المحاضرة الأولى: مدخل علم الجغرافيا ...

المحاضرة الأولى :  مدخل علم الجغرافيا

ماهية الفكر الجغرافي وتعريف علم الجغرافيا

مقدمــة:

بدأت رغبة الإنسان في التعرف على بيئته و إمكاناتها منذ أن خلقه الله على سطح هذا الكوكب. و يرجع الفضل في ذلك إلى أن للإنسان حاجات ضرورية لابد أن يسعى لتوفيرها كالمشرب والمأكل و المأوى  والملبس. وهذه أمور تتطلب منه معرفة المنطقة التي يعيش فيها. فالذهاب إلى مكان معين و العودة منه أمران يتطلبان من الإنسان أن يكون على بينة ومعرفه بالعلاقات المكانية التي تسهل له الحركة. والعلاقات المكانية جزء من علم الجغرافيا . و لم يقف الإنسان في العصور القديمة عند حد التعرف على البيئة, بل حاول تفسير وجود الظاهرات الطبيعية التي تحيط به و تنتشر حوله. و لكن هذه التفسيرات اعتمدت على الخيال أحيانا فجاء بعضها نوعا من الخرافات والاعتقادات الغريبة. ويمكن  القول ما مبالغه أن نوعا من المعرفة والملاحظات والتأملات ذات الصبغة الجغرافيا قد بدأت مع و جود الإنسان على سطح هذا الكوكب ولازمته في رحله حياته عبر قرون طويلة.

ماهية الفكر الجغرافي:

اعتمد التفكير الجغرافي منذ أقدم العصور على دعامتين أساسيتين هما:

1-  تتعلق بالفلك والأجرام السماوية التي لاحظها الإنسان واستدل بها في أسفاره .

2- إدراك العلاقات المكانية التي يسرت الكشف الجغرافي .

ولقد ظلت هاتان الدعامتان أساس الفكر الجغرافي منذ أقدم العصور حتى مطلع العصور الحديثة حينما اتسعت آفاق المعرفة الجغرافية وامتدت أطرافها لتشمل مجالات جديدة .

تعريف الجغرافيا :

تطور مدلول كلمة الجغرافيا وتعددت تعريفاتها بين الباحثين مع مرور الزمن . وعلى الرغم من اختلاف التعريفات لعلم الجغرافيا إلا أنها واصلت تمحورها بصفه عامه حول دراسة الإنسان والأرض باعتبارها موطنا للإنسان وإدراك ما بينهما من علاقات توزيعا وتحليلا وتعليلا.

إن كلمة جغرافيا  Geography التي نستخدمها اليوم عبارة عن  كلمة إغريقية تعني  (وصف الأرض) إذ أن جيو (Geo) تعني أرضا ، و جرافيا (graphy) تعني وصفا.  أي أن الجغرافيا هي وصف الأرض . وأول من استخدم كلمة جغرافيا هو العالم الإغريقي إيراتوستنيز (Eratosthenes) عام 240 ق. م  كعنوان لأحد مؤلفاته.

لكن هذا التعريف لم يرض الجغرافيين منذ القرن التاسع عشر الميلادي أمثال الجغرافي الألماني البارز آنذاك ريتر(Ritter) الذي اعترض على التعريف (وصف الأرض) وقال انه تعريف مضلل خاطئ وأضاف بان الجغرافيا هي  " دراسة العلاقة بين كافة الظاهرات الطبيعية والجنس البشري" , ومنذ أن بدا الاعتراض على هذا التعريف فتح الباب إمام تعريفات عديدة, مثل تعريف مارث (Marthe) الذي يقول  الجغرافيا هي "أينية الأشياء", ومن التعريفات التي لاقت رواجا كبيرا بين الجغرافيين لفترة طويلة تعريف هارتشورن (Hartshorne) والذي جاء فيه أن الجغرافيا هي " دراسة الاختلافات المكانية ".

تجمع قواميس اللغة ومعاجمها على أن الجغرافيا هي العلم المختص بدراسة سطح الأرض.

لقد تعددت التعريفات التي تحاول تحديد مفهوم الجغرافيا ومازالت تتراكم, لكنها وحتى اليوم لم تتفق على تعريف واحد جامع مانع يحدد مجال الجغرافيا وطبيعته تحديداً دقيقاً، ويرجع ذلك بلا شك إلى اتساع مجال الدراسة الجغرافية ونمو هذا المجال باستمرار.

ونستطيع صياغة التعريف التالي للجغرافيا:

الجغرافيا هي " دراسة شخصية المكان بملامحها الطبيعية والبشرية دراسة توزيع وتحليل وتعليل"

وحينما نخضع هذا التعريف للتحليل نرى بأنه يتميز بالخصائص الآتية:

1- النظرة الكلية التي تدرك الواقع بجوانبه البشرية والطبيعية على اختلاف عناصر مكوناته وتفاعلها .

2- إبراز شخصية المكان التي تعد من أهم ما يهدف إليه علم الجغرافيا، إذ إن لكل مكان شخصيته المختلفة التي تميزه عن غيره، ولولا هذه الاختلافات التي تميز بين الأماكن من حيث الظروف المتنوعة لما كانت هناك جغرافيا كما نعرفها حالياً .

3- الاهتمام بالظاهرات الجغرافية من حيث التوزيع والتحليل والتعليل، وذلك لإدراك العلاقات بينها وهي أمر لا يرى بالعين المجردة  بل يتم الوصول إليه عن طريق التحليل والتوزيع، ويعد إدراك العلاقات المكانية عن طريق التوزيع والتحليل والتعليل من أهم السبل لإبراز وحدة الكل الجغرافي الذي لا يتجزأ.

الجغرافيا الإسلامية وعوامل نهضتها

العوامل التي أدت إلى  تفوق العرب والمسلمين في مجال الجغرافيا :

أبرز العوامل التي ساعدت على تفوق العرب والمسلمين في الجغرافيا ما يلي:

-1  عظم مساحة الدولة الاسلامية، فعندما اتسعت الدولة الاسلامية في نهاية العصر الأموي ظهرت الحاجة لتجميع المعلومات عن البلدان الجديدة من اجل إدارتها وحكمها حكما صحيحا وتقدير خراجها، وقد قام الجغرافيون المسلمون بهذه المهمة خير قيام.

-2 تعريب العلوم، انكشفت للعرب الوان جديدة من المعرفة بعد اتصالهم بالفكر الاغريقي والفارسي عن طريق الترجمة وكان من ضمنها المعرفة الجغرافية والفلكية .

3- اعتمد العرب قروناً طويلة في حياتهم على الرعي الذي يتطلب الترحال في الصحاري المترامية الأطراف بحثاً عن الكلأ والعشب فكان عليهم أن يعرفوا المسالك والدروب .

4- إن صفاء سماء الجزيرة العربية معظم أيام السنة وقلة السحب مكنت العرب من دراسة الكواكب والنجوم والاستعانة بها في الاهتداء إلى طرقهم في أسفارهم .

-5  ساهمت فرائض الإسلام في تشجيع المعرفة الفلكية والجغرافية كالصلاة والحج، فتتطلب الصلاة معرفة الاتجاهات الأصلية والأوقات مما دفع المسلمين من عرب وغيرهم إلى ابتكار الوسائل والأجهزة المتنوعة اللازمة لذلك وتطويرها .

6-     الحج مؤتمر عام للمسلمين ساعد على تلاقي الشعوب الإسلامية وتبادل المعرفة الجغرافية، ولقد أدى ذلك إلى اتساع أفق المعرفة الجغرافية عند العرب .  

7-     الفتوح الإسلامية وما تطلبه ذلك من إنشاء جهاز البريد ومد شبكة الطرق والمواصلات، وتولد دافع لظهور كتب عديدة تعالج هذه الناحية مثل ( المسالك والممالك ) لابن خرداذبة ، والاصطخري، وابن حوقل وغيرهم .

8-     إنشاء بيت الحكمة أيام الرشيد في القرن الثاني الهجري الذي ضم علماء من كل الأقوام دون تعصب أو تحيز، من أجل العلم والبحث العلمي والترجمة.

9- نشط بعض الرحالة المسلمين للبحث عن الأماكن التي ورد ذكرها في القران الكريم.

10- استفاد العرب من موقع بلادهم بين أقطار الموسميات ( اليمن ) والغربيات (الشام) في التجارة ، وكانوا يقومون برحلتي الصيف والشتاء مما تتطلب منهم معرفة أيسر المسالك وأقصرها .

11-  ازدهار النشاط التجاري في المراكز الرئيسيىة الذي رافق اتسلع الدولة الاسلامية.

اسهم الازدهار التجاري في اثراء المعرفة الجغرافية كما يلي:

1- جمع المعلومات عن الطرق والمسالك المؤدية الى الدول المختلفة، وهو امر لا غنى عنه للتجار.

2- معرفة المدن التجارية الرئيسية وما تشتهر به كل منها من سلع وبضائع.

3- جمع المعلومات البشرية والاقتصادية والطبوغرافية عن البلدان المختلفة من قبل التجار، وفي بعض الحالات اصبح بعض التجار  من الجغرافيين البارزين.

مصادر المعرفة الجغرافية عند العرب:

1- الشعر: الشعراء في الجاهلية كانوا هم أهل المعرفة وقد سجل العرب أخبارهم وعاداتهم وظروف بلادهم في الشعر.

2- القرآن الكريم: ورد بالقرآن الكريم بعض الإشارات الجغرافية مثل ما يشير إلى كروية الأرض: (يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل...)، وما يشير إلى دوران الأرض: (وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب) وما يشير إلى الغلاف الغازي وقلة الأكسجين كلما ارتفعنا عن سطح البحر: (يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصعّد في السماء).

3- الكتب الجغرافية: الكتب الجغرافية يذكر ياقوت الحموي أن هشاماً الكلبي دوّن 150 كتاباً منها كتاب البلدان الكبير وكتاب البلدان الصغير، الأقاليم وعجائب البحار، وكتاب الأنهار.

الجغرافيا الحديثة وفروعها:

يرى بعض الباحثين أن عصر الجغرافيا الحديثة بدأ في أوائل القرن التاسع عشر الميلادي على يد العالم الألماني الكسندر فون همبولت الذي قام برحلات عديدة في كل من أمريكا الوسطى والجنوبية ووصف رحلاته في أربعين مجلداً، وبين في دراسته مدى العلاقة بين الإنسان وبيئته. وشهدت الجغرافيا منذ القرن السابع عشر الميلادي انسلاخ عدد من موضوعاتها تحت أسماء مختلفة. ومن أوائل تلك الموضوعات علم الجيولوجيا وذلك في نهاية القرن السابع عشر، لكنها على الرغم من ذلك ظلت تمثل معيناً للجيومورفولوجيا. وكذلك انسلخ عن الجغرافيا علم المتيورولوجي Meteorology ( علم الطقس أو علم الأرصاد الجوية). وفي القرن التاسع عشر الميلادي استقل علم الاجتماع عن الجغرافيا، كما تبلورت علوم أخرى كثيرة مثل علم الاقتصاد.

نتيجة لانقسام الجغرافيا إلى فروع عديدة ظهرت المدارس الجغرافية مثل المدرسة الحتمية والمدرسة البشرية والمدرسة الإقليمية.

-1 المدرسة الحتمية Determinism أو البيئية Environmentalism أو الجيوقراطية Geocracy: ترى هذه المدرسة بأن الأرض أو البيئة تتحكم إلى حد كبير في حياة الإنسان ونشاطه وسلوكه. وأن للأرض والمناخ سلطاناً كبيراً على الإنسان، ومن أنصار هذه المدرسة العالم الألماني همبولت وفريدريك راتزل الألماني وتلميذته مس الين سمبل الأمريكية. ويرى أنصار هذه المدرسة أو "البيئيون" أن الجغرافيا هي دراسة تأثيرات الظروف الطبيعية في السكان والنشاط البشري.

-2 مدرسة التحكم البشري Anthropocracy أو مبدأ الإمكانية، أو الاختيارية والاحتمالية Possibilism: تؤمن هذه المدرسة بأن الإنسان سيد ما حوله، وأنه يملك إمكانات التغيير في بيئته متى يشاء. وقد ناقشت هذه المدرسة آراء الحتميين وفندت بعضها. والإنسان في نظر المدرسة الاختيارية عامل جغرافي إيجابي يسهم في تعديل مظهر سطح الأرض، فلا توجد بقعة من الأرض لا تظهر عليها بصمات الإنسان. ولقد ظهرت هذه المدرسة في فرنسا ومن أهم مؤسسيها فيدال دي لا بلاش، وتنادي هذه المدرسة بأن الإنسان ليس عبداً للبيئة أو ألعوبة في يدها، وإنما يختار من بين  إمكاناتها ويشكل منها كيفما يشاء بالقدر الذي يسمح له به مستواه الحضاري وكفاءته الجسمانية والعقلية.

-3 المدرسة الإقليمية Regionalism: حمل لواء هذا الاتجاه الحديث الجغرافيون الأمريكيون الذين كانوا لا يهتمون بدراسة البيئة لذاتها بل من حيث تأثير ظاهراتها في الإنسان والدراسة الجغرافية الإقليمية تهتم بدراسة التفاعل بين الظروف الطبيعية والبشرية. ولقد عرف برستون جيمس وهو من أنصار المدرسة الإقليمية، الجغرافيا بأنها "تختص بدراسة الروابط والعلاقات بين مختلف الظاهرات لكي تبرز شخصيات الأقاليم المعينة والأمكنة عن طريق إظهار أوجه التشابه والاختلافات بينها". وهناك مدارس جغرافية أخرى مثل المدرسة الإيكولوجية ومدرسة مظهر الأرض ومدرسة الموقع.

    وتنقسم الجغرافيا تبعاً لمجال دراستها إلى قسمين كبيرين كما يرى معظم الجغرافيين وهما:

1- الجغرافيا الطبيعية: وهي التي تدرس علاقة الإنسان بظاهرات السطح والظروف المناخية والنبات والحيوان والتربة وغيرها.

-2  الجغرافيا البشرية: وتدرس أثر الإنسان فيما يحيط به من ظروف بيئية وكيف استطاع أن يغير هذه الظروف ويستغلها لصالحه.

وتنقسم الجغرافيا الطبيعية إلى الفروع الآتية:

1) الجيومورفولوجيا (Geomorphology): وهو أحد فروع الجغرافيا الطبيعية ويدرس مظاهر سطح الأرض(الجبال, السهول, الأودية, الصحاري, السواحل) مع محاولة دراسة طرق تكوينها.

(2  الجغرافيا المناخية (Climatology): تهتم الجغرافيا المناخية بدراسة حالات الجو بصفة عامة والخروج من هذه الدراسة بمتوسطات لعناصر المناخ من حرارة وضغط ورياح ومطر. وتعتمد الجغرافيا المناخية إلى حد كبير على ما يزودها به علم الأرصاد الجوية.

(3 الجغرافيا الحيوية أو الحياتية (Biogeography): وتهتم بدراسة الكائنات الحية من نبات أو حيوان وتوزيعها على سطح الأرض.

(4  جغرافية البحار والمحيطات(Oceanography): يدرس هذا الفرع من فروع الجغرافيا الطبيعية توزيع البحار والمحيطات على سطح الأرض، والعلاقة بين اليابس والماء وتطورها. كما أنه يحاول تتبع نشأة البحار والمحيطات. ويدرس كذلك الخصائص الطبيعية لمياه البحار والمحيطات من حيث الملوحة والتيارات البحرية. ويتتبع تأثير البحار في مناخ القارات، وأثر البحار والمحيطات في نشاط الإنسان.

(5  علم المياه (Hydrology): العلم الذي يدرس الماء السائل أو الصلب في الكرة الأرضية خواصه ودورته وتوزعه على سطح الأرض أو تحته وفي الغلاف الجوي منذ لحظة سقوطه على الأرض (أمطار, ثلج.........) حتى عودته إلى الغلاف الغازي مرة أخرى من خلال عمليات البخر والنتح أو وصوله إلى المحيط.

أما الجغرافيا البشرية فتنقسم إلى فروع متعددة أهمها ما يلي:

1- جغرافية السكان Demography)) : وتهتم بدراسة توزيع السكان وما يطرأ على هذا التوزيع من زيادة أو نقص بسبب الهجرات أو الزيادة الطبيعية الناجمة عن زيادة المواليد على الوفيات. وتدرس جغرافية السكان كذلك كثافة السكان ومدى ارتباط هذه الكثافة بالظروف الجغرافية الأخرى.

2- جغرافية العمران أو الجغرافيا الحضرية (Urban Geography): ويدرس هذا الفرع الجغرافي أنماط الاستقرار البشري الريفي والحضري ويتتبع دراسة المدن كظاهرة جغرافية وارتباط نموها بالظروف الجغرافية الأخرى من موقع وسطح ومناخ ونشاط بشري. وهناك "جغرافية المدن" وتهتم بدراسة المدينة، ونموها ومجال نفوذها وتدرس كذلك أنماط المدن من حيث نشاطها الغالب والسمة التي تميزه عن غيره من النشاطات الأخرى.

3- الجغرافيا الاقتصادية (Economic Geography): تعالج الجغرافيا الاقتصادية أنماط سلوك الإنسان وعاداته من حيث استغلال موارد بيئته، كما أنها تدرس هذه الموارد. وتنقسم الجغرافيا الاقتصادية إلى فروع عديدة مثل: الجغرافيا الزراعية، الجغرافيا الصناعية، والجغرافيا التجارية، والجغرافيا السياحية.

4-الجغرافيا السياسية (Political Geography): تهتم الجغرافيا السياسية بدراسة الوحدات السياسية ومقومات وجودها وتطورها، وتتصدى لكثير من الأمور أهمها: ماهية الدولة، الفرق بين الدولة والوطن، والحدود السياسية ومشكلاتها وأسباب هذه المشكلات.

5- جغرافية السلالات البشرية (Geographical strains of human): هي أحد فروع الجغرافيا البشرية، وكانت تهتم بدراسة السلالات البشرية المختلفة وخصائصها وهجراتها. إلا أن هذا الفرع لم يعد يدرس في كثير من جامعات العالم لاهتمامه بأمور تخرج عن نطاق الجغرافيا مثل القياسات المختلفة من حيث حجم الرأس وشكله وفصائل الدم وغيرها.

ج. الجغرافيا التاريخية (Historical Geography): ليست الجغرافيا التاريخية أحد فروع الجغرافيا الطبيعية أو الجغرافيا البشرية وإنما هي جغرافية الماضي بجوانبه الطبيعية والبشرية، أي أنها لا تقتصر في دراستها على الظروف الطبيعية للماضي فحسب، وإنما تهتم كذلك بدراسة النشاط البشري. ومجمل القول إن الجغرافيا التاريخية تضم في رحابها فروع الجغرافيا الطبيعية والبشرية، إذ إنها دراسات جغرافية كاملة طبيعية وبشرية ولكنها تتعلق بالماضي ومن هنا اكتسبت اسم "تاريخية".

أن التقسيمات العامة للجغرافيا إلى جغرافيا بشرية وطبيعية قد أثارت حفيظة بعض الجغرافيين أمثال الجغرافي الأمريكي الشهير بريستون جيمس الذي يقول إن علم الجغرافيا يختص بدراسة الإنسان وبيئته الطبيعية فلا تجوز دراسة هذا الإنسان بمعزل عن هذه البيئة الطبيعية كما أنه لا يجوز دراسة البيئة الطبيعية بمعزل عن الإنسان. وقد اقترح بعض الجغرافيين تقسيم علم الجغرافيا إلى:

1. جغرافية إقليمية (Regional Geography).
2. جغرافية موضوعية Systematic Geography)).

وتختص الجغرافية الإقليمية (Regional Geography) بدراسة أي إقليم كوحدة جغرافية بحيث يكون هناك أساس للتقسيم الإقليمي، فيتميز الإقليم بخصائص معينة تميزه عن سائر الأقاليم الأخرى المجاورة له.

أما الجغرافيا الموضوعية (Systematic Geography) فهي التي تختص بدراسة موضوعات معينة مثل الجغرافيا السياسية أو الطبيعية أو الاقتصادية وغيرها.

• الطبوغرافيا (Topography) : الوصف أو الرسم التفصيلي للمكان (علم يختص في تمثيل كل تفاصيل الظواهر الطبيعية أو الاصطناعية لمنطقة ما موجودة على سطح الأرض ).
• علم الخرائط الكارتوغرافيا (Cartography): فن إنشاء الخرائط, والعلم المستند اليه هذا الفن, ويشمل كل عمليات إنشاء الخرائط من المسح الفعلي في الحقل إلى طباعة الصورة النهائية للخرائط. (الموسوعة الجغرافية المصغرة).

التطورات الحديثة في علم الجغرافيا:

بعد أن أشرنا إلى أهم الفروع الجغرافية ينبغي لنا أن نشير إلى التطورات الحديثة في علم الجغرافيا التي يمكن أن نوجزها كالآتي:

تتميز الجغرافيا المعاصرة بأنها ذات صبغة عالمية. ويرجع ذلك إلى عوامل عديدة نذكر منها قيام الاتحاد الجغرافي الدولي الذي يعقد مؤتمراً كل أربع سنوات كما أن انتشار المجلات الجغرافية بسهولة يتيح انتشار الأفكار الجغرافية. أضف إلى ذلك سهولة انتقال المعلومات الجغرافية من قطر إلى آخر عن طريق الكتب ووسائل الإعلام والاتصالات المختلفة والتي من أحدثها شبكة "الإنترنت" والبريد الإلكتروني, ومما لا شك فيه أن لوسائل الإعلام المختلفة دوراً كبيراً في نشر الأفكار الحديثة والأبحاث الجغرافية مما يساعد إلى حد كبير على عالمية الفكر الجغرافي.

ويمكن إيجاز أهم ما شهدته الجغرافيا المعاصرة من تطورات فيما يلي:

1. الاتجاه الكمي وميكنة أساليب البحث: وهذا الاتجاه الجديد جاء نتيجة لانتشار الحاسبات الإلكترونية وما أحدثته من تطورات في العمليات الرياضية، مما سهل إجراء العمليات الرياضية المعقدة. ويطلق على دراسة استخدام الأساليب الكمية في مجال الدراسات الجغرافية (الجغرافيا الكمية) كما انتشر كذلك الاعتماد على الآلة وبعض برامج الحاسبات الآلية في رسم الخرائط، مما سهل إلى حد كبير إجراء البحوث ومعالجة المعلومات الجغرافية الغزيرة والربط بينها في أوقات قصيرة نسبياً.

2.التصوير الجوي والاستشعار عن بعد (Remote Sensing): لقد أصبحت الصور الجوية إحدى الوسائل المهمة التي تعتمد عليها الدراسات الجغرافية المختلفة من طبيعية وبشرية. كما أن نجاح وسائل الاستشعار البعيد في تحديد أماكن المعادن المختلفة أسهم في إعداد خرائط الثروات المعدنية بصورة سريعة ودقيقة.

3.نظم المعلومات الجغرافية (GIS): تعد نظم المعلومات الجغرافية من أكثر نظم الحاسب (الكمبيوتر) شهرة واستخداماً وكانت هذه النظم تعرف من قبل بنظم المعلومات الأرضية، ونظم المعلومات المكانية، إلا أن مصطلح نظم المعلومات الجغرافية لقي قبولاً كبيراً لدى الباحثين في السنوات الأخيرة. وتتميز نظم المعلومات الجغرافية بأنها تقنية حديثة ومتطورة تتيح جميع المعلومات المكانية وحفظها وترتيبها وتصنيفها وتسهل الربط بينها وتحليلها، وتفيد كثيراً في مجالات التخطيط العمراني وتمديدات المرافق العامة. وتعتمد نظم المعلومات الجغرافية على ثلاث أنماط من الخرائط هي: الخريطة الطبيعية، والخريطة البشرية، والخريطة التحليلية. ويقصد بالخريطة الطبيعية خريطة المظاهر التضاريسية المختلفة، والخريطة البشرية خريطة المنشآت التي أقامها الإنسان، أما الخريطة التحليلية فهي الخريطة التي تعتمد على الربط والتحليل بين الخريطتين السابقتين. وتتيح نظم المعلومات الجغرافية الدقة والسرعة في معالجة البيانات المختلفة فتوفر الوقت والجهد والمال.

4.تعدد الفروع الجغرافية المختلفة والدراسات التفصيلية: لقد تشعبت  الفروع الجغرافية بشكل كبير، بحيث أصبحنا نسمع الآن عن الجغرافيا الطبية وجغرافية الطاقة، وجغرافية السياحة، والجغرافية العسكرية، والجغرافية السلوكية والجغرافيا اللغوية... وغيرها.

كما أن الدراسات الجغرافية أصبحت تهتم بالتفاصيل الدقيقة، مثل دراسة مناخ مدينة معينة، أو دراسة استغلال الأرض في مساحة محدودة، وهكذا نجد أن الدراسات الجغرافية المعاصرة تسعى إلى التفاصيل الدقيقة وتنحى بصورة ملحوظة إلى المجالات التطبيقية.

• محمدين، محمد محمود  والفرا، طه عثمان, المدخل إلى علم الجغرافيا،(1994م), الرياض، دار المريخ.
• الوليعي ، عبد الله ناصر ، المدخل إلى علم الجغرافيا الطبيعية والبشرية, (2008م), الرياض, مكتبة الملك فهد الوطنية.

خطوط الطول وحساب الزمن

لتعيين الزمن في مكان ما نجري الآتي:

1- إيجاد الفرق بين خطوط الطول بين المواقع .

2- إيجاد الفرق في الزمن = الفرق بين خطوط الطول × 4 دقائق . 
3- إذا كان المكان في اتجاه الشرق = التوقيت + الفرق في الزمن .
4- إذا كان المكان في اتجاه الغرب = التوقيت - الفرق في الزمن

مثال:توضيحي : إذا كانت الساعة في بغداد الواقعة على خط طول 45 شرقا الساعة 3 مساءاً فكم تكون الساعة في نيودلهي بالهند والتي تقع شرق بغداد على خط طول 75 شرقا وكم في الإسكندرية الواقعة على خط طول 30 شرقاً . 
التوقيت في نيودلهي 
- الفرق بين خطوط الطول بين نيودلهي وبغداد = 75 – 45 = 30 خط طول . 
- الفرق في الزمن بين نيودلهي وبغداد = 30 × 4 دقائق = 120 دقيقه ÷ 60 = ساعتان 
- وحيث أن نيودلهي شرق بغداد إذن الفرق في الزمن يضاف 
* التوقيت في نيودلهي = 3 + 2 = 5 مساءاً 
التوقيت في الإسكندرية 
- الفرق بين خطوط الطول بين الإسكندرية وبغداد = 45 – 30 = 15 خط طول . 
- الفرق في الزمن بين الإسكندرية وبغداد = 15 × 4 دقائق = 60 دقيقه ÷ 60 = 1 ساعة 
- وحيث أن الإسكندرية غرب بغداد إذن الفرق في الزمن يطرح 
* التوقيت في الإسكندرية = 3 – 1 = 2 مساءاً . 
 

ملاحظة

المدن التي تقع على خط طول واحد تتفق في توقيتها مثل القاهرة والخرطوم والمدن على تقع على خطوط طول مختلفة تختلف في توقيتها مثل القاهرة وتونس

مسائل على الزمن:

مثال 1: إذا كانت الساعة 10 صباحا في القاهرة الواقعة على خط طول 30º شرقا فكم تكون الساعة في جدة الواقعة على خط طول 39º شرقا؟

الحل:

1-  الفرق بين القاهرة وجدة بالدرجات = 39 – 30 = 9 درجات

2- تحويل الدرجات إلى وقت = 9 × 4 = 36 دقيقة

3- إذن الوقت في جدة = 10 + 36د = 10:36 صباحا

مثال 2: إذا كانت الساعة 12ظهرا في كلكتا بالهند وكانت الساعة 8 صباحا في القاهرة الواقعة على خط طول 30º شرقا فعلى أي خط تقع كلكتا؟

الحل:

1-   الفرق بين القاهرة وكلكتا بالوقت = 12- 8 = 4 ساعات

2-   تحويل الوقت إلى درجات = 4 × 15 = 60º

3-   إذن كلكتا تقع على خط طول = 30 + 60 = 90° (لان كلكتا تقع إلى الشرق من القاهرة)

مثال 3:

إذا كانت الساعة في مدينة الرياض الخامسة مساء فكم تكون الساعة في مدينة القاهرة التي يتبع توقيتها خط 30 درجة شرقا علما بان وقت الرياض يحسب على أساس خط طول 45 درجة شرقا؟

الحل:

1-      فرق درجات الطول بين المكانين = 45º ش - 30º ش = 15º

2-      الفرق في الزمن بين المكانين = 15º × 4 = 60 دقيقة = ساعة

3-      بما أن القاهرة تقع غربي الرياض فتكون الساعة في القاهرة = 5- 1= 4 مساء

مثال 4:

ماهر الوقت في المدن الآتية وقت الزوال في جرينتش:

1- نيويورك (74˚غربا)

2- استانبول (29˚شرقا)

3-  سان فرانسيسكو (120˚غربا)

الحل:

1- الفرق بين نيويورك و جرينتش بالدرجات = 74 – 0 = 74˚

تحويل الدرجات إلى وقت = 74 ×4 = 296 دقيقة ÷ 60 = 9د,4س

إذن الوقت في نيويورك = 12س – 9د.4س = 7:1 صباحا

(نطرح لأنها تقع غرب جرينتش)

2- الفرق بين استانبول و جرينتش بالدرجات = 29 – 0 = 29˚

تحويل الدرجات إلى وقت = 29 ×4 = 116 دقيقة ÷ 60 = 9د,1س

إذن الوقت في استانبول = 12س + 9د.1س = 13:9 ظهرا (أي 1:9 ظهرا)

(نجمع لأنها تقع شرق جرينتش).

• ما الوقت إذن في  سان فرانسيسكو؟

مثال 5:

إذا كانت الساعة في مدينة الكويت الواقعة عند خط طول 45˚ شرقا هي السادسة صباحا فكم تكون في دكا عند خط طول 90˚ شرقا ؟

حمله       من هنا