الصفحات

الجمعة، 10 فبراير 2017

دور المرأة الريفية في التنمية في دارفور - بدرالدين شطة محمود ...


دور المرأة الريفية في التنمية في دارفور

بدرالدين شطة محمود

مركز التنمية البشرية والطبيعية - لندن

Email: shutta63@yahoo.co.uk

سودانيز أونلاين كوم - مقالات وتحليلات - 15 سبتمبر 2007 

خلفية عن دارفور

      75%  من السكان يعيشون في الريف حيث يمارس 85% منهم الزراعة والرعي التقليديين الي جانب المهن الهامشية الاخرى. وتلعب المرأة دوراً هاماً ومتعاظماً وعليها يقع العبء الاكبر.

  تاريخياً يعتمد سكان دارفور في إقتصادهم على الزراعة المطريّة التقليدية (إكتفاء ذاتي) ورعي الحيوانات. وتشير  معظم الإحصاءات المتاحة الى أن حوالي 80-85% من السكان يعتمدون على الزراعة والرعي. المحاصيل الرئيسية تشمل الدخن و هو غذاء السكان الرئسي ويزرع في الأراضي الرملية (القوز) ويليه الذرة والذى يزرع في الأراضي الطينية والأودية.
  أمّا المحاصيل النقدية فتشمل الفول السوداني، والبطيخ، والطماطم والتمباك. كما توجد كميات معتبرة من الفواكه مثل البرتقال بجبل مرّة و والمانجو والليمون بكبكابية والبلح في محافظة كتم.
دور المرأة في المجتمع
   في الماضي هنالك إعتقاد سائد بأن دور المرأة هو الإنجاب وتربية الأطفال. وهذا الدور بما فيه الناحية الوظيفية دعمه وعززه إعتقاد المرأة وفهمها له والذي تولد لديها من عدم المساواة الثقافية بين الجنسين. وعدم المساواة في الحقوق و الواجبات جعل المرأة في مقام التابع الذي لا أهمية له في اتخاذ القرار. وبمرور الزمن قيّم دور المرأة في مجتمعها وقد تم إعطاء المرأة بعض الفرص لكي تعمل في المجالات الإنتاجية تحت ضغوط من الثقافة الغربية.
   وعلى الرغم من تقييم دور المرأة الريفية في مجال العملية الإنتاجية الا أن هذا الدور لم يُثمّن وانه تم تقديم القليل جداً من الخدمات نحو المرأة الريفية كمنتجة أو مصنّعة. وخلاصة تلك التجارب هي أن دور المرأة الريفية مايزال هامشي وثانوي لأسباب ثقافية، إجتماعية، دينية، أو تقنيّة.ومما لاشك فيه أن التنمية البشرية هي أساس التنمية الإجتماعية إذ تدور حول محور الإنسان الذي يشكل الغاية و الوسيلة في نفس الوقت، ولعل تنمية المرأة الريفية هي من أهم المداخل لتنمية الموارد البشرية إذ تعنى بالأسرة التي هي أساس المجتمع. 
  إن الإهتمام بدور المرأة في التنمية ظل يتزايد يوماً بعد آخر على النطاق المحلّي والإقليمي و الدولي. والدليل على ذلك الإهتمام هو قيام سلسلة من المؤتمرات المتخصصة مثل مؤتمر دور المرأة في التنمية في المكسيك في العام 1975م والذي خرج بإعلان الأمم المتحدة "عقد المرأة للتنمية" للفترة 75-1985م.ومؤتمر نيروبي الخاص بالإستراتيجيات المستقبلية لتنمية المرأة عام 1985م. كما تواصل الإهتمام و التركيز في مؤتمر بكين في الصين عام 1995م. وتواصل الإهتمام بالمرأة من قِبَل المانحين (السفارة الهولندية بالخرطوم) حيث ضمّنوا في برامجهم التمويلية و المنح للدول النامية مشاريع تهدف الي تعزيز قدرات المرأة الريفية وتمكينها في المجالات كافة حتى تصبح مشاركة بفعالية في العملية التنموية. 
دور المرأة الريفية في التنمية في دارفور
  يشكّل قطاع المرأة في دارفور نسبة 75% من العمل الزراعي الذي تمتهنه المرأة لعدم وجود البديل الإقتصادي إذ انّ الولاية تعتمد على الزراعة المطرية والرعي . ونتيجةً للعوامل والظروف الطبيعية القاهرة التي مرت بها دارفور من سنوات الجفاف والتصحر والتي أدت الي شح الأمطار ونفوق الحيوانات بنسبة وصلت الي 80% فقد هاجر الرجال الي المدن وخارج الولاية والقطر تاركين وراءهم أعداد هائلة من الأسر.
  وكان أثر تلك الهجرة هو ترك عبئاً ثقيلاً للمرأة الريفية سواء من ناحية رعاية الأطفال وتربيتهم أو من الناحية المعيشية للأسرة حيث تقوم ببيع الطعام ومستخرجات الألبان والصناعات اليدوية وغيرها[1]. 
ويشير تقرير الإحصاء السكاني للعام 1983م الي ان نسبة مشاركة المرأة الريفية من بين القوى العاملة في الريف تمثل 57% في ولاية شمال دارفور، 44% في جنوب دارفور، 46% في شمال كردفان و39% في جنوب كردفان.
  يتضح جليّاً من النسب المذكورة أن هنالك فوارق ولائية أو إقليمية هامة بالنسبة لمشاركة المرأة. وهذا يدل على إختلاف وتنوع المشاكل والمعوقات التي تواجه المرأة الريفية في كل ولاية على حدة والتي يجب على مخططي برامج التنمية أخذها في الإعتبار لتصميم مشاريع تستفيد من الفرص و الموارد البشرية المتاحة.
  تقوم المرأة الريفية في غرب السودان عموماً  بأداء 60% من عمليات التخزين، و100% التصنيع الغذائي، 60% من عملية التسويق و100% الطبخ وتقديم الوجبات. من الواضح ان معظم عمل المرأة يتم في داخل نطاق الأسرة مما أدى الي إهمال نشاط المرأة أو التقليل من شأنه. 
   تشير التجارب السابقة أن مبادرات التنمية الريفية والزراعية لا تؤثر في حياة الرجل و المرأة على قدم المساواة. فلقد أدي مثلاً ادخال المحاصيل الزراعية النقدية  أو الري وزراعة الارز في العديد من البلدان الافريقية  الواقعة جنوب الصحراء الي زيادة دخل الرجل  بَيْدَ أن هذه المشاريع كانت لها آثاراً عكسية على المرأة الريفية ذلك لأن تلك المبادرات أدت الي زيادة الطلب في عملها من انتاج المحاصيل النقديّة مما ادّى الي الحد من قدرتها على زراعة الخضر  أو العمل في مجال التسويق واكتساب دخل مستقل لها. وقد أدّى ذلك بدوره الي عواقب سلبية بالنسبة لتوفر الأغذية للأسرة وبالنسبة لأوضاع التغذية بين الأطفال.
  وينبغي ألاّ  يُنْظر الي الأسرة على انها مؤسسة موحدة تحاول الحصول على أكبر قدر من المزايا لجميع افرادها بالتساوي بل ينبغي النظر اليها باعتبارها وحدة تنظيمية لها التزامات وفرص وخيارات مختلفة تعتمد على السن والنوع (ذكر أو أنثى) ودور كل فرد من افرادها في الانتاج.كما انه ينبغي عدم الأفتراض بأن زيادة الدخل والأرباح أو الخسائر  توزع بالتساوي بين افراد الاسرة الواحدة[2].
 دور المرأة في الإنتاج
   95% من نساء الريف يعملن في الزراعة و5% عمالة. والجدير بالذكر لا تنحصر مشاركة المرأة الريفية في الأنشطة الزراعية فقط بل تقوم أيضاً بتصنيع انتاجها الغذائي لأكتفاء  وزيادة دخل الاسرة (أنظر الجدول رقم3).

العوائق التي تواجه المرأة الريفية للحصول على موارد الإنتاج:

  بالإضافة الي الحقيقة الماثلة التي أكدت بأن المرأة الريفية و إحتياجاتها الفعلية نادراً ما تؤخذ في الإعتبار عندما يتم التخطيط للمشاريع التنموية، هنالك معوقات أخرى كثيرة تحد من حصول المرأة علي موارد الإنتاج. صلابة ومرونة هذه المعوقات تختلف بين الأفراد والمجتمعات. فيما يلي أهم المعوقات: 
   · الإعتقاد المترسّخ بأن دور المرأة يكمن في إنجاب وتربية الأطفال وما زال هذا الإعتقاد سائد في المجتمعات الريفية.
   · المفهوم العام هو أن مقدرات المرأة تنحصر في أعمال معينة وينسب ذلك الي تركيبتها الجسمانية والإجتماعيّة.
   · التمييز من حيث النوع (ذكر/أنثى) والذي أدّى الي عدم المساواة بين الرجل و المرأة في الحقوق و الواجبات والادوار الطبيعية. وهذه تجعل المرأة الريفية في مكانة ثانوية في عملية التنمية.
   · بعد المرأة الريفية عن العالم الخارجي فهي دائماً منحصرة في حدود مجتمعها الريفي ولذلك فهي لا تتمكن من إكتساب ثقافات أو عادات أو تجارب جديدة.
   · واقع المرأة الريفية الذي جعلها تعتمد بدرجة كبيرة على أقربائها في الحصول على موارد الإنتاج أو المعرفة.
   · العادات والتقاليد والمعتقدات الدينية في الريف مطبقة على نحو صارم على المرأة الريفية مما يُحد من حريتها في اتخاذ القرار.
   · تفشّي الأميّة بين المجتمع الريفي. 
تطوير الحرف و الصناعات الصغيرة 
  وهذه تشمل كل الأنشطة الاقتصادية الإنتاجية غير الزراعة والصناعة[3]. المفهوم  العام السائد لتعريف الانشطة الاقتصادية الانتاجية يضم الصناعة والصيانة ولكنه يستثني معظم المنتجات الريفية. من المهم جداً ان نلفت الإنتباه الي ان ذلك التعريف ينظر الي  انتاج الصناعات اليدوية والحرفية الصغيرة  بمنظور ضيق. المفاهيم الحديثة لها وجهة نظر وتعريف أشمل وهو: 
 "الصناعات اليدوية هي جزء من الصناعات الصغيرةsmall industries   تمتد من الانتاج على نطاق الاسرة و حتى المصانع الصغيرة الحديثة Modern small factories وتنميتها يجب أن ينظر اليها بأنها عملية ديناميكية (أي قابلة للتغير) تتماشى مع متطلبات الحياة وان عملية تطوير الصناعات اليدوية والحرفية الصغيرة ليس المقصود منها فقط المحافظة على الاشياء التقليدية والقديمة old fashioned" بل تحسين الإنتاجيّة من حيث الجودة وزيادة دخل المرأة الريفية. 
   ليس من السهل تقييم الأهمية الإقتصادية من ناحية الكم نسبة لأن معظم هذه الصناعات الصغيرة قد أهملت من الناحية الاحصائية ليس فقط على مستوى شمال دارفور بل على مستوى السودان[4]. أما المعلومات و البيانات  المتوفرة في مجال الصناعات العامة تشير الي اهمية وأداء الصناعات الصغيرة الايجابي.
  فعلى سبيل المثال الصناعات الصغيرة تمثل 95% من جملة الصناعات بالسودان وتوفر 5ر27 % من سوق العمالة. ومقارنةً بالصناعات الكبيرة فانها تحتاج فقط الي نصف ما تحتاجه الصناعات الكبرى وعائداتها بالنسبة للعمال تعادل ثلاثة أمثال عائدات الصناعات الكبرى. باللأضافة الي انها لاتعتمد على الواردات من الخارج بشكلٍ كبير. وهذا يمكن ان يقال في الصناعات اليدوية.
 المشاكل الأساسية التي تعوق التنمية في دارفور
معوقات عامة: 
  ¨ الحروبات والصراعات الداخلية المستمرة
  ¨البعد الجغرافي  مع صعوبة المواصلات سوى كان ذلك داخل الولاية أو بين الولايات الأخرى وباقي أجزاء القطر[5] لعدم وجود الطرق المسفلتة ووعورة الطرق الداخلية.
  ¨ إهمال الحكومات المركزية على مر السنين للنواحي التنموية وذلك بعدم الالتزام بتوفير ميزانيات التنمية فمثلاً توقفت الميزانية المصدقة للقطاع الزراعي نهائياً منذ العام 1993 مما ادى الي تدهور هذا المرفق الحيوي والذي تعتمد عليه الولاية بدرجة كبيرة جداً[6].
  ¨ غياب السياسات الجادّة والتخطيط الاستراتيجي للمشاريع القائمة والمقترحة.
  ¨  عدم وجود آليّة تنظم أولويات التنمية العامة والريفية على وجه الخصوص.
  ¨ عدم تضمين الولاية في الخطط الاقتصادية في السياق القومي وان ضُمّنت فليس هنالك آلية لمتابعة تنفيذ تلك الخُطَطْ.
  ¨ غياب الخطط التنمويّة الجادة القابلة للاستدامة.
  ¨ عدم الاهتمام بالاستثمارات الجادة.
  ¨ سلبيات الحرب الأهلية والمناوشات القبلية المصاحبة لها.
  ¨ ضعف إدارة الموارد مع نقص الدراية الفنية لتحقيق ذلك.
  ¨ عدم الاهتمام بالبنيات التحتية الاساسية مع نقص حاد في الخدمات العامة (التعليم، الصحة، المياه ..الخ). 
معوقات مناخية: 
  ¨ شُحْ وتذبذب كميات الأمطار مع سوء توزيعها.
  ¨ فترات الجفاف الطويلة مثال ذلك الأعوام 1983-1985 والاعوام 1990-1993.
  ¨ النقص الغذائي الحاد الذى  تتعرض له الولاية من حينٍ الي آخر بسبب الجفاف أو شح الامطار.
  ¨ الهجرة من أجل العمل لموازنة حالة عدم الأمن الإقتصادي على مستوى الأسرة. 
معوقات بيئية 
  ¨ الظروف المناخية لاتتيح الاّ القليل من الاستغلال للموارد الطبيعية دون المساس السلبي الذي يضر البيئة (تتضاؤل مستمر للموارد الطبيعية).
  ¨ المعدل العالي للنمو السكاني حيث قدّرت الزيادة السنوية بنسبة  3ر2 % في العام 1983 وبنسبة بلغت أكثر من 4% في العام [7]1993 والذي قُوبِل بتضاؤل مستمر في الموارد الطبيعية التي يعتمد عليها الانسان في نشاطه الاقتصادي التقليدي، أضف الي ذلك سوء استخدام تلك الموارد مما أضر ويضر بالبيئة[8].

الإمكانات المتاحة للتطوير:

    العوامل الداخلية والخارجية في دارفور ملائمة تماماً لتطوير الصناعات الصغيرة وخاصةً الصناعات اليدوية. ومن تلك العوامل المساعدة الآتي: 
  ¨ البعد الجغرافي من المركز ربما يكون أحد الأسباب التي تجعل الصناعات البديلة مهمة لتقابل احتياجات السكان أثناء انقطاع دارفور عن العاصمة القومية وبالتالي انعدام العديد من الاحتياجات التي تجلب من الخارج ويتوجه الناس للصناعات المحلية البديلة.
  ¨ دارفور تعتبر رائدة في مجال الصناعات اليدوية على نطاق القطر ويرجع ذلك لأسباب تاريخية.

المعوقات التي تواجه تنمية الحرف والصناعات الصغيرة
 (أ) العوامل الاقتصادية والاجتماعية 
1) التمويل:
نظام الاستدانة من البنوك
  البنوك التجارية تقوم في البداية بفتح حسابات توفير وإدخار وبعدها تقوم بإعطاء قروض ولكن بضمانات وشروط و التي لا تتوفر أو تنطبق على صغار المنتجين والحرفيين و الذين يمثلون السواد الاعظم في الريف. 
   كذلك لا يقدمون الدعم للمرأة لأن معظم الاراضي ليست مسجلة باسمها بل بأسماء الرجال. و البنوك علاوةً على إنها لا تفضل الاستثمار في الريف لاتعطي فرصاً للنساء والآن اذا إطلعنا على حسابات جميع البنوك العاملة في  دارفور نجد نسبة النساء ضعيفة علماً بأن المرأة الريفية تشكل العمود الفقري للعملية الإنتاجيّة في الريف في كل بقاع هذه الولاية.
   كما أن البنوك تفضل المضاربات والمرابحات والعمليات ذات الربح السريع  ولا تحبذ الدخول في مخاطر. ولكل تلك العوامل قامت مؤسسات التمويل المتخصصة الاّ انها انتهجت نفس طريق البنوك.
التمويل الحكومي
  وهذا يعني الصرف على ميزانيات التنمية والقيام بمشروعات دعم صغار المنتجين ولكن اذا رجعنا للوراء نجد لسنين عديدة أن الصرف على ميزانيات التنمية  يكاد يكون معدوماً تماماً كما أن هنالك قراراً قد صدر في العام 1996 يقضي بتوجيه ميزانية التنمية لدعم قطاع البترول و القطاعات الاسترتيجيّة. مما جعل الاعتماد على عائدات الضرائب  أمراً محتوماً ولكن ضعف الإيرادات الضريبية بالولاية  هو سبباً أساسياً  في خلل الميزانياّت.
الزكاة
  هي من الجهات التي تموّل الاسر المنتجة الاّ أن تجربتها جديدة وتنقصها الخبرة والدراية والمرأة لاتمثل جزء من كبير شأنها كشأن الصناديق المتخصصة. 
التمويل من المنظمات الدولية
  كثير من المنظمات العاملة في دارفور نجد رئاساتها في خارج البلاد ولذلك فإن عملية التمويل تأخذ وقتاً طويلاً حيث تزيد التكاليف وترتفع الاسعار فتصبح التكلفة غير حقيقية وتؤثر سلباً في تنفيذ المشروع كما يؤدي الي زعزعة الثقة بين المنظمة والمستفيدين.
  كما أن عملية التمويل من المنظمات تخضع للظروف السياسية من قِبَل الدولة المانحة وخير الأمثلة بولاية شمال دارفور هي مشروع دعم الصحّة الريفيّة، والمعونة الأمريكية ومشروع المالية. 
2) التدريب و التأهيل: 
  نسبةً لعدم وجود إتحاد خاص للمرأة في مجال الحرف و الصناعات الصغيرة  وغياب المرأة عن العضوية الفاعلة في إتحاد الحرف و الصناعات الصغيرة أدى الي عدم مشاركتها في التدريب الكافي سوى كان في المجال الفني أو الإداري. 
3) الضرائب ورسوم الإنتاج: 
تعتبر الضرائب ورسوم الإنتاج الباهظة والتي فرضتها المحليّات علي الصناعات الصغيرة والحرف من أهم المعوقات التي تواجه تنمية تلك الصناعات و خصوصاً بالنسبة للمرأة. 
4) ضعف البنيات التحتية: 
  ضعف البنيات التحتية وخاصةً الطرق و النقل و المواصلات والكهرباء والماء الصالح للشرب مما يستهلك زمن المرأة. 
5) التسويق:  
  يعتبر التسويق من أهم عوامل نجاح الحرف والصناعات الصغيرة. ونسبة لأن دارفور تعاني من  وعورة الطرق وصعوبة المواصلات وبالتالي أثر ذلك سلباً على عملية تسويق المنتجات من الصناعات الصغيرة والحرف . كما أن ضعف القوة الشرائية للمستهلكين دور كبير في عدم تطور عملية الشراء.
 6) التنسيق:  
غياب جسم فعّال ذو مهام تعتني بتطوير وتنمية الحرف و الصناعات الصغيرة.
7) المواد الخام:
 صعوبة الحصول على المواد الخام وغلاء أسعارها.

 (ب) العوامل الطبيعيّة و البيئيّة 
1) الجفاف و التصحّر:
  تعرضت دارفور لسلسلة من سنين الجفاف والقحط ونقص الغذاء مما أدّى الي حالة عدم توفر الأمن الغذائي و الإقتصادي لغالبية السكّان.
  وكان لسنوات الجفاف في الأعوام 1984/1985 الأثر الأسوأ على الإطلاق في حياة الناس من الناحية الإقتصادية و الإجتماعية. وعلى سبيل المثال لا الحصر فقد أدى ذلك الى تدهور الإنتاج الزراعي  ونفوق الثروة الحيوانية التي يعتمد عليهما السكان مؤدياً الي المزيد من الفقر وسط معظم الشرائح السكانية ذات الدخل المحدود.
 2) الأمطار وخصوبة التربة:
  إنخفاض خصوبة التربة مع تذبذب هطول الأمطار أدّى الي قلة الإنتاج وهذا أثّر علي توفر المواد الخام خاصةً للصناعات التي تعتمد على المنتجات الزراعيّة.
3) تدهور البيئة:
  التدهور البيئي أدى الي شح في الموارد الطبيعية حيث جعل تنافساً كبيراً على الموارد المتاحة بالأضافة الي سوء إستخدام وإدارة تلك الموارد. التدهور البيئي ادى الي شح في الموارد الطبيعية حيث جعل تنافس كبيرا على الموارد  المتاحة. 
دور المرأة الريفية في تطوير الحرف والصناعات الصغيرة في دارفور

  في ظل إقتصاد دارفور التقليدي بصفة خاصة وغير النقدي بدرجة كبيرة و الذي يعاني من نقص المؤن ذات الصلة بالإنتاج الصناعي فإنّ منتجات الصناعات اليدوية و الحرفية تغطي وتقابل جزء مهماً من الطلب المحلّي وخاصةً لذوي الدخول المحدودة.
 دارفور كرصيفاتها الأخرى غنية بالمنتجات اليدوية. وتاريخياً هذه الصناعة تعتبر نشاط مهم في فترة الكساد (off-sesason) ويقوم بها الرجل و المرأة في مجتمع الرحّل و المستقرين على حدٍ سواء.
فالمرأة الريفية و البدوية تقوم بصناعة المفارش من السعف و الصوف و المنتجات الجلدية، و التي لها علاقة مباشرة بالمواد الخام التي تتحصل عليها من حيواناتها.على الرغم من أن السوق لهذه المنتجات بدأ يضيق بسبب البدائل المنافسة من حيث الجودة و الوفرة مثل (الجركانات البلاستيكية) ،  الخيام الجاهزة والسرائر القابلة للطي (collapsible  beds) وجوالات الخيش. الاّ أن هنالك بعض المنتجات مايزال لها طلب و سوق جيّدة مثل السجاد و المفارش.  الصناعات اليدوية تعتبر من أهم الأنشطة المدرّة للدخل خاصة للمرأة الريفية عائلة الأسر بعد الجفاف الذي أصاب المنطقة وأدى الي هجرة الكثير من الرجال.
  تشتمل هذه الصناعات على مجموعة كبيرة من الأنشطة. لكن هنالك أنواع منها تعتبر ذات مستقبل واعد وهي ( الدباغة، الأعمال الجلدية، وأعمال السعف والمفارش، الطباقة والبراتيل، أعمال الصوف). 
الدباغة:
  تتركز الانشطة في هذا المجال في دباغة جلود الضأن و الاغنام بالدرجة الاولى ثم تليها جلود الأبقار والإبل وجلود الصيد. المرأة الريفية تقوم بدباغة الجلود خاصة مجتمع الرحل. معظم المواد الخام متوفرة محلياً. ويعتبر تسويق الجلود المدبوغة ومنتجاتها جيد على الرغم من التباين الكبير في الجودة. هنالك خبرات ممتازة وعمال مهرة في هذه الصناعة يجب الاستفادة منها في تحسين الجودة لمنافسة المستورد.
 الأعمال الجلدية:
   وهذه تشمل الشنط و القِرَب والأخْراج والأحذية ومنتجات للزينة المنزلية والجمال والخيول الخ... تقوم المرأة الريفية  بصناعة الشنط الجلدية بأنواعها. المعدات و المواد الخام المستخدمة كلها متوفرة محليّاً ما عدا (المسامير) والصبغ للتلوين. 60% من المنتوجات يتم تسويقها محلياً في دارفور وهنالك أسواق أخرى خارج الولاية بما فيها تجارة الحدود.
أعمال السعف:
  وهي تشمل البروش والطباقة و البراتيل و السباتة والصلايات وغيرها.
 البروش:
  تقوم المرأة الريفية بإنتاج البروش في أوقات الفراغ وهنالك طلب عالي جداً على البروش لأنها تستخدم كمواد بناء وطرود لترحيل المواد مثل الصلصة وغيرها.
 الطباقة والبراتيل[9]:
  تشتهر دارفور عموماً بصناعة الطباقة والبراتيل من السعف أو نبات البَنُو. المواد الخام والمعدات والألوان متوفرة وسوق هذه المنتجات رائج على المستوى المحلي والقومي (معرض الخرطوم الدولي) وهنالك فرص جيدة للتصدير للدول المجاورة (ليبيا) والخليج العربي (معرض دبي). ومن أهم المعوقات التي تواجه هذه الصناعة هي الجودة والتجميل (quality and finishing) و التنويع لمقابلة ذوق الزبون.
 صناعة غزل ونسيج الصوف:
   منتجات هذه الصناعة تشمل السجاد و المفارش الصوفية وغيرها وهي صناعة خاصة بالمرأة الريفية. المراكز الرئيسية لهذه المنتجات هي مليط، الفاشر، أم كدادة وكتم. المعدات و المواد  الخام من صوف أغنام وضأن ووبر إبل متوفرة محلياً[10]. مستوى التسويق لهذه المنتجات جيّد على المستوى المحلي و الولائي وهناك فرص جيدة لتحسين التسويق على المستوى القطري وخارج البلاد. ومن أهم المشاكل التي تواجه هذه الصناعة هي الصقل أو التجميل (Finishing) وكذلك التخلص من الرائحة الناتجة من الصوف.
 التسويق
   هنالك العديد من الأسواق ومراكز التسويق الرئيسية في  دارفور. هذه الأسواق لديها وظيفتان أولهما التسويق وثانيهما مركز التقاء لسكان القري.
  الأسواق الإسبوعية منتشرة بصورة واسعة في الولاية وهي عبارة عن مزادات علنية فيها يبيع المنتجون منتجاتهم ويشتروا إحتياجاتهم الإستهلاكية. وعلى هذا النحو فإن المناطق التي يكون لديها فائض في الإنتاج فإن الأسواق الإسبوعية تتيح فرص للبيع والشراء والتي على ضوئها يتم التبادل بين المحاصيل و المواشي.
   الدراسة التي أجراها معهد الدراسات البيئية بجامعة الخرطوم أظهرت أن هنالك ثلاثة عوامل تؤثر على أسعار السلع وهي 1) بعد المسافة من مناطق التزود أو الإنتاج 2) القوة الشرائية 3) توفر السلع أو البضائع.
 تجارة الحدود
   توجد تجارة حدودية بين دارفور وكل من جمهورية تشاد وليبيا الخ . ونسبة لصعوبة النقل من ميناء بورتسودان والخرطوم كمناطق تزود دارفور بالبضائع فإن تجارة الحدود لعبت وما زالت تلعب دوراً بناءاً وأساسياً في مقابلة النقص في المواد الغذائية والضرورية الأخرى كما تفتح أسواق أخرى لتسويق المنتجات المحلية.
   وعلى سبيل المثال فان الصادرات لليبيا فتشمل الإبل والحناء والأحذية والمنتجات اليدوية. أما الورادات فتشمل الملابس و الإليكترونيات و معدات منزليةودقيق القمح ومنتجاته.التجارة مع ليبيا بلغت أقصى أهميتها أثناء سنوات القحط والجفاف حيث تعتبر سوق  جيدة للعمال غير المهرة والتي ساهمت في دخل الأسرة في ظل ظروف دارفور في فترات الجفاف.
 تطوير الصناعات اليدوية بواسطة الحكومة والمنظمات
  سياسة الدولة تعطي بعض الأهمية لهذا القطاع في مستنداتها الخاصة بالتخطيط ولكنها في نفس الوقت لاتدعم  هذا القطاع وتظل تلك السياسات رهينة الملفات لسنوات عديدة قبل أن يتم تنفيذها لدعم الصناعات الصغيرة. سياسة الدولة نحو الصناعات اليدوية في أفضل صورها لاتتعدى أن تكون نظرية ولا تعطي أدنى إهتمام للدور الذى تلعبه الصناعات اليدوية في مجال دعم الأسر المنتجة أو المشاكل التي تواجهها. ومن الاسباب التي جعلت الحكومة تهمل هذا الجانب هو عدم وجود جهاز حكومي مختص في مجال تطوير هذا القطاع.
  أما المنظمات شبه الحكومية مثل البنك الصناعي السوداني أو المؤسسة السودانية للتنمية الريفية فكانت لديها تجارب في تمويل الصناعات الصغيرة على نطاق محدود ولكنها لا تشمل الصناعات أو الحرف اليدوية.
   أما البنوك الإسلامية فلديها تجربة جيدة في مجال تمويل (سلفيات) الحرف والصناعات الصغيرة الا أن التمويل محصور في المناطق الحضرية فقط ولا يشمل الريف.
أما المنظمات التطوعية وبعض المانحين فقد أعطت بعض الإهتمام في السنوات القليلة الماضية للصناعات الصغيرة و الحرف ومن المؤمل أن يعطي هذا الإهتمام دفعة لتطويرها[11].
 أسباب إهمال قطاع الحرف و الصناعات الصغيرة: 
  ¨  عدم وجود جهاز مختص في هذا المجال على مستوى دارفور أو القُطر
  ¨  عدم وجود جهة فعّالة تقوم بمساندة الحرفيين وتهتم بمشاكلهم وترعى مصالهم
 دور المنظمات التطوعية في تطوير المرأة الريفية:
   في العقدين الماضيين أصبح موضوع "المرأة في التنميةwomen in Development " حديث الساعة بالنسبة للعديد من الوكالات والحكومات القوميّة في الدول النامية. حيث أصبح جليّاً  بأن المرأة الريفية يمكن أن تساهم في تطوير مشاريع التنمية الريفية الموجهة لإحداث تغيرات إجتماعية وإقتصاديّة مرغوبٌ فيها اذا تم وضع دور المرأة الريفية الإجتماعي و الإقتصادي في الإعتبار ودُعِمَت بالتعليم والتدريب والإرشاد و التشجيع وتسهيل عملية الحصول على موارد ومقومات الإنتاج.
   وحتّى تكون مشاركة المرأة الريفية فعالة في التنمية لابد لها أن تكون ملمّة وواعية بمقدراتها وكفاءتها. ومن ناحية أخرى فإن المشاركة الفعالة للمرأة الريفية تدعو لدعمها لوعي وفهم السياسات والإستراتيجيات التي تأخذ في الإعتبار النواحي البيلوجية (الأحيائية)، و المعوقات الإجتماعية والدينية بالإضافة الي دمج مساهمتها ومشاركتها ضمن المجتمعات الريفية.
  على كل فإن عدم المساواة من حيث النوع (ذكر/أنثى) Gender balance   يجب معالجتها بحذر وإهتمام شديدين في تخطيط برامج التنمية والإعتراف بدور كل من الرجل والمرأة مع التشديد علي ازالة معوقات مشاركة المرأة الريفية في التنمية.
المرأة الريفية سواء أكانت في المنازل، أو الحقول، أو المدارس، أو المكاتب و المصانع فإنها تنجز أعمالاً أو وظائف تعتبر جزءاً لايتجزأ من عملية التنمية.
 النتائج

   · تساهم المرأة الريفية إقتصادياً ليس فقط في زيادة دخل الأسرة كمنتجة من خلال زراعتها للمحاصيل وتربية الحيوان والصناعات اليدوية والتسويق بل أيضاً في الإقتصاد القومي.
   · تساهم المرأة الريفية في إحداث التغيرات الإجتماعية المطلوبة كأم، وكعاملة، وكل ذلك يؤدي الي خلق ثقافات وعادات مفيدة في المجتمع.
   · تتمكن المرأة الريفية من إزالة التغييرات الإجتماعية غير المرغوبة وبذا تستطيع أن تؤدي دور فعّال في المجتمع من الناحية الإجتماعية والإقتصادية.
   · تجربة مشروع دار السلام تدل على مقدرة المرأة الريفية في التعامل مع المؤسسات التمويلية وأنها قادرة على إسترداد السلفيات وبكفاءة عالية حيث أستطاعت التعامل مع مبلغ 20 مليون جنيه.
   · تجربة الأسر المنتجة تدل على إنحياز الجهات الرسمية للأسر المنتجة في المدن دون الريف.
   · تجربة مشروع جبل مرة تدل على أن المرأة قابلة لتلقي المعلومة وبالتالي التنمية.

التوصيات
   · الإعتراف بالدور  الذي تلعبه المرأة الريفية في التنمية .
   · العمل على توسيع مفاهيم المرأة الريفية في العملية الإنتاجية
   · العمل على تقوية تنظيمات المرأة الريفية وتدريبها.
   · العدالة في العلاقة بين الرجل و المرأة في الحقوق و الواجبات و المسؤليات مع اخذ الوضع الإجتماعي والحصول على موارد الإنتاج في الإعتبار والتي يجب أن تُنشأ ويتم الحفاظ عليها.
   · مصالح وإحتياجات المرأة الريفية يجب أن يعبر عنها صراحةً وتترجم في شكل سياسات وإستراتيجيّات في وضع البرامج و المشاريع.
   · تقليل عبء العمل وتوفير الزمن يجب أن يكون المعيار بقدر الإمكان في تطوير ابتكارات وإختراعات المرأة الريفية.
   · تصميم برامج إرشادية خاصة تكون ملائمة من الناحية التقنية وطريقة الإتصال الجماهيري وغيره.
   · ضمان مشاركة المرأة الريفية في عملية إتخاذ القرار ورأيها ومصالحها في البرامج التنموية.



[1] نادرة مصطفى الحاج.(1998). إستراتيجية تنسيق أنشطة المرأة بولاية شمال دارفور. إدارة التنمية الإجتماعية.
[2] علي إبراهيم.(1996). التمويل مشكلاته ومعوقاته. منسقية الأمن الغذائي، شمال دارفور.
[3]تقرير التقييم الثاني لإعادة التعمير في دارفور وكردفان 1984.أرنهام-هولندا
[4] دور التقنية الوسيطة في تنمية الحرف و الصناعات الصغيرة (1998).
[5] في فترة فصل الخريف تنقطع الولاية كلياً في معظم الاحيان عن العاصمة وذلك لسوء حالة الطريق الذى يربط بينهما (رمال وأودية).
[6] عبدالله عبد اللطيف (1998). قضايا القطاع الزراعي.
[7] تقارير الاحصاء السكاني لولاية شمال دارفور للأعوام 1983 و 1993 . مكتب احصاء الفاشر.
[8] هنالك تنافس شديد على الموارد الطبيعية المتاحة ليس فقط نتيجة للزيادة السكانية بل أيضاً النزوح من المناطق الشمالية الجافة الي المناطق الجنوبية الاقل تأثراً بالجفاف.
[9] الطبق: (وتُجمع على طباقة باللهجة المحلية) ويستخدم أصلاً لنظافة المحاصيل كالدخن والسمسم وهو غالباً ابيض اللون وأحياناً يستخدم لتغطية قدح العصيدة. أما البرتال فهو مزركش وبألوان زاهية وفيه درجة عالية من الفن ويستخدم كغطاء للطعام (صينية الغداء الخ...).
[10] هنالك أمران يقفان في طريق هذه الصناعة من ناحية عامة وهما توفر الخيط ومسألة غلاء الأسعار.
[11] هانسوم وُلمتش (1985): تطوير الصناعات اليدوية الريفية كسبيل للسياسات الإقتصادية في السودان:دراسة حالة إقليم دارفور. جامعة بيرقن. 1985.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق