مغارة فْرِيوَاطُو.. زيارتك الأولى ستكُون الأخيرة
هسبريس ـ ط.العاطفي | أ.الخياري - الخميس 07 فبراير 2013 :
في تلازم مع دلالات تسميّتها، وهي المتأرجحة بين الخُرافة والاحتمال، وكذا ما هو مرصود على الواقع.. لا زال شموخ مغارة فْرِيوَاطُو Friouato يستهوي بعضا من زوّار مدينة تَازة، وذلك رغما عن صعوبة الوصول إلى حيز تواجدها القصيّ عن المركز بحوالي 28 كيلومترا يتوجّب قطعها وسط طريق ضيّقة مليئة بالمنعرجات، وصولا إلى النفوذ الترابي لجماعة بَاب بُودِير ومدشر شيكْر تحديداً.
جذور التسميّة تبقَى أقرب إلى الأفهام من خلال طرح "إِيفْرِي نْ وَاطو"، أي "مغارة الرّيح" وفقا للترجمة من منطوق بني مازغ إلى العربيّة الفصيحة.. ويجد هذا الطرح قوّته من خلال قول أبناء المنطقة الريفيّة المتاخمة للغار، خصوصا وأنّهم يدافعون عنه بداعي أن الألسن لاكته على مدى الزمن بتحريف جعل كلمة "فْرِيوَاطُو" تبرز وتغدو دالّة على هذا المكان..
أمّا يُونُس، شابّ منتمٍ للجمعية المسيّرة لشؤون الاستغوار بالمغارة المتوسّطة لـ "منتزه تَازْكَة الوطنيّ"، فيرى بأنّ ضعف الترويج الإعلامي والسياحي لـ "فرِيوَاطُو" يُعدّان أبرز مُحدّدين للفشل في تنصيب هذه المغارة كـ "وُجهة جبليّة متميّزة".. "جمعيتنا تكتري المغارة بمقابل ماليّ يضخّ 18 مليون سنتيم سنويا في خزينة جماعة بَاب بُودِير، ونظير ذلك لم تضع الإدارة الجماعيّة حتّى لوح إشهار يدلّ على موقعها.." يورد يونس. فيما يزيد خنتاش: "حتّى اللوح الإشهاري الموضوع على جانب الطريق السيّار صُوّرت به كرة نَار إلى جوار اسم فْرِيوَاطُو.. وهذا يزيد في التعتيم على هذه المعلمة المتميّزة".
الدراسات المخبريّة التي أجريت على "إيفرِي نْ وَاطُو" أثبتت بأن بنيتها الجيولوجيّة يطغى عليها التكوين الكلسي لغالبية الطبقات الصخريّة، وهو ما يفسّر تشعّب المغارة لتأثّرها بارتفاع نسبة الرطوبة ومرور المياه وسطها.. فيما يمثّل امتدادها التحت أرضي صوب الشمال نفيا لـ "أسطورة يطّو" التي تورد بأنّ "الحسناء وابن العامّة" قد نفذا من المغارة صوب أراضي الجنوب.
ذاكرة ساكنة دوّار شِيكْرْ وبَابْ بُودِير تحتفظ أيضا بذكرى أليمة تقترن بكبرى مغارات المنطقة، خصوصا وأنّها تقترن بمستغورين أجانب فعّلوا مغامرة الولوج إلى أعماق فرِيوَاطُو، عام 2006، دُون الاستعانَة بأيّ دليل خبير بممرّات الفضاء المظلم.. تاركين وراءهم سيارات رباعيّة الدفع ظلّت مركُونة لأيّام قبل أن يتمّ جرّها صوب المحجز العمومي لغياب أصحابها عنها لأيّام، وإلى اليوم لم يظهر أي من هؤلاء المغامرين المجهولين.
ويرى خنتاش بأنّ مسؤوليّة الوضع الحالي لمغارة فرِيوَاطُو، "إفرِي يطّو" أو "إيفري نْ وَاطُو"، يتحمّلها كافّة المتدخّلين عموديا وأفقيا، من الساكنة إلى الحكُومة، وخصوصا حاملي المشاريع وأولئك المفترض فيهم العمل على الدفع بالمشاريع السياحيّة إلى أن ترى النور وسط تسهيلات تتطلبها المنفعة العامّة.. "التفكير الحاليّ ينبغي أن ينصبّ على أجرأة تدخّلات ضمن محورين، أوّلهما مقترن بالتعريف والدراسة، أمّا ثانيهما فيجب أن يسير في اتجاه تسهيل الولوج إلى هذا الفضاء بوسائل تكنولوجيّة مبتكرة إسوة بتجارب عالميّة متوفّرة" يزيد ذات المتحدّث.
ويعتبر ذات المتحدّث أن استمرار الموارد السياحيّة لتازة ضمن وضعها الخامّ "يعود لعدم توفّر الإقليم على مصلحة خارجيّة لوزارة السيّاحة بعيدا عن المندوبيّة الجهويّة المستقرّة بفاس"، ويضيف: "حتّى الوثائق المعتمدة كدلائل للسياحة بالمنطقة تشهد فقرا في مضامينها بخصوص ما يمكن أن يزوره قاصدو تازة ونواحيها".
ذات الناشط الجمعوي والصحفيّ يرى بأنّ جزء من الحلّ يتمثّل في عمل الحكومة على ضخّ استثمارات مركزية تنهض بالسياحة الجبلية بإقليم تازة، وذلك عبر رؤى قادرة على ترويج الرساميل ضمن المؤهلات الكبيرة المتوفّرة، داعيا إلى توفير بنيات سياحيّة وتسهيل ولوج فضاءات مغارة فرِيوَاطُو وجبال تَازكَّة بوجه خاصّ. "وزير السياحة، لحسن حدّاد ينبغي أن يعلم بأنّ التّازيّين يرصدون غياب منطقتهم، بشكل كلّي، عن خارطة تحرّكاته ضمن القطاع الذي يتولّى مسؤولياته".
كما يرى ذات المتحدّث بأنّ الوضع الاستثماري السلبي الذي يطال السياحة بالمنطقة "نجم عن التشرذم التدبيري الذي يطال إقليم تازة.. نحن تابعون ضريبيا لجهة فاس بولمان، وإداريا لجهة الحسيمة، وسياحيا لمندوبية فاس، وبنكيّا وزّعنا ما بين الأقطاب الجهوية لفاس ووجدة.." يقول نفس الناشط قبل أن يزيد: "ينبغي أن نتموقع في محور كافة الاستراتيجيات التنموية الوطنيّة، كما يجب أن تشرع كافّة المرافق المشيّدة في أداء مهامها بشكل فوري، وأوّلها مطار سيدِي حمُّو أومْفْتَاح الذي تمّت تهيئته بـ1.2 مليارا من السنتيمات دون أن يُستهلّ في استعماله".







ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق