الصفحات

الخميس، 29 سبتمبر 2016

حصري :: دراسة تخصصية للبيئة الطبيعية والحيوية وتدهورها في سورية السياسة البيئية الحكومية وأهدافها...


 دراسة تخصصية للبيئة الطبيعية والحيوية وتدهورها في سورية

السياسة البيئية الحكومية وأهدافها

2008

المجموعة الهندسية للأبحاث البيئية - المهندس أسعد علبي :

1- مقدمة عامـــة :

  تقع سورية في جنوب غربي آسيا عند الطرف الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، وتحدها تركيا من الشمال، والعراق من الشرق، والأردن من الجنوب، وفلسطين ولبنان من الغرب. وهي تمتدّ على مساحة أرض تبلغ تقريباً 185,000 كم مربّع، من ضمنها 1,295 كم مربعاً من الأراضي التي تحتلّها إسرائيل.

  لسورية أيضاً ساحل قصير على البحر الأبيض المتوسّط طوله حوالي 183 كم ما بين لبنان وتركيا. ثلث البلاد فقط هي أرض خصبة، فيما 55 بالمئة (10.2 مليون هكتار) هي سهوب رعوية طبيعية، وصحراء ومناطق جبلية، و 3.2 بالمئة فقط هي غابات. معظم السهوب (حوالي 87 بالمئة منها) واقعة في المنطقة المسمّاة البادية.

  يُقدّر عدد سكّان سورية بـ 20.1 مليون نسمة (تموز 2006) ، منهم 37 بالمئة من سن 14 سنة أو أصغر. يبلغ معدل النمو السكاني السنوي 2.19 بالمئة (تقديرات 2008). وتستضيف سورية أعداداً كبيرة من اللاجئين وخصوصاً من العراق، ويبلغ عددهم 1,852,000 وفقاً "للمسح العالمي للاجئين 2008". ويعيش حالياً حوالي 33 بالمئة من سكان سورية في المناطق الريفية. 

  تُصنّف سورية من قبل لجنة المساعدة الإنمائية كبلد ذات دخل دون الوسط حيث يبلغ متوسط دخل الفرد 1,570 دولاراً أميركياً، وهو منخفض وفقاً للمعايير الإقليمية. يواجه الاقتصاد السوري تحدّيات خطيرة ومعوقات للنمو، من ضمنها قطاع عام كبير وذو أداء ضعيف، معدّلات إنتاج للنفط آخذة في الانخفاض، وعجز غير نفطي يزداد اتساعاً، أسواق ضعيفة للمال رأس المال، ونسب عالية من البطالة مرتبطة بنسبة النمو السكاني المرتفعة. 

   لقد نما الاقتصاد السوري بمعدل 3.3% بالمقاييس الحقيقية عام 2007 وفي مقدمته قطاعي النفط والزراعة، واللذان يُعزى إليهما معاً نصف إجمالي الناتج المحلّي. لقد طبّقت الحكومة إصلاحات اقتصادية متواضعة في السنوات القليلة الماضية، ومن ضمنها تخفيض نسب الفائدة على الإقراض، وفتح المصارف الخاصة، وتوحيد أسعار الصرف المتعددة، ورفع أسعار بعض السلع المدعومة، وعلى رأسها الإسمنت والبنزين، وتأسيس سوق دمشق للأوراق المالية.

  لقد فضّل التطور السياسي في سورية منذ الستينيات وبقوة التخطيط والإدارة المركزيين. وقد أعاد بعض القادة السوريون مؤخراً النظر في مقاربات التخطيط المركزي، وتدعم الخطة الخمسية العاشرة 2006-2010 اللامركزية في اتخاذ القرار وتطوير المجتمع. ولكن ما يزال هذا بحاجة إلى ترجمته إلى سياسات ملموسة. يعتمد الهيكل المؤسساتي للحكومة كثيراً على حكومة مركزية تدير و تشرف على أعمال الحكومات المحلية ، لكنها تعتمد بشكل كبير على قيادة وإدارة مجموعة صغيرة من صانعي القرار السياسي على المستوى المركزي. ورغم وجود إدارة محلية حكومية رسمية على مستوى الإدارة المحلّية والبلدية، إلا أن هذه الهيئات ما هي إلا امتداد للوزارات المركزية وللجهاز السياسي القطري .

  إن سورية في مرحلة انتقالية، وهي تتضمن نشاطات اقتصادية وتغييرات كبرى. وفي الوقت نفسه، تتدهور الموارد البيئية في سورية بشكل متواصل. وحقيقة أن الشؤون البيئية احتلّت مرتبة متدنية في تخطيط الدولة لوقت طويل سبب رئيسي للأداء الضعيف نسبياً لسورية فيما يخصّ الإدارة البيئية. وسورية هي الآن في مرحلة اللحاق بالمعايير الإقليمية والدولية. ويتفاقم الوضع نتيجة النمو السكاني السريع في سورية. وأحياناً يتخطّى التزايد السكّاني السريع الإنجازات في القطاع البيئي.

   لم يتم إنشاء أي نظام لتقديم التقارير المستمرة عن البيئة في سورية على المستوى القطري. إن تقديم التقارير السنوية على نطاق البلد و/أو مستوى المحافظات غير معروف، والبيانات المجمّعة متوافرة لبضعة معايير ومؤشرات بيئية. بعض المعلومات يتطلّب أيضاً وقتاً لا بأس به قبل أن يصبح متوافراً للجمهور. وغالباً ما يتوجب جمع المعلومات البيئية من مصادر منفردة عديدة ويجب أن يتم تحليلها وتقييمها قبل استخدامها في سياق أوسع. لذا تبقى الصورة الكلّية أحياناً غير مكتملة نوعاً ما.

2- حالة البيئة، الاتجاهات والضغوطات

1.2 البيئة المادّية
1.1.2 الهواء والمناخ

   يتراوح مناخ سورية من المتوسطي في الغرب إلى صحراوي قاحل إلى أقصى حد في الشرق. تتمتع المناطق الساحلية بصيف حار وشتاء معتدل، وفي الجبال تكون حرارة الصيف لطيفة بحسب الارتفاع والشتويات أكثر قسوة بكثير. يسود مناطق السهوب والصحراء صيف حار وجاف جداً ودرجات حرارة متفاوتة جداً في الشتاء تتراوح من 21 درجة مئوية إلى ما دون الصفر. معدّل الهطول المطري حوالي 750 ملم على الساحل، و1205 ملم في بعض المناطق الساحلية، وأقل من 250 ملم في المناطق الشرقية التي تمثّل ثلاثة أخماس البلاد. وفي سنوات القحط، قد ينخفض الهطل المطري إلى النصف. 

  وعندما يكون هناك هطولات مطرية كافية، تتحول شبه الصحراء السورية إلى مراعٍ خضراء مناسبة للرعي، لكنّ فترات الجفاف تتكرر بانتظام. وفي ظل التغيّر المناخي العالمي، يُتوقّع أن تتغيّر الظروف الطبيعية لسورية بشكل كبير. إن الأمور المُقلقة الرئيسية لسورية هي ارتفاع درجات الحرارة، وزيادة الأحوال الجوية الشديدة، وتغيّر أنماط هطول المطر، بما فيها زيادة تواتر فترات الجفاف في البلاد، وارتفاع مستوى البحر. ثمة معلومات إضافية عن هذه التأثيرات وأسبابها ومضاعفاتها على المستوى القطري في الفصل الخامس.

  على مدى العقدين الماضيين من الزمن، أصبح تلوث الهواء في المناطق ذات الكثافة السكانية والصناعية العالية في سورية واضحة بشكل متزايد، مما أثار المخاوف من آثار تلوث الهواء على صحة البشر والبيئة.

   إن الانبعاثات من الحركة المرورية للمركبات مساهم أساسي في تلوث الهواء في المدن السورية الكبرى مثل دمشق وحلب. وقد ازداد عدد المركبات في سورية من 550,000 إلى 1.5 مليوناً منذ 2001، مما أدى إلى زيادة تلوث الهواء. لقد قامت الحكومة السورية بجهود هامة لتجديد أسطول النقل لكن مازال هناك نسبة هامة من السيارات القديمة التي تعود إلى موديلات الثمانينات و السبعينات من القرن الماضي و التي تساهم كثيراً في تلوث الهواء. العوامل الأخرى التي تسهم أيضاً في تفاقم مشكلة تلوث الهواء في التجمعات السكانية الكبرى تتضمن قِدَمَ أسطول النقل (أي نسبة كبيرة من السيارات القديمة تعود إلى طرازات الثمانينيات والسبعينيات)، سوء نوعية الوقود (أي محتوى الكبريت الذي يصل إلى 0.15% في البنزين، و0.7% في الديزل و3.5% في الفيول)، وفقدان الصيانة الملائمة للمركبات ونظام اختبار الانبعاثات، الطرق المزدحمة وضعف إدارة نظام السير، وقلة كفاءة الاحتراق في أجهزة التدفئة المنزلية أثناء فترات البرد.

  إن الانبعاثات من المصادر الصناعية هي أيضاً عامل مهم يسهم في تلوّث الهواء في مناطق معينة مثل حمص وطرطوس وحلب وبانياس. تتضمن المصادر الكبرى لتلوّث الهواء في سورية الانبعاثات من معامل الإسمنت، استخراج النفط الخام وتكرير النفط، محطات الطاقة الكهربائية، ومنشأة الأسمدة وبضع صناعات كيماوية وهندسية أخرى. كثير من هذه الصناعات قديم، وقد تأسست قبل تطبيق قوانين البيئة ومعاييرها. لقد تحوّل قطاع الطاقة جزئياً في عمليات توليد الطاقة من الفيول إلى الغاز، ولكن الكفاءة ما زالت تنتظر التحسين.

  لا يوجد بعد نظام قطري جارٍ للمراقبة المستمرة للهواء المحيط في سورية. إلا أن مدناً كبرى مثل دمشق وحلب وحمص واللاذقية قد بدأت مؤخراً بإنشاء محطات لمراقبة نوعية الهواء المحيط. وقد أجريت حملات قصيرة الأمد لقياس نوعية الهواء بشكلٍ متقطّع من قبل مؤسسات علمية وطنية (المعهد العالي للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا، مركز الدراسات البيئية، هيئة الطاقة الذرية السورية) والتي وفّرت بيانات مراقبة محدودة من المناطق الحضرية والصناعية على حد سواء مشيرة إلى أن تراكيز ملوّثات الهواء الرئيسية (أي ثنائي أكسيد الكبريت SO2، أكاسيد النيتروجين NOx، أحادي أكسيد الكربون CO، الأوزونO3، السوبر فوسفات الثلاثي، والجسيمات المعلّقة) تتجاوز بشكل كبير المعايير الوطنية والدولية، وعلى سبيل المثال القيم المعيارية التي وضعتها منظمة الصحة العالمية. تشير بيانات المراقبة التي تم جمعها في المدن الكبرى إلى أن نوعية الهواء سيئة. وعلى سبيل المثال، تتراوح التراكيز اليومية للجسيمات الماديّة المعلّقة في الهواء في معظم المدن السورية بين 115 و600 مكغ/م3 وهي بذلك تتجاوز الحد اليومي المسموح به والبالغ 120 مكغ/م3 والمحدد من قبل السلطات الصحية الوطنية السورية ومعايير منظمة الصحة العالمية.

  وبسبب الموارد والإمكانات المحدودة في مجال مراقبة الهواء، فقد جرت أطول حملة لقياس نوعية الهواء المحيط في سورية في وسط دمشق مابين 2000-2001. وقد غطّت الحملة قياسات لسنة لملوثات الهواء الرئيسية مثل ثنائي أكسيد الكبريت SO2 ، وأكاسيد النيتروجين NOx ، وأحادي أكسيد الكربون CO، والأوزون على مستوى الأرض O3، والمواد العالقة، والرصاص المرتبط بالجزيئات. كشفت نتائج هذه الحملة أن التراكيز اليومية مثلاً من ثنائي أكسيد الكبريت تتجاوز بـ 85 ضعفاً المعيار اليومي الوطني معيار منظمة الصحة العالمية البالغ 0.047 جزءاً في المليون. وهو يتجاوز الرقم المسموح به سنوياً بـ 24 مرّة والمحدد من قبل منظمة الصحة العالمية ومعيار نوعية الهواء المحيط. وبلغ وسطي التركيز السنوي لأكاسيد النيتروجين 0.166 جزيئاً بالمليون وهو يتجاوز عشر أضعاف الحد المسموح به والبالغ 0.016 جزءاً بالمليون. أظهرت حملة قياس أحدث أجريت في 2004/2005 نزوعاً إلى مستويات عالية من ثنائي أكسيد الكبريت وأكاسيد النيتروجين وأحادي أكسيد الكربون في دمشق. وقد تم قياس مستويات مرتفعة بالمثل في حلب.

   إن تراكيز الرصاص المحمول في الهواء المجموع من دمشق وحلب أظهرت انخفاضاً من 2-4 ميكروغرام/م3 إلى أقل من 0.5 ميكروغرام/م3، وهي القيمة الموصى بها من منظمة الصحة العالمية والمعايير الوطنية. وقد أظهرت القياسات التي أجريت في مدن سورية أخرى مثل حمص واللاذقية وطرطوس والسويداء أن نسبة الرصاص في الجو هي ضمن الحد المقبول. هذا الانخفاض الهائل كان نتيجة الإلغاء التدريجي للرصاص في البنزين والذي تم البدء به في دمشق عام 1998 ثم تبعتها المدن السورية الأخرى لاحقاً. ومع ذلك، فإن انبعاثات الرصاص من المصادر الصناعية مثل إعادة تصنيع بطاريات السيارات المستعملة في مصاهر الرصاص الواقعة في ضواحي دمشق وحلب ما زالت مرتفعة. أشارت القياسات الميدانية بالقرب من مصاهر الرصاص الثانوية في حلب وجود تراكيز مرتفعة من الرصاص بلغت 16-39 ميكروغرام/م3 في الجزيئات المحمولة جواً (القيمة الموصى بها 0.5 ميكروغرام/م3)، 166-1344 ملغ/كغ في التربة (القيمة الموصى بها 100 ملغ/كغ) و10-37 ملغ/كغ في المعامل (القيمة الموصى بها 1-3 ملغ/كغ).

   وتم إرجاع عدد كبير من الشكاوى الصحية المرفوعة في مدينة دمشق القديمة وبانياس إلى تلوّث الهواء – وبشكل رئيسي أمراض القلب والتنفّس مثل التهاب القصبات والحساسيات. ويقدر عدد الأشخاص الذين يموتون قبل أوانهم كل سنة بسبب تلوّث الهواء بحوالي 4,000.

  بعض التعليمات التنفيذية للحد من تلوّث الهواء ما زالت مؤجّلة. وقد تم اعتماد معايير وطنية لتلوث الهواء وخطة عمل وطنية، لكنّ التطبيق بطيء.

2.1.2 الموارد الأرضية

   تتأثر سورية بشكل شديد بتدهور الأراضي والتصحّر، وقد قُدّر أن حوالي 10.9 مليون هكتار والتي تعادل 59 بالمئة من مساحة البلاد تتأثر بشكل أو بآخر بالتصحّر و بتدهور الأراضي، وقرابة 3.16 مليون هكتار من الأرض أو 18 بالمئة قد عانت بشكل خطير من التدهور. ووفقاً لوزارة الزراعة والإصلاح الزراعي، فإن 50 بالمئة من التربة معرّضة لحت الرياح و6 بالمئة معرضة للحت المائي. المناطق الشرقية من البلاد، وهي من أفقر أجزاء سورية، من بين أشدّ هذه المناطق تأثّراً بتدهور الأراضي. 

   حوالي 55 بالمئة من سورية أي 10.5 مليون هكتار تغطيها السهوب الرعوية الطبيعية والصحراء والمناطق الجبلية. وثلث البلاد فقط أرض خصبة. ومن المشاهد الطبيعية الفريدة ما يسمّى البادية، وهي المنطقة الواسعة شبه الصحراوية في الجزء الشرقي الأوسط من البلاد بين جبال لبنان الشرقية التي تحدّها غرباً وحدود العراق شرقاً ولا يقطعها إلا وادي الفرات الخصب على الجانب الشرقي. تتميز البادية بمناخها الجاف، وكانت في الأصل مغطّاة كلياً بالسهوب وأشباه الصحاري. يحدّ العجز المائي المزمن وانخفاض الخصوبة من نشاط إنتاج الأعلاف والمواشي. يقطن البدو في البادية ويعيشون على السهوب، وبشكل رئيسي على تربية المواشي. ومورد رزقهم يتعرّض لتهديد خطير بسبب القحط المتكرر وتدهور موارد رعي حيواناتهم. تعتبر البادية عادة غير صالحة لزراعة الأراضي الجافة. كانت الحياة البريّة وفيرة، لكنّ الرعي الجائر والصيد غير المنضبط أدّيا لانقراض أنواع كثيرة.

   ومن الوحدات الطبيعية الرئيسية أيضاً حوض الفرات. إن نهر الفرات هو أكبر مصدر للمياه السطحية في سورية، وواديه الخصب هو أكبر منطقة مروية في سورية. بدأت بعض أقدم النشاطات الزراعية البشرية في هذا الوادي. إن رافدي النهر الأساسيين من ضفته اليسرى، البليخ والخابور، كلاهما نهر كبير ينبعان من تركيا أيضاً. أما الروافد من الضفة اليمنى للفرات فما هي إلا جداول موسمية صغيرة. تمارَس اليوم الزراعة المكثّفة على أحواض الأنهار كلها، بوجود أنظمة ري على نطاق كبير. كما يسمّى الخابور أيضاً سلّة الخبز السورية.

   تملك المنطقة الساحلية خطاً ساحلياً طوله 183 كم وهو يمتدّ على 2 بالمئة فقط من الأراضي السورية ولكن يتوزع فيه 11 بالمئة من السكان. السهل الساحلي وفير المياه وذو تربة خصبة، لمنطقة المرتفعات موارد مائية محدودة ونوعية أدنى من الأرض الزراعية، وتوفر الجبال ظروف معيشة سيئة نسبياً. المنطقة مسؤولة عن إنتاج 35 بالمئة من مجموع الطاقة الوطني، و38 بالمئة من الإسمنت، و50 بالمئة من تكرير النفط، ومعظم الصادرات تجري عن طريق مرفأ اللاذقية. أدى النمو الصناعي والمدني السريع إلى استخدام غير منضبط للأرض في الحزام الساحلي، وانتشار المساكن ذات الكثافة المنخفضة، وتلوث عالٍ للبيئة الساحلية والبحرية، وتلوّث موارد المياه العذبة الناجم عن التصريف غير المنضبط للمجاري المنزلية والصناعية، وتدمير الأراضي الرطبة والكثبان الرملية والمواطن الطبيعية الأخرى للتنوع الحيوي. 

  وهكذا فإن التصحر وتدهور الأراضي مشكلة بيئية رئيسية في سورية وهي تشمل الأشكال التالية :

تآكل التربة، الناتج عن كثافة عالية من الماشية وتوزيعها غير المناسب موسمياً ومكانياً (تركّزها حول المستوطنات البشرية الناتجة عن استقرار البدو، وخلق أنماط جديدة لاستعمالات الأرض باستخدام المركبات)، زراعة الأراضي الحدّية غير الملائمة للزراعة، الإضرار بالطبقة السطحية للتربة بسبب المركبات، جمع النباتات الخشبية من السهوب لاستخدامها حطباً، إلخ. إن تآكل التربة مشكلة خطيرة وخصوصاً في البادية وقطعانها الكبيرة من الماشية ويتسارع ذلك بسبب تغيّر المناخ.

  انخفاض إنتاجية التربة (الاستخدام المفرط للمياه في الري، عدم ملائمة أنظمة الري، والاستخدام غير السليم للكيماويات الزراعية). إن الانخفاض التدريجي في إنتاجية التربة يُلاحظ في الأراضي الزراعية كلها، وعلى وجه التحديد الأراضي المروية على طول الأنهار الرئيسية ( أحواض أنهار الفرات، البليخ، الخابور والعاصي وروافدها أيضاً) وفي الأراضي المنخفضة الساحلية.

  بدأت عمليات تملّح التربة في أحواض الأنهار باكراً منذ بدايات الأربعينيات حين أصبحت الزراعة المروية واسعة النطاق ممكنة باستخدام مضخّات الديزل للري. وقد تسارعت العملية في الخمسينيات بشكل ملحوظ حين تم إدخال القطن إلى المنطقة كمحصول نقدي صيفي. أدى سوء استعمال مياه الري مترافقاً مع عدم وجود أنظمة تصريف للمياه وإدارة غير سليمة إلى ارتفاع منسوب المياه الجوفية وبالتالي تراكم الملح في الطبقات العليا من التربة. ولم تعد تجري اليوم زراعة كثير من الحقول الزراعية بسبب ارتفاع ملوحة التربة. تشير التقارير من عام 1995 إلى أن المساحة التي خرجت من نطاق الزراعة في حوض الفرات بسبب تملّح التربة قد تصل إلى 125,000 هكتار أو 17.6 بالمئة من المساحة الكلّية. وقد خلص تقدير شمل القطر كلّه إلى نتيجة مفادها أن 3000-5000 هكتار من الأرض التي كانت مروية سابقاً يجب أن تخرج من الاستخدام الزراعي كل سنة بسبب الملوحة الشديدة للتربة.

3.1.2 الموارد المائية

 تقسم سورية إلى سبعة أحواض مائية. الفرات هو أكبر نهر يجري عبر سورية. وفقاً للبروتوكول الموقع في عام 1987 بين تركيا و سورية يصل إلى سورية لايقل عن 6.627 بليون متر مكعب/سنة من مياه الفرات بتدفق أكثر من 500 متر مكعب/ثانية. في عام 1989 وقعت سورية و العراق على اتفاقية بحيث تحصل سورية على 42% من مياه الفرات الداخلة إلى سورية و الباقي 58% يتدفق إلى العراق. وما زال اتفاق نهائي بين تركيا و سورية بشأن حقوق سورية في استجرار المياه من الفرات معلّقاً. يعادل التدفق الوسطي لنهر العاصي 13 م3/ثا (403 مليون م3/سنة)، بينما الجريان السطحي لنهر الكبير في الحوض الساحلي يبلغ حوالي 8 م3/ثا (250 مليون م3/سنة) وسطياً. ويبلغ مجموع الموارد المائية لحوض اليرموك حوالي 447 مليون م3/سنة (14 م3/ثا).

  إن الطبقات الصخرية الرئيسية للمياه الجوفية هي تلك في جبال لبنان الشرقية وسلسلة الجبال الساحلية. وهناك عدد من الينابيع المنبثقة من نظام الطبقات الصخرية المائية هذه مثل بردى، وعنجر- شمسين وراس العين. تُعاد تعبئة النظام من الهطول في المناطق الجبلية والذي يرشح عبر الشقوق والصدوع في الطبقة السطحية المتصلبة. وهناك نظام طبقات مائية كبير آخر موجود في سهول دمشق ممتد من جبال لبنان الشرقية إلى الغرب حيث التشكلات البركانية في جنوبي وشرقي البلاد.

   تُقدّر موارد المياه المتجددة في سورية بين 10 – 18 بليون م3/سنة (تبعاً لنوع التقدير)، منها حوالي 33% تأتي من المياه الجوفية و 24% تأتي من موارد المياه السطحية و 36% من مياه الفرات و 7% من مياه دجلة. هذه الموارد قد تم استغلالها كلياً تقريباً. وإذا كان الطلب سيزداد أكثر، كما هو متوقّع، سيحدث عجز في مناطق واسعة من البلاد. توحي تقديرات الطلب المستقبلي بأن الطلب السنوي سيزداد بحوالي 2 بالمئة سنوياً على مدى السنوات العشرين القادمة. إن الطلب على الماء ليس متجانساً في سائر أنحاء البلاد، فهو يعكس التوزّع غير المتكافئ للسكّان. إن إمكانية نقل المياه من الأحواض التي فيها فائض إلى الأماكن التي فيها عجز محدود، إذ أنها مكلفة إلى حد يمنع القيام بها. ومع ذلك، توجد فعلاً أنابيب مياه تسوق الماء من نهر الفرات إلى مراكز مدنية وصناعية في الشمال والغرب. وقد أجريت دراستان أوليتان لاستكشاف إمكانية نقل مياه الفرات إلى تدمر وريف دمشق ولدراسة إمكانية نقل فائض المياه من طرطوس إلى دمشق.

الشكل (1): المصادر الكلية للمياه المتجددة في سورية و نسبتها المئوية من الكمية الكلية. الأرقام مبنية على أساس المستوى الأعظمي و الذي يمكن أن يصل حتى 18 بليون مترمكعب/سنة.

  وقد شهدنا بعض آثار النقص، ومن ضمنها انخفاض منسوب مياه الطبقات الصخرية المائية وما يقترن بها من ازدياد ملوحة المياه الجوفية. إضافة إلى ذلك، فإن بعض المناطق، وأبرزها وادي بردى قرب دمشق وحوض اليرموك عند الحدود الأردنية، تعاني من نقص موسمي حاد في مياه الشرب وهناك ازدياد في احتمال وقوع جفاف يؤثّر في المراكز السكانية الكبرى في المستقبل القريب.

  تملك سورية شبكة ري كبيرة تمتد على 500,000 هكتار والزراعة المروية مسؤولة عن حوالي 89 بالمئة من استخدام المياه. يُستخدم 7 بالمئة فقط في الأغراض المنزلية و4 بالمئة في الأغراض الصناعية والتجارية والسياحية. ويتراوح استهلاك الفرد من المياه بين 82 ليتراً/اليوم في المناطق الحضرية و176 ليتراً/اليوم في المناطق الريفية.

   إن انخفاض مناسيب المياه الجوفية في مناطق متعددة دليل على استنزاف المياه الجوفية (حمص 12-35 م/سنة، الحوض الفرعي لحلب 2-5 م/سنة، ريف دمشق أكثر من 6 م/سنة). يكمن السبب الرئيسي في استخراج المياه الجوفية للري. وفي موسم 2000-2001، على سبيل المثال، تجاوز استخدام المياه الجوفية في الزراعة 150 بالمئة من الموارد المتجددة. يُتوقّع أن يزيد الضغط على موارد المياه أكثر بسبب التزايد السكاني المرتفع، والأهمية السياسية والاقتصادية للزراعة وتغير المناخ.

   يتفاقم نقص المياه الجوفية نتيجة النوعية السيئة للمياه وخصوصاً في المناطق ذات الفعاليات الاقتصادية العالية. إن تلوّث المياه السطحية والجوفية بالعوامل الممرضة أو النترات أو الأمونيا أو المعادن الثقيلة واضح في بعض الأحواض المائية بسبب عدم وجود تجميع ومعالجة ملائمين لمياه الصرف إضافة إلى الاستعمال الواسع وغير المنضبط للكيماويات الزراعية. يعيق التلوّث وجود مورد آمن لمياه الشرب في المناطق الحضرية أو الريفية على حد سواء. وفي بعض أجزاء غوطة دمشق على سبيل المثال يتلقّى السكان مياهاً غير صالحة للشرب. كما يتم استخدام مياه النهر الملوّثة بكثرة لأغراض الري مما يشكّل خطراً صحياً كبيراً على مستهلكي الخضروات المرويّة.

   معالجة مياه المجاري محدودة جداً. وفي الوقت الحالي، وتتصل بعض المناطق الحضرية فقط بمحطات معالجة لمياه المجاري. وهناك حوالي 20 محطة معالجة قيد العمل على نطاق البلد كلّه، لكنّ عمليات المعالجة لا تنطبق عليها دوماً المعايير الدولية، وكثير من أنابيب المجاري ترشح، مساهمة في تلوّث البيئة. لا وجود لمعالجة مياه الصرف في الريف على الإطلاق. وعملياً يتم استخدام جميع مياه الصرف المعالجة مجدداً في الزراعة. لمزيد من المعلومات، أنظر الفصل المعني بمياه الصرف.

   إن قطاع المياه السوري مجزّأ حالياً وتملك مؤسسات مختلفة مهاماً ومسؤوليات متداخلة. إن وزارة الإسكان والتعمير، ومن خلال مديرياتها الـ 14 للمياه والصرف الصحي، مسؤولة عن تحديد السياسات والإستراتيجيات المائية. إنها مسؤولة عن اقتراح وتخطيط وتنفيذ برنامج الحكومة في مجال الموارد المائية ومياه الصرف في سورية. وزارة الري مسؤولة عن إدارة الموارد المائية في سورية وعن توفير جميع مياه الري في البلاد، بما فيها فائض مياه المجاري. وهي أيضاً مسؤولة عن ضبط ومراقبة نوعية المياه من خلال لجنة سلامة المياه. في قطاع تزويد المياه تعتبر وزارة الإسكان و التعمية و مؤسسات مياه الشرب التابعة لها مسؤؤولة كلياً عن شبكات تزويد المياه .أما في قطاع شبكات الصرف الصحي فتعتبر وزراة الإدارة المحلية و البيئة و البلديات التابعة لها مسؤولة عن جمع مياه المجاري ضمن المدن بينما تكون مسؤولية شبكات الصرف الصحي الكبيرة خارج البلديات و في التجمعات السكنية أكثر من خمسون ألف نسمة على عاتق وزارة الإسكان و التعمير. إن الهيئة العامة لموارد المياه عليها مسؤولية إدارة وتطوير وحماية موارد المياه في سبعة أحواض مائية وتنسيق عمل وزارة الري ووزارة الإسكان والتعمير فيما يخص موارد مياه الشرب وإعادة استعمال المياه. إن جمعيات مستخدمي المياه (مؤسسات المياه) المقامة على مستوى المحافظات مسؤولة عن توفير المياه للشرب والري، ومعالجة مياه الصرف.

   لا توجد خطة وطنية رئيسية تحدد إطاراً زمنياً على المدى البعيد لتنمية قطاع المياه المستدامة. إن قطاع المياه السوري واحد من القطاعات ذات الأولوية التي تتطلب إصلاحاً جذرياً على المستوى الوطني. وقد تُوّجت الجهود الرامية إلى إعادة هيكلة وتحسين سياق السياسة المائية وتوجهها في عملية إعداد الخطة الخمسية العاشرة. وقد تم اتخاذ خطوات جادّة مثل المصادقة على القوانين البيئية والمائية وإنشاء مجالس إدارة يدخل في عضويتها الشركاء المعنيون الرئيسيون وتشريع تأسيس جمعيات مستخدمي المياه. علاوة على ذلك، قامت وزارة الري بتأسيس مركز تدريب متخصص للإدارة المتكاملة للموارد المائية. وسيكون من الضروري تحفيز مشاركة القطاع الخاص وكذلك المشاركة الفاعلة لمستخدمي المياه لتحسين الخدمة على كافة المستويات. 

4.1.2 الموارد المعدنية والصناعة

   تملك سورية موارد معدنية غنية بما فيها النفط والفوسفات وفلزات المنغنيز والكروم، والإسفلت، وفلز الحديد، والملح الصخري، والرخام والجبصين. وغالباً ما يرتبط استغلالها ومعالجتها بمشاكل بيئية خطيرة.

   تتضمن الصناعات المهمّة الصناعات الكيميائية والهندسية، والصناعات الغذائية، وتكرير النفط. أكبر مكوّن للشركة العامة للصناعات الكيميائية هي صناعة الإسمنت، والتي تعتبر إستراتيجية وهي مملوكة كلياً للدولة. المؤسسة العامة للإسمنت ومواد البناء تتضمّن ست شركات لصناعة الإسمنت تابعة للدولة لكنها ذات إدارة مستقلة. إضافة إليها، هناك ستة معامل أخرى من المخطط إنشاؤها من قبل القطاع الخاص في حلب وحمص وحماة وريف دمشق. الشركة العامة للأسمدة، وهي شركة تابعة للشركة العامة للصناعات الكيميائية، لديها مصنعان للأسمدة الآزوتية ووحدة معتمدة على الفوسفات، كلها موجودة في حمص. إضافة إلى ذلك، يوجد مصنع للسوبر فوسفات الثلاثي قرب تدمر ومجمّع للسماد الآزوتي مخطط إنشاؤه قرب الحسكة ليستخدم الغاز الطبيعي قرب حقل عمر في شمال شرق سورية. ترتكز صناعة الأسمدة السورية على وجود مخزون وفير من الغاز الطبيعي والفوسفات، وتُُنتج أسمدة الأمونيا واليوريا والسماد الآزوتي. كما لدى سورية معمل لصناعة قضبان الحديد في حمص ومصانع لإنتاج الأثاث والبرّادات والورق والزجاج ومنتجات البلاستيك، وأجهزة التلفزيون. ولدى سورية مصفاتان لنفط، في بانياس وفي حمص، وهناك ثالثة جديدة من المخطط إقامتها من قبل الصين في دير الزور.

  تتركّز معظم الصناعات الخفيفة حول دمشق وحلب، بينما تكون الصناعات الثقيلة حول مدينتي حمص وحماة في وسط سورية وطرطوس وبانياس على الساحل السوري. ويتم إنتاج النفط والغاز حالياً في شرق البلاد قرب دير الزور.

  لطالما ارتبطت صناعة الإسمنت في سورية بانبعاث تراكيز عالية من الغبار في الجو، ثم ترسبها في النباتات والتربة الزراعية ومجاري المياه، إلى جانب تأثيرها على الصحة البشرية في المناطق السكنية المجاورة. وعلى سبيل المثال، وصلت تراكيز الجسيمات المعلّقة في البلدات المحيطة بمعمل إسمنت طرطوس إلى ارتفاع بلغ 1844 مكغ/م3 ونسبة الرواسب الغبارية تجاوزت 518 طن/كم2/الشهر. وقد ربطت دراسة أجرتها وزارة الصحة بين التراكيز العالية للغبار والأمراض التنفسية والتهاب القصبات الموجودة في البلدات والقرى المحيطة بمعمل إسمنت طرطوس مقارنة مع مناطق أخرى نظيفة.

  أظهرت قياسات الانبعاثات الغبارية من مداخن معامل الإسمنت ومنشآت مزج الإسفلت تراكيز عالية جداً تتراوح بين 600 و23,000 ملغ/م3، في حين أن الحد الأقصى المسموح به وطنياً للانبعاثات هو 200 ملغ/م3.

   وقد بذلت الحكومة السورية جهوداً ملحوظة لتخفيف الانبعاثات الجوية المرتبطة بصناعة الإسمنت مثل تركيب أجهزة ترسيب بالكهرباء الساكنة ومصافٍ قماشية في معملي إسمنت عدرا وطرطوس ويُتوقّع أن تخففا بشكل كبير انبعاث الغبار. إضافة إلى ذلك فإن معظم محطات توليد الكهرباء في سورية تم تحويلها لتعمل على الغاز الطبيعي ومن المتوقّع أن تخفف من انبعاث غازي ثنائي أكسيد الكبريت وأحادي أكسيد الكربون، والسخام، والهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات. لكنّ التوافر المحدود للغاز الطبيعي قد حدّ من الآثار الإيجابية لهذا الإجراء.

  ورغم وجود تلوّث صناعي خطير لموارد الهواء والماء والأراضي حول الصناعات، لا تتوافّر أحياناً إلا معلومات محدودة عن مستوى التلوّث ونوع الملوّثات. 

5.1.2 الطاقة

   تنتج سورية النفط والغاز، لكن إيراد النفط وإنتاجه تراجعا بشكل منتظم منذ عام 1996، نتيجة استنزاف الاحتياطي والبنية التحتية البالية. انخفض الإنتاج بنسبة 30 بالمئة بين عامي 1996 و2005. وفي حين يزداد الاستهلاك المحلّي، يُتوقّع أن تصبح سورية مستورداً صرفاً للنفط خلال السنوات الـ 5-15 القادمة. وتحاول الحكومة أن تطوّر الغاز، كأن تقوم مثلاً باستبدال النفط بالغاز في توليد الطاقة لتبقي على النفط للتصدير. وما يزال الغاز الطبيعي يتمتع بإمكانات ملحوظة من ناحية الإنتاج والتصدير؛ وربما يرتفع إنتاج الغاز إلى أكثر من الضعف بين عامي 2005 و2010. يتزايد الطلب المحلّي على الغاز بسرعة بنسبة حوالي 6 بالمئة سنوياً، يغذيه علاوة على ذلك الاستثمار في توليد الكهرباء عبر حرق الغاز. سورية أيضاً بلد مهم لعبور الطاقة بالنسبة للغاز الطبيعي. وسورية عضو في الاتحاد الإقليمي الذي يطوّر ما يُسمّى بـ "خط الغاز العربي"، وهي شبكة أنابيب شاطئية توصل منذ الآن الغاز المصري إلى الأردن وستحمله فيما بعد إلى لبنان وسورية. كما تشارك سورية أيضاً في ما يُسمّى مشروع سوق الغاز الأوروبي-المشرق العربي الذي يدمج أسواق الغاز ويسهّل الاتصال مع سوق الغاز في الاتحاد الأوروبي. وستصبح سورية أيضاً بلداً لعبور الغاز الطبيعي القادم من العراق.

   وبناء على معدلات تزايد السكان وازدياد استهلاك الفرد من مصادر الطاقة، يُتوقّع أن يستمرّ متوسط الطلب على الطاقة في الازدياد بمعدّل لا يقلّ عن 4 بالمئة في السنة. وبحلول عام 2020، سيخلق هذا الطلب المتزايد عجزاً من حوالي 12 مليون طن من المكافئ النفطي سنوياً. تشكل تلبية هذا الطلب المتزايد على الطاقة تحدياً اقتصادياً ومالياً رئيسياً لسورية. إضافة إلى انخفاض عائدات تصدير النفط، ستضطر البلاد إلى استيراد النفط لتلبية الاحتياجات المحلية. في ضوء هذه الحقائق، يجب أن تولي سياسة الطاقة اهتماماً أكبر لتحسين كفاءة الطاقة ولتطوير واستعمال الموارد المتجددة من المصادر الطبيعية للبلاد. تتضمن المصادر المتجددة الواعدة الرياح والشمس والكتلة الحيوية إضافة إلى الطَّفَل النفطي والرمال القاريّة.

   يعيش ثلث السكّان السوريون تقريباً في المناطق الريفية، وما زال كثير منهم يعتمدون على المخلّفات الزراعية والحيوانية كمصدر للطاقة. لقد أعاق نقص الطاقة المتوافرة للنشاطات المولّدة للدخل النمو الريفي. وعلى نقيض المناطق الحضرية، لا تتوافر الطاقة التجارية عادة. إن للمصادر التقليدية للطاقة تأثيراً بيئياً خطيراً وتكاليف اجتماعية مرتفعة. تحمل النساء الجزء الأكبر من عبء جمع الحطب المستخدم وقوداً ويعانين من عواقب صحيّة من أضرار دخان الطهي. وهناك حاجة ملحّة من أجل توفير خدمات الطاقة للمجتمعات الريفية.

  تتمتع سورية بإمكانات جديرة بالاهتمام في استخدام موارد الطاقة المتجددة – الريحية والشمسية – وكذلك في تحسين كفاءة الطاقة وتوفيرها. قامت سورية منذ تسعينيات القرن العشرين بتشجيع استخدام الطاقة المتجددة. وقد تم تركيب أنظمة كهروضوئية بقدرة كليّة تبلغ 80 كيلوفولت في المناطق الريفية (معظمها موّل عبر برامج مساعدة ثنائية أو متعددة الأطراف)، كما تم تركيب 15 إلى 20 ألف سخّان شمسي في أنحاء البلاد، ومن بينها في مشفى حمص، الذي يحصل على مائه الساخن منها. وتم أيضاً إنشاء بعض طواحين الهواء الصغيرة، وهي بمجموعها قرابة 20. وهناك ساحتان صغيرتان لطاقة الرياح بقدرة 6 ميغاواط و 12.5 ميغاواط ستشغّلان من قبل مركز بحوث الطاقة قيد الإنشاء ويُتوقّع أن تدخلا في التشغيل الفعلي عام 2009. ومن المرتقب الإعلان عن ساحة لطاقة الرياح بقدرة 100 ميغاواط عام 2009. 

   تحضّر سورية لمشروع حول "تعزيز كفاءة الطاقة في المباني" ويطبّق مقابل منحة تقارب 3.5 مليون دولار أميركي عبر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لمرفق البيئة العالمي.

   توجد حالياً عدّة عوائق في مسار تنمية الطاقة المتجددة في سورية: دعم قطاع الطاقة التقليدية، وهيمنة القطاع العام، والوعي المحدود لفوائدها، وعدم وجود السياسات والتعرفات والحوافز التفضيلية، والموارد البشرية متدنية التنمية، والمساعدة الحكومية غير الكافية والاتصال البيني المحدود بين مؤسسات البحث والتطوير والنشر. وقد تم القيام بخطوة مهمة نحو تجاوز الأزمة المؤسساتية عام 2003 مع تأسيس المركز الوطني لبحوث الطاقة التابع لوزارة الكهرباء ليقوم بدور القوة المحرّكة وراء دعم الطاقة المتجددة. يتضمن الدور الإستراتيجي للمركز برامج الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة والتخطيط المتكامل للموارد.

  لقد أعدت وزارة الكهرباء بموجب توجيهات إدارة الأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية، ومع التنسيق المحلّي الذي يضطلع به برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في دمشق "خطة رئيسية للطاقة المتجددة" تم إطلاقها عام 2002 . هذه الخطة الرئيسة ترسم الخطط الفرعية التي سيجري القيام بها لإعطاء دفعة كبرى لتطوير الطاقة المتجددة في سورية. تم تحديد مبادرات البرنامج الموصى بها بما فيها خطط معيّنة سيجري القيام بها من أجل إدماج الطاقة المتجددة في السياق العام لميزان الطاقة الوطني. وهي تتضمن تحديد المشاريع التجريبية لعرض التكنولوجيا إضافة إلى المشاريع التي تستحق الاستثمار والتي تغطي عدة صيغ من الطاقة المتجددة على أساس البيانات الموجودة. في عام 2008 وبدعم من الوكالة الألمانية للتعاون التقني، بدأ المركز الوطني لبحوث الطاقة بإعداد خطة رئيسية للطاقة لتحديد وتطبيق الإستراتيجيات للاستخدام المستدام للطاقة.

   وقد تم اعتماد قانون حول معايير الكفاءة للتجهيزات المنزلية من قبل الحكومة السورية (القانون رقم 18). وهو مخصص بشكل رئيسي لتخفيف استهلاك الكهرباء، وسيدخل حيز التنفيذ في تشرين الأول 2009. ومن المتوقع إصدار قانون للحفاظ على الطاقة في ربيع 2009 وسيجعل السخانات الشمسية والعزل الحراري إلزاميين للأبنية العامة وسيُدخل أيضاً تدقيقاً إجبارياً للطاقة في الأبنية العامة. وقد تم إعداد مشروع قانون حول دعم السخانات الشمسية عام 2007. إنه يأخذ في الحسبان دعم السخانات الشمسية بنسبة 50% وسيتطلّب ميزانية حكومية من 500,000 دولار أميركي على مدى 10 سنوات. ولم يتم اعتماد القانون بعد.

2.2 البيئة الحيوية

1.2.2 التنوّع الحيوي

  إن الأوضاع الطبوغرافية والمناخية وأوضاع التربة المختلفة مسؤولة عن كون سورية موطناً لعدد كبير من الأنواع النباتية والحيوانية. لقد تم تسجيل أكثر من 3,150 نوعاً من النباتات الزهرية، 22 منها من النباتات اللازهرية الوعائية، و10 منها من عاريات البذور، والبقية من كاسيات البذور. وقد تم تحديد أكثر من 2,500 نوع من الحيوانات في سورية، 62 بالمئة منها حشرات، و15 بالمئة طيور، و6 بالمئة زواحف وبرمائيات و 5 بالمئة ثدييات. إن معرفتنا بالنباتات والحيوانات بعيدة كل البعد عن الاكتمال وخصوصاً أن اللافقاريات ما زالت غير معروفة بشكل جيد.

تتألّف الطيور من 394 نوعاً، منها 184 تم إثبات تكاثرها (ومن ضمنها 13 من المرجّح أنها منقرضة في سورية). وهي تتضمن 27 نوعاً من تلك التي وردت في "الكتاب الأحمر-كتاب بيانات الأنواع المعرضة للانقراض": الأنواع التي تعتبر في خطر من الانقراض عالمياً من قبل الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة. ومن هذه الأنواع أبو منجل أبيض الرأس الشمالي الذي كان يوماً واسع الانتشار في المناطق الداخلية من البلاد، ولكن يُعتَقد أنه أصبح منقرضاً في منتصف القرن العشرين. وقد عُثر على مستعمرة يتيمة قرب تدمر عام 2002. وسورية أيضاً ممر مهم ونقطة استراحةلأنواع الطيور المهاجرة إلى إفريقيا في الخريف والعائدة في الربيع. وهذا مهم بشكل خاص للقالق البيضاء والطيور الجارحة. يشمل جرد لـ "مناطق الطيور المهمة" وضعته الجمعية الدولية لحياة الطيور 22 موقعاً في سورية، ذات مساحة كلّية تبلغ 6,300 كم2 أي حوالي 3.5 بالمئة من مساحة البلاد. يغطي هذا الجرد، بدرجة أكثر أو أقل شمولية، كل المواطن الرئيسية ذات الأهمية للطيور.

جدول (1): مناطق الطيور الهامة (IBA) في سورية و التي تم تحديدها من قبل المعايير الدولية لحياة الطيور, A: مناطق طيور هامة – ذات أهمية عالمية , A1: أنواع ذات أهتمام عالمي بالحفاظ عليها, A2: أنواع مقيدة المجال , A3: أنواع مقيدة بالأقاليم البيئية , A4: حشود ، B: مناطق طيور هامة - أهمية في الشرق الأوسط ، B1: حشود مهمة أقليمياً, B2: أنواع حالتها في حفظ التنوع غير ملائمة في الشرق الأوسط , B3: أنواع حالتها في حفظ التنوع ملائمة في الشرق الأوسط.

    هنالك 72 نوعاً من الثدييات في سورية، منها واحد في خطر كبير من الانقراض، وثلاثة مهددة بالانقراض، و6 عرضة للخطر، وثلاثة مهددة تقريباً. إحدى الأنواع المسجلة في قائمة سورية لم تعد موجودة في البرية. لقد عانت الثدييات الكبرى في سورية أكثر من أي مجموعة أخرى من الحيوانات من فقدان مواطنها، ومنافسة الخراف والماعز العاشبة لها، والصيد الجائر. إن الدب البني السوري ، والنمر العربي، والأسد، والفهد الصياد، وفقمة الناسك المتوسطية، وحمار الوحش السوري، وغزال الجبال، والريم والماعز البري كلها اختفت من سورية خلال السنوات الـ 150 الماضية. وهنالك جهود لإعادة إدخال غزال المارية والريم إلى البادية السورية وقد أسست الحكومة السورية لهذه الغاية بضع محطات للاستيلاد باستخدام حيوانات مستوردة مثلاً من الأردن و السعودية وتركيا و الإمارات العربية المتحدة . إن الاكتشاف الحديث لمجموعة صغيرة من الغزلان الجبلية في الجانب التركي من الحدود السورية-التركية يعطي بعض الأمل أن هذه الأنواع يمكن أن تعيش في هذا البلد.

   ولم تُكتَشف إلا مؤخراً، عام 2004، مجموعة معششة من السلحفاة الخضراء المهمة إقليمياً. وهناك ما يقدّر بين 31-35 سلحفاة أنثى تعشش على الشواطئ الرملية قرب اللاذقية. هذا الموقع هو على الأرجح تاسع أكبر تجمّع أعشاش من هذه السلالة المهددة بالانقراض في البحر الأبيض المتوسّط. هناك بعض السجلات الحديثة عن سلحفاة النيل ذات القفص اللين و التي تعيش في المياه العذبة و التي شوهدت حوالي اللاذقية و من المحتمل أن مجموعة صغيرة يمكن أن تعيش في الجزء الأدنى من الأنهار.

    الأسماك التي تشمل كثيراً من الأنواع المستوطنة تعاني بشدّة من الاستخدام الجائر للمياه وتلوّثها. تختفي الكثير من المسطّحات المائية فعلياً في أشهر الصيف أو حتى على مدار العام، حيث يتم استجرار أكثر مما يجب من الماء لأغراض الري بشكل رئيس. وهذا يشمل كثيراً من الينابيع الصغرى التي توجد فيها الأنواع المستوطنة والتي انقرضت الآن. وكثير من المسطحات المائية الباقية ملوّثة بشدة بحيث لا يمكن لأي نوع من الأسماك أو الأحياء البرية الأخرى أن تعيش فيها. إن الأثر على الأسماك وغيرها من الحيوانات المائية يبدو أنه دراماتيكي، لكن لم تجر دراسته بشكل موسّع بعد.

  تنتمي سورية إلى "الهلال الخصيب"، والذي يؤوي تنوّعاً كبيراً من الموارد الجينية "الأقارب البرّية" للمحاصيل الغذائية والأنواع الرعوية، وهو مركز رئيسي للتنوع النباتي والمنشأ الطبيعي في العالم. و مثال على ذلك أنه قد وجد في سورية تنوع غني بصنفي تريتيخوما و إيجيليبوس و اللتان تشكلان أمهات القمح و كذلك صنف الهورديوم و الذي هو أصل الشعير. و هذه تشكل موارد جينية عالية الأهمية. الهلال الخصيب هو أيضاً مركز أول تدجين للمجترّات الصغيرة (الخراف والماعز) منذ 10,000 سنة مضت. هذه السلالات كانت دوماً عنصراً رئيسياً في أنظمة الإنتاج في المناطق الجافة غير المدارية. وقد نشأ تنوّع كبير من السلالات عبر الزمن. و تعتبر البقرة الشامية و المعزة الشامية و غنم العواس كأمثلة عن أصناف المنشأ الطبيعي للتنوع الحيوي الزراعي الغني في سورية و الذي يستحق الحفاظ عليه و حمايته من التلوث الجيني.

  إن نظام المحميات في سورية معقّد ويعكس المسؤوليات التي تتقاسمها كل من وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي ووزارة الإدارة المحلّية والبيئة. لقد ميّز هذا النظام بين المحميات الطبيعية، والمناطق المحمية، والغابات المحمية التابعة للدولة، ومحميات الصيد، ومناطق إدارة الطرائد والمناطق المحمية الأخرى. وفي معظم الحالات، ليس واضحاً ما إذا كانت درجة الحماية متماشية مع المعايير الدولية التي وضعها الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة. إن منطقة اللجات في محافظة السويداء في جنوب سورية قد أقرت كمحمية "محيط حيوي" من قبل اليونسكو-برنامج الإنسان و المحيط الحيوي. ولا توجد حدائق وطنية (Nayional Parks) في سورية.

   هنالك 26 منطقة محمية، تتضمن خمس أراضٍ رطبة، وواحدة للحياة البرّية، ومنطقة محمية خاصة لطيور أبي منجل بيضاء الرأس، وثلاث مناطق محمية ساحلية وبحرية، 16 منطقة حراجية. إضافة إلى تلك المناطق، هناك حوالي 60 منطقة مراعٍ محمية. توصي إستراتيجية التنوّع الحيوي الوطنية وخطة العمل بإنشاء شبكة من المناطق المحمية الوطنية تغطّي كل الأنظمة البيئية في البلاد. وإضافة إلى المناطق المعلنة محمية، هناك قائمة تتضمن 32 منطقة مقترحة للحماية لكنها ما زالت تنتظر أن يتم اعتمادها. كثير من المناطق المحمية ليست منفّذة كلياً. وما زال تشريعها وإدارتها في مراحل مبكرة ويحتاج إلى تطوير أكثر. ليس هناك طواقم محلية في معظم المناطق المحمية، وهكذا فهي موجودة على الورق فحسب.

   بدأت سورية مؤخراً في إدماج المجتمعات المحلية في جهود الحفظ. وهناك مشروع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي-مرفق البيئة العالميقيد التنفيذ لتقوية نظام المناطق المحمية ويهدف إلى بناء قدرات الحكومة لإدارة عصرية للتنوع الحيوي.

   يشكّل الصيد خطراً كبيراً على كثير من الأنواع، وعلى وجه التحديد الثدييات الكبيرة وبعض الطيور المستوطنة والمهاجرة. يُقدّر عدد الصيادين في سورية بـ 500,000 منهم 300,000 مسجّلون . كما يوجد أيضاً عدد كبير من مالكي الأسلحة النارية وهم لا يعتبرون صيادين مثل الفلاحين الصيادين. يضاف إلى عدد الصيادين من يأتون من لبنان ودول الخليج للصيد. ويشمل هؤلاء بعض الصقّارون الذين يأتون إلى سورية ليصيدوا باستخدام صقورهم. رسمياً، تم حظر الصيد حتى عام 2010. لكنّ تطبيق هذا الحظر ضعيف. 

   سورية طرف في بروتوكول قرطاجنة حول السلامة الحيوية لاتفاقية التنوّع الحيوي. تُعِدّ وزارة الإدارة المحلّية والبيئة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي مشروعاً لمرفق البيئة العالمي حول تطبيق تعليمات ومعايير السلامة الحيوية في سورية. 

جدول (2): قائمة بالمناطق المحمية في سورية. السنة=سنة التأسيس، المساحة بالهكتار.

توزع مناطق المحميات الطبيعية في سورية

2.2.2 الموارد الحراجية

  تشير الدراسات إلى أن الغابات في بداية القرن الماضي كانت تغطي ثلث مساحة سورية. أما اليوم فهي لا تشكّل سوى 3.2 بالمئة من مساحة البلد. ومن الأمثلة على المناطق التي تتراجع فيها مساحة الغابات جبال عبد العزيز، وأبو رجمين، والبلعاس، وبساتين دمشق الشهيرة والتي تقلّصت من أكثر من 3,000 هكتار إلى بضع مئات فقط. 

   وبسبب الطلب المتزايد على الخشب، طوّرت الحكومة مشاريع تشجير للحصول على هذه المنتجات، ولحماية التربة من التعرية، ولحماية البنية التحتية من الرياح والتعرية. بدأت نشاطات التشجير في سورية منذ عام 1953. وفي السبعينيات، بلغت مساحات المناطق المزروعة 2,800 هكتار. وحتى عام 1984، تضاعف إنتاج الشتول والمناطق المزروعة إلى 24,000 هكتار و30 مليون شتلة سنوياً. وبحلول عام 1998، بلغت المساحة المزروعة 222,291 هكتاراً موزعة كما يلي: دمشق 1,324 هكتاراً، ريف دمشق 23,507 هكتاراً، درعا 7,948 هكتاراً، السويداء 8,070 هكتاراً، القنيطرة 2,024 هكتاراً، حمص 26,215 هكتاراً، حماة 19,044 هكتاراً، الغاب 5,138 هكتاراً، حلب 30,945 هكتاراً، إدلب 36,685 هكتاراً، اللاذقية 7,794 هكتاراً، طرطوس 13,633 هكتاراً، الرقة 12,036 هكتاراً، دير الزور 4,429 هكتاراً، والحسكة 23,972 هكتاراً 

   الأنواع الرئيسية المستخدمة في برامج التشجير هي بينوس بروتيا (Pinus brutia)، بينوس بينيا (P. pinea)، بينوس هاليبينسيس (P. halepensis )، سيبروسيس (Cupressus spp.)، أوكاليبتوس كامالدولينسيس (Eucalyptus camaldulensis)، أوكاليبتوس ميليودورا (E. meliodora)، وأوكاليبتوس غومفوسيفالا (E. gomphocephala)، وبيستاشيا (Pistacia spp)، وبيروس سيرياكا(Pyrus syriaca). معظم المناطق المزروعة واقعة في المناطق الداخلية من البلاد. وتبعاً لهذا، فإن معدّل نجاة الشتول المزروعة يتأثّر بالظروف البيئية غير المواتية وتحتاج الشتول إلى ري خلال السنوات الأولى من زراعتها. 

   إن توسّع المستوطنات البشرية، ومن ضمنها إنشاء منازل الاصطياف والبنية التحتية ما زال خطراً كبيراً يتهدد الأنظمة البيئية للغابات في المنطقة الساحلية. تشكّل حرائق الغابات خطراً دائماً على موارد الغابات. وعلى سبيل المثال، دُمّر أكثر من 20,000 هكتار من الغابات بالحرائق قرب الحدود مع تركيا عام 2004 (الأخبار الدولية لحرائق الغابات 2004). وقد تم تحويل ما يصل إلى 8,000 هكتاراً من الغابات إلى استعمالات أخرى للأراضي بالحرق بين عامي 1985 و1993، و2,440 هكتاراً إضافية من الغابات تحوّلت إلى أراض زراعية خلال الفترة نفسها. ووفقاً للبنك الدولي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، احترق أكثر من 20,000 هكتار من الغابات الساحلية في الشمال الغربي لسورية منذ السبعينيات مؤدية إلى تعرية سنوية للتربة تبلغ 20 طن/هكتار على المنحدرات . 

3.2.2 الأراضي الزراعية

   حتى منتصف السبعينيات، كانت الزراعة النشاط الاقتصادي الرئيسي لسورية. ومنذ بداية السبعينيات، أضحت المساهمة النسبية للقطاع الزراعي في الاقتصاد أقل مع نمو القطاعات الأخرى بسرعة أكبر. وحتى اليوم، مازالت الزراعة تعطي 20 بالمئة من إجمالي الناتج المحلّي للبلاد و10 بالمئة من إجمالي الصادرات. والحقيقة الأهم هي كون ثلث سكان سورية إلى نصفهم مازالوا يعيشون في المناطق الريفية، مانحين القطاع الزراعي بعداً يتجاوز العوامل الاقتصادية المجرّدة. ومازال القطاع الزراعي يعاني من ضعف كبير في الاستثمار. تقف القروض الممنوحة لهذا القطاع عند 13 بالمئة فقط من مجموع القروض المستحقة للقطاع المصرفي عام 2007، وهي أقل بكثير من مساهمة الزراعة في إجمالي الناتج المحلّي.

   تملك سورية شبكة ري كبيرة على مساحة 500,000 هكتار ويذهب 90 بالمئة من استخدامات المياه إلى شبكة الري. إن الرسوم المحصّلة من المزارعين لقاء مياه الري لا تشكّل أي حافز لهم للمحافظة على المياه. ورسوم المياه ثابتة بحسب وحدة المساحة بغض النظر عن مستوى الاستهلاك وهناك نقص في المراقبة الملائمة لاستعمال المياه. تغطي بنية التعرفة المائية المحصّلة من المزارعين جزءاً فقط من تكاليف شبكة توزيع مياه الري إضافة إلى كلفة تشغيل هذه الشبكة وصيانتها. التعرفة ثابتة عند حوالي 70 دولاراً أميركياً/هكتار بغض النظر عن نوع المحاصيل أو كمية المياه المستهلكة. وسيكون من المهم التحول إلى تعرفة مبنية على كمية المياه المستعملة في الري، رغم أنه حتى الآن لا توجد سياسة قوية لتحديد أسعار مياه الري، ولا تشريع قانوني لفوترة سعر الري مع نظام يعتمد على كمية المياه (آكواستات 2008). قد يكمن الحل في إصلاح سياسة التسعير التي تربط رسوم المياه بمستوى الاستهلاك وتوافرها الموسمي. يمكن لهذه التغييرات في السياسة أن تحسّن إنتاجية المياه وخصوصاً في حقول القطن المروية بتسريع الاستبدال التقني (أنظمة الري بالتنقيط مثلاً) والذي يحتاج إلى كثافة في رأس المال وكذلك إجراءات إدارة المياه والتي تحتاج كثافة في اليد العملة. إن إدخال طرق الري بالتنقيط والرذاذ والري تحت السطح معوق بسبب المبلغ المحدود للأموال المتوافرة للمزارع العادي. وفي المناطق التي تسود فيها الآبار الخاصة، تكون القضايا الرئيسية هي ضخ المياه غير المنضبط والحفر غير القانوني للآبار.

   بدأت وزارة الري عام 2001 وبأموال وطنية كثيرة خطة طموحة لإعادة تأهيل وتحديث مشاريع الري القديمة لتحسين كفاءة النقل وتقليل فاقد النقل إلى الحد الأدنى من خلال تحويل أنظمة الأقنية المكشوفة إلى أنظمة الأنابيب المضغوطة وإعادة تأهيل أنظمة الأقنية. لكن مستوى اعتماد هذه الأساليب ما زال منخفضاً، وهذا مردّه إن لم يكن لشيء فهو لنقص الثقة بين المزارعين في العائد المالي المتوقّع.

   تدهورت مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية المرويّة بسبب تملّح التربة وتشبّع الأرض بالمياه، وخصوصاً في الأجزاء الدنيا من وادي الفرات، بسبب سوء أنظمة تصريف المياه. ونتيجة لذلك تركّز مزيد من العمل مؤخراً على تركيب مصارف أفضل واستعادة المناطق الموجودة بدلاً من التوسّع إلى مناطق جديدة.

   تُستخدم الكيماويات الزراعية بشكل واسع في سورية، وفي الفترة بين عامي 1990-1994 على سبيل المثال تم استخدام ما يقارب 800 طن من المبيدات الحشرية، ومبيدات الأعشاب ومبيدات الفطور وغيرها من المبيدات. في عام 2001 تم استخدام 2355 طن من المبيدات الزراعية و تقريباً تضاعف هذا الرقم إلى 50303 طن في عام 2007 . تم تنفيذ مشروع ممول من قبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وبمساعدة فنّية من منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة في 2002-2003 وقامت به وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي ووزارة الإدارة المحلية والبيئة لإعادة تغليف وتخزين 600 طن من المبيدات المهجورة بشكل سليم، من ضمنها 217 طناً من المبيدات الحشرية المكلورة (الليندين). وقد قامت الهيئة السويسرية السويسرية للتعاون الإنمائي ومرفق البيئة العالمي مؤخراً بالموافقة عل تمويل مشروع جديد للنقل الآمن لهذه المبيدات المهملة ومعالجتها خارج سورية. 

4.2.2 المراعي

   يتألّف قسم كبير من مساحة أراضي سورية من البادية، وهي تتميز بمناخ جاف مع معدّل هطول سنوي أقل من 150 ملم، ولكن هنالك تفاوت كبير في الهطولات ودرجات الحرارة، فمعدّلات التبخّر عالية بسبب الصيف الحار والرياح القوية. يسمح الشتاء البارد بفصل نمو قصير. التربة عموماً كلسيّة وجصّية وضحلة وصخرية وفقيرة جداً بالمادة العضوية. يحدّ العجز المزمن في المياه وانخفاض خصوبة التربة من نشاط إنتاج الأعلاف والمواشي. يقطن البدو في البادية ويعيشون على السهوب، وبشكل رئيسي على تربية المواشي. ومورد رزقهم يتعرّض لتهديد خطير بسبب القحط المتكرر وتدهور موارد رعي حيواناتهم. تعتبر البادية عادة غير صالحة لزراعة الأراضي الجافة. كانت الحياة البريّة وفيرة، لكنّ الرعي الجائر والصيد غير المنضبط أدّيا لانقراض أنواع كثيرة.

  تظهر أهمية البادية لقطاع المواشي في سورية عبر الأرقام التالية:

- تنتج البادية 3.2 مليون طن من علف الماشية في العام الذي يكون فيه الهطول المطري بمعدله.

- قامت البادية بتزويد متطلبات العلف الرئيسة لخمس ملايين رأس غنم، لكنها الآن تعمل على تأمين فقط حوالي 20-25% من العلف اللازم.

- تنتج البادية حوالي ثلثي إجمالي إنتاج اللحم الأحمر في سورية.

- تنتج البادية ثلث إجمالي إنتاج الحليب في سورية

  مع ذلك و بالرغم من الجهود و البرامج التي تبذلها وزارة الزراعة و الإصلاح الزراعي – مثل مخازن علف الماشية، منشآت التوزيع ، السدود السطحية ، إضافة إلى زراعة الشجيرات فوق ملايين الهكتارات – يستمر الغطاء النباتي في البادية بالتدهور.

   تعتبر الأغنام أهم موارد الماشية ، كونها متواجدة عبر معظم مناطق القطر. إن غنم العواس ذو الذيل المدهن هو السلالة الوحيدة في سورية التي تكيفت مع الظروف البيئية القاسية و هو الصنف الأساسي في سورية. و غنم العواس مشهورة بحليبها و لحمها و معروفة بقدرتها على تحمل الحرارة و الجفاف و البرد. يوجد حوالي 11.5 مليون رأس من غنم العواس و التي تساهم بحوالي 78 بالمائة من إنتاج اللحم الأحمر و 30% من إنتاج الحليب و 100% من إنتاج الصوف في القطر.

   ازدادت أعداد الماشية في البادية السورية بشكل مستمر في العقود الماضية، والمستوى الحالي يتجاوز بوضوح المقدرة الاستيعابية لهذا النظام البيئي الهش. يمكن مشاهدة ظاهرة الرعي الجائر في كافة أرجاء البادية، وهي تُعزى جزئياً إلى توافر الأعلاف الحيوانية المدعومة. إن تزايد استقرار السكان البدو أدّى إلى تمركز المواشي حول أماكن السكنى، مما له عواقب خطيرة على تدهور التربة هناك. إن زراعة البادية بالمحاصيل الحقلية كالشعير زاد من تفاقم الوضع. يُستخدم الشعير كمحصول نقدي يجلب دخلاً إضافياً للبدو وكنبات علفي (برعي القطعان في الحقول المحصودة) في آن واحد. حراثة البادية تجعل التربة عرضة لحت الرياح. وقد أُعلنت مناطق الرعي الآن أرضاً للدولة للرعيان فيها حق الدخول التقليدي. ولكن لا توجد ملكيات للبدو يمكن أن تشكل حوافز لعدم الاستخدام الجائر للأرض. يشكّل التغيّر المناخي مع تزايد تكرار فترات الجفاف تهديداً إضافياً للنظام البيئي الهش. تم ربط فترات الجفاف في عامي 2007 و2008 بالتغيّر المناخي وكان لها آثار اقتصادية اجتماعية على سكّان البادية.

   إن التغيرات السياسية و الإجتماعية و الاقتصادية التي حصلت خلال العقود القليلة الماضية بما في ذلك إعلان البادية كأراضي الدولة، أدت إلى زيادة التنافسية على الموارد المتناقصة و تزايد تجاهل التدهور البيئي. النتائج كانت تراجع ملحوظ في نوعية و كمية الأعلاف البلدية إضافة إلى اعتماد أقوى على الشعير و الذي ساهم أكثر في تدهور أراضي المراعي. إن تنقل البدو بهدف الرعي الموسمي و طريقة حياتهم التقليدية تواجه الانقراض. و يحتاج الأمر إلى جهود ضخمة لاستقرار تعداد المواشي على مستوى مستدام و لاستعادة المراعي المتدهورة. هذا الأمر سيكونمكلف جداً، لكن سيكون أكثر كلفة لو أخفقنا في إيقاف التصحر في المراعي، حيث أن قطعان الماشية سوف تتناقص في النهاية و تؤدي إلى الفقر الذي سيجبر البدو إلى الهجرة بأعداد كبيرة من المناطق المتأثرة. 

5.2.2 الموارد البحرية

   إن الساحل السوري - وإن يكن قصيراً - والبيئة البحرية يقدّمان بعض المساهمة في الاقتصاد. صيد الأسماك محدود جداً، ببضعة مراكب صغيرة ومتوسطة الحجم تصطاد السمك قبالة ساحل المتوسط. لقد تزايدت كميات السمك البحري التي تم صيدها منذ أواسط الثمانينيات وبلغت 2,581 طنّاً مترياً عام 2000.

  تتكون الحياة السمكية في سورية من 224 صنف تتبع إلى 155 جنس و تخص 75 عائلة تغلب عليها عائلات السباريدا و البلينيدا و الكارانجيدا و الغوبيدا. و تتضمن الحياة السمكية 37 صنف مهاجر من البحر الأحمر و 14 صنف منشأه من غرب المتوسط و المحيط الأطلسي.

   الشواطئ قرب اللاذقية مواقع تعشيش مهمة لنوعين من السلاحف البحرية، وهما السلحفاة الخضراء والسلحفاة ضخمة الرأس. كلا النوعين مهدد بالانقراض وفي حاجة ماسّة لإجراءات الحماية. من المقترح إعلان الموقع الرئيسي لتعشيش السلاحف البحرية كمنطقة محمية طبيعية. إن فقمة المتوسط الناسكة المهددة جداً بالانقراض كانت موجودة سابقاً على طول الشاطىء السوري لكن يبدو أنها قد اختفت بسبب المضايقة و الإزعاج من الصيادين. وأخر تقرير عن مشاهدتها يعود لعام 2002.

   إن تلوّث مياه البحر قضية رئيسية على طول الساحل السوري. وهناك أربعة مراكز سكّانية كبرى: اللاذقية، طرطوس، جبلة، وبانياس وهي تلقي بمياه المجاري غير المعالجة في البحر، إضافة إلى عدد من البلديات الأصغر حجماً وكذلك البلدات غير الساحلية التي تصل مجاريها إلى البحر عبر الأنهار التي تصب في البحر. تتجلّى حدة مشكلة مياه المجاري البلدية في انجراف مياه الصرف غير المعالجة على طول خط الساحل، ونمو بعض العضويات على حساب أخرى والتلوث الجرثومي لمياه البحر الساحلية عند المواقع التي تصب فيها مياه الصرف. وتصبح المشكلة حادة بشكل خاص خلال أشهر الصيف.

يحدث التلوّث الصناعي على طول الساحل بسبب الصناعات التالية:

مصفاة بانياس للنفط: التي تعتبر ملوثاً رئيسياً في المنطقة الساحلية. فهي تطرح فضلاتها الصناعية السائلة عبر خط أنابيب مشترك مع محطة بانياس للنفط في البحر مباشرة. تنتج الفضلات السائلة عن العمليات الصناعية، وفصل الماء عن النفط الخام في خزانات التخزين، وتجري المياه السطحية ملوّثة بالتسرّبات التي تفيض عادة عن أحواض الاحتجاز خلال فترات الأمطار الغزيرة.

- محطات تصدير النفط في بانياس وطرطوس: تحوي الفضلات المائية مياهاً سطحية ملوّثة بفائض الهيدروكربونات التي تنشأ من الماء المفصول عن مشتقات النفط في خزانات التخزين ومن تسربات النفط حول الخزانات النفطية. لا تجري أية معالجة لمياه الصرف على فضلات محطة بانياس لتصدير النفط، فيما تتم معالجة جزئية على فضلات نهر الحسين في محطة طرطوس للنفط والذي يصب في النهاية في البحر المتوسط.

- محطة بانياس الحرارية لتوليد الكهرباء: تنشأ مياه الصرف من أربعة مصادر: المياه الناتجة عن إزالة قساوة المياه، مياه العمليات الصناعية، تنفيس المراجل، وفائض المياه السطحية الملوّثة بالهيدروكربونات من التسربات حول خزانات الوقود. تُعالج المياه في وحدتين جديدتين، لكنّ معالجة طفيفة تتم في الوحدات الأقدم. في ظروف التشغيل العادية، تُقدّر فضلات مياه الصرف المنزلي والصناعي المطروحة مجتمعة بـ 50م3/ساعة، وغالبيتها منزلية في طبيعتها.

- معمل إسمنت طرطوس: ينبعث غبار الإسمنت على شكل جسيمات معلّقة من عملية التصنيع. وقد تم تركيب مرسّبات بالكهرباء الساكنة لاحتجاز الجسيمات قبل إطلاقها في الجو. لكنّ هذه الوحدات تواصل مواجهة مشكلات عديدة تؤدّي إلى تخفيض كفاءتها. وفقاً لخطة العمل البيئية الوطنية 2003، يتراوح وسطي تراكيز الجسيمات المعلّقة في جوار معمل إسمنت طرطوس بين 115 إلى 486 مكغ/م3 وهو يتجاوز الحد المسموح من منظمة الصحة العالمية المحدد بـ 150 مكغ/م3. تم تركيب مصافٍ قماشية، وبات نظام التحكم بانبعاث الغبار الشارد قيد العمل الآن، والذي يُتوقّع أن يخفّض بشكل كبير انبعاث الغبار من معمل إسمنت طرطوس.

- رصيف طرطوس لتحميل الفوسفات: هذا مصدر مهم للجسيمات المعلّقة. تنتج الانبعاثات عن عمليات التعامل مع فلز الفوسفات وتخزينه وتحميله على السفن. تتجاوز تراكيز الجسيمات الحد المسموح به من منظمة الصحة العالمية.

  في إطار برنامج الأمم المتحدة للبيئة- خطة عمل البحر الأبيض المتوسّط، تم تنفيذ مشروع (خطة إدارة منطقة ساحلية) في المناطق الساحلية السورية بين عامي 1989 و1992 لتعزيز التنمية المستدامة المحلية. وفي إطار مشروع الحياة "تحسين مراقبة تدهور الأراضي الساحلية في سورية ولبنان" الممول من قبل المفوضية الأوروبية، تم دعم "برنامج إدارة ورسم خرائط التآكل"، في منطقتين تجريبيتين في اللاذقية وطرطوس على التوالي. كما قامت الوكالة الألمانية للتعاون التقني بدعم تخطيط استعمال الأراضي في المنطقة الساحلية في سورية.

6.2.2 الأنهار والأراضي الرطبة

  تمتلك سورية أراضٍ رطبة رئيسية قليلة جداً غير نهر الفرات. وعلاوة على ذلك، تدهورت معظم هذه الأراضي الرطبة التي كانت موجودة أو تم تدميرها بتجفيف مائها لزراعتها وتحويل مواردها المائية لأغراض الري. إن ساحل البحر المتوسط صخري في معظمه وبه شواطئ رملية ضيقة ولا يحوي أراض رطبة رئيسية. ولا توجد دلتا أو مصبّات أنهار. تجري أعداد كبيرة من الجداول أو الأنهار دائمة الجريان من المرتفعات الساحلية إلى السهل الساحلي الضيق، غير أن جميع الأراضي الرطبة السابقة في هذه المنطقة قد تم تجفيفها عملياً للزراعة وأغراض أخرى.

  حتى أواخر الستينيات، كانت توجد منطقة كبيرة من البحيرات الصغيرة والمستنقعات الدائمة على طول المسار المتعرّج لنهر العاصي في سهل الغاب. في أيامنا هذه، يتم استغلال النهر بكثافة لأغراض الري، وهو جاف عملياً في الصيف. وما زال بعض الفيضان الشتوي يحدث في بعض المناطق. وعندما يوجد بعض الماء في قاع النهر في الشتاء، يكون ملوّثاً بشدّة من المصادر الصناعية والزراعية.

  أكبر أرض رطبة في سوريا هي سبخة الجبّول، وهي بحيرة كبيرة مالحة ضحلة بالقرب من حلب، مشهورة بطيور النحام الكبيرة والطيور المائية الأخرى. أدّت التغيّرات الأخيرة في هيدرولوجيتها إلى تقليل ملوحتها واحتلالها من قبل النباتات المائية. تمت تسمية 10,000 هكتار من سبخة الجبّول أرضاً رطبة ذات أهمية دولية بموجب اتفاقية رامسار عام 1998. تحصل الأراضي الرطبة المتضمنة في هذه اللائحة على مرتبة جديدة على المستوى الدولي ومعترف بها من المجتمع الدولي على أنها ذات قيمة كبيرة ليس للبلد أو البلدان التي تقع فيها وحسب، بل للبشرية جمعاء.

   البحيرات الأخرى الجديرة بالملاحظة هي سبخة الموح قرب تدمر ومجموعة من البحيرات الصغيرة في منطقة جبل سيس في الجنوب. بحيرة قطّينة، المعروفة أيضاً باسم بحرة حمص، هي خزان نصف اصطناعي غني بالنباتات المائية قرب حمص، تشكّلت بسبب سد على نهر العاصي يرجع إلى زمن الرومان. البحيرة ملوّثة بشدّة بالفوسفات واليوريا من معمل الأسمدة المجاور، وقد فقدت أهميتها البيئية كلّياً.

   يجري نهر الفرات نحو 420 كم عبر الأراضي السورية وينضم إليه رافدان مهمّان: نهرا الخابور والبليخ. ومع أن مساحات كبيرة من سهول الفيضان الرطبة قد تم تحويلها إلى أراضٍ زراعية، ما زالت الجزر في النهر تدعم بقايا الغابات النهرية، فيما تبقى بحيرات المنعطفات النهرية والمياه الراجعة الهادئة والمستنقعات النهرية مهمة لطيور الماء المهاجرة. وفي أقصى الشمال الشرقي للبلاد، كانت سلسلة من الينابيع السابقة تغذي بالمياه عدداً من البحيرات الصغيرة والمستنقعات والتي تصرف ماءها في نهاية المطاف إلى أنهار الخابور والبليخ وجغجغة. معظم هذه الأراضي الرطبة تم تجفيفها للزراعة أو أخذ مواردها المائية للري.

   وقد تم التعويض إلى حد ما عن فقدان الأراضي الرطبة الطبيعية في سورية بتشكيل بعض خزانات الماء الكبيرة، والتي أصبح بعضها مهماً لطيور الماء المهاجرة. تم وضع سد على جزء كبير من وادي الفرات وفاض في السبعينيات، مشكّلاً بحيرة الأسد. هذا الخزان الضخم الذي يغطي مساحة 63,000 هكتار وهو أكبر مسطح مائي في البلاد، صار يؤوي الآن أعداداً كبيرة من طيور الماء في الشتاء. البحيرات الاصطناعية المهمة الأخرى تتضمن بحيرة البعث، التي تقع خلف سد على نهر الفرات بعد بحيرة الأسد باتجاه جريان النهر.

3.2 البيئة البشرية (البيئة الحضرية - الصناعية)

1.3.2 مياه الصرف

   إن معالجة مياه المجاري محدودة جداً في سورية. وفي عام 2002، تم تقدير مجموع مياه الصرف الناتجة في سائر أنحاء البلاد بـ 1,346 مليون م3. وحالياً، تتصل بعض المناطق الحضرية فقط (حوالي 20 بالمئة من عدد السكّان) بمحطات لمعالجة مياه المجاري. وهناك حوالي 20 محطة معالجة قيد العمل، تتضمن أربع محطات رئيسية في دمشق وحلب وحمص وحماة والسلمية. لكنّ عمليات المعالجة لا تنطبق عليها دوماً المعايير الدولية، وكثير من أنابيب المجاري ترشح، مساهمة في تلوّث البيئة ومهددة موارد مياه الشرب (تم العثور على تراكيز عالية من النترات مثلاً في المياه الجوفية في ريف دمشق). ولا وجود لمعالجة مياه الصرف في الريف على الإطلاق. وعملياً يتم استخدام جميع مياه الصرف المعالجة مجدداً في الزراعة. وبلغت كمية مياه الصرف المعاد استخدامها حوالي 500 مليون م3 في أوائل عام 2000. هنالك حالات استخدم فيها مياه الصرف الصحي غير المعالج أو المعالج حزئياً أدت إلى مخاطر صحية.

   تلحظ الخطة الخمسية العاشرة إنشاء 200 محطة معالجة جديدة كي تتم تغطية 50 بالمئة من السكان. وبحسب وزارة الإسكان والتعمير، وإضافة إلى محطات المعالجة العشرين، توجد 22 محطة قيد الإنشاء الآن، و95 أخرى في مرحلة من مراحل التخطيط. غالباً ما يكون إنشاء محطات المعالجة مدعوماً من المؤسسات المالية الدولية وتنفّذه الشركات الدولية. وهي تتضمن ريف حلب (بنك الاستثمار الأوروبي)، ريف دمشق (بنك ماليزي)، إدلب (بنك عربي)، طرطوس (مفاوضات مع شركة صينية)، بانياس (مفاوضات على قرض ميسّر من بنك الاستثمار الأوروبي والمفوضية الأوروبية)، الحسكة (مفاوضات على قرض ميسّر مع إيران)، اللاذقية (شركة إيرانية)، اليرموك (دراسة جدوى، بنك التنمية الألماني). 

   وهناك مشروع جارٍ حول إعادة تأهيل ورفع كفاءة محطة معالجة مياه الصرف في مصفاة بانياس، تتضمن المعالجة الكيميائية والحيوية. وكان هناك إعلانان مؤخراً عن إنشاء محطات معالجة مياه الصرف لصناعتي الخميرة والسكّر. ما عدا ذلك، لا تتوافر إلا معلومات ضئيلة عن معالجة مياه الصرف الصناعية.

2.3.2 النفايات الصلبة

  يتم جمع القمامة من كل البلدات السورية. وهو يتم بشكل رئيسي من قبل البلديات، ما عدا بعض البلدات حيث يتم الجمع بالمشاركة بين بعض الشركات الخاصة والبلديات. معظم البلدات لديها ما يسمّى "مديريات نظافة" يرأسها مهندس. يتم التخلص من معظم النفايات برميها في مكبّات مفتوحة توجد على أطراف البلدات. الحرق المفتوح شائع جداً في سورية مضيفاً بذلك الديوكسين وغازات أخرى لتلوّث الهواء الناتج أصلاً عن النفايات المكشوفة. في معظم الحالات، يتم خلط النفايات الطبية وغيرها من النفايات الصناعية الخطرة مع النفايات المنزلية قبل التخلص منها (أنظر أدناه).

    إن ممارسة الطمر الصحي ما زالت حديثة العهد في سورية. لا تمر معظم النفايات بأية معالجة تكييفية. أفضل مدفن قمامة هندسة موجود في حمص بطبقة صلصالية قليلة النفوذية. وهو مسوّر من كل أطرافه تقريباً، والدخول إليه منظّم، ويتم جمع الغاز الحيوي فيه. يوجد في دمشق وحماة مدافن قمامة مضبوطة جزئياً، وتسوية منتظمة، ورص وتغطية للنفايات. مدفن القمامة في دير الزور مزوّد بغشاء أرضي زفتي (بيتوميني)، لكنّه لا يضمن عزلاً مائياً تاماً بسبب طبيعة المادة وأبعادها غير الكافية. أما مشاريع مدافن القمامة الصحّية في اللاذقية وطرطوس، التي ستبنى من مصادر وطنية، هي الآن في مرحلة متقدّمة، لكنّ تنفيذها لن يبدأ على الأرجح قبل 2010. 

   هنالك محطتا تصنيع سماد الكومبوست من القمامة في سورية: واحدة موجودة في دمشق وهي محطة نموذجية بطاقة 500 طن يومياً، والأخرى في اللاذقية بطاقة يومية قدرها 137 طناً، لكنها قديمة وتعاني من سوء الصيانة. وقد تم إنشاء محطة تجريبية أيضاً لصنع السماد عبر معالجة ميكانيكية-حيوية قبل دفن القمامة في بلدية السلمية قرب حماة بدعم من الوكالة الألمانية للتعاون التقني، وهناك مشروع مصنع سماد آخر مخطط له في بلدية القصير بناء على التجارب في السلمية. ولا وجود لنظام إعادة تصنيع رسمي غير هذا في سورية. ولكن هنالك قطاع خاص يشارك بشكل غير رسمي عبر نبش القمامة بحثاً عن المواد الصالحة لإعادة التصنيع. لا تتوافر بيانات كافية، لكنّ هذه الفعاليات شائعة في أرجاء البلاد كلها. إذ يكسب نابشو القمامة رزقهم من فرز وبيع البلاستيك والمعادن والزجاج إلخ. ويتم جمع الفضلات العضوية لإطعام الحيوانات. لا يُسمح لنابشي القمامة بالعمل في المكبّات، لكنّهم يقومون بذلك على أية حال والبلديات تستفيد من عملهم: فهم يقللون من كمية النفايات ويتم استخدام المواد التي يمكن إعادة تصنيعها على أفضل وجه.

   لا توجد حالياً أي تشريعات ناظمة لمطامر القمامة حسب المعايير والتي توفّر أسس المراقبة لكن هناك نواظم وطنية لهذه المعايير قيد الإعداد. عملياً، ليس هناك أي مكب من مكبات القمامة مصمم حسب المعايير السليمة، ولم يتم تصميم أي منها هندسياً لكي يتعامل بشكل محدد مع النفايات الخاملة والضخمة. إن مكبات النفايات في سورية بدائية، بسيطة للغاية، وتتم إدارتها بشكل سيئ بسبب نقص المواد والمعرفة والتمويل.

  تتمثل إحدى الاختناقات التي تواجه تأسيس أنظمة إدارة سليمة للنفايات الصلبة في سورية في عدم كفاية استعادة التكاليف. حالياً، غالباً ما تكون استعادة التكاليف أقل من 10 بالمئة (أنظر الجدول) وبذلك تكون غير قابلة للتطبيق اقتصادياً. يبدو أن استعادة التكاليف عالية في حمص فقط، لكنهم هناك احتسبوا منحة دولية ضمن استعادة التكاليف (والتي لا يجب أن تحسب بهذه الطريقة). كما يجب أن يؤخذ في الاعتبار أيضاً أن تحصيل الضرائب البلدية منخفض، دون 50 بالمئة. لذا فإن أي جهود لتحقيق استعادة أفضل للتكاليف يجب أن تمشي يداً بيد مع الجهود لتحسين نظام تحصيل الضرائب.

   كلّفت وزارة الإدارة المحلية والبيئة شركة "تريفالور" الفرنسية بإعداد خطة رئيسية لإدارة النفايات البلدية في سورية. وقد تم إتمام التقرير عام 2004 . وهو يعطي توصيات مفصّلة لتحسين جمع النفايات (الحاويات، المركبات، العمّال والمهندسون، ومراكز إلقاء القمامة)، ونقلها (شبكة محطات الترحيل)، ومعالجتها (محطات تصنيع السماد/فرز المواد)، والتخلص منها (مدافن القمامة الصحية). كما تعطي الخطة أيضاً اقتراحات مفصّلة لإنشاء 40 موقعاً لدفن القمامة الصحي و38 محطة للفرز، و22 محطة لتصنيع الأسمدة، و110 محطات ترحيل. تقدّر تكاليف الاستثمار الكلّية بـ 1.7بليون ليرة سورية (حوالي 28 مليون يورو) وكلفة التشغيل هي 280 مليون ليرة سورية.). يتم التحضير حالياً لإدخال تقنية حرق النفايات بالترميد كأحد عناصر الإدارة المتكاملة للنفايات الصلبة و إنتاج الطاقة.

جدول (3): استعادة الكلفة الحالية للنفايات الصلبة البلدية في محافظات سورية. المصدر: وزارة الإدارة المحلّية والبيئة.

توزيع النفايات البلدية في المحافظات السورية (الوسطي بالكغ لكل ساكن في اليوم، دون حساب نفايات الهدم).
المصدر: الخطة الرئيسية لتريفالور 2004.

3.3.2 المواد الكيميائية والنفايات الخطرة

  تشكل النفايات الخطرة مشكلة رئيسية في معالجة النفايات الصلبة، لأن كمية صغيرة من النفايات تكون مسؤولة عن إحداث قدر كبير من تلوّث. تقدّر النفايات الخطرة من المنازل بمقدار 0.9 كغ لكل ساكن في السنة، أو ما يقارب مجموعه 16,000 طن/سنة. هذه النسبة تعادل نصف ما يتم توليده من نفايات خطرة من المنازل في أوروبا.

  إن النفايات الخطرة تكون محتواة في النفايات المنزلية (مثل البطاريات التي تحوي قدراً عالياً من الزئبق والنيكل-كادميوم). إنها لا تُجمَع بشكل منفصل، ما عدا النفايات الطبية في دمشق. تجبر مديرية النظافة في دمشق المستشفيات على فرز نفاياتها ووضع نفاياتها الطبية في حاويات منفصلة، حيث تجمع بشكل منفصل من قبل شاحنات قمامة خاصة، ثم ترحّل إلى محارق معيّنة حيث يتم إحراقها. في عام 2002، جمعت مديرية النظافة في دمشق 711 طناً من النفايات الطبية (2.3 طن/يوم). بلغت النفايات الطبية الإجمالية 3,000 طن في عام 2002، ويقدّر أن تزيد بمقدار 4,500 طن بحلول 2010.

جدول (4): كمية النفايات الخطرة في سورية

   بالنسبة للنفايات الطبية، توصي الخطة الرئيسية بإنشاء مركز معالجة واحد لكل محافظة، يستخدم المِعقَم (التعقيم بالبخار) أو تقنيات التعقيم الكيماوي. لا يُنصح بالحرق بسبب الكُلفة والآثار البيئية المحتملة (الانبعاثات الجوية والرماد السام). يجب تحديد النفايات الخطرة الأخرى مثل البطاريات والمذيبات والزيوت والمبيدات الحشرية والدهانات وجمعها بشكل منفصل، وتخزينها بشكل آمن في حاويات يمكن إقفالها ثم معالجتها في مراكز ومدافن قمامة خاصة. تم اقتراح موقع مركزي للمعالجة الكيميائية والفيزيائية والحرق. وإذا لم يتحقق هذا، ستحتاج النفايات الخطرة إلى التصدير لمعالجتها والتخلص منها.

   الحكومة السورية على علم بتشريع المجموعة الأوروبية الجديد حول الكيماويات واستخدامها الآمن (المجموعة الأوروبية 1907/2006). دخل التشريع الذي يختص بتسجيل وتقييم وترخيص وحظر المواد الكيماوية، حيز التنفيذ عام 2007. ويهدف هذا التشريع إلى تحسين حماية الصحة البشرية والبيئة من خلال التعرّف المبكر والأفضل للخواص الذاتية الأصلية للمواد الكيماوية. شارك ممثلون من وزارة الصناعة في التدريب على هذا التشريع وآثاره على الصادرات السورية إلى الاتحاد الأوروبي. 

   ثمة اقتراح لإنشاء مركز إنتاج نظيف بمساعدة منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية. ولم يتم اتخاذ أي قرار بعد.

مواقع الصناعات الرئيسية في سورية :

4.3.2 الضجيج 

  في السنوات الأخيرة، أصبح التلوث بالضجيج مشكلة خطيرة في معظم المناطق الحضرية وخصوصاً في المراكز الحضرية مثل دمشق وحلب. تراوحت مستويات الضجيج في الأجزاء السكنية والتجارية من دمشق بين 70 و79 ديسيبل، وبين 74 و94 ديسيبل في المناطق والورشات الصناعية المجاورة. وقد تم تسجيل مستويات مماثلة أيضاً في حلب. وقد تم تسجيل مستويات عالية من الضجيج أيضاً (60-67 ديسيبل) داخل مباني المستشفيات في دمشق. وتتفاقم المشكلة نتيجة أسطول السيارات الذي يتزايد بسرعة والسير المزدحم في دمشق وحلب. تم اعتماد حدود وطنية قصوى مسموح بها من الضجيج من قبل مجلس حماية البيئة والتنمية المستدامة، إلا أن تطبيقها ومراقبتها ما زالا ضعيفين.

5.3.2 التوسع الحضري 

   مرّت سورية بعملية نمو حضري سريع منذ الثمانينيات، حين كانت معدّلات النمو السكاني عالية إلى حد 5 بالمئة؛ والمعدّل الحالي أدنى من ذلك لكنه يبقى مرتفعاً إلى حد ما وفقاً للمعايير العالمية. يعيش حوالي 55 بالمئة من السكّان في المناطق الحضرية. ويتركّز حوالي 45 بالمئة من مجموع السكّان في دمشق وحلب وحولهما. يُتوقع أن يرتفع عدد سكان المدن من 9.6 (2005) إلى 18.3 مليون نسمة (2030)، وعندها سيكون أكثر من نصفهم يعيشون في دمشق وحلب.

   هناك بعض العوامل السكّانية (الديمغرافية) الهامّة التي تكوّن أساس هذه العملية من النمو الحضري السريع، وهي تستحق ذكرها بشكل خاص :

- النمو السكاني: يبلغ عدد السكان الحالي 20.1 مليوناً تقريباً، ويزداد بمعدّل سنوي يفوق 2.3 بالمئة.
- الهجرة من الريف إلى المدينة ضمن حدود المحافظات وارتفاعها نحو دمشق وحلب وحمص ومدن رئيسية أخرى
.
- النزوح الداخلي للسكان الناجم عن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي السورية
.
- الهجرة الدولية وتدفّق اللاجئين، وعلى رأسهم الفلسطينيين واللبنانيين والعراقيين، وتقول التقارير إن سورية قد استقبلت ما بين 1.5 مليون إلى مليوني لاجئ عراقي في السنوات الأخيرة، وبذلك تكون إحدى الدول التي استقبلت أكبر عدد من اللاجئين عام 2007.

   إن التأثيرات البيئية الناتجة عن النمو الحضري السريع تتعاظم: تلوث الهواء، تلوث الماء، نقص الطاقة، إلخ. وهناك أيضاً قضايا الأراضي من توسّع المدن الذي يشكل مشكلة بيئية كبرى: إذ يتضمن نمو المدن السريع مشاكل خطيرة في توفير الأراضي والمساكن، وتوسع المدن. وقد أدى نقص آليات التخطيط العمراني الكافية بما فيها تحرير الأراضي العامة والخاصة من أجل إعمارها إلى اختناق كبير في سوق الأراضي والمساكن وهو يشكّل مشكلة رئيسية في التخطيط لاستعمالات الأراضي. إن عمليات التوسع الحضري المستمرة هي انعكاس مباشر للأزمة الحالية في الأراضي والمساكن في البلاد: فالتطور الحضري كان يجري في تزايد بشكل غير منظّم.

  وفي الواقع، فإن إعمار الأراضي بشكل غير منظّم يجري منذ الستينيات، لكنّه يتصاعد بشكل مؤكّد: تشكّل المساكن غير المنظّمة نسبة 50 بالمئة من النمو الحضري في ضواحي التجمّعات السكنية وهي تؤوي 40 بالمئة من السكّان . وقد قُدّرت نسبة الإعمار غير المنظّم بأنها بين 40 إلى 50 بالمئة في دمشق. وأكثر من أي وقت مضى، لم يعد الوصول غير المنظّم إلى الأراضي والمساكن هو الاستثناء، بل أصبح القاعدة.

3 السياسة البيئيّة، إطارها التشريعي والمؤسساتي

1.3 الهيكل المؤسساتي

   يعتبر مجلس حماية البيئة والتنمية المستدامة السلطة البيئيّة العليا في سورية، وتقع عليه مسؤوليّة وضع السياسة الوطنيّة وتنسيق الفعاليّات البيئيّة. وقد تمّ تأسيسه في إطار القانون رقم 50 لعام 2002 ليحل محل المجلس الأعلى لسلامة البيئة الذي نص عليه المرسوم التشريعي رقم 11 لعام 1991. يتألف مجلس حماية البيئة والتنمية المستدامة من ممثلين من كل الوزارات القطاعيّة بالإضافة إلى ممثلين عن الشركاء المعنيين، مثل الاتحاد العام النسائي واتحاد العمّال ورئيس غرفة الصناعة، إلخ.

  أُسست وزارة الدولة لشؤون البيئة عام 1991 وهي مفوّضة لحماية البيئة بكاملها، وكانت أوّل وزارة بيئيّة مستقلّة في الدول العربيّة. تمّ بعد ذلك دمجها بوزارة الإدارة المحليّة لتصبح وزارة الإدارة المحليّة والبيئة، وبحسب معلومات حديثة، يتمّ حالياً بذل الجهود لإعادة تقسيم الوزارة إلى وزارتين، إحداهما للإدارة المحليّة والأخرى للبيئة. تقدم عدد من اللجان الفنيّة الاستشاريّة والفرعيّة المساعدة لوزارة الإدارة المحليّة والبيئة، وتقوم بأعمالها عن طريق هيئتين تنفيذيتين:

– الهيئة العامّة لشؤون البيئة، وهي الذراع الفنيّة للوزارة وتقدم لها المشورة حول السياسات والأمور الفنيّة على المستويين المركزي والمحلي. وتعمل الهيئة العامّة لشؤون البيئة عن طريق عدد من المديريّات المركزيّة تشمل منها تلك المتعلقة بالتنوّع الحيوي، وسلامة المياه، وسلامة الأراضي، وتغيّر المناخ، وسلامة الغلاف الجوي، والسلامة الكيميائيّة، وتقييم الأثر البيئي والتوعية العامة، إلخ.

– مركز الدراسات البيئيّة، وهو الذراع العلميّة للوزارة، ولديه صلاحيّة تنفيذ عمليات مراقبة التلوّث وضبطه وإجراء البحوث عليه، والتنسيق مع المؤسسات البحثيّة الوطنية و الدولية. تم إنشاءه في عام 1995 بهدف تعزيز دوره كمركز وطني لتنفيذ الأبحاث و الدراسات البيئية التي ستساعد الحكومة السورية و صناع القرار في متابعة المواضيع البيئية في سورية و في وضع خطط العمل و منهجيات مكافحة التلوث. مع ذلك فإن المنركز لم يتمكن من تحقيق هذا الدور نظراً لنقص في التجهيزات الضرورية و الكزادر التقنية و الخبراء المؤهلين و الباحثين. علاوة على ذلك و لأكثر من عقد من الزمان كان المركز منخرطاً بشكل أساسي في حملات متفرقة لقياس التلوث و بعض الدراسات المتعلقة بغازات الدفيئة و التغيرات المناخية و النفايات الصلبة و تلوث الهواء و المياه. في هذه الأيام تلقى المركز اهتماماً كبيراً من الحكومة و دعم و تمويل حيث أصبح له بناء جديد و مخابر حديثة لمراقبة التلوث و تنفيذ البحوث. مع ذلك مازال المركز يعتمد كثيراً في تنفيذ الدراسات و البحوث بالتعاون مع الباحثين من الجامعات الوطنية.

  بناءاً على قرار وزاري، بدأت وزارة الإدارة المحليّة والبيئة في عام 2004 بتأسيس مديريات بيئيّة في المحافظات السوريّة. اليوم يوجد مديريات للبيئة في جميع المحافظات السوريّة الأربع عشرة، كجزء من عمليّة الإدارة المحليّة. و هذه المديريات لها تبعية جزئية لأمانة سر المحافظة إضافة إلى تبعيتها للهيئة العامة لشؤون البيئة. ويتمّ الآن تزويد هذه المكاتب بالمخابر الثابتة والمتحركة بالإضافة إلى المعدات المتخصصة، بهدف تنفيذ السياسات البيئيّة ومراقبة الامتثال للالتزامات ذات الصلة على المستوى المحلي. مع ذلك تم ملاحظة وجود نقص في الموارد البشرية و المادية و هاك حاجة لمزيد من الوقت لتطوير هذه المديريات لتصبح قادرة على تنفي ذ مهامها بالكامل.

   العديد من القضايا البيئية تقع ضمن مسؤوليات وزارة الزراعة و الإصلاح الزراعي. البنية المؤسساتية لوزارة الزراعة و الإصلاح الزراعي تتضمن مديريات الزراعة في جميع المحافظات و بعض الإدارات المركزية بما في ذلك إدارة الموارد الطبيعية. إن إدارة المحميات و التنوع الحيوي و حماية و إنتاجية الغابات ..وغيرها.. تقع ضمن مسؤوليات مديرية الحراج و التاي تتكون من خمسة قطاعات و تتضمن أكثر من خمسون من الكوادر.

   أما الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية فهي مظلة ينضوي تحتها جميع المؤسسات البحثية العاملة في مجال البحوث الزراعية ضمن وزارة الزراعة و الإصلاح الزراعي. تتكون الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية من شبكة جيدة الأساس من 19 مركز بحثي و 50 محطة بحثية و 70 من المخابر المتخصصة لتغطي جميع المناطق الزارعية-الإيكولوجية في القطر. يتضمن الكادر في الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية 180 من حملة الدكتوراه و الماجستير و حوالي 1000 من الزراعيين. و ميزانيتها السنوية تبلغ حوالي 20 مليون دولار أمريكي.

  تلعب وزارة الري دوراً أساسياً في حماية الموارد المائية و تطوير السياسات المائية و مكافحة التلوث .. وغير ذلك من الأمور.. وذلك من خلال الهيئة العامة للموارد المائية.

   قامت الوزارات القطاعيّة المختلفة بتأسيس مديريّات بيئيّة ترتبط بوزارة الإدارة المحليّة والبيئة عن طريق عدد من اللجان ومجموعات العمل، إلخ.

   يتم تنفيذ الأبحاث في المواضيع البيئية في الجامعات و مراكز البحث المتخصصة التابعة لوزارة التعليم العالي. و يتضمن ذلك معهدين متخصصين يتبعان لجامعة تشرين في اللاذقية؛ هما المعهد العالي للبحوث البيئية الذي أس في عام 2001 و الذي يتكون من ثلاثة أقسام رئيسية هي قسم الهندسة البيئية و قسم الكيمياء البيئية و قسم الحماية البيئية و اهمتامته الرئيسة هي في مواضيع إدارة المياه و النفايات. أما المعهد الثاني فهو المعهد العالي للبحوث البحرية.

   إضافة للمعاهد الوطنية ، هناك مؤسستان دوليتان تعملان في سورية هما: المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (إيكاردا) و هو أحد المراكز الخمسة عشر المدعومة من قبل المجموعة الاستشارية للأبحاث الدولية الزراعية (CGIAR). تقوم إيكاردا من خلال محطة البحث الرئيسة و مكاتبها في حلب بالعمل في القطر بالشراكة مع المؤسسات و الجامعات و المنظمات غير الحكومية و الوزارات الوطنية و الإقليمية و الدولية في العالم النامي و أيضاُ مع معاهد البحث المتطورة في الدول الصناعية. المركز العربي لدراسة المناطق القاحلة و الأراضي الجافة (أكساد) موجود في دمشق، و هو منظمة عربية متخصصة تعمل ضمن إطار جامعة الدول العربية لتطوير البحث العلمي الزراعي في المناطق الجافة و شبه الجافة بهدف تبادل المعلومات و الخبرات من أجل زيادة الانتاج الزراعي. 

   يعتبر المجتمع المدني البيئي في سوريا ضعيف نسبياً بحسب المعايير الإقليميّة. هناك قرابة 40 منظمة بيئيّة غير حكومية مسجّلة في سورية، لكنّ أغلبها تعاني من قلّة عدد أعضائها ولا تمّلك القدرة على تنفيذ مشاريع وحملات أكبر. ومن المنظمات البيئيّة غير الحكومية السوريّة: اتحاد البيئة السوريوجمعية حماية البيئة السوريّة وصندوق التنمية الريفيّة المتكاملة (فردوس) وجمعية الساحل السوري لحماية البيئة ومنظمة حماية البيئة والتنمية والجمعية السوريّة للحفاظ على الحياة البرية وجمعية تدمر لحماية البيئة والحياة البرية، وغيرها. وتقر الخطّة الخمسية العاشرة بأنّ بيئة عمل المنظمات غير الحكومية في سورية لم تكن ملائمة في الماضي، وتهدف إلى تأسيس المجتمع المدني كقوّة ثالثة تضاف إلى الحكومة والقطاع الخاص .

2.3 الإطار القانوني

   يعتبر قانون حماية البيئة، الذي تم اعتماده باسم القانون رقم 50 لعام 2002، الأداة القانونية المركزية لحماية البيئة، ويحدد مسؤوليات وصلاحيات وزارة الإدارة المحليّة والبيئة. كما يتيح القانون رقم 50 المجال لإنشاء "صندوق حماية ودعم البيئة" من أجل دعم مهام الوزارة.

   تبقى التشريعات القديمة سارية حول نوعية الهواء والماء ومسائل أخرى. تخطط الحكومة لاعتماد قوانين جديدة في هذه المجالات. إن التشريعات المتعلقة بالحراج، والزراعة، والمسامك، والصناعة واستخدم المياه، والنقل، إلخ. كلها تتضمن تعليمات حازمة جداً لحماية البيئة. إلا أنّ الصورة مختلفة بعض الشيء فيما يتعلق بتبني نفس الموقف في القطاع الخاص. والتطبيق ضعيف بشكل عام.

  ليس هنالك حالياً أي تشريع محدد من أجل المنع والضبط المتكاملين للتلوّث على الرغم من وجود عدد من التشريعات التنفيذيّة والمعايير التي تحدد الحدود القصوى المسموح بها على ما تنفثه المعامل في الهواء ومجاري المياه وشبكة المجاري العامة. إلا أن هذه التشريعات لا تطبَق بفعالية. ترتبط هذه المشكلة ضمن القطاع الصناعي بنقاط ضعف بنيوية ومؤسساتية متأصلة تؤدي إلى تشجيع المشغّلين إلى صرف الحد الأقصى المسموح به. وهكذا لا توجد حوافز ماليّة للشركات كي تخفض حدود الانبعاثات أقل من الحدود المذكورة ولا للاستمرار في تحسين الأداء البيئي.

   هنالك تشريعات محددّة في سورية بشأنالمنع والضبط المتكاملين للتلوّث. وقد قامت وزارة الإدارة المحليّة والبيئة بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة البيئي-خطة عمل البحر الأبيض المتوسّط بإطلاق مشروع تجريبي ضمن إطار برنامج ملوثات البحر المتوسط لتأسيس سجل وطني لانبعاث الملوثات وانتقالها، لاثنتي عشرة صناعة رئيسية. كما قام عدد من الشركات بتطبيق معيار الآيزو14001 وأدوات إداريّة مثل تقليل الهدر وبرامج لإدارة الطاقة، وممارسات التدبير الجيّد، كما تمّ إدخال تقييم الأثر البيئي والتدقيق البيئيّ في نظم إدارة البيئة الخاصة بها.

  وعلى الرغم من أنّ عدداً لا يستهان به من القوانين والمراسيم والمعايير القطاعيّة قد تمّ إصدارها (أنظر الجدول)، فإنّ التشريع الفرعي (التشريع التنفيذي) اللازم لتطبيق القانون رقم 50 لا يزال بعيدأً عن الاكتمال. وعلى سبيل المثال، غالباً ما تكون الملاحقة القضائية لانتهاكات القانون مستحيلة، نظراً لغياب أو عدم كفاية التشريع الفرعي ومن ضمنه نظام جزائي (غرامات).

جدول (5): مختارات من القوانين والمراسيم ذات العلاقة بالبيئة.

3.2 الاتفاقيات البيئيّة المتعددة الأطراف

سورية طرف في عدّة اتفاقيات بيئيّة متعددة الأطراف منها:

- اتفاقيّة بازل حول ضبط حركة النفايات الخطرة عبر الحدود: تعتبر اتفاقيّة بازلأشمل الاتفاقيات البيئيّة العالميّة حول النفايات الخطرة وغيرها وهدفها حماية صحة البشر وحماية البيئة من الآثار السلبيّة الناجمة عن توليد وإدارة ونقل النفايات الخطرة وغيرها عبر الحدود والتخلص منها. وقعت سورية الاتفاقيّة وقد دخلت حيز التنفيذ عام 1992.

- اتفاقيّة حماية البحر المتوسط من التلوّث (اتفاقيّة برشلونة): تهدف اتفاقيّة برشلونة إلى تحقيق التعاون الدولي من أجل مقاربة منسقة وشاملة لحماية وتحسين البيئة البحرية في البحر المتوسط. وقد تمّ تبني بروتوكولات لمنع التلوّث الناجم عن إلقاء النفايات من السفن والطائرات، وللتعاون في التعامل مع طوارئ التلوّث. سورية من الأطراف الموقعة على هذه الاتفاقيّة وقد قامت على سبيل المثال وضمن إطار المعاهدة بتحضير "خطة عمل وطنيّة لحماية البيئة البحرية المتوسطية من الأنشطة الموجودة على البر" (بروتوكول حماية البحر المتوسط من التلوّث الناجم عن مصادر بريّة)(تمّ اعتماده عام 2005).

- الاتفاقيّة حول التنوّع الحيوي (اتفاقية التنوع الحيوي): تهدف هذه الاتفاقيّة إلى الحفاظ على التنوّع الحيوي، والاستخدام المستدام لمكوناته، والمشاركة العادلة والمنصفة لكل المنافع العائدة من الاستخدام التجاري وغيره من الاستخدامات للموارد الوراثية. تغطي الاتفاقيّة كل النظم البيئيّة والأنواع الحيّة والموارد الوراثية. سورية طرف في الاتفاقيّة منذ عام 1996 ووقعت أيضاً على بروتوكول قرطاجنة حول السلامة الحيوية عام 2003، كما قامت بتحضير إستراتيجية وطنيّة وخطة عمل حول التنوّع الحيوي وذلك في إطار اتفاقيّة التنوّع الحيوي.

- اتفاقيّة التجارة العالمية بالأنواع المهددة بالانقراض من الحيوانات والنباتات البرية (CITES): تهدف هذه الاتفاقيّة إلى ضمان أنّ الاتجار العالمي بعينات من الحيوانات والنباتات البرية لا يهدد بقاءها. تُوائم الاتفاقيّة بملاحقها الثلاثة بين درجات مختلفة من الحماية لأكثر من 30,000 نوع من النباتات والحيوانات، وسورية طرف في هذه الاتفاقيّة منذ عام 2003.

- اتفاقيّة الحفاظ على الأنواع المهاجرة من الحيوانات البرية (اتفاقيّة بون) (1983): تهدف اتفاقيّة بون إلى الحفاظ على الأنواع المهاجرة من الحيوانات البرية والبحرية والطيور عبر نطاق تجوالها كاملاً. وتعمل الدول الأطراف في الاتفاقيّة سويّة للحفاظ على الأنواع المهاجرة وموائلها عن طريق تقديم حماية مشددة للأنواع الأكثر عرضة للخطر، وقد صادقت سورية على الاتفاقيّة عام 2003 وهي أيضاً طرف في اتفاقيّاتAEWA (اتفاقيّة الحفاظ على الطيور المائية المهاجرة الآفرو-آسيوية) وACCOMBAMS (اتفاقيّة الحفاظ على الحيتان في البحر الأسود وفي البحر المتوسط والمنطقة المتاخمة من المحيط الأطلسي).

- اتفاقيّة مكافحة التصحّر (UNCCD): تهدف هذه الاتفاقيّة إلى مكافحة التصحّر والتخفيف من آثار الجفاف في البلدان التي تعاني من الجفاف الشديد و/أو التصحّر وذلك عن طريق العمل الفعّال على المستويات كافّة، مدعومة بترتيبات التعاون والشراكة الدوليين، ضمن إطار مقاربات متكاملة. وقعت سورية الاتفاقيّة عام 1994 ودخلت حيز التنفيذ عام 1997. أوفت الحكومة بالتزاماتها في تقديم التقارير وقدّمت حتّى الآن ثلاثة تقارير أوضاع بالإضافة إلى خطّة عمل وطنيّة لمكافحة التصحّر.

- الاتفاقيّة الدوليّة لمنع التلوّث من السفن: هذه الاتفاقيّة هي الاتفاقيّة الدوليّة الرئيسية التي تغطّي منع تلوّث البيئة البحريّة من السفن لأسباب تشغيليّة أو عرضيّة. وهي دمج لمعاهدتين تمّ تبنيهما عامي 1973 و1978 على التوالي وتحديثهما بتعديلات على مر السنين التي تلت. سورية طرف في الاتفاقيّة وهي أيضاً طرف تقريباً في كل البروتوكولات ذات الصلة والتعديلات.

- المعاهدة الدوليّة حول الموارد الوراثية النباتيّة للأغذية والزراعة (2004): تهدف هذه المعاهدة إلى الحفاظ على الموارد النباتيّة الوراثية واستخدامها المستدام للأغذية والزراعة والشراكة العادلة والمنصفة في كل المنافع العائدة من استخدامها للزراعة المستدامة والأمن الغذائي، وقد صادقت سورية على المعاهدة عام 2003 لكنّها بانتظار الموافقة.

- اتفاقيّة رامسار (RAMSAR) بشأن الأراضي الرطبة: تقدّم هذه الاتفاقيّة إطاراً للعمل الوطني والتعاون الدولي من أجل الحفاظ على الأراضي الرطبة ومواردها واستخدامها بحكمة. تغطي اتفاقيّة رامسار كل مناحي الحفاظ على الأراضي الرطبة واستخدامها، وتدرك أنّ الأراضي الرطبة نظم بيئيّة مهمّة جدّاً للحفاظ على التنوّع الحيوي بشكل عام، ولرفاه المجتمعات البشرية. صادقت سورية على الاتفاقيّة ودخلت حيز التنفيذ عام 1998، وحددت موقعاً واحداً بموجبهاً، وهو بحيرة الجبّول المالحة قرب حلب والتي تغطي 10,000 هكتار.

- اتفاقيّة روتردام: تهدف هذه الاتفاقية إلى تحفيز المسؤوليّة المشتركة والجهود التعاونية بين الأطراف في التجارة الدوليّة ببعض المواد الكيميائيّة الخطرة من أجل حماية الصحة البشريّة والبيئة من الأذى المحتمل، والمساهمة في الاستخدام السليم بيئياً لهذه المواد الكيميائيّة الخطرة. وقعت هذه الاتفاقيّة التي دخلت حيز التنفيذ عام 2003.

- اتفاقيّة ستوكهولم حول الملوثات العضويّة الثابتة (اتفاقيّة POPs): معاهدة عالمية لحماية صحة البشر والبيئة من المواد الكيميائية التي تبقى على حالها في البيئة لفترات طويلة، وتنتشر فيها بشكل واسع جغرافيّاً، وتتراكم في النسج الشحميّة للبشر والحياة البرية. دخلت حيز التنفيذ في سورية عام 2003.

- اتفاقيّة الأمم المتحدة الإطارية المتعلقة بتغيّر المناخ: تؤمن هذه الاتفاقيّة الأساس للعمل العالمي لحماية النظام المناخي للأجيال الحاليّة والقادمة. انضمت سورية إلى الاتفاقيّة عام 1996 ووقعت بروتوكول كيوتو ذي الصلة، والذي دخل حيز التنفيذ بعد ذلك عام 2006. تحضر سورية الآن، بمساعدةمرفق البيئة العالمي، وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية، بلاغها الوطني الأوليّ.

- اتفاق التراث العالمي (1972): مهمّته الأساسية هي تحديد التراث الثقافي والطبيعي للعالم والمحافظة عليه، وذلك بوضع قائمة بالمواقع التي تجعل قيمتها الاستثنائيّة من الضروري الحفاظ عليها للبشريّة جمعاء وضمان حمايتها. أُلحقت سورية بالاتفاق عام 1975، وتضم قائمة التراث العالمي 5 مواقع ثقافيّة في سورية (هي دمشق القديمة 1979، وبصرى القديمة 1980، وتدمر 1980، وحلب القديمة 1986، وقلعة الحصن وقلعة صلاح الدين 2006)، لكنها لا تضم مواقع طبيعيّة.

3.3 السياسة البيئيّة

1.2.3 السياسة البيئيّة العامّة

    جمعت صياغة اللائحة الوطنيّة رقم 21، المعروفة باسم الإستراتيجية البيئيّة وخطة العمل الوطنيّة، ممثلين عن الوزارات والجامعات ومنظمات المجتمع المدني المختلفة، وعكست بذلك منهجاً تشاركياً متعدد القطاعات للتنمية المستدامة. واضطلعت وزارة البيئة (التي أصبحت لاحقاً وزارة الشؤون المحليّة والبيئة) بالدور القيادي في تحضير اللائحة، وقدّم لها الدعم كل من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والبنك الدولي. تصف الإستراتيجية حالة البيئة على المستوى الوطني، وتحدد الأولويّات البيئيّة للبلاد وتضع إطار عمل عاماً للتخطيط البيئي حتّى عام 2010. وهي التزام باتجاه اللائحة 21 والتنمية المستدامة. تمّ إطلاقها عام 2003 وتحدد أنّ قضايا المياه وتدهور الأراضي هي أكثر المشاكل البيئيّة حدّة في سورية. وتعتمد على "خطّة العمل الوطني البيئيّة" التي نشرت عام 2001. تمّت المصادقة على اللائحة رقم 21 من قبل المجلس الأعلى للسلامة البيئيّة (الذي أصبح لاحقاً مجلس حماية البيئة والتنمية المستدامة). إن قانون البيئة (القانون رقم 50) هو أحد نواتج هذه العمليّة. كما أنّ "تقرير الإستراتيجية السوريّة الوطنيّة للتنمية المستدامة" المعد للقمّة العالميّة حول التنمية المستدامة التي عقدت في جوهانسبرغ عام 2002 مبني على عمليّة خطّة العمل الوطني البيئيّة.

   تبنت سورية لائحة الإصلاحات الخاصة بها، وهي الخطّة الخمسية العاشرة للأعوام 2006-2010 بالقانون رقم 25 في الثامن من أيّار عام 2006. وقد جاءت الموافقة في أعقاب عمليّة استشاريّة واسعة ضمّت مؤسسات حكوميّة، وحزب البعث، وأطرافاً خارج الحكومة كغرفتي التجارة والصناعة، ومجلس الشعب (البرلمان). كما ناقشت الحكومة المسودة مع المانحين. تركز الخطّة الخمسيّة العاشرة على الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي وتتضمن لامركزية صناعة القرار. تحصل المنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني على دور مهم يقومان بتأديته لمزيد من تنمية المجتمع السوري. بشكل عام، تؤكد الخطّة الخمسيّة العاشرة على أهمية تحقيق الاستخدام المستدام للموارد وتحث على استخدام الطاقات النظيفة والمتجددة. تلخص الخطّة الخمسيّة العاشرة المشاكل والتحديات التي تواجهها البيئة كما يلي :

– ضعف التنسيق بين القطاعات، والفشل في اعتبار البيئة منهجاً أساسياً من أجل صياغة خطط التنمية
.
– ضعف الوعي العام بشأن البيئة، وغياب الضوابط الردعيّة لحماية البيئة
.
– نقص المسوح البيئيّة الشاملة وقواعد البيانات
.
– نقص السياسات القطاعيّة الواضحة الهادفة إلى تخفيف الأثر البيئي لممارسات التخطيط السابقة، ما يؤدي إلى ضرر بيئي جلي.

   مؤخراً، أعدّت الحكومة السوريّة تقرير "حالة البيئة". وفي وقت إعداد المرتسم البيئي القطري لسورية، لم يكن هذا التقرير قد اعتُمِدَ بعد من قبل مجلس حماية البيئة والتنمية المستدامة ولا تتوافر إلا نسخة مسودة التقرير بالعربية فقط. تغطي الدراسة كل نواحي البيئة السوريّة، وتشمل وصفاً للتطور الاقتصاديّ والاجتماعيّ ووضع الوسائط البيئيّة والمسائل البيئيّة الشاملة والإستراتيجيات البيئيّة والإدارة البيئيّة والتوقعات والتوصيات البيئيّة المستقبليّة وأولويات خطط العمل.

  ونشرت إستراتيجية الحد من الفقر التي تغطي الفترة من 1996 إلى 2008 عام 2005 من قبل برنامج 
الأمم المتحدة الإنمائي، وتهدف إلى إرشاد وتنسيق المبادرات المتعلقة بالفقر عبر القطاعات المختلفة ، وتدرك أنّ الظروف البيئيّة مثل ندرة المياه في سورية وتدهورها تساهم في الفقر.

2.2.3 الخطط والسياسات القطاعيّة

   هناك عدد من الإستراتيجيات القطاعيّة والخطط الرئيسة وبرامج العمل تدعم الإستراتيجية البيئيّة وبرامج العمل الوطنيّة.

   بصفتها طرفاً في اتفاقيّة التنوّع الحيوي قامت الحكومة السوريّة بإعداد إستراتيجية وخطة عمل وطنيّة للتنوّع الحيوي،والتي تغطي الاعتبارات البيئيّة لتقليل كل التهديدات البيئيّة في مشاريع التنمية للحفاظ على الموارد الحيويّة واستخدامها بصورة مستدامة. من الأهداف المهمّة حماية كافة المواقع الطبيعيّة في غابات محددة والنظم البيئيّة الطبيعيّة الأخرى. المؤشر الرئيسي المستخدم لقياس التقدّم هو الأرض المحميّة الكليّة، والهدف هو زيادة نسبة الأراضي المحميّة من 1.28 بالمئة عام 2002 إلى عشرة بالمئة من مساحة الأرض الكليّة. تبذل الحكومة السوريّة جهوداً من أجل توسيع منظومة المناطق المحميّة، وقد قامت بتعيين عدد من المناطق المحمية الجديدة في السنوات الماضية. ويقدم مرفق البيئة العالمي الدعم لوزارة الإدارة المحليّة والبيئة لبناء القدرات لإدارة المناطق المحميّة.

   يعتبر برنامج العمل الوطني لمكافحة التصحّر الأداة الرئيسية في تطبيق اتفاقيّة الأمم المتحدة لمحاربة التصحّر. ويصف برنامج العمل الوطني لمحاربة التصحّر حالة موارد الأرض ويحدد الإجراءات اللازم اتخاذها لعكس نزعة تدهور الأرض. لقد تمّ تبنيه من قبل الحكومة السوريّة عام 2002 وهو في انتظار التطبيق.

   حالياً تقوم وزارة الإدارة المحليّة والبيئة، بمساعدة من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي-مرفق البيئة العالمي، بتحضير بيانها الأوليّ لاتفاقيّة الأمم المتحدة حول تغيّر المناخ. والبيان، وهو إجراء اعتيادي والتزام لكل أطراف الاتفاقيّة، سيصف أثر تغيّر المناخ على سورية ويحدد التدخلات الممكنة في مجال تخفيف حدة تغيّر المناخ والتلاؤم معه.

  أسست سورية "خطة وطنيّة أساسيّة لإدارة النفايات الصلبة"، تم تكليف شركة فرنسيّة بها. وتواجه سورية اليوم الحاجة إلى تحديث إدارة النفايات البلديّة التي يتمّ توليدها في القطر، وهذا عائد إلى زيادة توليد النفايات وأيضاً أثرها الأكبر على الصحة والبيئة، وقد تمّ اعتماد الخطّة الرئيسيّة عام 2004.

  أعدت وزارة الإدارة المحليّة والبيئة "خطة عمل وطنيّة لحماية البيئة البحريّة المتوسطيّة من الفعاليّات البريّة"، ضمن إطار بروتوكول حماية البحر المتوسط من التلوّث من المصادر البريّة في اتفاقيّة برشلونة (اتفاقيّة حماية البحر المتوسط من التلوّث). وتمّ اعتماد برنامج العمل الإستراتيجي هذا عام 2005.

  وأمّا في مجال ترتيبات الاستجابة لتسرب النفط، فقد قامت الحكومة السوريّة بتحضير خطة طوارئ وطنيّة للنفط وغيره من المواد الخطرة تحت مشروع مموّل من قبل المفوضيّة الأوربيّة، ويديره المركز الإقليمي للاستجابة الطارئة للتلوّث البحري في منطقة البحر المتوسط. وقد أعدت الخطّة بتعاون ومساعدة السلطات السوريّة المختصّة، وتمّ إكمالها عام 2000، لكن لم يتمّ اعتمادها رسمياً حتى الآن.

  في مجال الطاقة، قام مركز الدراسات البيئيّة التابع لوزارة الإدارة المحليّة والبيئة، بدعم من الوكالة الألمانيّة للتعاون التقني بتحضير دراسة قطرية حول انبعاثات غازات الدفيئة. وتشمل جرداً لمصادر غازات الدفيئة ومحتبساتها، وتقييماً للتطوّر المستقبلي لغازات الدفيئة، وتفصيلاً للخيارات التقنيّة وغير التقنيّة لإنقاصها، وتمّ إكمال التقييم عام 2000. بناء على هذه التجربة قامت وزارة الكهرباء بإشراف إدارة الأمم المتحدة للشؤون الاقتصاديّة والاجتماعيّةوبتنسيق محلي قدمه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في دمشق، بإعداد "خطة رئيسيّة للطاقة المتجددة"، وقد تمّ إكمالها عام 2003. عام 2008، وأيضاً بدعم من الوكالة الألمانيّة للتعاون التقني، بدأ المركز الوطني لبحوث الطاقة بتحضير خطة طاقة رئيسيّة لتحديد وتطبيق إستراتيجيات للاستخدام المستدام للطاقة.

  ضمن إطار عمل الإدارة المتكاملة للمناطق الساحليّة وبرنامج ملوّثات البحر المتوسط، تمّ تحضير خطط قطاعيّة محليّة للمنطقة الساحليّة عام 2005 من قبل وزارة الإدارة المحليّة والبيئة، وتشمل مياه الصرف البلديّة والنفايات الصلبة البلديّة والنفايات الصناعيّة السائلة والصلبة والمياه الزراعيّة، وانبعاثات الهواء والملوّثات التي تستلزم العناية الخاصّة. تمّ اعتماد هذه الخطط القطاعيّة عام 2008 من قبل مجلس حماية البيئة والتنمية المستدامة.

  بمساعدة من الوكالة الألمانيّة للتعاون التقني، قامت وزارة الإدارة المحليّة والبيئة مؤخراً بوضع إرشادات وتعليمات وطنيّة لتقييم الأثر البيئي، وتهدف إلى تقديم معايير لتقييم الأثر البيئي وتوجيه تنمية وتنفيذ برامج بناء القدرات. ونتيجة لذلك، تمّ أخيراً إقرار الإجراءات التنفيذيّة لتقييم الأثر البيئي وتبنيها من قبل وزارة الإدارة المحليّة والبيئة.

   تختلف الجودة وكمية التفاصيل كثيراً بين كل هذه الإستراتيجيات والخطط الرئيسيّة وبرامج العمل. نظراً لحقيقة أنّ معظمها قد تم إعدادها منذ بضع سنوات مضت، فهي غالباً لا تعكس الوضع الحالي. ليست كل الإستراتيجيات القطاعيّة متوافرة لبعض القطاعات أو القطاعات الفرعيّة أو المواضيع مثل قطاع المياه (معالجة مياه الصرف والإمداد بالماء) والتحكم بالتلوّث (تلوّث الهواء والتلوّث الصناعي) والنقل وتخطيط استخدام الأراضي ( الانتشار الحضريّ) وغيرها.

4.3 دمج القضايا البيئيّة في السياسات والقطاعات الرئيسية

  دُمجت القضايا البيئيّة بالقطاعات العامّة عبر الخطّة الخمسيّة العاشرة، والسياسات الشاملة، والإستراتيجيات والخطط وعملية التقييم البيئي وأيضاً النظام التعليمي.

  إنّ دمج القضايا البيئيّة في سياسات الحكومة وإستراتيجياتها وخطط العمل وبرامج الاستثمار الحكوميّة، إلخ، يتمّ على عدة مستويات:

- حسب متطلبات القانون البيئي (القانون رقم 50) تمّ تأسيس هيئة بين-وزاريّة هي مجلس حماية البيئة والتنمية المستدامة ووضعت على عاتقه مسؤوليّة وضع السياسة الوطنيّة وتنسيق الفعاليّات البيئيّة. ويضم المجلس في عضويته هيئة تخطيط الدولة وجميع الوزراء وممثلين مختارين من القطاع الخاص. وهو أعلى هيئة ذات علاقة بالبيئة ويجتمّع كل شهرين على الأقل.

- تقع مسؤوليّة تنسيق القضايا البيئيّة على عاتق وزارة الإدارة المحليّة والبيئة، آخذة بعين الاعتبار طبيعة البيئة الشمولية. لقد أسست الوزارة مديريات للبيئة في المحافظات السوريّة الأربع عشرة من أجل دمج القضايا البيئيّة على مستويي المحافظة والبلدة.

قامت أغلب الوزارات المعنيّة بتوظيف إمّا موظفين مختصين فقط في القضايا البيئيّة أو موظفين يعملون على البيئة كجزء من توصيف عمل أشمل. وإن مدى التواصل والتنسيق بين الوزارات القطاعيّة ووزارة الإدارة المحليّة والبيئة يتباين إلى درجة كبيرة، وهو مرتبط غالباً بما إذا كان الفرد في الوزارة المعنيّة لديه تدريب بيئي كاف وثانياً بوجود التشجيع والتسهيلات أو غيابهما ضمن تلك الوزارة لتنفيذ الفعاليّات الضروريّة. وهناك أيضاً عدد من اللجان حول مواضيع محددة ومجموعات عمل تقوي الصلة بين الوزارات القطاعيّة ووزارة الإدارة المحليّة والبيئة.

  كما دمجت القضايا البيئيّة في مشاريع التنمية أيضاً عن طريق تقييم الأثر البيئي، الذي وُضع الأساس له في القانون البيئي رقم 50، كما قامت الوكالة الألمانيّة للتعاون التقني منذ عام 2006 بمساعدة الهيئة العامة لشؤون البيئة ونقابة المهندسين السوريين في بناء القدرات وتطوير إجراء منهجي لتأسيس نظام لتقييم الأثر البيئي في سورية. ونتيجة لهذا، تمّ أخيراً إقرار "الإجراءات التنفيذيّة لتقييم الأثر البيئي" وتبنيها من قبل وزارة الإدارة المحليّة والبيئة. وهذه الإجراءات مطبّقة الآن وعلى كل المشاريع الإنمائية الحديثة التي يترتب عليها تقديم دراسة لتقييم الأثر البيئي إلى الهيئة العامة لشؤون البيئة ومديرياتها البيئيّة. خلال السنوات الماضية تم تقديم العديد من دراسات تقييم الثر البيئي للمساريع التنموية إلى الهيئة العامة لشؤون البيئة (على سبيل المثال معامل أسمنت و محطات معالجة صرف صحي) . علاوة على ذلك تم تقديم العشرات من دراسات تقييم الأثر البيئي لمساريع صغيرة و متوسطة الحجم إلى مديريات البيئة في المحافظات الأربعة عشر. تحتوي التعليمات التنفيذية لتقييم الأثر البيئي على قائمة تصنف المشاريع و النشاطات التي تتطلب تقديم دراسات تقييم أثر بيئي أو تلك المعفاة من تقديمها.على الرغم من ذلك ليس هناك الآن إلا القليل من المؤسسات الاستشارية البيئيّة في سورية القادرة على إجراء دراسات شاملة لتقييم الأثر البيئي حسب المعايير الوطنيّة والدوليّة. تنصبّ الجهود الآن على بناء القدرة لدى مؤسسات الدولة والقطاع الخاص لإجراء وتقييم دراسات تقييم الأثر البيئي. تمّ إجراء أربع دورات تدريبيّة خلال الفترة 2007 – 2009 من قبل الهيئة العامة لشؤون البيئة ونقابة المهندسين السوريين، بمساعدة فنيّة وماليّة من الوكالة الألمانيّة للتعاون التقني، وكان الهدف تأهيل خبراء وطنيين في تقييم الأثر البيئي. حوالي 120 خبير تم منحهم شهادة خبير وطني في تقييم الأثر البيئي و التي تخولهم لتنفيذ دراسات تقييم الأثر البيئي. أيضاً تم تنفيذ دورات تدريبية في المحافظات الأربعة عشر لبناء قدرات الموظفين و الكوادر المسؤولة عن دراسات تقييم الأثر البيئي و مراجعتها. 

  لم يلحظ القانون السوري بعد دراسات التقييم البيئي الإستراتيجي، لكنّ التحضيرات قائمة لإدخالها في التشريعات الوطنيّة.

4 مضامين تغيّر المناخ 

في ظل التغير المناخي العالمي، يتوقع أنّ تتغير الظروف المناخيّة في سورية تغيّراً كبيراً. إن القضايا الرئيسيّة التي تهم سورية هي:

- ارتفاع الحرارة
.
- ازدياد الأحداث المناخيّة الشديدة
.
- تغيّر أنماط الأمطار، ويشمل هذا ازدياداً في حالات الجفاف في البلد.

  إن ازدياد تراكيز غازات الدفيئة قد يسبب بحد ذاته ارتفاع درجات الحرارة في حوض المتوسط بشكل مماثل في شدته للارتفاع العالميّ. وتظهر النتائج أنّ درجات الحرارة في المنطقة قد ترتفع ما بين 0.7 إلى 1.6 درجة مئوية مقابل كل ارتفاع مقداره درجة واحدة في المتوسط العالمي للحرارة. من الواضح أنّ هناك الكثير من الشك في الكيفيّة التي ستتغيّر بها أنماط هطول الأمطار على منطقة البحر المتوسط استجابة لتغيّر تركيب الغلاف الجوي. لكنّ الدلائل تشير إلى تناقص في الأمطار على جزء كبير من المنطقة، مع احتمال حدوث فترة انتقالية لبعض المناطق بسبب تأثيرات الهباب الجوي. بالنسبة للتأثيرات البيئيّة والاجتماعيّة لتغيّر المناخ فإن تغيّرات توافّر الرطوبة أهم من تغيّرات الأمطار أو الحرارة فحسب. وترتبط المستويات الضئيلة من توافر الرطوبة بالجفاف. هناك أيضاً أدلة على تناقص توافّر الماء في جزء كبير من منطقة حوض المتوسط، خلال الشتاء والصيف. قد تخفف تأثيرات الهباب الجوي من حدة تأثيرات زيادة تراكيز غازات الدفيئة. على الرغم من الشك في الكيفيّة التي سيتغيّر بها تنوّع المناخ وحالاته الشديدة في شرقي المتوسط وسورية على وجه الخصوص، فإنّ الصورة العامة تشير إلى ازدياد في تواتر الأحداث المناخيّة الشديدة وخصوصاً حالات الجفاف. يتوقع أن يكون تأثير ارتفاع مستوى مياه البحر بسيطاً في سورية، لأنّه لم تعد هناك دلتات أنهار أو أراض منخفضة أخرى على غير ما هو الحال في بلدان مجاورة مثل مصر واليونان وتركيا.

   تعتبر سورية معرضة كثيراً للتغيرات المناخية كونها منطقة شحيحة بالمياه و تعتمد كثيراً على زراعات حساسة للمناخ. بالتالي فهي تحتاج أكثر لتنفيذ إجراءات التكيف من العديد من البلدان الأخرى. تشير الإسقاطات أن حصة الفرد من موارد المياه المتجددة في المنطقة العربية سوف تنخفض بمقدار النصف بحيث تصل حتى 550 متر مكعب للفرد،السنة في عام 2050 . إن شح الموارد المحفز بالتغيرات المناخية يمكن أن يزيد من حدة التوتر في المناطق المشحونة بالنزاعات مما يسرع من العنف و الاضطرابات السياسية. و هذا الوضع مدعوم بحقيقة أن 80% من موارد المياه السطحية و 66% من إجمالي الموارد المائية في الوطن العربي هي موارد مشتركة. تشترك سورية ببعض أهم مواردها المائية مع البلدان المجاورة. تضع التغيرات المناخية ضغوط إضافية على البيئة الحساسة للمنطقة. و من المتوقع لمعظم بلدان المنطقة العربية أن تصبح أكثر حراً و جفافاً و ذلك بناءاً على تقييم علمي حديث (2007) أعدته اللجنة الدولية للتغيرات المناخية. إن درجات الحرارة العالية و نقص الهطولات ستزيدان من تواتر حدوث فترات الجفاف و هذا التأثير أصبح ملموساً حالياً في سورية. كما أن التغيرات المناخية تتطلب ضبط شديد في إدارة الموارد المائية للمنطقة أكثر من أية مناطق أخرى، نظراً لكون معظم الموارد المائية قد تم استغلالها للاستخدام البشري.كيف سيصبح مدى شدة تأثير التغيرات المناخية على المنطقة قد تم تبيانه في دراسة أعدتها جامعة ييل (Yale University) في الولايات المتحدة حيث بينت أن زيادة قدرها حمس درحات على معدل الحرارة سوف يؤدي إلى تخفيض تصريف نهر الفرات بحوالي 40%. 

   بالتالي فقد أضحى التكيف مع التغيرات المناخية تحدٍ للعديد من القطاعات , و يتقدمها قطاعي المياه و الزراعة كأولوية عليا. و من المطلوب تطوير استراتيجية للتكيف في قطاعات متعددة لحماية الموارد المائية و لتلبية التحديات الأخرى المفروضة نتيجة التغيرات المناخية و ذلك إذا كنا سنحافظ على الأهداف الاقتصادية-الاجتماعية الوطنية. الحكومة السورية في مرحلة مبكرة تمكنها من مناقشة و إدماج مواضيع التغيرات المناخية في السياسات و الاستراتيجيات الوطنية و لتخطط لإجراءات رائدة للتعرف على الطرائق للتكيف مع التغيرات المناخية و اختبارها. 

  يتوقع أن تظهر أشد عواقب تغيّر المناخ في سورية في منطقة البادية حيث أنها أراضي حساسة. تتكون هذه المنطقة من شبه صحراء، وأي تغيير مناخي حتّى لو كان طفيفاً قد يكون له أثر كبير على النشاط الزراعي وإدارة المواشي. وقد شهدت المنطقة بالفعل حالات جفاف قاسية في السنوات الماضية (2007-2008)، ترتبط على ما يبدو بتغيّر المناخ ويتوقع أن يكون الوضع أسوأ في عام 2009. و بالتالي تعتبر منطقة البادية كأولوية في تدابير التكيف مع التغيرات المناخية.

   إنّ انبعاثات غاز ثنائي أكسيد الكربون في سورية نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي واستهلاك الطاقة (مقاساً بالطن من المكافئ النفطي)، أعلى من المعدلات العالميّة والقاريّة والشرق أوسطيّة، وترتبط الانبعاثات بسوية التطوّر الصناعي العالية نسبياً، وتعمل أغلب الصناعات تحت معايير بيئيّة لا تعكس أحدث تقنية معروفة حالياً. ويتوقع أن تزداد هذه الانبعاثات بشكل كبير إذا بقي خليط الطاقة الحالي معتمّداً بشكل أساسي على الوقود الأحفوري.

   بدعم من الوكالة الألمانيّة للتعاون التقني، قام مركز الدراسات البيئيّة بتحضير دراسة حول انبعاثات غازات الدفيئة، وأكملها عام 2000، وتتضمن جرداً لمصادر ومحتبسات غازات الدفيئة، وتقديراً للتطورات المستقبلية لها، وتفصيلاً للخيارات، التقنيّة وغير التقنيّة، المتوافرة للحد من انبعاثاتها. 

   بناء على هذه التجربة، قامت وزارة الكهرباء، بإشراف إدارة الأمم المتحدة للشؤون الاقتصاديّة والاجتماعيّة، وبتنسيق محلي قام به برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في دمشق، بإعداد خطة رئيسيّة للطاقة المتجددة، تمّ إنهاؤها عام 2003. وبعد ذلك، بحلول منتصف حزيران عام 2003 وبهدف تطبيق هذه الخطّة الرئيسيّة قامت الحكومة السوريّة بإنفاذ تشريع يؤسس للمركز الوطني لبحوث الطاقة، يتضمن الدور الإستراتيجي للمركز الطاقة المتجددة، وكفاءة الطاقة، وبرامج تخطيط الموارد المتكاملة. في عام 2008، أيضاً بدعم من الوكالة الألمانيّة للتعاون التقني، بدأ المركز الوطني لبحوث الطاقة بتحضير خطة طاقة رئيسيّة من أجل تحديد وتنفيذ إستراتيجيات للاستخدام المستدام للطاقة.

   صناعة الاسمنت السوريّة هي مصدر رئيسي لانبعاثات ثنائي أكسيد الكربون، وهذا بسبب الاستخدام الكبير للمازوت فيها وطبيعة عملياتها الصناعيّة. تختلف كمية انبعاثات غاز ثنائي أكسيد الكربون تبعاً لطريقة الإنتاج، وتقدر الانبعاثات السنويّة لهذه الصناعة بحدود مليوني طن، وهذه الكمية أكبر من انبعاثات غاز ثنائي أكسيد الكربون في جميع الصناعات الأخرى مثل الزجاج والحجر الكلسي والآجر، إلخ.

   صناعة الأسمدة واحدة من الصناعات الأخرى الرئيسيّة في سورية، ومقرها حمص، وتشمل إنتاج الأسمدة الآزوتية والسوبر فوسفات والأمونيا-يوريا. تمّ إنتاج 184,000 طن من السماد عام 2006، وكل طن يقابله انبعاث 3.8 طناً ، أي انبعاثات إجماليّة هي 691,000 طن من ثنائي أكسيد الكربون. وهذا الرقم أعلى بأربعين بالمئة مما لو استخدمت تقنيات الإنتاج الحديثة. 

  هناك عدد كبير من المصانع الكيميائيّة صغيرة ومتوسطة الحجم، تشمل صناعات الورق والدهانات، وعلى سبيل المثال تمّ إنتاج 28,000 طن من الدهانات عام 1996، تقابلها 534 طن من انبعاثات ثنائي أكسيد الكربون.

   حسب الخطّة الزرقاء (2008)، تأخرت سورية في الاشتراك في الاستخدام الرشيد للطاقة والطاقة المتجددة، لكنها تخطط لاتخاذ إجراءات ذات أهمية. ويتمّ الآن تطوير أوّل إطار عمل وطني لكفاءة الطاقة، وهو قانون الحفاظ على الطاقة، الذي يشتمل على تشكيل إطار تشريعي مخصص للاستخدام الرشيد للطاقة والطاقة المتجددة، وعلى إجراءات تشجيعيّة وخطّة عمل. في عام 2003 لم يتم تقديم وسائل عمل ذات أهمية للمركز الوطني لبحوث الطاقة. لكن هذا الوضع سوف يتغيّر. عُهدَ إلى المركز بتطبيق إجراءات الاستخدام الرشيد للطاقة والطاقة المتجددة التي جاءت في قانون الحفاظ على الطاقة للفترة 2006-2010.

  أما بالنسبة لتعزيز الاستخدام الرشيد للطاقة، فينبغي إصدار ثلاثة قوانين جديدة، إضافة إلى التنظيم الحراري للأبنية والمعايير القياسية الخاصة بالأدوات الكهربائيّة. كما سيتمّ تطبيق قرارات الاستخدام الرشيد للطاقة المتعلقة بإنتاج الطاقة (الكهرباء) من أجل تحسين موثوقيّة كامل سلسلة الإنتاج والنقل والتوزيع. أما بالنسبة للاستخدام الرشيد للطاقة، فعلى الرغم من أنّه تمّ اتخاذ بعض القرارات بهذا الشأن منذ عام 1998 من قبل وكالات حكوميّة مختلفة، فإنّ غياب التنسيق وغياب سياسة شاملة لم يسمح بحدوث تطوّر حقيقي في هذه القطاعات.

   إنّ الإمكانيات الشمسيّة الحراريّة الكامنة ذات أهميّة عالية، وسخانات الماء بالطاقة الشمسيّة منتشرة بكثرة على نطاق فردي، كما نظر قانون الحفاظ على الطاقة إلى تطوير هذا السوق بشكل كلي، باعتبار أثره الإيجابي ليس في مجال الطاقة فحسب بل أيضاً في توفير فرص العمل. والكهروضوئية حاضرة أيضاً في الإستراتيجية الوطنيّة، على الرغم من أنّها تتعلق بشكل رئيسي بتقديم الكهرباء في الريف لا مركزيّا وتمكين الضخ في المناطق المعزولة. تتمتع سورية بإمكانيات كبيرة لاستخدام طاقة الريح، وتقدر استطاعة القطر بـ140 ميغاواط، وهناك حديقتان ريحيتان صغيرتان قيد الإنشاء باستطاعة 6 و12.5 ميغاواط، ويتوقع أن تكونا جاهزتين للعمل في 2009.

جدول (6): انبعاثات غاز ثنائي أكسيد الكربون في سورية. المصدر: إيرثتريند، بوابة المعلومات البيئية.
المصدر :

شكل (2): انبعاثات ثنائي أكسيد الكربون في سورية بين 1960-1998، (الرسم الأيسر) والانبعاثات حسب القطاع عام 1999 (الرسم الأيمن). 

   منذ بداية عام 2008 قدّمت الحكومة السوريّة رخصاً لخمس محطات إنتاج طاقة بديلة، كلها ينتظر الشروع في العمل بنهاية عام 2009. وهي تتضمن محطة طاقة شمسيّة تمثل استثماراً بقيمة 75 مليون دولار تقوم بإنشائها شركة عقارات كويتيّة، ومن المقرر أن يتم الانتهاء منها بحلول نهاية عام 2009. كما يتوقع أن يتم في المستقبل القريب إطلاق مشروعي طاقة شمسيّة لتوليد الكهرباء على مستوى كبير بالتعاون مع شركات ألمانيّة وفرنسيّة.

   دخلت سورية في اتفاقيّة فيينا لحماية طبقة الأوزون وبروتوكول مونتريال الخاص بها. وفي عام 1993 قامت سورية بتجهيز برنامجها للإيقاف التدريجي للمواد التي تستنزف طبقة الأوزون، وقام البرنامج بتجميع لائحة من المواد المستوردة التي تستنفذ طبقة الأوزون واستخداماتها الصناعيّة. كما تمّ تحضير إستراتيجية وخطة عمل وطنيّة لاستبدال هذه المواد تدريجيّاً. لا تنتج سورية أي مواد يضبطها بروتوكول مونتريال، كما تمّ تنفيذ عدد من المشاريع لاستبدال تقنيّات التصنيع القديمة التي تستخدم مواد تستنفذ طبقة الأوزون بتقنيّات نظيفة تستخدم مواد لا تستنفد طبقة الأوزون، وتشمل القطاعات الصناعيّة المشمولة بهذا البرنامج مصنعي البرادات والبلاستيك الرغوي وعبوات البخ الرذاذي. كما تمّ أيضاً تبديل مواد مستنفدة للأوزون مثل بروميد الميتيل المستخدم لتعقيم الحبوب.

5 تعاون الاتحاد الأوروبي وغيره من المانحين من منظور بيئي

1.5 المفوضية الأوروبية
1.1.5 مقاربة قطرية

  الاتحاد الأوروبي هو المانح الرئيسي في سورية. ولم تكن البيئة من أولويات الشراكة اليورو-متوسطية 1 (1995-1999) والشراكة اليورو-متوسطية 2 (2000-2006). وفي حين أن وثيقة الإستراتيجية القطرية للجمهورية العربية السورية 2002-2006 تغطّي خمس مجالات ذات أولوية لا تستهدف البيئة بشكل صريح، إلا أن وثيقة الإستراتيجية القطرية التالية لها 2007-2013 تفتح المجال للتدخّل في مجال البيئة. إن الهدف الإستراتيجي "دعم الإصلاح السياسي والإداري" يذكر البيئة بشكل صريح. إن الإدارة البيئية اللامركزية، وإنشاء إستراتيجيات بيئية، وقوة نفوذ الاستثمار في مجال البيئة مثل إدارة المياه، وإدارة النفايات والتلوّث الصناعي تعطى كأمثلة عن مجالات المساعدة الممكنة.

   تذكر وثيقة الإستراتيجية القطرية 2007-2013 أن دعم أسعار الفائدة يُنظر إليه على أنه وسيلة تأثير لجذب استثمارات بنك الاستثمار الأوروبي في مجالي المياه ومياه الصرف، ومرفق الاستثمار والشراكة اليورو-متوسطية). يمكن تنفيذ عمليات مساعدة تقنية في قطاع المياه بموجب برنامج 2007-2010. ويمكن لدعم أسعار الفائدة أن يستهدف الاستثمار في ريف دمشق، لكي تواكب عملية اللامركزية.

   بناء على وثيقة الإستراتيجية القطرية، رصَد البرنامج التأشيري الوطني (2007-2010) مبلغ 10 ملايين يورو لدعم المشاريع الاستثمارية (ومن ضمنها المعونات المالية لمعدّل الفائدة) في مجال البيئة. وبعد إتمام الخطة الخمسية العاشرة والمشاورات التي عُقدت بين الاتحاد الأوروبي والحكومة السورية، تم الاتفاق على أن البرنامج التأشيري الوطني يجب أن يتم تكييفه كليّاً حسب الحاجات والأولويات المحددة في الخطة الخمسية العاشرة. ويؤكّد البرنامج التأشيري المعدّل 2008-2010 على تخصيص ميزانية قدرها 10 ملايين يورو لدعم ومواكبة عمليات الإقراض الحكومي المعززة من قبل مؤسسات تمويلية بما يتماشى مع أولويات الحكومة السورية. 

  لقد أجرى بنك الاستثمار الأوروبي مؤخراً دراسة لتحديد الاستثمارات ذات الأولوية في منطقة المتوسّط، بعنوان "آفاق 2020 - وضع برنامج استثماري في المناطق الساخنة في المتوسط". الهدف الإجمالي لهذا البرنامج هو دعم الدول المشاركة في سياسة الجوار الأوروبية في تنفيذ مشاريع استثمارية ذات أولوية للحد من التلوّث. يهدف البرنامج الاستثماري في المناطق الساخنة في حوض المتوسط إلى تسريع معدّل التحضير لالتزامات القروض من قبل بنك الاستثمار الأوروبي وغيره من المؤسسات التمويلية الدولية. إن متطلبات تمويل الاستثمار في سورية قد حُدّدت بقطاعات النفايات البلدية، ومياه الصرف الحضرية والانبعاثات الصناعية وكذلك في قطاعات فرعية أخرى. لكن لم يتم تأمين التمويل اللازم لأياً من هذه المشاريع أدناه في الجدول 7.

جدول(7): المشاريع التي تم تحديدها كأولويات في سورية ضمن مباردة "أفاق 2020"

2.1.5 مشاريع مدعومة من المفوضية الأوروبية

   يدعم الاتحاد الأوروبي مشروع تحديث الإدارة البلدية، والذي يدعم عملية التحول إلى اللامركزية وبناء القدرات في وزارة الإدارة المحلية والبيئة والبلديات. ومن خلال دعم وبناء القدرات للتخطيط الإقليمي، يتصل المشروع بشكل وثيق بالبيئة. لقد تمّ تمديد نهاية المشروع سنة واحدة وسينتهي الآن في نهاية عام 2009. 

   كما يدعم الاتحاد الأوروبي أيضاً مشروع "إمداد المياه والصرف الصحي في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين"، والذي يعزز الشروط الصحية للعيش في مخيمين للاجئين الفلسطينيين في المحيط الأبعد لدمشق، بدمجهما في نظام الإمداد المائي والمعالجة. ولهذه الغاية، وفّرت المفوضية الأوروبية دعماً مالياً لمعدّل الفائدة لقرض من بنك الاستثمار الأوروبي لبناء تركيبات إمداد المياه ومحطات معالجة مياه الصرف. ولم يبدأ التنفيذ بعد.

  في عام 2006، منح بنك الاستثمار الأوروبي قرضاً يزيد على 45 مليون يورو كمساعدة مالية من المفوضية الأوروبية بمنحة قدرها 5 ملايين يورو، لإنشاء محطتي معالجة لمياه المجاري في الجزء الجنوبي من ريف دمشق. هذه المنحة ذات صلة وثيقة بدعم مخيمين للاجئين الفلسطينيين في المنطقة نفسها، ويبلغ الاستثمار الكلّي مبلغاً إجمالياً قدره 93 مليون يورو، من ضمنها 45 مليون يورو كقرض من بنك الاستثمار الأوروبي، و35 مليون يورو مساهمة من الحكومة، و13 مليون يورو (5 مليون يورو + 8 مليون يورو) من المفوضية الأوروبية.

   وقد رصد مبلغ 5 مليون يورو أيضاً كدعم لسعر الفائدة لمشروع إمداد بالمياه في حلب، مموّل بشكل مشترك من بنك الاستثمار الأوروبي وبنك التنمية الألماني. تشغيل هذا القرض سيكمل فعاليات بناء القدرات لتحسين الإدارة الحضرية التي تجري بموجب برنامج تحديث الإدارة البلدية. إلا أن هذا المشروع قد اُلغي من قبل وزارة الإسكان والتعمير على نحو مفاجئ.

   كما يتم أيضاً تقديم بعض المساعدة المحدودة إلى سورية بموجب برنامج "الحياة في بلدان ثالثة"، والذي يساعد في تنمية السياسات البيئية وبرامج العمل في البلدان المجاورة للبحر المتوسط وبحر البلطيق. وحتى الآن، تم دعم المشاريع الصغيرة التالية: "بناء إدارة مستدامة للنفايات البلدية في سورية" (2006)، "خطة إدارة متكاملة للنفايات الطبية في سورية" (1997)، "تعزيز تخطيط متفق عليه للتنمية المحلّية المستدامة في سورية" (2004)، "التدقيق البيئي ومنع التلوّث وضبطه في صناعة النسيج السورية" (1996)، و"أنظمة إدارة بيئية في الشركات السورية" (2000). كما تشارك سورية أيضاً في بعض المشاريع والمبادرات الإقليمية الممولة من قبل المفوضية الأوروبية، مثل "الإدارة المتكاملة لنفايات صناعة عصر الزيتون في لبنان وسورية والأردن"، والتي تم استكمالها مؤخراً (2009).

2.5 المساعدة من مانحين غير الاتحاد الأوروبي

   وفقاً للمعايير الإقليمية، لا تحصل سورية في مجال البيئة إلا على دعم قليل نسبياً من المانحين. المانحون الرئيسيون في مجال البيئة هم الاتحاد الأوروبي، تليه ألمانيا واليابان كمانحين ثنائيين ، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومرفق البيئة العالمي، والصندوق الدولي للتنمية الزراعية، والصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة كمانحين متعددي الأطراف. وعلى الرغم من أن المانحين يغطّون نطاقاً كبيراً من الفعاليات، فإن معظم تدخلاتهم هي في قطاع المياه (موارد المياه، معالجة مياه الصرف). ومع ذلك، فإن الحجم المالي لمساهمات المانحين صغير مقارنة باستثمارات الحكومة السورية في قطاع المياه. تبلغ الاستثمارات المخططة لقطاع المياه السوري بأكمله 2,796 مليار يورو لفترة الخطة الخمسية العاشرة. وستُنفق قرابة 50 بالمئة من هذه الميزانية على قطاع الري فيما ستُنفَق الـ 50 بالمئة الأخرى على مشاريع مياه الشرب والمجاري.

  المجالات الأخرى لدعم المانحين هي النفايات الصلبة (الوكالة الألمانية للتعاون التقني والوكالة اليابانية للتعاون الدولي)، إدارة المراعي (الصندوق الدولي للتنمية الزراعية)، الحراج (منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة)، التنوع الحيوي وإدارة المناطق المحمية (برنامج الأمم المتحدة الإنمائي- مرفق البيئة العالمي)، إلخ.

بنك التنمية الآسيوي: سورية ليست عضواً في هذا البنك.

- شبكة الآغا خان للتنمية: إن تركيز المشاريع الممولة من شبكة الآغا خان للتنمية في سورية يتمحور حول التنمية الاقتصادية والثقافية والاجتماعية. ولا ينطبق هذا حتى الآن على المشاريع البيئية.

- الصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية: قدم الصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ومقره الكويت، قرضاً من حوالي 53 مليون يورو من أجل "المشروع المتكامل لتنمية البادية" الذي تنفّذه وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي. للمشروع صلات وثيقة مع مكافحة التصحّر ويدعم استعداد البدو للتغير المناخي.

- منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو): للفاو علاقات قديمة مع سورية وهي تدعم مشاريع عديدة في مجال البيئة والسلامة الغذائية. إنها تدعم الحكومة في وضع السياسات الزراعية، والزراعة العضوية، والإدارة المتكاملة للحشرات الضارة وأساليب قطف المياه. كما تدعم الفاو أيضاً قطاع الغابات من خلال وضع السياسات وإدارة الحرائق، وقطاع الأسماك، وتساعد الحكومة السورية أيضاً على إدارة المبيدات المهجورة والملوّثات العضوية الثابتة.

فرنسا: تم مؤخراً الترخيص للوكالة الفرنسية للتنمية بالعمل في سورية. ولا توجد مشاريع بيئية جارية. لكنّ الوكالة الفرنسية للتنمية وهيئة تخطيط الدولة وقعتا مؤخراً على مذكّرة تفاهم (03/09/2008) لتدشين مشاريع في قطاعات مختلفة منها ما قد يكون له فوائد بيئية مثل معالجة مياه الصرف، والنفايات الصلبة، والطاقات المتجددة، وقطاع النقل، وقطاع الإنتاج مع التركيز على الجوانب البيئية.

ألمانيا: تدعم ألمانيا برنامجاً شاملاً في قطاع المياه، تنفّذه وكالات التنفيذ الألمانية وهي المعهد الاتحادي لعلوم الأرض والموارد الطبيعية، ودائرة التنمية الألمانية، والشركة الدولية لبناء القدرات، والوكالة الألمانية للتعاون التقني وبنك التنمية الألماني. يركّز التعاون التنموي في قطاع المياه على المساعدة في تحديث المؤسسات والهيكلية العامة للقطاع. يقوم المعهد الاتحادي لعلوم الأرض والموارد الطبيعية بتعزيز قدرات وزارة الري والهيئات التابعة لها في مهمات جوهرية لإدارة موارد المياه، وخصوصاً في مراقبة المياه الجوفية ووضع موازنات وخطط مائية. تدعم دائرة التنمية الألمانية تحقيق اللامركزية في الهياكل الإدارية للقطاع المائي، وإدخال نظام أجور يعتمد على الأداء وإنشاء شركات مياه إقليمية مستقلة بذاتها. وقد تم التركيز على تقوية نقابة المهندسين السوريين وقدراتهم للتعلّم والتدرّب، وعلى توفير المساعدة التقنية للمؤسسة العامة لمياه الشرب والصرف الصحي في ريف دمشق. كما تقوم الشركة الدولية لبناء القدرات بتقديم التدريب أيضاً في القطاع المائي، في إطار برنامج بناء القدرات الإقليمية. تدعم الوكالة الألمانية للتعاون التقني الإصلاح في نظام تعرفة المياه لزيادة استرجاع التكلفة، واللامركزية وإعادة تنظيم مؤسسات المياه وبناء القدرات. يتركّز عمل الوكالة الألمانية للتعاون التقني في ريف دمشق وحلب. وبالإضافة إلى قطاع المياه، تضع الوكالة الألمانية للتعاون التقني مع المركز الوطني لبحوث الطاقة خطة رئيسية لكفاءة الطاقة والطاقة المتجددة. يدعم بنك التنمية الألماني القطاع المائي (موارد المياه والصرف الصحي) في ريف دمشق (متضمناً مخيم اللاجئين الفلسطينيين في السيدة زينب) وبالتعاون الوثيق مع المفوضية الأوروبية وبنك الاستثمار الأوروبي. وهناك قرض ميسّر يتجاوز تقريباً 50 مليون يورو من أجل إنشاء محطة معالجة لمياه المجاري في انتظار الموافقة. كما أن الموافقة على صندوق استثمار من أجل شراء المعدّات لقطاع المياه في حلب وريف دمشق، والذي سيقوم بنك التنمية الألماني بدعمه بمعونة مالية للإقراض، لم يُصادق عليها بعد. وهناك مشروع حول "تخفيض الفاقد المائي" في حلب (2009-2016) بدعم من قرض ميسّر ومنحة للمساعدة التقنية (إجراء مواكب). إضافة إلى ذلك، يناقش بنك التنمية الألماني مع الحكومة السورية تمويل إنشاء معهد عال لإدارة المياه في حمص. 

الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد): أعطى الصندوق الدولي للتنمية الزراعية قرضاً للحكومة السورية من أجل تطبيق "مشروع تنمية مراعي البادية"، والذي له صلات مع التصحّر ويقوي بشكل غير مباشر قدرات البدو للاستعداد للتغير المناخي. المشروع يترافق مع قرض ميسّر من الصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. يدعم الصندوق الدولي للتنمية الزراعية مشروعين آخرين في مجال الزراعة، لكنهما يتعلقان بالبيئة بدرجة أقل.

بنك التنمية الإسلامي: لسورية حصة صغيرة في بنك التنمية الإسلامي. ولم يتم تمويل أي مشاريع حتى الآن.

إيطاليا: دعمت الحكومة الإيطالية بين عامي 1994 و2004 مشروع " إعادة تأهيل المراعي وإنشاء محمية للحياة البرّية في البادية السورية". لقد تم تمويله من قبل الوكالة الإيطالية للتعاون (حوالي 5.1 مليون دولار أميركي) وتم تنفيذه من قبل الفاو، وهو مثال هام على الحفاظ على التنوّع الحيوي وإعادة تأهيل البادية. بعض أوجه هذا المشروع يتجري متابعتها حالياً بالتعاون مع الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة (IUCN). كما دعمت الحكومة الإيطالية أيضاً بعض الإجراءات الأصغر حجماً التي تتعلّق بترشيد استخدام الموارد المائية في منطقة رأس العين. إضافة نفذت منظمة الأغذية و الزراعة (الفاو) عدداً من المشاريع الممولة من الحكومة الإيطالية.

اليابان: تشكل حماية البيئة وإدارتها واحداً من الأهداف الرئيسية للوكالة اليابانية للتعاون الدولي (جايكا) في سورية. تعمل (جايكا) بشكل رئيسي في مجال إدارة النفايات الصلبة ومعالجة مياه المجاري. ساهمت منحة المساعدة اليابانية في إعادة تأهيل مكبات جمع القمامة في دمشق عام 1996 وفي حلب عام 1998. أجرت (جايكا) دراسات تنموية في حمص واللاذقية في 2000-2002، نتج عنها خطة رئيسية بخصوص إدارة النفايات الصلبة في المدينتين. تم منح مركبات جمع للقمامة للمدينتين عام 2007، وقد بلغ عدد المركبات الممنوحة أكثر من 200. وفيما يتعلق بمعالجة مياه المجاري، ستقوم (جايكا) بدعم الإعداد لخطة رئيسية لسبع محافظات، لتحسين صيانة شبكة المجاري وتشغيل المنشآت الموجودة.

تقوم (جايكا) في قطاع المياه بدعم الحكومة السورية لإحداث تقنيات ري ذات كفاءة (تحسين كفاءة استخدام المياه، وتخفيف الفاقد المائي) في ثلاث محافظات (ريف دمشق، درعا، حماة)، وقد عينت مستشاراً دولياً للسياسة المائية لدى الهيئة العامة للموارد المائية، وقد أتمت مؤخراً مشروعاً بالعمل مع وزارة الري في تأسيس مركز معلومات الموارد المائية.

  تخطط (جايكا) لتقديم ثلاث محطّات متنقّلة لمراقبة تلوّث الهواء، كما تدعم بناء القدرات للرقابة البيئية في المحافظات السورية الأربع عشرة كلها. وقد بدأت مرحلة أخرى من المشروع عام 2009. ومن خلال فرز متطوعين، تدعم اليابان أيضاً التعليم البيئي. إن تقديم إضاءة للشوارع على الطريق السريع دمشق-درعا تعمل بالنظام الكهروضوئي ما زالت في مرحلة التخطيط.

هولندا: تضمّن التعاون المائي الهولندي-السوري أربعة مشاريع في الفترة 2001-2007 في مجالات إعادة استخدام مياه الصرف، وإدارة موارد المياه الساحلية، والتنمية النموذجية للمياه الجوفية والتوعية بإدارة موارد المياه. هذه المشاريع قد اكتملت حالياً.

السويد: أسهمت السويد في المبادرة الإقليمية لإدارة مبيدات الآفات المهجورة والذي تنفذه الفاو. ضمن "البرنامج الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا"، تقوم الوكالة السويدية للتعاون التنموي الدولي بتعزيز الاستخدام المستدام لموارد المياه، مركّزة بشكل خاص على القضايا المائية الإقليمية والعابرة للحدود، من ناحيتي تخفيف الفقر ومنع النزاعات. وقد جرت مناقشات مع وزارة الإدارة المحلّية والبيئة على مشاريع جديدة محتملة في القطاع المائي. 

إسبانيا: ستقوم حكومة إسبانيا بدعم مشروع حول تنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة. وهذا يتضمّن قرضاً بـ 5 ملايين يورو ومنحة بـ 3 ملايين يورو لإنشاء مَصهَر حديث للرصاص في حلب لاستعادة الرصاص من بطاريات السيارات المستعملة. ويتوقع أن يتم التعاون لهذه الغاية مع وزارة الصناعة. لقد تمت الموافقة على المشروع وهو ينتظر التوقيع.

سويسرا: قدمت الهيئة السويسرية للتعاون الإنمائي مساهمات مالية وتقنية من أجل إنشاء نظام وطني لإدارة المواد الخطرة. إن نظام إدارة المعلومات المواد الخطرة في سورية هو الآن في مرحلته الثانية من التنفيذ. و ضمن جهد إقليمي دعمت سويسرا إنشاء السياحة البيئية في بحيرة سبخة الجبول قرب حلب و ذلك من خلال العمل مع المنظمات الأهلية غير الحكومية.

المملكة المتحدة: ليست سورية من بين الدول التي تتلقّى تمويلاً من وزارة التنمية الدولية. 

برنامج الأمم المتحدة الإنمائي: يشكل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بوصفه إحدى الوكالات التنفيذية لمرفق البيئة العالمي، أحد أكبر المانحين في مجال البيئة. هنالك عمليات جارية في مجال التنوّع الحيوي وإدارة المناطق المحمية (3.4 مليون دولار أميركي) وتقييم ذاتي للقدرات الوطنية لإدارة البيئة العالمية والذي يستهدف جميع اتفاقيات ريو البيئية الثلاث (التنوّع الحيوي، تغيّر المناخ، والتصحّر). يتضمّن المشروع الذي تم استكماله حديثاً وضع إستراتيجية وطنية للتنوع الحيوي، وتقييماً لاحتياجات بناء القدرات في مجال إدارة التنوّع الحيوي، ومشروع حول التخطيط لحفظ الطاقة. وهناك مشروع شامل يتعلّق بكفاءة الطاقة في الأبنية وآخر يتعلّق بالسلامة الحيوية قيد الإعداد. 

برنامج الأمم المتحدة للبيئة: ساعد برنامج الأمم المتحدة للبيئة الحكومة السورية على تنفيذ اتفاقية استوكهولم المتعلقة بالملوّثات العضوية الثابتة، والتي وضعت في 2005. كما اضطلعت سورية بدور إضافي في مبادرات إقليمية عديدة يقودها برنامج الأمم المتحدة للبيئة.

الولايات المتحدة الأميركية(الوكالة الأميركية للتنمية الدولية): لا توجد مشاريع جارية في سورية بدعم من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية.

البنك الدولي: لا توجد مشاريع فاعلة في سورية يدعمها البنك الدولي.

3.5 تنسيق المانحين

  لا يوجد تنسيق رسمي بين المانحين في سورية. تضطلع هيئة تخطيط الدولة بشكل رسمي بدور تنسيق فعاليات المانحين. وباستثناء مؤتمر للمانحين نظمته هيئة تخطيط الدولة منذ بضع سنين مضت، لا وجود لاجتماعات دورية لمجتمع المانحين. ومن ناحية أخرى، فإن مجتمع المانحين صغير نسبياً، وهكذا تعقد المنظمات المختلفة اجتماعات لهذا الغرض بالذات. ومع ذلك، يتمنّى كل المانحين أن يكون لهم منتدى رسمي لتبادل المعلومات.

   يدعو إعلان باريس المتعلّق بفعالية المساعدات (2005) إلى التنسيق بين المساعدات الإنمائية وإلى فعالية أكبر للمساعدات ويؤيّد التمويل المشترك. تلتزم كل من المفوضية الأوروبية والحكومة السورية بإعلان باريس. ورغم عدم وجود أي برامج مشتركة من وحي إعلان باريس (سلّة تمويلية مثلاً)، إلا أن برنامج المياه الذي سيُنفّذ في ريف دمشق بشكل مشترك بين المفوضية الأوروبية/بنك الاستثمار الأوروبي، بنك التنمية الألماني، الأونروا، الهيئة العامة للاجئين العرب الفلسطينيين، والسلطات السورية (هيئة تخطيط الدولة، وزارة الإسكان والتعمير، مؤسسة ريف دمشق) يمكن اعتباره جهداً مشتركاً ومنسقاً.

6 استنتاجات وتوصيات

   تواجه سورية مشاكل بيئية طبيعية واصطناعية خطيرة تحتاج إلى المعالجة الفورية. ورغم بعض الجهود المبكرة، لم تبدأ سورية إلا مؤخراً ببناء المدى الكامل لإمكاناتها للإدارة البيئية، وهذا سيحتاج إلى وقت لا بأس به ليصبح فاعلاً كلياً. وبما أن سورية لم تبدأ إلا مؤخراً نسبياً في إعطاء شؤون البيئة أولوية قصوى، فإن الجهود الكبيرة ضرورية للحاق بالمعايير البيئية الإقليمية والدولية. وهناك على سبيل المثال كثير من الصناعات القديمة تأسست قبل وجود المعايير البيئية، وهي اليوم تشكّل مصادر تلوّث رئيسية وتحتاج إلى جهود وأموال كثيرة لتحويلها إلى أساليب إنتاج نظيفة.

   إن الدوافع الرئيسية للتدهور البيئي (الهواء، الماء، الأراضي، النفايات، الضجيج) تتضمن التوسع الحضري السريع. تتميز سورية بعدد سكّان ينمو بسرعة، وفي أيامنا هذه يعيش حوالي 55 بالمئة من سكانها في بيئة حضرية. إن معدّل النمو السكاني المرتفع يشكّل ضغطاً على البيئة ويجعل الإنجازات بخصوص حماية البيئة تكاد لا تكون مرئية. يتخطّى النمو السكاني أحياناً الإنجازات في قطاع البيئة. 

  يؤثّر التدهور البيئي اليوم على صحّة السكّان والإنتاجية الاقتصادية للبلاد. إن كلفة التدهور البيئي تقدّر من قبل البنك الدولي بأنها تبلغ2.3 بالمئة من إجمالي الناتج المحلّي . ولذا فإن الحماية البيئية أساسية من أجل التطور الاقتصادي للبلاد.

الشكل (3): الكلفة السنوية للتدهور البيئي بحسب القطاع البيئي (مقدّرة بالنسبة من إجمالي الناتج المحلّي).المصدر: البنك الدولي/خطة العمل البيئي للبحر المتوسط 2004.

  بحسب خطة العمل البيئية الوطنية التي صدرت عام 2003، تتضمن التحديات البيئية الكبرى في سورية من بين أشياء أخرى (مدرجة مع المؤشّرات):

استنزاف وتلوّث موارد المياه
1- المعالجة السيئة لمياه الشرب الملوّثة ونقص شبكات مياه الشرب والصرف الصحي في بعض المناطق الريفية
.
2- فقدان مناطق الاستجمام بسبب تلوث الأنهار والبحيرات والشواطئ
.
3- التكاليف المرتفعة المرتبطة بتوفير موارد مائية بديلة نتيجة استنزاف موارد المياه السطحية والجوفية
.

تدهور التربة وتلوّث الأراضي
1- تراجع مساحات الأراضي الزراعية بسبب تملح التربة، والحت المائي والريحي؛
2- الاستخدام غير السليم للأرض والتصحّر.

تلوّث الهواء
1- زيادة أعداد المرضى وارتفاع تكاليف معالجة الأمراض المنقولة بالهواء نتيجة تأثير ملوّثات الهواء على صحة البشر؛
تدهور المناطق الحضرية
.
2- تلوّث المياه برشح مكبات القمامة
.
3- الإسكان غير المنظّم
.
4- التكاليف المرتبطة بموارد المياه والكهرباء غير المشروعة
.
 
فقدان الموارد الطبيعية والتنوع الحيوي
.
1- تدهور الحيوان والنبات، بما في ذلك التنوع الحيوي البري منه والمائي (في المياه العذبة والبحر)
.
2- تأسيس المناطق المحمية وإعادة تأهيلها.

فقدان التراث الثقافي
1- الحاجة إلى ترميم المواقع الأثرية
.

تمكين البيئة

  هنالك تحديات عديدة في تمكين البيئة والتي تعيق إدارة بيئية فاعلة وكفؤة بشكل كامل في سورية.

- القدرات المؤسساتية: كانت سورية البلد الأول في المنطقة العربية الذي يؤسس وزارة للبيئة، والتي ازدادت قدراتها منذ ذلك الحين. إن إحداث عدة مديريات متخصصة للهيئة العامة لشؤون البيئة، ومنها تلك حول التنوع الحيوي، تدهور الأراضي، التغير المناخي، السلامة الكيميائية، تقييم الأثر البيئي، التوعية العامة، إلخ، إضافة إلى إحداث مديريات للبيئة في إدارات المحافظات الـ 14 تعتبر خطوات كبرى كي تصبح البيئة جزءاً لا يتجزّأ من سياسة الحكومة.

  يبدو من الصعب على الحكومة السورية أن تجتذب خبراء ذوي كفاءة عالية بموجب أحوال نظام الخدمة المدنية الحالي. إن ظروف العمل برواتب متواضعة نسبياً غالباً ما لا تكون جذابة بما يكفي للعمل لدى الحكومة، وكثير من الخبراء يبحثون عن وظائف أفضل أجراً في القطاع الخاص. يختلف الوضع بالنسبة للمشاريع الممولة من المانحين، حيث يمكن توظيف أفراد الطاقم مباشرة من قبل المشروع وليس بالأجور التي تدفع طبقاً للأنظمة الحكومية. ولذلك يتميز أداء المشاريع الممولة من المانحين بشكل واضح عن العمل الحكومي الاعتيادي.

   إن الأداء الضعيف نسبياً للعمل الحكومي يشكّل تهديداً أساسياً لاستدامة المشاريع. فما إن ينتهي الدعم الخارجي وتتولى الحكومة المهام، حتى يتعرقل استمرارها بسبب القدرات الفردية غير الكافية.

   في حين أن التركيبة المؤسساتية للبيئة بوجود وزارة بيئة راسخة، ومديريات بيئة مناطقية كجزء من الإدارة المحلّية، ومركز للدراسات البيئية بوصفه الذراع العلمية لوزارة البيئة، ومديريات بيئية في كل الوزارات القطاعية تقريباً مرضٍ بشكل كبير، إلا أن القدرات الفردية تحتاج بوضوح إلى تطوير أكبر للوفاء بالمتطلبات التي تشكل تحدياً وبالمعايير الدولية.

- المشاركة الشعبية: لازالت الحماية البيئية تُفهم على نطاق واسع على أنها مهمة حكومية صرفة، وليس كمهمة المجتمع بأسره. يلعب المجتمع المدني دوراً صغيراً نسبياً في الحماية البيئية. وما زالت مشاركة الشركاء المعنيين في اتخاذ القرارات البيئية في بداياتها الأولى. الخطة الخمسية العاشرة التي تغطي الفترة بين عامي 2006-2010 هي فقط التي فتحت الباب لتقوية المجتمع المدني، وهي تهدف إلى ترسيخ المجتمع المدني كقوة ثالثة تُضاف إلى الحكومة والقطاع الخاص. إن عدد المنظمات غير الحكومية في سورية مازال صغيراً نسبياً، ولها قدرات محدودة جداً للعب دور فاعل في صنع القرار البيئي من جهة وتنفيذ المشاريع البيئية ذات التأثر الكبير من جهة أخرى.

   وما زالت المشاركة الشعبية ضعيفة أيضاً في صنع القرار فيما يخص مشاريع الاستثمار. ورغم أن إجراءات تقييم الأثر البيئي تتنبأ بالمشاركة الشعبية الفاعلة، تبقى هذه الإجراءات في حاجة إلى تطوير وترسيخ أكثر في سورية.

- الإطار التشريعي: بإصدار قانون البيئة (القانون رقم 50) لعام 2002، وضعت الحكومة السورية حجر الأساس لإطار تشريعي شامل ضروري لتحسين الوضع البيئي في البلد. ومنذ ذلك الحين تم وضع عدد من الأوامر التنفيذية والمراسيم والتشريعات والمعايير البيئية والأنظمة الداخلية، إلخ. ولكن العملية ما زالت بعيدة عن الاكتمال. يجب النظر إلى القانون البيئي على أنه قانون إطاري، ومازال ينبغي إحداث تشريعات متفرعة عنه. فعلى سبيل المثال، لا يكاد خرق القانون يخضع لأي غرامة، بما أن الغرامات ومقياس التغريم ما زالت مفقودة. ولا حاجة للقول إن الطريق ما زال طويلاً إلى أن يقود القانون البيئي إلى تخفيض كبير في التدهور البيئي.

- المراقبة البيئية وإدارة المعرفة: إن مركز الدراسات البيئية، وهو جزء من وزارة الإدارة المحلية والبيئة، هو المؤسسة المركزية لجمع وتقييم المعلومات البيئية وترجمتها إلى سياسات ملموسة. تتضمن المؤسسات الأخرى المركز الوطني لبحوث الطاقة، الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية، الهيئة العامة للاستشعار عن بعد، المعاهد الجامعية، وغيرها. وعلى الرغم من هذه الجهود كلها، فمن الصعب غالباً الحصول على معلومات محدّثة عن الوضع البيئي. هناك حاجة لتطوير القدرات الذاتية و المؤسساتية من أجل مشاركة أفضل للمعلومات المتوفرة بهدف المساهمة بعملية التقييم الكلي.

  إن ثقافة تبادل المعلومات ناقصة التطور في المؤسسات البيئية السورية. وما زالت المعلومات والمعرفة البيئية يُنظر إليها غالباً على أنها سلطة وعلى أنها من أملاك الحكومة، حيث لا يتم الإفصاح مجاناً عن المعلومات البيئية للعامّة. ومع أن الحال تغيّر بشكل كبير في السنوات الأخيرة، إلا أن نقص تبادل المعلومات ما زال يعيق الإدارة الفاعلة للبيئة.

   لا يوجد نظام شامل لوضع التقارير البيئية في سورية، حيث لا تتوافر التقارير البيئية السنوية حول حالة البيئة على مستوى البلاد ولا على مستوى المحافظات. وهنالك نقص عام في البيانات البيئية المتوافرة والتي يمكن أن تظهر الاتجاهات العامة، ومن ضمنها إنجازات تحسين وضع البيئة. فمحطات مراقبة تلوث الهواء على سبيل المثال نصبت في المدن الكبرى مؤخراً، لكنّ القياسات غير مستمرة غالباً والنتائج من كل المحطات لم تجمع من أجل تقييم كلي.

- الوعي بالأمور البيئية: ازداد الوعي بالبيئة كثيراً في السنوات الأخيرة بين صانعي القرار والعموم على حد سواء. وأصبحت الهموم البيئية الآن تؤخذ في الحسبان في قرارات عديدة، والخطة الخمسية العاشرة أو إدخال تقييم الأثر البيئي أمثلة جيدة على الدور المعزز الذي باتت البيئة تلعبه الآن في السياسة التنموية السورية.

   ولكن الوعي البيئي ما زال في بداياته في سورية، كما يمكن أن يظهر في التعامل غير الحذر مع المشكلات البيئية. وحين يتجاوز تلوث الهواء أو الماء على سبيل المثال الحدود القصوى الموضوعة مثلاً من قبل منظمة الصحة العالمية، لا يتم عادة إغلاق مصادر التلوث على الفور. ويعاني السكان الذين يعيشون في النقاط الساخنة للتلوث ذات التجمعات الصناعية الكبيرة على الأخص كثيراً من التعامل غير الكافي لضبط التلوث. 

   يتم إجراء حملات التوعية البيئية بشكل رئيسي على مستوى محدود، وبضع حملات فقط تصل إلى عامة الناس. لا تملك المنظمات غير الحكومية في سورية القدرات لتقوم بدور أساسي في بناء الوعي والقيام بحملات كبرى.

- إدماج البيئة في السياق العام: إن البيئة بوصفها مسألة شاملة يجب أن يتم التعامل معها من قبل قطاعات عديدة وفرعية. إن السلطة البيئية العليا في سورية هي مجلس حماية البيئة والتنمية المستدامة، الذي يضطلع بمسؤولية وضع السياسة الوطنية وتنسيق الفعاليات البيئية، والذي يضم ممثلين من هيئة تخطيط الدولة وكل الوزارات والشركاء المعنيين الآخرين، لضمان إدماج القضايا البيئية في عملها. إضافة إلى ذلك، فإن معظم الوزارات لها مديريات بيئية مرتبطة بوزارة الإدارة المحلية والبيئة عبر عدد من اللجان ومجموعات العمل. إن التقييم البيئي الإستراتيجي، وهو نظام لإدماج الاعتبارات البيئية في السياسات والخطط والبرامج، ليس إجراءً تقييماً يطبّق قانونياً في سورية وهو عجز واضح في إدماج البيئة في التخطيط الوطني.

توصيات

  سورية بلد يشهد تحوّلاً صناعياً متواضعاً وهو مصنّف كبلد ذو دخل دون الوسط. وليس نقص الموارد المالية هو ما يعيق أحياناً تطبيق الحماية البيئية، ولكنه أيضاً نقص في المعرفة، والقدرات المؤسساتية والفردية والوعي للهموم البيئية. لذا ينبغي أن تقوم العمليات الممولة من المانحين بالجمع بين تقديم الموارد المالية والمساعدة الفنية التي تسمح للمؤسسات السورية بأن تصبح أكثر كفاءة واكتفاء ذاتياً.

إن التوجه الحالي لسياسة الاتحاد الأوروبي تشجع التحول من المنهجية التقليدية بدعم المشاريع إلى منهجية دعم القطاعات (Sector Wide Approaches, SWA) و دعم الميزانية العام (General Budget Support). إن طبيعة البيئة كموضوع متقاطع لايحبذ منهجية دعم القطاعات (SWA) في المواضيع البيئية بشكل عام ، كما أن ظروف العناصر الجوهرية لمنهجية دعم القطاعات في سورية (مثل الفصل الواضح في السياسة/الاستراتيجية البيئية العامة ، الميزانية البيئية و منظورها على المدى القريب ، إطار العمل في التنسيق البيئي) مازالت تحبذ في الوضع الحالي المنهجية التقليدية في دعم المشاريع. بالرغم من ذلك فإن منهجية دعم القطاعات (Sector Wide Approaches, SWA) يمكن أخذها بعين الاعتبار على المدى المتوسط و البعيد في قطاع المياه. 

و من ضمن العديد من أفكار و مفاهيم المشاريع التي يمكن تقديمها ، يجب إعطاء الأولوية لتلك المشاريع التي:
- هي مبتكرة لسورية، و تتضمن جوانب مثل نقل التكنولوجيا وتطبيق المنهجيات التي لا تتوافر في سورية دون هذه المشاريع (مبتكرة)؛
- تدعم جدول الأعمال الإصلاحي للحكومة السورية كما هو مقرر في الخطة الخمسية العاشرة، مغطية جوانب مثل اللامركزية، وتقوية المجتمع المدني، إلخ. (التغيير في الإدارة)
- تلتزم بمبدأ من يلوّث يدفع. ولا يجب على الحكومة أن تتحمل مسؤولية التلوّث البيئي الذي يسببه القطاع الخاص أو الشركات المملوكة للدولة (الالتزام بمبدأ "الملوث يدفع")
- لها توجهات جيدة لاستدامتها و ذلك من خلال استعادة كاملة للتكاليف، وعلى الأقل لتكاليف التشغيل (إن أنظمة تزويد مياه الشرب و مياه الري و إدارة النفايات الصلبة ومعالجة مياه المجاري تكون عادة مدعومة كثيراً) (الاستدامة من خلال استرداد التكلفة)
- تنتج فوائد بيئية عالمية، إضافة إلى الفوائد المحلية والوطنية، و يمكن أن تؤخذ الاتفاقيات البيئية الدولية كدليل للفوائد البيئية العالمية (فوائد بيئية عالمية)
- تبني على المبادرات الوطنية و الإقليمية الموجودة والتي تعالج المشاكل البيئية بما في ذلك مباردة "أفاق 2020" لحكومات الاتحاد الأوروبي لمعالجة أهم مصادر التلوث في حوض المتوسط (البناء على المبادرات الموجودة/أفاق 2020)
- تسهم في أهداف الإنمائية للألفية (Millennium Development Goals)، وخصوصاً في الحد من الفقر (الأهداف الإنمائية للألفية/ الحد من الفقر)
- تسهم في تقوية القدرات الذاتية و المؤسساتية للمؤسسات الوطنية و المحلية بما في ذلك المؤسسات الحكومية (بناء القدرات)
- دعم و تقوية صناديق تمويل البيئة على سبيل المثال من خلال التحضير لاستثمارات على نطاق كبير أو من خلال دعم الفائدة (دعم و تقوية صناديق التمويل)
- التي لها زمن تحضير قصير نسبياً، تعتبر مفاهيم و أفكار المشاريع المتوفرة مسبقاً كميزة (زمن تحضير قصير)

   لقد أظهرت دراسة المرتسم البيئي القطري أنه يجب أخذ القضايا البيئية التالية في الحسبان. فهي تعكس كون القطاع المائي يحتلّ مرتبة متقدمة من بين المشكلات البيئية، وهو أيضاً يأخذ في الاعتبار التزامات سورية بموجب الاتفاقيات البيئية الدولية (مثل التغير المناخي، والتنوع الحيوي، و مكافحة التصحّر). وبشأن الوضع الحالي والاتجاهات البيئية في سورية، إضافة إلى الإطار السياسي والتشريعي والمؤسساتي فيما يتعلق بالإدارة البيئية، يمكن تقديم التوصيات التالية:

- الحد من التغيرات المناخية: تعزيز كفاءة الطاقة في المباني والطاقة المتجددة عبر تقوية القطاع الخاص وإجراءات أخرى من خلال البناء على الخبرات المكتسبة في المشاريع الرائدة وأن تترافق مع المساعدة الفنية بالاستثمارات؛

- التكيّف مع التغيّرات المناخية ومكافحة التصحّر: إدارة المراعي والإجراءات المضادة للجفاف؛ و بالأخص في المناطق الحساسة كثيراً مثل البادية . المساعدة الفنية والاستثمار في البنية التحتية؛
- تطوير وإدخال أنظمة غير مركزية لمعالجة مياه المجاري: الحفاظ على موارد المياه الجوفية والسطحية (مثلاً بحيرة الجبّول المالحة، وهي موقع ضمته في اتفاقية رامسار)، إنشاء مرافق لمعالجة مياه الصرف، التاثيرات على الحفاظ على التنوّع الحيوي؛ و التكيف مع التغييرات المناخية. استثمارات ومساعدات فنية؛
محطات لمعالجة مياه المجاري الصناعية والمنزلية في نقاط التلوّث الساخنة التي تم تحديدها في "آفاق 2020" : إنشاء محطات معالجة، استثمارات؛

- إدارة تجمّعات المياه: إدارة أحواض الأنهار للحفاظ على موارد المياه الجوفية، ولحمايتها من التلوّث – التاثيرات الجانبية المتوقعة هي التغيرات المناخية و الحفاظ على التنوع الحيوي. مساعدات فنية واستثمارات؛

- ضبط التلوث البلدي: التحكم في التمويل لضبط التلوث المحلي على سبيل المثال في مجالات مواقع المدافن الصحّية للقمامة، وضبط تلوّث الهواء، ومعالجة مياه الصرف، واستثمارات ومساعدات فنية؛

- ضبط تلوّث الهواء وإدارته:تطبيق أدوات الإدارة والتطبيقات التقنية لمنع تلوث الهواء الحضري والصناعي في مناطق النقاط الساخنة بما في ذلك تلك التي تم تحديدها في "آفاق 2020". دعم المساعدات الفنية والاستثمارات.

- نوصي بأن تقوي المجموعة الأوروبية تدخلاتها في هذه المجالات مبنية على الخطط الوطنية و السياسات و الجهود السورية الموجودة.

    هناك حالياً نهج مشتركة و ناجحة لدعم مشاريع بيئية في قطاع المياه بين المفوضية الأوروبية-بنك الإستثمار الأوروبي و بنك التنمية الألماني. يجب التوسع في الفرص للتنسيق مع الجهات المانحة الأخرى بقصد التكامل و التعاون من أجل الوصول إلى فاعلية أكثر في تحقيق الأهداف. بشكل خاص في قطاع المياه (شبكات الصرف الصحي، معالجة مياه المجاري، تزويد المياه) و التحكم بتلوث الهواء تتطلب استثمارات كبيرة و تعرض فرص عديدة لتنسيق المنهج بين مجموعة المانحين.

:: تم بعون الله تعالى ::

المراجع :

المراجع الحكومية :

1. المكتب المركزي للإحصاء. رئاسة مجلس الوزراء (قرص مضغوط – عربي و إنكليزي 2007)

2. الخطة الخمسية العاشرة للجمهورية العربية السورية 2006-2010 [تتوافر ترجمة بالإنكليزية].

3. الإجراءات التنفيذية لتقييم الأثر البيئي. وزارة الإدارة المحلّية والبيئة (الأمر الوزاري رقم 225، تاريخ 29/01/2008).

4. تحديد السياسات الوطنية للطاقة والنفاذ إلى الطاقة في سورية. وزارة الكهرباء، 2005.

5. الخطة الرئيسية لمعالجة النفايات الصلبة في سورية. وزارة الإدارة المحلّية والبيئة وتريفالور 2004.

6. خطة العمل الوطنية لمكافحة التصحّر في الجمهورية العربية السورية. وزارة الدولة لشؤون البيئة، مديرية الأراضي، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي 2002.

7. الأنظمة والتعليمات الوطنية لتقييم الأثر البيئي (الوكالة الألمانية للتعاون التقني ووزارة الإدارة المحلّية والبيئة 2008).

8. الأهداف الإنمائية الوطنية للألفية للجمهورية العربية السورية. هيئة تخطيط الدولة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي 2003.

9. نظرة عامة على الوضع الحالي لإدارة النفايات البلدية الصلبة في سورية والخطة الوطنية الرئيسية لها. وثيقة عرض تقديمي. وزارة الإدارة المحلّية والبيئة 2006.

10. الفقر في سورية 1996-2004: تشخيص واعتبارات السياسة الداعمة للفقراء. برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، دمشق 2005.

11. الخطة الرئيسية للطاقة المتجددة: وزارة الكهرباء بالتعاون مع إدارة الأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية. تم إعدادها بالتنسيق المحلي مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. 

12. التقييم الذاتي لحاجات بناء القدرات الوطنية في سورية لإدارة القضايا البيئية العالمية. إستراتيجية التقييم الذاتي لحاجات بناء القدرات الوطنية وخطة العمل لتطبيق الاتفاقيات البيئية للأمم المتحدة في سورية. 

13. (التقييم الذاتي لحاجات بناء القدرات الوطنية/سورية/05/ 012) (وزارة الإدارة المحلّية والبيئة بالتعاون مع مرفق البيئة العالمي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي) 2007.

14. حالة البيئة في سورية. مسودة تقرير. وزارة الإدارة المحلية والبيئة/الهيئة العامة لشؤون البيئة، 2005-2006 [متوافر باللغة العربية]. 2008.

المراجع العلمية :

1. عطار، و. (2005): التقرير الوطني عن الصيد. البلد: الجمهورية العربية السورية. تقرير من مشروع ممول من قبل الاتحاد الأوروبي (مرجع المشروع: LIFE 04 TCY/INT/000054). حياة الطيور، AAO, SPNL.

2. أكواستات (2008): نظام معلومات الفاو حول المياه والزراعة. الجمهورية العربية السورية.  [تم تحميله في 29 كانون الثاني 2009]

3. باومغارت، و.، م. كاسباريك، ب. ستيفان (1995): الطيور السورية، نظرة عامة. هايدلبرغ ص. 124
4. التنوع الحيوي: تقرير وطني. إستراتيجية التنوع الحيوي وخطة العمل وتقرير إلى مؤتمر الأطراف. 1999.

5. الوزارة الاتحادية للتعاون الاقتصادي والتنمية (2008): الأساسيات والأولويات والتطلعات لسياسة التنمية الألمانية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. - الوزارة الألمانية الاتحادية للتعاون الاقتصادي والتنمية.

6. شحّود، ج. (2003): الخطة الرئيسية للطاقة المتجددة في سورية: رسالة من الحكومة. – مجريات من الجلسة الثلاثين للندوة الدولية عن الحرب النووية وطوارئ الكوكب (إيريسه، إيطاليا).

7. التغيّر المناخي ومنطقة المتوسط.
8. -

9. توجهات الأرض: الأنظمة البيئية الساحلية والبحرية. الجمهورية العربية السورية. 
10.
11. مركز البحوث العلمية والبيئية والوكالة الألمانية للتعاون التقني: دراسة قطرية عن انبعاثات [غازات] الدفيئة في سورية. – شباط 2000.

12. أداة الجوار والشراكة الأوروبية. وثيقة الإستراتيجية الإقليمية (2007-2013) وبرنامج الدلالة الإقليمي (2007-2010) للشراكة الأورو-متوسطية. – الاتحاد الأوروبي الشراكة اليورومتوسطية.

13. أداة الجوار والشراكة الأوروبية. وثيقة الإستراتيجية الإقليمية: وثيقة الإستراتيجية للجمهورية العربية السورية 2007-2013 وبرنامج الدلالة الوطني 2008-2010.

14. بنك الاستثمار الأوروبي (2008): آفاق 2020 – إعداد برنامج استثمار في النقاط الساخنة في المتوسط. 

15. تقرير أخير للعقد REG/2006/02، الدفعة رقم2: النقل والبنية التحتية.
16. المبادرة المائية الأوروبية (2007): التقرير التقني عن الجفاف وندرة المياه وإدارتها في منطقة البحر الأبيض المتوسط والتوجيه الإطاري للمياه. – منتجة من قبل مجموعة عمل ندرة المياه وتقرير الجفاف في المتوسط. 

17. إيفانز، إم. آي. (1994): المناطق الهامة للطيور في الشرق الأوسط. سلسلة الحفاظ على حياة الطيور رقم 2. – كامبريدج.

18. فرنانديز، إي. (2008): المستوطنات غير الرسمية في سورية: إطار عام لفهم ومواجهة الظاهرة. 
a. ع
19. الفاو (2004): موجزات حراجية قطرية. الجمهورية العربية السورية.
20. 

21. الوكالة الألمانية للتعاون التقني (2007): إستراتيجية الإدارة 3130 للبحر المتوسط والشرق الأوسط لتنفيذ التعاون في مجال التنمية في القطاع التطوعي من 2008حتى 2011. - الوكالة الألمانية للتعاون التقني.

22. حمزة، أ. (2004): لمحة عامة عن المرتسم السوري للطاقة. – ورشة عمل بيروت للتعاون الإقليمي المتعلقة بكفاءة الطاقة وتكنولوجيا الطاقة المتجددة. بيروت، لبنان. 30 نيسان 2004.

23. الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة (2006): التنوع الحيوي في التعاون الإنمائي الأوروبي. دعم التنمية المستدامة للدول الشريكة. - الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة.

24. الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (2001): تقييم البرنامج القطري. الصندوق الدولي لتنمية الزراعية، روما.

25. الأخبار الدولية المتعلقة بحرائق الغابات (2004): طوارئ حرائق الغابات في سورية في تشرين الأول 2004. - الأخبار الدولية المتعلقة بحرائق الغابات رقم 31 (تموز-كانون الأول 2004، 19).

26. كاسباريك، م. (1995): تعشيش السلاحف البحرية على ساحل سورية. – علم الحيوان في الشرق الأوسط 11: 51-62.

27. الخطة الزرقاء (2008): التغيرات المناخية و الطاقة في حوض المتوسط- المركز الإقليمي للأنشطة بالتعاون مع بنك الإستثمار الأوروبي و اليوروميد

28. ميردوخ، دي. إيه و كيه. إف. بيتون (2008): قائمة بالطيور في سورية. ساندغراوس، الملحق 2: 1-48.

29. باليرم، جيه.، جيه. بي. ليدانت، بي. برين (2007): الإدماج البيئي في برمجة التعاون الإنمائي للمفوضية الأوروبية، خبرات في استخدام المرتسمات البيئية القطرية. –التدريب وكتيب التعليمات (الدعم المنهجي) لإدماج البيئة في التعاون الإنمائي. المفوضية الأوروبية.

30. ريس، إيه. إف.، إم. جوني، دي. مارغاريتوليس، بي. جيه. غودلي (2008): المتابعة بالأقمار الاصطناعية لسلحفاة خضراء، تشيلونيا مايداس، من سورية والذي يسلط الضوء أكثر على أهمية شمال إفريقيا للسلاحف الخضراء. – علم الحيوان في الشرق الأوسط 45: 49-50.

31. سلمان، م. (2004): الإصلاح المؤسساتي للري وتصريف المياه في سورية: تحليل للعناصر الأساسية. 
33. سكوت، دي. إيه. (1995): دليل للمناطق الرطبة في الشرق الأوسط. –الدولية للمناطق الرطبة.
34. سيرا، جي. (2008): تقرير أولي عن مواقع التراث الطبيعي في غرب سورية. / تقرير أولي عن مواقع 
35. التراث الطبيعي في غرب سورية. – مشروع تحديث الإدارة البلدية 
36. MED/2004/6264: EUROPE AID/119822/SV/SY.

37. سيمونز، إي. (2005): مشروع تحديث الإدارة البلدية في سورية: خطة العمل 14. إدارة النفايات الصلبة. تقرير الشروع في العمل.

38. موجز بيئي قطري للحكومة المحلّية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي:
39.  [تم تحميله في 24/02/2009]

40. برنامج الأمم المتحدة للبيئة (2009): نظرة عامة على البيئة العالمية.
41. -

42. الأمم المتحدة (2000): التقييم القطري العمومي. الجمهورية العربية السورية. – كانون الثاني 2000.
43. إطار المساعدة الإنمائي للأمم المتحدة 2007-2011. الجمهورية العربية السورية.
a. دمشق
44. البنك الدولي (2005): الشراكة الإستراتيجية للنظام البيئي البحري الكبير للبحر الأبيض المتوسط. مبادرة يقودها مرفق البيئة العالمي/البنك الدولي/ برنامج الأمم المتحدة للبيئة لمواجهة التلوّث العابر للحدود وتحفيز الاستثمار في حوض المتوسط.

45. البنك الدولي (2004): الجمهورية العربية السورية. تقدير كلفة التدهور البيئي. – تقرير نهائي. 

46. الصندوق العالمي للطبيعة، حياة الطيور و (2007): الأدوات البيئية في التعاون الإنمائي للمفوضية الأوروبية. الشفافية والتوفر العمومي للوثائق. مراجعة. - الصندوق العالمي للطبيعة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق