الصفحات

الثلاثاء، 6 فبراير 2018

التخطيط الحضري بالمغرب ...


التخطيط الحضري بالمغرب

تقديم

I- مفهوم التخطيط الحضري
1- تعريف التخطيط
2- تعريف التخطيط الحضري
3- أهداف التخطيط الحضري
II- السياق العام لظهور التخطيط الحضري بالمغرب
1- الدوافع الاقتصادية
2- الدوافع الاجتماعية
3- الدوافع المرتبطة بالتنمية الحضرية
III- التخطيط الحضري بالمغرب ما بعد السبعينات
1- فترة السبعينات (1970-1982)
1-1- قانون التعمير لسنة 1992
1-2- الميثاق الجماعي لسنة 1976:
2- فترة الثمانينات
3- فترة التسعينات (1990-2002)
4- الفترة الحالية (منذ 2002)
IV- آليات التخطيط الحضري ( وثائق التعمير )
1- التعمير التقديري
أ‌- المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية (SDAU)
2- التعمير التنظيمي
أ-تصميم التهيئة (PA).
ب‌- تصميم التنطيق (PLAN DE ZONING)
ج- تصميم التنمية (PD)
خلاصة

تقديم

   إن الرهانات المرتبطة اليوم بالمجال الحضري شائكة و متعددة، فمستقبل المغرب رهين بمدى قدرة مدنه على الإدماج الفعلي لكل شرائحه الاجتماعية، و ذلك انطلاقا من تلبية الحاجيات على مستوى السكن، البنيات التحتية، التعليم و التكوين، أما على مستوى التنمية الاقتصادية، فالمجال الحضري أصبح وسطا للمنافسة الاقتصادية العالمية و إذ أن استقطاب الاستثمارات بكل أنواعها رهين بمدى تأهيل المغرب لمدنه و التحكم المعقلن في توسعها.

   و رغم أهمية المدينة في ضمان التوازنات الاجتماعية و الاقتصادية، فإن التحضر السريع و غير المحكم ثم التضخم السكاني، الذي عرفه المغرب منذ النصف الأخير من القرن العشرين قد جر معه العديد من المشاكل، و جعل مدنه تعاني من مظاهر اختلال على جميع المستويات إضافة إلى أنها أصبحت تجسد واقع التخلف في مختلف تمظهراته الثقافية و السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية.

   و من أجل التغلب على هذه الاختلالات كان لابد للمسؤولين على المدينة و المجال الحضري بصفة عامة الاهتمام بالتنمية العمرانية و التي تهتم بتنظيم المدينة أو بشكل أوسع بالتنظيم العقلاني لاستعمال المجال داخل المناطق الحضرية، و هذه التنمية لا تتحقق إلا بتخطيط حضري فعال. و من هذا المنطلق سنحاول الوقوف على أهم مراحل التخطيط الحضري التي قامت بها الدولة المغربية من السبعينات إلى الوقت الراهن. فما هو مفهوم التخطيط؟ و ما هو السياق العام لظهور التخطيط الحضري بالمغرب؟ و ما الآليات المعتمدة من اجل التخطيط الحضري بالمغرب؟

I- مفهوم التخطيط الحضري

1- تعريف التخطيط

   هو وضع خطة تنموية، لتحقيق أهداف المجتمع في ميدان وظيفي معين، ومنطقة جغرافية ما في مدى زمني محدد.
يعرف جورج تيري التخطيط ” بأنه: اسلوب للتفكير في المستقبل و ظروفه حتى يمكن ضبط التصرفات الحالية بما يكفل تحقيق الاهداف المقررة”

  و حسب هايمان: تحديد مسبق لما سيتم عمله، إنه تحديد لخط سير العمل الذي يضم مجموعة منسجمة و متناسقة من العمليات بغرض تحقيق أهداف معينة.

  و يرى نيومان و أسمر أن عملية التخطيط تغطي مجالا واسعا من الأنشطة تبدأ بوجوب عمل شيء ما، و نتتهي بتحديد ما يجب عمله و الزمن الذي يؤدى فيه هذا العمل، و المسؤول عنه.

و من أنواع التخطيط:

التخطيط الشامل: ويشمل دراسة كل القطاعات المختلفة من إسكان وخدمات ومناطق خضراء واستعمالات تجارية وصناعية وترفيهية وسياحية ….الخ.

التخطيط القطاعي: ويهتم بتخطيط وتنمية قطاعات معينة التي سبق ذكرها.

2- تعريف التخطيط الحضري

   تعريف pierre merlin et françoise choay “التخطيط الحضري هو مجموع الدراسات و الخطوات و كذا المساطر القانونية و المالية التي تسمح للمؤسسات العمومية للتدخل بهدف تطبيق الاختيارات المتبناة فهو يعني تدخل الإدارة بأدوات منهجية ووثائق مرجعية لتنظيم المجال”.
المصدر: dictionnaire de l’urbanisme et de l’aménagement pierre merlin et Françoise choay p:502 .

   تعريف حيدر صلاح يعقوب و هشام عبود الموسوي :” التخطيط الحضري هو دراسة و فهم واقع المدينة و محاولة تطويره و تحسينه إلى الأفضل لأن المدينة ليست كيانا ماديا يتكون من مباني و مرافق و طرق فقط بل هي إلى جانب ذلك كيان اجتماعي و ثقافي يشمل مؤسسات اجتماعية و ثقافية“.

المصدر :حيدر صلاح يعقوب و هشام عبود الموسوي ”التخطيط و التصميم الحضري“ الطبعة الأولى .2006

   التخطيط الحضري هو من الهندسات المهمة جدا للدراسات المستقبلية و التخطيط المستقبلي للمدن والأحياء السكنية و المستشفيات و الأماكن العامة وكل ما يلزم أي مدينة سكنية من بنية تحتية, طرق, صرف صحي, كهرباء, ماء, هاتف : تخطيط المدينة المستقبلية و كيف ستكون. 

التخطيط الحضري: هو استيفاء احتياجات المجتمع في مكان ما و زمن ما. هو المفهوم الشامل لتنسيق المدينة من النواحي الوظيفية و البصرية والاقتصادية و الاجتماعية. و يتم التخطيط في إطار خطة زمنية معينة مع مراعاة الإمكانيات و المحددات الموجودة في المجتمع.http://ar.wikipedia.org

استنتاج

  من خلال التعاريف السالفة الذكر يتبين أن التخطيط هو استراتيجية من الاستراتيجيات التي يتبناها أصحاب القرار لتوجيه البنيات الحضرية و ضبط توسعها و تحسين شروط العيش بها قصد توزيع أفضل للأنشطة و الخدمات و تحقيق أقصى الفوائد للساكنة.

3- أهداف التخطيط الحضري

  يمكن تلخيص أهداف التخطيط الحضري في:

أولا: تنظيم المجال: يسعى التخطيط الحضري إلى تنظيم مجالات المدينة لجعلها تتماشى مع حاجيات و رغبات السكان، عن طريق تهيئة المجال لمختلف الاستعمالات السكنية و الصناعية و المناطق الخضراء و المرافق العمومية الضرورية بالمدينة.

  و يمكن أن نلخص أهداف التخطيط الحضري في وظائف عديدة:

• إعادة التوازن في توزيع التجهيزات و الأنشطة داخل المدينة الواحدة.

• الحرص على عدم تفاقم مشكل التدبير الحضري.

• ضبط الأحياء التي تنعدم فيها ضروريات الحياة السليمة، و إعادة هيكلتها.

• منع الاستعمال العشوائي للأراضي.

• الحد من سلبيات الاستهلاك المفرط للمجالات الفلاحية بفعل التوسع العمراني.

ثانيا: خدمة السياسة السكانية: يشكل التخطيط الحضري حجر الزاوية لأي سياسة تنموية بحيث أن هدفه يتركز في تحقيق الرفاهية للإنسان، ليس فقط عن طريق تشييد المباني و تخطيط الأحياء و الخدمات، بل يجب أن يهدف إلى إقامة البيئات السكنية الملائمة صحيا، اجتماعيا و اقتصاديا، و من أجل ذلك وضعت الدولة مجموعة من الوثائق لتقوم بهذا الدور، تعرف بوثائق التعمير.

II- السياق العام لظهور التخطيط الحضري بالمغرب

1- الدوافع الاقتصادية

  يشكل الاقتصاد المحرك الأساسي للتنمية الحضرية، من خلال قدرته على التنشيط (Son pouvoir d’entrainement) و توفير فرص الشغل و بالتالي جلب ساكنة قروية مهمة جدا إلى المدينة. و هذه الهجرة لليد العاملة خلقت مجموعة من الحاجيات و طرحت عدة اختلالات في سيرورة التمدين صعب التحكم فيها.

  كما ساهمت بنية الاقتصاد في ظهور هذه الاختلالات الحضرية، إذ أن توافد ساكنة قروية بأعداد كبيرة إلى المدينة قصد العمل و تحقيق منافع أخرى ساهم في ظهور أحياء سرية و عشوائية.

  و يمكن تحديد تأثير البنية السوسيواقتصادية على التنمية الحضرية من خلال ثلاثة عناصر:

• خصائص الاقتصاد الوطني: عدم مسايرة نمو الاقتصاد الوطني للنمو السكاني، حيث أن الاقتصاد الوطني لم يستطع تلبية حاجيات المجتمع، لأنه تميز بازدواجية تمثلت في اقتصاد عصري و آخر تقليدي، إذ كان هذا الأخير هو المهيمن (90% من المغاربة كانوا يعيشون على الاقتصاد التقليدي سنة 1971). الأمر الذي ساهم في ضعف الناتج الداخلي الخام PIB.

• مشاكل السوق الداخلي: لم يستطع السوق الداخلي جلب استثمارات في القطاعات الحيوية مما أدى إلى قلة فرص الشغل بالمدن، فظهر مشكل البطالة الحضرية و بالتالي بروز اختلالات اجتماعية في المدن.

• بنية الاقتصاد الوطني: يشير الإحصاء العام للسكان و السكنى لـ 1982 إلى أن 40.3 % من الساكنة العامة كانت تشتغل بالقطاع الأول 23.2 % تعمل في القطاع الثاني. إذن فبنية أثرت في التنمية الحضرية.

2- الدوافع الاجتماعية

  قدرت نسبة الساكنة الحضرية بالمغرب سنة 1971 بـ 35 % بينما بلغت سنة 1982 نسبة 42.7 % بنمو 4.4 %. و يرجع هذا التزايد للساكنة الحضرية إلى الهجرة القروية الكبيرة نحو المدن ( 100 ألف شخص ينزح إلى المدينة كل سنة) و مع استمرار هذا التدفق و قلة فرص الشغل أدى إلى تفشي البطالة في الوسط الحضري ( ضمن 750 ألف عاطل هناك 440 ألف حضريون) أضف إلى ذلك انتشار أحياء الصفيح و السكن العشوائي، مما طرح ضرورة تنظيم و تخطيط هذا الوسط الحضري للتغلب على كل هذه المشاكل و تحقيق التنمية الحضرية.

3- الدوافع المرتبطة بالتنمية الحضرية

  خلال السبعينات كان تطور الساكنة الحضرية يتفاوت من مدينة لأخرى بحيث نجد أنه خلال 1982 أغلب هذه الساكنة تركزت في وسط و شمال غرب البلاد خاصة المحور الساحلي الدار البيضاء القنيطرة، و أن 8 مدن تجاوزت فيها الساكنة 200 ألف نسمة ( الدار البيضاء، الرباط، فاس…). أدى هذا التوزيع السكاني المتفاوت إلى تزايد الحاجيات داخل التجمعات الكبرى، مما خلق ضغطا كبيرا عليها و بالتالي اضطراب تنميتها الحضرية خاصة في مسألة السكن و التوسع الحضري.

III- التخطيط الحضري بالمغرب ما بعد السبعينات

1- فترة السبعينات (1970-1982)

   بعدما تميزت فترة ما بعد الاستقلال حتى بداية السبعينات باستمرارية التبعية لسياسات التخطيط الموضوعة خلال الحماية (PROST et ECOCHARD). و نشير هنا أن الأقسام و المكاتب و المراكز المختصة في التعمير و السكنى ظلت تحت إشراف فريق أجنبي برئاسة P.Mas و ذلك حتى سنة 1966. و على العموم تميزت هذه الفترة بإخفاق سياسة السكن و التعمير و هو ما أتى على لسان وزير الداخلية في تقريره سنة 1970 (قسم التعمير كان تابعا لوزارة الداخلية) مما جعل الدولة تعيد النظر في سياسات التخطيط الحضري و حددت مبادئ جديدة ضمنها القانون الإطار لـسنة 1970.

1-1- القانون الإطار لسنة 1970:

  من خلال القانون الإطار أرادت الدولة التوجه في سياسة حضرية جديدة تهدف تخطيط مجموع التراب الوطني باستعمال الأدوات الملائمة في كل المستويات، مثل التصاميم المديرية للمدن و تصاميم الهيكلة الريفية و تصاميم استعمال الأرض للأحياء، إضافة إلى قوانين تتعلق بنزع الملكية من أجل المصلحة العامة و الضريبة على الأراضي العارية و إعانة البناء. لم يناقش القانون الإطار في البرلمان اعتبارا لحالة الاستثناء، لذلك طبق على شكل مراسيم في ما بعد.

  إلى جانب هذا القانون تم خلق مؤسسة جديدة، هي مركز الدراسات و الأبحاث و التكوين (CERF) لدراسة و تحضير مبادئ الإستراتيجية الجديدة. و لتفعيل هذا القانون الإطار تم تقسيم البلاد إلى سبع جهات اقتصادية، و أهم وسائل التدخل تصاميم الهيكلة و التوجيه (SSO) على المستوى الجهوي، و التصاميم المديرية على مستوى المدن، و تصاميم استعمال الأرض على مستوى الأحياء.

  لتنفيذ مشاريع الدولة تم خلق المؤسسة الجهوية للبناء و التجهيز (ERAC) ابتداء من 1974 ليصبح العدد 12 مؤسسة فيما بعد.

  و قد وضع المخطط الخماسي (1973-1977) قطيعة كبرى في ميدان السكنى مع الاستراتيجيات السابقة سواء على مستوى المنهج (الأخذ بالجهوية و اعتماد أقطاب التنمية) أو الاختيارات (توظيف رصيد عقاري عمومي و اعتماد أرصدة مالية ضخمة و وضع نظام تمويل). و ضم هذا المخطط 11 تصميما مديريا، و 50 تصميم تهيئة، و 14 مخططا لتوسيع المجالات الحضرية.

  و تميزت هذه المرحلة بتعميم المخططات المديرية على التجمعات الحضرية الرئيسية، و مراجعة تصاميم التهيئة السابقة. كما قامت وزارة الإسكان بإطلاق برنامج عام للتجزئات السكنية في المدن الكبرى و المتوسطة التي بلغت حوالي 7000 تجزئة 
لكن على مستوى التحقيق فالجهوية لم تطبق و لم تفعل، كما أن الاعتمادات المالية تقلصت في مخطط (1978-1980).

خريطة رقم 1: التقسيم الجهوي الرسمي لسنة 1971

نسبة التمدن   عدد المدن   السكان الحضريون   مجموع السكان     السنة

35,1            145           5,4                  15,379       1971

جدول رقم 1: بعض المعطيات الحضرية حول المغرب سنة 1971

1-2- الميثاق الجماعي لسنة 1976:

   لقد توج ظهير 30 شتنبر 1976 الخاص بالتنظيم الجماعي الممارسة الجماعية بالمغرب بتوسيع صلاحيات و اختصاصات الجماعة، و بالتالي اعتبرها المسؤولة الأولى على ميادين لها ارتباط بالتنمية المحلية، كما انه أورد أحكاما قانونية جديدة تتعلق ببعض المدن الكبرى.

  إن أهم ما جاء به ظهير 30 شتنبر 1976 هو إعطاء الجماعة المزيد من الصلاحيات إذا ما قورن ذلك بما هو منصوص عليه في ظهير 23 يونيو 1960، و يتجلى ذلك في:

- نظام المجموعة الحضرية: لعل هذا النظام هو أبرز ما جاء به الإصلاح الجماعي لسنة 1976. و يتمثل في إحداث إطار قانوني جديد يهم جماعتين آو أكثر فصد تدبير بعض المشاريع ذات الفائدة المشتركة.

أ‌- مفهوم المجموعة الحضرية: لقد نص الفصل 58 من ظهير شتنبر 1976 على أن الشؤون التي تهم جماعتين أو عدة جماعات حضرية، ينسقها و يدبرها في الميادين المنصوص عليها في الفصل 59 شخص معنوي يجري عليه الفانون العام و يتمتع بالاستقلال المالي، و يدعى المجموعة الحضرية.

  يتبين من خلال هذا التعريف ما يلي:

أولا: أن المجموعة الحضرية تعد شخصا من أشخاص القانون العام و تتمتع بالشخصية المعنوية و الاستقلال المالي.

ثانيا: إن المجموعة الحضرية تعد احد الأشكال القانونية لتدبير بعض المرافق الجماعية ذات الفائدة المشتركة.

ثالثا: أن المجموعة الحضرية تتوفر على اختصاصات محدودة، عكس الجماعة التي تتوفر على اختصاص عام في ميدان تنميتها الاقتصادية و الاجتماعية.

ب‌- ميادين تدخل المجموعة الحضرية:

  نص المشرع المغربي في الفصل 59 من ظهير 30 شتبر 1976 على اختصاصات المجموعة الحضرية التي تشمل 13 ميدانا تتجلى بالخصوص في كل من خدمات النقل الحضري و الماء و الكهرباء و الأشغال الجماعية و النظافة و التطهير والساحات الخضراء و المجازر وأسواق الجملة و منشآت التبريد و كل الوكالات و المقاولات و الشركات ذات الفائدة المشتركة بين الجماعات.

ج‌- المجموعة الحضرية إطارا قانونيا لإدارة المدن الكبرى أم إطارا لتدبير المرافق الجماعية؟

  بينت التجربة أن المجموعة الحضرية لا تعد من الزاوية القانونية إطارا لإدارة المدن المغربية الكبرى و السبب في ذلك يعود إلى ما يلي:

- أولا: إن المجموعة الحضرية لا تعد جماعة ترابية كما هو الشأن بالنسبة للجماعات الحضرية و القروية.

– ثانيا: إن عدم إضفاء الصبغة الجماعية على نظام المجموعة الحضرية، يفقدها كل السلطات و الصلاحيات لوضع خطط تنموية خاصة بالمدينة.

– ثالثا: إن تجربة نظام المجموعة الحضرية، قد ظل محدودا بسبب مجموعة من العوائق القانونية و الإدارية إن لم يكن لهذا النظام الآليات اللازمة لتنظم و تأهيل المجال الترابي للمدينة قصد تحقيق التنمية الحضرية.

   و خلاصة القول أن قانون 30 شتنبر لسنة 1976 الخاص بالتنظيم الجماعي، بالرغم من أهميته و طابعه المتطور فإنه لم يورد أحكاما أو مقتضيات قانونية خاصة بإدارة المدن الكبرى المغربية. كما أن نظام المجموعة الحضرية و إن كان يشكل إرهاصا جنينيا لنظام المدينة فإنه قد ظل محدودا.

2- فترة الثمانينات (1980-1992)

  استمر العمل في هذه المرحلة بالسياسة السابقة حتى سنة 1987، حيث رأى مخطط 1988-1992 أنه يجب تجنيد مكثف لكل القوى، و يجب تقوية القطاع الخاص في إطار الاقتصاد اليبرالي لإنجاز 50 % من حضيرة السكن و إقحام الجماعات المحلية لتنجز 30 % و يبقى للدولة أن تنجز 20 % الباقية. و أخذت على عاتقها المطلب الاجتماعي المتمثل في إعادة إسكان سكان الصفيح و السكن غير الصحي. و قد تميزت هذه الفترة بتدخل مكتب pinseau (cabinet pinseau) عن طريق (sdau et pa) كما تمت إعادة إنتاج وثائق تعمير جديدة.

   و نتيجة للاضطرابات الاجتماعية التي عرفتها عدة مدن مغربية ( الدار البيضاء 1981 و في عدد من المدن 1984). اتخذت عدة تدابير أهمها إعلان صاحب الجلالة في 16 مارس 1982 تخصيص الدار البيضاء بوثيقة تعمير توجه مسلسل التعمير بها و تضع حدا لسوء تنظيمها، لذلك أنشئت فيها أول وكالة حضرية سنة 1984 للسهر على تطبيق مقتضيات التصميم المديري.

جدول رقم 2: بعض المعطيات الحضرية حول المغرب سنة 1982

نسبة التمدن   عدد المدن      السكان الحضريون    مجموع السكان   السنوات

   42,7          250               8,73              20,419        1982

3- فترة التسعينات ) 1992-2002)

 قانون التعمير لسنة 1992

  بدأت هذه الفترة بإصدار قانون التعمير لسنة 1992 و الذي تم بموجبه تنفيذ الظهير الشريف رقم 90-12 المتعلق بالتعمير و في إطاره تم انتاج وثائق تعمير جديدة تمثلت في (sdau et pa) و القانون رقم 90-25 المتعلق بالتجزئات العقارية و المجموعات السكنية.

   و أبرز ما ميز هذه الفترة هو التلميح إلى إخفاق صيغة المجموعة الحضرية و عبرها صيغة التقطيعات الترابية نظرا لعدم إشراك فعاليات المجتمع المدني، و طرح احداث نظام جديد لإدارة المدن يأخذ بمبدأ وحدة المدينة. فتم التخلي عن الجهات الاقتصادية السبع و تم إحداث 16 جهة سنة 1997.

جدول رقم 3: بعض المعطيات الحضرية حول المغرب سنة 1994

نسبة التمدن      عدد المدن      السكان الحضريون    مجموع السكان    السنة

   51,4            370               13,407           26,073       1994

مبيان رقم 1: تطور عدد الساكنة الحضرية، بالنسبة لمجموع سكان المغرب

مبيان رقم 2: تطور نسبة التمدن بالمغرب ما بين 1971 و 1994

الخريطة رقم 2: التقسيم الجهوي لسنة 1997

الصورة 1: مدينة الدار البيضاء

4- الفترة الراهنة( ابتداء من 2002)

   تبين في هذه الفترة عدم ارتكاز السياسة المطبقة في التسعينات على مسألة إعداد التراب الوطني و عدم جدواها الاقتصادية و الاجتماعية. لذلك وضعت المجالس الجهوية إستراتيجية شمولية و متناسقة لتنمية الجهة قصد الإقلاع الاقتصادي. كما تميزت هذه المرحلة بـ:

• إصدار النظام القانوني للمدن الكبرى: القانون رقم 78.00 الخاص بالميثاق الجماعي:

  أمام التطورات المتسارعة التي عرفها المجال الحضري و عدم كفاية الحلول القانونية المعتمدة سابقا و حاليا و التي ترجع إلى عدة أسباب من بينها غياب أنظمة قانونية خاصة بالمدن الكبرى و إلى تطبيق نفس المقتضيات القانونية و الإدارية على جميع الوحدات الإدارية الترابية اللامركزية بما فيها المدن الكبرى دون الأخذ بعين الاعتبار خصوصيات هذه المدن و مجالاتها الحضرية. و من هذا المنطلق حاول المشرع المغربي الأخذ في الحسبان هذه المعطيات من خلال الميثاق الجماعي رقم 78.00 المؤرخ ب13 أكتوبر 2002 و ذلك بالتنصيص على نظام المدن الكبرى التي تفوق ساكنتها 500 ألف نسمة.

• تشجيع الاستثمارات في مجال الإسكان و التعمير.

• إعادة صياغة قانوني 90-12 و 90-25 عبر مشاريع نصوص 00-42 ( تأهيل العمران) و قانون 04-04.

• بدء المشاورات لإصدار مدونة تعمير جديدة من أجل : تجميع كل النصوص المنظمة للقطاع المعمول بها في مدونة موحدة ومنسجمة- تدارك اختلالات المنظومة الحالية وملء فراغاتها القانونية – عصرنة الترسانة القانونية المعمول بها .

   على الخصوص أن الساكنة الحضرية في ارتفاع و تزايد متواصل ( انظر المبيان رقم 3 )

مبيان رقم 3: تطور نسبة الساكنة الحضرية و القروية بالمغرب ما بين 1960 و 2004

المصدر: تقرير الخمسينية

الصورة 2: نموذج من المغرب(اكادير)

الصورة 3: مشهد حضري من مدينة تازة

IV- آليات التخطيط الحضري ( وثائق التعمير )

1- التعمير التقديري

أ‌- المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية (SDAU)

   يعتبر المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية وثيقة للتخطيط الحضري تطبق على رقعة أرضية تستوجب تنميتها ، كما أنها تعتبر وثيقة تعميرية تساعد على تنسيق أشغال وأعمال مختلف الفاعلين والمتدخلين بالمجال من دولة ومنتخبين ومستثمرين.

2- التعمير التنظيمي

خلاصة

   عموما فالتخطيط يهدف إلى تنظيم المجال إلا أن هدا الأخير تعيقه مجموعة من المشاكل :

- النمو السكاني المتسارع.

- المستوى الاقتصادي السائد بالبلاد.

- عدم إعطاء أهمية كبيرة للتخطيط .

- البطء الشديد في تنفيذ المخططات المرسومة للمدينة .

- ضعف وندرة المعلومات والبنيات للمنطقة المراد تخطيطها .

- التلاعب في رسم المخططات من قبل بعض المهندسين .

  وقد عرفت جميع سياسات التخطيط بالمغرب مجموعة من التعثرات حالت دون تطبيق مضامينها بشكل فعلي، و بالتالي الإخفاق في تحقيق أهدافها.

المراجع:
 المصطفى الشويكي. الدار البيضاء مقاربة سوسيومجالية.بحث لنيل الدكتوراه. جامعة الحسن الثاني كلية الآداب و العلوم الإنسانية.سنة 1996
.

 الحاج شكره. الوجيز في قانون التعمير المغربي.الطبعة الثانية. سنة 2007
.

 محمد بتعيش. وثائق التعمير والممارسة. نموذج طنجة. رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، جامعة محمد الخامس أكدال ، كلية الحقوق أكدال، السنة الجامعية 2003.2002
.

 المصطفى نشوي: المجال الجغرافي و المجتمع المغربي، خاص: مائة سنة من التعمير و التحضر بالمغرب العدد 7 -  2002
.

 جمال خلوق: التدبير الترابي بالمغرب: واقع الحال و مطلب التنمية، الطبعة الأولى مطبعة الرشاد سطات، 2009 .

 المدينة المغربية بين التدبير المحلي و التنظيم الجهوي، منشورات كلية الآداب و العلوم الإنسانية، جامعة محمد الخامس الرباط، سلسلة ندوات و مناظرات رقم 85. الطبعة الأولى، مطبعة النجاح الجديدة – الدار البيضاء 2000.

 المهدي بنمير: المدينة بالمغرب أي تدبير للتنمية الحضرية. الطبعة الأولى، دار وليلي مراكش 2005.

 عبد الرحمان البكريوي: التعمير بين المركزية و اللامركزية. الطبعة الأولى، الشركة المغربية للطباعة و النشر، الرباط، 1993.

 هاشم عبود الموسوي و حيدر صلاح يعقوب: التخطيط و التصميم الحضري. الطبعة الأولى، دار الحامد للنشر و التوزيع، عمان الأردن 2006.

 محمد السنوسي معنى: أضواء على قضايا التعمير و السكني بالمغرب. دار النشر المغربية، الدار البيضاء 1985.

 محمد شوقي إبراهيم مكي: المدخل إلى تخطيط المدن. دار المريخ للنشر، الرياض 1986.

 La ville marocaine à la veille du 21é siècle, publications de FLSH- Université Hassan II – Mohammedia. Série Colloques n°12. 1é Ed Ennajah Aljadida Casablanca décembre 2000 .

 L’urbanisation des compagnes au Maroc, publications de FLSH- Université Mohammed V Agdal Rabat Série Colloques n°162.1é Ed Ennajah Aljadida Casablanca 2010 .

 Larbi GHARBI : La planification urbain au Maroc : bilan des 50 années et perspectives. Rapport de 50 ans du développement 2005.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق