الصفحات

الاثنين، 6 فبراير 2017

التوسع العمراني وأثره على استعمالات الأرض الزراعية في ناحية يثرب - د. ظافر إبراهيم طه العزاوي ...


التوسع العمراني وأثره على استعمالات الأرض الزراعية 

في ناحية يثرب 

د. ظافر إبراهيم طه العزاوي 

جامعة بغداد - كلية التربية ـ ابن رشد

مجلة الفتح -العدد الثاني والعشرون -٢٠٠٥ - ص ص ٥٩ - ٧٣:

المقدمة : 

 تعد مشكلة الزحف العمراني على حساب الأراضي الزراعية من المشاكل التي تعاني منها جميع حول العالم ، وخاصة تلك التي تمتاز بزيادات سكانية سريعة ، ويعرف التوسع العمراني على أنه الزيادة المستمرة في أعداد السكان سواء كان ذلك في سكن منتظم أو غير منتظم ، وهذا مايؤدي إلى زيادة الطلب على الأراضي الزراعية ومن ثم أيجاد خلل (١) في التوازن البيئي . وفضلاً عن الزيادة السكانية هناك عوامل أخرى تساعد على التوسع العمراني أبرزها سياسة الدولة من خلال استحداث الأحياء السكنية الجديدة في أو بالقرب من الأراضي الزراعية فضلاً عن العامل المادي الذي من خلاله يتم أغراء أصحاب الأرض الزراعية الواقعة في ضواحي المدن واستغلالها لأغراض غير زراعية ، كما أن للعوامل الأجتماعية أيضاً دوراً بارزاً من خلال رغبة بعض سكان المدن في السكن في ضواحي المدينة ، إذ يقتطعون مساحات معينة من الأراضي الزراعية ويحولونها إلى أرض سكنية ترفيهية فقط دون الأستفادة منها في الزراعة ، وهذا ما يحصل في مناطق عديدة من العالم وخير مثال على ذلك الباكستان التي فقدت الكثير من الأراضي الصالحة للزراعة في (٢) مناطق ضواحي المدن علماً أن هذه المناطق تنتج أربعة محاصيل في السنة . 

  لا يقتصر التوسع العمراني على مجموعة من الدول بل هو حالة عامة تشترك فيها جميع دول العالم ، فقد اشارت أحد الدراسات إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية فقدت سنوياً ما يعادل ٤٠٠ الف فدان م  الأراضي الزراعية نتيجة تعرضها للزحف العمران ي (٣ ) خلال المدة (١٩٧٢ ـ ٢٠٠٠)

 وهذه الحالة تنطبق على أقطار الوطن العربي ومنها العراق ، فقد اشارت بعض الدراسات إلى أن البحرين أضاعت ما يقارب ( ٨٠٠٠) دونم من أراضيها الزراعي ة الجيدة منذ عام ١٩٧٦ باستعمالها للسكن والصناعة والاستخدامات العامة الأخرى ، وأنكل هذه (٤) الاستخدامات لا تتطلب هذه النوعية الجيدة من الأراضي ، وقد اشارت الدراسة نفسها إلى أن مدينة الدوحة قد زحفت على ثلاث مزارع رئيسة حولها هي الريان والجرافة والمركبية ، كما نشأت حديثاً تجمعات سكنية شمال الدوحة على الأراضي الزراعية (٥) 

  كما أدى الزحف العمراني في مصر إلى اقتطاع أراضي زراعية تحيط بمراكز المدن تقدر مساحتها بحوالي ١٢٥٣٠ فدان سنوياً ، وقد تبين أنه كلم ازاد حجم القرى أو كان موقعها الجغرافي قريباً من مدينة رئيسة أو من نطاق المشاريع الاقتصادية أتسع (٦)عمرانها بمعدلات تفوق مثيلاتها من القرى ذات الموقع البعيد أو ذات الحجم الصغير .

  وقد أحدث الكيان الصهيوني حالة من الخلل في التوازن البيئي عندما شرع في التوسع ببناء المستوطنات في الضفة الغربية وقطاع غزة عن طريق إزالة الغطاء النباتي وجرف التربة وتدمير مساحات زراعية واسعة تقدر حوالي ( ١٠٥٦٠٠) دونم (٧) . 

  وفيما يخص القطر العراقي فأنه يعد أحد البلدان النامية التي يزداد فيها السكان بمعدل نمو سنوي يبلغ ٣٫٤ ، % وهذا يعني تراجع في مساحة الأراضي الزراعية أمام (٨ ) الزحف العمراني الذي تتطلبه زيادة السكان المستمرة . وقد أشارت أحد الدراسات إلى أن العراق فقد خلال المدة ( ١٩٥٧ ـ ١٩٧٦) أرضاً زراعية قدرت مساحتها بنحو (٩) (٢٫١٥٢٫٤٠٠) دونم استعملت لأغراض السكن وما يرتبط منها من خدمات . إن تزايد الحاجة إلى أراضي جديدة لأغراض السكن ، يعد مشكلة كبيرة أمام النقص الحاصل في مساحات الأراضي الزراعية من خلال تحويلها إلى أراضي سكنية لا سيما إذا ما حاولنا مواكبة عجلة التطور الذي من خلاله يتبين الحاجة الماسة إلى أراضٍ جديدة لأغراض السكن والترفيه ، وأن الأراضي الزراعية ستفقد ١/٣ مساحتها لأغراض الاستيطان ، وقد تبدو الصورة أكثر وضوحاً إذا ما حصل حساب حاجة الفرد الواحد من ٢ الأرض حسب نموذج كالفورنيا ( ١٠٠م / شخص) وبهذا يتطلب سكن عشرة بلايين نسمة (١٠) في مثل هذه الحالة حوالي ٧٠ %من الأراضي المستثمرة في الوقت الحاضر . أما منطقة الدراسة فأنها تشهد حركة عمرانية واسعة لاسيما وأنها مناطق ريفية لا تتعدى المناطق الحضرية فيها حدود مركز الناحية وهي الأخرى غير ثابتة بسبب الغائها واستحداثها مرات عديدة. لقد تطورت الحركة العمرانية وأزدادت عدد الوحدات السكنية في منطقة الدراسة نتيجة لزيادة الدخول لاسيما الزراعية منها فضلاً عن توفر المواد الإنشائية في الفترة التي سبقت فرض الحصار الاقتصادي على القطر عام ١٩٩٠ ، هذا بالأضافة إلى مساهمة الدولة عن طريق تسليف المواطنين ومنهم العسكريين بالدرجة الأساس في تلك المدة . كان لزيادة الأتصال ما بين الريف والمدينة أثر كبير في تشجيع سكان الريف على تشييد الدور الحديثة من المواد الثابتة بسبب توفر الأمكانات المادية الجيدة للسكان الريفيين ، وقد تبين من خلال الزيارات الميدانية التي قام بها الباحث أن منطقة الدراسة قد شهدت حركة عمرانية واسعة ممثلة بأنشاء بيوت حديثة تضاهي بيوت المناطق الحضرية ، إلا أنه ينقصها التخطيط وسوء استخدام الأرض ذلك لما له من أثر سلبي في عملية أيصال الخدمات وكذلك التفريط بالأرض الزراعية .




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق