الصفحات

الاثنين، 21 نوفمبر 2016

مشروع منخفض القطارة.. ضرورة قومية ...

مشروع منخفض القطارة .. ضرورة قومية



بوابة الوفدرالإلكترونية - تحقيقات وجوارات - 12 أغسطس 2015  - المستشار فتحى رجب الأربعاء :

  فى نطاق الحديث عن فوائد مشروع منخفض القطارة للاقتصاد المصرى نتحدث تفصيلًا عن جيولوجية المكان والعقبات التى تواجهه والمأمول من استخراج الطاقة منه اقتصاديًا فضلًا عن الضرورة القومية لإحياء المشروع وتنفيذه.

  لقد بدأ البحر المتوسط الحديث أو ما يعرف «بالنيوتيثى» منذ نحو 100 مليون عام مضت، ثم انقضت فترة من الزمن تأرجح خلالها منسوب البحر امتدادًا وانحسارًا على الأراضى المصرية حتى بلغ أوج امتداده داخل جنوب مصر حتى جنوب غرب أسوان منذ نحو 83 مليون عام مضت. ومنذ ذلك التاريخ والبحر المتوسط يتراجع عن الأراضى المصرية تدريجيًا. وبتراجع البحر تقدم النهر القديم ليصب شمال الفيوم، حيث كانت الدلتا القديمة منذ نحو 40 مليون عام. واستمر انحسار البحر وتقدم الدلتا القديمة فى اتجاه شمال غرب ناحية البحر الأبيض حتى تم تصريفها تمامًا فى نهاية الميوسين المبكر نحو 16 مليون عام مضت.
  أما الدلتا الحديثة فقد ارتفعت أذرعها فوق منسوب سطح البحر وقتذاك لتصبح ممرات فما بعد لفرعى نهر النيل الحاليين، نتيجة الحركة الأرضية التى أدت إلى إغلاق الممر الشرقى للبحر المتوسط الأعظم (التيثى) الموصل للمحيط الهندى، وبدأ نشأة البحر الأبيض المتوسط بحدوده الحالية. وبينما اتسم الترسيب بين ذراعى الدلتا الحالية وما حولها من الشرق والغرب، انخفض منسوب سطح البحر فى شمال الصحراء الغربية وبدأ فى الانسحاب حتى انحسرت مياه البحر الأبيض عن الصحراء الغربية عند بدء الميوسين المتأخر منذ نحو 11.6 مليون عام، ولم يتبق منها فى شمال الصحراء الغربية سوى أحواض صغيرة مغلقة ومتناثرة، تبخرت مياهها ورسبت رواسب ملحية فى المنخفضات مثل وادى النطرون ومنخفض القطارة وأماكن أخرى متفرقة على طول الساحل الشمالى. أما الدلتا الحالية فقد استمر انحسار البحر عنها شمالا وتقدم النهر فى نفس الاتجاه حتى انحسرت المياه عندها منذ نحو 7.3 مليون سنة (بدء العمر المسينى). واستمرت مصر بأكملها فوق منسوب سطح البحر مدة مليون عام ـ تم خلالها تبخير مياه البحر الأبيض المتوسط إثر إغلاق ممر جبل طارق وتحول البحر المفتوح إلى بحيرات مغلقة جفت مياهها شيئًا فشيئًا وترسبت فى قيعانها رواسب سمكية من المتبخرات. ولو أن الإنسان الحالى عاصر هذه الفترة لكان قادرًا على السفر إلى كل دول حوض البحر الأبيض المتوسط بالطريق البرى.
   وعندما أعيد فتح ممر جبل طارق بفعل الحركات الأرضية منذ نحو 5.3 مليون عام (بدأ العهد البليوسينى) اندفعت مياه الأطلنطى لتملأ حوض البحر الأبيض المتوسط مرة ثانية. والذى بدوره فاض على الأراضى المحيطة به واجتاح المناطق المنخفضة فى شمال مصر ومن بينها دلتا نهر النيل بأكملها. بينما استمر شمال صحراء الغربية فى غالبيته العظمى شامخًا فوق منسوب سطح البحر حتى يومنا هذا ـ باستثناء بعض المناطق المنخفضة على الشريط الساحلى فى برج العرب والضبعة ومرسى مطروح والسلوم. وقد عاود البحر الأبيض اجتياحه للدلتا والشريط الساحلى للصحراء الغربية خلال البليوسين المتأخر (306 ملايين سنة) ثم عاود تأرجحه خلال العهود الجليدية التى انتابت الأرض منذ البلستوسين (1.8 مليون عام) حتى استقر على صورته الحالية منذ نحو 3000 سنة.
   والمقصود من المقدمة السابقة أن نوضح للقارئ أن مصر فى غالبيتها العظمى كانت تحت مستوى سطح البحر، وأن شمال الصحراء الغربية كان يرقد تحت هذا المستوى لمئات الملايين من السنين، حيث استقبل رواسب من جميع العصور بدءا من العصر الكميرى (542 مليون عام) وحتى نهاية الميوسين المتوسط (11.6 مليون عام) وأن سمك هذه الرواسب يتجاوز فى بعض الآبار أكثر من 4500 متر تحت سطح الأرض وأن منخفض القطارة قد تكون بفعل عوامل التعرية و«التجوية» التى سادت شمال الصحراء الغربية منذ انحسار البحر عنه حتى الآن، حيث عملت الرياح على نحر الصخور الفتاتية الدلتاوية والشاطئية التى تراكمت فى المنخفض خلال الفترة من الأوليجوسين إلى نهاية الميوسين المبكر، كنتيجة لتقدم الدلتا القديمة فى اتجاه شمال غرب وانحسار البحر فى نفس الاتجاه، أما شمال وغرب المنخفض فتحيط به الصخور الجبرية على هيئة حائط مرتفع يبلغ متوسط ارتفاعه نحو 200 متر فوق منسوب سطح البحر.
طبوغرافيا وجيومور فولوجيا المنخفض (لوحات 699 ـ 718)
    ومنخفض القطارة منخفض على شكل مثلث بيضاوى يمتد طوله نحو 300 كيلومتر من واحة مغرة جنوب العلمين بمسافة نحو 53 كيلو مترًا حتى واحة سيوة غربًا. بينما يبلغ أقصى عرض له نحو 19516 كم2. وملحق بالمنخفض الرئيسى عدة منخفضات فرعية متصلة بالمنخفض مباشرة تبلغ جملة مساحاتها نحو 853 كم2وثلاثة منخفضات فرعية جملة مساحاتها 719 كم2 لا يفصلها عن المنخفض سوى جدران رقيقة أو أراض منخفضة يتراوح منسوبها من متر إلى 5.0متر، ومن ثم يسهل توصيلها بالمنخفض الرئيسي. وبذلك يكون اجمالى مساحة المنخفض الرئيسى وملحقاته من المنخفضات الفرعية 21088كم2، منها 20695كم2 يقل منسوبها عن صفر «منسوب سطح البحر» بحد أقصى 139.0متر تحت منسوب سطح البحر، وأراض غير مرصودة الارتفاعات بالأقمار الصناعية. إلا أن أرضية المنخفض غير متجانسة الارتفاع بالنسبة لمنسوب سطح البحر حيث أوضحت القياسات المستمدة من بيانات مكوك البعثة الطبوغرافية أن نحو 521كم2 بنسبة 2.5٪ فقط من مساحة المنخفض الكلية وملحقاته يقل منسوبها عن 100.0 متر حتى 139.0 تحت منسوب سطح البحر وهى تتركز فى الجزء الجنوبى الغربى من المنخفض الرئيسي، بينما 4073 كم2 بنسبة 19، 35٪ يقل منسوبها عن 0٫60 متر حتى - 80٫0 متر، وهى تتركز أيضًا شمال وجنوب وغرب المنخفض الرئيسي، 4743 كم2 بنسبة 22٫5٪ يقل منسوبها عن 25٫0 متر حتى -60٫0 متر، وهى تتركز فى الجزء الشرقى من المنخفض الرئيسى كما توجد فى بعض المنخفضات الفرعية، 3544 كم2 بنسبة 16٫8٪ من اجمالى مساحة المنخفض وملحقاته يقل منسوبها عن منسوب سطح البحر حتى 25٫0 متر تحت منسوب سطح البحر، وهى تتركز على حواف المنخفض الرئيسى وفى المنخفضات الفرعية «لوحات 716٫712٫704».
    ومن هذه البيانات للمساحات يتضح أن نحو 60٪ من مساحة المنخفض وملحقاته يقل منسوبها عن 60٫0 متر تحت منسوب سطح البحر، وأن نحو 47٪ من مساحة المنخفض وملحقاته يقل منسوبها عن 70٫0 متر تحت منسوب سطح البحر، وأن نحو 80٪ من مساحة المنخفض وملحقاته يقل منسوبها 30٫0 متر تحت منسوب سطح البحر، وأن 77٫5٪ من المساحة يتراوح منسوبها بين 30٫0 متر و100٫0 متر بمتوسط عمق 68،76 مترًا، وأن 20٪ من المساحة يتراوح منسوبها بين الصفر و30٫0 متر بمتوسط عمق 14٫17 مترًا، وأن المتوسط العام لعمق المنخفض وملحقاته تحت منسوب سطح البحر هو 58٫9 متر.
   ومنخفض القطارة ثابت من الناحية الجيولوجية، كما أن صخوره التحت سطحية ثابتة تركيبيًا منذ الحركات الارضية التى ميزت العصر الطباشيري، المتأخر «65 مليون سنة مضت» وتتميز صخوره التحت سطحية بأنها أعلى منسوبًا من نظائرها فى المناطق الواقعة شرق وشمال وشمال غرب المنخفض.
   ومساحة المنخفض التى تعادل فى قدرها مساحة دولة الكويت ظلت معطلة غير مستغلة على مدى التاريخ الانسانى لصعوبة الانتقال فيها أو المعيشة بها أو بناء المجتمعات الزراعية، فأرضية المنخفض تكسوها الكثبان الرملية المتحركة يتخللها بعض الرواسب الملحية، كما توجد بعض المستنقعات المؤقتة المالحة بطول 150 كم2 وعرض 30 كم2 فى الحد الأقصى تحت حواف الحوائط الشمالية والشمالية الغربية للمنخفض، كذلك توجد مستنقعات أخرى صغيرة تمتد على طول الحواف الجنوبية، حيث يملؤها الغبار الصحراوى مع رواسب ملحية، كما تغطى الطبقات الجينية بعض مساحات المنخفض خاصة فى أقصى الجنوب، ويوجد أقصى شرق المنخفض واحة المغرة، وهى واحة غير مأهولة وبها بحيرة ذات مياه مخلطة مساحتها نحو 4 كم 2 «لوحات 716 - 718» كما توجد بحيرتان دائمتان أخريان فى أقصى جنوب المنخفض على حواف بحر الرمال الذى يفصل المنخفض عن الصحراء، وهما بحيريتا البحرين وسترا، ويظهر فى أقصى الجنوب الغربى للمنخفض بعض العيون الطبيعية مثل عين تبغبغ، والعراق والوطية «لوحة 712».
   ويعد منخفض القطارة أكبر منخفض أرضى تحت منسوب سطح البحر فى العالم ويتجه العالم حاليًا إلى استغلال مثل هذه المنخفضات فى توليد الطاقة الكهربائية مثل البحر الميت وبحيرة طبرة وعسال بجيبوتى وطرفان فى الصين، وذلك من خلال توصيل مياه البحر إلى هذه المنخفضات.
   وطوبوغرافيا المنخفض تساهم فى تحويله إلى بحيرة هائلة لم يشهد لها الانسان مثيلًا فى العالم، فالمنخفض محاط من ناحية الشمال بحائط طبيعى من الصخور الجيرية يبلغ ارتفاعه 200 متر فوق منسوب سطح البحر ويزداد هذا الارتفاع فى اتجاه الغرب إلى نحو 350 مترًا، بينما تتدرج أرضيته فى الارتفاع إلى الصفر ناحية الجنوب والشرق، وقد كان هذا المشروع محل دراسات عديدة منذ أن اقترحه العالم الالمانى «بنك» فى عام 1912 ثم العالم الانجليزى «بول» عام 1927 ويقوم المشروع على فكرة حفر قناة أو نفق بين البحر الابيض المتوسط عن العلمين إلى شرق المنخفض بطول نحو 55 كيلو مترًا، بغرض ملء المنخفض بمياه البحر خلال فترة من الزمن، مع استغلال الفرق بين منسوب سطح الماء فى المنخفض بعد ملئه بعمق متجانس، وبين منسوب الماء فى القناة أو النفق لتوليد الكهرباء، هذا علاوة على ما يحققه ملء المنخفض بمياه البحر من مساهمة فى زيادة حصة الامطار على شمال الصحراء الغربية الأمر الذى يؤدى إلى انتعاش الزراعة فى السهل الليبي، بالاضافة إلى ما يثمره من زيادة فى الثروة السمكية وانتعاش للنشاط السياحى.
العقبات التى واجهت تنفيذ المشروع:
   على الرغم من البساطة التى تبدو فى إجراءات تنفيذ المشروع من حيث المبدأ إلا أن تعقيدات شكلية وموضوعية حالت دون تنفيذ هذا المشروع حتى الآن مما أثنى الحكومات المصرية التى تداولت على حكم مصر فى العهدين الملكى والجمهورى عن تنفيذ المشروع.
والعقبة الأولي:
   التى واجهت تنفيذ المشروع فى العهد الملكى هى عدم الاستقرار السياسى لمصر وفقدانها لسيادتها على كثير من اراضيها فى ظل الاحتلال البريطاني، ثم قيام الحرب العالمية الثانية والتى انتهت عام 1944 بزراعة ملايين الالغام فى منطقة العلمين والساحل الشمالى على أيدى القوات المتحاربة «الحلفاء والمحور» الامر الذى عطل بدوره أى تنمية لهذا الساحل بعد استقلال مصر الكامل عام 1954 وحتى الآن.
وهذه الالغام كما تقول السيدة فايزة أبو النجا وزيرة التعاون الدولى السابقة هى ذخائر لم تنفجر بنسبة 75٪ منها قنابل لطائرات زنة 2000 رطل وقذائف المدفعية والهاونات المختلفة، وقد قدرت مصادر أمريكية حجم الألغام فى شمال الصحراء الغربية عام 1995 بنحو 19٫7 مليون لغة ودانة تشغل مساحة 683 ألف فدان تمتد من العلمين بعمق 30 كيلو مترًا من الساحل حتى ليبيا، وعن نفس المصدر أن القوات المسلحة المصرية قامت منذ عام 1981 وحتى عام 1999، بتطهير نحو 93 ألف فدان، ويتبقى نحو 590 ألف فدان يقدر عدد الأجسام القابلة للانفجار بنحو 16٫7 مليون جسم.
   إن الألغام لم تتسبب فى تعطيل مشروع منخفض القطارة فحسب وإنما عطلت أيضا استصلاح مليون فدان على ترعة النصر القادمة من النيل حتى العلمين، والمخطط لها أن تصل إلى «فوكة» لزراعة القمح والخضر والفواكه، كذلك مشروع لتربية 500 ألف رأس من الأغنام على المراعى الطبيعية فى منطقة العلمين قد تعطل أيضا، هذا علاوة على ما سببته الألغام من خسائر بشرية حيث وصل عدد ضحايا البدو لأكثر من 1500 مشوه و350 قتيلاً بالإضافة إلى الآلاف من الأغنام والابل والدواب التى قتلت بسبب دخولها إلى حقول الألغام.
العقبة الثانية: أعيدت دراسة مشروع منخفض القطارة فى عهد الرئيس جمال عبدالناصر وقام على هذه الدراسة الوزير قناوى الذى كان وزيرا للرى وقتذاك، وانتهت الدراسة إلى أن ملء المنخفض بمياه البحر الأبيض سيؤدى إلى كارثة بالنسبة للمياه الجوفية التى ستزداد ملوحتها ما يؤدى إلى بوار آلاف الأفدنة من الأراضى الزراعية على ضفة النيل الغربية.
العقبة الثالثة: بناء على تعليمات الرئيس الراحل محمد أنور السادات أعيد النظر فى المشروع وقام على مراجعة الدراسات نفس الوزير بصفته مهندسا حرا بعد تركه المنصب الوزارى واشترك معه بعض المكاتب الهندسية المتخصصة فى الرى وكانت أهم المشاكل الرئيسية التى واجهت المشروع شق القناة الموصلة بين البحر والمنخفض، حيث احتدم الجدل بين مؤيدى الوسائل التقليدية من حفر وديناميت، ومؤيدى استخدام القنابل الذرية التكتيكية فى شق القناة، وكلا الطرفين كانت له أسبابه التى دارت بين نفقات الحفر، والتلوث الذرى.
العقبة الرابعة: تسربت بعض المناقشات والتقارير غير الرسمية عام 1982 من جانب، أعضاء هيئة التدريس بجامعة المنصورة حول المخاوف من حدوث نشاط زلزالى بالمنخفض حال امتلاء المنخفض بالمياه، حيث أظهرت الخرائط المأخوذة بطائرات الأواكس الأمريكية أن هناك شقوقا فى أرضية المنخفض ويخشى منها كمصدر للزلازل، كما يخشى من تسرب المياه المالحة منها إلى المياه الجوفية، ثم من المنخفض إلى أراضى وسط الدلتا حيث تتسبب فى تمليح التربة، وتناول مقال الدكتور الشافعى بشير فى جريدة الوفد فى 25 من مايو 1987 هذا الجانب، موضحًا أن الأقمار الصناعية اثبتت وجود شرخ خطير فى أرضية المنخفض على عمق 130 مترًا تحت منسوب سطح البحر، وأن هذا الشرخ يهدد بحدوث زلزال فى المنطقة عند امتلاء المنخفض بمياه البحر.
العقبة الخامسة: عادت وزارة الكهرباء فى عهد الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك إلى ادراج المشروع ضمن الخطة الخمسية لوزارة الكهرباء «2002 - 2007» وأسندت دراساته لهيئة تنفيذ مشروعات المحطات المائية لتوليد الكهرباء، إلا أن وزير الكهرباء الأسبق أعلن أن مشروع المنخفض عديم الجدوى الاقتصادية - طبقا لما هو منشور فى جريدة الجمهورية عدد 14 أبريل 2003 - دون أن يوضح الوزير أى تفاصيل حول أسباب عدم الجدوى، وعما إذا كانت متعلقة بتكلفة إزالة الألغام، ومن الواضح من حديث الوزير الأسبق حسن يونس أن عدم الصلاحية للمشروع يرجع إلى عدم الجدوى الاقتصادية وليس لأسباب جيولوجية.
وهكذا أسدل الستار تماما على مشروع منخفض القطارة.
الضرورة القومية لإحياء المشروع وتنفيذه:
   أما وقد أصبح المشروع هو أحد الخيارات المطروحة للحد من مخاطر ارتفاع سطح البحر وانقاذ شمال الدلتا من الغرق، من خلال تصريف المياه الزائدة فى الجزء الجنوبى الشرقى من البحر الأبيض المتوسط ما يخفف ضغط هذه المياه على سواحل الدلتا، إذا كان ذلك فإن إحياء المشروع يصبح ضرورة قومية ليس فقط من أجل سلامة الدلتا وتأمين سكانها من مخاطر ارتفاع منسوب سطح البحر، وإنما أيضا من أجل تلافى الخسائر المادية التى ستصيب الدلتا فى قطاع السكان والنشاط البشرى، والمجال الزراعى والصناعى والسياحى، وهذه الخسائر تقدر بمئات المليارات من الجنيهات إذا وضعنا فى الاعتبار قيمة الأراضى السكنية والزراعية التى ستفقد نتيجة ارتفاع منسوب سطح البحر بمقدار متر واحد، وبذلك تكون خسائر الدلتا أو الجزء الأكبر منها أرباحًا يحققها إحياء مشروع منخفض القطارة، ومن ثم تضاف إلى فوائد المشروع عند مناقشة جدواه الاقتصادية، فلم يعد الأمر يقتصر على انتاج طاقة كهربائية أو توفير مصادر أخرى للطاقة - بديلة للطاقة الأحفورية - وإنما يتعدى ذلك إلى تلافى قيمة الخسائر التى ستتكبدها الدلتا من جراء ارتفاع منسوب سطح البحر.
  إن منطق الحقائق يوجب علينا التفكير فى حلول ذاتية طويلة المدى تتناسب مع طبيعة بلادنا وظروفنا الاقتصادية والاجتماعية للحد من مخاطر زيادة منسوب سطح البحر العالمى، بدلا من الارتكان إلى أفكار وهمية أو حلول وقتية قصيرة المدى، ونرى أن مشروع توصيل منخفض القطارة بالبحر الأبيض هو أنسب الحلول طويلة المدى للحد من مخاطر التغيرات المناخية، وهو فى ذات الوقت يحقق الرخاء للمجتمع المصرى، فكمية المياه التى يمكن أن يستوعبها منخفض القطارة وملحقاته من المنخفضات الثانوية حتى منسوب سطح البحر هى 1٫218 تريليون متر مكعب، حيث ان المساحة الصافية للمنخفض وملحقاته هى 20695كم2 تقع كلها تحت منسوب سطح البحر بمتوسط عمق 58٫9 متر، وبذلك يكون كامل المنخفض كافيا لاستيعاب نحو نصف كمية المياه الزائدة المتوقعة فى البحر الأبيض خلال القرن الواحد والعشرين.
  وأننى أناشد الرئيس عبدالفتاح السيسى أن يضع مشروع منخفض القطارة ضمن أولويات المشروعات المقرر إنفاق استثمارات صندوق تحيا مصر عليها، ونحن نأمل فى نجاح هذه الحملة لتنمية الساحل الشمالى من خلال تنفيذ مشروع القطارة، فمستقبل الأجيال فى مصر يعتمد على نجاح هذا المشروع فى الحد من المخاطر التى تواجه الدلتا، وتوفير الخسائر التى ستمنى بها مصر من جراء اجتياح البحر الأبيض لشمال الدلتا كذلك لتنمية الساحل الشمالى ليصبح أملا للأجيال القادمة فى مصر وعنوانا لقدرة المصريين - بإذن الله - على مواجهة التغيرات المناخية التى تهدد العالم بحلول منتصف القرن الواحد والعشرين.
  ونوصى بإعادة عرض هذا المشروع فى ثوبه الجديد على دول حوض البحر المتوسط المتضررة من جراء الزيادة المتيقنة فى منسوب سطح البحر خلال هذا القرن وأهمها إيطاليا وتركيا وفرنسا وإسبانيا - للمساهمة الفعالة فى نفقات المشروع إذ انه يوفر عليها كثيرا من النفقات المقررة لحماية سواحلها ويحقق أيضا لشعوبها الأمان مثل ما يحققه للمصريين.
   وإذ أهنئ الشعب المصرى ورئيسه البطل عبدالفتاح السيسى بافتتاح شريان قناة السويس أذكر الشعب ورئيسه بأن مشروع منخفض القطارة سيكون إذا ما مر بالقنوات الرئاسية سندًا قويًا لاستقلال مصر السياسى والاقتصادى والنقدى والمالى والعسكرى, وحديثا طويلا عن شعب إذا أراد الحياة فسوف يصفق له القدر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق