الصفحات

الأربعاء، 9 أكتوبر 2013

مرض الإيدز والعدوى بفيروسه في إقليم شـرق المتوسط ...



مرض الإيدز والعدوى بفيروسه في إقليم شـرق المتوسط

اللجنة الإقليمية لشـرق المتوسط -  

وثائق الدورة  الخمسون 29/9  2/10/2003


المقدِّمة :

    ينتشر وباء عدوى فيروس الإيدز في الإقليم بمعدَّل يتعيَّن التصدِّي له بمزيد من الفعالية. وفي تشرين الأول/أكتوبر 2001، أصدرت اللجنة الإقليمية لشرق المتوسط، في دورتها الثامنة والأربعين، قرارها ش م/ل إ48/ق - 4، الذي تدعو فيه الدول الأعضاء إلى تنفيذ الخطة الاستراتيجية الإقليمية لتحسين مواجهة القطاع الصحي لمتلازمة العَوَز المناعي المكتسب وسائر الأمراض المنقولة جنسياً في الإقليم، في المدة 2002-2005. وقد أدَّى التزام اللجنة الإقليمية بهذه القضية، والجهود التي يبذلها المكتب الإقليمي، إلى إتاحة فرص جديدة لتحسين الإجراءات المتَّخذة على الصعيدَيْن الوطني والإقليمي لاتِّقاء ومكافحة الإيدز والعدوى بفيروسه. وقد تزايدت باطِّراد في العديد من بلدان الإقليم، القدرات الوطنية على تصميم وتنفيذ المداخلات الوقائية المناسبة.


   وتُبذل جهود ملموسة لإتاحة الحصول على توليفة دوائية جديدة مضادة للفيروسات القَهْقَرية retroviruses لمعالجة عدوى فيروس الإيدز، وتأخير الإصابة بمرض الإيدز.

     هذا، مع العلم بأن التغيُّرات العالمية الناجمة عن إنشاء الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا، وتزايُد اهتمام البنك الدولي وسائر الجهات المانحة بمكافحة الإيدز والعدوى بفيروسه، وإعداد أساليب للوقاية والمكافحة على الصعيد دون الإقليمي، والتعاون التقني من جانب المنظمة، توفّر جميعها الأُطُر السياسية، والمالية، والبرنامجية التي تمكِّن من توسيع نطاق أنشطة الوقاية من الإيدز والعدوى بفيروسه ورعاية المصابين بأيٍّ منهما في كل بلد من بلدان الإقليم.

وفي عام 2002، بدأ المكتب الإقليمي في تنفيذ الخطة الاستراتيجية الإقليمية لتحسين مواجهة القطاع الصحي للإيدز والعدوى بفيروسه وسائر الأمراض المنقولة جنسياً، في بلدان إقليم شرق المتوسط. علماً بأن هذه الخطة توفِّر للبلدان الأعضاء والمنظمة، التوجيه الاستراتيجي حول الكيفية التي يمكن بها للقطاع الصحي تحسين مواجهته عموماً لمشكلة الإيدز والعدوى بفيروسه وسائر الأمراض المنقولة جنسياً، وتحسين الأساليب التي يتَّبعها في هذا الصدد، في سياق إقليم شرق المتوسط، متوخِّياً تحقيق خمسة أهداف إقليمية رئيسية.
  
2. الوضع الراهن لوباء الإيدز والعدوى بفيروسه  وسائر الأمراض المنقولة جنسياً في الإقليم :
  
1.2  مرض الإيدز والعدوى بفيروسه: سبب مهم من أسباب الوفيات والمراضة في الإقليم :
  
     يُقدَّر عدد المصابين حالياً في الإقليم بمرض الإيدز أو بعدوى فيروسه بنحو 000 750 شخص، منهم 000 83 شخص أصيبوا بعدوى فيروس الإيدز في السنة الماضية. ويُسهم مرض الإيدز والعدوى بفيروسه وسائر الأمراض المنقولة جنسياً بقدر كبير من الوفيات والمراضة الناجمة الأمراض الـمُعْدِية في الإقليم. ففي عام 2001، تَسَبَّب مرض الإيدز والعدوى بفيروسه وسائر الأمراض المنقولة جنسياً في وفاة 000 58 شخص، ويزيد هذا العدد من الوفيات على عدد وفيات الملاريا في السنة نفسها. والواقع أن مرض الإيدز والعـدوى بفيروسـه وسائـر الأمـراض المنقولـة جنسيـاً تمثـِّل عبئـاً مرضيـاً لا يُستهان به في الإقليم. ففي عام 2001، تَسَبَّبت هذه الأمراض في ضياع ما يقدَّر بنحو 3 ملايين سنة من سنوات العمر المصحَّحة باحتساب مدد العجز، وهو مقياس للسنوات الضائعة من الحياة الصحية؛ وعلى ذلك فقد تسبَّبت هذه الأمراض في إحداث معدلات من العجز تفوق ما أحدثه السل أو الملاريا.
   ويُقدَّر العدد الإجمالي لحالات الإيدز المبلَّغة من بداية الوباء بنحو 079 12 حالة (الجدول 1)، وهو عدد يقلّ كثيراً عن العدد التقديري لهذه الحالات. فبحلول منتصف عام 2003، لم تستطع عشرة من بلدان الإقليم (الأردن، والإمارات العربية المتحدة، والجماهيرية العربية الليبية، وجيبوتي، والسودان، والصومال، والعراق، وفلسطين، وقبرص، واليمن) إكمال التبليغ عن حالات الإيدز التي وقعت فيها في السنة الماضية. كما أن جيبوتي والصومال لم تقوما بإبلاغ أي حالات منذ عام ألفَيْن.
وبالنسبة إلى جمهورية إيران الإسلامية، فقد حدثت زيادة في عدد الإصابات في الربع الثالث من عام 2002، بسبب التأخُّر في التبليغ. فحالات الإيدز المبلَّغة وعددها 213 حالة كانت حالات تراكمية لم تُبلَّغ في السنوات السابقة، ومن هذه الحالات 181 حالة بين متعاطي المخدِّرات عن طريق الحقن. ويُثبت هذا المثال أن المعطيات المستقاة في ظل هذا التقاعُس في تبليغ حالات الإيدز، تهوِّن من الوضع الوبائي الراهن في الإقليم.

 2.2  الاختلافات دون الإقليمية: حجم الانتقال، واتجاهاته، وطرقه
  
   هنالك اختلافات ملحوظة بين بلدان الإقليم في ما يتعلق بحجم وباء العدوى بفيروس الإيدز، واتجاهات انتقال الفيروس. ففي السودان، يُقدَّر عدد المصابين بمرض الإيدز أو العدوى بفيروسه بنحو 000 450 شخص. وبالنظر إلى معدل الانتشار بين البالغين، والذي يقدَّر بنحو 1.6%، فإن مستوى الوباء في السودان يمكن مقارنته بمستواه في بلدان أفريقية أخرى، مثل مالي (1.7%)، وفي بعض بلدان جنوب شرق آسيا، مثل تايلند (1.8%). أمّا في جيبوتي، فقد أظهرت دراسة وطنية لمعدل الانتشار المصلي أُجريت في عام 2002 انتشار العدوى بفيروس الإيدز بمعـدل مقـداره 2.8% بين البالغين الذي تتراوح أعمارهم بين 15 و54 سنة، مع وجود معظم الحالات في منطقة جيبوتي (حيث يبلغ معدل الانتشار 3.4% في هذه المنطقة) كما لوحظ ارتفاع معدل انتشار العدوى (2.5%) بين الحوامل في المنطقة.

  ومن جانب آخر، نجد أن بعض البلدان، مثل الأردن، والجمهورية العربية السورية، ومصر، وبلدان مجلس التعاون الخليجي، تنخفض فيها معدلات الانتشار حالياً (<0.3%). وينبغي النظر إلى هذا الوضع بحذر، إذ إن المعطيات المتاحة محدودة. كما أن انخفاض المعدلات الوطنية يمكن أن يكون مضلّلاً، إذ إنه قد يحجب عن العيان الأوبئة التي قد تكون محصورة في أول أمرها في بعض المناطق المحلية، وفي فئات سكانية معيَّنة مهدَّدة بخطر الإصابة بعدوى فيروس الإيدز، كمتعاطي المخدِّرات، ولكنها أوبئة يمكن أن تنتشر بسرعة وفي صمت بين عموم السكان.

   والطريقة الرئيسية لانتقال العدوى بفيروس الإيدز في الإقليم هي الجِمَاع، إذ إنه تسبَّب في نحو 55% من مجموع حالات الإيدز في عام 2002. غير أن الطرق السائدة لانتقال هذه العدوى تختلف على المستوى دون الإقليمي. فالانتقال عن طريق الجِمَاع مسؤول عن 95% من حالات الإيدز المبلَّغة في القرن الأفريقي (جيبوتي، والسودان، والصومال)، في حين تَسَبَّب تعاطي المخدِّرات بالحقن الوريدي في حوالي 39% من حالات الإيدز المبلَّغة في بلدان الإقليم الواقعة في أطرافه الشرقية، ولاسيَّما في جمهورية إيران الإسلامية. كما أن 16% من كل حالات الإيدز المبلَّغة في الشرق الأدنى (الأردن، والجمهورية العربية السورية، والعراق، وفلسطين، وقبرص، ولبنان، ومصر) تُعزَى إلى اللُّواط.

3.2   تعاطي المخدِّرات عن طريق الحقن: خطر فعلي يهدِّد بوقوع وباء متفجر من عدوى فيروس الإيدز في الإقليم

    تتزايد البيِّنات على أن تعاطي المخدِّرات عن طريق الحقن الوريدي يمكن أن يصبح القوة الدافعة لوباء العدوى بفيروس الإيدز في الإقليم. إذ تتزايد منذ عام 1999 نسبة حالات الإيدز المكتشفة بين متعاطي المخدِّرات عن طريق الحقن، بين إجمالي حالات الإيدز، زيادةً ملحوظة تكاد تبلغ خمسة أضعاف ما كانت عليه (الشكل 1). وهذه الحقيقة، إضافةً إلى أهمية الانتقال الجنسي للعدوى بفيروس الإيدز، وارتفاع معدلات انتشار الأمراض المنقولة جنسياً، تُنذر بوجود إمكانية كبيرة لانتشار العدوى بفيروس الإيدز انتشاراً خطيراً في عموم السكان. ويبدو أن الوباء المزدوج المتمثِّل في تعاطي المخدِّرات والعدوى بفيروس الإيدز، يصيب أكثر بلدان الإقليم سكاناً، مع وجود مخاطر جدّية لانتشار هذه العدوى على نطاق واسع. ففي جمهورية إيران الإسلامية، مثلاً، يتسبَّب تعاطي المخدِّرات عن طريق الحقن الوريدي في 52.5% من مجموع حالات الإيدز المبلَّغة حتى الآن.

   كما يقوم تعاطي المخدِّرات عن طريق الحقن الوريدي بدَوْر مهم في انتشار العدوى بفيروس الإيدز في بلدان أخرى في الإقليم. ففي البحرين، مثلاً، زاد المعدل المبلَّغ لانتشار هذه العدوى بين متعاطي المخدِّرات زيادة مفزعة، إذ زادت من 0.3% في عام ألفَيْن إلى 1.27% في عام 2001، ثم إلى 7.26% في عام 2002. كما أبلغت عُمان معدلات مرتفعة لهذه العدوى بين متعاطي المخدِّرات، وصلت إلى حوالي 5% في عام 2000 وعام 2001. وفي عام 2002، أثبت اختبار 34 متعاطياً للمخدِّرات عن طريق الحقن وجود 3 من بينهم إيجابيين للعدوى (8.8%).
  
4.2  عوامل الاختطار المرتبطة بالجنس: إصابة النساء بالعدوى في سن أصغر
  
   لايزال الرجال أكثر تأثـُّراً بالعدوى من النساء، إذ إنهم يمِّثلون 69% من حالات الإيدز المبلَّغة في المدة ما بين عامَيْ 1999 و2002. ويتَّضح من المعطيات تزايُد معدلات العدوى بين الرجال، في حين ظلت هذه المعدلات أكثر استقراراً بين النساء (الشكل 2). ففي عام 2002، كانت نسبة عدوى الإناث إلى الذكور هي 1 : 2.8. غير أن هذا الوضع قد أصبح معكوساً في جيبوتي، حيـث معـدلات انتشـار العـدوى بيـن النسـاء (3.3%) تفـوق مثيلاتهـا بيـن الرجـال (2.5%).

   ومن الملفت أن العدوى بفيروس الإيدز في إقليم شرق المتوسط تصيب الرجال والنساء في أعمار مختلفة. فوفقاً لحالات الإيدز المبلَّغة من الدول الأعضاء، فإن معظم النساء يُصَبْن بالإيدز في عمر صغير نسبياً (25 – 29 سنة)، بالمقارنة إلى الرجال (35 – 39 سنة). وعليه، يتَّضح أن صغار السن من النساء معرَّضات للعدوى أكثر من صغار السن من الرجال في نفس الفئة العمرية (الشكل 3). وهذا مؤشر مهم على سرعة تأثـُّر النساء جنسياً في الإقليم، ولاسيَّما النساء ذوات السلوكيات الشديدة الاختطار. وأوضح تحليل أُجري للوضع في السودان أن معدلات انتشار العدوى بين البغايا، (( وبائعات الشاي )) في عُرض الطريق، تبلـغ في الفئـة الأولى 4.4% وفي الفئـة الثانية 2.5%، مع بلوغ معدلات الانتشار بين الحوامل 1%.

  ومنذ عام 1999 وأشد الفئات العمرية تعرُّضاً للإصابة بالإيدز هي الفئة 25 إلى 39 سنة، التي تشكِّل حوالي 62% من جميع حالات الإيدز المبلَّغة، مع بلوغها الذروة في الفئة العمرية 35 – 39 سنة؛ وإن كانت شـدة التعرُّض تبـدأ فـي أصغر من ذلك بكثير، إذ تبدأ في سن تتراوح بين 15 و19 سنة (1.6% من جميع حالات الإيدز المبلَّغة في الفترة بين عامَيْ 1999 و2002). علماً بأن الفئة العمرية التي تسبق الفئة الأخيرة (10 – 14 سنة) لا تمثِّل سوى 0.5% من إجمالي الحالات المبلَّغة .

   وفي الحالات التي تنتشر فيها العدوى بفيروس الإيدز بين عموم السكان، يُلاحَظ أن أعلى معدلات العدوى تكون بين الفئات العمرية الصغيرة. فنجد، مثلاً، في جيبوتي أن 5% - 6% من المصابيـن بالعـدوى هـم مـن الفئـة العمريـة 20 – 34 سنة.

   يتَّسم التبليغ عن الأمراض المنقولة جنسياً بالنقص وعدم الدقة في معظم بلدان الإقليم. ففي الفترة بين عامَيْ 1999 و2002، لم ينتظم سوى خمسة بلدان في الإقليم في الإبلاغ عن حالات هذه الأمراض، التي تم اكتشافها عن طريق التشخيص السبـبي. وقد بلغ إجمالي عدد الحالات المبلَّغة أثناء تلك الفترة 419 319، أُبلغ منها 515 73 حالة في عام 2002.

    وأكثر مرض من هذه الأمراض يجري التبليغ عنه هو داء الـمُشَعَّرات trichomoniasis، إذ إنه يمثِّل 89% من إجمالي الحالات المبلَّغة من الأمراض المنقولة جنسياً. ويليه السيلانgonorrhoea الذي يتسبَّب في 5.5% من الحالات المبلَّغة من الأمراض المنقولة جنسياً، فالزهري syphilis الذي يتسبَّب في حوالي 2% من الحالات المبلَّغة. علماً بأن هذه الأرقام لا تعكس الوضع الحقيقي لهذه الأمراض في الإقليم، إذ هي متأثـِّرة بعدم قيام بعض بلدان الإقليم التي تعاني من مشكلات كبيرة من جرَّاء هذه الأمراض، بالتبليغ بانتظام عن وقوعات هذه الأمراض فيها، وبقلِّة عدد البلدان التي تبلِّغ بانتظام عن هذه الوقوعات. ومن الأمثلة على البلدان القليلة التي تبلِّغ بانتظام معطياتها حول الأمراض المنقولة جنسياً، جمهورية إيران الإسلامية. إن كبر حجم سكان هذا البلد الذي من الواضح أنه يعاني من مشكلة من داء الـمُشَعَّرات، إضافةً إلى عدم انتظام العديد من بلدان الإقليم في الإبلاغ عن وقوعات الأمراض المنقولة جنسياً فيها، يسهم في تلك الصورة الإحصائية لداء المشعَّرات التي تجعل منه المرض الرئيسي المنقول جنسياً في الإقليم.

   وتشير المعطيات الواردة من بعض بلدان الإقليم إلى أن الأمراض المنقولة جنسياً تمثِّل مشكلة خطيرة يتعيَّن التصدِّي لها. فقد أظهرت المعطيات الواردة من البحرين، مثلاً، زيادةً في النتائج الإيجابية لاختبارات الزهري بين الحوامل، إذ زادت هذه النتائج من 0.25% في عام 2001 إلى 0.35% في عام 2002. وقد أظهرت دراسة أُجريت مؤخراً في باكستان للنساء المتردِّدات على عيادات رعاية الحوامل والعنابر الخارجية لأمراض النساء في 4 مستشفيات في كراتشي، ولاهور، وبيشـاور، وإسلام اباد، أن 78% من النسـاء يعانين من نجيج مهبلي (إفرازات مهبليّـة) يمكن اعتبارها مُمْرِضـة، و29.4% منهن يعانين من إيلام الحوض، و17% منهن يعانين من قروح في عنق الرحم، و4.5% منهن يعانين من إيلام البطن، و2.9% يعانين من وجود حويصلات في أعضائهن التناسلية.

   وعلى الرغم من أن المعطيات المتوافرة حول الأمراض المنقولة جنسياً لا تشير إلى اتجاه معيَّن، فإنها تؤكِّد على كون هذه الأمراض تمثِّل في الإقليم مشكلة لا جدال فيها. ومن ثـَمَّ، فلابد من قياس عبء أهم الأمراض المنقولة جنسياً، ودراسة العوامل المسبِّبة لها، واتجاهاتها في فئات سكانية معيَّنة، كالشباب، والفئات الشديدة الاختطار، والحوامل، ورصد أنماط حساسية هذه الأمراض لمضادات المكروبات، وذلك بهدف تطبيق بروتوكولات التدبير العلاجي المتلازمي syndromic الفعَّال لهذه الأمراض.
  
6.2  السل والإيدز والعدوى بفيروسه: وباء مزدوج
  
   يمثِّل السلّ مشكلة صحية مهمة، إذ يصاب به سنوياً في الإقليم 000 630 نسمة. وتُظهر المعطيات المتوافرة وجود علاقة بين العدوى بفيروس الإيدز والسلّ في بعض بلدان الإقليم. ففي السودان، كان 1.6% من مرضى السلّ في عام2002 إيجابيين لعدوى فيروس الإيدز. وفي جيبوتي، كان 24% من مرضى السلّ الذين تم فحصهم في مرفق مرجعي وطني لمعالجة السلّ (مركز بول فور) إيجابيِّي المصل للعدوى، في حين أن 44% من مرضى السلّ المحتجزين في مركز بول فور كانوا إيجابيِّي المصل للعدوى. ولا يبدو أن عدد حالات السلّ قد زادت في جيبوتي كما حدث في سائر البلدان التي تعاني من أوبئة العدوى بفيروس الإيدز، والتي تقع جنوب الصحراء الأفريقية الكبرى. غير أن هنالك علامات وبائية على إمكانية زيادة عدد حالات السلّ. فمثلاً، زادت معدلات تبليغ حالات السلّ بين الذكور من الفئة العمرية 25 – 34 سنة من 875حالة بين كل 000 100 نسمة في عام 1999 إلى 1023 حالة في عام ألفَيْن. ونظراً لتفاقم وباء العدوى بفيروس الإيدز، فإن وقوعات السلّ قد تزيد زيادة هائلة، وقد تستعصي السيطرة عليها في المستقبل القريب. ولابد من تقوية البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز من أجل مكافحة السلّ في جيبوتي.
  
 7.2  الاستنصاح والفحص الطَوْعيّان: تدبير فعَّال لمكافحة الإيدز والعدوى بفيروسه:

    شَرعت بضعة بلدان في عام 1999 في تنفيذ برامج للاستنصاح والفحص الطوعيَّيْن. وقد استقطبت هذه البرامج سنوياً أعداداً كبيرة من طالبي الفحص تحرِّياً لعدوى فيروس الإيدز، مع تراوُح معدلات الانتشار المصلي بينهم بين 1% و2%. وقد نجحت هذه البرامج في الإقليم في اجتذاب أشخاص يُرَى أنهم معرَّضون بشدة لخطر الإصابة بعدوى فيروس الإيدز، أو أنهم معرَّضون لانتقال هذا الفيروس إليهم، علماً أنه لابد من استمرار هذه البرامج وتوسيعها.

   ففي السودان، مثلاً، وُجد أن 20% ممن تم فحصهم عن طريق مرافق الاستنصاح والفحص الطوعي في عام ألفَيْن كانوا إيجابيين لعدوى فيروس الإيدز، وكانت النسبة المناظرة في جمهورية إيران الإسلامية 5%، في عام 2001. وفي البلدان ذات معدلات الانتشار القليلة نسبياً، مثل تونس، وُجد أن 10% من الذين تم فحصهم في مراكز الاستنصاح والفحص الطوعي في عام ألفَيْن كانوا إيجابيين للعدوى، وكانت هذه النسبـة في السنة نفسهـا 26% في الأردن، حيث وُجد أن 4من كل 15 مريضاً هم إيجابيون للعدوى.
  
8.2  السجناء: المعرَّضون لخطر العدوى المنسيون :

     يتراوح معدل الإصابة بعدوى فيروس الإيدز بين السجناء في الإقليم بين 1% و2%. غير أن حجم هذه المشكلة، ورصد العدوى في السجون، يتفاوتـان من بلد إلى آخر. ففي السودان، وُجد أن معدل العدوى يصل إلى 2% بين 200سجين تم فحصهم في عام 2002. وتُظهر المعطيات المبلَّغة من جمهورية إيران الإسلامية أن معدلات العدوى تصل إلى7.97% بين السجناء، الذين نسبة كبيرة منهم هم من متعاطي المخدِّرات. وفي عام 2001، أبلغت اليمن أن معدل العدوى كان 3% بين 674 سجيناً تم فحصهم. وتمس الحاجة إلى إجراء تحليل شامل للوضع، وإلى اتخاذ أساليب فعَّالة للتصدِّي لمشكلة العدوى بفيروس الإيدز في السجون. وينبغي تحليل الإجراءات الملائمة التي اتَّخذتها جمهورية إيران الإسلامية في هذا الصدد، ومشاطرتها مع سائر بلدان الإقليم.
  
9.2  ترصُّد الإيدز والعدوى بفيروسه وسائر الأمراض المنقولة جنسياً: الحاجة إلى تحسين نُظُم الترصُّد :

    مهما نؤكِّد على أهمية تحسين نُظُم الترصُّد القُطرية وقنوات التبليغ، فلن نفي هذه الأهمية حقَّها من التأكيد. ذلك أن معطيات الإيدز المبلَّغة إلى المكتب الإقليمي غالباً ما تكون ناقصة في ما يتعلق بطريقة الانتقال في حالات الإيدز. ويخلو10% إلى 14% من مجمل التقارير المقدَّمة في السنوات الماضية من المعطيات المتعلقة بكيفية الانتقال. كما أن هذه الثغرة المهمة في أنشطة الترصُّد تتفاوت بحسب المنطقة دون الإقليمية؛ فمثلاً، تفيد 20% من التقارير المقدَّمة من البلدان الواقعة في الأطراف الشرقية للإقليم بأن طريقة الانتقال مجهولة، بالمقارنة مع ما يزيد على 50% من التقارير المقدَّمة من بلدان مجلس التعاون الخليجي. ومن ثـَمَّ، فإن حجم الوباء، واتجاهاته، وديناميكيّاته، لاتزال غير محدَّدة، مما يحول دون تحليل الوضع تحليلاً ملائماً ودون اتخاذ الإجراءات اللازمة في الوقت المناسب.


3.  التقدُّم الـمُحْرَز في بلوغ الأهداف الإقليمية :

1.3 الهدف 1: أن يتحقَّق بحلول عام 2005 وجود التزامات سياسية معلنة لدى جميع بلدان الإقليم وأنشطة إعلامية مطَّردة حول الإيدز والعدوى بفيروسه وسائر الأمراض المنقولة جنسياً :
التثقيف :

   اتُّخذت على الصعيدَيْن القُطري والإقليمي في عام 2002طائفة واسعة من المداخلات التثقيفية الواضحة والاستنفار السياسي للوقاية من الإيدز والعدوى بفيروسه. وقد نُفِّذت في جميع بلدان الإقليم تقريباً الحملة العالمية لمكافحة الإيدز، التي تركَّزت على الوصمة الاجتماعية والتفرقة المصاحبة لمرض الإيدز والعدوى بفيروسه، وأتاحت الفرصة للتوعية بمشكلة التفرقة، والمساعدة على حماية حقوق المصابين بالإيدز أو بعدوى فيروسه. وقام مركز تبادل المعلومات حول الإيدز بتزويد البرامج الوطنية لمكافحة الإيدز في بلدان الإقليم ببعض المواد والمنشورات المكيَّفة بما يوافق ثقافة الإقليم. واتَّخذ الإقليم شعاراً يقول (( اللمسة الإنسانية تشفي من الألم )) واعتمده مع الشعار العالمي القائـل (( أحب لغيرك من العيش ما تحب لنفسك )).

   وقد شكَّل المدير الإقليمي في عام 2002 الفريق الاستشاري الإقليمي المعني بالإيدز والعدوى بفيروسه وسائر الأمراض المنقولة جنسياً، الذي يعمل بوصفه فريقاً تثقيفياً للقياديين وراسمي السياسات، ويُسدي المشورة بشأن تنفيذ الخطة الإقليمية. وقد اجتمع الفريق مرتين في عام 2002، وسوف يجتمع مرة أخرى في تموز/يوليو 2003 لوضع توصيات بالمضي في تنفيذ الأهداف الخمسة للخطة الاستراتيجية الإقليمية. ويُسهم أعضاء الفريق بانتظام في الدعم التقني للبلدان وفي الأنشطة التثقيفية.

   وقد أوصى الفريق بأن يشجِّع المكتبُ الإقليمي بلدانَ الإقليم على تبادل الخبرات في ما يتعلق بمكافحة الإيدز والعدوى بفيروسه، والمشاركة بمزيد من النشاط والفعَّالية في المؤتمرات الدولية. وأوصى بعقد المزيد من المؤتمرات الإقليمية، واقترح أن تنظر وزارة الصحة العامة الكويتية في إحياء التجربة الناجحة لمؤتمر الكويت الدولي لمكافحة الإيدز، ومواصلة استضافة هذا المؤتمر. كما أوصى الفريق بإعداد استراتيجيات للاتصال الجماهيري الفعَّال للوقاية من انتقال فيروس الإيدز عن طريق الجنس، بما في ذلك الترويج لاستخدام العوازل الذكرية (الرفائل) بناءً على نماذج وقرائن من الإقليم.

 حشد الموارد :

     يتعاون المكتب الإقليمي تعاوناً وثيقاً مع الفِرَق القُطرية على تيسير إعداد المقترحات القُطرية المقدَّمة إلى الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز، والسلّ، والملاريا. ونتيجةً لذلك، نجحت تسعة من بلدان الإقليم العشرة التي قدَّمت مقترحات إلى الصندوق في الجولة الثانية، في الحصول على الموافقة على تمويل مختلف العناصر المتعلقة بالإيدز، والسلّ، والملاريا، مما زاد نصيب الإقليم من أموال الصندوق من 1% بعد الجولة الأولى للمقترحات إلى أكثر من 5% بعد الجولة الثانية. وحصلت الأردن، وأفغانستان، وباكستان، وجمهورية إيران الإسلامية، والمغرب على موافقة الصندوق على مقترحاتها المتعلقة بالإيدز والعدوى بفيروسه.
ويقدِّم المكتب الإقليمي معلومات مستوفاة حول الصندوق العالمي، من خلال موقع المكتب على شبكة الإنترنت، ومن خلال التراسُل مباشرةً مع بلدان الإقليم، وسوف يواصل المكتب مساعدة بلدان الإقليم على إعداد مقترحات جديدة، وعلى تنفيذ ورصد المقترحات الناجحة. وقد طلبت أربعة بلدان من المكتب الإقليمي أن يقوم بدَوْر المتلقِّي الرئيسي للمقترحات المقدَّمة إلى الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسلّ والملاريا.
  
إعداد الخطط الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الإيدز :

    انتهت كلٌّ من باكستان، وجمهورية إيران الإسلامية، وجيبوتي، والسودان، والمغرب، واليمن من إعداد خططها الاستراتيجية الوطنية. وانتهت الأردن ولبنان ومصر من إجراء تحليلات للوضع فيها، وشرعت في إجراء مزيد من التخطيط الاستراتيجي.
  
دراسات الممارسة الجيدة الإقليمية

     إن تنفيذ برامج فعَّالة للوقاية من الإيدز والعدوى بفيروسه ورعاية المصابين بأيٍّ منهما، والتوسُّع في هذه البرامج، كثيراً ما يعوقهما نقص الخبرة المحلية، والموارد، والالتزام السياسي. ولا يَخْفَى أن التثقيف يقوم بدور حاسم في إقناع أصحاب القرار بالاستثمار في برامج قد تكون جديدة ومثيرة للجدل في بلدانهم. وفي حين أن العديد من البلدان في الأقاليم الأخرى يتمتَّع بخبرة كبيرة في تنفيذ أمثال هذه البرامج المبتكرة، فإن خبرة إقليم شرق المتوسط في هذا المضمار محدودة جداً. ومن ثـَمَّ، فقد قام المكتب الإقليمي، بالتعاون مع جمهورية إيران الإسلامية، بإعداد دراسة للممارسات الجيدة من مقاطعة كرمنشاه تقدِّم مثالاً لبرنامج شامل للوقاية من الإيدز والعدوى بفيروسه ورعاية المصابين بأيٍّ منهما، مع التركيز على متعاطي المخدِّرات بالحقن الوريدي والسجناء. وقد قام فريق من المنظمة باستعراض وتوثيق خبرة هذا البرنامج لنشره على نطاق واسع بوصفه مثالاً من إقليم شرق المتوسط على ((الممارسة الجيدة )). كما أن خبرة المغرب في هذا الصدد تقدِّم مثالاً جيداً على الممارسة الجيدة في اتِّقاء ومكافحة الأمراض المنقولة جنسياً، علماً بأن هذه الخبرة هي قيد الدراسة في الوقت الحاضر.
  
2.3 الهدف 2: أن تتوافر بحلول عام 2005 لدى جميع بلدان الإقليم آليات مؤسسية لتنمية الموارد البشرية وتعزيز القدرات في جميع الميادين المتعلقة بالوقاية من الإيدز والعدوى بفيروسه وسائر الأمراض المنقولة جنسياً ورعاية المصابين بها :

    لا يَخْفَى أن توافر أعداد كافية من الموارد البشرية المدرَّبة جيداً والمتحفِّزة للعمل، أمر مهم لنجاح أي إجراءات تُتَّخذ على كل المستويات لمكافحة الإيدز والعدوى بفيروسه وسائر الأمراض المنقولة جنسياً. وتستهدف الاستراتيجية الإقليمية تنمية وتوسيع قاعدة الموارد البشرية. وعليه، يقوم المكتب الإقليمي بدعم تطوير دورتَيْن تدريبيَتَيْن رئيسيَتَيْن، هما: ((التوعية الصحية مع التركيز بوجه خاص على العدوى بفيروس الإيدز والصحة الإنجابية )) في عُمان، و(( تخطيط وإدارة برامج مكافحة الإيدز والعدوى بفيروسه على الصعيد المحلي )) في السودان، وذلك بالتعاون مع وزارة الصحة في كلٍّ من البلدَيْن. كما يجري الإعداد لإنشاء مراكز متعاونة في مجال رعاية مرضى الإيدز، وطلب النُصْح والفحص طواعية.

    وتُبذل الجهود لإنشاء شبكات تقنية إقليمية لمكافحة الأمراض المنقولة جنسياً وإتاحة الرعاية المعجَّلة للمصابين بالإيدز أو بعدوى فيروسه، مع التركيز على الأدوية المضادة للفيروسات القهقرية. ويعمل المكتب الإقليمي، مستعيناً بالخبرة المكتسبة في بلدان الإقليم، على تكوين نواة أساسية من المشاورين الذين يمكن استنفارهم سريعاً لتلبية الطلب المتزايد على الدعم التقني في هذين المجالَيْن، والذين يمكنهم تيسير تبادل الخبرات بين بلدان الإقليم. ويواصل المكتب الإقليمي دعمه للأنشطة التدريبية الوطنية، وتبادل الخبرات بين بلدان الإقليم، وزيارات المشاورين في ما يتعلق بمجالات معيَّنة، مثل تثقيف الزملاء، والترصُّد، والرعاية.

 3.3 الهدف 3: أن تتوافر بحلول عام 2005 لدى جميع بلدان الإقليم برامج شاملة ومطَّردة للوقاية من الإيدز والعدوى بفيروسه وسائر الأمراض المنقولة جنسياً ورعاية المصابين بها، وعلى أن تكون هذه البرامج جزءاً لا يتجزأ من نظام إيتاء الرعاية الصحية :

التخطيط الوطني :
  
   يركِّز المكتب الإقليمي على تحديد أولويات المداخلات تبعاً للحاجة، وضمان توافر المداخلات الأساسية على المستوى القُطري. علماً بأن المداخلات الأساسية التي حدَّدها مديرو البرامج الوطنية لمكافحة الإيدز أثناء الاجتماعات البلدانية، تشمل إنشاء نُظُم للترصُّد الوظيفي للإيدز والعدوى بفيروسه وسائر الأمراض المنقولة جنسياً؛ وإدخال نظام مكافحة الأمراض المنقولة جنسياً والتدبير العلاجي المتلازمي لحالاتها؛ ونشر المعلومات العامة؛ وتعزيز ممارسات الحقن المأمون؛ وضمان مأمونية الدم بنسبة 100%، ومكافحة العدوى؛ وتوفير خدمات الاستنصاح والفحص الطوعيَّيْن؛ وضمان الحصول على المعالجة بمضادات الفيروسات القهقرية.
  
   وقد عمل المكتب الإقليمي مع بلدان الإقليم، على مدى العام الماضي، على تكييف الاستراتيجيات الـمُوصَى بها، وتحديد سلسلة من الأنشطة الواقعية لتنفيذها على الصعيد الوطني. وعُقدت اجتماعات تخطيطية دون إقليمية، وأُوفد مشاورون إلى بلدان الإقليم لدعم مجالات: مكافحة الأمراض المنقولة جنسياً، وإتاحة الرعاية للمصابين بالإيدز أو بعدوى فيروسه، وترصُّد الإيدز والعدوى بفيروسه، والاستنصاح والفحص الطوعيَّيْن. وقد أدَّت تلك الأنشطة إلى إعداد خطط عمل وطنية، ومراجعة الدلائل الإرشادية الوطنية، والتدريب على الصعيد المحلي.

 إتاحة الرعاية المعجلَّة الشاملة، بما في ذلك الأدوية المضادة للفيروسات القهقرية

    الإيدز مرض قابل للمعالجة. ثم إن التوصُّل إلى تواليف فعَّالة من العلاجات المضادة للفيروسات القهقرية retroviruses، وإعداد الدلائل الإرشادية العلاجية المعيارية المبسَّطة للمنظمة، قد أثارا اهتماماً كبيراً بزيادة إمكانية إتاحة هذه الأدوية في بلدان الإقليم.

    ويقدَّر عدد مرضى الإيدز المحتاجين إلى المعالجة في الإقليم بنحو 000 100 مريض، في حين أن الذين يتلقَّوْن بالفعل علاجاً مضاداً للفيروسات القهقرية يبلغ نحو 1200 مريض. علماً بأن بلدان مجلس التعاون الخليجي، وتونس، والجماهيرية العربية الليبية، وجمهورية إيران الإسلامية، والجمهورية العربية السورية، ولبنان، والمغرب تقدِّم حالياً، بالمجان، الأدوية المضادة للفيروسات القهقرية لأولئك الذين هم بحاجة إليها. غير أن هذا المكوِّن الأساسي من مكوِّنات الرعاية الشاملة لايزال غير متوافر في سائر بلدان الإقليم.

   وقد اتَّضح من الخبرة المكتسبة حتى الآن أن من الممكن خفض سعر الأدوية المضادة للفيروسات القهقرية بنسبة تصل إلى 85%، كما حدث في تونس، ولبنان، والمغرب. كما اتَّضح أن من الممكن التفاوض والشراء من قِبَل مجموعات من البلدان أو على الصعيد دون الإقليمي، وأن الأدوية الجَنِيسَةgeneric المضادة للفيروسات القهقرية، والتي اختُبرت صلاحيتها مسبقاً من قِبَل المنظمة، يمكن أن تكون خياراً يزيد من إمكانية الحصول على المعالجة في العديد من بلدان الإقليم. كما يمكن لمختلف برامج التمويل العالمية، كالصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا، المساعدة في دعم خطط الرعاية الوطنية، بما في ذلك توفير الأدوية المضادة للفيروسات القهقرية، والتدريب على الرعاية. ومن المبادرات العالمية في هذا الصدد، الائتلاف الدولي لإتاحة المعالجة لعدوى فيروس العَوَز المناعي البشري (فيروس الإيدز)، والذي هو ائتلاف من عدد من المنظمات يضم بعض المصابين بالإيدز أو بعدوى فيروسه، وعدداً من المنظمات اللاحكومية، والحكومات، والقطاعات الخاصة، والمؤسسات العلمية والبحثية، والمنظمات الدولية. ويستهدف هذا الائتلاف زيادة إمكانية حصول المصابين بالإيدز أو العدوى بفيروسه على المعالجة التي يحتاجون إليها. وتعتزم منظمة الصحة العالمية أيضاً توسيع دعمها لخطط الرعاية الوطنية، وذلك بدعم تطبيق دليل المنظمة العملي الجديد لتخطيط رعاية المصابين بالإيدز أو بعدوى فيروسه.

   وقد عُقد بالقاهرة في المدة من 18 إلى 20 شباط/فبراير 2003، الاجتماع الإقليمي حول توسيع إمكانية إتاحة معالجة الإيدز والعدوى بفيروسه في بلدان الإقليم، مركِّزاً على تخطيط رعاية المصابين بأيٍّ منهما، على الصعيد الوطني. وقد أوصى المشاركون في الاجتماع، الدولَ الأعضاءَ بالالتزام بتحقيق الهدف الإقليمي المتمثِّل في حصـول 000 60 مصاب بالإيدز على المعالجة بمضادات الفيروسات القهقرية، بحلول عام 2005، مع العمل على المدى الطويل على تحقيق تغطية كاملة (100%) بهذه المعالجة، على الصعيد الوطني. كما أوصوا المنظمة باستكشاف طُرُق يمكن بها لشبكة الائتلاف الدولي المذكور دعم تنفيذ الخطط الوطنية لرعاية المصابين بالإيدز أو بعدوى فيروسه، ولاسيَّما في مجالَيْ التدريب على هذه الرعاية واعتمادها، وتيسير المفاوضات دون الإقليمية لخفض أسعار الأدوية المضادة للفيروسات القهقرية، والاستعانة بالخطط الناجحة لشراء الأدوية على الصعيد دون الإقليمي، على غرار ما تفعل بلدان مجلس التعاون الخليجي. كما أوصى المشاركون البلدان بإعداد دلائل إرشادية وطنية لاستعمال الأدوية المضادة للفيروسات القهقرية، وتضمين القائمة الوطنية للأدوية الأساسية العدد الأمثل من هذه الأدوية، وتسجيلها، وفقاً للدلائل الإرشادية الوطنية، مما يتيح خيارات كافية من أدوية نُظُم المعالجة بالخطَّيْن الأول والثاني.

الـمُداخلات المستهدِفة للفئات الشديدة الاختطار، بما فيها فئة متعاطي المخدِّرات بالحقن الوريدي :

    تمثِّل العدوى بفيروس الإيدز مشكلة خطيرة جداً بين متعاطي المخدِّرات عن طريق الحقن الوريدي. وتشتد مخاطر إصابة هذه الفئة السكانية بعدوى فيروس الإيدز نتيجةً لمجموعة من السلوكيات المحفوفة بالخطر، والتي منها: التشارُك في إبر الحقن، ومبادلة الجنس بالمخدِّرات أو النقود، والاتصال الجنسي غير المأمون. وينبغي أن يراعى في الأنشطة الوقائية لهذه الفئة زيادة إمكانية تعرُّض قرناء العملية الجنسية للعدوى، علماً بأن أولئك القرناء أغلبهم من النساء.

    وكثيراً ما تطلب الدول الأعضاء، ووكالات الأمم المتحدة، وغيرها من المنظمات، إلى منظمة الصحة العالمية إسداء المشورة إليها حول السياسات والبرامج الملائمة لوقاية متعاطي المخدِّرات بالحقن الوريدي من عدوى فيروس الإيدز، ورعاية المصابين منهم بهذه العدوى، وتقديم بيِّنات على فعالية هذه السياسات والبرامج. وبُغْيةَ مساعدة الدول الأعضاء وسائر الأطراف الفاعلة الرئيسية على إعداد وتنفيذ سياسات وبرامج مُسْنَدة بالبيِّنات لوقاية متعاطي المخدِّرات بالحقن الوريدي من الإيدز وعدوى فيروسه في إطار الصحة العمومية، تعكف المنظمة على إعداد دليل عملي لوقاية تلك الفئة من العدوى ورعاية المصابين منهم بها، علماً بأن هذا الدليل يتضمَّن وسائل مختلفة ودلائل إرشادية متعلقة بالسياسة، والتثقيف، والتقييم، ومُداخلات معيَّنة، بما في ذلك بعض دراسات الحالات في إطار الممارسات الجيدة.

   وعلى الرغم من الخبرة الدولية الوافرة في ما يتعلق بالـمُداخلات والبرامج التي تأكَّدت فعاليتها في الوقاية من انتقال فيروس الإيدز إلى متعاطي المخدِّرات، مثل مُداخلات المعالجة الاستعاضية بالمناهضات الأفيونية المفعول، وبرامج تبادل إبر الحقن، فإن تطبيق أمثال هذه الـمُداخلات والبرامج لايزال تترتب عليه آثار سياسية لا يُستهان بها في الإقليم. غير أنه توجد مُداخلات لتقليص الضرر في بضعة بلدان في الإقليم، لاسيَّما باكستان، وجمهورية إيران الإسلامية.

   ففي جمهورية إيران الإسلامية توجد لجنة وطنية لتقليص الضرر، تستهدف إعداد استراتيجيات لتقليص الضرر تُنفَّذ في عام 2003. ومن النواتج المتوقَّع تحقيقها في عام 2003، إعداد برنامج وطني لتقليص الضرر، وإطاره التوجيهي، وإدماج استراتيجيات تقليص الضرر في برنامج الصحة النفسية المدرسية وفي استراتيجيات مكافحة معاقرة مواد الإدمان؛ والإدماج الارتيادي لأنشطة الوقاية من معاقرة مواد الإدمان في 4 مواقع للرعاية الصحية الأولية؛ وتبصير الهيئتين التشريعية والقضائية بحقائق الأمور في هذا المضمار.

   أما في باكستان، فإن الإطار الاستراتيجي الوطني الذي أُعِدَّ للوقاية من الإيدز والعدوى بفيروسه، قد حُوِّل إلى خطة عمل تُشرك بعض المنظمات اللاحكومية في إيتاء مضمومات لخدمات تقليص الضرر لمتعاطي المخدِّرات عن طريق الحقن الويدي في 5 مدن رئيسية. ومن هذه المنظمات اللاحكومية، منظمة ناي زنداجي (( الحياة الجديدة ))، التي تُعنَى بتقليص ضرر المخدِّرات، والتي لـمُداخلاتها، في ما يبدو، أثر إيجابي على متعاطي المخدِّرات بالحقن الوريدي. ويهدف برنامجها إلى تحسين صحة وحياة متعاطي المخدِّرات في شوارع المدن الباكستانية الرئيسية. وتهدف هذه المنظمة، بوجه خاص، إلى الوقاية من انتقال فيروس الإيدز وسائر الأمراض المنقولة بالدم. علماً بأن ما يزيد على 63% من متعاطي المخدِّرات بالحقن الوريدي المترددين على مرافق منظمة ناي زنداجي (( الحياة الجديدة )) في لاهور، وكويتا، وروالبندي قد أقلعوا عن عادتهم السيئة هذه.

   وقد تناقص معدل المشاركة في المحاقن بين متعاطي المخدِّرات بالحقن الوريدي من 60% إلى 12% في لاهور. وتحسَّنت كثيراً المعارف المتعلقة بالإيدز والعدوى بفيروسه، وممارسات الحقن والممارسات الجنسية التي هي أقل اختطاراً. وزاد معدل الحصول على المعالجة الدوائية من 25% إلى 79% بين متعاطي المخدِّرات في الشوارع. وزاد معدل استخدام العوازل الذكرية (الرفائل) من 24% إلى 39% بين هذه الفئة السكانية، وانخفض معدل انتشار العدوى بفيروس التهاب الكبد (( سي )) من 89% إلى 44%.

   وبُغْيةَ التصدِّي بأسلوب منهجي لمشكلة الإيدز والعدوى بفيروسه، وتعاطي المخدِّرات عن طريق الحقن الوريدي، قام المدير الإقليمي بتشكيل الفريق الاستشاري الإقليمي المعني بتأثير تعاطي المخدِّرات، من أجل إعداد أساليب موحَّدة تستند إلى الممارسات المؤكَّدة الفائدة. كما يشارك المكتب الإقليمي في إعداد إطار الأمم المتحدة الإقليمي لوقاية متعاطي المخدِّرات بالحقن الوريدي من العدوى بفيروس الإيدز.

   وتقدِّم الخبرة اللبنانية في هذا المضمار بيِّنات إضافية على إمكان معالجة الفئات المعرَّضة لخطر الإصابة بعدوى فيروس الإيدز، داخل الإطار المحلي. وقد قام البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز في لبنان، بالتعاون مع 3 منظمات لاحكومية، بأنشطة لتوعية البغايا، واللواطيين، ومتعاطي المخدِّرات عن طريق الحقن الوريدي. وتهدف هذه الأنشطة إلى بناء قدرات أفراد أشد الفئات اختطاراً، واستنفارهم للعمل على حماية مجتمعاتهم من الإيدز والعدوى بفيروسه.
  
مأمونية الدم :

  على الرغم من التناقص الملحوظ لخطر انتقال الأمراض الـمُعْدِية أثناء عمليات نقل الدم، فإن انتقال فيروس الإيدز عن طريق الدم، لايزال مسؤولاً عن 2.1% إلى 2.5% من جميع حالات الإيدز التي أُبلغت إلى المكتب الإقليمي في السنوات الثلاث الماضية. ففي خلال هذه المدة، أبلغت جمهورية إيران الإسلامية 17 حالة من الإيدز، وهو أكبر عدد من الحالات يتم تبليغه؛ تلتها مصر، التي أبلغت 6 حالات؛ فالأردن، 5 حالات؛ فالعراق، ولبنان، والمغرب التي أبلغ كل منها 4 حالات؛ فتونس، وعُمان، واليمن التي أبلغ كل منها 3 حالات.
وتقدِّم المنظمة الدعم إلى البلدان في مجال مأمونية الدم، وذلك من خلال توفير عتائد مأمونية الدم، والمساعدة التقنية عن طريق زيارات المشاورين، والتدريب، وإعداد الاستراتيجيات.

4.3  الهدف 4: أن تتوافر بحلول عام 2005 لدى جميع البلدان القدرة على استجلاب المعلومات المناسبة، وتطبيق البحوث الميدانية في مختلف الجوانب المتعلقة بالمواجهة الصحية للإيدز والعدوى بفيروسه وسائر الأمراض المنقولة جنسياً :

الترصُّد :

   لاتزال المعلومات المتعلقة بوباء الإيدز والعدوى بفيروسه غير كافية. ثم إن نُظُم ترصُّد الإيدز والعدوى بفيروسه وسائر الأمراض المنقولة جنسياً، تتَّسم بالضَعْف بوجه عام. وغالباً ما تأتي المعطيات المبلَّغة إلى المكتب الإقليمي متأخرةً وناقصة. ومن ثـَمَّ توجد فجوة واسعة بين الأرقام المبلَّغة والأرقام المقدَّرة لحالات الإيدز والعدوى بفيروسه. وقد أدَّى هذا النقص في المعلومات، في أحيان كثيرة، إلى ضَعْف الالتزام السياسي، وانخفاض مستوى الأولوية المعطاة للإيدز والعدوى بفيروسه في البرامج الوطنية للدوائر السياسية والقطاع الصحي.

   وتعمل المنظمة على تقوية نُظُم الترصُّد في بلدان الإقليم، عن طريق توفير التدريب وتقديم الدعم التقني المباشر، وتشجيع تطبيق المنهجيات الموحَّدة لترصُّد الجيل الثاني من فيروس الإيدز، وإدماج الإيدز والعدوى بفيروسه وسائر الأمراض المنقولة جنسياً في النُظُم الوطنية للمعلومات الصحية لبلدان الإقليم، وتوجيه جهود المنظمات اللاحكومية نحو الفئات السكانية التي يصعب الوصول إليها.
وتوجد بالفعل لدى باكستان والمغرب خطط لتنفيذ ترصُّد الجيل الثاني من فيروس الإيدز. ومن المزمع عقد اجتماع إقليمي في تموز/يوليو 2003 حول ترصُّد الإيدز والعدوى بفيروسه وسائر الأمراض المنقولة جنسياً، ورصد البرامج الوطنية لمكافحة الإيدز، وذلك لإعداد خطط وطنية للترصُّد الوبائي، وإدخال منهجيات لرصد سلوك السكان.

تقوية البحوث الميدانية المتعلقة بالإيدز والعدوى بفيروسه وسائر الأمراض المنقولة جنسياً :

    يدعم برنامج المِنَح البحثية الصغيرة الباحثين من إقليم شرق المتوسط، ويستهدف بناء وتعزيز القدرة على إجراء البحوث الميدانية في الإقليم. وقد وُسِّع هذا البرنامج، في عام 2002، ليشمل الإيدز والعدوى بفيروسه وسائر الأمراض المنقولة جنسياً ضمن مواضيعه ذات الأولوية. وبحلول نهاية عام 2002، كان البرنامج قد قام بدعم أربعة مشاريع بحثية. واعتُمدت في عام 2003، سبعة مشاريع متعلقة بالإيدز والعدوى بفيروسه وسائر الأمراض المنقولة جنسياً، مقدَّمة من باكستان، وجمهورية إيران الإسلامية، ولبنان، ومصر. وتشمل مواضيع هذه المشاريع تقييم أنشطة الوقاية والرعاية، والاختبار الميداني للمواد التثقيفية، وتقييم معارف الفئات الشديدة الاختطار، ومواقفها، وممارساتها، واحتياجاتها. وعُدِّلت في هذا العام إجراءات الاختيار، وخضعت المشاريع البحثية المقترحة لدراسة أولية قبل الاختيار النهائي، وذلك لضمان تمتُّع المشاريع بجودة أعلى. وتوبعت المشاريع المعتمدة في عام 2002، لاستعراض التقدُّم الـمُحْرَز في أعمال البحث.

5.3  الهدف 5: أن تتمكن بحلول عام 2005 جميع البلدان التي تعاني من طوارئ معقَّدة، كالحظر، وتشرُّد سكانها، والصراعات، من إعداد استراتيجيات وطنية تُدْمج الوقاية من الإيدز والعدوى بفيروسه، وسائر الأمراض المنقولة جنسياً ورعاية المصابين بها، في أنشطة المواجهة الوطنية للطوارئ وفي ما يتصل بها من خطط المساعدة الدولية :

   يزيد وباء الإيدز والعدوى بفيروسه من الأخطار التي تتعرَّض لها البلدان التي تعاني من طوارئ معقَّدة، ويؤثـِّر هذا الوباء تأثيراً بعيد المدى في القرن الأفريقي، حيث يتعيَّن اتِّخاذ إجراءات عاجلة لدرء ضرر أكبر.

   وقد شجَّع المكتب الإقليمي على اتِّخاذ مبادرات دون إقليمية للتنسيق عَبْر الحدود، وهو يعمل على توسيع نطاق دعمه التقني لمبادرة القرن الأفريقي ومبادرة صحية مماثلة تشمل السودان والبلدان المجاورة له.
كما عيَّن المكتب الإقليمي في الصومال مسؤولاً طبياً متفرغاً لتعزيز القدرات التقنية في البلد. ويُولَى اهتمام خاص ويُقدَّم دعم تقني للبلدان التي تعاني من طوارئ معقَّدة، كأفغانستان، والسودان، والصومال، لضمان موافقة الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا على ما تقدّمه إليه من طلبات للدعم.

4. التحدِّيات في المستقبل :

   يعتزم المكتب الإقليمي تركيز جهوده على توسيع نطاق الأنشطة المتعلقة بالتحدِّيات والفرص الآتية:
● تيسير إتاحة الأدوية المضادة للفيروسات القهقرية؛

● تأمين التمويل من خارج الميزانية العادية لأنشطة مكافحة الإيدز والعدوى بفيروسه في المكتب الإقليمي؛
● تقليص ضرر تعاطي المخدِّرات؛
● تعزيز الاستعفاف؛
● تعزيز المعالجة المبكِّرة والفعَّالة للأمراض المنقولة جنسياً.
  ___________________________
  



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق