الصفحات

الاثنين، 19 سبتمبر 2016

الـمـبـيـانــات : أنواعها وأشكال توظيفها في الدرس الجغرافي ...


الـمـبـيـانــات

أنواعها وأشكال توظيفها في الدرس الجغرافي

تقديـم :

    تعتبر وحدة الإجتماعيات من المواد الدراسية التي تركز بالأساس على وسائل بيداغوجية متنوعة ومتداخلة في نفس الآن قصد تبليغ المعارف وتنمية المهارات وتفعيل التواصل بين المدرس والتلاميذ. ولعل أبرز العناصر المشكلة للدرس في إطار التربية الحديثة هي الوسائل التعليمية التي يوظفها المدرس لتوضيح الموضوع المدروس ومساعدة التلاميذ على التفكير وتنمية مجموعة من المهارات. وبذلك أصبحت الطرق التربوية الحديثة تولي عناية كبرى للجانبين التقنيوالعلمي في تدريس المادة على حساب التلقين والسرد.

  ومن هذا المنطلق أصبح تدريس مواد وحدة الاجتماعيات يتطلب مجموعة متنوعة من الوسائل التعليمية من خرائط ونصوص وصور وجداول إحصائية ومبيانات… وعلى الرغم من فوائدها التربوية الإخبارية والتكوينية ، سواء في التاريخ أو الجغرافيا أو التربية الوطنية، تبقى الجغرافيا هي أكثر المواد استعمالا للمبيانات بأنواعها المختلفة.

1. تـعـريـف المـبـيـانـات وأنــواعــهـا :

1-1: مـفـهـوم الـمــبـيــان :

تعتمد الجغرافيا – كباقي العلوم الإنسانية – في وصفها وتحليلها للظواهر البشرية والاقتصادية والطبيعية على علم الإحصاء الذي يهتم بجمع المعطيات وترتيبها وتلخيصها ثم محاولة إعطاء تفسير أو تأويل لها. فأول خطوة يقوم بها علم الإحصاء لدراسة ظاهرة من الظواهر هي تجميع أو جمع المعطيات حسب معيار محدد سلفا، وغالبا ما تكون هذه المعطيات كثيرة ومشتتة، صعبة القراءة والإستغلال. أما الخطوة الثانية فهي ترتيب أو تصنيف هذه المعطيات حسب معايير الدراسة في جداول سهلة القراءة وهي " الجداول الإحصائية ". ولتوضيحها أكثر يمكن تحويلها إلى مبيانات حتى يسهل التوصل إلى الخلاصات والإستنتاجات والتفسيرات و التنبؤ بتطور الظاهرة مستقبلا.

  لذا فالمبيان هو ترجمة مرئية للجدول الإحصائي، يمكن من إبراز خاصية أو وثيرة تطور لظاهرة ما والتي يصعب إستكشافها عن طريق الجدول فقط…

 المبيان شكل من أشكال التعبير الجغرافي، بواسطته تتحول الأرقام والنسب المائوية إلى معلومات وحقائق واضحة ومشخصة تسهل عملية الملاحظة والمقارنة والتحليل واستخلاص النتائج. 

1-2 : أنـــواع المــبــيـانــات :

  تختلف المبيانات حسب طبيعة المعطيات التي تمثلها خلال فترة زمنية معينة، فقد تكون أعدادا أو نسبا مئوية، وقد تمثل وضعية قارة أو متطورة. وتختلف تقنية التعبير البياني باختلاف أنواع المبيانات، بحيثا ينفرد كل نوع بميزات خاصة.

* المـنـحـنـيـات أو المـنـحنـى الـبيـانـي :

  يفيد هذا النموذج عادة تطور شيء معلوم خلال زمنية معينة، وتكون السنوات مثبتة على الإحداثي الأفقي ( الأفصول ) وتوضع القيم على الإحداثي العمودي ( الأراتيب ).

  ويعتبر هذا النموذج أدق وأهم أنواع المبيانات، لكونه أكثر ملاءمة لإبراز عدة معطيات مجتمعة في رسم واحد حيث يعبر كل منحنى على معطى محدد، مما يسمح بالمقارنة بين المعطيات الممثلة وما عرفته من تطور خلال نفس الفترة.

  وتجنبا للتداخل فيما بينها، و تسهيلا لعملية المقارنة، يستحسن أن لا يتعدى عدد المنحنيات أربعة على الأكثر.

  ولرسم المنحنى البياني لابد من وضع إحداثين أحدهما عمودي وآخر أفقي. وتوزع وحدات القياس في كل منهما تبعا لسلم معين، وقد يتضمن المبيان إحداثين عموديين أو أكثر بحيث يمثل كل واحد وحدة قياس معينة تتناسب وطبيعة المعطيات الممثلة، مثل: مبيان لتمثيل تطور إنتاج الكهرباء والبترول ، أو مبيان لتوزيع الحرارة والملوحة والكثافة بالمحيطات حسب خطوط العرض .

* الأعـمـدةالـبيــانـية :

وتدعى كذلك بمخطط بالأشرطة / بالأعمدة وتنقسم إلى نوعين : أفقية وعمودية.

· الأعمدة الأفقية : من أكثر أنواع المبيانات إستعمالا، نظرا لسهولة إنجازها ولكونها تسمح بمقارنة عدة معطيات غير متجانسة.

· الأعمدةالعمودية : تساعد على توضيح الظواهر المزمع مقارنتها خلال فترة زمنية معينة.

    ويتمثل هذا النوع من المبيانات في رسم عمود أو عدة أعمدة يختلف طولها حسب أهمية الظاهرة أو مجموعة الظواهر عبر السنوات. وتمثل القيم بأعمدة متباعدة أومتصلة، وارتفاع الأعمدة / الأشرطة يكون مناسبا مع القيم التي يمثلها.

  كما يمكن أن توضع هذه الأنواع من التعبير البياني على خرائط التوزيعات بحيث يوضع كل عمود في موقع على الخريطة الذي نريد تمثيل حجم الظاهرة فيه.

  وتمكن المبيانات بالأعمدة من المقارنة بين معطيات متعددة ثابثة في فترة زمنية معينة، كما تسمح بالتعبير عن تطور ظاهرة أو مجموعة من الظواهر عبر الزمن، ويتم اللجوء إلى هذا النوع من المبيانات أساسا – بدلا من المنحنى البياني- في حالة عدم توفر معطيات إحصائية عنسنوات متتالية ومتقاربة .

  ومن الشروط الواجب توفرها في إنجاز هذا النوع من المبيانات هـي :
 
- وضع مقياس عمودي يراعي عند إختياره التوفيق بين أكبر عدد / حصيص وأصغره، أي تناسب المقياس مع القيمة الكمية للمعطيات المرادتمثيلها.

- كتابة معطيات الميزة الإحصائية على محور الأفاصيل ( المحورالأفقي ).

- وضع رموز أو ألوان لملء الأشرطة / الأعمدة لجعل المبيان واضحاوسهل الملاحظة.

* الـدوائر البـيـانيـة :

  يطلق عليه كذلك المخطط القطاعي وتستعمل هذه النماذج من المبيانات لترجمة توزيع المعطيات المعبر عنها بالنسب المئوية، وهي أهم طريقة لتوضيح النسب المئوية و تبيان أجزاء متكاملة لوحدة معينة. وأنواعها هي : دائرية أو نصف دائرية عادية أو مجسمة.

  ويشترط في هذا النوع تناسب القطاعات الزاوية مع النسب المئوية، بحيث يتطلب عمليات حسابية تتمثل في تحويل النسب المائوية إلى درجات مئوية:

· في الدائرة :لحساب الزاوية نطبق القاعدة التالية : النسبة المئوية × 360° 100

· في نصف الدائرة :

نطبق القاعدة التالية: النسبة المئوية × 180° 

ومن الشروط الواجب مراعاتها عند إنجاز هذا النوع البياني هـي :

- إستعمال نصف الدائرة كأداة لحساب الدرجات على المبيان الدائري أو نصف الدائري الذي يجب أن يرسم بواسطة البيكار.

- كتابة النسب المائوية الخاصة بكل حصيص داخل ما يناسبه منقطاع زاوي.

- وضع مفتاح للمبيان لأجل توضيح مضمونه والتمييز بين معطياته.

- إختيار رموز وألوان مناسبة، كل لون أو رمز خاص بقطاع زاوي وخانته بالمفتاح.

- وضع عنوان للمبيان، وهو العنوان الوارد في المعطيات الإحصائية أو الجدول الإحصائي.

   وتجدر الإشارة إلى أن معطيات الجدول الإحصائي التي تمثل بيانيا في دائرة أو نصف دائرة، يمكن تمثيلها بيانيا داخل عمود مستطيل واحد ( عموديا أو أفقيا ) واحد يشير إلى حالة قارة، أي تابثة في الزمن ( سنة ما ). ويمكن رسم أكثرمن مستطيل واحد لمقارنة حالات تتطور معطياتها في الزمان. ولإنجاز هذا النوع من المبيانات يجب إتباع المراحل التالية :

+ نرسم المستطيل أو العمود بشكل يتناسب علوه مع 100% تمثل مجموع النسب المئوية للميزة الإحصائية.

+ نضع مقياسا للعمود على محور الأراتيب، يراعي أدنى وأعلى نسبة.

+ نسب الميزات الإحصائية المشكلة ل %100 يجب أن تتقاسم مساحة المستطيل بحيث تحمل كل ميزة إحصائية على نصيبها من المساحة المتناسبة مع النسبة، على أساس تراكم النسب كالتالي:

* نمثل داخل العمود النسبة المئوية الخاصة بالميزة الإحصائية الأولى إنطلاقا من قاعدة المستطيل.

* نضيف النسبة المئوية الثانية على نسبةمائوية متراكمة.

* وهكذا دواليك إلى أن يتم تمثيل جميع الميزات الإحصائيةعلى أن يكون مجموع نسبها في العمود هو %100.

+ نكتب داخل كل قطاع خاص بميزة إحصائية بالعمود ما يناسبه من نسبة مائوية.

+ نضع مفتاحا للمبيان لتوضيح معطياته، مع إختيار رموز أو ألوان مناسبة لكل قطاع بالمبيان وما يناسبه في خانة المفتاح.

  وإلى جانب هذه الأشكال من المبيانات والأكثر استعمالا في ممارستنا الفصلية، يمكن ذكر أنواع أخرى منها: 

×. الخطوط الانسيابية: وهي عبارة عن أسهم تختلف من حيث السمك وحجم المعطى الممثل، وتستعمل غالبا في التعبيرعن ظاهرة الهجرة، أو المبادلات التجارية وتدفق السلع، أو التراقصات اليومية بين مراكز العمل ومراكز الإقامة.

×. التعبير المبياني بواسطة المثلث المتساوي الأضلاع: ويستعمل المثلث لتمثيل الجداول التي بها ميزة إحصائية ذات معطيات ثلاثة تتكامل بينها لتشكيل نسبة %100، فالمعطيات الثلاثة تكون على شكل نسب مئوية، مثل: تمثيل القطاعات الاقتصادية الثلاث، أو فئات الأعمار الرئيسية… ولإنجاز هذا المبيان نتبع المراحل التالية: 

*- أولا، يتم رسم مثلث متساوي الأضلاع، ويقسم كل ضلع إلىدرجات من 0 إلى %100 على أساس إعتماد نفس السلم عند تقسيم الأضلاع الثلاثة. ثم ترسم شبكة الخطوط بشكل دقيق لتغطي مساحة المثلث ، وبعد ذلك يتم تسجيل الميزات الإحصائية الواردة في الجدول بجوار كل ضلع من أضلع المثلث. 

*- ثانيا، يتم تحديد نقطة البلد داخل شبكة المثلث، عند تقاطع خطوط النسب المئوية الواردة في الجدول.

  وتجدر الإشارة هنا إلى أن الهدف من أستخدام تقنية المثلث هو الإستفادة من إمكانية تصنيف الدول، لذا فاعتماد هذه التقنية رهين بوجود عدد كبير من الدول، تمثل كل واحدة منها بنقطة، مما يسمح بتصنيف الدول إلى مجموعات.

×. الدوائرالمتناسبة طرديا مع الحصيصات: ويستغل هذا النوع لأجل إبراز أوجه التطور لظاهرة ما في الزمان، في سنتين مختلفتين، مثلا: تطور عدد السكان في العالم ، أو لإبراز أوجه المقارنة في ظاهرة أو حالة ما في المكان في سنة ثابثة، مثل : حجم البضائع المارةعبر بعض الموانئ العالمية…

  وينجز هذا المبيان على شكل دوائر أو أنصاف دوائر تتناسب مساحتها طرديا مع الحصيصات. ولإنجاز ذلك يجب القيام بعملية حساب لشعاع كل دائرة إعتمادا على الحصيصات الجزئية.

2. الأهمية الديداكتيكية للمبيانات في تدريس وحدة الإجتماعيات وجاللات توظيفها:

2-1: بعض مواصفات إنجاز المبيانات :

  عند توظيف المبيانات في التدريس، ولكي تحقق الأهداف المتوخاة منها ينبغي التركيز على ما يلي:

· الدقة المتناهية في ضبط الأرقام والوحدات المزمع تمثيلها.

· الوضوح الناتج عن تبسيط الرسوم لتسهيل قراءتها.

· أن ترسم بدقة وتميز موضوعاتها بألوان وأشكال مختلفة.

· أن ترفق بعنوان قصير ودال على موضوعها.

· أن ترفق بالمصدر الذي أخذت منه الجداول الإحصائية الممثلة في الرسم.

· أن يحدد الهدف المتوخى منها وعنصر الدرس أو الفقرة الموازية لها.

· أن تعرض في الوقت والموقف التعليمي المناسبين.

· أن تستخدم في تكامل مع باقي الوسائل التعليمية الأخرى.

· أن تستعمل الأسئلة الإستقرائية الهادفة إلى تسهيل التعليم والتعلم.

· الإنتقال في قراءة المبيانات من الفكرة الرئيسية إلى التفاصيل( من الجزء إلى الكل ).

· أن يلخص المدرس بمساعدة التلاميذ الفكرة العامة للمبيان وعلاقتها [أهداف الدرس….

2 –2 : أهمـة المبيانات في التدريس :

  على الرغم من إعتماد مواد وحدة الإحتماعيات على الإحصائيات والتي تضفي عليها العلمية والدقة في دراسة مختلف الظواهر، تبقى الأرقام والنسب المئوية في حد ذاتها أحيانا غير قابلة للإستثمار والإستيعاب من قبل المتعلمين. ومن هنا تكمن أهمية المبيانات، والتي تحول الأرقام إلى معلومات وحقائق مشخصة تسهل عملية الملاحظة والمقارنة والتحليل واستخلاص النتائج، بل والتنبؤ أيضا بتطور الظاهرة مستقبلا والعمل على تقريبها إلى أذهان المتعلمين.

   وهكذا، فالمبيانات، كوسائط تعليمية، تدفع التلاميذ إلى إستخدام الفكر النقدي وتقدم لهم الحقائق والمعلومات بشكل ملموس، مما يسهل تنشيط الحوار الصفي ويقلل من الإلقاء الممل، وبالتالي فهي تساعد على العمل بالطرق التربوية الحديثة. كما تساهم في تنمية مجموعة من المهارات لدى المتعلم، من بينها: تحويل المعطيات الإحصائية والجداول إلى رسومات بيانية وتوضيح دلالتها، وقراءة المبيانات والتعليق عليها…

   و نظرا لهذه الأهمية التي تحظى بها المبيانات في التدريس، على الأستاذ تدريب تلامذته وتعويدهم على التعبير بواسطتها وإكسابهم مهارة إعدادها وتحليلها ، وحثهم على إحضار الأدوات والوسائل الضرورية للرسم ( أقلام، الورق المليميتري، الأقلام الملونة ، المسطرة، المثلث ،البيكار…).كما يجب على المدرس تدريب تلامذته على إختيار المقاييس المناسبة لتجنب تشويه الرسم، والعمل على توحيد المقاييس بين التلاميذ حتى يسهل تصحيحها…

2 – 3 : مـجـالات توظـيــف المـبـيــانــات:

  يمكن للأستاذ أن يوظف المبيان في مختلف مراحل الدرس تبعا لطبيعة موضوع الدرس والأهداف المحددة له. وعموما هناك عدة إمكانيات لتوظيفه، إذ يمكن :

- أن يتخذ كمدخل للدرس عندما يتضمن طرحا لإشكالية ما ، وهنا يكون مهما في التمهيد وإثارة إنتباه التلاميذ.

- ويمكن أن يغطي المبيان فقرة أوعدة فقرات من الدرس، ويوظف حينئذ لاستخراج أهم الأفكار، وهنا يكون وسيلة تعليمية رئيسية في الدرس.

- أن يستعمل كوسيلة للتعزيز والإستشهاد والتوضيح لدعم وتثبيث الأفكار التي تم شرحها.

- أن يوظف في العملية التقويمية، لمراقبة معارف التلاميذ، والتأكد من مدى تحقيق الأهداف المسطرة للدرس كمطالبتهم بالتعليق عليه أو إستخراج خصائص معينة سواء في التقويم المرتبط بإنجاز الدرس أو في الفروض الكتابية المحروسة أو في الإمتحانات الموحدة.

- أن يكون مجالا للإستغلال خارج الفصل ، في إطار أعمال منزلية، إما لتعميق فهم الدرس المنجز أو لتحضير الدرس المقبل…( تكليف التلاميذ بتحويل جداول إحصائية إلى مبيانات مناسبة، أو التعليق على مبيانات جاهزة والمقارنة بينها …)

خلاصـة :

  تعتبر وحدة مادة الإجتماعيات من المواد الدراسية التي توظف عدة وسائل تعليمية، ومنها المبيانات، لتبليغ المعارف وتنمية المهارات وتنشيط التواصل التربوي والتفاعل الصفي بين المدرس والمتعلمين، نظرا لقدرتها على تشخيص الظواهر وتفسير الأحداث موضوع الدراسة. وبذلك فهي تهم الجانب المعرفي / الإخباري والجانب المهاري / التكويني في نفس الآن، وتضفي الحيوية على العملية التعليمية التعلمية. غير أن تحقيق ذلك يبقى رهينا بقدرة المدرس على إتقان إنتقائها وحسن توظيفها في الظرف البيداغوجي المناسب باعتباره الفاعل الرئيسي في العمليــة التعليمية- التعلمية.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق