الصفحات

الأربعاء، 21 أغسطس 2019

التوسع المساحي لمدينة البصرة 1947-2003: دراسة في جغرافية المدن



التوسع المساحي لمدينة البصرة 1947-2003 

دراسة في جغرافية المدن



أطروحة تقدم بها 

صلاح هاشم زغير مبارك الأسدي 

إلى مجلس كلية الآداب – جامعة البصرة 

وهي جزء من متطلبات نيل درجة دكتوراه فلسفة في الجغرافية 



إشراف 

الأستاذ الدكتور

ماهر يعقوب موسى 



1426هـ 2005 م 



المقدمة

  المدينة ذات الكيان المعقد الذي تدور فيه وحوله الحياة تلقت ولا زالت ما تستحقه من دراسات امتدت منذ النصف الثاني من القرن الماضي من قبل الجغرافيين وغيرهم على حد سواء لكونها نتاج الإنسان وعصارة تفكيره وتطوره الحضاري ومركز إبداعه وتألقه ، وقد شرعت الدراسات بالدخول إلى المدينة عبر دراسة تركيبها الداخلي والخروج منها كعلاقات إقليمية ساعدت على تطورها وتطور المناطق المجاورة لها في أحيان كثيرة ، وإذا كان الاهتمام ينصب على استعمالات الأرض land uses في المقام الأول كوظائف تقدم لسكان المدينة وسكان المناطق المجاورة ، فانه من الضروري بمكان أن نفهم كيف وصلت المدينة إلى هذا الأتساع المساحي لتتطور معها تلك الاستعمالات ، فالأتساع المساحي لا يحدث الا وفق متطلبات وحاجات تدعو أليه وبمستويات تتناسب مع زيادة السكان وتطور الوظائف فيها. وليس بالمستبعد أن تتوسع المدينة بأبعاد مساحية تفوق حاجتها وبالتالي تشكل عبئاً عليها بسبب ان التوسع المساحي لابد ان يقابله توسع في مستوى الخدمات المقدمة للسكان ولذلك تستند فلسفة الموضوع الذي نحن بصدده إلى معرفة مدى التوافق بين التوسع والحاجة الفعلية له والتي تتحدد بكفاية الوظائف المقدمة للسكان ورضاهم عنها. 

  ومدينة البصرة ذات البعد التاريخي والتي تطورت فيها الوظائف لتصل إلى هذا المستوى الذي لا يمكن أن يحدث ألا بتفاعل مجموعة من العناصر المشتركة توحدت لترسم صورة المدينة بكل أبعادها السكانية والمساحية كونت نسيجاً متناغماً محلياً ذا خصوصية واضحة ساعدها في ذلك موقعها الجغرافي الذي جمع تركيبة اجتماعية وثقافية واقتصادية تختلف نوعاً ما عن كثير من مدن العراق. 

  والدراسة التي تناولها البحث هي التوسع المساحي لمدينة البصرة لمدة امتدت 1947-2003 وقد جاء تحديد هذه مدة لعدة اعتبارات يبرز في مقدمتها الجانب الإحصائي الذي تحدد بأول إحصاء سكاني في العراق حيث ساعد على دراسة التطور المساحي للمدينة من خلال ربطه بالجانب الإحصائي ( عدد سكان المدينة) يقابل ذلك أن أول تصميم وضع قيد التنفيذ للمدينة كان في عام 1942 أي قبل الإحصاء الرسمي بخمس سنوات وهو ما يوفر أرضية لتتبع هذا التطور ، بالإ إلى فضل عن أن المدينة في دراسة تطورها المساحي ترتكز إلى جملة ما ترتكز عليه هو مركز الثقل السكاني الذي يوضح اتجاهات التوسع ولا يحدث هذا الفهم والمتابعة ألا من خلال الإحصاء الذي يجعل الباحث يتتبع تحركة داخل المدينة. ولغرض الوصول إلى هذا الهدف وضع الباحث منهجاً جغرافياً مختلفاً من خلال فصوله الأربعة التي فرضتها طبيعة الموضوع .

  فالفصل الأول جاء بدليل نظري مختصر أشار إلى التعريفات المقدمة والمفاهيم والنظريات المتعلقة بالموضوع سواء كانت ذات صلة مباشرة أو غير مباشرة وبخاصة أن بعض التعاريف والمفاهيم متقاربة في عناوينها وكذلك النظريات التي تناولت التركيب الداخلي للمدينة وأنماط التوسع المساحي بما يخدم الموضوع وصولاً إلى هدف الأطروحة ، إضافة إلى دراسة مراحل نمو المدينة.

وجاء الفصل الثاني ليشير إلى تحليل عوامل التوسع المساحي للمدينة والمتمثلة بعدة عوامل أساسية لعبت دورا مهما في عملية التوسع وهي ذات تأثير متباين زمانياً ومكانياً حسب الظروف الموضوعية والذاتية لكل مرحلة من مراحل التطور المساحي للمدينة فجاء فصلاً تاريخياً وصفياً تحليلياً استمد معلوماته من مصادر تاريخية وميدانية. 

  أما الفصل الثالث الذي جاء بثلاثة محاور يتناول الأول منه محددات التوسع المساحي سواء كانت هذه المحددات طبيعية Topographical obstructions  أو محددات بشرية Human obstructions توضح مدى تأثيرهما على توسع المدينة في مراحلها المتعاقبة ، اما الثاني فبحث اتجاهات التوسع عبر مراحل نمو المدينة ، في حين جاء الثالث ليشير إلى الجهود التخطيطية.

وتضمن الفصل الأخير ثلاث محاور الأول منها تأثيرات التوسع على المدينة ، والذي يتحدد بالتأثيرات المباشرة أو غير المباشرة سواء كان في مستوى الخدمات المقدمة للسكان أو في مورفولوجيتها ، أو في تأثيراتها الاجتماعية على سكان المدينة ، أما الثاني فاوضح تأثيرات التوسع على الأراضي المجاورة وهي على شقين تأثيراتها على الأراضي الزراعية وعلى الأراضي الفارغة ، والأخير من الفصل يتوجة إلى مستقبل التوسع المساحي للمدينة وفق طرائق ثلاث وهي الطريقة التنبوئية ومعدل نصيب الفرد ومعايير التخطيط الحضري. 

تحديد منطقة الدراسة :- احتلت منطقة الدراسة مساحة بلغت 201 كم2 وبعدد سكان بلغ 784992 نسمة وبكثافة سكانية عامة بلغت 3905 نسمة / كم2 وبحدود جغرافية توضحها الخريطة (1) والمدينة هي مركز لقضاء البصرة إحدى الاقضية السبعة لمحافظة البصرة ( خارطة 2 ).

مشكلة البحث

  تكمن مشكلة البحث في محاولة الاجابة عن السؤال الاتي: لماذا أخذت مدينة البصرة منذ عام 1947 ولغاية 2003 بالتوسع المساحي بطريقة القفز وباتجاهات مختلفة ، تاركة أراضي بمساحات متباينة غير مستغلة داخل المدينة انعكست على أداء المدينة لوظائفها.

فرضية البحث

 يمكن اعتماد عدة فرضيات لحل مشكلة البحث وهي :-

1- هناك علاقة بين التوسع وسوء التخطيط . 

2- هناك علاقة بين التوسع وتوزيع الأرض إلى اكثر من جهة حكومية وأهلية تتحكم في استعمالها. 

3- هناك علاقة بين التوسع وارتفاع دخل الفرد.

4- هناك علاقة بين التوسع وظهور محاور تشجع عليه.

5- هناك علاقة بين التوسع وسوء أداء المدينة لوظائفها . 

6- هناك علاقة بين التوسع وزيادة عدد السكان. 

7- هناك علاقة بين التوسع ووفرة المياه السطحية.

أهداف البحث

  يهدف البحث إلى دراسة ظاهرة التوسع المساحي لمدينة البصرة ومعرفة اتجاهات هذا التوسع وماهية العوامل المؤثرة في زيادة مساحة المدينة ومن ثم بيان التأثيرات التي يحدثها التوسع على المدينة وما جاورها.

أهمية الدراسة

  تحاول الدراسة أن تجعل من مدينة البصرة عبر دراسة توسعها المساحي والعوامل المؤثرة فيه دليلا لدراسات المدن العراقية الأخرى في حل المشاكل الناتجة عن هذا التوسع ويندرج ذلك في أطار معرفة الحاجة الفعلية للمساحة الحضرية.

منهجية البحث

  اعتمد البحث على المنهج الوصفي ذي البعد الاستقرائي في تحقيق الظاهرة بدراستها صعوداً من الجزئي إلى الكلي وهذا ما يعتمده الجغرافيون منهجاً في كتاباتهم ودراساتهم للظاهرة الموجودة على سطح الأرض وعلاقتها مع الظاهرات الأخرى مما يستدعي اعتماد دراسة تفصيلية بغية تقييس الوصف والتوصل إلى أفكار تحليلية وتفسيرات لما يمكن ملاحظته ووصفه باعتماد الأسلوب الكمي باستخدام الحقيبة الإحصائية SPSS لمناقشة عوامل التوسع المساحي والتنبؤ عن المساحة التي ستكون عليها المدينة وعدد سكانها مستقبلاً .

الدراسات السابقة

  تناولت العديد من الدراسات مدينة البصرة من جوانب مختلفة ولكن في مجال التوسع المساحي لم تظهر دراسة مباشرة بعد على حد علم الباحث بهذا الموضوع سوى دراستين قريبة من موضوع الأطروحة وهما دراسة سميرة عبد الهادي المعنونه (النمو الحضري والتطور الوظيفي لمدينة البصرة ) ودراسة ماهر يعقوب موسى ( التحليل الجغرافي للوظيفة السكنية في مدينة البصرة ( 1977-1996 ) وأن لهاتين الدراستين أهداف و منهجيه تختلف عن هدف أطروحة التوسع المساحي . 


Areal Expansion

to Basrah City

1947 - 2003



A Thesis submitted By 

Salah Hashim AL Asadi 


To the council of the 

College of Arts / university of Basrah

In partial fulfillment of the requirements

Of the Degree of Doctor of philosophy

In Urban Geography



Supervised By 

Professor .Dr. Mahir Ya'ccob Moosa



2005 



Introduction


    The present study aims at investigating the phenomenon of area expansion of Basra city , together with examining the directions of this expansion and the factors that affect increasing the city area , as well as the influences that such an expansion makes in the city and its adjacent lands . The problem of the study can be summed up in that Basra city in the period 1947 – 2003 expanded in its area by the leaping approach into different directions leaving lands of variable areas inside the city unexploited , in its turn , is reflected on the city achievement of its jobs .

  The significance of the study lies in the fact that it can be regarded a guide to studying other Iraqi cities throughout studying Basra city to solve the problems resulting from this expansion . This can be listed as an endeavor to estimate the real need to the urban area . 


  Basra city is of a historical dimension and it has developed its jobs to arrive at Such a high level . This development could not happen unless a number of shard factors worked together to draw the city picture with all its surveying and demographic dimensions . The city of Basra has an obvious property , representing in its geographical position which gathers a unique social , cultural , and economic structure , which makes it somehow different from other Iraqi cities .

  The present city deals with the surveying expansion of Basra city in a particular period 1947 – 2003 for a number of reasons . First , the study depends on the first census made in Iraq in 1947 , which helps examine the surveying development of the city throughout connecting it with the statistical side ( the number of city population ) . Second , the first design of the city was made in 1942 , five years before the official census which helps follow such a development . Third , examining the surveying development of the city largely depends on its demographic weight , which clarifies the directions of this expansion . Such a development cannot be understood unless the researcher follows the movement of the demographic census inside the city . To achieve this aim , a specific geographical approach is followed in the four chapter of the study .

  Chapter One presents the theoretical background of the study , including the definitions , concept , and theories which are , in one way or anther , related to the subjected of the study . some of the definitions and concepts presented here are somehow similar in their titles . Besides , the chapter shows the theories that dealt with the internal structure of the city , and the approaches of surveying expansion , as well as studying the stages of city development so as to achieve the research objective .

  Chapter Two exhibits the analysis of the factors of the city surveying expansion . These factors have played a very essential role in time and location , in terms of the objective Conditions of each stage that the city surveying development has passed through . Consequently , this chapter comes to be historical , descriptive , and analytic , which depends , in its information , on historical and field resources . 

  Chapter three Consists of three axes . The first axis deals with the obstructions of the surveying expansion , whether Topographical obstructions or Human ones , and their influence on the city expansion in its successive stages . The Second axis examines the expansion directions through the stages of the city development , and finally the third axis reflects the designing efforts . 

  Chapter Four deals with three items , the first of which investigates the expansion influences , direct or indirect , on the city , whether in the quality of the services presented , its morphology , or its social influences on the population . The Second item clarifies the affects of such an expansion on the adjacent lands , whether the cultivated lands or the empty ones . The last item reflects the surveying expansion future of the city according to three approaches : the prophetic , the average of the individual ,s shave , and the criteria of the urban designing . 



المـــوضوع
رقم الصفحة
قائمة المحتويات
و ـ ز
قائمة الجداول
ح ـ ط
قائمة الخرائط
ط ـ ي
قائمة الأشكال
ي
قائمة الملاحق
ك
المقدمة
1-7
الفصل الأول
الدليل النظري ومراحل نمو المدينة
8-44
أولاً : الدليل النظري
9-25
ثانياً : مراحل نمو المدينة
25-44
الفصل الثاني
عوامل التوسع المساحي للمدينة
45-109
أولاً : موضع وموقع المدينة
46-59
ثانياً : المتغيرات السكانية
59-67
ثالثاً : عامل النقل
67-71
رابعاً : سياسة الدولة
72-76
خامساً : العوامل الاجتماعية
76-80
سادساً : العوامل الاقتصادية
80-86
سابعاً : توفر الخدمات الأساسية
86-88
ثامناً : العلاقات الإقليمية
88-101
- العلاقة الإحصائية بين التوسع المساحي و بعض المتغيرات
102-109
الفصل الثالث
محددات التوسع المساحي واتجاهاته
110-160
أولاً : محددات التوسع
111-130
ثانياً : اتجاهات التوسع ومحاوره
131-146
ثالثاً : الجهود التخطيطية للمدينة
146-160
الفصل الرابع
التوسع المساحي واثره على المدينة وما يجاورها
161-192
أولاً: تأثيرات التوسع على المدينة
162-171
ثانياً: تأثيرات التوسع على المناطق المجاورة
1-     تأثير التوسع على الأراضي الزراعية
2-     تأثير التوسع على الأراضي المجاورة
171-178
ثالثاً : مستقبل التوسع
178-192
الاستنتاجات و التوصيات
193-203
قائمة المصادر
204-210
الملاحق
211-219
الملخص باللغة الإنكليزية
A-B



الفصل الأول


الدليل النظري ومراحل نمو المدينة

أولاً : الدليل النظري

ثانياً : مراحل نمو المدينة 

أولاً : الدليل النظري

  تحظى المدينة باهتمام بالغ من قبل الاختصاصات المختلفة التي يرى كل منها المدينة من مجال اختصاصه بعد أن ازدادت ظاهرة التحضر في مختلف دول العالم واصبحت المدينة ظاهرة بشرية أخذت تتوسع مساحيا نتيجة لزيادة سكانها والطلب المتزايد على الأرض وامتدت المدينة بسرعة في اتجاهات متعددة واندفعت بشكل أصبح من الضروري متابعة هذا التوسع الذي كان له الأثر الواضح في حياة المدينة والمناطق المجاورة لها ، وحتى البعيدة عنها ، وفي الآونة الأخيرة أخذت عملية التوسع أبعادا أخرى وبخاصة في الدول النامية ذوات النمو السريع في عدد سكان مدنها ، فكانت لعملية التوسع هذه آثارمتعددة الجوانب سلبية كانت أم إيجابية في حياة المدينة لاسيما عندما يكون التوسع عشوائيا وغير مخطط حيث تفقد المدينة جمالها وجاذبيتها بالنسبة لسكانها وسكان المناطق الأخرى. 

1- مفهوم المدينة:

  عند اعتماد المفاهيم المتعلقة بموضوع دراستنا هذه لابد أن نتناول بشيء من الاختصار مفهوم المدينة بحد ذاتها التي اختلف الأختصاصيون في تعريفها وحتى بالنسبة للمهتمين في الموضوعات الجغرافية ، فعندما أشار راتزل Friedrich Ratzel ( 1844 – 1904 ) في تعريفة للمدينة إنها عبارة عن تجمع بشري دائم والمساكن فيه تغطي مساحة كبيرة وتوجد في ملتقى لطرق تجارية كبيرة هذا التعريف ارتبط بعناصر ثلاث أن صح التعبير وهو عدد معين من السكان وسكن وشكل من أشكال النشاط الاقتصادي ( التجارة ) هذا التفسير لمعنى مفهوم المدينة شجع الكثير من الجغرافيين من المهتمين بها بأن يظهروا انتقاداتهم له والبحث عن تعاريف أخرى اكثر ملائمة ولذلك نجد أن الجغرافي الألماني فون ريتشهوفن Von Richthofen الذي جعل من المدينة تجمعاً تتمثل وسائل عيشة العادية في تركز أشكال العمل غير المخصصة للزراعة وفي المقام الأول التجارة والصناعة وهو مشابه لما توصل اليه والتركرسيتالر Walter Christaller من تعريف ركز على التجارة والإدارة والحرف الصغيرة ولكنة لم يعط للصناعه إلا دوراً ثانوياً فــي حين أن الجغرافي الألماني H. Dorries ركز على المظهر العام ، حيث يقول أن المدينة تعرف بشكلها المنتظم نوعا ما و المغلق والمجتمع حول نواة يسهل تميزها وبمظهرها المتنوع جداً والمتكون من العناصر الأكثر اختلافاً وهذا التعريف أيدته الجغرافية الفرنسية جاكلين غرانية Jacqueline Garner في ضرورة وجود نواة عندما تقول أنه ليس هناك مدينة ألا إذا وجدت نواة قادرة على التوحيد وتهيمن وتنظم الأطراف ( الجديدي ، 1996 ، 17-19 ) وهنا نلاحظ حدوث تطور في المفهوم من تجمع سكني ذي عدد معين من السكان ونشاط اقتصادي محدود إلى منطقة ذات نواة تربط أجزاءها بمركزية محددة نسبياً ، ثم أخذت الدراسات حول هذا الموضوع أبعادا متعددة لتصل إلى أن المدينة تعرف قبل كل شيء بوظائفها وبطريقة العيش وصولاً إلى دخولها في مجال العلاقات حيث يوضح بيار مرلان Pierre Merlin أن المدينة مركز علاقات ومواصلات فالمدينة ليس لها مبرر الوجود ألا كمكان لإعادة تجمع البشر وأنشطتهم لأن عملية تجميعهم يعطيهم إمكانيات إنتاج أكثر من خلال تقسيم العمل ويمكن من تنمية الحياة الاجتماعية ، والمدينة ليس لها مبرر الوجود ألا بقدر ما هي تمثل إطاراً للمبادلات المادية والذهنية . ورغم التطور الحاصل في التعاريف في مفهوم المدينة إلا أنه لا يوجد تعريف شامل وكامل لهذا المفهوم ولا سيما إن المفهوم يتطور باستمرار ويزداد تعقيداً يوما بعد أخر بحيث لا يمكن الاعتماد على معيار واحد لإنتاج التعريف ولذلك لابد من أيجاد تعريف توليفي يأخذ بنظر الاعتبار المعايير المتعددة مثل الحد الأدنى للسكان والمظهر العام والجانب الإداري والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والعلاقات التي يربطها مع المجال الخارجي ولكل هذه الأسباب وغيرها نجد أن منظمة الأمم المتحدة تخلت عن الحد الأدنى للسكان ( 2000 نسمة ) لتحديد المدينة منذ عام 1969 فأعطت بذلك كل دولة حرية تحديد العدد بما يتلاءم مع خاصيات كل بلد ولكن مهما يكن فأن التعريف التقليدي لمفهوم المدينة قد تجاوزته الأحداث تحت تأثير سرعة النمو الحضري كماً ونوعاً ومجالاً ، حيث يلاحظ أن نسبة النمو الحضري أخذت بالازدياد في مختلف دول العالم ويوضح الجدول (1) والشكل(1) .

جدول (1)

التطور الحاصل في نسب التحضر بين الدول المتقدمة و النامية

السنة
نسبة التحضــر %
الدول المتقدمة
الدول النامية
1920
39.7
9.6
1940
46.1
14.8
1960
62.4
19.5
1980
71.3
31.8
2000
79.4
44.6
2025
86.5
61

المصدر : 

1- عبد الإله أبو عياش وزميله ، الاتجاهات المعاصرة في الدراسات الحضرية ، جامعة الكويت ، الكويت 1979 ص140-141.

2- عبد علي الخفاف وزميلة ، جغرافية المدن الكبرى في العالم ، دار الكندي للنشر والتوزيع ، اربد ، الأردن 2000 ص 80-85 .


شكل ( 1 )

التطور الحاصل في نسب التحضر بين الدول المتقدمة والناميه


المصدر: بالاعتماد على جدول ( 1 ).

  مقدار الزيادة الحاصلة في نسبة التحضر في الدول النامية والدول المتقدمة ، حيث قفزت في الدول النامية إلى مستويات عالية ، فبعد أن كانت نسبة النمو الحضري 9.6 % في عام 1920 أرتفع إلى 14.8 % في عام 1940 ليصل إلى 19.5 % في عام 1960 ثم أرتفع إلى 31.8 % في عام 1980 وبعد ذلك يصل إلى 44.6 % في عام 2000 ومن المتوقع يصل إلى 61% في عام 2025 . أما في الدول المتقدمة فأن نسب سكان الحضر مرتفعة ألا إنها تسير بوتيرة متناسقة نسبياً فبعد أن كانت 39.7 % في عام 1920 ارتفعت إلى 46.1% في عام 1940 ثم إلى 62.4 % في عام 1960 وهذا الارتفاع يعود إلى التنمية الاقتصادية التي حصلت بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ، في حين أن في عام 1980 وصلت النسبة إلى 71.3 % لترتفع بعدها إلى 79.4 % في عام 2000 ومن المتوقع وفقاً لمستويات النمو أن تصل إلى 86.5 % في عام 2025هذه الزيادة الحاصلة في أعداد سكان المدن لابد أن يكون لها جانب مهم من اهتمام القائمين على دراسة المدينة لاسيما جغرافيو المدن لذلك نجد أن التعاريف الخاصة بالمدينة وأن تنوعت فهي تصب في مفهوم يرتكز على أن المدينة هي تجمع حضري ذو شخصية مستقلة وواضحة المعالم عن باقي المستوطنات البشرية( القرى بأنواعها ) وفي ذلك نستطيع القول أن المدينة هي ذلك الحيز الحضري المبني والمأهول الحدود وبهذا التعريف نكون قد اختلفنا في مفهوم المدينة بالنسبة للبلدية الذي يرتكز على حدود إيصال الخدمات للسكان وليس حدود البناء المتصل وهي بذلك تتجاوز مفهومنا للمدينة ليصل إلى مناطق ذات طابع قروي حيث هدف البلدية هو إيصال الخدمة للسكان والى أبعد نقطة ممكنة ضمن حدود صلاحياتها ، ونحن في ذات الوقت نختلف مع التخطيط العمراني في تحديد المفهوم الذي يرتبط فكرته الأساسية لديهم بالتصميم الأساس الذي يعبر عن حدود ذوات أبعاد واضحة ومرسمه بصورة دقيقة وفق مواصفات رسمية حصلت عليها من جهات ذوات علاقة . حيث يتحد التصميم كما نوضحه لاحقاً بجانبين الأول هو واقع حال المدينة أي المنفذ فعلاً من التصميم الأساس الذي يتمثل باستعمالات الأرض داخل المدينة ، والثاني ما مخطط له مستقبلاً ومهما تكن درجة الاختلاف فأن جغرافيي المدن يلتقون مع المخطط في نقاط عدة أكثر من الاختصاصات الأخرى حيث ترتبط بالاهتمام بالمدينة كاستعمالات أرض وتوزيعها المكاني والتغيرات التي يمكن أن تحدث عليها . فنحن في جغرافية المدن ندرس التصميم لبيان مدى مطابقته للواقع وأسباب عدم تنفيذ البعض منه وفق الزمن المحدد له في ضوء معرفتنا لطبيعة الصراع القائم بين الوظائف التي تتحرك وفق ضوابط وعوامل محددة تعمل على أعادة ترتيب الوظائف وبصوره مستمرة وبخاصة في المدن الحديثة نسبياً . فهي أكثر وضوحاً من المدن القديمة التي بدأت تأخذ فيها استعمالات الارض نوعاً من الاستقرار النسبي الذي لا يظهر عملية الصراع بشكل واضح أو سريع.

2 - المفاهيم العامة 

أ- التحضر urbanization 

  اختلف الباحثون في تحديد مفهوم التحضر تبعاً لخلفياتهم فعلماء الاجتماع يمثل التحضر بالنسبة لهم عملية تغير اجتماعي تتم من خلال انتقال السكان من الريف إلى المدينة واكتسابهم بصورة تدريجية سلوك سكان الحضر (قطب، 1978 ،90) في حين يفسره اخرون من علماء الاجتماع ذاتهم بطرح المفهوم بأسلوب أخر ولكن في نفس الهدف وهو أنها عملية استقرار في المدينة وترك الريف وحرفتها وممارسة حرف أخرى لذلك يتبنى الشخص عادات مختلفة وسلوكا مختلفا عما كان عليه 0 أذن نفهم مما تقدم أن التحضر يعني عند علماء الاجتماع ثلاثة جوانب الأول التغير المكاني والثاني التغير السلوكي والثالث التغير الحرفي وهناك من يرى أن لظاهرة التحضر مضمونين مهمين اجتماعياً يتمثلان بصورة أساسية في نمط الحياة الجديدة وتغير العادات والقيم والتقاليد بسبب تبدل الأعمال من الأعمال الزراعية والحرفية نحو الأعمال الصناعية والخدمية وما يتطلب ذلك من تغير في طبيعة العلاقات بين الأفراد وأنماط السلوك لديهم ، أما المضمون الاقتصادي للظاهرة فيتمثل في ربط ظاهرة التحضر بالتطور الاقتصادي الأمر الذي يجعل من هذه الظاهرة انعكاساً للنهوض الاقتصادي للمجتمع ودالة لمقدار التطور المتحقق في هذا المجال (الراوي, 43,1998) ويهتم التحضر في أحد مفاهيمه بدراسة تركز السكان الذي يمثل العنصر التنظيمي لقدرة السكان المكتسبة على التكييف وتسري عملية التحضر على الأشخاص المقيمين في المدن والمناطق غير الحضرية ولكنهم اصبحوا تحت تأثير الحياة الحضرية وتتخذ عملية تركز السكان مظهرين الأول زيادة عدد المراكز الحضرية والثاني زيادة حجم تلك المراكز أي زيادة نسبة السكان الذين يعيشون فيها (غلاب وزميله،1972،188-189). 

  أما عند الجغرافيين فالصورة لا تختلف كثيراً لأن هناك جوانب التقاء بين الطرفين وبخاصة في هذا المجال ، فالتحضر يعني سكانياً أرتفاع الوزن النسبي لنمو السكان المقيمين بمستقرات بشرية مصنفة على أنها حضرية إلى مجموع السكان في حين انه يعني اقتصادياً التحول نحو أنشطة ( حرف ) غير زراعية ، أما ديموغرفيا فيعني التغير في البنى الديموغرافية المختلفة ( السن والنوع والحالة الزوجية … ) مما يرافق نمو السكان الحضر بينما يعرف سلوكياً من خلال أنماط سلوكية يتصف بها السكان الحضر بغض النظر عن مصادرهم (الاشعب، 67.1987) أذن بتعبير شامل أن التحضرعلى وفق هذا المفهوم هو التغير في واقع السكان سواء بالزيادة العددية لهم أو في طبيعة الحرفة وتركيبهم الديموغرافي والسلوكي ، فهو تغير عددي ونوعي في الوقت ذاتة يقود إلى حياة مختلفة عما هي عليه في الريف ويرى باحث جغرافي أخر أن التحضر هو عملية تغييريه تشمل تبدل العلاقات في توزيع السكان من المناطق الريفية والبوادي نحو المدن والمناطق الحضرية ويرتبط بهذا إعادة تغير في المهن والحرف الاقتصادية التي يمارسها هؤلاء السكان (أبو عياش 1985 ،94 ) ألا أن التحضر عند الجغرافية جاكلين غرانيه (Jacqueline Garner) هو حركة وتنمية للمدن في آن واحد من حيث العدد والمساحة أي عددياً ومجالياً وهي تهتم بكل ما يرتبط بتقدم الظاهرة الحضرية ويحول شيئاً فشيئاً المدن أو الضواحي وغالباً الاثنين نحو التحضر(Garner,1967,121) ومن خلال هذا المفهوم تبرز مظاهر التحضر من خلال النمو الديموغرافي في المدن والتجمعات الحضرية وكذلك حجم السكان الحضر ونسب التحضر من حيث التطور الزمني أومن حيث الوضع الحالي والاسقاطات المستقبلية والجانب الآخر هو التوسع المجالي للمدن والتجمعات الحضرية ، ألا أن التحضر بمعناه الأشمل والأوسع يعني عملية نمو وتوسع وانتفاخ المدن والبيئات الحضرية نتيجة لثلاث مجموعات من العوامل وهي تزايد نمو سكان المدينة نتيجة للزيادة الطبيعية والهجرات المستمرة من الأرياف باتجاه المدن ومن المدن الصغيرة إلى المدن الكبيرة بحكم قوى الجذب التي تتميز بها واخيراً ضم المناطق المحيطة بالمدن وينجم عن ذلك من احتواء للمساحات من حولها مع سكانها الذين يعيشون فيها .

  وعملية التحضر هذه تحتاج إلى وقت لأحداث حالة التكيف مع الأوضاع الحضرية ولذلك نستطيع القول أن الانتقال وحده لا يكفي لأحداث حالة التحضر ويجب أن لا يكون لدينا نوع من الخلط بين التحضر والانتقال لأن الانتقال هو مرحلة من مراحل التحضر يعقبها التغير في أسلوب الحياة والمعيشة(القطب وزميله1979، 127).

ب- النمو الحضري Urban Growth

   ويقصد به نمو المدينة سكانياً وعمرانياً ومساحياً ، وعندما نتحدث عن ظاهرة النمو الحضري لابد أن نشير إلى الجوانب الثلاثة الأنفة الذكر ، فزيادة سكان المدينة والتي تنتج عن عاملي الزيادة الطبيعية والهجرة تشكل أحد أركان النمو الحضري وفي ضوء الزيادة يتطلب أن يحدث نمو عمراني في استعمالات الأرض Landuse داخل المدينة بما يلبي حاجات السكان المتزايدة في طلب الخدمات فينتج عنه تغير في استعمالات الأرض وتوسعها وهنا ينشأ الطلب على الأرض بما يخلق حالة التوسع المساحي للمدينة أي زيادة في مساحتها أو ما يسمى بالمجال الحضري ، الجوانب الثلاثة هذه مجتمعة تحدث نمواً حضرياً وقد جاء الاهتمام بالنمو الحضري بسبب تأثيراتها على المدينة والمناطق المجاورة على حد سواء.

ج- الحضرية Urbanism 

  هي عملية تغير اجتماعي تحدث نتيجة انتقال أهل الريف إلى المدينة واكتسابهم تدريجياً أنماطا حضرية (الهيتي وزميله ، 28,1985) وقد حاول الباحثون أيجاد تعريف لمفهوم الحضرية يبعدها عن المفاهيم الأخرى كالتحضر مثلاً ولهذا ارتبطت الحضرية بتغير أسلوب الحياة والانتقال إلى المدينة لاننا إذا أخذنا الشطر الأول من المفهوم فأن الحضرية قد تسري على سكان الريف الذين يتسم البعض منهم بأسلوب معين من الحياة يوازي سكان المدن ألا انه يسكن الريف ولهذا فأن المفهوم مرتبط بالحالتين معاً وقد عبر الجغرافيون عنها بأنها عملية تغير نوعي في نظرة الناس إلى الحياة وفي أنماط سلوكهم أوجدوه ومارسوه من تنظيمات 00 في حين يراها البعض حضارة المدن وطريقة حياة سكانها ، أنها أسلوب حياة مميز له قيمته الاجتماعية وركائزه الحياتية والاقتصادية ولكنها قيم وركائز غير متناظرة وبالتالي له أنماط حضريته وتحضره (الخياط, 151,1982) ، وهناك من يعطي للحضرية مفهوم العصرية وهي الحداثة وتعني قدرة المجتمع على الاختراع والإبداع والاستيعاب المتمثل بتقبل المبتكرات الحديثة ومن مؤشرات العصرية عدد الصحف لكل ألف شخص أو عدد أجهزة التلفاز لكل ألف شخص فمدينة عمان مثلاً استقبلت مهاجرين من الأيدي الحضرية المدرجة من مدن الضفة الغربية ساهمت في تطوير بيئة عمان الحضرية على عكس بغداد والقاهرة لذا فان عمان اكثر عصرية من بغداد والقاهرة(السعدي،2002 ،656).

د-التوسع المساحي Areal Expansion

  هو التوسع الحاصل في مساحة المدينة خلف ما كانت عليه ويتضمن هذا التوسع تغيير الأرض المحيطة بالمدينة التي كانت في السابق قد استخدمت استخداماً غير مدني أو بدون استخدام إلى استخدام مدني بحيث أصبحت جزءا أساسيا من التكتل المدني 0 أذن في الواقع التوسع يعني اتساع الرقعة الجغرافية الحضرية ( المركز الحضري ) وتنتج عن هذا التوسع إضافة أراضي جديدة لأصل مساحة المركز الحضري(المظفر 1996 ،3) وبذلك تحدث لدينا زيادات مستمرة في مساحة المدينة وهي قد لا تعني بالضرورة الحاجة الفعلية إلى المساحة بل أن هناك عوامل معينة أدت إلى التوسع وأحدثت انتفاخا فيها بالرغم من وجود مساحات فارغة ، وبذلك يكون التوسع غير ملائم Missfit ويمكن إطلاق عليه صفة التوسع الوهمي. أن ظاهرة التوسع المساحي للمدن لم تؤخذ من قبل الباحثين بصورة منفردة على حد علم الباحث بل أدخلت ضمن إطار النمو الحضري كأحد جوانبه الثلاثة.

3 - أنماط التوسع المساحي

  تمثل انماط التوسع المساحي أطاراً نظرياً يمكن التعامل معه في هذا المجال ، ولا يقتصر مفهوم النمط على علم الجغرافيا بل يتجاوزه إلى علوم أخرى طالما تشترك في تحديد الخصائص المتجانسة للظاهرات وجعلها في مكان واحد لا سيما عند تصنيف حالات بين الاشياء ضمن مسميات معينة 0 وهناك عدد من انماط التوسع المساحي وهي التراكمي ، الخطي ، المحوري ، القافز ، النوى المتعدد ، المخطط ( شكل 2).

وقد ذكر الباحث ثلاثة منها لصلتها بموضوع الدراسة.

أ- النمط التراكمي Cumulate Pattern

  يرتبط هذا النمط بعملية ملء الفراغات الموجودة داخل المدينة ، حيث هناك مساحات واسعة موجودة بداخلها تركت لأسباب شتى ولكن سرعان ما امتلات أجزاء منها بعد أن ظهرت الحاجة المتزايدة لها وبهذا تكون المدينة قد تراكم لديها البناء في سد هذه الفراغات أو أن السكان يضطرون إلى البناء عند مشارف المدينة بسبب أرتفاع أسعار البناء داخل المدينة (شكل 2) وهذا النمط تعيشة المدن التي نمت بصورة عشوائية ودخل إليها التخطيط مؤخراً محاولا أن يغير من صورة التركيب الداخلي لها وفق ضوابط تخطيطية حديثة ويظهر هذا جلياً في أغلب المدن العراقية.

ب- النمط القافز Leap frog Pattern

   هناك تجمعات سكنية تظهر في مناطق بعيدة عن المدينة ( مركز ) تفصلها عنها منطقة زراعية أو غير ذلك ولكن ترتبط معها بعلاقات وثيقة ، ولكن من الممكن أن تتطور هذه المناطق مستقبلاً مشكلة مع المركز منطقة حضرية متصلة ويحدث القفز هذا لأسباب عديدة أبرزها تعدد عائديه الأرض لأكثر من جهة حكومية بحيث لا يمكن التجاوز عليها ألا بموافقتها مما يجعل القفز أمرا محتماً أو ارتفاع الأسعار في مركز المدينة وعدم مقدرة السكان على مواجهة ذلك الارتفاع مما يضطرهم إلى البحث عن مواقع أرخص نسبياً أو بسبب حالة التزاحم الشديد في المركز وعدم صلاحيته للسكن وخاصة عند العوائل ذوات الدخول العالية مما يؤدي بهم إلى التوجه إلى المناطق المفتوحة وبخاصة الزراعية منها.

ج- نمط النوى المتعدد Multiple Nuclei 

  يحدث هذا النمط عندما تتهيء عوامل معينة لوجود نواة أو عدة أنويه قريبة من المدينة ، وبفعل عوامل عدة مرتبطة بالنمو والتوسع تندمج تلك النواة أو الأنويه معها مكونة مدينة كبيرة وتشكل وحدة كاملة من حيث الأنشطة والفعاليات ونجد هذا واضحا في مدينة البصرة التي هي عبارة عن عدة أنويه ( العشار – البصرة القديمة – المعقل ) سرعان ما نمت وتطورت مكونة مدينة البصرة ( خارطة 3 ) .

  أن الأنماط التي ذكرت عن التوسع المساحي للمدينة هي إطار عام لها يدخل فيها بعض التغيرات التي تعبرعن واقع المدينة وبهذا نستطيع القول بأن أنماط التوسع تقود إلى رسم صورة المدينة والكيفية التي سارت عليها عملية التوسع0 

4- بعض نظريات ونماذج التركيب الداخلي للمدن

  برزت عدة نظريات تتحدث عن شكل المدينة في ضوء تركيبها الداخلي ، وقد عبرت هذه النظريات عن الحقبة الزمنية التي ظهرت فيها و عاشتها وكان لهذه النظريات دورها في أيقاظ المهتمين بدراسة المدينة بضرورة أيجاد تفسيرات واضحة لأسباب التوزيع المكاني لاستعمالات الأرض داخل المدينة ، وكان أرنست برجس E . Bruges عام 1925 أول من تصدى لهذه المسألة من خلال نظرية الدوائر المتراكزة Concentric Zones Theory ومفاد هذه النظرية أن المدينة تتوسع بشكل دوائر متداخلة ذوات مركز مشترك وقد أوجد خمسة أنطقة توزعت فيها استعمالات الأرض وكانت هذه الاستعمالات منفردة أي لا توجد حالة تداخل فيما بينها كما يوضحه الشكل ( 3 ) ولا نريد هنا أن نوضح الانتقادات التي وجهت أليها ولكن أستطاع برجس أن يبرر أسباب نمو المدينة على هذا النحو دون غيره مؤكداً أن المدينة تنمو وتتوسع بفعل عامل اجتماعي وهي المسؤولة عن تنظيم هيكل المدينة ( استعمالات الأرض الحضرية ) مكانياً موزعة إياها بانطقة ذوات مساحات معلومة الأبعاد ، وقد فتحت هذه النظرية آفاقا جديدة لتأخذ نظريات أخرى دورها في هذا المجال وقد جاءت نظرية القطاعات Sectorial Theory التي جاء بها هو مر هويت Homer Hoyt في عام 1939 مشيرا إلى أن نمو المدينة لا يظهر على شكل دوائر متداخلة المركز نحو الأطراف بل تأخذ المدينة في نموها قطاعات تمتد من المركز نحو الأطراف وكانت تفسر نمو المدينة على أساس اقتصادي ، وقد أوجد خمسة قطاعات في نظريته هذه وهي لاتختلف عن النظرية الأولى سوى بطبيعة التوزيع والتفسير .

   وقد كانت هذه النظرية أكثر شمولاً وقبولاً لأنها درست أكثر من 64 مدينة ذوات أحجام متباينة في أعداد سكانها وهي بذلك أعطت للمدينة أبعادا متباينة ورسمت مخططا لها عبر عن واقعها الاقتصادي وليس الاجتماعي ، ويبدو أن هاتين النظريتين عبرت عن جوانب سكنية اكثر من أي شيء أخر وهو طبيعي لان الدراسات في تلك المدة ما هي ألا انعكاس لواقع المدن ، غير أن الانتقادات التي وجهت أليهما وبخاصة في إغفالها لاستعمالات الأرض الأخرى ، أدى إلى بروز نظرية النوى المتعدد Multiple Nuclei Theory التي جاء بها كل من جانسي هيرس G . Harris وإدوارد أولمن E. Ullmann عام 1945 أكثر تطوراً من النظريتين السابقتين حيث أضافا أربعة أنطقة جديدة ( شكل3) ليصل عددها إلى تسعة ولابد من الإشارة إلى أن لعامل التطور الاقتصادي وازدياد عدد السكان في المدن العامل الحاسم في رسم شكل جديد للمدينة سرعان ما ترتبط بعضها بالبعض الأخر بفعل أنماط التوسع التي ذكرت و هي بحد ذاتها متداخلة . وبالرغم من الانتقادات التي ظهرت على النظريات الثلاث ألا أنها استطاعت أن تعطي تفسيراً لنمو المدينة وكيف سيكون ذلك النمو في ظل ضوابط معينة لعملية النمو هذه . ولكل واحدة من هذه النظريات نصيب معين من القبول والرفض في وقتها ألا أن التطورات الاقتصادية التي شهدتها مدن العالم أدت إلى أيجاد نظريات أونماذج أن صح التعبير تأخذ بنظر الاعتبار تأثير عامل من العوامل على التركيب الداخلي للمدينة وعلى طبيعة التوسع ومن هذه النماذج نموذج وينغو Wingo 1962 الذي ربط بين توسع المدينة وبين عامل النقل ، الذي يأخذ أهميته من خلال قدرته على نشر استعمالات الأرض داخل المدينة تبعاً لكلفة النقل ، وهو يرى أنه يمكن أيجاد نمط معين من التركيب الداخلي مرتبط بتلك الكلفة وأيضاً لها علاقة من جانب آخر بالقيم العقارية (Wingo.1962,132 ) وهذا يتحدد أصلاً بالمسافة عن المركز كما أشارت لها أغلب الأدبيات في هذا المجال .

   في حين جاء نموذج الونزو Alonzo عام 1964 الذي تحدث عن تكوين القيم العقارية للأرض حيث يفترض أن الطلب المتزايد على الأرض يرتبط أصلاً بنمو السكان الذي يسبب زيادة في أسعار الأرض نتيجة للطلب المتزايد عليها . وكذلك التقدم التقني في مجال النقل الذي يؤدي إلى نقص في مُدد المسافة من المركز إلى الأطراف ويقلل من ارتفاع الأسعار في مركز المدينة حيث يفتح المجال إلى الأطراف بالتوسع والنمو والتطور(Alonzo,1964,204) 0

   أما نموذج ماير Mayer عام 1965 فهو يرتكز على مبدأ اقتصادي ( أن قيمة الأرض تنقص من المركز نحو الأطراف بنسبة تساوي قيمة الوقت الضائع في عملية التنقل نحو المركز ) وهذا ينعكس على كامل المدينة عندما تكون الأراضي القابلة للاستعمال غير كافية وكذلك لها انعكاس على المضاربة بالأراضي وان افضل أسلوب لمعالجة هذه الظاهرة هو زيادة مساحة الأراضي القابلة للتحضر على أطراف المدينة وبالتالي رصد المبالغ في سهولة بلوغها وفي إعادة تنظيمها، كما أوضح النموذج انه بالإمكان أحداث مراكز ثانوية على أطراف المدينة ينقص من جاذبية المركز الرئيسي ويسهم في تخفيض قيمة الأرض(R.Mayer ,1965,37 ) . لقد ركزت النماذج الثلاثة على قيمة الأرض التي ارتبطت بعامل النقل وزيادة عدد السكان والحاجة المتزايدة إلى الأرض والربط بينهما وبين مُدد المسافة وقد أعطت هذه النماذج الثلاثة تصورات هي:- 

1- أن عملية التحسن في مستويات النقل الحضري يؤدي إلى خفض قيمة العقار بسبب سرعة وسهولة الوصول .

2- إن ارتفاع قيمة العقار يتطلب زيادة مساحة الأرض القابلة للتحضر لمواجهة هذا الارتفاع .

3- إيجاد مراكز استقرار ثانوية عند أطراف المدينة ينقص من جاذبية المركز ويخفض الأسعار وبالتالي ما لهذه الظاهرة من انعكاسات إيجابية . إذن قادت النظريات الثلاث والنماذج الثلاثة وغيرها إلى تحليل جوانب مهمة من التركيب الداخلي للمدينة وكيف يكون في ظل ضوابط وعوامل محددة . 

  ولا بد من الإشارة إلى أن لكل مدينة وضعها الاستثنائي الذي يستعصي على النماذج المثالية ألا لشرح جانب معين منها بسبب الاختلافات المكانية في التركيب الايكولوجي داخل المدينة ، فضلاً عن المرونه الموقعيه الناتجة من الاستخدامات المتزايدة لوسائل النقل داخل المدينة وخارجها ( موسى ، 1997 ، 53 ) وبذلك افتقرت معظم الدراسات إلى التطبيق الكامل على المدن وعندما حاول الباحثون الاستفادة منها فانهم اجروا عليها عدة تعديلات وإضافات بما يتناسب مع واقع مدنهم فهذه النظريات والنماذج لم تحدد الشكل النهائي للتوسع المساحي للمدينة وانما لازالت المدينة تتغير وسوف تستمر في توسعها في أشكال لا تنطبق مع ما جاءت به هذه النظريات. 

ثانياً : مراحل نمو المدينة 

  الدراسات الجغرافية التي تناولت مراحل توسع المدينة اختلفت في تحديد عدد مراحلها وفتراتها الزمنية ومنهجية البحث فيها ، ويعزى ذلك أن لكل دراسة خصوصيتها ونظرتها إلى المدينة من خلال فلسفتها للموضوع. والدراسة الحالية عن مدينة البصرة حددت ثلاث مراحل للتوسع اختلفت في فتراتها الزمنية تبعاً لتباين الظروف التي أسهمت في ظهورها وتطورها والتغيرات التي تحصل في نهاية كل مرحلة لتدخل المدينة مرحلة ذات طابع مختلف نسبياً ، وقد اعتمدت الدراسة في عملية التمييز بين المراحل على عدة متغيرات تمثلت بأنظمة الطرق ، الطراز المعماري واستعمالات الأرض ( التجارية والصناعية ).

  أن أي مدينة لم تصل إلى شكلها الحالي الا من خلال مرورها بمراحل نمو معينة ، بغض النظر عن عددها والفترات الزمنية التي تستغرقها ( الزهيري ، 1998 ، 22 ) ويقصد بالمرحلة المورفولوجية أية مدة في التاريخ الحضاري لمنطقة ما تخلق نماذج أو أشكال مادية مميزة في المظهر الحضاري للأرض لتسد حاجات اجتماعية – اقتصادية لمجتمع المنطقة أو المدينة في تلك المرحلة. وتبقى هذه النماذج المادية التي تمثل الوحدات المعمارية كظاهرة موروثة ( الاشعب ، 1982، 18-19 ).

المرحلة الأولى ( 1400 – 1941 )

  لقد تضافرت عدة عوامل في ظهور مدينة البصرة القديمة كنواة أولى للبصرة الحالية تمثلت بالعامل السياسي والاقتصادي والإداري ( موسى 1997،76-87 ) هذه العوامل كانت حافزا مهما في نشأة وتطور مدينة البصرة القديمة ( العُمرية ) غير أن هذه المدينة تعرضت إلى العديد من المعوقات البشرية والطبيعية التي حالت دون تواصلها فالجانب البشري تحدد بهجمات الزنج المتكررة على المدينة لتصل ذروتها في عام ( 254هـ-868م ) والقرامطة ( 278هـ-891م ) إضافة إلى الغارات التي تشنها القبائل العربية التي تتخذ من أطراف المدينة مستقراً لها ( عبد الوهاب ، 1992 ، 17 ) 0 أما الجانب الطبيعي فقد اسهم بشكل واضح في ترسيخ فكرة الانتقال لدى السكان 0 فأمراض الطاعون والهيضة المستمرة على المدينة وكان أخرها في (800هـ-1397 م) الذي نتج عنه دمار بشري كبير ، يضاف أليه السيول والرياح الترابية العاصفة المستمرة على المدينة ( المصطفى ، 1998 ، 35 – 38 ) هذه المعوقات ساعدت بدون شك على التسريع بعملية الانتقال والبحث عن موضع بديل للمدينة ضمن موقعها الجغرافي يلبي متطلبات الحياة البسيطة للسكان ونستطيع القول أن عملية انتقال المدينة لم تكن باختيارها بل فرضت عليها فليس من السهولة أن تترك المدينة ذات الإرث الحضاري موضعها لتتوجه إلى موضع أخر تبدأ فيه حياة جديدة وأسلوب مختلف في التعامل مع مفردات بيئية فرضها الموضع الجديد والذي نعني به التوجه إلى الزراعة لوجود الأرض الخصبة ووفرة المياه والانفتاح إلى العالم الخارجي فيما بعد ( الخارطة 4) 0 وعلى الرغم من صعوبة تحديد تاريخ الانتقال إلى الموضع الحالي بشكل دقيق الا أن اغلب المصادر التاريخية تتحدث عن بدايات القرن الخامس عشر الميلادي ( بركات ، 1985 ، 11 ) وهو ما جعل الباحث يتخذ عام 1400م خط الشروع لدراسة مراحل المدينة ، وتمتد هذه المرحلة قرابة خمسة قرون ونصف وهي مرحلة طويلة في امتدادها الزمني ألا أن طبيعة الدراسة اقتضت بهذا الشكل فطول هذه المدة لم تخضع المدينة إلى أي تجربة تخطيطية تشكل منعطف في حياتها ولكنها مهمة فهي تحمل في ثناياها التراث الحضاري والمعماري للمدينة وهي تعكس أيضاً التطورات اللاحقة في مدة الدراسة ( 1947-2003 ) ورغم طول هذه المدة ألا أن توسع المدينة مساحياً كان بطيئاً نوعاً ما ، فالمدينة التي نمت وتطورت من محلتين سكنيتين في منطقة البصرة ( المشراق والديوانية) (بركات،1984،85).

  ثم توسعت بعد أن تم بناء جامع الكواز 1512م وتلاه جامع العرب عام 1580م ليمتد العمران بين هذين الجامعين وحولهم (عبدالوهاب ،1992،73) لتشكل مركزا أداريا واقتصاديا لولاية البصرة انذاك ولتحتل مساحة تقدر 1.3كم2 وبعدد سكان يقدر بحوالي 50000 ألف نسمة وتضم ما يقارب 10000 وحدة سكنية 0 وكانت المدينة قد أحيطت بسور لمواجهة الاعتداءات الخارجية ( خارطة 5 ) وخلال هذه المرحلة ظهرت منطقة العشار لتشكل النواة الثانية للمدينة ولا يوجد أيضاً تاريخ متفق عليه بهذا الشأن ألا أن ظهورها أخذ ينمو وبخاصة بعد أن تم بناء مسجد إلى جانب مقام علي الرضا (ع) في عام 1754 من قبل محمد الششتري (النبهاني 1980،107-108) ومع التطور الحاصل في منطقة البصرة القديمة وزيادة علاقاتها التجارية ، انعكس إيجابيا على منطقة العشار لتضطلع بدور رئيسي في مجال التجارة الخارجية باعتبار أن ميناء البصرة هو حلقة الوصل بين البصرة القديمة عبر نهر العشار والعالم الخارجي عبر شط العرب ومن ثم الخليج العربي ، وتشير المصادر التاريخية أن منطقة العشار ازداد فيها الاستقرار البشري في عام 1870 عندما أمر مدحت باشا بنقل مركز الإدارة المدنية أليها وقيام السلطة بتأجير الأراضي المجاورة لها لأغراض السكن ولمدة طويلة نسبياً ( عبد الوهاب ،1992 ،37 ) لتصل عدد وحداتها السكنية إلى 2140 وحدة تركزت قرب ميناء البصرة ( مرسى العشار) الذي يضم مؤسسات وانشطة اقتصادية مختلفة ( اداموف ،41,1982) ويتضح أن النواتين أخذتا بالتوسع ولكنه بطيء وهو مرتبط بقدرة المدينة انذاك على استيعاب السكان وطبيعة وسائل وطرق النقل المتاحة .

  رغم حالة الانتعاش الاقتصادي الذي شهدته المدينة ألا انه لم يدم طويلاً حيث رافقه بين مدة وأخرى هجمات خارجية بغية السيطرة عليها وبخاصة بين عامي 1734-1743م حيث اثر على استقرارها واستمر حصار المدينة في الهجوم الأخير مدة ثلاثة اشهر (لوريمر، 1199,1975) يقابله الأمراض المتوطنة في المدينة وبخاصة مرض الطاعون الذي حل بسكانها عام 1773م فضلاً عن الفيضانات المتعاقبة التي كانت تداهم المدينة من حين لآخر. 

  أن مدينة البصرة ( البصرة القديمة والعشار ) توسعت فيها المحلات السكنية وازداد عددها ليصل عام 1914 إلى 18 محلة سكنية وبمساحة بلغت 2.9كم2 ( خارطة 6) لتستوعب سكاناً بلغت تقديراتهم أكثر من 60 ألف نسمة ، أما بعد الحرب العالمية الأولى فشهدت المدينة إقبالاً متزايداً من المهاجرين من مختلف مناطق البلاد نتيجة لازدياد النشاط التجاري البريطاني في المدينة وإشباعها بالمنتجات البريطانية لكي تجعلها اقتصادياً ومصيرياً مرتبطة بها ( الجادر, 61,2000) ، غير أن هذا الوضع لم يدم طويلاً وبخاصة في ( 1929-1933) وهي مرحلة الكساد الاقتصادي العالمي الذي اثر في بعض جوانبه على المدينة ، الا أن المدينة عاودت نشاطها وأهميتها الاقتصادية من جديد بعد زوال حالة الكساد مما شجع الحركة الاقتصادية والسكانية والعمرانية في المدينة أن تنهض من جديد ، وفي نهاية عقد العشرينات ظهرت منطقة المعقل بعد أن اهتمت بها القوات البريطانية لتمد مرسى العشار إلى تلك المنطقة مما شجع الاستقرار البشري فيها فكونت بذلك النواة الثالثة لمدينة البصرة أما في نهاية عقد الثلاثينات فشهد قيام الحرب العالمية الثانية التي أثرت على المدينة أسوة بمناطق البلاد الأخرى . وقد شارفت المرحلة على نهايتها بحصيلة تمثلت بمساحة بلغت 19 كم2 ولتضم 32 محلة سكنية وبعدد سكان يقدر 63122 نسمة وتحتوي على 13314 وحدة هذا على مستوى المظهر العام للمدينة الذي تجسد باستعراض موجز لتطور مساحة وحجم المدينة أما على مستوى التركيب الداخلي للمدينة فقد اقتضت منهجية البحث دراسة أنظمة الطرق ، الطراز المعماري ، واستعمالات الأرض ( التجارية والصناعية ) .

أ‌- أنظمة الطرق 

    في هذه المرحلة من حياة المدينة التي أتسمت بالبساطة في وسائل النقل وقلة مساحة المدينة وتركزها في موضع واحد في بداية المرحلة ومع امتلاك سكانها الخبرة السابقة في مجال أنشاء الشوارع . فقد اهتموا في تنظيم الشوارع الموجودة ضمن مركز المدينة وبعض أحيائها المرحلة ، أما أحياؤها السكنية الأخرى فأن شوارعها تتصف بالضيق وعدم الاستقامة ( السكيني ، 1998 ،19) أما وسائل النقل التي استخدمت في المدينة فهم الحمالون والحيوانات وبعض العربات البسيطة حتى عام 1897 م حيث ظهرت شركات للنقل بالعربات تجرها الخيول ( العامر،1989،251) أما الطرق البرية فأن أول طريق يمتد من منطقة البصرة القديمة الى شط العرب اقيم في عام 1909 ( بركات ، 1984 ،52 ) وهناك أيضاً النقل النهري الذي كان عصب الحياة بالنسبة للمدينة ومقياسا لقوة علاقتها الخارجية ، وفي أواخر هذه المرحلة ازدادت أطول الطرق البرية الواصلة بين الأنوية الثلاث ولتربط المدينة بشبكة من الطرق المبلطة والترابية لتحقق عن طريقها توسعاً مساحياً وبخاصة بعد تقدم وسائل النقل فيها وربط المدينة التي تخترقها الأنهر الداخلية بمجموعه من الجسور التي بلغ عددها 17 جسراً في نهاية المرحلة مع 14 كم طولاً من الطرق المختلفة . وقد سادت الطرق العضوية في هذه المرحلة .

ب‌- الطراز المعماري 

   لكل مرحلة من مراحل نمو المدينة أنماط بناء وطرز تختلف عن المرحلة التي تليها أو سبقتها وهي تشكل وحدة متكاملة يمكن من خلالها تحديد تلك المرحلة وتمتاز هذه المرحلة بطراز عمراني تقليدي عربي ، حيث تحتوي الوحدة السكنية على الفناء ( الحوش ) الذي يحاط بالغرف وهو يعكس مدى قدرة الإنسان في تكييف موجوداته بما يتلاءم مع ظروف البيئة الطبيعية أي الوصول إلى درجة الانسجام بين المسكن والساكن والبيئة ويمكن ملاحظة الخصوصية المحلية في بيئة البصرة سواء الطبيعية منها أو البشرية ( الاجتماعية ) بحيث شكل موروث هذه المرحلة على وفق الظروف الاقتصادية والثقافية والحضارية والسياسية والنفسية لمدينة استطاع فيها المعمار معالجة العلاقة المتفاعلة بين جميع تلك العناصر عندما تبنى أسساً معمارية مستمدة من الواقع نفسه ( موسى،1997،96) وعليه فأن مساكن هذه المرحلة بقيت متناغمة مع طول هذه المرحلة ، فقد اتصفت بصغر المساحة وتداخلها مع بعضها البعض بشكل متصل من جانبين أو اكثر ، وهذا مرتبط بالظروف المناخية السائدة وانعدام وسائل التكييف انذاك ، وتراوحت المساحة في بداية المرحلة إلى نهاية عقد العشرينيات ما بين 50-100م2 ما لبثت أن تجاوزت 250م2 وبخاصة في العقدين الآخرين من المرحلة وبخاصة في مساكن الوجهاء من المدينة والمطلة على نهر العشار ، وكانت مواد البناء قد شهدت تطوراً أيضاً فبعد أن كانت اغلب المساكن تستخدم القصب والطين وجذوع الأشجار والنخيل (الصرائف) تحولت في نهاية المرحلة إلى استخدام الحديد بدل جذوع النخيل والأشجار والأسمنت والجص بدل الطين ، ودخلت المساكن التي تحتوي على الشناشيل بصورة واسعة في منطقة البصرة القديمة ( نظران والسيمر) لتنتقل بعد ذلك إلى مناطق مقام علي الرضا (ع) في نهاية المرحلة مع وجود المساكن التقليدية والصرائف. 

ج- استعمالات الأرض Land uses 

  تعد استعمالات الأرض في المدينة من المتغيرات المهمة عند دراسة ملامح المرحلة التي تمر بها أية مدينة لأنها تساعد على أيجاد حالة التفاعل بينها وبين الشكل النهائي للمدينة ، فاستعمالات الأرض تتخذ أنماط معينة سواء كان في اتجاهاتها أو مساحاتها وهذا يعطي لنا صورة المدينة المتكاملة عندما ترتبط جميع استعمالات الأرض في نسيج متناغم يزداد وضوحاً مع كل مرحلة من مراحل نموها 0 وعليه سنتناول كل استعمال من الاستعمالين ( التجاري والصناعي ) بالرغم من صغر مساحة المدينة وبخاصة في مراحلها الأولى.

1- الاستعمال التجاري Commercial Land use 

  عند انتقال المدينة إلى موضعها الحالي في منطقة البصرة القديمة والتفاف المدينة حول جوامعها نشأت الأسواق لتلبي حاجات المدينة من السلع والبضائع المتداولة في تلك المده. وازدادت فعالية الأسواق في هذه المرحلة حيث ظهرت أسواق متخصصة منها سوق السيمر والغزل والمشراق والبزازه إلى جانب أسواق اللحوم والفواكه والخضراوات كما برزت منطقة العشار كمركز تجاري ضم العديد من الاسواق المتخصصة مثل سوق الهنود والتجار والصيارفة ( الغزي ، 26,1997) هذه الأسواق أخذت حيزا من مساحة المدينة وهي دلاله على مستوى الانتعاش الاقتصادي لها. وقد بلغت عدد المؤسسات التجارية في نهاية المرحلة حوالي 1311 مؤسسة يعمل فيها 2603 شخصاً وشغلت مساحة تقدر 1.8كم2 من مساحة المدينة والبالغة 19كم2(جدول2) .

جدول(2)

بعض استعمالات الأرض في مدينة البصرة وفقاً لمراحل نموها

        نوع الاستعمال
المرحلة
طرق النقل
(كم طولا)
الاستعمال التجاري
الاستعمال الصناعي
مساحة كم2
المدينة في نهاية المرحلة
عدد المؤسسات
عدد العاملين
عدد العاملين
عدد المؤسسات
المرحلة الأولى 1400-1941
14
1311
2603
591
2802
19*
المرحلة الثانية
1942-1970
38
4917
8028
1817
4899
67
المرحلة الثالثة 1971 وما بعدها
192
8955
19124
2681
5328
201

المصدر: 

1- الحكومة العراقية ، وزارة الاقتصاد – الدائرة الرئيسية للإحصاء ، تقرير عن الإحصاء الصناعي لسنة 1954 . ص 68.

2- صلاح حميد الجنابي ، الوظيفة التجارية لمدينة البصرة ، رسالة ماجستير كلية الآداب ، جامعة بغداد ، 1974 

3- وزارة التخطيط ، المجاميع الإحصائية السنوية ، 41-2002 .

* حسب المساحة من قبل الباحث اعتماداً على خرائط بلدية البصرة .


2-الاستعمال الصناعي Industrial Land use 

  يحتل الاستعمال الصناعي في هذه المرحلة مساحة ونشاطا محدودين مقارنة بالاستعمال التجاري ، فالمستوى التقني في مجال الصناعة متدن ولم تظهر في المدينة سوى صناعات اعتمدت على المنتج الزراعي وبخاصة ما يتعلق بإنتاج الحصران والتمور وبعض الصناعات اليدوية والتي اتخذت من سوق الصفارين موقعاً لها ، أما بعد ظهور النواة الثانية وازدياد النشاط التجاري توجه السكان نحو شط العرب فظهرت صناعة القوارب والسفن بأحجامها المختلفة التي جابت الخليج العربي وصولا إلى الهند ، الا أن في بداية العقد الثالث من القرن الماضي دخلت المدينة مجال الصناعة التي تعتمد على الآلات المستوردة فكانت صناعة الكاشي 1931 وصناعة الثلج وطحن الحبوب وكبس التمور على الضفة اليمنى لشط العرب عند منطقة الداكير وما جاورها ( الغزالي،60,1941) وبذلك تكون المدينة قد دخلت مجال الصناعة بالرغم من بساطتها ، ألا إنها كانت مهمة في تلك المرحلة لأنها شكلت حافزا نحو قدوم صناعات جديدة أليها وقد انعكس هذا التطور على المدينة وتركيبها الداخلي الذي أضاف عنصرا جديدا اسهم في توسع المدينة مساحياً ، وقد بلغ عدد المؤسسات الصناعية في نهاية المرحلة 591 مؤسسة يعمل بها 2802 شخصاً وتشغل مساحة بلغت 1.2كم2 من مساحة المدينة والبالغة 19كم2 (جدول2).

  ومن خلال ما تقدم يتضح أن مدينة البصرة في هذه المرحلة قد تكاملت فيها انويتها الثلاث وبدات تظهر ملامحها المدينة واتجاهات توسعها وكذلك أخذت بالتوسع المساحي نتيجة لرغبة سكان المناطق المجاورة والبعيدة أيضاً بالهجرة أليها طلباً للعمل بالدرجة الأساس (خارطة7). 

المرحلة الثانية ( 1942-1970 ) 

  دخلت على المدينة عدة متغيرات أدت إلى تميز هذه المرحلة عن المرحلة السابقة والتي أثرت على المدينة وأعطتها حافزاً نحو التوسع المساحي وتمثل بداية المرحلة عهدا مختلفا في توجيهات المدينة بعد أن تدخلت الدولة عبر مؤسساتهافي إقرار أول تصميم أساسي لها جرى من خلاله أيجاد تصورات عن مستقبل المدينة كما وضعت خطة لتنفيذ عدد من مشاريع طرق النقل والإسكان والخدمات العامة والتفكير بصورة جدية في نقل بعض الصناعات التي أصبحت مضرة بالبيئة وسكان المدينة،وعلى الرغم مما يتصف به المخطط بالبساطة فقد كان محاولة جادة في مواجهة المشاكل التي ظهرت في المدينة بعد توسعها وحالات القطع الحاصلة بين الانوية الثلاث بالرغم من وجود طرق نقل تربط بينها ألا أن البساتين شكلت عائقا دون الارتباط الكامل ( خارطة8) ومن اجل فهم تطورات هذه المرحلة سنشير إلى :- 

أ‌- أنظمة الطرق

   شكلت حالات التوسع المساحي وبخاصة بعد رفع سور المدينة بصورة تدريجية وتجاوز العديد من البساتين واندراس الجداول المتفرعة عن الأنهر الداخلية ، توجهت الدولة عبر البلدية من شق عدد غير محدد من الطرق ليتجاوز أطوالها 38كم وربط المدينة بالجسور وبخاصة على انهر العشار والخندق ، وقد ساعد في ذلك الإمكانات المادية لبلدية البصرة التي أخذت تستثمر الأراضي التابعة لها عن طريق إقامة الأسواق في البصرة القديمة والعشار أو بتأجير الأراضي لأغراض السكن. 

   أن المرحلة الثانية من عمر المدينة اختلفت في طبيعة استعمال طرق النقل فبعد أن كانت العربات التي تجرها الحيوانات هي السائدة دخل النقل الميكانيكي ( السيارة) وبشكل واسع نسبياً مما أدى إلى شق وتبليط العديد من الطرق تمتاز باستقامتها واتساعها مع بقاء الطرق الضيقة والملتوية وغير المنتظمة في المناطق القديمة كجزء من النسيج العمراني لها ولصعوبة تغييرها بسبب تداخلها ضمن الأحياء السكنية والكلفة العالية لاستملاك وبالرغم من فقدان الشوارع العضوية لدورها الرئيسي في هذه المرحلة وبخاصة في نهاية الخمسينيات ألا أنها بقيت تنتظر حالة التغير ولتؤدي دوراً مرحلياً . 

  أن هذه المرحلة شهدت ارتباطاً بين المدينة وطرق النقل فمن جراء توسع طرق النقل توجهت أنظار السكان على امتداد الطريق لتتخذ منها موقعاً جديداً للسكن ، كما هو الحال في المنطقة المحصورة بين العشار والمعقل أو بين البصرة القديمة والعشار عن طريق شارع 14 تموز وغيرها. 

ب‌- الطراز المعماري

  أن عملية الانتقال من مرحلة إلى أخرى تتم بصورة متداخلة بين المراحل لتولد نسيجا يرتبط بالمعطيات الاقتصادية والاجتماعية للسكان ومع توفر المواد الإنشائية المحلية والمستوردة والتصاميم الموروثة والقادمة من ثقافات مختلفة باعتبار أن مدينة البصرة تختلف عن المدن العراقية الأخرى بحكم موقعها الجغرافي المطل على العالم الخارجي. ولم تأخذ الدور السكنية نمطاً معيناً في هذه المرحلة فقد ازدادت الهجرة وشكلت الصرائف ملاذاً لهم من اجل السكن الرخيص حيث يتم التجاوز على الأراضي الأميرية ، أو قيام أصحاب العقار بتأجير أراضيهم بأسعار رخيصة جداً أفضل من بقائها متروكة. ولتمتد هذه الحالة إلى نهاية عقد الخمسينات ، ولكن هذا لا يمنع من ظهور دور سكنية ذات طراز شرقي تقليدي في أحياء الفيصلية ( الجمهورية حاليا) والصبخة الكبيرة والصغيرة والمشراق القديم والقبلة ، في حين ظهرت بوادر الطراز الذي يجمع بين الشرقي والغربي التقليد بين عدد من أحياء المناوي والطويسة والكزارة مع وجود ظاهرة تعدد الطوابق في منطقة العشار. وتداخلت في هذه المرحلة المواد المستخدمة فهناك مواد القصب وجذوع الأشجار والنخيل في بناء الصرائف والدور التقليدية إلى جانب الحديد والأسمنت ومواد أخرى في بناء الدور مع إدخال عناصر جديدة في نهاية المرحلة تمثلت بسعة المساحة التي تجاوزت 400م2 ووجود الحديقة الأمامية والشرفات ، لقد أوجد حافز التطور في مجال الطراز المعماري أن يترك أصحاب الدور السكنية من ذوي الدخول المرتفعة مركز المدينة لتتوجه أنظارهم إلى المناطق المفتوحة في حي 14 تموز والبراضعية والجنينة.

ج- استعمالات الأرض Land uses 

  في هذه المرحلة شهدت المدينة تغيرات في استعمالات الأرض تختلف عن المرحلة السابقة ، فبعد أن تجاوزت المدينة حدودها التقليدية توجهت نحو التوسع الذي ارتبط بازدياد عدد سكانها وقيام الدولة بتوزيع الأراضي في المعقل وحي الحسين ومناطق أخرى ، منذ عقد الستينيات ومع زيادة النشاط التجاري بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها في بداية المرحلة. ازداد الاهتمام بالاستعمالين التجاري والصناعي ليؤثر على طبيعة ومساحة استعمالات الأرض في المدينة.

1- الاستعمال التجاري Commercial land use 

  توسع المدينة عبر أنويتها الثلاث وانتشار السكان فيها تطلب الوضع الحاجة إلى مؤسسات تجارية متنوعة تقدم خدماتها لسكانها وسكان إقليمها فظهرت جراء ذلك أسواق ثانوية خلقت فرصاً للعمل والتوسع في مناطقها ومنها المركز التجاري في منطقة البصرة القديمة وهو اقدم من العشار ( المنطقة التجارية المركزية ) ولكن تأثير القرار الإداري بنقل السلطة أليها اثر على إمكانية تطوره بعدما تلاشى دور النقل النهري عبر نهر العشار ، ورغم ذلك تطور مع باقي المراكز التجارية الثانوية الأخرى ( الهادي ، الجمهورية) لتدخل المراكز الثلاث كمنافس لمنطقة العشار مع وجود الأسواق ضمن الأحياء السكنية ، وبلغ عدد المؤسسات التجارية في نهاية المرحلة 4917 مؤسسة يعمل فيها حوالي 8028 شخصاً وتشغل مساحة 2.3كم2 من مساحة المدينة والبالغة 67كم2 ( جدول2). 

2- الاستعمال الصناعي Industrial land use

  شهدت المدينة تطورا صناعيا واضحا وبخاصة في عقد الخمسينات فظهرت صناعات متعددة سواء في المنطقة التجارية المركزية والتي تمثلت بسوق الصاغة وصناعة الملابس في سوق الهنود ( المغايز) وورش تصليح السيارات في شارع أبي الأسود الدؤولي ومكابس التمور عند ضفة شط العرب اليمنى ، كما توسعت الصناعات الغذائية الأخرى على امتداد شارع دينار ، إضافة إلى معامل الثلج ومطاحن الحبوب في مناطق متفرقة من المدينة وهذه الصناعات شكلت حافز سواء في إقامة صناعات مجاورة أو توجه السكان إلى الاستقرار بالقرب منها أو العمل بها من قبل المهاجرين وقد بلغت عدد المؤسسات الصناعية في نهاية هذه المرحلة1817 مؤسسة ، يعمل فيها 4899 شخصاً وتشغل مساحة 2كم2 من مساحة المدينة والبالغة 67 كم2.

  اتضحت معالم مدينة البصرة في هذة المرحلة وتوزيع مؤسساتها المختلفة وأدت عوامل الطرد والجذب دورها الاولي في هذه المرحلة لتصل مساحة المدينة في هذه المرحلة عند نهايتها حوالي 67 كم2 ( خارطة8). 

المرحلة الثالثة ( 1971 وما بعدها )

  يتحرك المجتمع في المراحل الأولى من تطوره ببطء شديد وترتبط حركته بطبيعة القيم الاجتماعية والاقتصادية وبمستوى الأفكار والتطلعات السائدة انذاك وتأثيراتها على العلاقات المختلفة للأفراد والجماعات في مجال الطبقة التي ينتميان أليها وضمن المجتمع العام ( موسى،157,1997) أما في المراحل اللاحقة فأن إيقاع التطور يزداد سرعة وتتبدل مجريات الأحداث لصالح التغيير في حياة المدينة ، بعد أن دخلت عوامل جديدة في تنظيم استعمالات الأرض داخلها ، منها عوامل الجذب والطرد المركزي التي تحاول أيجاد أقصى منفعة الاستعمالات الأرض في المدينة ( خارطة 9 ).

أ‌- انظمة الطرق

  بعد توسع المدينة خلال المرحلتين السابقتين وقيام المؤسسات المعنية بفتح شوارع وطرق رئيسية وفرعية ، دخلت المدينة في إطار جديد بعد استحداث حي الحسين الذي توسع بشكل لافت للنظر وبخاصة من المهاجرين ، بعد أن قامت البلدية بتوزيع الأراضي فيها باسعارٍ رمزية فظهرت شوارع في تلك الأحياء لترتبط مع مركز المدينة ، حيث يكون نظام الشوارع فيها شطر نجي لحداثة التنفيذ وكذلك الحالة في منطقة القبلة التي جاءت بعدها في زمن الإنشاء. 

  تلتها أحياء الكفاءات والمشراق الجديد وتوسعت أحياء البراضعية و 14 تموز والمشراق القديم والأندلس كل هذه الأحياء فرض وجودها استحداث طرق مبلطة وقد بلغ أطوالها 192 كم ساهمت إلى حد بعيد في توسع المدينة والتي ابتدأت عملية الاستقرار على امتدادها سرعان ما توجهت إلى المناطق الداخلية. 

ب‌- الطراز المعماري

  أن المرحلة السابقة جمعت بين الطراز الشرقي والغربي في نهاية المرحلة ليدخل الطراز الأخير بقوة في هذه المرحلة وفي عقدها الأخير بعد أن ازدادت إمكانية السكان المادية وقيام الدولة عبر المصرف العقاري بتسليم المواطنين قروضا بفوائد بسيطة لأغراض البناء شكلت حافزاً مهماً في توجههم نحو إنشاء الوحدات السكنية بطرز معمارية متنوعة حسب مساحة القطعة والإمكانية المادية ومستوى الذوق الخاص به فمواد البناء تنوعت وادخل المرمر كمادة لتغليف الواجهات ( العادي والملون) وادخلت المظلات لتزين واجهة الدار ، يساعد في ذلك المساحة التي تجاوزت في بعض الأحياء السكنية على 400م2 وبهذا نجد أن الطراز المعماري لهذه المرحلة هو انعكاس للتطور الاقتصادي والاجتماعي الذي شهدته مدينة البصرة.

ج- استعمالات الأرض Land uses 

   أن للبنية الوظيفة والتي تعني بها استعمالات الأرض تأثيرا مباشرا على المدينة فهي تعطي تفسيرا للعلاقات المكانية ( الطبيعية والبشرية ) التي تحدث التباين الوظيفي بين قطاعات المدينة المتعددة والتي تكون بمجموعها بنية المدينة (الربيعي،117,2002). 

1- الاستعمال التجاري Commercial use 

  لم يختلف الاستعمال التجاري عن باقي الاستعمالات الأخرى في مواكبة تطور استعمالات الأرض في المدينة ، بل كان في مقدمتها من حيث الأهمية و أصبحت تجارة المفرد والجملة المحرك لاقتصاد المدينة ، لما لها من أبعاد إقليمية ساهمت في بناء الأساس الاقتصادي لها في بعض جوانبه وتوزعت مؤسسات تجارة المفرد والجملة في عموم المدينة لتتخذ أنماطا متعددة في تركيبها التجاري وتوزيعها المكاني ، وشهدت المدينة توسعاً في الاستعمال حيث بلغ عدد المؤسسات التجارية 8955 مؤسسة يعمل فيها 19124 شخصاً في نهاية المرحلة وبمساحة إجمالية بلغت حوالي 10.7كم2 من مجموع مساحة المدينة البالغة 201كم2(جدول2). 

2- الاستعمال الصناعي Industrial land use

  تطورت الصناعة في هذه المرحلة بعد أن اتضحت معالمها ودخلت الدولة عبر دوائرها بتحديد إمكانية التوزيع الجغرافي لبعض الصناعات وخاصة الملوثة منها ، وشملت صناعات المدينة بالإضافة إلى الصناعات التي ذكرت في المراحل السابقة ، صناعة المشروبات الغازية وازدياد عدد مصانع الثلج وطحن الحبوب والتي توزعت في أماكنها التقليدية في باب الزبير وشارع دينار في حين تلاشت صناعة كبس التمور بعد تدهور الإنتاج وبخاصة في عقد الثمانينات من القرن الماضي بسبب الحرب مع إيران وتعرض النخيل لأكبر عملية قطع في تاريخ المدينة وكان حافزا في تواجد صناعات مماثلة أو تكميلية تواجه الطلبات المتزايدة عليها ، وقد بلغ عدد المؤسسات الصناعية 2681 مؤسسة يعمل فيها 5328 شخصاً وتحتل مساحة تقارب 17كم2 من مساحة المدينة والبالغة 201كم2(جدول2) ، المدينة في مراحلها الثلاث واجهت العديد من المشاكل التي ازدادت مع تطورها مساحياً بسبب عدم قدرة الأجهزة في مواجهة المشاكل بما يتناسب مع حجمها. 


المصادر


المصادر العربية


1- إبراهيم ، أحمد حسن ، مدينة الكويت ، منشورات مركز دراسات الخليج والجزيرة العربية ، الكويت ، 1982.

2- أبو عياش ، عبدالآله ، أزمة المدينة العربية ، وكالة المطبوعات ، الكويت ، 1985. 

3- أبو عياش ، عبدالآله والقطب ، اسحق يعقوب ، الاتجاهات المعاصرة في الدراسات الحضرية ، جامعة الكويت ، الكويت ، 1979. 

4- اداموف ، الكسندر ، ولاية البصرة في ماضيها وحاضرها ، ج1 ، منشورات مركز دراسات الخليج العربي ، البصرة 1982.

5- الأسدي ، صفاء عبد الكريم ، المشاكل العمرانية للنمو الحضري ، رسالة ماجستير ، مركز التخطيط الحضري والإقليمي للدراسات العليا ، بغداد ، 1985 . 

6- الاشعب ، خالص حسني ، المدينة العربية ، قسم البحوث والدراسات الجغرافية ، معهد البحوث والدراسات العربية ، بغداد ، 1982 .

7- ـــــــــــــ ، أقليم المدينة بين التخطيط الإقليمي والتنمية الشاملة ، جامعة بغداد ، بيت الحكمة ، 1989 . 

8- بركات ، رجب ، بلدية البصرة ( 1869-1981 ، منشورات مركز دراسات الخليج العربي ، جامعة البصرة ، 1984 .

9- ـــــــــــ ، نهر العشار ، أصل نشوء مدينة البصرة الحديثة وله حق بذمتها مجلة الخليج العربي ، المجلد 17 العدد 13-14 ، البصرة ، 1985 . 

10- الجادر ، عبد الرحمن علي ، مركزية موقع البصرة وهامشيته في صيرورة التاريخ – دراسة في الجغرافية التاريخية ، رسالة ماجستير ، كلية الآداب ، جامعة البصرة ، البصرة ، 2000 .

11- الحديدي ، محمد ، مسائل في الجغرافية الحضرية ، المطبعة الرسمية ، تونس ، 1996 . 

12- الجنابي ، صلاح حميد ، التغير في استعمالات الأرض حول المدينة العراقية ، أطروحة دكتوراه ، كلية الآداب ، جامعة بغداد ، 19777 .

13- ـــــــــــ ، الوظيفة التجارية لمدينة البصرة ، رسالة ماجستير ، كلية الآداب ، جامعة بغداد ، 1974. 

14- ـــــــــــ ، مركز المدينة الاقتصادي ، دائرة في المركب الحضري ، مجلة الجمعية الجغرافية العراقية ، مجلد 16 ، 1985 .

15- ــــــــــ ، جغرافية الحضر ، أسس وتطبيقات ، جامعة الموصل ، الموصل ، 1987 .

16- الجوراني ، حميد عطية ، التوزيع الجغرافي للصناعات الأساسية في محافظة البصرة ( دراسة في الجغرافية الصناعية ) ، رسالة ماجستير ، كلية الآداب ، جامعة البصرة ، 2002 .

17- الحديثي ، عباس غالي ، تطوير الأنهر الداخلية في مدينة البصرة لأغراض السياحة والترفيه ، موسوعة البصرة الحضارية ، المحور الجغرافي ، جامعة البصرة ، البصرة ، 1988. 

18- حمدان ، جمال ، جغرافية المدن ، مطبعة البيان ، القاهرة ، 1960 . 

19- حمدي ، عطيات عبد القادر ، جغرافية العمران ، دار المعرفة ، الإسكندرية 1965 . 

20- الخفاف ، عبدعلي ، تطور حجم السكان في مدينة البصرة ، موسوعة البصرة الحضارية ، المحور الجغرافي ، جامعة البصرة ن البصرة ، 1988 . 

21- ـــــــــــ وزميله ، جغرافية المدن الكبرى في العالم ( دراسة جغرافية بيئية ، دار الكندي للنشر والتوزيع ، اربد ، الأردن ، 2000 . 

22- الخياط ، حسن عليوي ، التركيب الداخلي للمدن ، دراسة في بعض الأسس الجغرافية لتخطيط المدن ، مجلة كلية التربية ، جامعة بغداد ، المجلد 12 ، لسنة 1963-1964 . 

23- الراوي ، منصور مطني ، السكان والقوى العاملة في الخليج العربي ، مطابع التعليم العالي ، جامعة البصرة ، 1998 . 

24- الربيعي ، داود جاسم ، الوضع الجيولوجي والسطح في محافظة البصرة ، موسوعة البصرة الحضارية ، المحور الجغرافي ، جامعة البصرة ، البصرة ، 1988 . 

25- الزهيري ، قاسم خلاوي ناصح ، الكفاءة الوظيفية لمدينة العمارة ، أطروحة دكتوراه ، كلية الآداب ، جامعة البصرة ، البصرة 1998 . 

26- السرياني ، محمد محمود ، مكة المكرمة ، دراسة في تطور النمو الحضري ، الجمعية الجغرافية الكويتية ، العدد 87 ، الكويت ، 1986 .

27- السريح ، عبد الحسين جواد ، الإقليم الوظيفي لمدينة القرنة ، مركز دراسات الخليج العربي ، جامعة البصرة ، البصرة ، 1977. 

28- ــــــــــــ أقليم المدينة والتخطيط الإقليمي ، مجلة كلية التربية ، جامعة البصرة ، العدد 1 لسنة 1979. 

29- ــــــــــــ ، التركيب الداخلي لمدينة البصرة ، موسوعة البصرة الحضارية ، المحور الجغرافي ، جامعة البصرة ، البصرة ، 1988 . 

30- ــــــــــــ وزميله ، المراكز التجارية الثانوية في مدينة البصرة ، مجلة أبحاث البصرة ، العدد 17 ، 1998. 

31- السعدي ، رياض إبراهيم ، الهجرة من الريف إلى الحضر في العراق دوافعها ، أنماطها ، اتجاهاتها ، مجلة الجمعية الجغرافية العراقية ، المجلد 10 ، 1978 . 

32- السعدي ‘ عباس فاضل ، جغرافية السكان ، ج2 ، مديرية دار الكتب للطباعة والنشر ، جامعة بغداد ، بغداد ، 2002.

33- السكيني ، حميد غالب ، النقل في مدينة البصرة ( دراسة في النقل الحضري ) أطروحة دكتوراه ، كلية الآداب ، جامعة البصرة ، البصرة ، 1998.

34- الشامي ، صلاح الدين ، الجغرافية دعامة التخطيط ، الإسكندرية ، 1971. 

35- العامر ، يقضان سعدون ، البصرة في العهد العثماني الأخير ، موسوعة البصرة الحضارية ، المحور التاريخي ، جامعة البصرة ، البصرة ، 1989 . 

36- العبادي ، عبد الله محمد ، التخطيط الجغرافي ومشكلاته ومستقبله ، الكتاب الجغرافي السنوي ، العدد 1 لسنة الأولى ، جامعة الأمام محمد بن سعود الإسلامية ، الرياض ، 1985. 

37- عبد الوهاب ، خلود عبد اللطيف ، البصرة في العهد الحميري ( 1876-1908) ، رسالة ماجستير كلية الآداب ، جامعة البصرة ، البصرة ، 1992. 

38- عطوي ، عبد الله ، جغرافية السكان ، دار النهضة العربية ، بيروت ، ط1 ، 2001 .

39- الغزي ، سميرة عبد الهادي ، النمو الحضري والتطور الوظيفي لمدينة البصرة ، أطروحة دكتوراه ، كلية الآداب ، جامعة البصرة ، البصرة ، 1997. 

40- الغزالي ، عبد المجيد محسن ، البصرة في العهد الوطني ، مطبعة المعارف ، بغداد ، 1941 .

41- غلاب ، محمد السيد ، وزميله ، جغرافية الحضر ، ط1 ، دار الكتب الجامعية ، مطابع رويال ، الإسكندرية ، 1972.

42- قطب ، اسحق يعقوب ، اتجاهات التحضر في الوطن العربي ، معهد البحوث والدراسات العربية ، القاهرة ، 1978. 

43- القهواني ، حسين محمد ، دور البصرة التجاري في الخليج العربي ، مطبعة الإرشاد ، 1980.

44- لوريمر ، ج ، دليل الخليج ، القسم الجغرافي ، ج1 ، الدوحة ، قطر ، 1975 .

45- كاظم ، عباس عبد الحسن ، تباين التوزيع المكاني للخدمات المجتمعية في مدينة البصرة ، أطروحة دكتوراه ، كلية الآداب ، جامعة البصرة ، 2002 . 

46- محمد ، ماجد السيد ولي ، الخصائص المناخية لمحافظة البصرة ، البصرة الحضارية ، المحور الجغرافي ، جامعة البصرة ، البصرة ، 1988 .

47- محمود ، رائد عزيز ، بعض الخواص الجيوتكنيكي لترسبات العصر الرباعي في مدينة البصرة ، رسالة ماجستير ، كلية العلوم ، جامعة البصرة ، 1997.

48- المصطفى ، حسين علي ، البصرة في مطلع العهد العثماني ( 1546-1668 ) أطروحة دكتوراه، كلية الآداب ، جامعة البصرة ، 1998.

49- المظفر ، عبد المهدي سليم ، عوامل التوسع الحضري لمدينة البصرة ، مجلة كلية الآداب ، جامعة البصرة ، العدد 25 سنة 1996. 

50- ــــــــــ ، الزحف العمراني على الأراضي الزراعية في مدينة البصرة ، مجلة أبحاث البصرة ، العدد 12 سنة ، 1998.

51- موسى ، ماهر يعقوب ، التحليل الجغرافي للوظيفة السكنية في مدينة البصرة ، 1977-1996 ، أطروحة دكتوراه ، كلية الآداب ، جامعة بغداد ، 1997. 

52- الموسوي ، مصطفى عباس ، العوامل التاريخية لنشأة تطور المدن العربية الإسلامية ، وزارة الثقافة والأعلام ، بغداد ، 1980. 

53- النبهاني ، خليفة بن محمد ، البصرة ، التحفة النبهانية ، ط2 ، منشورات مركز دراسات الخليج العربي ، جامعة البصرة ، البصرة ، 1980. 

54- الهيتي ، صبري فارس وزميلة ، جغرافية المدن ، جامعة بغداد ، 1985 .


التقارير الرسمية 

1- بلدية البصرة ، الشعبة الفنية ، معلومات غير منشوره 19960 . 

2- بلدية البصرة ، مديرية الأملاك ، معلومات غير منشورة لعام 2003. 

3- الجمهورية العراقية ، وزارة الداخلية ، المديرية العامة للتخطيط العراقي ، قسم الدراسات والمخططات الهيكلية ، تحديث المخطط الأساس لمدينة البصرة( التقرير الأولي) ، بغداد 1995 . 

4- ــــــــــــ ، وزارة الداخلية ، مديرية البلديات العامة ، منشور منجزات البلديات للفترة 1986-1996 .

5- ـــــــــــ وزارة الداخلية ، المديرية العامة للتخطيط العمراني ، قسم الدراسات والمخططات الهيكلية ، تحديث المخطط الأساس لمدينة البصرة ( التقرير النهائي) بغداد 1996.

6- ــــــــــ ، وزارة الداخلية ، الجهاز المركزي ، التعداد السكاني للاعوام ، 65 ، 77 ، 87 ، 1997 لمحافظة البصرة . 

7- ــــــــــ ، وزارة التخطيط ، وحدة التخطيط العمراني لمحافظة البصرة ، لمحافظة البصرة ، معلومات غير منشوره لعام 2003.

8- ــــــــــ ، وزارة التخطيط ، هيئة التخطيط الإقليمي ، تخطيط أقليم البصرة ، تقرير رقم (1) ، بغداد ، 1975.

9- الحكومة العراقية – وزارة الاقتصاد – الدائرة الرئيسية للإحصاء ، تقرير عن الإحصاء الصناعي لسنة 1954. 

10- غرفة تجارة البصرة ، معلومات غير منشوره 2003 .

11- مؤسسة نفط الجنوب ، معلومات غير منشوره 2003.

12- المؤسسة العامة لمؤانىء العراق ، معلومات غير منشورة ، 2003 .

13- المملكة العراقية ، مديرية النفوس العامة إحصاء عام 1947 ، لواء البصرة ، بغداد 1954. 

14- ــــــــ ، مديرية النفوس العامة ، إحصاء عام 1957 ، لواء البصرة ، مطبعة العاني ، بغداد 1959 . 

15- وزارة التخطيط – المجاميع الإحصائية السنوية لغاية 2002.

المصادر الأجنبية


1- Alonzo , William , location and landaus , Taward ageneral theory of land rent , Cambridge (Mass) , Harvey University press , 1964 . 

2- Carter , Harold , The city of Urban Geography , 2nd , edition .Edward .Amold .London . 1976 . 

3- Davies liewelyn .Basrah Development plan , First and Second Report. 1973 . 

4- Garner , Jacqueline , Urban Geography . Longmont , London , 1967 .

5- Glasson , John An interodution to regional planning , The built environment , Hutchinson and Co (published) L+d . London , 1975 . 

6- Hart shorne . T.A.lnterpreting the city An Urban Geography . Newyork . John Wiley and sons . 1980 . 

7- Lock , Max , and partner survey Aplan , Municipality lity of Basrah . 1956 . 

8- Northam , R . M . Urban Geography , Newyork , 1979 . 

9- Murphy .E .Raymond . The American city An Urban Geography . M . C . Graw . Hill Book Co . Newyork . 1976 .

10- Rener , Mayer , price at land and price of time , Chicago Universty Chicago , 1965 . 

11- United nations , Demographic , year Book , statistical office of United nation , Newyork , 1976 .

12- wingo , A . Transportation and urbanland Washington , Resewces of the future . 1962 . 


للتحميل اضغط    هنا



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق