الصفحات

السبت، 29 أكتوبر 2016

النمو الديمغرافي وتأثيره على التنمية الزراعية بمحافظة شبوة اليمن ...


النمو الديمغرافي وتأثيره على التنمية الزراعية 

بمحافظة شبوة اليمن


جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء

أطروحة دكتوراه 

مقدمة من طرف


مبارك فرج محمد أبوحربه

تخصص جغرافيا

إشراف :


أ.د. أحمد آيت موسى

أستاذ التعليم العالي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية - المحمدية

نوقشت هذه الرسالة بتاريخ 12رمضان 1436هجرية 

الموافق 29 يونيو 2015 م 

بكلية الآداب والعلوم الإنسانية - المحمدية

المؤسسة : كلية الآداب والعلوم الإنسانية المحمدية 

مركز الدراسات في الدكتوراه : المجال، المجتمع، الثقافة

اسم المختبر : دينامية المجال والمجتمع

السنة الجامعية 2014 - 2015

 ملخص الأطروحة:

  تعد العلاقة ما بين السنان والموارد من أهم الموضوعات الحيوية في الوقت الراهن والتي تستحق الوقوف عندها، نظراً لبروز مشكلات كبيرة ومعقدة نتيجة التباين في فهم هذه العلاقة. أصبح النمو الديمغرافي عنصراً مهما يؤثر على مسارات التنمية الشاملة ويساهم فيها، وبالتالي أصبح الإنسان عاملاً مشاركاً ومؤثرا فيها في الوقت نفسه.

  في محافظة شبوة وعلى مدى فترة العشرين السنة الماضية حصلت العديد من التغيرات الديمغرافية، منها ارتفاع معدل النمو السكاني، وارتفاع نسبة المواليد وبالتالي ارتفاع نسبة صغار السن مما جعل  من مجتمع المحافظة مجتمعا فتيا على غرار المجتمع اليمني بصفة عامة. زادت مع هذا الوضع معدلات الإعالة الاقتصادية، لعدم توفر فرص العمل  لنسبة كبيرة من الشباب في المحافظة. كما أن نسبة مهمة من السكان تعرف تدني المستوى التعليمي لديها، مما أثر على الخصائص الاقتصادية لقوة العمل في المحافظة.

  مقابل ذلك تعاني محافظة شبوة من شح في الموارد الطبيعية المتجددة وخاصة الأراضي الزراعية والمياه والغطاء النباتي الطبيعي، لكون المحافظة تمتاز بالمناخ الصحراوي الجاف الذي يمتاز بتدني مستويات هطول الأمطار، وارتفاع درجات الحرارة وشدة التبخر. كما أن القطاع الزراعي يعاني من عدم مواكبته للتطورات التي من شأنها رفع مستويات الإنتاج في جميع أنواع المحاصيل  الزراعية، بل أنه يعتمد على الممارسة التقليدية الزراعية والتي تضر بالتنمية الزراعية المستدامة. وعليه فإن موضوع هذا البحث يعالج تأثير النمو الديمغرافي على التنمية الزراعية بالمحافظة، والضغط الذي تمارسه الزيادة السكانية في المحافظة على موارد القطاع الزراعي.

الكلمات المفتاح : التغيرات الديمغرافية. التركيب السكاني. التنمية الزراعية. الموارد الطبيعية. محافظة شبوة

1- تمهيد:

  يعد موضوع السكان والتنمية من أبرز الموضوعات الحيوية في الوقت الراهن والتي تستحق الاهتمام بها والوقوف عندها بشكل مستمر، نظرا لبروز مشكلات كبيرة ومعقدة جراء التباين في فهم هذه العلاقة.

  تساهم دراسة قضايا السكان والتنمية في فهم العلاقات المتبادلة والمتشابكة بين الظواهر السكانية والتنموية، وذلك من خلال تركيزها على تحديد وتحليل آثار المتغيرات الديمغرافية على عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية.

  لذا فقد أخذت هذه العلاقة حيزا كبيرا من الاهتمام من لدن المنظمات الدولية والدول على اختلافها، حيث أصبحتهذه المسألة في غاية التعقيد والأهمية في السنوات الأخيرة خاصة في البلدان النامية.وبانتهاء الحرب العالمية الثانية وتحرر الكثير من الشعوب والدول من الاستعمار فقد سعت هذه الدول للنهوض بشعوبها اجتماعيا واقتصاديا، بالسير نحو التنمية بخطى متسارعة للحاق بركب الدول المتقدمة. وقد استطاعت بعض هذه الدول من تحقيق نتائج ملموسة في اتجاه تحقيق أهداف التنمية الاجتماعية والاقتصادية من خلال التوازن في سياسة التنمية بالعلاقة مع المسألة السكانية، بينما تعثرت جهود دولأخرى لعدم الاهتمام بهذه العلاقة المتوازنة مما أدى إلى الإرباك في تحقيق أهداف التنمية.

  إن عامل السكان والمتغيرات الديمغرافية المصاحبة لم يعد عنصرا هامشيا لا يؤثر على مسارات التنمية الشاملة ولا يساهم فيها، بل أصبح الإنسان عاملا مشاركا ومؤثرا فيالوقتنفسه.يعتبر الإنسان إذن "محور التنمية" و يترتب عنهذا المبدأ التزامات أساسية بضرورة إدماج المتغيرات الكمية والنوعية للسكان في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية لضمانتحقيق الأهداف الأساسية للتنمية، حيث أنالتحولات الاقتصادية والاجتماعية والديمغرافية التي شهدها العالم خلال العقود الماضية أدت إلى تحول منهجي يعتمد تحليل العلاقة المتبادلة والمتشابكة التي تربط السكان بالتنمية. بالاستناد على البيانات وقواعدها التي توفرها الاحصاءات المختلفة.ومن الواضح أيضا أن هبوط المستوى الإحصائي وآلياته في بلد ما، يوازيه تخلف ملموس في كل جوانب التنمية ويصاحبه تخبط تنموي قائم على مبادرات مشتتة لا تستند إلى أرضية رقمية ولا يحكمها تنسيق.

  ومن هذا المنطلق تعد دراسة الخصائص المختلفة للسكان وعلاقتها بالتنمية من أهم المواضيع السكانية في الوقت الراهن، لدورها في تشخيص الواقع ومحاولة علاجه بأسلوب علمي، يسعى إلى تحقيق التوازن بين تلك الخصائص وجهود التنمية المستدامة.فطبيعة الدور الذي يمثله السكان كعنصر محوري في هذه العلاقة جعلها ذات أهمية قصوى.

  تقوم استراتيجية التنمية المستدامة الحالية التي تلتزم بها مختلف دول العالم اليوم على خيارات حددتها الأمم المتحدة من خلال برامجها الإنمائية التي تعزز دور السكان في التنمية. إذ تؤكد هذه الاستراتيجية على أن التنمية لا يمكن أن تتم إلا بواسطة السكان ومشاركتهم فيها من خلال العمل المنتج، لأن هذه التنمية من أجل تحسين مستوى معيشة السكان ورفاهيتهم من خلال انتفاعهم بالعوائد الاقتصادية للتنمية، وبالتالي يصبح على الدول بهذا المفهوم أن تعزز مجالات الاستثمار في هذا العنصر البشري سواء من خلال برامج التنمية القطاعية كالتعليم والصحة وغيرهما، أو في برامج التنمية الشاملة والمستدامة التي تشتمل على مختلف الأبعاد المادية والبشرية التي يمتلكها المجتمع.

وإذا كانت التنمية بالمفهوم السابق تعتمد على العنصر البشري فإن خصائص السكان ستكون المحدد الرئيسي لتحقيق هدف التنمية المستدامة، و بذلك تعد مؤشرات النمو السكاني عاملا مؤثرا في دفع أو تراجع خطط وبرامج التنمية، فبقدر الاستثمار الأمثل لمخرجات النمو السكاني تتحقق الأهداف التنموية. كما تمثل مؤشرات التركيب السكاني عنصرا آخر يؤثر في مسارات التنمية، من خلال خصائص التركيب العمري والنوعي والاقتصادي والاجتماعي.

   وبما أن الكثير من الدول النامية -ومنها اليمن – تعتمد في نشاطها الاقتصادي على الزراعة، وبالتالي فالزراعة تمثل أحد مجالات العمل الرئيسية للسكان. ولما كانت  الاتجاهات الحديثة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية ترتكز على إشباع الحاجات الأساسية للسكان، فقد بدأت التنمية الزراعية تأخذ مكانها المتميز بين جهود التنمية الاقتصادية،لكون التنمية الزراعية من أهم أنواع التنمية الشاملة، لتعلقها المباشر بإشباع الحاجات الأساسية للفرد وعلى رأسها الغذاء. ولما كانت اليمن من جملة الدول التي تعاني من ارتفاع النمو السكاني، وتباطإ معدلات التنمية وخاصة في منطقة الدراسة التي تعاني في الوقت الراهن من تحديات وصعوبات جغرافية طبيعية منها وبشرية أسهمت بصورة أو بأخرى في تبلور وبروز مشكلات سكانية شديدة التعقيد من جهة أخرى، فقد أتى هذا البحث لدراسة هذه التحديات .

الخاتمة العامة

    سنحاول في نهاية هذا العمل الوقوف على ما أسهم به الموضوع في دراسة التغيرات الديمغرافية وتأثيراتها على التنمية الزراعية بمحافظة شبوة، وذلك من خلال تشخيص مظاهر تطور الموارد البشرية والطبيعية.

   شهدت المحافظة نمواً ديمغرافياً مرتفعاً استقر، هذه الزيادة المستمرة للسكان، عائدة بالأساس إلى ارتفاع الخصوبة في المحافظة، نتيجة لسيادة العادات والتقاليد كالزواج المبكر، وتفشي الأمية وخاصة بين النساء،وتدني الوعي بأهمية استخدام وسائل تنظيم الأسرة، وكذا عدم الكفاية المكانية للخدمات الصحية بالمحافظة.

   وقد نتج عن هذه الوضعية تميز البنية الديمغرافية لساكنة المحافظة بالفتوة، حيث لا تزال نسبة السكان أقل من 15سنة كبيرة .و لا شك أن الارتفاع في أعداد صغار السن ستترتب عنه،إذا ما استمرت هذه الظاهرة، زيادة الضغط على المنظومة التعليمية وانخفاض الكفاءة التعليمة، وهذا يتطلب استثمارات إضافية، بالإضافة إلى زيادة الطلب على الخدمات العامة وخاصة الصحية وقطاع الرعاية الصحية الأولية.

  كما يعد ارتفاع عبء الإعالة الواقع على قوة العمل في المحافظة أحد التحديات الناتجة عن الخصائص الديمغرافية للسكان والتي تقف حجر عثرة أمام فرص التنمية بالمحافظة. كما يترجم التركيب العمري ذلك بعبء على الموارد أكثر من كونهم قوة إنتاجية مما زاد من معدل الإعالة الاقتصادية في المحافظة في ظل ضعف النظام الاقتصادي في المحافظة وعدم استيعابه للسكان النشيطين اقتصاديا لتدني مستويات التنمية بالمحافظة وعدم توافر الأنشطة الاقتصادية التي توفر فرص العمل لهؤلاء الشباب.

  وللإشارة فإن ساكنة المحافظة تعاني من الأمية، ، وترتفع أكثر في صفوف الإناث، نتيجة لعوامل اجتماعية واقتصادية ونقص في المؤسسات التعليمية والكفاءات، وبالرغم من أن نسبة الأمية انخفضت عما كانت عليه في العام 1994،إلا أنها لا تزال مرتفعة للغاية ويعد سببا ونتيجة لمستوى التنمية الاقتصادية في المحافظة. كما أن معدلات الالتحاق بالتعليم لا تزال دون المستوى،إذ أنما يقارب من نصف الساكنة في سن التعليم خارج العملية التعليمية، وهذا له أكبر الأثر على مستويات التنمية في المحافظة، بل أن الثلثين خارج العملية التعليمية بالنسبة للبنات، وهذا أيضا يطرح إشكالا آخر في نسب التكافؤ بين الجنسين.

  تعد الأمية ظاهرة ومشكلة اجتماعية وهي أحد المعوقات الأساسية للتنمية، فالفرد الذي لا يعرف القراءة والكتابة لا يستطيع أن يدرك احتياجات التنمية الاقتصادية والاجتماعية. كما تكمن خطورة الأمية من خلال تأثيرها المباشر على الخصوبة والوفيات، ويرجع ذلك للسلوك الإنجابي للأميين الذي يتصف بارتفاع معدلات الإنجاب كما جاء في الدراسة.

  إن الهيكل التعليمي في المحافظة برمته لا يتفق واحتياجات التنمية، فنسبة المؤهلين من جملة السكان نسبة ضئيلة جدا، مما عكس ذلك على التركيب المهني للسكان، فمحدودية الكوادر الفنية وانعدام طبقة الإداريين والمهندسين حال دون تقدم يذكر للتنمية في المحافظة، لأن التنمية لا تقوم إلا على أكتاف تلك الطبقات. لذلك فهو هيكل تعليمي ضعيف أنعكس على التركيب الاقتصادي للسكان وأدى إلى سيادة الأنشطة الاقتصادية الأولية وانخفاض معدلات المشاركة في النشاط الاقتصادي، وهذا يتطلب حلولا واقعية لخفض نسبة الأمية وتحسين المستوى التعليمي لسكان المحافظة وربط مخرجات التعليم بما تحتاجه التنمية.

  اشارت الدراسة إلى أن الهيكل المهني لقوة العمل بالمحافظة يأخذ الشكل الهرمي، حيث أن الغالبية العظمى من العمالة غير الماهرة تشكل قاعدة الهرم ثم تأخذ بقية المهن في الانخفاض كلما ارتفعنا. ويتمثل تأثير هذا التركيب في انخفاض الأهمية النسبية للعاملين بالمهن العلمية والفنية وضآلة النصيب النسبي لرجال التشريع والمدير ين الإداريين، وهذا يبرهن أن هناك نقصا في المهن التي تحتاج إليها المحافظة في مشاريع التنمية. 

  تعد البطالة أحد أقسام الحالة العملية وترتبط بمستويات التنمية من ناحية وقدرة سوق العمل على استيعاب عمالة إضافية من ناحية أخرى، لذلك ومن خلال نسبة البطالة في المحافظة يمكن القول أن مستوي التنمية بالمحافظة متدني جدا، وعدم قدرة الأنشطة الاقتصادية ومنها القطاع الزراعي على استيعاب الكثير من القوة العاملة المتزايدة باستمرار.

  تبرز دراسة التغيرات الديمغرافية وخاصة التركيب العمري والاقتصادي للسكان العلاقة المتبادلة بين الإنسان والبيئة التي يعيش فيها ومدى التفاعل بينهما والعوامل المؤثرة في هذه العلاقة، حيث بينت الدراسة أن المحافظة تعرف اختلالا في العلاقة بين التغيرات الديمغرافية التي تشهدها والموارد الطبيعية المحدودة والضعيفة التجديد كالماء والتربة والغطاء النباتي، والذي نتج عنه تراجع وتدمير لهذه الموارد.

   فمجالنا المدروس يقع ضمن المناطق الصحراوية الشيء الذي جعلها ترتبط بقساوة الظروف الطبيعية المتمثلة أساسا في قلة التساقطات المطرية وموسميتها والتي تأتي على شكل سيول جارفة نتيجة قوة جريان المياه وعدم الاستفادة منها بشكل كبير سواء في تغذية المياه الجوفية، التي تعاني هي الأخرى من استنزاف جائر لها، أو من مياه السيول الجارية في الأودية الرئيسية (بيحان، وميفعة، ومرخه) والأودية المتفرعة منها، والتي تذهب دون الاستفادة منها إما إلى البحر العربي أو إلى الصحراء (رملة السبعتين)، كما يؤدي ذلك الجريان إلى غسل التربة وجرفها وبالتالي ينعكس كل ذلك على استمرارية واستدامة القطاع الزراعي.

   كما أن من مظاهر الهشاشة ضعف النظام الاقتصادي الزراعي المحلي، الذي ينبني على زراعة بورية تقليدية ذات مردودية ضعيفة، وتربية ماشية تقليدية تعتمد على المراعي الطبيعية المتدهورة أصلا في تغذيتها، إضافة إلى أن المنطقة تعرف مجموعة من العوائق الطبيعية التي تتحكم في الإنتاج الزراعي، المتمثلة في ضعف المؤهلات الترابية، وتوالي سنوات الجفاف، وقلة المساحة الصالحة للزراعة، كما أن هذه المساحة المحدودة تعرف تفتت الحيازات وصغر الملكية نتيجة لتقسيم الأرض بين الورثة جيل بعد جيل ،وبالتالي صعوبة إدارتها وتنميتها باستخدام الطرق التكنولوجية الزراعية الحديثة والمكننة الزراعية وبالنتيجة ضعف مردوديتها الاقتصادية.

    كما أن نصيب الفرد من الأراضي الزراعية (المحدود) قد أنخفض انخفاضا كبيرا، وهذا يشير إلى الضغط السكاني على الأراضي الزراعية، لذا أصبح الاهتمام بها فيآخر سلم الاهتمام من لدن السكان ،حيث لم تعد هي المورد الاقتصادي الأول، لأن أكثر المزارعين أصبحوا يعولون على موارد اقتصادية أخرى، مثل الوظائف أو التجارة وخاصة الهجرة، والتي أظهرت الدراسة أن العديد من الأسر قد هاجر أحد أفرادها أو أكثر بحثا عن فرص عمل أفضل تاركا الأرض الزراعية للنساء والأطفال وكبار السن.

   من بين الآثار المترتبة على الزيادة السكانية على القطاع الزراعي،وكما أظهرت الدراسة،توسع عمراني غير مخطط يفتطع جزءاً من الأراضي الزراعية وتبنى أكثر المساكن بغير ترخيص و على أراض زراعية. ومن تأثيرات هذا التوسع وجود المقالع حيث يعمل السكان على قلع الطبقة الخصبة من الأرض الزراعية واستخدامها في بناء المساكن الطينية، كما توجد المقالع في الأودية للحصول على الخرصان والنيس الذي يستخدم في بناء المساكن المسلحة.

  أظهرت الدراسة أن هناك تأثيرات للزيادة السكانية على المياه، فعلى الرغم من وقوع المحافظة ضمن نطاق المناخ الجاف المتميز بقلة الأمطار، فإن هناك تسارعاً من قبل السكان على استخدام المياه الجوفية بطرق غير رشيدة، ففي القطاع الزراعي يستمر المزارعون في استخدام طرق الري التقليدية التي تؤدي إلى انخفاض الاستفادة من الري بنسب مرتفعة جدا، كما أن الزيادة السكانية تعمل الاستنزاف الجائر للمياه الجوفية مما أدى إلى انخفاض منسوبها وبالتالي تناقص نصيب الفرد من هذا المورد الهام، وزيادة العجز المائي،من ناحية ومن ناحية أخرى تؤدي الزيادة السكانية إلى تلوث هذا المورد الهام من خلال مياه الصرف الصحي أو الزراعي أو النفايات الصلبة، والتي لا توجد لها وسائل تصريف حديثة، بل إن غالبية المساكن والمزارع تصرف مخلفاتها في الأراضي الزراعية والأودية بما تحتويه من مبيدات وعناصر سامة متعددة تتسرب إلى باطن الأرض لتلوث المياه الجوفية. 

  أظهرت الدراسة أن هناك تراجعاً كبيراً للغطاءالنباتي نتيجة عدة عوامل، أهمها الرعي الجائر من قبل الماشية التي ارتفعت أعدادها نتيجة الزيادة السكانية، حيث أن قطاع تربية الماشية يعتبر قطاعاً مكملاً للإنتاج النباتي في المحافظة، ومصدر عيش لكثير من الأسر. ونتيجة لغلاء الأعلاف يعمل الرعاة على تسريح مواشيهم في المراعي الطبيعية المحدودة أصلاً، نتيجة الظروف المناخية والجفاف الذي أصاب المحافظة لسنوات متتالية، وكذا عدم وجود الأنظمة والقوانين التي تنظم الرعي في المحافظة. 

   إضافة إلى ذلك هناك ظاهرة التحطيب التي تعمل على تراجع الغطاء النباتي بالمحافظة، وهي ظاهرة منتشرة بكثرة في أرياف المحافظة، لأن الحطب يعتبر من أهم المواد المستخدمة كوقود للطبخ والتدفئة، نتيجة لارتفاع أسعار قنينات الغاز مقارنة بالمستوى الاقتصادي للأسر. إلى جانب ذلك هناك عملية شق الطرق الحديثة والتي تستخدم فيها التراكتورات و"الشيولات"فتعمل على اقتطاع كل النباتات التي تعترض شق الطرق مما يعمل على تدمير نسبة كبيرة من النباتات البرية في المحافظة.

  هناك تأثيرات كبيرة للتغيرات الديمغرافية على الموارد الزراعية وبالتالي على مستوى التنمية الزراعية بالمحافظة، نتيجة للنمو السكاني المرتفع، والخصائص السكانية التي لا تشجع على تقدم مستوى التنمية بالمحافظة، وضعف إمكانيات القطاع الزراعي، وبالتالي فإن هذه القطاع لم يعد قادراً على تشغيل جل السكان. وعليه فإن على الجهات المختصة التفكير في البحث عن بدائل وأنشطة اقتصادية غير فلاحية مدرة للدخل، خاصة وأن المحافظة تمتلك مساحة جغرافية كبيرة. 




أو


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق