الاختيارات الكبرى لسياسة إعداد التراب الوطني بالمغرب
إعداد: ذ. المصطفى قصباوي
مقدمة : في ظل تفاوت المستوى الاقتصادي و الاجتماعي بين جهات المغرب ، اتبعت الدولة سياسة إعداد التراب الوطني .
فما هو مفهوم هذه السياسة ؟ و ما هي أهدافها و مبادؤها و اختياراتها الكبرى و توجهاتها المجالية ؟ و ما هو دور سياسة إعداد التراب الوطني في تنمية المجال الجغرافي و تجاوز التحديات ؟ .
I - سياسة إعداد التراب الوطني : مفهومها ، اهدافها و مبادؤها:
1 – مفهوم وأهداف سياسة إعداد التراب الوطني :
* يقصد بسياسة إعداد التراب الوطني تدخل الدولة لتنظيم المجال الجغرافي من خلال برمجة مشاريع التنمية الاقتصادية و الاجتماعية و البيئية في المدن و البوادي .
* تستهدف سياسة إعداد التراب الوطني التحكم في توزيع لأنشطة الاقتصادية و السكان ،والحد من التباين الجهوي، و تحقيق التنمية المستدامة.
2- تتمثل مبادئ سياسة إعداد التراب الوطني في:
- التنمية الاقتصادية و الاجتماعية المتوازنة من خلال إعطاء الأولية للمناطق الأقل تطورا و للطبقة الفقيرة.
- تدعيم الوحدة الوطنية عن طريق تحقيق التضامن بين المناطق و تعزيز التكافل الاجتماعي.
- نهج سياسة اللامركزية و ذلك بإشراك الجماعات المحلية في تحديد و إنجاز المشاريع .
- المحافظة على البيئة و ترشيد استغلال الموارد الطبيعية في إطار التنمية المستدامة .
- II الاختيارات الكبرى و التوجهات المجالية لسياسة إعداد التراب الوطني:
1– من أبرزالاختيارات الكبرى لسياسة إعداد التراب الوطني :
- الرفع من فعالية الاقتصاد الوطني من خلال تحسين ظروف الاستثمار و البحث عن وسائل جديدة للتنمية الاقتصادية (تنويع الأنشطة الاقتصادية في البوادي،و تأهيل الصناعة الوطنية و إعادة انتشارها في المدن )
- ربط السياسة الحضرية بالإطار الشمولي لإعداد التراب الوطني عن طريق دعم القطاع العصري، و إعادة هيكلة القطاع التقليدي ، و الاهتمام بالتنمية الاجتماعية ، و تفعيل قوانين العمران و التعمير.
- صيانة و تدبير الموارد الطبيعية و المحافظة على التراث الثقافي .
- تأهيل الموارد البشرية و ذلك بمحاربة الأمية، و إصلاح مناهج التعليم، و تطوير البحث العلمي و التكنولوجي، و تكوين الفلاحين و الحرفيين، و منع تشغيل الأطفال.
- حل إشكالية العقار عبر التحكم في السوق العقارية بالمدن و إيجاد حلول للبنية العقارية بالمجال القروي.
- تنمية العالم القروي للتخفيف من التباين بين المدن و الأرياف.
2- يمكن تحديد رهانات التوجهات المجالية الكبرى لسياسة إعداد التراب الوطني على الشكل الآتي :
- المناطق الجبلية : المحافظة على الموارد الطبيعية ، و التضامن المجالي( بين المناطق) .
- المناطق المسقية : كسب رهان الأمن الغذائي ، و تحديات الانفتاح على الأسواق الخارجية.
- مناطق البور : تحقيق النجاعة الاقتصادية ، و التوازنات المالية .
- المناطق الصحراوية و شبه الصحراوية : تفعيل الاندماج الجهوي ،و تدبير المجالات الهشة .
- المناطق الساحلية : تعزيز الانفتاح على الخارج و تدبير الموارد البحرية و الحفاظ عليها .
- الأقاليم الشمالية : تدعيم البعد الأورو متوسطي و تأهيل المجالات المحدودة .
- الشبكة الحضرية : تحديث التدبير ، و تأهيل المجال و الاستثمار و الموارد والأقطاب الجهوية و المدن المتوسطة و الصغيرة .
III - دور سياسة إعداد التراب الوطني في تنظيم و تنمية المجال، و الصعوبات التي تعترضها:
1 – تساهم سياسة إعداد التراب الوطني في التهيئة ااحضرية و الريفية :
* تساعد سياسة إعداد التراب الوطني على التحكم في التوسع الحضري من خلال قانون التعمير (أو مدونة التعمير) الذي يشمل الوثائق الآتية :
- التصميم المديري للتهيئة و التمدين : وثيقة تحدد التوجهات العامة للتوسع العمراني على المدى البعيد
- تصميم التنطيق : وثيقة تبرز تخصصات المناطق و الأحياء داخل المدينة ( سكنية ، صناعية ، تجارية ، إدارية إلخ ..) .
- مخطط التهيئة : وثيقة توضح بدقة استعمالات الأراضي في المدينة و المراكز القروية المجاورة .( الشوارع، الأزقة، الساحات، المرافق العمومية، المناطق الخضراء ، نوعية البنايات وعدد الطوابق،...)
- تصميم التنظيم الوظيفي و الإعداد : وثيقة تبرز الوظائف الأساسية للمدن الكبرى( إدارية، سياحية، صناعية، تجارية)
* تعمل سياسة إعداد التراب الوطني على تهيئة المجال الريفي من خلال برمجة مشاريع البنية التحتية مثل السدود و الشبكة الطرقية و الكهربائية . إلى جانب تقنين السكن و الملكيات العقارية.
2– تواجه سياسة إعداد التراب الوطني عدة إكراهات من أبرزها :
- مشاكل ديمغرافية و اجتماعية : التزايد السكاني ، ارتفاع نسبة الساكنة النشيطة و البطالة و الفقر .
- تحديات اقتصادية : ضعف وتيرة النمو الاقتصادي و الإنتاجية ، المنافسة الأجنبية في إطار العولمة .
- عوائق بيئية : التقلبات المناخية ، التلوث ، تزايد الضغط على الموارد الطبيعية .
خاتمة :
إذا كانت سياسة إعداد التراب الوطني لم تحقق كل أهدافها، فإنها تظل ركيزة أساسية بالنسبة للتهيئة الحضرية و الريفية بالمغرب .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق