأنظمة الدكتاتورية هو السبب في تفشى الفساد الإداري والمالي حيث لم تترك هذه الأنظمة للرقابة الشعبية المتمثلة بوسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني وعموم المواطنين سوى هامش بسيط وضيق يقع تحت رقابتها لتقوم بأداء واجب الرقابة تحت شروط قمعية،والفساد السياسي عموماً وما يتبعه من فساد إداري ومالي واقتصادي يعود جذوره أساسا إلى إعلان الثورة الإدارية التي تضمنها خطاب زوارة سنة 1973،ما جاء بهذا الخطاب كان بمثابة قوانين ملزمة شكلت نقطة هامة في تخلخل الإدارة الليبية حيث جعلتها تمر بسلسلة من التقلبات التي أدت إلى عدم الاستقرار والثبات على صورة واحدة من منطلق((أن الاستقرار الإداري يعنى البيروقراطية وأن البيروقراطية شيء معيب يجب القضاء عليه))[22]،وبذلك تعرض الجهاز الإداري للكثير من التقلبات غير المدروسة وغير المبررة على أسس موضوعية تراعي مصلحة الجهاز الإداري؛فمنذ عام(1977) وحتى(1993)شهدت ليبيا العديد من التغيرات فى الهيكل التنظيمي والمتمثل في تغيير البلديات والفروع البلدية والمؤتمرات الشعبية الأساسية الذي كان له الأثر الواضح على هيكلية وأداء الجهاز الإداري التنفيذي، وعند دراسة كل الامانات نلاحظ عدم الاستقرار والتغيير المستمر فيها، فعلى سبيل المثال امانة الاقتصاد، حيث يبين الجدول رقم(1) مدى تأثر حجم اللجان الشعبية للأمانات المتصلة اتصالاً مباشراً بالقطاع الاقتصادي،وما يصاحبها من تغيرات إدارية وإعادة توزيع للحدود والاختصاصات الإدارية والتنفيذية[23].

جدول رقم (1)
التغيرات الهيكلية للبلديات واللجان الشعبية النوعية للقطاع الاقتصادي
1979 - 1998
السنة
التغيرات
1979
1980
1986
1990
1992
1993
1994
1995
1998
عدد البلديات
46
25
13
7
-
-
-
13 منطقة
27 شعبية
عدد الفروع البلدية
174
173
53
40
-
-
-
-
-
عدد
أعضاء اللجان الشعبية النوعية       للقطاع الاقتصادي
46 الاقتصاد
25 الاقتصاد
13 الاقتصاد
7 تخطيط الاقتصاد
1500 التخطيط
والتجارة والمالية
370 التخطيط
والتجارة والمالية
370 الاقتصاد والتجارة
336 التخطيط والاقتصاد والتجارة
351 التخطيط
46 الخزانة
25 الخزانة
13 الخزانة
7 الخزانة


370 التخطيط والمالية
336 المالية
351 الاقتصاد والتجارة
46 التخطيط
25 التخطيط
13 التخطيط





351
المالية
   
كما شهدت تركيبة اللجنة الشعبية العامة(عدد الأمانات النوعية) العديد من التغيرات،حيث تغير حجم اللجنة الشعبية العامة عدة مرات خلال نفس الفترة من(26)أمانة كحد أقصى إلى(11)أمانة.

                                                جدول رقم(2)
التغيرات في أمانات القطاع الاقتصادي
1977- 1998
السنة
الأمانات
العدد
1977- 1978
أمانة التجارة- أمانة الخزانة-أمانة التخطيط
3
1979-1981
أمانة الاقتصاد- أمانة الخزانة أمانة التخطيط
3
1982  1984
أمانة الاقتصاد والصناعات الخفيفة  أمانة الخزانة  أمانة التخطيط
3
1985
أمانة التخطيط والاقتصاد - أمانة الخزانة
2
1986 1989
أمانة الاقتصاد والتجارة – أمانة التخطيط -أمانة الخزانة
3
1990 -1991
أمانة تخطيط الاقتصاد- أمانة الخزانة
2
1992  1993
أمانة التخطيط والتجارة والمالية
1
1994
أمانة التخطيط والمالية - أمانة الاقتصاد والتجارة
2
1995
أمانة المالية  أمانة التخطيط والاقتصاد والتجارة
2
1998
أمانة المالية - أمانة التخطيط - أمانة الاقتصاد والتجارة
3

الخاتمة:

  مما تقدم ذكره يمكن القول إن الفساد بشكل عام يعد ظاهر عامة ذات أبعاد اجتماعية وثقافية واقتصادية وسياسية و حضارية؛كما أنها ليست مجموعة من الممارسات المعزولة عن مسبباتها وعن الخصائص الفردية والظروف الاجتماعية لمرتكبيها وكذلك الظروف البيئية المحلية والدولية، ومن خلال هذه الدراسة تبين أن النظم السياسية هي أكثر العوامل التي تساهم في انتشار الفساد في كافة الدول خاصة تلك الأنظمة التي تتميز بالحكم المنفرد المنفصل عن بقية مكونات المجتمع المدني أو تفتقر لوجودها،والتي يغلب عليها الطابع الدكتاتوري والاستبدادي وتمنع حرية الرأي والمساءلة وتفعيل الرقابة،ففي الأنظمة الديمقراطية فضائح الفساد تكشفها الصحافة الحرة والأجهزة الرقابية وقد يؤدي ذلك إلى إسقاط حكومات أوإقالة زعماء سياسيين متورطين؛أما في الأنظمة الدكتاتورية-والتي كانت ليبيا نموذجا لها-فإن الفساد فيها رغم عمق جذوره في أجهزة النظام ومؤسسات الدولة ورغم اعتراف القذافي به رسمياً،إلا أنه لم تحدث أي عقوبة أو ردة فعل كإقالة أو استقالة وزير أو تقديم مسؤول للقضاء،وهذا ما يؤكد لنا أن القيادات السياسية -بما فيها رأس النظام- متورطة في الفساد وراعية له،و بالتالي فإن الفساد- في هذه الحالة- يكون ضرورياً لإبقاء الوضع في حالة سيطرة كاملة أي أنه كان أداة من أدوات السيطرة على الأمور وهذا ما جعل المساءلة في الحالة الليبية في غاية التعقيد،فأجهزة الأمن بدلاً من أن تكون راعية وداعمة لثقافة الرقابة والمساءلة العامة لأجهزة الدولة بهدف محاربة الفساد بكل أنواعه تحولت إلى راعية له،وأن المهارات التي أثقنها ضباط الأمن بليبيا اقتصرت على مهارات التجسس الرخيص والإيقاع بكل من يفكر في الحرية والديمقراطية والتخلص من جحيم الاستبداد،أما مهارات حماية أمن المواطن والوطن والحفاظ على ثروته لم تكن من أولويات برامج تدريب وتأهيل الذين ينخرطون في الأجهزة الأمنية .

  وللحد من ظاهرة الفساد عموماً قياساً على ما تمّ ملاحظته بالتجربة الليبية فإن الباحث يوصى بالآتي:
- إجراء تغييرات سياسية جذرية تتركز حول إصلاح مؤسسات الحكم وتبني أساليب الحكم المؤسسي الحديث بدلاً من الحكم الفردي الذي أوصل البلاد إلى هذه الحالة،مما يعني إقحام القيادات السياسية في ليبيا للديمقراطية الحقيقية كآلية للعمل السياسي الحر.

- تفعيل دور القانون وأجهزة الرقابة في كشف ممارسات الفساد الإداري وملاحقة مرتكبيها وتقديمهم للقضاء إحقاقا لمبدأ العدالة وسيادة القانون وعدم التهاون في تطبيق القوانين والتشريعات المتعلقة بإصلاح الجهاز الإداري والوظيفة العامة.

- إنشاء نظام رقابي فعال مستقل لتنفيذ جملة إجراءات إدارية ورقابية قانونية فعالة،وتفعيل مؤسسات الإعلام الاستقصائي لما له من أثر كبير في الكشف عن عمليات الفساد وأيضاً تفعيل دور منظمات المجتمع المدني للمساهمة في الحد من الفساد بأشكاله المختلفة.

- الإقرار عن ممتلكات جميع المسؤولين دون استثناء بكل شفافية وبشكل دوري حتى يتم الكشف عن حالات الثراء السريع وتفضح المتورطين في ممارسة الفساد.

- تشكيل لجنة عليا مستقلة لمكافحة الفساد من خلال الصلاحيات التي تمنح لها وكذلك الاختيار الصحيح لأعضاء اللجنة بحيث يكون لها استقلال وتقوم بتقديم تقاريرها إلى أعلى سلطة وبشكل مباشر.

- تبني وتطبيق خطط وبرامج علمية وعملية للإصلاح الإداري والتطوير التنظيمي ضمن إستراتيجية متكاملة تستهدف إصلاح ما فسد في علاقات الوظيفة العامة والجهاز الإداري والقطاع العام عموماً وكذلك في علاقات الموظفين العموميين بغيرهم من المواطنين العاديين على أن تلقى هذه الإستراتيجية القبول والدعم والمساندة من قبل الأوساط المختلفة في المجتمع.

- إصلاح و تطوير أجهزة و دوائر الوظيفة العامة و إداراتها المختلفة من خلال إعادة هيكليتها على نحو يمكنها من تقييم أوضاعها وتقويم انحرافاتها وهذا يتطلب تطوير الهياكل والبنى التنظيمية والإدارية ونظم الإجراءات وطرق وأساليب العمل بما يقضي على مظاهر الجمود والتعقيد والمظاهر السلبية للبيروقراطية ويحسن أداء الأجهزة والإدارات العامة ويمنع الموظف العام من استغلال حالات الجمود والتعقيد والبيروقراطية في ابتزاز ومساومة المواطنين عند تقديم الخدمات العامة إليهم مقابل انتفاعه بشكل شخصي غير مشروع.

- لابد من وضع القواعد والضوابط اللازمة لمنع التداخل بين الوظيفة العامة وممارسة النشاط التجاري والمالي لمنع اختلاط المال العام والمال الخاص وهذا يقتضي إعادة النظر في اللوائح المالية والإدارية وتشديد القيود والضوابط.

- اعتماد مبدأ الكفاءة والجدارة في تولي الوظائف العامة والمناصب والمراكز الوظيفية المختلفة دون تمييز أي وضع الشخص المناسب في المكان المناسب من خلال العدالة في إتاحة الفرص أمام المتقدمين لشغل الوظائف العامة وهذا من شأنه أن يحد من وصول الأشخاص الغير أكفاء إلى الوظائف العامة أيضاً تفعيل تطبيقه سينهي الوساطة والمحاباة وبذلك لن يصل إلى تلك الوظائف من لا يتوفر فيهم الحد الأدنى من المواصفات والخصائص الواجب توافرها في الموظف العام لشغل تلك الوظائف.

- الرفع من مستوى دخل الموظف العام إذ لا يمكن أن تتم محاربة الفساد في ظل قانون (15) ولا يمكن تفادي أحد العوامل التي أدت بالعديد من الموظفين إلى ارتكاب درجات من الفساد فالحرمان يعد المورد المغذي للفساد الإداري والمالي.

- تبني خيار الحكومة الالكترونية لما له من إيجابيات خاصة في مجال المرافق العامة وماتقدمه من خدمات الأمر الذي يجعل التحول إليه من الضروريات وذلك لسرعة إنجازه وتخفيض التكاليف وتبسيط الإجراءات فضلاً عن تحقيق الشفافية في الإدارة ومكافحة الجرائم الوظيفية والفساد الإداري.

- ينبغي أن تعطيى كل الفرص الممكنة للمواطنين للتعبير عن معاناتهم من الفساد الإداري وإبداء آرائهم حول الطرق التي يمكن أن تساهم في الحد منه شررط أن يشعر المواطن أن شكاويه وتظلمه يتم التعامل معها بجدية وبكفاءة و فاعلية.

- خلق رأي عام يرفض الفساد دينياً وأخلاقيا؛لآثاره السلبية في التنمية الاقتصادية الشاملة أي تثقيف المجتمع بنشر مبادئ تقوم على ثقافة نبذ الهذر وتقدير الأمانة والمسؤولية والاستخدام الرشيد للثروة الاقتصادية وتحويل الولاء بصورة تدريجية من العائلة والقبيلة إلى الأمة والدولة.

  يظل الفساد بأشكاله المختلفة السياسية والإدارية والقانونية والاقتصادية أحد أخطر المشاكل التي تواجه عمليات التنمية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية،وأنجح السبل لمحاربة الفساد هو أن تكون هنالك خطة إستراتيجية شاملة لإعادة الديمقراطية الحقيقية وإنهاء الدكتاتورية في كل المجتمعات، فكما أن الفساد السياسي هو المسبب الأول للفساد الإداري والمالي،فإن الإصلاح السياسي سيكون الخطوة الأولى والأقوى للبدء في الإصلاح الإداري والمالي وهو القاضي على كل أنواع الفساد.

  وبذلك تظل مواجهته أحد أهم مهام الدولة حتى لا يستشرى ويتحول إلى ثقافة راسخة تعمل على تقويض كيان الدولة،وتمزيق النسيج الاجتماعي للمجتمع،ولن يتأتى ذلك إلا عبر وضوح إدارة التغيير،وشمولية رؤية الإصلاح،وتعزيز القدرات المؤسسية للدولة،وشفافية السياسات والإجراءات وعدالتها.

المراجع

[1]-محمود عبد الفضيل،الفساد وتداعياته في الوطن العربي،مجلة المستقبل العربي،العدد243، 1999،ص6.

[2]-الطاهر محمد الهميلي،الفساد الإداري وأسبابه،آثاره وسبل علاجه،مجلة آفاق،العدد الثالث، طرابلس،2010،ص32.

[3]-سمير عبود،صباح نوري،الفساد المالي والاداري في العراق،مظاهره وأسبابه،الرصافة،معهد الادارة،2008،شبكة المعلومات الدولية،13/7/2009.

[4]-ماريوامانويل،ظاهرة الفساد الإداري والسياسي في دول العالم الثالث،شبكة المعلومات الدولية، 3.15 .2012.

[5]-إبراهيم الغناي،مفهوم الفساد الإداري والموظف العام،شبكة المعلومات الدولية، 2011.7.30.

[6]-عماد صلاح عبد الرازق داود،الفساد والإصلاح،منشورات اتحاد الكتاب العرب،دمشق،2003، ص33.

[7]- إبراهيم الغناي،مرجع سابق.

[8]- سالم سليمان،الفساد السياسي والأداء الإداري،العدد 3422،المحور آراء في عمل وتوجيهات مؤسسة الحوار المتمدن،7. 10. 2011.

[9]-نفس المرجع السابق،نفس الصفحة.

[10]- سالم سليمان،مرجع سابق.

[11]-محمد موسي شاطئ،الفساد السياسي،الحوار المتمدن،العدد1939،شبكة المعلومات الدولية،7. 6. 2007.

[12]-مصطفي أحمد بن حليم،ليبيا انبعاث أمة وسقوط دولة،منشورات الجمل،كولونيا، ألمانيا،2003،ص388.

[13]- المرجع نفسه،ص387.

[14]- المرجع نفسه،ص389.

[15]-عبدالسلام الزغبي،القيادة السياسية والإدارة في أوقات الأزمات،الحوار المتمدن،العدد 3461،شبكة المعلومات الدولية،تاريخ الدخول5. 3. 2012.

[16]-فتحي اميمة،التضليل الإعلامي في الإعلام الرسمي دراسة الحالة الليبية أثناء ثورة17 فبراير،بحث منشور بملتقى الفجيرة الإعلامي الثالث 17-18 ابريل 2012،ص15.

[17]- فتحي اميمة،المرجع السابق،ص16.

[18]- فريق الشفافية ليبيا،7. 2009.4 الفساد السياسي في الجماهيرية أبو الفساد المالي والإداري ،ص3

[19]-عبد الرحمن شلقم،أشخاص حول القدافي،ط2،دار الفرجاني للنشر والتوزيع،طرابلس، فبراير2012،ص498

[20] _ فريق الشفافية ليبيا،7. 2009.4 مرجع سابق،ص10.

[21] - عبد الرحمن شلقم،مرجع سابق،ص57.

[22] - المرجع نفسه ص9.

[23] زاهي المغيربي،أثر الاستقرار الإداري علي كفاءة أداء السياسات الاقتصادية في ليبيا،شبكة المعلومات الدولية.

[24] المرجع نفسه.

[25] - فريق الشفافية في ليبيا،الثورة الإدارية،مرجع سابق،ص13،14.

[26]-عبد الرزاق الداهش،من البوعزيزي إلي باب العزيزية،طرابلس،القبس للخدمات الإعلامية،2012،ص190.

[27]-مصطفى احمد بن حليم،مرجع سابق، ص422. 

[28]_ منتدى البحوث العلمية والأدبية،الفساد الإداري،شبكة المعلومات الدولية،29/12/2010م.

[29]_ فريق الشفافية في ليبيا،الثورة الإدارية مرجع سابق،ص17.

[30]- عبد الرحمن شلقم،مرجع سابق، ص59.

[31]_ فتحي اميمة،نظام الحكم في ليبيا1951-2011 وأثره علي المواطنة،بحث منشور بالملتقى الدولي،جامعة مولودي معمري تيزي وزو،الجزائر،2012. 

[32]_ مصطفي بن حليم،صفحات مطوية من تاريخ ليبيا المعاصر،ط5،ص346

[33] الطاهر محمد الهميلي،مرجع سابق، ص41.

[34]. فريق الشفافية ليبيا،الفساد السياسي،مرجع سابق،ص 15.

[35].فريق الشفافية في ليبيا،الثورة الإدارية مرجع سابق،ص20.

[36]-عبد الرزاق الداهش،مرجع سابق،ص46.

[37] فريق الشفافية ليبيا،الفساد السياسي ،مرجع سابق،ص17.

[38] عبد الرزاق الداهش،مرجع سابق،ص 187،188.

[39] الطاهر محمد الهميلي،مرجع سابق،ص37.

[40] فريق الشفافية ليبيا،الفساد السياسي مرجع سابق،ص 18.

[41] عامر عبدالله الشهواني،هل الابتزاز مشكلة أم ظاهرة،الوطن أون لاين،شبكة المعلومات الدولية،10.21. 2011. 

[42]- عبد الرحمن شلقم،أشخاص حول القدافي،مرجع سابق،ص55.

كامل البحث 




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق