الصفحات

السبت، 19 يوليو 2014

الأبعاد الجغرافية لتسويق الإبل في مصر دراسة حالة لسوق الإبل بقرية برقاش مركز إمبابة ومنشأة القناطرمحافظة الجيزة ...

الأبعاد الجغرافية لتسويق الإبل في مصر

دراسة حالة لسوق الإبل بقرية برقاش مركز إمبابة ومنشأة القناطرمحافظة الجيزة

أ.د. فايز حسن حسن غراب


    لقد سارت هذه الدراسة وفقاً لمنهج دراسة الحالة ( Case study ) الذي ينتمي إلى الأصول الفرنسية والذي يهتم أساساً بالتحليلات التفصيلية لعناصر الظاهرة الجغرافية ، والكشف عن جوانبها المتعددة ، ومن  ثم يركز الاهتمام على نطاقات جغرافية محدودة بهدف التحليل التفصيلي لمتغيرات جغرافية تؤثر في النظم التجارية .  

    وغالبا ما تتخير دراسة الحالة حيزا مساحيا صغيرا ، فمساحة133.3 فدانا ، و 18 محلا تجاريا صغيرا كانت هدفا لدراسة تأثير الحركة المرورية على مواقع تجارة التجزئة الصغيرة فى مدينة مكة ، و قد انتهت إلى أن هناك ارتباطا طرديا بين الحركة المرورية ، وبين نشاط المحال التجارية (معامل 0.62) و لكنها ضعيفة بين الحركة المرورية وبين حجم السوق (المعامل 0.49)(1) ، وكذلك يهتم بتركيز الاهتمام على ظاهرة تجارية معينة بهدف تحليل أداءها وسط متغيرات الأسواق ، وهذا ما أكدته دراسة السبيعى عن سوق القطيف الذي يتوقف تماما مع المطر الغزير (2). ( وقد كان للباحث دراسات سابقة فى هذا المجال سواء في مصر أو في اليمن على النحو المثبت في المراجع ).
    وغالبا ما ترتبط جدوى الأسواق الدورية فى دورها فى التخطيط من منطلق تمتعها بدور المحرك الرئيسي للتنمية الإقليمية ، وهذا ما جعل استين يؤكد أن مواقع الخدمات الاجتماعية والحكومية يمكن تعيينها بدراسة نظام الشبكة الدورية للأسواق ( 3) 
    وتأتى أهمية هذا المنهج في الاتجاه التخطيطي من خلال التحليل الجغرافي لخطط تنمية القطاعات التسويقية التي يقوم بوضعها غير الجغرافيين ، إضافة إلى وضع استراتيجيات تخطيط الأسواق ، وكان هذا واضحا فى دراسة سيونج بارك عن التنمية الريفية في كوريا التي اعتمدت بصورة رئيسية على دور الأسواق الدورية ، حيث تناولت دورة الأسواق الدورية في كوريا ، ومرونة التاجر ، ومدى تباعد الأسواق ، ودور كثافة الحركة التجارية في تخطيط شبكة الطرق ، و في هذا الصدد فقد قسمت الأسواق إلى نوعين : النوع الأول : الأسواق التقليدية ( Traditional ) أو الريفية ( Rural ) أو الوطنية (Indigenous) وهي أكثر ارتباطاً بالتخلف ( Underdevelopment ) ، و النوع الثاني : الأسواق الحضرية ( Urban ) ، أو الحديثة (Modern ) ، أو الغربية (Western) فهي أكثر ارتباطاً بالتنمية ( Development ) (4)  .
     كذلك اعتمدت الدراسة على المنهج المكاني السلوكي ، أو منهج  علم المكان  (( The Spatial Science  الذي يعتبر من الاتجاهات الحديثة فى جغرافية الأسواق وأدى إلى ظهور الجغرافيا السلوكية ، ويمكن اعتباره وسطا بين المنهج الاستقرائي و بين المنهج الاستنباطي (5) ، ويهد ف إلى نمذجة السلوك البشرى باعتباره نتاجا للأساس الاقتصادي المكاني لنظرية المواقع الجغرافية ، ويهتم كذلك بتحديد البيئات أكثر من تحديد الموضوعات باعتبارها الوسط الذي تتم فيه التفاعل بين الظاهرات الجغرافية في المكان ، مع التركيز على تحليل العمليات (Process  Explanation) التي أفرزت مواقع معينة فى بيئات معينة ، وأخيرا البحث عن أساليب كميه أكثر تحديثا وتحديدا للأنماط المكانية للظاهرة ، وتحديد أولويات المتغيرات الجغرافية لظاهرة ، وتم ذلك من خلال توظيف المدخل المقارن الذي يستخدم كثيرا في التحليلات الجغرافية ، كما استعانت الدراسة بالحاسب الآلى ( برنامج اكسل ) في استنتاج الارتباطات الإحصائية الجغرافية بين متغيرات الظاهرة الجغرافية ، وقد هدفت الدراسة إلى :
1. تحليل المحددات الجغرافية لموضع وموقع السوق .
2. تحليل المردودات الاقتصادية للعمليات التجارية بالسوق .
3. تحليل الإطار الاقتصادي للسوق من واقع المركب السلعي له ودور كل من الإبل والماشية فى تحديد الدور الإقليمي لسوق الإبل ذات المصادر الخارجية للسلعة .
4. تحليل خريطة الإبل المصرية على اعتبار أنها المخزون الاستراتيجي لسوق الإبل ، وتحليل الدور النسبي لها ( بين العائلة الحيوانية ) في الاقتصاد المصري .
5. تحليل علاقة السوق بشبكة الأسواق الأخرى للإبل في مصر .
6. تحليل الجوانب الاقتصادية والاجتماعية للتجار في السوق .
7. متابعة مشكلات السوق .
8. محاولة وضع تخطيط للسوق في ضوء نتائج الدراسة .
وقد اعتمد البحث بصورة كلية على العمل الميداني الذي تمثل فى : -
· زيارة استطلاعية للسوق أيام الجمعة : 3 ، 10 ، و17 سبتمبر  2004 .
· زيارة لمسح السوق الخاص بالإبل ، وتم رفعه مساحيا بالاستعانة ببيانات الوحدة المحلية لمركز إمبابة ومنشأة القناطر .
· إجراء استقصاء مع التجار والتقاط صور فوتوغرافية للسوق يوم 10سبتمبر 2004 م .
· إجراء استبيان في سوق الماشية والتقاط صور فوتوغرافية ليوم السبت الموافق 11 سبتمبر2004 م ، وتجدر الإشارة إلى أن البحث يهتم أساسا بسوق الإبل ، ثم سوق الماشية في إطار المقارنة ، أما سوق الخردة فقد ورد فقط عند دراسة الشكل العام للسوق .
    بلغ عدد استمارات الاستقصاء 200 استمارة لسوق الإبل ، و500 استمارة لسوق الماشية ، و تراوح عدد الاستمارات الصحيحة بين 140 ، 120 في السوق الأول ، وبين 270 ، و250 للسوق الثاني وهى مرفقة بالبحث .
  يتكون البحث بصفة رئيسية من : -
1. الموضع ، والموقع والعلاقات المكانية للسوق .
2. الشكل العام للسوق ، والمناطق الوظيفية للسوق ، والعوائد الموقعية .
3. المنظومة المكانية والزمانية للسوق .
4. محددات المركب السلعى .
5. المحاور الخارجية للإمداد بالسلعة ، ونموذج حركة السلعة .
6. الملامح الاقتصادية لخريطة الإبل المصرية .
7. ديناميكية العلاقات الاقتصادية للسوق باستخدام الأساليب الكمية ممثلة فى تطبيقات نظرية التفاعل ، نظرية نقطة القطع .
8. الخصائص الاقتصادية والاجتماعية لتجار الإبل والماشية .
9. مشكلات السوق ، ومقترحات حلها .
       لقد هدفت هذه الدراسة الى تشخيص الصورة العامة لنموذج من الأسواق الدولية ، وقد اتضحت ملامحها فيما يلي :
  أ ولا : إن هذا السوق يمثل نموذجا للأسواق الدولية التي لا يدين بنشاطه التجاري إلى عامل الموضع ، ولكنها مقدرات الموقع التى تستمد تأثيراتها من المصادر الخارجية للسلعة ، ومن الناحية السياسية والبيئية فإن هذا السوق يقوم بالربط بين دول حوض النيل ، بل يؤكد الرابطة الحتمية الأبدية بين السودان ومصر، ويمثل السودان عمقا غذائيا لمصر بقدر ما هو عمق عسكري واستراتيجي لمصر ، إن 75 % من الإبل مصدرها السودان ، كذلك فإن مصر تمثل دورا كبيرا للتدفقات النقدية إلى السودان .
ثانيا : يمثل هذا السوق نموذجا لأسواق مرونة السلعة ، وذلك عكس الأسواق الدورية الأخرى التي تعتمد فى المقام الأول على مرونة التاجر ، وتردداته خلال دورته الأسبوعية ، ولا يتحدد العائد الاقتصادي للتاجر إلا بتردده على عدد معين من الأسواق وهذا واضح فى سوق الماشية الملحق بسوق الابل ( على النحو سالف الذكر ) . 
ثانيا : إن تكاليف النقل تمثل المحدد الرئيسي للحركة التجارية بهذا السوق ، فمتوسط المسافة التي تقطعها الإبل السودانية إلى سوق برقاش يصل إلى 3500 كم  ، يقع ما يقارب ثلثها ( 32.8 % ) فى مصر ( حوالي 1150 كم  ، بدءً من قرية أرجين على الحدود المصرية السودانية حتى السوق المذكور ، ولكي يتم تطوير السوق فلابد من :
-تكوين شركة قومية لنقل الإبل تتولى تنظيم عمليات النقل في حدود  تكاليف نقل معقولة.
- عقد اتفاقية بين الدولتين لتنظيم تنظيم عمليات تجميع الإبل ، والاهتمام بالطرق بين مراكز التجميع فى الدولتين .
- استخدام النقل النهري والبحري كوسيلة رئيسية لنقل الإبل السودانية إلى السوق المصري  .
    لاحظ البحث عدم ظهور الإبل الليبية على خريطة مصر رغم سهولة الوصول إلى سوق برقاش عبر الطرق الصحراوية  ( طريق  ليبيا – مطروح – العلمين – الإسكندرية الصحراوي )  .
 ثالثا : إن تخطيط أسواق الإبل في مصر يتطلب :
إنشاء ثلاثة أسواق كبيرة لتجميع الإبل الواردة إلى مصر تكون في أكثر المناطق تركيزا للإبل، ويقترح البحث ثلاثة مراكز وهى شلاتين ، ومرسى مطروح ،  وفرشوط ( محافظة سوهاج ) ، يتم من خلالها تجميع الإبل ، ونقلها عن طريق الشركات القومية للنقل الى  السوق القومي ( سوق برقاش  ) ، كما يقترح البحث في إطار ربط ابل شبه جزيرة سيناء بالسوق القومي إنشاء مركز تجميع لكابل فرى مدينة الإسماعيلية  .
     نظرا لموقع مدينة الإسماعيلية وسط خط القناة وحيث الاتصال بعالمي البحرين المتوسط والأحمر، فإنه من الضروري إنشاء مصنع كبير لإنتاج منتجات اللحوم ( الإبل ) بقصد التصدير إلى العالم الخارجي ، وبخاصة العالم العربي حيث تستورد المملكة العربية السعودية معظم احتياجاتها من لحوم الإبل من استراليا .   
    إنشاء سوق اقليمى لتوزيع الإبل في الدلتا ويقترح البحث مدينة طنطا حيث الموقع المركزي إلى بقية أجزاء الدلتا ، وحيث أكبر الأسواق لاستهلاك اللحوم .
إنشاء سوق مركزي في مدينة فرشوط ، حيث منتصف المسافة بين شلاتين ، وبين سوق برقاش ، أو فى مدينة سوهاج حيث الثقل السكاني والخدمي على أن يشمل مذبحا كبيرا ، فكما سبق فإن حوالي 75 % من الإبل السودانية الواردة إلى مصر مخصص للحوم ، وتقل تكاليف نقلها كثيرا عن نقل الإبل بحالتها الطبيعية .
    إنشاء مركز توزيع عالمي في مدينة سفاجة لتوزيع لحوم الإبل المجهزة في مدينة فرشوط الى الأسواق العالمية ، وذلك عبر الطريق المرصوف نجع حمادي __ سفاجة .
رابعا : لايمكن أن يتم ما سبق دون إعادة النظر فى خريطة الإبل المصرية ، ويجب مراعاة :
تركيز الاهتمام بالمحافظات التي فقدت أعدادا من الإبل خلال الفترة 1990 – 2003 ، وتتمثل فى جميع محافظات الجمهورية باستثناء المحافظات الست : القاهرة ، والإسكندرية ، والمنيا ، البحر الأحمر ، والوادي الجديد ، ومطروح ، أي أن هناك 20 محافظة فى حاجة ماسة لإعادة التخطيط .
            استثمار مناطق الاستصلاح الجديدة في تربية الإبل ، ولحسن الحظ فإن معظمها فى المناطق الصحراوية الملائمة لتربية الإبل مثل شرق العوينات ، وتوشكى ، والنوبارية التي أسهمت بـ 1.1 % من اجمالى الإبل المصرية عام 2003 م ، أو27 % من ابل محافظة البحيرة ، ويضاف لليها الواحات ، و شبه جزيرة سيناء ، والصحراء الشرقية .
 أن تنفيذ ما سبق سوف يؤدى إلى إحداث انخفاض كبير في أسعار لحوم الإبل قد تتراوح بين 30 ، و20 % من الأسعار الحالية .



1-  محمد مصلح الثمالي ( 1999 ) تأثير الحركة المرورية علي موااقع متاجر التجزئة المواد الغذائية ، الندوة السادسة لأقسام الجغرافية ، بجامعات المملكة العربية السعودية بالتنسيق مع الجمعية الجغرافية السعودية ،  4مارس ., ص 13 .
 2- نعيمة بنت سعد عبد الله السبيعي ( 2000 ) الأسواق الدورية في محافظة القطيف ، دراسة في الجغرافية الاقتصادية ، دكتوراه غير منشورة ، كلية الآداب للبنات بالدمام ، ص 205 .
1-  محمد بن عبد الكريم حبيب ( 1419 هـ -1999 م ) الأسواق الدورية في منطقة جازان : دراسة تحليلية عن التنظيم المكاني والدور الاقتصادي  ، الجمعية الجغرافية السعودية ،، جامعة الملك سعود ، الرياض ، المملكة العربية السعودية ، ص 23 .
-4 - Park Siyoung (1981)  Rural Development in Korea : The Role of Periodic Markets , Economic Geography , Vol.51  , No.2 April , pp 113 -126 .
5 - Johnston R.J. (1997)Geography &Geographers, A Arnold, New York, p.148.                                                                         

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق