الصفحات

الأربعاء، 14 فبراير 2018

ورقة : المياه ودورها فى التنمية - د. حامد عمرعلى ...


ورقة : المياه ودورها فى التنمية

للدكتور حامد عمرعلى

(حريات) November 8, 2013 - أوراق العمل ورشة دارفور


بسم الله الرحمن الرحيم

موارد المياه ودورها فى التنمية وتعزيز السلام فى دارفور

د.حامد عمر على

(وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ) صدق الله العظيم ، (الأنبياء :آية 30)


مقدمة

   يتحكم الماء فى مناحى الحياة الاجتماعية وإلاقتصادية والأمنية فى دارفور إذ تأثر جميع قاطنى دارفور سلباً وإيجاباً بقدر موراد ومصادر المياه وتوزيعها الجغرافى والزمانى. ولقد أصبحت مؤشرات نقص المياه و أنعكاساتها السالبة حالياً أكثر وضوحاً وعمقاً وتعقيداً على ما كانت عليه فى الماضى، أى قبل إندياح الصراع المسلح فى دارفور. دون التقليل من العوامل والأسباب الأخرى للصراع فى دارفور ، لقد لعبت موارد المياه وتوزيعها الجغرافي دوراً بائناً فى أس الصراع خاصة بين الرعاة والمزارعين فى دارفور وفى أنماط التركيبة والمجموعات السكانية ويلاحظ أن جل النازحين من وطأة الحرب والجفاف تمركزوا حول المدن الرئيسية والمناطق الجنوبية والجنوبية الغربية من دارفور حيث الظروف المناخية والبيئية والموارد المائية أحسن حالاً واستقراراً.
   تعتمد إعداد وتنفيذ مشاريع إعادة التأهيل التنمية ومقتضيات العودة الطوعية بصورة مباشرة على توفير مياه سواء كان لغراض الشرب للبشر والثروة الحيوانية أو أنماط الحياة المعيشية الأخرى يحتم ذلك دراسة موارد المياه وسبرها ومن ثم وضع الخطط للإستفادة منها تنموياً ومن أجل تحقيق التنمية الإجتماعية والإقتصادية المنشودة وتعزيز السلام بدارفور .
  تحتوي هذه الورقة على المحاور الأساسية التالية :
الوضع الجغرافي والبيئي وأثره على توزيع موارد المياه بدرافور.
المعلومات الكمية عن موارد المياه بولايات دارفور .
الوضع الراهن لإستغلال موارد المياه لأغراض الشرب والزراعة .
الأثار السالبة لنقص المياه.
الحرب فى دارفور وأثرها على المياه.
الخطة الإستراتيجية لاستغلال وتنمية موارد المياه لتحقيق الأهداف المنشودة.
معوقات تنمية موارد المياه فى دارفور .
المقترحات.

الوضع الجغرافي والمحتوي البيئي

  تغطى ولايات دارفور الثلاث رقعة أرضية تبلغ مساحتها حوالي 490,000 كيلومتر مربع، إذ تمتد من خطى عرض 8 إلى 20 شمال وخطى 22 إلى 27,5 شرقاً . طبوغرافية دارفور عبارة عن تضاريس متبانية الارتفعات تتراوح بين 500 متر (فوق سطح البحر) فى الجنوب الغربي . وتتألف هذه التضاريس من كثبان رميلة فى الشمال إلى أراضى طينية نحو الجنوب والجنوب الغربي مع وجود جبال متسلسلة أو متفرقة. وتمثل سلسة جبل مرة البركانية معلماً طبوغرافياً فى دارفور، إذ تبلغ قمة الجبل حوالى 3000 متر (فوق سطح البحر ) وتمتد سلسلة جبل مرة فى الإتجاه شمال –جنوب حوالى 200 كلم وفى الإتجاه العرضى (شرق- غرب ) حوالى 25كلم. ويمثل جبل مرة خطاً بائناً لتقسيم المياه السطحية بين حوضي النيل فى السودان وبحيرة تشاد غرباً .على سبيل المثال من أبرز الأودية التى تنحدر نحو بحيرة تشاد هى وادىَ أزوم وكجا. أما داخل السودان فتتحكم الارتفاعات والطبوغرافية الموضوعية فى إنسياب الأودية بعد منبعها من جبل مرة . ويلاحظ أن واديَ هور ومجرور ينبعان من أقصى الجنوب الغربى وينحدران نحو الضفة الغربية للنيل ، وأثبتت الدراسات الجيولوجية والأثرية (دراسات البعثة الألمانية 1986) كان وادى هور قبل 500 سنة تقريباً يصل النيل ويقترنان معاً بالقرب من مدينة الدبة بولاية نهر النيل ويعتبر وادى هور رافداً أساسياً من روافد النيل فى الماضى ولكن حالياً بسبب تراكم الرمال وموجات الجفاف المتكررة لا يتجاوز جريان وادى هور حدود ولاية شمال دارفور مع ولاية شمال كردفان. تنحدر أودية أخرى كثيرة مثل وادى أبره وبلبل وتصب فى بحر العرب مروراً ببحيرة كندى بولاية جنوب دارفور ويتجه وادى الكوع وراوفده أيضاً نحو بحر العرب عبر سهل ساق النعام بولاية شمال دارفور ، ولكنه ( أى وادى الكوع) ينتهى فى دلتا رسوبية بمنطقة مهاجرية (محلية شعرية ) ليسهم كثيراً فى تغذية المياه الجوفية فى الرسوبيات الحديثة الضحلة فى تلك المنطقة . وربما يمتد أثر التغذية الى حوض البقارة الجوفي الذى يحادد دلتا (رسوبيات) وادي الكوع بمنطقة مهاجرية ويتصلان عبر الفوالق والشقوق فى الصخور الأساسية التي تعلوها الرسوبيات الحديثة.
   القى الوضع الجغرافي لولايات دارفور الممتدة من خط عرض 8 إلى 20 شمالاً بظلاله وأثره الواضح فى المناخ الذى يتنوع من صحراوى جاف حار صيفاً بارد شتاءاً الى سافنا رطبة فى الجنوب والجنوب الغربى . وتعتبر مرتفعات جبل مرة منطقةً ذات مناخ متميز أو أشبه بالجزيرة المناخية حيث يسود مناخ البحر الأبيض المتوسط المعتدل فى أواسط غرب دارفور

موارد المياه بولايات دارفور

    تنحصر موارد المياه فى ولايات دارفور فى الأمطار والجريان السطحي والمياه الجوفية

الأمطار
  يتسق توزيع الأمطار مع الأحزمة المناخية والوضع الجغرافي لولايات دارفور، بصفة عامةً يتدرج مدى الأمطار من خفيفة (أقل من 100 مم / السنة ) فى أقصى الشمال الى حوالي 900 مم فى السنة فى المناطق الجنوبية والجنوبية الغربية .        
   ونسبة لغياب التأثير الطبوغرافي المفاجئ فأن توزيع الأمطار يتسق مع إمتداد الأحزمة المناخية وفق الأتى:
أ- حزام الصحراء الذي ينحصر بين خطى عرض 16-20 شمالاً حيث يبلغ متوسط الهاطل السنوي أقل من 100 ملم.
ب- حزام شبه الصحراء ويقع بين خطى عرض 12-16 شمالاً حيث يتراوح متوسط الهااطل السنوي من 100 مم الى 250مم .
ج- حزام السافنا الفقيرة الذى ينحصر بين خطي عرض 9-12 شمالاً حيث يتراوح متوسط الهاطل السنوي بين 250 مم الى 450مم
د- حزام السافنا الغنية وينحصر بين خطى عرض 8-9 شمالاً حيث يتراوح منسوب الهاطل السنوي بين 450مم الى 650مم
هـ- منطقة جبل مرة حيث يسود مناخ البحرالأبيض المتوسط ويفوق الهاطل السنوى 850مم.
  يورد الجدول أدناه (جدول رقم 1) أمثلة لمتوسط توزيع الأمطار فى بعض المدن الرئيسية فى دارفور كما يعكس أيضاًَ تباين الأمطار حسب الأحزمة المناخية بولايات دارفور.

جدول رقم (1) تباين متوسط الهاطل السنوي فى بعض المدن الرئيسية والأحزمة المناخية بدارفور

الموقع       متوسط الأمطار السنوي(مم)         الحزام المناخي
أم كدادة                181                           شبه الصحراء
الضعين                373                           سافنا فقيرة
نيالا                    319                           سافنا فقيرة
أم وافوق              850                           سافنا غنية
الجنينة                487                            سافنا
الفاشر                276                          شبه صحراء
كتم                    352                  شبه الصحراء ظل جبل مرة
زالنجي               653                          سافنا
كبكابية/ السريف    601                          سافنا
جبل مرة             780                    البحر الأبيض المتوسط
وادى صالح         770                        سافنا غنية
( المصدر : وزارة الزراعة ولاية غرب وشمال دارفور 2008)

   الشهور المطيرة ، كما هو الحال فى معظم أنحاء السودان هى شهري أغسطس وسبتمبر حيث يهطل فيهما حوالى 50-58% من جملة الهاطل السنوي. ومن واقع سجلات وقراءات الأمطار منذ الأربعينات حتى الآن فأن حوالي 59% من سجلات الأمطار أقل من المتوسط وأن ظروف وشبح الجفاف يخيمان فى أجزاء واسعة من دارفور منذ أواخر الستينات وذلك وفق المفهوم الهايدرولوجي الصارم الذي يعرف سنة الجفاف بتلك التى يكون فيها معدل الأمطار أقل من المتوسط العام . ويلاحظ أن وتيرة الجفاف قد أزدادت خلال هذه الحقبة من الزمن أذ أن من جملة 23 حالات جفاف منذ الأربعينات من القرن الماضى حتى الآن ، فأنا 16 حالة منها حدثت خلال الفترة منذ أوائل السبعينات من القرن الماضى الى الآن .
    ومن خلال سجلات الأمطار وتوزيعها فى دارفور ، هنالك تباين واضح فى كميات الأمطار حسب االأحزمة المناخية والبيئة الجغرافية ، علاوة على التذبذب الموضعى فى كميات الأمطار وعدد مرات الهطول، أذ بلغت درجة التذبذب والتباين فى الأمطار حوالى 50% فى مناطق شبه الصحراء ( شمال دارفور ) والسافنا الفقيرة ( المناطق الشمالية والشرقية من ولاية جنوب دارفور ) . لا تتأثر مناطق السافنا كثيراًُ بالتقلبات المناخية وتذبذب الأمطار الذى تشهده المناطق الأخرى وفى حالات الجفاف التى تضرب أحياناُ المناطق الشمالية والشمالية الشرقية، تتسم المناطق الغربية والجنوبية الغربية من جبل مره بإستقرار أمطارها طوال العقدين الماضيين أذ بلغ التذبذب حوالى 4% أقل من المعدل فى العقود السابقة ( قبل 2003) . ويلاحظ أن سنوات الصراع (2003- 1320) فى دارفور قد شهدت تحسناً ملحوظاً فى الهاطل السنوي ، إلا أنه مازال أقل من معدل المتوسط فى العقود الماضية . ومن واقع سجلات الأمطار أيضاً وأفادات المواطنين ومعلومات الإحصاء الزراعي فأن كل عشر سنوات تتخللها أربع سنوات جافة وتكون فيها الأمطار أقل من المعدل وتتدنى فيها إنتاجية الدخن من جوالين الى لا شيئ للفدان الواحد وحسب إفادات وتجارب المواطنين أيضاً فأن حوالي 250-300 مم من الأمطار حسنة التوزيع خلال الشهور من يوليو الى أكتوبر تفى بإحتياجات الزراعة المطرية. تفوق معدلات التبخر معدلات الأمطار فى مناطق كثيرة فى دارفور الأمر الذى يسبب فقراً مائياً جل أيام السنة بإستثناء الأحزمة التى يزيد فيها الهاطل السنوي عن 300مم وفى الشهور المطيرة مثل أغسطس وسبتمبر .

الجريان السطحي (المياه السطحية)

    ينشأ الجريان السطحي عبر المجاري والمنحدرات الطبوغرافية حينما تفوق معدلات الأمطار معدلات التبخر والتسرب. هنالك علاقة مباشرة بين الهاطل (الامطار السنوية ) والجريان السطحي حسب الدراسات الهايدرولوجية (شركة هنتنج 1972) فأن 26% من الهاطل السنوي فى منطقة جبل مرة ينساب عبر المجارى والأودية فى شكل جريان سطحي (مياه سطحية ) وتقل هذه النسبة لتصل الى 3,5 % بعيداً من منطقة جبل مره.
  تعتبر منطقة جبل مرة هى المصدر والمنشأ لكل من الأودية التى تزخر بها ولاية جنوب دارفور . جين تفوق مياه الأمطار معدلات التبخر والتسرب تتجمع مياه الأمطار فى البرك والمنخفضات الطينية والمجاري وينشأ الجريان السطحي فى إتجاة المنحدرات الطبوغرافية نحو أحواض المصب الهايدرولوجية الرئيسية وهى :
حوض وادي أزوم
حوض كجا
حوض وادى أبره
حوض وادى نيالا
حوض وادى الكوع
حوض وادى هور

  يعتبر حوضي وادى أزوم ووادى كجا وما يلحق بهما من أودية فرعية ، أهم المجارى المائية (الموسمية ) فى ولاية غرب دارفور. يتألف حوضى وادى أزوم ووادى كجا من الأودية الموسمية التى تنشأ فى المنحدرات الغربية والجنوبية الغربية لجبل مرة وتبلغ مساحة حوض وادى أزوم حوالي 40393 كيلو متر مربع جلها فى ولاية غرب دارفور . ويعبر وادى أزوم الحدود السودانية الى داخل تشاد حيث يصب فى وادى شارى الذى يغذى بحيرة تشاد . يبلغ إيراد وادى أزوم السنوي حوالى 2,6 مليار متر مكعب فى السنة ينساب جلها (70%) الى داخل الأراضى التشادية . أما وادى كجا وروافده فينشأن من المنحدرات الشمالية الغربية لجبل مره وتبلغ مساحة الحوض حوالى 42,850 كيلو متر مربع وإيراده السنوي حوالي 1,4 مليار متر مكعب وبالتالى يبلغ إيراد وادىٌ أزوم وكجا بولاية غرب دارفور حوالي 4,0 مليار متر مكعب ولكن لا يستفاد منها فى شيئ حتى الآن وتنساب الى داخل الأراضى التشادية لتغذى بحيرة تشاد.
    أما وادى أبره ووادى نيالا ووادى سندو وروافدهم فتنحدر من المرتفعات الجنوبية والجنوبية الغربية لجبل مره ويتجه نحو الجنوب الغربىى مروراً بكبم ثم رهيد البدري وطوال ويلتقى بوادى جكلك بعد أم قدر ومن ثم يشكلان وادى أم دافوق الذى يعبر الحدود الى الأفريقيا الوسطى . قبل عبوره الى أفريقيا الوسطى ، يفيض وادى سندو وروافده ويملأ بعض المنخفضات الطينية لتصبح مصادر مائية (برك) دائمة لشرب الثروة الحيوانية حتى نهاية شهر مارس .
   يعتبر وادى أبره وروافده من الموارد المائية الهامة أيضاً بمنطقة البقارة. ينشأ وادى أبره من المرتفعات الجنوبية لجبل مره فى مساحة حوض تجميع تقدر بحوالي 15,180 كلم مربع . يتكون وادى أبره من ثمانية روافد ، أهمها وادى كايا ووادى بلبل، تلتقى جميعها فى منطقة النخارا لتكون وادى أبره الذى يمر ويغذى منخفض بوطة الرأية ويملأ بحيرة كندي التى تقدر سعتها بحوالي 30 مليون متر مكعب ، ليصب بعد ذلك فى بحر العرب. قبل ملتقاه بوادى أبره ، يمر وادى بلبل ، الذى تبلغ مساحة حوض تجميعه مجتمعة مع وادى جندى حوالي 4623 كلم مربع بمنطقة تمبسكو (بلبل تمبسكو) وسريجى حيث رصد إيراده بحوالي 94 مليون متر مكعب .       أما وادى كايا فتبلغ مساحة حوضه حوالي 2,200 كلم مربع ويمر بمدينة عد الفرسان (حيث يعرف بوادى عد الفرسان ) ومدينة تلس ورجاج . يبلغ إيراد الوادى عند محطة رصد مدينة عد الفرسان حوالي 157 مليون متر مكعب. أما وادى نيالا فينحدر فى الإتجاه الجنوبى الشرقى لينتهى فى شكل دلتا عند بداية حوض البقارة بالقرب من سانية أفندو فى شمال شرق مدينة نيالا . يبلغ إيراد وادى نيالا حوالى 77 مليون متر مكعب فى السنة.
   يعتبر بحر العرب اهم المياه السطحية بالنسبة للرحل ، خاصة فى فصل الصيف . ينشأ بحر العرب من المرتفعات الجنوبية الغربية التى تحادد أفريقيا الوسطى وينساب فى الإتجاه الشمال الشرقى حتى منطقة الحجيرات ثم يعبر الحدود بين دارفور وكردفان . مناطق تجميع الحوض مشتركة بين دارفور وولاية بحر الغزال . ويبلغ الجزء الذى يتبع لدارفور حوالي 20,000 كلم مربع حيث يبلغ متوسط الأمطار حوالي 800 مم فى السنة . أهم روافد حوض بحر العرب التى تنشأ من أفريقيا الوسطى هى وادى (بحر) أم بالشي علاوة علي الروافد التى ترد من داخل حدود دارفور . ينساب بحر العرب بإستمرار خلال الفترة من شهر مايو حتى شهر ديسمبر ، بعدها يصبح بحر العرب فى شكل برك متعددة وغير متصلة ببعضها البعض خاصة شرق مدينة سماحة حيث يرتادها الرحل ويقيمون حولها فى فترة الصيف حتى بداية الخريف فى شهر مايو. ليست هنالك قياسات دقيقة لإيراد بحر العرب أذ ظلت محطة الرصد في منطقة الحجيرات متوقفة منذ عام 1993 . بلغ إيراد بحر العرب فى منطقة الحجيرات حوالي 920 مليون متر مكعب فى السنة .
   خلال السنوات الماضية تعرضت المجارى المائية والمنخفضات المائية ، خاصة بحر العرب وأودية جبل مره الى تناقص مريع فى سعاتها التخزينية وذلك بسبب الإطماء الذى أصابها جراء التغيرات المناخية وعوامل زحف الرمال و إزالة الغطاء النباتى والشجرى فى مناطق أحواض التجميع و قفل الروافد المغذية . حسب إفادات المواطنين بمدينة سماحة يقدر الإطماء (تراكم الرمال ) فى مجرى بحر العرب بحوالى 5 أمتار . وما يقال عن بحر العرب ينطبق أيضاً على بحيرة كندى ( محلية برام) التى تناقصت سعتها بسبب الإطماء ومثلها تردتى كلنج وجمرى بمحلية رهيد البردى.
   أهم الأودية التى تنساب عبر ولاية شمال دارفور تتمثل فى وادى الكوع ووادى هور ، وادى بارى (كبكابية) ووادى السريف ووادى أم بياضة ووادى ألكج وما يلحق بكل هذه الأودية من روافد فرعية . تبلغ المساحة التى يغطيها وادى الكوع وروافده حوالى 2800 كلم مربع ينحدر من المرتفعات الشرقية لجبل مره . أما وادى هور فينشأ من المنحدرات الشرقية لهضبة أروى شرق تشاد ث ينساب شمال شرقاً عبر الحدود الشمالية لولاية شمال دارفور وتبلغ مساحة حوض وادى هور حوالى 12211 كلم مربع وقد تأثر كثيراً بحالات الجفاف وقلة الأمطار بالمنطقة . قل ما ينساب وادى فى موسم الخريف بإستثناء السنوات ذات الأمطار العالية . تفتقر المياه السطحية ( الجريان السطحي) الى التقديرات الدقيقة وذلك لعدم وجود محطات الرصد بالأودية . من واقع الدراسات السابقة وطبوغرافية دارفور يمكن تقدير كميات المياه السطحية التى توفرها الأودية الموسمية بحوالى 6 مليار متر مكعب كما هو موضح فى الجدول رقم (2)

جدول رقم (2) مياه الأودية الموسمية بدارفور
الولاية     الأودية الرئيسية        كمية الإيراد السنوي    Mm^3

غرب دارفور أزوم وروافده (ينرتى، أريبو ، سنيط ، تالنجو ، تور ، وادى صالح ، مرنى)

كجا وروافده ( وادى عرديبة ، وادى عردة ، أبو سروج ، مجلس ، سندو ، باردى ، كارجورا ) 4,016

جنوب دارفور وادى نيالا ، وادى أبره ، وادى سندو ، بحر العرب 1,625

شمال دارفور وادى الكوع ، وادى بارى ، وادى السريف ووادى بيضة وادى أبكج وادى أبو حمرة 298
دارفور الجريان السطحى 5,939

المصدر: د. حامد عمر على: موارد المياه بدارفور 2008 – البنك الدولى الخرطوم)

   جل هذه المياه السطحية ينحدر نحو بحر العرب او داخل الحدود التشادية ولكن كميات كبيرة منها تذهب هدراً أوفقدت بسبب التسرب الى باطن الأرض والتبخر. عدم الإستفادة من هذه المياه مرده الى الأتي:
قلة وضعف سعة المنشئات المائية
مشاكل الإطماء والترسيب والتذبذب فى الأمطار والجريان السطحي
محدودية فترة الجريان السطحي أذ حوالي منه (50-58%) يرد فى فترة محدودة من أغسطس الى أول أكتوبر
عدم وجود البنيات الأساسية ووعورة الطرق

المياه الجوفية

  تواجد المياه الجوفية يتصل مباشرة بالتكوينات الجيولوجية بالأقليم وأهم أحواض المياه الجوفية بأقليم دارفور هي :
- حوض البقارة الجوفي ويغطي مساحات واسعة فى جنوب دارفور أذ يغطي كل محليات الضعين وبرام وعديلة وكتيلة وتلس وقريضة وجزءاً من رهيد البردي وشعرية.
- حوض الصحراء الجوفي الذى يغطي منطقة الصحراء شمال دارفور ومنطقة وادى هور حتى الحدود الليبية وهو جزء من حوض الحجر الرملي النوبي الذي يمتد من تشاد الى السودان وليبيا ومصر.
- حوض أم كدادة الجوفي الذي يغطي محلية أم كدادة وأجزاء واسعة من منطقة المالحة بمحلية مليط.
- حوض ساق النعام الجوفي الذي يقع علىبعد 42كلم جنوب شرق مدينة الفاشر وعلى إمتداد وادى الكوع بطول 75 كلم وعرض 30 كلم .
- حوض شقراء الجوفي الذي يبعد حوالي 13 كلم غرب مدينة الفاشر ويغطى مساحة 1250 كلم مربع . تستغل مياه حوض شقرا فى توفير مياه الشرب لمدينة الفاشر .
- أحواض الرسوبيات الحديثة ( الأودية ) وتشمل حوض وادى نيالا وحوض وادى أزوم ، ووادى كجا وحوض وادى كتم ووادىى بلبل وغيرها من الأودية.
    تزخر أحواض الرسويبات الحديثة التى تكونها الأودية حولها وعلى مجاريها ، فتمثل مصدراً لمياه جوفية ثره وعذبة ومتجددة وضلحة وبالتالى يسهل إستغلالها بحفر الأبار اليدوية التقليدية . يتراوح عمق المياه الجوفية فى الرسوبيات الحديثة بين متر فى موسم الخريف والشتاء الى حوالي 15 أمتار فى فصل الصيف . تعتبر الرسوبيات الحديثة مصدراً هاماً للرحل لسقى ثروتهم الحيوانية وللمزارعين وأيضاً لرى المحاصيل البستانية ، خاصة فى مناطق عد الفرسان وبلبل ورجاج وطوال ورهيد البردى وجبل مره وكبكابية وكتم .
  بالرغم من عذوبة مياه الرسوبيات الحديثة أذ لا تزيد الأملاح المذابة عن 300 ملغرام/ اللتر إلا أنها تفتقر الى مادة الأيودين المذاب الأمر الذى يسبب أمراض الغدة فى بعض الأحيان ولذلك لابد من توعية الرحل بهذه المخاطر مع ضرورة إستعمال أملاح اليود فى الطعام وتشجيع ثقافة أكل السمك خاصة أن المنطقة تزخر بالثروة السمكية نسبة للنفاذية العالية التى تختص بها أحواض الروسبيات الحديثة ، فأنها عرضة للتلوث بسبب فضلات الثروة الحيوانية والممارسات والنشاطات البشرية فى مجارى الأودية فى فصل الصيف. مع قدوم الخريف وجريان الأودية تذوب هذه الفضلات وتغور الى المياه الجوفية وتتسبب فى تلوثها .

أحواض اصخور الأساسية (المشققة)

   وهى فى المناطق التى تغطيها الصخور الأساسية حيث تنعدم المياه الجوفية بكميات كبيرة، ولكن فى بعض الحالات والأماكن حيث تتعرض هذه الصخور الى تشققات وتصدعات سببب العوامل الجيولوجية ، فتحتوى هذه الصخور على على ياه جوفية محدودة ومع محدوديتها تتسم بعلو نسبة الأملاح المذابة وفى بعض الأماكن تكون غير صالحة لشرب الإنسان، حيث تزيد كمية الأملاح من 1000 ملغرام / اللتر وهو الحد المسموح به من قبل الصحة العالمية (WHO) . وتعتبر أحواض الصخور الأساسية مصدراً هاماً لمياه الشرب بالنسبة للنازحين بالمعسكرات .
الجدول رقم (3) يبين السمات الأساسية وخواص أحواض المياه الجوفية بدارفور

الجدول رقم (3) يلخص الخواص الهايدرولوجية والسعة التخزينة والتغذية السنوية (المياه المنحدرة) بالأحواض الجوفية المذكورة أعلاه.

الحوض الجوفي الموقع الجغرافى المساحة كلم   منسوب  المياه  م^3
مخزون المياه الدائم ملغ (م^2) التغذية السنوية
(المياه المحدودة م^3 السحب الحالي
(مليون م^3/السنة) الملوحة
ملغرام/لتر المياه المتاجة
للإستغلال سنوياً
م^3 ملاحظات

حوض البقارة الجوفى محليات الضعين /برام /عديلة / أجزاء من شعرية وعد الفرسان ورهيد البردي 60000 20-100 300 15000000 7 130-450 4,5 صالحة لأغراض الشرب والزراعة

حوض الصحراء منطقة الصحراء من شمال دارفور (وادى هور حتى ليبيا ) 200000 3-20 5000 100 أقل من مليون 60-100 25 مياه ذات عذوبة ممتازة تضاهى عذوبة مياه النيل ومنسوب جوفى ضحل

حوض أم كدادة منطقة أم كدادة والمالحة 55000 20-60 300 21 2 70-1500 24 توجد جيوب مياه مالحة فى منطقةة جبل حلة وأم شنقة

حوض ساق النعام (وادى الكوع) 42 كلم جنوب الفاشر 2250 80-100 100 20 0,5 250-450 1 توجد 27 بئر جاهزة تفي بري حوالي 3 ألف فدان (ري فيضي)

حوض شقرا الجوفي 13 كلم غرب الفاشر 1250 40-70 20 20 5 300-500 2,5 تمد حالياً مدينة الفاشر بالمياه

الأحواض الرسوبية الحديثة وادى نيالا / كتم بلبل / جبل مرة / زالنجي الجنينة /عد الفرسان ورهيد البردي ( وادى بره) 500 1-30 0,5 3 2 90-25 3 مياه متجددة يمكن إستغلالها بتقنيات متنوعة تعانى من مشاكل التلوث. عرضة للسحب الجائر وتضارب المصالح بين الرعاة والمزارعين

أحواض الصخور الأساسية مساحة واسعة (49%) من الولاية 65333 30-60 0,8 2 22 500-1500 2 تستغل بواسطة المضخات اليدوية لتوفير مياه الشرب للمجتمعات الريفية

مصادر المياه

  تتحكم كمية ونوعية الموارد المائية وإنتشارها الجغرافي والزماني فى نوع مصادر المياه والتى يتحكم فيها أيضاً الغرض من إستعمال المياه وثقافة المجتمعات المستفيدة من المرافق . تزخر ولايات دارفور بمصادر مائية متعددة ، منها الحديثة مثل الدوانكى (الآبار الجوفية) والحفائر المحسنة والسدود وآبار المضخات اليدوية علاوة على المصادر التقليدية مثل الآبار العادية التقليدية والبرك و الرهود والرقاب والمجارى المائية كالأودية والخيران، وأهما بحر العرب.
  تنتشر الدوانكي التى تستخرج المياه الجوفية من الحواض الرسوبية ، خاصة فى ولايتي شمال وجنوب دارفور يتألف الدونكي من بئر جوفية (عميقة ) عليها طلمبة (ميكانكية) تدار بمحرك ديزل أو مولد كهربائى لإستخراج المياه الجوفية من باطن الأرض ليصب فى صهريج علوي على قاعدة أربتفاعها 12 قدم تشمل مكونات الدونكي أيضاً احواض لسقاية الماشية وجنفيات لشرب الأنسان تقدر إنتاجية الدونكي بحوالي 1000 الى 3000 جالون فى الساعة حسب سعة طلمبة الدونكي تعمل لأكثر من 15 ساعة فى فصل الصيف وحوالي 8 -10 ساعات فى فصل الشتاء وأقل من 6 ساعات فى فصل الخريف. تستهلك الحيوانات حوالي 80% من الماء الذى ينتجه الدونكي فى فصل الصيف هنالك حوالي 319 ، 200 ، 30 محطات مياه جوفية بالتوالي فى كل من ولايات جنوب دارفور ، شمال دارفور وغرب دارفور .
   قلة المحطات الجوفية فى غرب دارفور مرده الى عدم وجود الحواض الجوفية بإستثناء مكان الصخور الأساسية المشققة وحوض ديسا المحدود الإنتشار داخل ولاية غرب دارفور .

  خلال السنوات الماضية تعرضت الأودية والمجارى المائية ، خاصة بحر العرب بولاية جنوب دارفور الى تناقص مريع فى السعات التخزينية وذلك بسبب الإطماء الذى أصابها جراء التغييرات المناخية وعوامل زحف الرمال بسبب إزالة الغطاء النباتى والشجرى خاصة فى المجالس العليا والوافد المغذية لهذه الأودية، على سبيل المثال يقدر الإطماء (تراكم الرمال) فى مجرى بحر العرب بحوالي 5 أمتار وما يقال عن بحر العرب ينطبق أيضاً على بحيرة كندى (محلية برام) التى تناقصت سعتها الى حوالي 50% وبحيرة (ترده) كلنج وجمري بمحلية رهيد البردى. من الواضح أن موارد المياه (السطحية والجوفية ) لم يستفد منها كما ينبغى خاصة فى مجالات التنمية الزراعية وتطوير الإنتاج وترقية الحياة الإجتماعية والإقتصادية للرحل والفئات الأخرى ، وذلك يمكن مردة الى الأتى :
- ضعف القاعدة المعلوماتية ، أذ تفتقر موارد المياه ( خاصة السطحية ) الى القاياسات الكمية الدقيقة التى تساعد على لتخطيط السليم .
- ضعف البنيات التحتية واللوجستية التى تساعد وتسهل عمليات التخطيط وتنفيذ مشاريع التنمية.
- غياب السياسات والخطط والبرامج التى تفضى الى الإستفادة من وموارد المياه وتكاملها مع الموارد الطبيعية الأخرى، علاوةً على ضعف وقلة الكادر الفنى المؤهل فى قطاع المياه بدارفور .

الاستغلال الحالي لموارد المياه:
  لا توجد معلومات أو إحصائيات دقيقة عن كمية المياه التى تنتجها مصادر المياه فى ولايات دارفور (راجع جدول رقم 4) ، ولكن حسب الدراسات السابقة فى هذا الصدد يمكن تقدير المياه التى تنتجها منشأت المياه المتمثلة فى الآبار الجوفية ( الدوانكى) والسدود والحفائر والآبار العادية والمضخات اليدوية (بإستثناء مياه مدن الفاشر ونيالا والجنينة) بحوالي 30,4 مليون متر مكعب فى السنة كما هو مفصل فى الجدول رقم (4)
جدول رقم (4)
الولاية        الآبار الجوفية   الآبار العادية والمضخات اليدوية      السدود والحفائر  المياه المنتجة فى السنة مليون متر مكعب
جنوب دارفور    320                     2514                           67                                 13,32
شمال دارفور     200                    1197                            76                                12,28
غرب دارفور     30                      576                              36                                7,86
دارفور           550                     4287                            179                              33,46
(المصدر : هيئات مياه الشرب- ولايات دارفور 2010)

   من واقع كمية المياه المنتجة مقارنة بسكان دارفور البالغ عددهم قرابة الثمانية مليون نسمة ( حسب تعداد 2008) فأن المتاح من المياه الصالحة للشرب ( حسب معايير منظمة الصحة العالمية والهيئة القومية للمياه ) يعادل حوالي 11,5 لتر فى اليوم أى حوالي 57% من الحد الأدني (20 لتر / اليوم) الموصى به من قبل الصحة العالمية و اليونسيف ولكن أذ أخذنا فى الإعتبار أن الثروة الحيوانية تستهلك حوالي 60% من المياه التى تنتجها المنشأت المائية ، خاصة فى الصيف ، فأن المتاح لشرب الإنسان ( فى فصل الصيف ) لا يتعدى 25% من الحد الأدنى الموصى به من قبل منظمة الصحة العالمية واليونيسيف. من واقع هذه النسبة يمكن القول بأن حوالي 75% من سكان ولايات دارفور يعتمدون على مصادر مياه غير آمنة كماً ونوعاً ويذهبون مسافات طويلة لجلب مياه الشرب. ويستدل من هذا أذ لابد أن يرتفع عدد مرافق المياه الى أربعة أضعاف ما عليه الأن حتى يتسنى توفير 20 لتر فى اليوم كحد أدنى فى ولايات دارفور . أما بالنسبة للثروة الحيوانية فى ولايات دارفور فيقدر الإحتياج الفعلي حوالي 160,4 مليون متر مكعب فى السنة . توفر منه المرافق الحالية حوالي 20 مليون متر مكعب فى فصل الصيف (ديسمبر الى يونيو) اى يبلغ العجز حوالي 140,4 متر مكعب فى السنة (راجع الجدول رقم5) ولسد هذا العجز خاصة فى فصل الصيف يضطر أصحاب الثروة الحيوانية (خاصة الرحل ) للبحث عن الماء من مصادر أخرى بديلة مثل بحر العرب فى جنوب دارفور أو الأودية حول وفى منطقة جبل مره بغرب دارفور حيث توجد المياه الجوفية الضحلة أو حتى الى خارج حدود دارفور الى أفريقيا الوسطى . أما فى فصل الخريف فليس هنالك مشكلة مياه بالنسبة للثروة الحيوانية فى معظم الأماكن والأوقات .
جدول رقم (5 ) إستهلاك الثروة للمياه والعجز فى فصل الصيف
{
{

الولاية 
المياه المنتجة مليون م^( 3) / السنة 
2 المياه المتاحة للثروة الحيوانية مليون م^(3 ) / السنة 
3 إستهلاك الثروة الحيوانية مليون 〖 م〗^( 3 ) / السنة
4 - العجز فى فصل الصيف المياه المنتجة مليون م^( 3 ) / السنة

الولاية                       المياه المنتجة     2 المياه المتاحة 3 إستهلاك الثروة الحيوانية  4 - العجز فى فصل الصيف
جنوب دارفور       13,32        8,0          76,1                 68,1
شمال دارفور       12,28         7,4          41,2                 33,8
غرب دارفور       7,86           4,7           51,9                47,2
دارفور              33,46         20,1         169,2             149,1
( المصدر :دراسة المياه البنك الدولي 2008)

  أما فى ما يتعلق بمياه الشرب بالنسبة للنازحين بالمعسكرات فأن هنالك ما يقارب 1600 مضخة مياه توفر حوالي 25662 متر مكعب فى اليوم لحوالي 2,286,922 نازح بولايات دارفور ، أى المياه المتوفرة للنازح حوالي 11,2 لتر/ اليوم وهو ما يفوق ضعفي المياه المتوفرة للفرد فى درافور خارج المعسكرات.

أثر الحرب على المياه فى دارفور :
- شملت الأثار السلبية للحرب على المياه فى دارفور فى الأتى ، وذلك على سبيل المثال لا الحصر
- إتلاف وتحطيم بعض مرافق المياه ، خاصة الدوانكي فى أجزاء متفرقة فى كل من محليات عديلة وياسين وكتم والمالحة ودار السلام .
- إزالة الأشجار والغطاء النباتى خاصة حول المعسكرات التى تقع بالقرب من مجارى الأودية خاصة فى ولاية غرب دارفور ومعسكر كلمه بجنوب دارفور ، الأمر الذي يساعد على التعرية وزيادة كمية نالطمي فى مياه الجريان السطحي وبالتالي زيادة معدل الإطماء فى الحفائر والسدود.
- الحد من حركة الرحل شمالاً وقد أدى ذلك الى تمركوهم حول مرافق مياه محددة ومحدودة الإنتاجية الأمر الذى تسبب فى مزيد من الإحتكاكات القبلية علاوة الى إنهاك الأراضى والمراعي حول هذه المرافق ، خاصة فى منطقة الكومة فى شمال دارفور .
   أدى الصراح المسلح الى تدمير ةإتلاف جل أثار الرى والإنتاج البستانى خاصة بالأودية فى مجيع ولايات دارفور كما هو موضح فى الجدول رقم (6)أدناهـ
جدول (6) عدد الآبار التى دمرتها الحرب بدرافور
الولاية           عدد آبار الرى قبل الحرب المساحة    المزروعة قبل الحرب (فدان)         عدد الآبار التى أتلفت   النسبة %
جنوب دارفور            6000                                24,000                             4000                66,7%
غرب دارفور             8500                                30,000                             4400                51,8%
شمال دارفور            3500                                 12,000                             1600                45,7%
دارفور                   18000                               76,000                             10,000              55,6%
المصدر (حامد عمر دراسة المياه – البنك الدولي 2000)

أسباب النقص فى مياه الشرب :

  النقص المريع فى مياه الشرب النقية فى ولايات دارفور مرده إلى الأتي:
- تهالك وقدم مصادر (مرافق المياه ) ، أذ أن أكثر من 60% من هذه المرافق قد تجاوزت أعمارها الإفتراضية المفيدة ، خاصة السدود والحفائر التى تناقصت سعاتها التصميمية الى أقل من 50% بسبب الإطماء و الهدم ، علاوة الى إفتقار السدود والحفائر الى وسائل تنقية المياه.
- الأعطال المتكررة للدوانكى بسبب القدم والإجهاد والتشغيل لساعات طويلة وقلة قطع الغيار مع إرتفاع أسعارها
- تدهور قطاع المياه بالولايات وما يعانيه من نقص واضح فى الكوادر الفنية والوسائل الحركية .
- ضعف ميزانيات التنمية الولائية لتشييد مرافق مياه جديدة ذات إنتاجية عالية .
- عدم وجود السياسات واللوائح والتشريعات التى تنظم إستخدامات المياه وإدارة مرافقها أو عدم تفعيل مثل هذه الضوابط واللوائح أن وجدت .

الأثار السلبية لنقص مياه الشرب
  النقص الواضح فى مياه الشرب له آثاره السلبية فى المناحي الإجتماعية والإقتصادية بولايات دارفور .وعلى سبيل المثال تنحصر هذه الأثار السلبية وإنعكاساتها فى الأتى:
- الآثار الإجتماعية المتمثلة فى ترك التلاميذ خاصة البنات لمدارسهم من أجل مساعدة أسرهم فى جلب الماء سواء كان ذلك للأغراض المنزلية أو لسقي البهائم. كما تأثرت الخدمات الإجتماعية خاصة فى المناطق الريفية بنقص الماء أذ أن هنالك (فى عام 2007) حوالي ستة مدارس أساس بأحدى المحليات بولاية جنوب دارفور تم قفلها لإنعدام الماء بسبب نضوب مصادر المياه . كما هو الحال فى عدة قرى لم يتم التصديق لها بتأسيس مدارس لإنعدام الماء .
- البيئات الصحية المتردية لعدم وجود الماء الكافى وبالتالى لا يمكن التبشير بأهمية الماء وضرورة إستخدامه فى النظافة الشخصية والصرف الصحي .
- إهدار زمن الأسرة ، أذا أبانت الدراسات الإجتماعية أن حوالي 150-240 يوم فى السنة من زمن الأسرة يستنزف فى جلب وتوفير الماء ولهذا آثاره الإقتصادية والصحية ، وقد حدث فى عام 2000 بأحدى المحليات بجنوب دارفور أن أجهضت اكثر من عشرة نساء فى اواخر صيف عام 2003 أذ أجبرن على الذهاب لأكثر من 10 كليومترات من مساكنهن لجلب الماء ، فى كثيرٍ من الأحيان سيراً على الأقدام وفى روؤسهن جركانات الماء .
- إنعدام الماء النقى وبالتالى يضطر المواطنون الى إستخدام لمياه ملوثة وقد تسبب ذلك فى وفاة حوالى خمس عشرة شخصاً بمنطقتى مهاجرية وبليل بولاية جنوب دارفور فى عام 2000/2001 .
- الآثار الإقتصادية وإستنزاف دخل الأسرة الريفية التى تنفق حوالي 40% من دخلها فى توفير مياه الشرب النقية ، ويجدر ذكره ووفق ما أوردته دراسات البنك الدولي أذ يجب أن لا يزيد الإنفاق فى هذا الشأن عن 4% من دخل الأسرة الريفية إنعدام أو نقص المياه لا يُمكن المرزاعين من إكمال حصاد مزارعهم مما يجبرهم أحياناً على إسناد عمليات الحصاد الى عمال آخرين بتكلفة باهظة تصل أحياناً الى نصف المحصول المحصود. إنعدام الماء أيضاً لا يمكن المزارعين من نظافة مزارعهم والإستعداد للموسم الزراعى مبكراً . كثيراً ما تبدا نظافة المزارع بعد نزول الأمطار الأولى التى توفر مياه (شرب ) راكدة فى المنخفضات الطينية (الرهود). أما بالنسبة للرحل فأن الأسرة تنفق حوالي 900 جنيه لسقى 30 رأساً من الأبقار فى فصل الصيف أو حوالي 450 جنيه أن عملت بنظام السقي يوماُ بعد يوم أو ما يعرف بنظام الغب أو (الضما).
- الآثار البيئية مثل تمركز الثروة الحيوانية حول مرافق مياه محدودة وفوق سعتها الحمولية مما أدى الى تدهور البيئة وإنهاك التربة وإزالة الغطاء النباتى فى الأراضي حول بعض مصادر المياه .
- الإحتكاكات والنزاعات القبلية والفردية: التنافس بين المزارعين والرعاة بسبب التنافس حول المياه والمراعي المحيطة . وقد أبانت تقارير الصلح والنزاعات القبلية أن حوالي 70%منها على أقل تقدير كان مرده الى الماء والمرعى . تعود الذاكرة الى الأحداث التى حصدت فيها السلطات بأفريقيا الوسطى فى عام 2003 زهاء 300 فرداً من الرحل الذين دخلوها من جنوب دارفور طلباً للماء والمرعى . ويلاحظ أن هنالك علاقة بين السنوات التى تقل فيها الأمطار عن المعدل وبين نشوب الإحتراب القلبي خاصة بين الرعاة والمزارعين كما يوضح الشكل رقم ( )
- تدنى الإنتاجية الزراعية دون التقليل من العوامل الخرى تدنى مناسيب الأمطار الى أقل من المتوسط فى العام وتذبذبها الزماني والمكاني ، الى تدنى فى إنتاجية الزراعة المطرية فى كثير من المواقع.

إستراتيجية إستغلال وتنمية موارد المياه

6.1 مبادئ أساسية

   فى ظل المعطيات السابقة الحالة الراهنة للمياه فى دارفور يجب أن تهدف وتسهم مواردالمياه فى تحقيق التنمية الإقتصادية والإجتماعية المؤدية للسلام المستدام وصون البيئة وذلك من خلال الإستغلال الأمثل لموارد المياه وإدارتها بفاعلية . وعليه لابد أن ترتكز إستراتيجية إستغلال وتنمية موارد المياه الى السياسات والمبادئ الأساسية التالية :
- التكامل بين موردي المياه السحطية والجوفية والإستغلال الأمثل لهما ، وتكاملهما مع الموارد الطبيعية الأخرى من أجل خلق التوازن البيئي وتحقيق التنمية الإجتماعية والإقتصادية
- الماء سلعة إقتصادية ولكن لابد أن تستمد قيمتها من خلال الإستفادة منها وإستغلالها فى مشاريع التنمية الإجاماعية والإقتصادية .
- الماء معرض للتلوث والنضوب زماناً ومكاناً وبالتالى لابد من المحافظة عليه ومراعاة حقوق اجيال المستقبل.
- جميع المواطنين بولايات دارفور الكبرى لهم حقوق متساوية فى الإستفادة من موارد ومصادر المياه المتاحة ( some for all and for some) وشركاء فيها مع وضع وتطبيق اللوائح والقوانين التى تنظم ذلك .
- استغلال موارد المياه لابد أن يبنى على دراسات فنية وقاعدة معلوماتية راسخة عن كميات و توزيع المياه بولايات دارفور .

6.2 دور موارد المياه فى التنمية وتعزيز السلام بدارفور

  المياه هى المتطلب الأساسي لكل مشاريع التنمية بشتى أنواعها . ويؤثر توفر المياه او عدمه إيجاباً أو سلباً على حياة المواطنين الإجتماعية والإقتصادية والأمنية والسياسية بدرافور .
  من واقع المعلومات الواردة سالفاً يمكن حصر المياه المتاحة (الميزان المائي) التى يمكن الستفادة منها سنوياً كما يلى :
- مياه الأمطار : فى المناطق الجنوبية والجنوبية الغريبة من دارفور ( حزام السافنا ومنطقة جبل مرة ) حيث متوسط الأمطار السنوى 300 مم وأكثر قد يصل حجم هذا الهاطل حوالي 135 مليار متر مكعب فى السنة ( خلال الفترة من شهر يوليو ،نوفمبر ) .
- الجريان السطحى : توفر الأودية والخيران الموسمية حوالى 5 مليار متر مكعب فى السنة .

المياه الجوفية :
المياه الجوفية المتجددة حوالى 2 مليار متر مكعب فى السنة .
السحب من المخزون الدائم يمكن تقديره بحالوي 33 مليار متر م^3 / سنة
المورد الكمية مليار م^(3 ) / السنة
مياه الأمطار 135
مياه الأودية 5
المياه الجوفية المتجددة 2
كمية المياه المتجددة بدارفور 142

  أى جملة المياه المتاحة سنوياً ( أمطار + جريان سطحى + مياه جوفية ) يساوى 142 مليار متر مكعب فى السنة . علما بأن المستغل حالياً من هذه المياه لا يتعدى 33 مليار متر مكعب/ السنة من شأن كميات المياه المتاحة الهائلة أن تسهم ويكون لها أثر ودور فعال ومباشر فى تنمية دارفور و تفضى الى السلام المنشود .
   ويمكن على سبيل المثال لا الحصر – أن يستفاد من موارد المياه المتاحة بولايات دارفور فى تحقيق الأتى :
- التنمية الإجتماعية
- الأمن الغذائى والتنمية الإقتصادية
ا- لأمن والسلام
- التوازن البيئي

6.2.1 التنمية الاجتماعية
    توفير مياه الشرب للإنسان له دور أساسى فى تحقيق العدالة والتنمية الإجتماعية . وذلك بتوفير مياه الشرب النقية التى تفى بإحتتياجات الإنسان والمتجمعات السكانية فى الريف والحضر وفى معسكرات النازحين وأماكن العودة الطوعية. حالياً نصيب الفرد من مياه الشرب النقية حوالى 5 لتر فى اليوم – وبالتالى لابد من إستغلال الموادر المائية والإستفادة منها فى توفير حوالى 20 لتر فى اليوم للفرد فى الريف وحوالى 40 لتر للفرد فى الحضر وذلك خلال العشرة سنوات المقبلة بدأ من عام 2011 .
  فى الريف يجب التركيز على توفير المياه فى مناطق الإنتاج الزراعي وأن تمتد خدمات توفير المياه الى المناطق النائية والفقيرة والتى لا تحظى بخدمات تعليمية وصحية بسبب إنعدام الماء يتتطلب ذلك حفر الآبار الجوفية (الدوانكى) وآبار المضخات اليدوية فى مناطق تواجد المياه الجوفية ، أما المناطق الأخرى التى تنعدم فيها المياه الجوفية يمكن توفير مياه الشرب بواسطة السدود والحفائر المزودة بسوائل التنقية ( المرشحات ). أما فى المناطق الشرقية والشمالية الشرقية من مدينة الفاشر (منطقة شمبات على سبيل المثال ) حيث تنعدم المياه الجوفية والجريان السطحي لشح الأمطار فلا مناص من مد جلب الماء عبر أنبوب من أقرب مصدر دائم (ساق النعام مثلاً) ليمر بأكبر عدد من القرى فى منطقة شمبات ولتوفير مياه الشرب.
كما يجب أن تحظى مناطق العودة الطوعية للنازحين بعناية خاصة وتوفر فيها مياه الشرب النقية وفق حاجة وأولويات العائدين . أما فى مجال توفير مياه الحضر ، فلابد من الإستفادة من مياه حوض ساق النعام الجوفي لإمداد مدينة الفاشر بالمياه الوفيرة النقية بصفة مستدامة حتى تكتمل الفائدة من شبكة مياه الفاشر التى جارى تنفيذها الآن . وبالمثل لابد من تنفيذ مشروع مياه نيالا من حوض البقارة الجوفى حتى تنعم المدينة بمياه نقية ووفيرة وبصفة مستدامة ، ويمكن أيضاً ان يستفاد من المياه بوادى كجا أو حوض ديسا الجوفى فى توفير مياه الشرب بمدينة الجنينة ، ويجب القول أيضاً أن جل مدن ولايات دارفور (خاصة رئاسات المحليات ) تعانى من نقص مريع فى مياه الشرب رغم وقوع تلك المدن بالقرب من موارد مائية وفيرة، ومثال لذلك مدن كتم كبكابية ورهيد البردى وزالنجي وعد الفرسان ومهاجرية وكاس ومليط وأم كدادة والضعين وبرام . توفير مياه الشرب النقية فى هذه المدن يمكن أن يؤسس للخدمات الإجتماعية مثل الصحة والتعليم وغيرهما .

تحقيق الأمن الغذائى والتنمية الإقتصادية :

  يمكن ان يستفاد من موارد المياه فى تحقيق الأمن الغذائى بولايات دارفور عبر الأتى:
- الإستفادة من مياه الأمطار فى مناطق السافنا وجبل مرة ( أكثر من 300 مم / سنة ) فى تأسيس وتنفيذ مشاريع الزراعة الآلية.
- تعتبر منطقة أم عجاجة بمحلية الضعين وأبو فامة فى محلية برام والسهول الطينية بمنطقة جبل مرة أراضى واعدة لتأسيس مشاريع الزراعة الآلية وإنتاج المحاصيل التى تفوق حاجة ولايات دارفور وبالتالى يمكن تصديرها الى خارج الأقليم .
- الإستفادة من مياه الجريان السطحى (الأودية ) فى زيادة الإنتاجية والتغلب على مشاكل نقص الأمطار خاصة فى المناطق شبه الصحراوية والسافنا الفقيرة . وهنا لابد من التركيز على تقنيات حصاد ونثر المياه مثل السدود والردميات الترابية والقنوات التحويلية لرى الأراضى الطينية وتشيع المواطنين على ذلك وعلى التحول من زراعة أراضي القوز المطرية الى زراعة الأراضى الطينية بواسطة تقنيات حصاد المياه .
  هنالك تجارب فى هذا الصدد ، وإن كانت محدودة ، إلا أن نتائجها إجابية وتشجع على تطبيق أساليب حصاد المياه . ومثال لذلك تجربة وادى أبو حمرة بشمال دارفور والتروس الترابية بمحلية شعيرية، أذ بلغت إنتاجية الفدان فى هذه الأراضى أكثر من عشرة جوالات مقابل جوال واحد أو لا شيئ فى أراضى القوز التى تعتمد على الأمطار .
   كما يمكن إستغلال مياه الجريان السطحى التى تغمر أراضى واسعة من بوطة ( منخفض) الراية وبحيرة كندي بحملية برام ولاية شمال دارفور فى إنتاج الأرز وقصب السكر أذ تركد المياه السطحية فى شكل مستنقعات فى هذه المناطق لفترات طويلة قبل نضوبها بسبب التبخر أو إنحدارها ببطئ نحو بحر العرب . والجدير بالذكر أن الدراسات التى قامت بها شركة هنتنج (هنتنج 1983) . أثبتت جدوى مثل هذه المشاريع . حالياً ينتج المواطنون بصفات فردية كميات مقدرة من قصب السكر والأرز فى منطقة دفاق بمحلية برام.
  هنالك مناطق واعدة من حيث نوعية التربة و توفير المياه الجوفية الضحلة أذ يمكن الإستفادة من موردى المياه الجوفية والسطحية فى تأسيس مشاريع رائدة من شأنها أن تحقق المن الغذاتئى والتوازن البيئى والحد من هجرات السكان وذلك مثل حوض الصحراء الجوفى او منطقة وادى هور بشمال دارفور . المياه الجوفية هنا ( فى حوض الصحراء ) ضحلة لا يتعدى منسوبها 20 متراً و ذات عذوبة عالية ، كما تتمتع المنطقة ( خاصة منطقة وادى هور ) بمناخ بارد شتاءاً وبه تربة جيدة علاوة على سرعة الرياح . كل ذلك يساعد على إستغلال المياه الجوفية وقيام المشاريع الرائدة و تمكن من تطبيق تقنيات الطاقة البديلة ( الطواحين الهوائية والشمسية) فى إستخراج المياه الجوفية بتكلفة معقولة كما يساعد جو المنطقة الصحراوى ( الذي يماثل مناخ الولاية الشمالية) فى إنتاج محاصيل عديدة خاصة القمح و التمور . ويجب ان ينظر الى هذه المنطقة وفق منظور إستراتيجى خاص وذلك لقربها من ليبيا وتشاد وأنها ذات أمطار شحيحة ولكن فى المقابل حباها الله بمخزون جوفى وفير وعذب . وتعتبر هذه المنطقة ذات كثافة سكانية قليلة جداً أذ هاجر قاطنوها الى شتى بقاع ولايات دارفور وخارجها وذلك بسبب الجفاف الملازم للمنطقة . لا شك أن موارد المياه الجوفية بهذه المنطقة يمكن أن تلعب دوراً أساسياً وهاماً فى تنمية المنطقة وحماية بيئتها والحد من هجرات المواطنين وفوق كل ذلك يمكن أن تكون حزاماً أمنياً فى المناطق الشمالية الغربية من السودان.
  أما فى مناطق ساق النعام ( وادى الكوع) وأم بياضة والحميرة بشمال دارفور يمكن الإستفادة من موردى المياه السطحية والجوفية و تكاملهما فى إنتاج محاصيل متعددة وقيام مشاريع تستوعب أكثر من ألف وخمسمائة أسرة بواقع ستة فدان لكل أسرة .
  ويجدر ذكره أن هنالك حوالى 30 بئراً جوفية ذات أنتاجية عالية بساق النعام وحوالى 6 آبار مماثلة بمنطقة أم بياضة الحميرة .
   تعتبر ساق النعام منطقة واعدة بما تتمتع به من تربة بركانية ( درجة أولى ) وسهل ممتد تنساب عبره مياه وادى الكوع وبالتالى يمكن التكامل بين المياه الجوفية والسطحية فى إنتاج محاصيل زراعية متعددة وذات إنتاجية عالية جدا حسب ما أثبتت تجارب الأبحاث الزراعية وصيانة التربة بوزارة الزراعية .
أما المياه الجوفية فى الرسوبيات الحديثة الضحلة ( رسوبيات الوديان )بما أنها مياه متجددة يمكن أن يستفاد منها فى الإنتاج البستانى فى كل ن وادى نيالا وبلبل وكتم و أزوم وكجا وأودية جبل مرة وغيرها . ويجدر ذكره أنه هنالك حوالى أكثر من أربعين بئراً جوفية ذات أنتاجية عالية فى منطقتى دانكوج وأم خير بجبل مرة لا يستفاد منها حالياً فى شيئ هذه الآبار يمكن أن يستفاد منها بعد تأهيلها فى الانتاج البستانى أو أكثار البذور المحسنة كما كان مخطط لها من قبل عشرين عاماً. أما مياه وادى أزوم ووادى كجا خاصة السطحية فيمكن الإستفادة منها لرى أكثر من 500 ألف فدان من الأراضى الصالحة للزراعة ، بدلاً من أنسياب هذه المياه الى داخل تشاد.

6.2.3 الماء والسلام

  مصادر المياه كثيراً ما تكون بؤراً للنزاع والصراع القبلي خاصة بين الرعاة والمزارعين وعليه يمكن إستغلال موارد المياه لتحقيق السلام وحفظ الأمن ويمكن تحقيق ذلك وفق بالأتى:
  إنشاء مرافق للمياه ( دوانكى / حفائر) فى مواقع متباعدة على طول مسارات الرحل المعروفة وذلك بعد دراستها وتحديدها . ويراعى فى ذلك السعة الحمولية للمراحيل ( المسارات) ونوعية وإعداد الثروة الحيوانية وتكامل الموارد الطبيعية الأخرى . فمثلاً فى ولاية غرب دارفور لابد من توفير المياه عبر السدود والحفائر ( والدوانكى) فى المناطق الشمالية للولاية حتى يمكن الرحل بمواشيهم الاقامة أطول فترة ممكنة تمكن المزارعين فى جنوب الولاية من حصاد مزارعهم وبالتالى يمكن تفادى تعدى الرعاة على المزارع قبل حصادها . أما فى ولاية جنوب دارفور فيمكن توسيع ونظافة الرهود والمنخفضات لزيادة سعتها التخزينية خاصة فى محليات عد الفرسان ورهيد البردى وبرام وبحر العرب والضعين. أما فى محلية الضعين فهنالك عدد مقدر (حوالى 50 حفيراً) من الحفائر المندثرة التى يمكن تأهيلها علاوة على بعض البرك والمنخفضات لتوفير مياه الشرب للثروة الحيوانية والحد من حركتها مع أصحابها جنوباً نحو بحر العرب . مثل هذا العمل من شأنه أن يساعد على الإستقرار التدريجى للرحل والحد من ترحالهم جنوباًُ الأمر الذى يمكن من تقديم الخدمات الإجتماعية لقطاع الرحل ومن جمع الجبايات وضرائب القطعان وتفادى الإحتكاكات مع القبائل فى دولة جنوب السودان الوليدة . أصبح هذا الأمر حتمي ، خاصة بعد قيام دولة جنوب السودان وما قد يترتب على ذلك من من مآلات على الرحل .
  سد أم دافوق بمحلية رهيد البردى يسع حوالى عشرة مليون متر مكعب قصد من تشييده إستقرار الرحل والحد من توغلهم داخل أفريقيا الوسطى . وما كان لأحداث عام 2002 التى راح ضحيتها حوالي 300 شخص سودانى وعدد لا يستهان به من الثروة الحيوانية تحدث لو لا توغل الرعاة السودانين بماشيتهم داخل أراضى أفريقيا الوسطى سعياً وراء الماء والمرعي.
تواجد المياه الجوفية الضحلة فى حوضى الصحراء الجوفى فى شمال دارفور علاوة على الأراضى (الصحراوية ) والبيئة المناخية الملائمة لتربية الأبل والضان تساعد كثيراً فى إنشاء المزارع والمشاريع الرعوية خاصة بالنسبة لرعاة الأبل والضأن . من شأن هذه المزارع الرعوية أن تنتج الاعلاف وتوفر مياه الشرب بصفة مستدامة الأمر الذى سوف يسهم ويساعد كثيراً فى إستقرار الرحل ( الأبالة) ويمكن من تقديم الخدمات الاجتماعية (مثل الصحة والتعليم ) والبيطرية لهم وبالتالى يحد من ظاهرة الرعى المتنقل الذى يفضى الى الأحتراب بين الرعاة ( الأبالة) والمزارعين خاصة فى مناطق جبل مرة وغرب وجنوب دارفور .
  نتيجة للتغيرات البيئية المتمثلة فى إزالة الغطاء النباتى وهبوط مناسيب المياه الجوفية فى بعض الأحواض الجوفية وفى بعض المعسكرات يمكن أن يستفاد من المياه السطحية ، عبر إنفاذ مشاريع حصاد المياه ( الحفائر/ السدود / ردميات ترابية …) لتغذية المياه الجوفية فى الحواض الرسوبية الضحلة وفى احواض الصخور الأساسية .

معوقات استغلال موارد المياه

  هنالك معوقات عدة تحول دون الإستغلال الأمثل لموارد المياه لتحقيق الغايات المنشودة وفق المدى الزمنى والمكانى المرادين .تتمثل هذه المعوقات فى الأتي:
- ضعف القاعدة المعلوماتية التفصيلية التى تمكن من الاستفادة من موارد المياه وتصميم المشاريع المتعلقة بذلك ، خاصة كميات المياه السطحية وتوزيع الأمطار بولايت دارفور.
- تواجد معظم الأحواض الجوفية فى أماكن وعرة ونائية ويصعب الوصول إليها فى الوقت الحالي.
- عدم وجود الخطط والإستراتيجيات والبرامج المدروسة والسياسات الواضحة التى تمكن من قيام مشاريع التنمية والإدارة المتكاملة للمياه وربطها مع الموادر الطبيعية الأخرى.
- ضعف الكادر الفنى والمعينات اللوجستية فى ولايات دارفور.
- ضعف التعاون والتنسيق بين المؤسسات ذات الصلة كالزراعة والمياه الثروة الحيوانية والصحة .

خلاصة

  تنعم ولايات دارفور بموارد مائية هائلة و لكن المستغل منها حالياً لا يتعدى واحد فى المائة من الموارد المائية المتجددة سنوياً. يمكن لهذه الثروة المائية أن أحسن إستغلالها ، أن تكون مفتاح التنمية الإجتماعية والإقتصادية وأن تحقق الأمن الغذائى والسلام .
  لابد أن تؤسس مشاريع تنمية موارد المياه على دراسات تفصيلية تتكامل فيها جميع الموارد الطبيعية وفق الأطر الإقتصادية والإجتماعية لكل حالة وأن تصاحب ذلك رؤية مستقبلية عن كيفية إستدامة مشاريع وخدمات المياه و إدارتها بصورة متكاملة وأكثر شمولاً.
  لا شك أن المياه وحدها ،وأن كانت عنصراً مهماً، لا تؤدى الى تحقيق التنمية والسلام المنشود ، إذ لابد أن تكامل الجهود والعناصر الأخرى وأن تتوفر الأدارة الساسية والرؤى التخطيطية السليمة وتوفير التمويل المناسب ووضع اللوائح والتشريعات التى تنظم وتحكم إستغلال موارد المياه .
  للمواطنين بمختلف قطاعاتهم دور أساسى فى ترقية وتنمية موارد المياه والمحافظة عليها ، وعليه لابد من رفع وعي المواطنين فى هذا المجال وأن تضع ولايات دارفور السياسات واللوائح المشجعة للإستثمار فى مجال مشاريع المياه .
  على ولايات دافور ان تقوى بينياتها التحتية ومعيناتها من كوارد فنية وآليات ومعدات حتى تتسنى إستغلال موارد المياه المتاحة وتحقيق التنمية المنشودة.
  مقتضيات إستغلال موادر المياه لتحقيق التنمية المنشودة بولايات دارفور يجب ان لا تقود الى أنشاء مرافق المياه أينما أتفق وهنا لابد من أخذ العبر والإستفادة من تجارب توفير مياه الشرب السابقة خاصة تجربة مشروع محاربة العطش الذى أدى فى أمكان عدة الى خلق بؤر تصحر متتداخلة بسبب إزدحام البشر والأنعام حول مرافق المياه .     لابد من الأخذ فى الإعتبار الطاقة والسعة الاستعابية للأرض ، وأن عدم مراعاة ذلك سوف يؤدى الى إستنزاف الأرض والتنافس على مواردها وحتمية الأحتراب لدرء مثل هذه الآثار السالبة والحد من وطئتها لابد أن تكون مشاريع المياه مسبوقة بدراسات جدوى فنية وإقتصادية وإجتماعية وتقييم بيئى لإستخدامات الأراضى ، ولابد من الأسترشاد بمعايير صيانة التربة وبرمجة المياه التى تراعى الأعتبارات المناخية وطبيعة الأرض . وإتباعاً لذلك يجب أن لا يقل التباعد بين مرافق المياه خاصةً الدوانكى والسدود عن 10 كليومترات فى حزام السافنا وأن لا تقل عن 12-15 كليو متر فى المناطق الصحراوية وشبهها .
    الإدارة المتكاملة للمياه والموارد الطبيعية بدارفور تستوجب تأسيس وقيام مجلس لإدارة الموارد الطبيعية، تمثل فيه كل الإدارات والمؤسسات وقطاعات المجتمع المدنى ذات الصلة بإستغلال المياه والموارد الطبيعية الأخرى ، يكون لهذا المجلس السيادة والحاكمية على إستخدامات وتنمية إدارة وحماية المياه والموارد الطبيعية على نطاق دارفور الكبرى لضمان الإستغلال الأمثل لهذه الموادر وبصفة مستدامة .
والله ولي التوفيق ،،،،

Hamidomer122@gmail.com
United Nation Environment programme(UNEP)
Khartoum

هناك تعليق واحد:

  1. الدراسة جميلة وبها معلومات مفيدة تستحق الاشادة بالباحثين وقد طابقت معلومات الارصاد الجوي بحكم مهنتي فهي صحيحة وبالله التوفيق

    ردحذف