الصفحات

السبت، 10 مارس 2018

التغير المناخي وأثره على مصر - بقلم: هشام بشير


التغير المناخي وأثره على مصر

بقلم: هشام بشير


  جاء تصريح لوزيرة خارجية بريطانيا مارجريت بيكيت بشأن التغيرات المناخية وتأثيراتها المحتملة على مصر فى أوائل عام 2007 بمثابة حجر ألقى فى ماء راكد، حيث أكدت الوزيرة بأن النيل سيفقد 80% من تدفقه، وأن أجزاء من الدلتا ستغرق فى مياه البحر، وهو ما أكده الخبير المصرى فى البيئة، الدكتور سامر المفتي، حيث أكد أن مصر سوف تتعرض لكارثة حتى فى حالة زيادة مياه النهر، وذلك لعدم وجود سدود وخزانات تتحمل هذه الزيادة، بينما ستؤدى زيادة درجة الحرارة إلى غرق المناطق المنخفضة فى العالم، ومنها الدلتا، فضلاً عن الانخفاض المستمر للدلتا بسبب السحب المستمر للغاز الطبيعى هذا من جانب.
   ومن جانب أخر فإن قضية تغير المناخ Climate Change تُعد هى القضية الأكثر سخونة والأكثر إلحاحا على المجتمع الدولى حاليا، وذلك نظرا لما قد يسببه تغير المناخ من تأثيرات وتداعيات مستقبلية خطيرة، ليس أقلها جفاف بعض الأنهار وغرق أجزاء شاسعة من المناطق الساحلية، وتبدل خريطة مناطق الإنتاج الزراعى فى العالم، وغير ذلك مما لا طاقة لنا به أو مقدرة.
  ومن ثم فقد أطلقت منظمات البيئة العالمية صيحة مدوية تحذر من تدهور المناخ العالمى، وتدق أجراس الخطر لتنبيه الغافلين بأن هذا التدهور يمكن أن تكون له تداعيات مروعة نتيجة تزايد الغازات الكربونية.
  وقد أكدت تقارير المنظمات الدولية أن مصر ستكون من أكثر الدول تضرراً من هذا التدهور المناخى، وأن هذه الأضرار يمكن أن تصل إلى غرق أكثر من ثلث دلتا النيل نتيجة ذوبان جليد القطبين الشمإلى والجنوبى ونحر مياه البحر الأبيض والمتوسط، وفى حالة حدوث هذا السيناريو الكارثى سيتعين على مصر تهجير عدد يتراوح بين 15 و20 مليون نسمة، كما سيتعين عليها مواجهة تبعات فقد أكثر من 15% من أخصب أراضيها ومنتجاتها الزراعية.

- ما المقصود بالتغير المناخي:
   يمكن تعريف التغير المناخى بأنه اختلال فى الظروف المناخية المعتادة كالحرارة وأنماط الرياح والمتساقطات التى تميز كل منطقة على الأرض، وعندما نتحدث عن تغير المناخ على صعيد الكرة الأرضية نعنى تغيرات فى مناخ الأرض بصورة عامة، وتؤدى وتيرة وحجم التغيرات المناخية الشاملة على المدى الطويل إلى تاثيرات هائلة على الأنظمة الحيوية الطبيعية.
  أما تعريف ظاهرة الاحتباس الحرارى (Global Warming) فهو زيادة درجات حرارة الغلاف الجوى القريبة من سطح الأرض. ويستخدم هذا المصطلح لظاهرة ارتفاع درجات حرارة الأرض التى حدثت (ويتوقع زيادتها فى المستقبل) نتيجة زيادة انبعاث غازات البيت الزجاجي، وهى الغازات التى تنبعث من حرق الوقود فى المصانع ومحطات توليد الطاقة ووسائل النقل. وقد توصل العلماء المعاصرون إلى أن معدلات درجات حرارة الأرض قد زادت خلال المائة وأربعين سنة الماضية بمقدار درجة فهرنهايت، وقد خلصت اللجنة متعددة الحكومات للاحتباس الحرارى (وهى لجنة تابعة لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة ومنظمة المناخ العالمية التابعين للأمم المتحدة) أن زيادة تركيزات غازات البيت الزجاجى تسبب فى زيادة درجات حرارة سطح الأرض، كما خلصت أن زيادة تركيزات الإيروسولات الكبرتية تتسبب فى البرودة النسبية لبعض المناطق خاصة تلك المناطق الواقعة قرب المناطق الصناعية.

- مخاطر التغيرات المناخية على العالم:
  هناك مجموعة من المخاطر التى ستترتب على استمرار التغيرات المناخية على شتى بلدان العالم، حيث أشار معهد الاقتصاد الألمانى أن التغيرات المناخية قد تسببت فى الثلاثين العامة الأخيرة إلى خسائر اقتصادية فادحة وأن موجة الحر التى عمت أوروبا عام 2003 ألحقت خسائر وصل حجمها إلى 17 مليار يورو.
   كما يقدر خبراء الاقتصاد بأن خسائر شركات التأمين بسبب الكوارث الطبيعية السنوية المحتملة على المدى القريب بحوإلى 115 مليار دولار، منها 65 مليار الخسائر الأمريكية و 35 مليار دولار خسائر أوربا وحوإلى 15 مليار خسائر اليابان.
وفى نفس السياق كشفت بريطانيا تقريرا سريا لوزارة الدفاع الأمريكية يقول مضمونة (بأن ظاهرة تغير المناخ وافرازاتها الجانبية سوف تفرض اوضاعا خطيرة على الاستقرار السياسى والاقتصادى والاجتماعى بعد وقوع أكثر من 400 مليون نسمةتحت ظروف معيشية متدهورة بسبب الجفاف، ارتفاع درجات الحرارة، زيادة عدد السكان، وتردى النشاط الاقتصادي) مما سيسبب ظاهرة التغير المناخى على ظهور وبروز مشاكل متعددة فى أغلب قارات العالم خلال الفترة ما بين (2010 -2030).
  كما يشير التقرير الصادر عن البنك الدولى فى 7 فبراير 2007 إلى أن كل ارتفاع إضافى لمنسوب مياه البحر قدره 39 بوصة سيؤدى إلى الكثير من الأضرار العالم وخاصة فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إلا أن الضرر الأعظم سيكون من نصيب بعض الدول مثل مصر، وفيتنام.
  ويؤكد التقرير ذاته أن ذلك سيؤدى إلى تحويل 56 مليون شخص على الأقل فى 84 دولة نامية إلى لاجئين، بجانب تضرر نحو 30% من البنية الساحلية فى إفريقيا، وهو ما سيؤثر مباشرة على صناعة السياحة، بالإضافة إلى تأثر الناتج المحلى الإجمإلى للقارة الإفريقية بنسبة 2.38%، وسيرتفع عدد الأشخاص الذين يعانون من نقص مياه الشرب من 5 مليارات إلى 8 مليارات شخص.
  وبشكل عام فإن استمرار التغير المناخى وتفاقم مشكلة الاحتباس الحرارى سيؤدى إلى الأتي:
1- زيادة كم ونوع الكوارث الطبيعية السنوية حول الكرة الأرضية مثل الفيضانات العارمة فى أوروبا وآسيا وإفريقيا وأمريكا.
2- زيادة عدد وشدة الإعصارات الخطيرة، كما حدث فى إعصار كاترينا وإعصار ريتا بأمريكا وما نتج عنها من كوارث وفيضانات ودمار وألوف الضحايا.
3- استمرار ذوبان طبقات الجليد فى القطبين الشمإلى والجنوبى وكذلك ذوبان وانهيار جبال الثلج العائمة فى الشمال مما ينتج عنه مباشرة ارتفاع فى منسوب المياه فى المحيطات والبحار، وتهديد الحياة البحرية والجوية، الأمر الذى سينتج عنه أيضا إغراق السواحل المنخفضة ودلتا عدة أنهار، وما يستتبعه من دمار واختفاء العديد من المدن و القرى الساحلية وتشريد الآلاف وضياع الكيانات العمرانية والطبيعية.
4- انتشار حرائق الغابات واحتراق آلاف الهكتارات من الأشجار التى تعتبر المصدر الرئيسى للأكسجين اللازم لاستمرار حياة الإنسان والحيـوان والنبات، كما شاهدنا فى أمريكا وأوروبا وآسيا وأفريقيا.
5- انتشار ظاهرة التصحر واختفاء آلاف الهكتارات من المراعى والغابات والأراضى الزراعية.
6- زيادة عدد وقوة الزلازل وتوابعها حول الأرض فى القارات وتحت قاع المحيطات بالإضافة إلى ثورات البراكين المدمرة فى مختلف مناطق العالم، مما يتسبب فى الدمار والتشريد والتلوث ومئات الآلاف من الضحايا.
7- استمرار واتساع ثقوب الأوزون، خاصة فوق القطب الشمإلى مما يهدد حياة وصحة الإنسان والحيوان والنبات فى مختلف أرجاء العالم ويخل بالتوازن البيئى والدورة الحياتية الطبيعية المغلقة.
  ومن جانبه فقد حذر الدكتور سيد صبرى رئيس الإدارة المركزية للتغيرات المناخية من أن ظاهرة الاحتباس الحرارى ستؤدى إلى عدة مخاطر منها انخفاض كمية ونوعية المياه فى العديد من المناطق القاحلة وشبه القاحلة وتضاؤل احتمال توفير مياه نقية لأكثر من بليون شخص يعانون بالفعل من نقص حاد فى المياه كما ستؤدى إلى تقلص درجة الاعتماد على الطاقة الكهرومائية وزيادة معدل الإصابة بالإمراض المعدية وسوء التغذية وانخفاض الإنتاجية الزراعية فى المناطق المدارية وشبه المدارية، حيث توجد بالفعل حالة من الجوع والقحط حاليا. كما ستتعرض أجزاء من قارة أفريقيا بوجه خاص لضغوط إضافية حيث تقدر خسارتها فى إنتاج الحبوب مابين10% و30% خلال العقود القادمة وهو ما سيجعل تحقيق احد الأهداف الإنمائية للألفية الجديدة المتمثل فى القضاء على الفقر المدقع والجوع بحلول عام 2015 أكثر صعوبة، وستؤدى هذه الظاهرة أيضا إلى زيادة اندثار بعض أنواع المنظومات الايكولوجية الرئيسية وتدهورها مثل الشعاب المرجانية التى تلعب دورا حاسما فى اقتصاديات كثير من البلدان النامية وتشريد عشرات الملايين من الأشخاص فى مناطق الدلتا المنخفضة.

مخاطر التغيرات المناخية على مصر:
   يؤكد التقرير التجميعى الثالثTAR الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغيرات المناخية IPCC عام 2001 والتقرير الرابع أن العديد من التهديدات تواجه مصر نتيجة تغير المناخ رغم أن انبعاثات مصر من غازات الاحتباس الحرارى المسببة للتغيرات المناخية لا تمثل سوى 0.57 % من إجمإلى انبعاثات العالم إلا أن مصر تعتبر من أكثر دول العالم تضرراً من أثار التغيرات المناخية.
   وتشير التقارير والدراسات التى أشرفت عليها وحدة التغيرات المناخية بجهاز شئون البيئة أن ارتفاع مستوى سطح البحر يمكن أن يؤدى على المدى المتوسط والبعيد إلى تعرض مساحات متفاوتة من دلتا النيل ومحافظات الوجه البحرى لاحتمالات الغرق مما يهدد بفقدان مساحات ضخمة من الأراضى الزراعية الخصبة الآهلة بالسكان ويسبب هجرة الملايين من ساكنى هذه المحافظات إلى الجنوب وضياع العديد من المنشآت الصناعية والسياحية. وأما المشكلة الثانية والتى حذر منها الدكتور محمد عبدالفتاح القصاص خبير البيئة العالمى عام 2000 فهى تذبذب إيراد نهر النيل من المياه بحيث يمكن أن يرتفع فجأة بنسبة تصل إلى 28% كما أنه يمكن أن يتناقص فجأة أيضا فى سنة أخرى بنسبة تصل إلى حوإلى 76% وذلك بسبب اختلال توزيع أحزمة المطر كميا ومكانيا وخاصة فوق حوض نهر النيل. كما تشير السيناريوهات المختلفة لانعكاسات التغيرات المناخية على مصر إلى احتمال حدوث انخفاض ملحوظ فى الناتج القومى من الحبوب وليس ذلك فى مصر فقط بل فى جميع الدول التى تعتمد على مياه الأنهار فى الرى هذا بالإضافة إلى الآثار السلبية لارتفاع درجة حرارة مياه البحار والتى تؤدى إلى ابيضاض الشعاب المرجانية الموجودة فى البحر الأحمر مما ينعكس على حركة السياحة إلى هذه المنطقة التى تجذب السياح.
  ومن جانبه فقد حذر الصندوق العالمى لحماية الطبيعة والبنك الدولى من أن الاحتباس الحراري. يهدد الدلتا بالزوال حيث يشير الدكتور محمد الشهاوى أستاذ الأرصاد الجوية بكلية علوم القاهرة ومستشار التغيرات المناخية. إلى أن الدراسات التى أجريت على السواحل المصرية بتوقع تعرض العديد من مناطق شمال الدلتا والمدن الساحلية للغرق نتيجة للارتفاع المتوقع حدوثه فى مستوى سطح البحر ففى منطقة الإسكندرية يتوقع غرق نحو30% من الأراضى تحت مستوى سطح البحر وهى مناطق تأوى حاليا نحو مليونى نسمة من سكان مصر وتشتمل على مساحات زراعية كبيرة.
   كما يؤكد أيضا الدكتور الشهاوى على أن الخسائر الاقتصادية المباشرة الناتجة عن ذلك تقدر بنحو 35 مليار دولار يضاف إليها خسائر اجتماعية وصحية، كما ستكون المنطقة الصناعية ببورسعيد من اكثر المناطق تعرضا للضرر بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر. أما فى منطقة البحر الأحمر الغنية بالشعب المرجانية فسوف تكون الخسائر فادحة نظرا لأن البحر الأحمر يتميز بموقعه الجغرافى الفريد وتنوع بيئاته البحرية بما تعتبر من أهم الكنوز المصرية المهمة للسياحة والبيئة.
   أما الدكتور إسماعيل عبدالجليل رئيس مركز بحوث الصحراء فيحذر من أن التغيرات المناخية وارتفاع درجة حرارة الأرض وشح المياه وارتفاع منسوب مياه البحر المتوسط من أهم التحديات التى تواجه مصر فى المستقبل القريب خاصة فى ظل احتمال غرق معظم أراضى شمال الدلتا التى تعتبر من أخصب الأراضي.
  وجدير بالذكر أنه عُقدت فى عام 2006 ثلاثة مؤتمرات فى باريس وبروكسل وبانكوك، حول التغيرات المناخية، وقد تمخض عن هذه المؤتمرات عدة نتائج منها أن دلتا نهر النيل هى التى توجد بها أراضى منخفضة عن سطح البحر، وبناءًا على ذلك إذا ارتفع سطح البحر من 20 إلى 30 سم فمعنى هذا أننا سوف نفقد 25% من مساحة الدلتا وهذا سيقودنا إلى العديد من المشاكل.

- جهود مصرية:
   طالبت مصر المجتمع الدولى بضرورة الوفاء بالتزاماته تجاه مصر بتوفير الدعم المإلى والفنى اللازمين لتنمية القدرات المؤسسية والبحثية فى مجال تغيرات المناخ وإجراء دراسات مستفيضة لتقييم الآثار البيئية والاقتصادية التى قد تنجم عن التغيرات المناخية فى مصر. والمساهمة فى إجراءات التأقلم والتكيف مع هذه الآثار ومطالبة الدول الصناعية بضرورة الوفاء بالتزاماتها الخاصة بمساعدة الدول النامية فى نقل التكنولوجيا وتأمين التمويل اللازم للحد من أضرار تغيرات المناخ كما قامت مصر بدراسة مدى تأثير التغيرات المناخية على قطاعات الموارد المائية والزراعة والسواحل والطاقة والسياحة والصناعة والإنتاج الحيوانى حيث تتأثر هذه القطاعات بتغيرات المناخ. وكانت مصر من أوائل الدول التى وقعت على اتفاقية تغير المناخ عام 1994 وفى طليعة الدول التى وقعت على بروتوكول كيوتو للمساهمة فى الجهود الدولية لمكافحة آثار تغير المناخ من خلال التعاون مع الدول الصناعية المتقدمة لإنشاء وإقامة مشروعات ضمن آلية التنمية النظيفة التى قررها البروتوكول والتى من أهم فوائدها توطين واستخدام تكنولوجيا نظيفة فى العديد من المجالات بالإضافة إلى إجراء الدراسات والمشروعات المطلوبة لتفهم مردودات تغير المناخ على مصر ومحاولة وضع خطة قومية لمجابهة مثل هذه الآثار المتوقعة والاشتراك فى المفاوضات الدولية لتجنب فرض التزامات على مصر والدول النامية والتى قد تؤثر على معدلات التنمية بها. الدعوة إلى تعزيز تعاون الدول الصناعية مع الدول النامية ومنها مصر من خلال نقل التكنولوجيا النظيفة وبناء القدرات فى مجال التخفيف من والتأقلم مع التغيرات المناخية.
   كما قامت مصر بإنشاء اللجنة الوطنية لتغير المناخ ونفذت عددا من المشروعات فى مجال تحسين كفاءة الطاقة وحماية الشواطئ الساحلية واستنباط بعض المحاصيل القادرة على تحمل درجة الحرارة والملوحة كما نفذت دراسة عن الاستراتيجية المصرية لآلية التنمية النظيفة وشاركت فى برنامج تنمية القدرات لخلق كوادر بشرية ومؤسسية للعمل فى هذا المجال الذى يهدف إلى وضع آليات التنمية النظيفة موضع التنفيذ فى مصر من خلال مشروعات تنفذها الدول المتقدمة بهدف شراء حصة من غازات الاحتباس الحرارى فى الدول النامية. وقد أنشأت مصر اللجنة الوطنية لآلية التنمية النظيفة التى تهدف إلى الترويج لمشروعات الآلية فى مصر والتأكد من تحقيق هذه المشروعات لأهداف التنمية المستدامة وقد استوفت 29 مشروعا الشروط اللازمة لآلية التنمية النظيفة وتكلفتها الاستثمارية 1100 مليون دولار وتحقق خفضا سنويا أكثر من 5.5 مليون طن مكافئ من ثانى أكسيد الكربون كما تساهم فى توطين تكنولوجيات جديدة ونظيفة وتوفر فرص عمل جديدة وضخ عائدات مالية إضافية إلى الاقتصاد القومى من خلال بيع شهادات خفض انبعاثات الكربون وهناك 7 مشروعات أخرى فى طور الإعداد ليصبح العدد الكلى لمشروعات آلية التنمية النظيفة فى مصر التى تم تقييمها 36 مشروعا.
   وفى الختام فإن استعراض المخاطر التى تهدد دلتا نهر النيل من جراء ارتفاع درجة الحرارة، يتطلب منا فى الوقت ذاته الإشارة إلى أن خطر غرق الدلتا لا يمكن موجهته والحد منه إلا عن طريق بذل أكبر جهد ممكن على مستوى دول العالم جميعها وذلك من أجل ممارسة ضغوطًا كثيفة على الدول التى تتسبب فى حدوث ارتفاع درجات الحرارة وفى مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية الذى انسحبت من بروتوكول كيوتو الخاص بتغير المناخ فى مارس عام 2001 مما عرض الجهود الدولية التى استمرت عقد كامل من الزمان لحماية العالم من أضرار تغير المناخ للخطر، وكذلك أيضًا فإن الصين تُعد من الدول التى تعرقل هذه الجهود، وهذه الجهود لها أهمية فى تقليل انبعاثات الغازات المسئولة عن حدوث التغير المناخى حيث تتحمل الولايات المتحدة الأمريكية وهى تمثل نسبة 4% فقط من سكان العالم وحدها حوإلى 25% من الغازات المسببة للاحتباس الحرارى بينما تتحمل الصين 14% منها.

التغير المناخي له تأثير مدمر على الاقتصاد المصري 

  وفقا لدراسة أنجزتها شبكة البحوثلفيميز لقياس آثار تغير المناخ في مصر في عام 2050 فإن العواصف وموجات الحر والفيضانات تأثير مدمر على مصر، ويؤكد التقرير أنه إذا لم تتخذ أي إجراءات فإن التغير المناخي سيقلل من الناتج المحلي الإجمالي لمصر بنسبة تصل إلى 10 ٪ في عام 2050 .ويحظى المشروع بدعم الاتحاد الأوروبي.

   وتوصي الدراسة التي تحمل عنوان “التغير المناخي والنمو الاقتصادي : تحليل من خلال نموذج التوازن العام لمصر عبر مراحل” توصي بسرعة تنفيذ عدة إجراءات، مثل استخدام نظم الري أكثر فعالية وتوفير حماية أفضل للمناطق الساحلية والمزارع، بغية التخفيف من آثار تغير المناخ . واتخاذ مثل هذه الاجراءات الأولية هي وحدها التي تسمح لمصر بالحد من ضياع ناتجها المحلي الإجمالي بنسبة 4 في المائة في عام 2050.

   بين عامي 1960 و1990 ارتفعت درجات الحرارة من 3و 3.5 درجة مئوية، ومن المتوقع بحلول عام 2050 أن تزيد بنسبة 2 درجة مئوية أخرى. وبالتأكيد فإن قطاع السياحة في البلاد سيعاني من تبعات ذلك، ولكن لن يكون القطاع الوحيد. فالزراعة، التي هي عرضة بصفة خاصة لتقلبات درجات الحرارة وسقوط الأمطار يمكن أن تتعرض لخسائر كبيرة.

   وقد استخلصت مصر الدروس من آثار التغير المناخي خلال موجة الحر لعام 2010 . فقد تضررت بشدة عدة مزارع تتركز في وادي النيل والدلتا، مما أدى إلى زيادة حادة في الأسعار. وستكون الإنتاجية الزراعية بدون شك ضحية ارتفاع درجات الحرارة .

  كما أبرز الخبراء تداعيات انقطاع التيار الكهربائي على نظم الإنتاج ، وخاصة على أنظمة التبريد . وفي نهاية المطاف يمكن لهذه الوضعية أن تثني المستثمرين. كيف يمكن تصور إنشاء مصنع للصلب، ومصنع للإسمنت أو مصنع للزجاج بدون امدادات غير منقطعة للكهرباء ؟ يرى اقتصاديو ” فيميز”أن ارتفاع تكاليف الكهرباء سيكون لها تأثير الضربة القاضية على تكاليف الإنتاج.

  وإلى جانب التأثير على الاستهلاك والاستثمار، يجب أيضا أن يؤخذ بعين الاعتبار انخفاض قيمة الممتلكات، وخاصة في المناطق الساحلية حيث يعتبر ذلك نتيجة مباشرة لارتفاع مستوى البحر.

  فيميز (المنتدى الأورومتوسطي لمعاهد العلوم الاقتصادية ) مشروع ممول من طرف الإتحاد الأوروبي يهدف إلى المساهمة في تعزيز الحوار حول القضايا الاقتصادية والمالية للشراكة الأوروبية المتوسطية، في إطار سياسة الجوار الأوروبية، والاتحاد من أجل المتوسط. ويسعى المشروع على وجه الخصوص إلى تحسين فهم الرهانات ذات الأولية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية، وتداعياتها على الشركاء في المتوسط في إطار تنفيذهم لاتفاقيات الشراكة مع الاتحاد الأوروبي وخطط العمل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق