الصفحات

الأربعاء، 9 نوفمبر 2016

إدارة أزمة المياه في الأردن تحت ضغوط الربيع العربي - الدكتور عاطف الخرابشة ...


إدارة أزمة المياه في الأردن 

تحت ضغوط الربيع العربي 

الدكتور عاطف الخرابشة

جامعة البلقاء التطبيقية

السلط – الاردن

atefkh@bau.edu.jo 

المقدمة

   لقد أضحت معضلة المياه في العالم من أكبر المعضلات بين الدول والشعوب ، بالرغم من وجود الكثير من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية والاقليمية بشأن تنظيم وترتيب الحصص المائية بين دول المصدر التي تنبع منها الأنهار ، وبين الدول الأخرى التي تجري على أراضيها وتستفيد منها بصور ثانوية ، لكنها لم تتمكن من ضبط بروز الخلافات الحادة والحرب الباردة بين العديد من الدول في العالم.

  في منطقة الشرق الأوسط تكمن بقوة معضلة المياه، هذا إلى جانب المعضلات والقضايا المعقدة الأخرى ، مثل مشكلة المياه بين الأردن وإسرائيل ، وبين العراق وسوريا ، وبين إيران والعراق ، وبين تركيا والعراق. 

  يعتبر الأردن أفقر دولة من حيث المصادر المائية، وذلك أن هذا الفقر يتصاحب مع فقدان مصادر الطاقة سواء البترول أو الغاز. وتشير توقعات البنك الدولي أن مخصصات الفرد ستتناقص إلى حوالي 90م3 للفرد في السنة عام 2020 في حين أن المعدل العالمي هو 1000م3 لكل فرد خصوصا وان التوقعات تشير أن عدد سكان المملكة سيبلغ حوالي 10 مليون نسمة عام 2025 بمعدل زيادة نسبية تبلغ 3.7 بالمائة لكل عام.

   ويصنف الأردن بأنه من المناطق الجافة وشبه الجافة حيث يمتاز بمعدل أمطار قليل مقابل درجة تبخر مرتفعة. ويتميز بشح الأمطار وتذبذبها تبعا للظروف المناخية ومواسم الأمطار التي يظهر فيها تباينا في الزمان والمكان والشدة والتوزيع. تتراوح درجات الحرارة ما بين الصفر في الشتاء إلى ما يزيد عن 40 درجة مئوية في الصيف وينتج عن هذا ارتفاع في كمية التبخر.

أسباب شح المياه في الأردن 

1. طبيعة الموقع

   يتراوح معدل الأمطار بين اقل من 50ملم في المناطق الشرقية والجنوبية إلى حوالي 600ملم في المناطق الشمالية والشمالية الغربية (جدول 1). ويبلغ المعدل طويل الأمد لحجم الأمطار الساقطة على المملكة حوالي 8500 مليون متر مكعب وتعادل حوالي 95ملم/السنة. ويتراوح معدل التبخر ما بين 75% في مرتفعات عجلون و98% في المناطق الصحراوية الشرقية ويبلغ معدل التبخر طويل الأمد حوالي 92% أي أن نسبة الاستفادة من مياه الأمطار حوالي 8% تتوزع ما بين 3% مياه فيضانات و5% تغذية مياه ينابيع وجوفية. ويتوقع أن تقل كميات الأمطار بنسبة 10-12% نتيجة لحالة التغير المناخي الذي تعاني منه منطقة الشرق الأوسط. 

  هذا كله بالاضافة الى ظاهرة الربيع العربي التي بدات تاثيراتها السلبية على الاردن بسبب موقعة المتوسط بين الدول التي تاثرت بهذا الربيع ولدور الاردن العروبي في اسقبال اللاجئين من هذه الدول مما ادى الى شح المصادر وتلوثها بالاضافة لمشاكل الغذاء المتوقعة.

جدول 1. معدل سقوط الامطار في الاردن. 

2. إدارة مصادر المياه

   تعني إدارة المصادر المائية تحقيق اكبراستفادة ممكنة من المياه المتاحة للاستعمال. أي أن إدارة الطلب على المياه تتضمن جميع الطرق والإجراءات التي تسهم في تقليل كمية المياه المستهلكة والحفاظ عليها بجودة عالية، وهذا يحتم وجود علاقة بين إدارة الطلب على المياه والإدارة المتكاملة لمصادر المياه. وتعتمد فعالية إدارة الطلب على المياه على توفر المعلومات الكافية المتعلقة بكميات المياه المتاحة أو المتوفرة من مصادر المياه المختلفة، وتحديد حجم الطلب على المياه للأغراض والاستعمالات المختلفة.

   وقد تزايد اهتمام الاردن خلال العقدين الماضيين بإعداد السياسات والاستراتيجيات المائية والاستخدامات المستدامة لموارد المياه مع التركيز على تنمية الموارد المائية واستغلال المصادر غير التقليدية وتعظيم الاستفادة من الموارد المتاحة وزيادة كفاءة استخدامها وتقليل الفاقد منها والحفاظ على نوعية المياه وذلك بإنشاء شبكات المراقبة وتطويرها ووضع المعايير والقوانين اللازمة لحمايتها من التلوث. 

   وتظهر أهمية التفكير بوضع استراتيجيات شاملة لإدارة الطلب على المياه بعد استفحال مشكلة شح مصادر المياه بسبب حالة الجفاف التي أصبحت أكثر تكراراً وأطول مدة، ولاسيما أن الإنسان يحتاج يومياً إلى حوالي 200 لتر من مياه الشرب وفق العايير العالمية، في حين تتراوح حصة الفرد اليومية في الاردن بين 80 و100 ليتراً من مياه الشرب. 

   كما إن إدارة الطلب على المياه تتطلب تعزيز كفاءة القوانين والكوادر الإدارية والفنية العاملة في المؤسسات المسؤولة عن قطاع مياه الشرب والصرف الصحي نظراً لأهمية هذا القطاع ودوره في التنمية والتطوير الشامل اجتماعياً واقتصادياً من خلال إتباع أساليب الإدارة الفاعلة والرشيدة للموارد المائية ووضع الأسس الإستراتيجية الصحيحة للحفاظ على هذه الموارد من الهدر وسوء الاستخدام بعيداً عن التلوث واستخدام التقنيات والأساليب الحديثة.
  أما التحديات التي تواجه ادارة مصادر المياه في الاردن فهي تتعلق باستخدامات الأراضي سواء من حيث تفتت الملكية أو بناء المشاريع الصناعية والسياحية فوق الأراضي الزراعية وكما يلي: 

التوسع العمراني الأفقي الذي أدى إلى زيادة الطلب على المياه وتوسيع شبكات الري, بناء المشاريع الصناعية والتجارية والسياحية الذي يستهلك الكثير من المياه وكذلك كمية الفاقد من المياه وصلت إلى حوالي 50% من كمية التوزيع في العاصمة وأكثر من هذا الرقم في مناطق الجنوب والشرق.

كلفة مشاريع المياه العالية مثل قناة البحرين (الأحمر – الميت) أو مشروع الديسي أو تحلية مياه المسوس.

التأثير المباشر للازمات المالية المتكررة أدى إلى بطء تنفيذ مشاريع المياه في المملكة.

السياسات المائية 

  تعتبر قضية قراءة الواقع المائي في الأردن عبارة عن تحد استراتيجي له من العمر ما يزيد عن أربعة عقود من حيث الصراعات التاريخية والواقع ألمناخي والجغرافي وتعدي إسرائيل واستيلائها على حصصنا من المياه وتنفيذ الاتفاقات مع سوريا الشقيقة واتساع الفجوة بين الطلب والمتاح منها، وعدم انتظام التوزيع وعدالته وارتفاع أسعارها وزيادة ملوحتها والاستفادة القصوى من مياه الأمطار والسدود وقناة البحرين، كلها قضايا تحتاج إلى دراسات متخصصة.

  هناك اختلال واضح في السياسات وفي الرؤية الإستراتيجية لمستقبل الأوضاع المائية في الأردن لتلبية حركة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والزيادة السكانية, وفق زيادة السكان والنمو الاقتصادي والتوسع في الرقعة الزراعية. أما بخصوص الاعتداء على حصة الأردن من المياه السطحية من قبل الدول المجاورة في الشمال والغرب فقد أدى ذلك إلى نقصان كميات المياه السطحية والجوفية للأحواض المائية المغذية.

مصـــادر المـــياه فـي الأردن 

تقسم مصادر المياه بشكل عام إلى قسمين:

أولاً: مصادر مياه تقليدية وتشمل:

المياه السطحية التي تجري في السيول والأودية على شكل جريان سطحي ويمكن تخزينها في السدود المنشأة على الأودية.

المياه الجوفية التي تتكون في الطبقات الصخرية في باطن الأرض وفي وسط نفاذي مناسب لتخزين هذه المياه بكميات وافرة بحيث يمكن استخراجه عن طريق حفر الآبار.

مياه الينابيع وهي المياه الفائضة عن المخزون الجوفي نتيجة للتغذية المائية الطبيعية لتكون معظم الجريان الأساسي في الأودية والأنهار.

ثانياً: مصادر مائية غير تقليدية وتشمل:

المياه الناتجة عن محطات تنقية المياه العادمة.

المياه الناتجة عن تحلية المياه الجوفية عالية الملوحة أو مياه البحر.

المياه الناتجة عن إجراءات التخزين الجوفي الاصطناعي.

مصادر المياه السطحية

  وهي المياه دائمة التدفق إلى الأنهار على شكل تصريف فيضانات أو تصريف أودية دائمة الجريان أو ينابيع ، ويعتمد تصريف الأنهار والأودية دائمة الجريان والينابيع على كمية وشدة الأمطار وديمومتها. يقسم الأردن من حيث الأحواض المائية السطحية إلى خمسة عشر حوضاً. ويمتد حدود الحوض الصباب لبعض هذه الأحواض المائية ليشمل أراض لدول مجاورة مثل سوريا والسعودية والعراق. 

   الطاقة الإنتاجية للمياه السطحية في الأردن على اختلاف مواسم المطر العادية والجافة تظهر تناقصاً واضحاً كلما اتجهنا من الشمال إلى الجنوب. وتعتبر المياه الجوفية هي مصدر الجريان الأساسي الذي يغذي الأودية بواسطة الينابيع والتي تعتمد على خصائص الطبقات المائية التي تغذيها وعلى كمية التصريف ونوعيته.

   يبلغ المعدل السنوي للمياه السطحية في الأردن لكافة الأودية والأنهار حوالي 711 مليون متر مكعب حيث يشكل تصريف نهر اليرموك حوالي 42% تقريباً (300 مليون متر مكعب) من هذه الكمية تستغل لزراعة المناطق المنخفضة في الأغوار.

  تشكل السدود القائمة في الأردن مصدراً مائيا هاماً وذلك لحجزها لكميات كبيرة من المياه التي تهدر دون استعمال وضياعها بواسطة التبخر. حيث يبلغ عدد هذه السدود 17 سداً تتراوح طاقتها التخزينية بين 0.7 مليون متر مكعب في سد البويضة إلى 100 مليون متر مكعب في سد الوحدة.

الميـــاه الجوفيـــة

   تعتبر المياه الجوفية أهم مصدر مائي في الأردن وتتكون من مياه جوفية متجددة تتغذى من مياه الأمطار ومياه جوفية غير متجددة تم تخزينها منذ آلاف السنين. إن المياه الجوفية في الأردن تتأثر إلى حد كبير بالتغيرات المناخية التي تؤثر على الأردن كما هو الحال بالنسبة للمياه السطحية ويوجد في الأردن 12 حوض مائي جوفي موزعة على كافة مساحة الأردن. ويمكن وصف تأثر هذا النوع من المياه على النحو التالي: 

  تتغذى المياه الجوفية المتواجدة في الطبقات الجيرية الدولوميتية وطبقات طمم الأودية من مياه الأمطار ذات المعدل العالي الذي يصل إلى 600 ملم سنوياً في المرتفعات الجبلية. وتتسرب مياه الأمطار من خلال تشققات الصخور المتكشفة لتنساب في باطن الأرض من خلال الطبقات الحاملة لتظهر على شكل ينابيع أو لتضاف إلى المخزون الجوفي. وعليه فإن مياه الينابيع تتذبذب تبعاً لكميات الأمطار الساقطة. 

   هناك مصدر تغذية للطبقات البازلتية وما يدنوها من الطبقات الحاملة للمياه من خارج الحدود الأردنية (منطقة جبل العرب في سوريا) حيث معدل الأمطار يزيد عن 350 ملم سنوياً ويدخل إلى الأردن حوالي 82 مليون متر مكعب كمياه جوفية إلى حوضي الزرقاء والأزرق. إن هذا المصدر يؤثر على المياه الجوفية المتجددة لهذه الطبقات وله تأثير على الجريان الدائم لنهر اليرموك.

  مصدر تغذية الطبقات الرملية العميقة (الكرنب والزرقاء والديسي) أما أن يكون موضعي من تكشفات الكرنب في شمال الأردن أو من الانسياب العمودي إلى باطن الأرض من الطبقات المائية العليا (الجيرية الدولوميتية) لذلك فان التغذية المائية لهذه الطبقات من النوع الثابت.

  إن الضخ الامن هو 275 مليون متر مكعب وان معدل الضخ لاستخدامات الشرب والصناعة والزراعة والمناطق النائية هو 507 مليون متر مكعب اضافة الى 100 مليون متر مكعب من حوض الديسي.

الينابيـــــع

   تعتبر الينابيع من أهم مصادر المياه المتاحة لأغراض الري والشرب ويشهد تصريف الينابيع تناقصا مستمرا وذلك بسبب تذبذب كميات الأمطار والتوسع العمراني على مصادر تغذية هذه الينابيع. وقد تسبب هذا النقص في تصريف الينابيع إلى زيادة العجز الذي بدأ الأردن يعاني منه منذ بداية التسعينات. 

المصادر المائية غـــير التقليـــدية

   أن زيادة العجز المائي الجوفي نتيجة لاستنزاف الطبقات المائية الجوفية انعكس على نوعية المياه كماً ونوعاً وقد أدى إلى انخفاض مناسيب المياه الجوفية في معظم الأحواض المائية. ولتحقيق نوع من التوازن بين المصادر المائية المتاحة والاحتياجات المختلفة، لا بد من دراسة البدائل الممكنة والتي تؤدي إلى تخفيض العجز وتحقيق نوع من الاكتفاء الذاتي المائي. هذه المصادر هي معالجة المياه العادمة وتحلية المياه المالحة مياه البحر وتشجيع مشاريع التغذية الاصطناعية عن طريق إقامة السدود والحفائر وحصاد الأمطار. 

المياه العادمة المعالجة

  تتركز أهداف إنشاء محطات تنقية المياه العادمة حول حماية البيئة ورفع المستوى الصحي والاجتماعي للسكان وتوفير مصادر مياه جديدة وغير تقليدية من خلال تنقية وإعادة استعمال المياه العادمة في المجالات المختلفة وخاصة الزراعة المقيدة. يبلغ عدد محطات التنقية في الأردن 27 محطة. وتشير تقديرات وزارة المياه والري أن كمية المياه العادمة المعالجة سيرتفع الى حوالي 200 مليون متر مكعب في العام 2020. 

تحلية المياه المالحة ومياه البحر

  تعتبر خطط تحلية المياه المالحة توجه جديد في استراتيجية المياه الأردنية بهدف تقليل العجز بين الاحتياجات الحالية والمستقبلية لقطاعات المياه المختلفة وبين كميات المياه المتاحة للاستغلال. وتقدر كميات المياه التي يمكن تحليتها بحوالي 75 مليون متر مكعب منها 15 مليون مياه ينابيع وأودية دائمة الجريان. بالاضافة الى 600 مليون متر مكعب في حال تنفيذ قناة البحرين (ألأحمر-ألميت). 

حصاد الأمطار

  إن الحاجة للاستفادة من مصادر المياه السطحية المختلفة وأهمها الأمطار في المناطق الجافة وشبه الجافة والتي غالباً ما تهطل أمطار خلال أشهر قليلة في السنة. يقصد بحصاد الأمطار تقنيات جمع مياه الساقط المطري بطرق علمية تلعب دوراً هاماً في تنمية وترشيد استثمار الموارد المائية. وأهم طرق الحصاد المائي هي: الحفائر والتغذية الاصطناعية عن طريق إنشاء السدود والبحيرات. 

الحفائر

  وهي عبارة عن خزانات أرضية تحفر في الأراضي الطينية أو الطينية السلتية لأعماق تصل عشرة أمتار. وقد تم إنشاء العديد من الحفائر الصحراوية لأغراض ري الماشية وفي بعض المشاريع الزراعية ومن أهم هذه الحفائر حفيرة قاع خنة في الأزرق. 

التغذية الاصطناعية للمياه الجوفية

   وهي من التقنيات الحديثة لحصاد الأمطار ويقصد منها تغذية المياه الجوفية بمياه الأمطار سواء بالنشر في الطبقات الرملية والتسرب عبر الشقوق أو الحقن بواسطة الآبار ومن أهم أهدافها: زيادة منسوب المياه الجوفية وتحسين نوعيتها ومنع تداخل المياه المالحة مع المياه الحلوة. ومن أهم هذه السدود سد وادي العاقب وسد وادي شعيب الذي يغذي المياه الجوفية بحوالي مليون متر مكعب سنوياً. 

واقـــع ومستقــبل المــياه فــــي الأردن 

إن ن   درة المطر في الأردن باعتباره المصدر الأساسي والوحيد للمصادر التقليدية وغير التقليدية وزيادة الطلب على المياه نتيجة النمو السكاني الكبير (3.7 % سنوياً) إضافة للهجرات القسرية وقيام الصناعات المختلفة وتشجيع الاستثمار يحتم العمل على تنفيذ سياسات تنموية شاملة تفي بالهدف المنشود الذي يعتمد في أساسه على المياه.

   أهم المصادر الإضافية لتلبية احتياجات مياه الشرب هي حوض الديسي (100 مليون متر مكعب) ولمدة مائة عام بالإضافة إلى مياه حسبان والسلطاني وجرف الدراويش ومياه زرقاء ماعين والزارة ومياه دير علا. ويمكن تلبية الاحتياجات المستقبلية لقطاع الصناعة من منطقة وادي عربة الشمالي واللجون (5 مليون متر مكعب) والشيدية (20 مليون متر مكعب). أو إعادة استعمال المياه المستخدمة في الصناعات أو استخدام المياه المالحة في عمليات التبريد أو تحلية المياه الجوفية المالحة لعمليات التصنيع.

  أما المصادر الإضافية الممكنة لمياه الري فهي سد الوحدة (100 مليون متر مكعب) وسد الكرامة (50 مليون متر مكعب) والسدود على الأودية الجانبية بالإضافة إلى المياه العادمة المعالجة من محطات التنقية. علاوة على ذلك يجب تقليل الفاقد ورفع كفاءة نظم الري الحالية أو استبدالها بأنظمة حديثة. 

نوعيــــة الميــــاه

   تقدر كمية المياه المتجددة والمتاحة في الوطن العربي بحوالي 265 مليار متر مكعب في السنة ونصيب الفرد في السنة 846 متر مكعب وهو أقل من حد الفقر المائي البالغ 1000 متر مكعب للفرد في السنة ومن المتوقع أن يتناقص هذا النصيب إلى أقل من 500 متر مكعب للفرد بالسنة أما نصيب الفرد في الأردن فيبلغ فقط 148 متر مكعب، في حين نصيب الفرد في سوريا يصل إلى 1028 م3 وفي العراق 2172 م3، وهذا يبين مدى فقر الأردن بالنسبة للمياه (تقرير الإسكوا العدد الأول 2006). 
  
 وقد تناقصت حصة الفرد من المياه في الاردن الى حوالي 90 م3 في العام 2012 الامر الذي يدق ناقوس الخطر. وتعتبر محدودية المصادر المائية في الأردن من المشاكل الرئيسية التي تواجه التطور الاقتصادي خاصة في قطاع الزراعة الذي يستهلك الكمية الأكبر من المياه. تعرض الأردن في السنوات الماضية إلى زيادة في الطلب على المياه لجميع القطاعات صاحبها نقص في الموارد المائية مما استدعى تغطية هذه الحاجة من المياه الجوفية وبالتالي فان استخدام المياه الجوفية قد زاد عن الحد الآمن للاستخراج في معظم السنوات. ونظرا لفقر الأردن بالموارد المائية يبقى الاهتمام بنوعية المياه الموجودة مهما جدا وقد اظهر عام 2005 تحسنا كبيرا في الرقابة على نوعية المياه حيث بلغت نسبة العينات المخالفة من الناحية الجرثومية 0.76% مقارنة بعام 1994 التي بلغت فيه 2.1% مما يدل على وجود رقابة ومتابعة جيدة لنوعية المياه المستخدمة، ويلاحظ أيضا أن الاهتمام بالصفات الكيماوية للمياه أكثر من الصفات الفيزيائية حيث أظهرت النتائج أن معظم العينات المخالفة هي للصفات الفيزيائية للمياه مثل اللون والعكارة والعسر الكلي. 

  لقد ازدادت ملوحة المياه في العديد من الأحواض المائية ويعود ذلك لعدة أسباب أهمها استنزاف الطبقات المائية المختلفة عن طريق الضخ الجائر. كذلك تأثير الزراعة مثل مناطق الضليل والهاشمية والأزرق. ووجود التجمعات الصناعية قرب مصادر المياه إضافة للتلوث الناتج عن محطات التنقية ومخلفات البيوت بصورة غير مباشرة. كما أن هناك سبب يعود إلى تلوث المياه السطحية والجوفية بالمواد الكيماوية الناتج عن طرح الفضلات في الأودية الرئيسية والمتواجدة قرب المصانع.

المـــياه الفــاقــدة

  تعتبر كميات المياه المفقودة من أهم المشكلات التي تواجه قطاع المياه في الأردن كون هذه الكميات تشكل نسبة عالية من كميات المياه المنتجة من مصادر المياه. فتقليل هذه الكميات يعني وجود مصدر جديد للمياه في المملكة وهذا سينعكس على مصادر المياه التي تعاني من عجز كبير من المياه لكافة محافظات المملكة ومعدل كميات المياه المفقودة. 

تأثير الربيع العربي على ادارة المياه في الاردن

   تهدف ادارة المياه في زمن الربيع العربي الى استغلالها من خلال تناول ابعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والسياسية ومن المفترض ان تؤدي نشاطات البرنامج الى حدوث تحسن ملموس في:

الشفافية والمشاركة وتقييم الآثار المختلفة للسياسات على كل فئات المجتمع والعدالة والمساءلة في ادارة الموارد المائية. 

زيادة فاعلية وكفاءة استخدام المياه من اجل عائد اجتماعي – اقتصادي افضل مع خفض التدهور البيئي. 

نشر حكم القانون وتحسين التناغم والتكامل الافقي مع مراعاة الاخلاقيات والاعراف السائدة في المملكة. 

  وهنا لا بد من انشاء شراكات مع المختصين للحصول على المزيد من المساعدة الفنية في تقييم وضع ادارة المياه والحصول على المزيد من المساعدة في تقييم وضع ادارة المياه والتعرف على قصص النجاح والانجازات وتحديد القيود والتحديات والفرص واستثمار الدروس المستفادة من خلال اقامة الشبكات ووضع ارشادات وتدابير تراعي الجوانب الثقافية والسياسة لتعزيز ادارة المياه في المملكة. حيث تبرز عدة تحديات للتعامل مع الوضع المائي الصعب في الأردن تحت ضغوط الربيع العربي يمكن تلخيصها بما يلي:

تعزيز ادارة المياه من خلال الشفافية والمساءلة وسيادة القانون والتعامل مع المصدر المائي بكل ابعاده الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والسياسية خصوصا مع زيادة تاثير الربيع العربي الذي يتعمق كالمنخفضات الجوية العميقة.

وضع استراتيجية وطنية قابلة للتطبيق حيث ان معظم الاستراتيجيات السابقة قد فشلت في التعامل مع الواقع المائي الاردني بسبب الهجرات القسرية من جهة وسوء التقدير من جهة اخرى.

وضع خطة وطنية لتسعير المياه تضمن الاقتصاد فيها والتعامل مع المصدر كسلعة استراتيجية لضمان ديمومتها وبمشاركة اصحاب العلاقة مثل المواطنين والمزارعين والصناعيين وربات البيوت.

التعامل مع المنتوجات الزراعية كسلع اقتصادية خصوصا تلك التي تصدر خارج الأردن لأن هذه الأسعار بحالات كثيرة لا توفر ثمن المياه التي رويت بها مع الاحتفاظ بالكميات التي يحتاجها المواطن الأردني لحاجاته الرئيسية. حيث ان ذلك سيؤدي الى رفع كفاءة استخدام المياه وحماية امدادات المياه من الإفراط في الاستهلاك والتلوث.

زيادة الاستثمار في الموارد المائية خصوصا الطبقات العميقة وذلك لتوفير مصادر مياه اضافية تضمن عدم تملح الأحواض السطحية، التي ان تملحت فإنها ستحتاج الى مئات السنين حتى تعود الى ما كانت عليه. وبالتالي فان تأثير الربيع العربي سيبقى تأثيره على الأردن مئات السنين وليس سنوات قليلة كما هو في الدول الأخرى.

  بما أن دول الجوار جميعها تتأثر بالربيع العربي فإنه يجب ان تتساعد مع الأردن لديمومة المياه المشتركة مع السعودية في حوض الديسي ومع العراق في حوض السرحان ومع سوريا في احواض اليرموك والازرق والسرحان خصوصا ان الاردن بحمدالله هو الرئة التي تتنفس منها هذه الدول عند حدوث النزاعات.

  أن مخيمات اللاجئين دائما تقام فوق احواض مائية مهمة مثل حوض الأزرق او حوض اليرموك والتي تتكون صخورها من البازلت والحجر الجيري المتشقق. بالاضافة الى ان العمليات المصاحبة للاعتصامات مثل الحرائق والملوثات غالبا ما تعود للمياه السطحية والجوفية من خلال الامطار او من خلال المياه العادمة وتحلل المواد العضوية فانها تكون مصدر تلوث يهدد ديمومة واستمرارية المصادر المائية الاردنية.
  أن استهلاك اللاجئين لكميات كبيرة من المياه التي تخصم من حصة الفرد الاردني في المناطق التي تتواجد فيها هذه المخيمات غالبا ما تكون السبب في اعتصام السكان المحليين انفسهم كما حصل في منطقة الرمثا.

  أن زيادة حركة الصهاريج المائية التي تضطر الحكومة الى استعمالها بسبب قيام هذه المخيمات فجأة ودون اشعار تكون السبب في تلوث التربة والهواء وبالتالي تقل الانتاجية الزراعية خصوصا ان المخيمات اقيمت بالقرب من مناطق زراعية تربتها صالحة لكافة الأنواع الزراعية.

  يتوقع أن يعاني الاردن مستقبلا من مشاكل غذائية بسبب نقصان كمية المياه المخصصة للري بشكل ملحوظ كما حصل عند ضخ مياه غور الاردن الى محطة تنقية زي ومنها الى مدينة عمان.
ان المنظمات الدولية تهتم بحاجات اللاجئين اليومية وتخفي الآثار السلبية على مصادر المياه التي يعاني منها الأردن لفترات طويلة بعد انقشاع الأسباب التي أدت الى تكون هذه المخيمات وعودة اللاجئين الى بلدانهم.

  أن تحكم الجماعات المسلحة من مصادر المياه في مناطق الصراع يؤثر على نوعية وكمية المياه في حوضي اليرموك والازرق، خصوصا ان هذه الجماعات ليست على علم بأهمية هذه المصادر سواء بالنسبة لسوريا او الاردن الامر الذي يهدد تلوث هذه المصادر ويؤدي الى تأثر الاردن مائيا وبيئيا لسنوات طويلة بعد انتهاء الربيع العربي.
هذا وقد استغلت المياه الجوفية بشكل جائر جدا ومعظم الأحواض الجوفية الأردنية تعتبر احواض مستنزفه الأمر الذي أدى الى انخفاض كبير في مستويات المياه الجوفية وتلوثها حيث ان معظم المدن السكنية الجديدة بالاضافة الى مخيمات اللاجئين كنتيجة للربيع العربي اقيمت فوق احواض مهمة مثل حوض عمان-الزرقاء وحوض اليرموك والأزرق. وستبقى مشكلة المياه اكبر تحدي يواجه الأردن حتى بعد انقشاع الربيع العربي حيث ان ندرة المياه ونقص الامدادات الغذائية وارتفاع اسعار السلع ستظل تحديا كبيرا يهدد استقرار ومستقبل الدولة الأردنية وتشير التحاليل ان الحاجة السنوية لمخيمات اللاجئين في الأردن تتراوح بين 15-20 مليون متر مكعب وهذا الرقم مرشح للزيادة في المستقبل. ونتيجة للتحديات الكبيرة فقد برزت مجموعة من الحلول لمواجهة نقص المياه في الأردن كمايلي:

ضخ المياه من حوض الديسي وللحاجات الضرورية فقط حيث سيوفر هذا المشروع 100 مليون متر مكعب سنويا.

انشاء قناة البحرين ( الأحمر – الميت) حيث يتوقع ان يوفر هذا المشروع حوالي 500-600 مليون متر مكعب سنويا.

البدء فورا في تنفيذ وتطبيق تقنية حصاد المياه والتغذية الاصطناعية للمياه الجوفية.
زيادة استعمال المياه العادمة المعالجة في الزراعة.

التوصـــــيات 

- تعظيم الاستفادة من مياه الأمطار بإنشاء السدود الجديدة والحفائر الصحراوية

- تطوير واستغلال مياه الينابيع لشتى الأغراض وحماية مصادر التغذية من التوسعات العمرانية والحفاظ على نوعيتها.

- تطوير شبكات المياه المهترئة لتقليل الفاقد منها والذي يصل الى ارقام كبيرة.

- زيادة شبكات الصرف الصحي والتي ستساهم في تغطية الاستفادة من المياه العادمة لأغراض الري إضافة لتقليل المشاكل البيئية.

- انشاء قناة البحرين من اجل توفير مصادر مياه جديدة عن طريق استخدام الإستراتيجية الجديدة في تنقية المياه المالحة ومياه البحر.

- تقليل الضخ الجائر من الاحواض الجوفية حيث يبلغ معدل الاستهلاك الآمن من المياه الجوفية حوالي 275 مليون متر مكعب في حين أن معدل الضخ 507 مليون متر مكعب. أي أن معدل الضخ يعادل حوالي ضعف قدرة الخزانات على الإنتاج.

- زيادة الاستفادة من كمية المياه السطحية الممكن استغلالها حوالي 700 مليون متر مكعب يستغل منها فقط حوالي 120 مليون والباقي يذهب هدرا دون استغلال.
حيث أن القطاع الزراعي اكبر مستهلك للمياه بنسبة حوالي 70 % من مجموع الاستخدامات فانه لا بد من تحديد النشاط الزراعي بمزروعات استهلاكها للمياه قليل وانتاجها وافر.

- تطبيق توصيات لجنة الزراعة المروية المنبثقة عن المجلس الأقتصادي الأستشاري في التقرير الذي تم تقديمه للمجلس في العام 2002 مع بعض التعديلات على التوصيات الخاصة بانواع الزراعات وحسب الموسم الزراعي.

- إغلاق الآبار الخاصة المنتشرة في البادية الأردنية والإشراف عليها في بعض الحالات الضرورية من قبل مختصين في القطاع الحكومي لتنظيم عمليات الاستهلاك.

- استخدام المياه ذات الملوحة العالية في عمليات تبريد آلات المصانع بدل المياه الحلوة لتوفيرها لاغراض الشرب.

- زراعة المحاصيل التي استهلاكها من المياه قليل وتتحمل مياه ذات ملوحة عالية.
استعمال أنظمة الري بالقنوات المغلقة وتشجيع عمليات الري بالتنقيط لضمان عدم الهدر في المصادر المائية.

- نشر التوعية المائية بوسائل الإعلام المختلفة من خلال البرامج الإرشادية لترشيد استهلاك المياه.

- التركيز على الصناعة وذلك لاستهلاكها كميات أقل من تلك المستخدمة في الزراعة بينما العائد منها أكثر.

- استعمال المياه العادمة الزائدة عن حاجات الري في منطقة الأغوار لزراعة بعض الأنواع من الحشائش الرعوية قليلة الاستهلاك للمياه بهدف زيادة الثروة الحيوانية.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق