الصفحات

الاثنين، 5 سبتمبر 2016

مجلة نيتشر الطبعة العربية عدد (40) يناير 1-1- 2016 - حول قمة باريس للتغيرات المناخية ...

مجلة نيتشر الطبعة العربية عدد (40) يناير 1-1- 2016 

حول قمة باريس للتغيرات المناخية

Nature


عن الغلاف

تحمل قمة المناخ المُقامة في باريس من 30 نوفمبر حتى 11 ديسمبر آمالًا كبيرة، يتطلع إليها الكثيرون، حيث من المنتظر أن تعلن الدول الحاضرة ـ وعددها 190 دولة ـ عن خطوات جادة يمكنها أن تقلل من تسارع وتيرة تغير المناخ، لكن التاريخ ـ كما يوضح الإصدار الخاص من دورية Nature ـ يعطينا درسًا أقل تفاؤلًا، ومفاده أن جميع محاولات وضع استراتيجية عالمية للتعامل مع تغير المناخ لم تشهد نجاحًا ملحوظًا.الغلاف : David Parkins
كشاف المحتويات :

مؤتمر المناخ المستقبل يبدأ من باريس
رؤية كونية 

أضواء البحوث 

ثلاثون يوما 

مهن علمية 

علم الأرض 

قمة المناخ الباريسية 

اينشتاين لم يكن العبقري الوحيد 

طريق الأدغال 


المستقبل يبدأ من باريس

  كان يجب على الزعماء التعاون من أجل عقد اتفاقية قوية في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ. ويستتبع ذلك بالضرورة أن يعمل كل منهم في وطنه؛ للوفاء بالتزاماته، ولإيجاد سبل جديدة لخفض الانبعاثات. بتطبيق ما التزموا به والبحث عن طرق جديدة للحد من الانبعاثات.

Nature (2016) doi:10.1038/527409a | Download PDF | Published online 1 يناير 2016 | English article

   خَلَّفَ زعماء العالم وراءهم فوضى كبرى بعد ظهور قصير لهم في القمة العالمية قبل الأخيرة، المعنيّة بالمناخ. كانت مفاوضات كوبنهاجن لعام 2009 قد تحولت إلى مشاجرة عامة، على الرغم من الاتفاق على فكرة أساسية واحدة، ألا وهي: أن على كل الدول، سواء الغنية، أم الفقيرة منها، المضي قدمًا في تطوير حلول المناخ الخاصة بها. وقد ثبتت هذه الفكرة، وظلَّت في جوهر المفاوضات التي جرت في المؤتمر المناخي الأممي في باريس، حيث حاولت البلدان المشارِكة أن تصوغ أوّل اتفاقية دولية متكاملة معنية بالمناخ. وتقدِّم دورية Nature الدولية مجموعة من الأخبار والتعليقات (انظر: nature.com/parisclimate)؛ لمناقشة ما يتعلق بهذا المؤتمر، الذي يُرجى أن يمثل الخطوة الأكبر ـ حتى الآن ـ في اتجاه التحكم في انبعاثات الغازات الدفيئة على مستوى العالم.

   يجب ألَّا يُفسَّر هذا التفاؤل بأن الأمور كلها على ما يُرام، فلقد سُجِّل العام قبل الماضي على أنه العام الأكثر احترارًا على الإطلاق، وسار العام الماضي على خطاه، بارتفاع في درجة الحرارة، بلغ متوسِّطه ـ حسب التقديرات ـ درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية. وتُسجَّل بالفعل حاليًّا مجموعة كبيرة من الآثار المترتبة على ذلك على مستوى العالم، تشمل ذوبان الجليد، وانخفاض إنتاجية المحاصيل، وتغيُّر مسارات هجرة الحيوانات. وحتى الآن، وعلى الرغم من النقاشات اليائسة التي دارت حول هذا الموضوع على مدار ربع قرن، ما زالت انبعاثات الغازات الدفيئة مستمرة.

   نحن نعلم أن ما خلُص إليه مؤتمر باريس لن يحل الأزمة. وحتى لو واصلت البلدان العمل ونفَّذت تعهداتها بشأن بالمناخ، من المتوقع أن تستمر الانبعاثات العالمية في الارتفاع حتى عام 2030 على الأقل، ويمكن أن تصل درجات الحرارة إلى 2 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية بحلول 2032. وقد وضعت الأمم المتحدة هدفًا للحدّ من أي ارتفاع في درجات الحرارة فوق 2 درجة مئوية، ولكن حتى هذا الارتفاع لن يحمي الشعوب المُعَرَّضة للخطر من تهديدات ارتفاع المَدّ، وسوء الأحوال الجوية، وتغيُّر أنماط هطْل الأمطار.

فيض من التعهدات

   رغم ذلك.. هناك أسباب تدعونا للتفاؤل، أهمها أن الغالبية العظمى من البلدان المسؤولة عن حوالي %91 من الانبعاثات على مستوى العالم قطعت على أنفسها تعهدات مناخية، وأعلنت بلدان كثيرة ـ بما في ذلك الدول المتقدمة ـ عن التزامات للحدّ من انبعاثات الغازات الدفيئة. وعلى صعيد آخر.. تركِّز مجموعة كبيرة من الدول النامية على التنمية المستدامة، والتكيف مع الآثار المترتبة على ارتفاع درجات الحرارة. وعلى الرغم من الأموال والدعم التقني، ستستمر الانبعاثات في الزيادة في هذه البلدان، حيث تهدف الحكومات إلى انتشال شعوبها من الفقر.

   خلاصة القول هي أن تعهدات العالَم لا تكفي، لكن الجديد هو أن الحكومات تسير معًا قدمًا للمرة الأولى، حتى إن ديفيد فيكتور، وجيمس ليب يسمِّيان هذه الخطوة بالخطوة الأولى، وذلك في تعليقهما المنشور في العدد رقم 527 من دورية Nature الدولية. وعلى الرغم من رغبة بلدان عديدة في جَعْل هذه التعهدات مُلْزِمة بموجب القانون الدولي، فستبقى طوعية في الوقت الحالي على الأقل. وكثيرًا ما يُلام مجلس الشيوخ الأمريكي على بغضه للمعاهدات الدولية، ولكنْ هناك بلدان كثيرة تشعر بالقلق حيال التعهدات المُلْزِمة، عندما تضع في الاعتبار صعوبة التغيير الاقتصادي اللازم لتنفيذ هذه التعهدات. فبروتوكول كيوتو لعام 1997 اشتمل على تعهدات مُلْزِمة من معظم البلدان المتقدمة، باستثناء الولايات المتحدة ـ على نحو لافت للنظر ـ لكنْ هناك بلدان كثيرة متقدمة حصلت على حرية الاختيار، ولم يكن هناك تبعات فعلية على البلدان التي لم تلتزم بتعهداتها.

  التركيز الآن على بناء نظام "تعهُّد، ومراجعة"، يدفع البلدان إلى تحديد التزامات وطنية ذاتية، تخضع لمراجعة من الحكومات والجماعات الأخرى. وهناك أدلّة تشير إلى أن هذا النوع من "ضغط الأقران المؤسسي" يمكن أن ينجح؛ حيث قدَّمت 175 دولة حتى الآن تعهُّداتها طواعية.

  من ثم، يتم بناء زخم اقتصادي وسياسي، وتنمو الطاقة المتجددة بسرعة أكبر مما كان يتوقعه أي شخص قبل سنوات قليلة مضت. وقد توقعت "شركة بلومبرج الاستشارية لتمويل الطاقة الجديدة" Bloomberg New Energy Finance أن الطاقة المتجددة ستحصل على ثلثي مبلغ 12 تريليون دولار أمريكي، سيُستثمر في توليد الكهرباء على مدار السنوات الـ25 القادمة. فقد أحرزت البرازيل ـ على سبيل المثال ـ تقدمًا هائلًا في الحدّ من إزالة الغابات، كما التزمت مصانع زيت النخيل بالحدّ من إزالة الغابات في إندونيسيا وبلدان أخرى. واتفقت بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ـ في 18 نوفمبر الماضي ـ على الحدّ من تمويل محطات توليد الطاقة التي تعمل بالفحم. وتَدرِس المملكة المتحدة مقترحًا لإغلاق كل محطات الفحم لديها بحلول عام 2025، أما الولايات المتحدة، فقد أوشكت على التخلص من الفحم، وذلك بفضل اجتماع عامِلَيْن، هما: القوانين، والغاز الطبيعي زهيد الثمن.

«يجب على زعماء العالم التعاون من أجل تحديد الخطوات القادمة، التي يمكن انتهاجها».
لأجل ذلك كله، كان يجب على مفاوضات باريس أن تقدم إطار عمل قويًّا لبحث التعهدات المتعلقة بالمناخ، والتحقق مِن صِدْقها، حيث تحتاج الحكومات، والعلماء، ومتخصصو البيئة معلومات صحيحة مُحْكَمة عن المهام والمسؤوليات، وتوزيعها. ومن ثم، توجَّب أن تشترط الاتفاقية عملية مراجعة، مدتها خمس سنوات، حتى تتمكن الحكومات من تحديد الوسائل التي يمكن عن طريقها أن تمضي قدمًا بمزيد من الخطوات بحلول قمة المناخ التالية في عام 2020. فبمجرد أن يتجه الجميع في الاتجاه الصحيح، سيعود الأمل في أن يتوهج الإبداع البشري، ويكتشف العالَم وسائل للحدّ من الانبعاثات بسرعة أكبر.

   مع ذلك.. سيكون من العسير تقييد ارتفاع درجات الحرارة في نطاق درجتين مئويتين. وبخصوص الوقف المبكر لنسبة كبيرة من البنية التحتية للوقود الأحفوري الموجودة حاليًّا، نجد أن الطريقة الوحيدة لتحقيق ذلك هي تجاوز الهدف، وخفض تركيزات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي خلال هذا القرن. وعلى العلماء التوصُّل إلى طريقة بسيطة لسَحْب ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي؛ مما قد يمكِّننا من نشر الطاقة الحيوية على نطاقات أوسع، عن طريق احتجاز ثاني أكسيد الكربون المنبعث أثناء عملية توليد الطاقة، ومن ثم ضَخّه تحت الأرض.

  قد يأتي اليوم الذي تعي فيه الحكومات ضرورة اتخاذ التدابير لإزالة تامة للكربون، ولكن على العلماء في هذه الأثناء دراسة الحقائق الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي أمامهم، وبحث تَبِعات زيادة الانبعاثات، بما في ذلك التغيرات الكارثية المحتمَلة في النظام المناخي.

   ويجب على زعماء العالم التعاون من أجل تحديد الخطوات القادمة، التي يمكن لحكوماتهم، ومواطنيهم، ومشروعاتهم، ومستثمريهم انتهاجها. فإذا كان الإنسان يريد أن يستمر في الحياة على كوكب نراه، ونشعر به، ويعمل بالشكل الذي يعمل عليه الآن، فقد آن الأوان كي نتفق، ونبدأ العمل .



اطَّلِعْ على الأعداد الكاملة من Nature

الطبعة العربية من خلال : الأرشيف



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق