الصفحات

السبت، 19 يوليو 2014

الموارد الأرضية الحضرية وتأثيرها فى المركب التجارى العشوائى ...

الموارد الأرضية الحضرية  وتأثيرها فى المركب التجارى العشوائى

أ.د. فايز حسن حسن غراب



مقدمة
     مما لاشك فيه أن الأبعاد التجارية للمراكز الحضرية سواء فى مسيرتها التاريخية ، أوفى تنظيماتها المكانية للاستخدامات الحضرية انما تأتى استلهاما من الموارد الأرضية الحضرية فى اطار الموقع الجغرافى ، وقيمة الأرض الحضرية التى تعكس العوائد الموقعية للأنشطة الحضرية ، فأما القوة الأولى وهى الموقع الجغرافى ، فقد تحددت مواقع المدن النيلية وفقا للحالة المزاجية للنهر بين حالتى الهدوء والهياج ، وترجمت الحالة الأخيرة فى المزيد من شبكات الترع ، وبالتالى تعزيزات موقعية ، مع تأثيرات موضعية تؤثر فى تسهيلات النقل فى ظل وسائل النقل المتاحة أنذاك .

    ويرتبط ثانى القوتين بالموقع والموضع معا ، ويمكن أن نطلق عليها مرآة الموارد الأرضية الحضرية ألا وهى قيمة الأرض الحضرية , وقد انتهت معظم التطبيقات الحضرية الى نموزج ( استقرائى ) يحدد الشكل العام للتنظيمات المكانية الحضرية وفقالاقتصاديات المكان والنشاط ، وينطبق هذا النموزج بدرجة كبيرة على المدينة محل البحث ( مدينة منوف ) .
   ومع الزمن قد تتدهور المدن ، وقد تتصابى ، وفى مدينتنا يسود الملمح الأول بصورة واضحة جداً فى المنطقة التجارية الوسطى ( على النحو الذى سيرد تفصيلا ) ، وهذا التدهور يتعدى التدهور البنائى الى جوانب أخرى للتدهور ، وقد أفرزت العوامل السابقة مظهراً عشوائيا تجاريا واضحا .        
   وقد استهدف البحث تحديد الدور الموقعىباعتباره ضابط ايقاع الحركة الى المنطقة التجارية الوسطى ، وأكدت الدراسة ذلك من المنظور التاريخى ، وتحليل التفاوتات المكانية للأنشطة التجارية من واقع خريطة أسعار الأرض ، وتصنيف الأنشطة المذكورة  ، وأخيرا تحليل مراحل التدهور العمرانى والتجارى بين المناطق التجارية ،ودور المستجدات التجارية ( تطوير الأسواق الدورية ، والمعارض التجارية الموسمية ، وتطور التجارة الجائلة ).
    وقد اعتمدت الدراسة على المنهج الاستقرائى بهدف التحقق من مدى التطابق بين الواقع والنظرية ، كما اعتمدت على الدراسة الميدانية على تلاثة مصادر :
البيانات غير المنشورة من مأمورية الضرائب العقارية ، ومجلس المدينة .
أوالاستقصاء مع أحد السماسرة لتحديد خريطة أسعار الأرض .
استمارة استبيان عن سلوكيات المستهلكين ، وبلغ العدد الاجمالى لها 2000 استمارة ، واختلف العدد الصحيح منها على النحو الذى سيرد فى المتن .
    أما صفة العشوائية فقد اعتمدت على ما أورده ايرك بيكروفت Eric Beecroft  فى دعوته الى النهوض بالمراكز الحضرية تحت عنوان Let Us Make Our Cities Efficient  عن ملامح العشوائية تحت مسمىالمظهر غير المخطط ( Unplanned Scheme  ) فى :
· الغياب التام للمناطق الترفيهية
· ضآلة وتقزم مراكز التسويق وذات مواقع بعيدة عن المركزية .
· عدم وضوح الفوارق المورفولوجية بين الشوارع وبين الطرق .
· عدم انتظام اتساعات الشوارع ، وعدم أمان الطرق ، مع زيادة معدلات احتقان حركة النقل .
· إن نمط الوحدات المبنية يتميز بالشكل الطولى المفرط مما يفقده العائد الاقتصادى ، وهذا يرتبط بتقزم ملكية الوحدات المذكورة .(1)
 ونضيف فى مدينة منوف مايلى :-
· سيادة الخطة العشوائية المرتبطة بنشأة المدينة من عدة عزب قديمة .
· سيادة أشكال التدهور البيىء الطبيعى و الاجتماعى فى منطقة التماس مع التجارية . أما ملامح العشوائية التجارية فواردة فى المتن .
   لقد أكدت الدراسة السابقة المزيد من الجوانب الجغرافية المرتبطة بالتطور التجارى الحضرى للمدينة :-
أولا :- أن الموقع الجغرافى المفصلى للمدينة قد أسهم وبصورة كبيرة جداً فى التفوق التجارى للمدينة على مدى عصورها التاريخية ، وذلك فى اطار المقارنة مع بقية المراكز الحضرية ، بخاصة المدينة الأولى ( شبين الكوم )، كما كان الانفراد بالعقدية الحديدية السبب الرئسىفى ظهور  النمط التجارى المخطط ( الهندسى ) الذى جمع بين السوق الأسبوعى ، وبين مستودعات البترول ، حيث شغلت منطقة التماس مع الخط الحديدى فى جنوب المدينة ، وعليه فلم تلتزم المنطقة التجارية بالتوسط العمرانى ، لكنها التزمت التوسط الجغرافى المرتبط بتسهيلات الموقع ، وامكانية الوصول .
 ثانيا :-إن خريطة قيمة أسعار الأرض فى المدينة تتفق الى حد كبير مع النموذج العام لأسعار الأرض فى الكثير من المراكز الحضرية ، والذى يؤكد تضاؤل قيمة الأرض مع البعد التدريجى عن المنطقة الوسطى ، بخاصة على الشوارع الرئسية حيث بلغ معامل الإرتباط -0.44957 ، وبدرجة أقل على طول الشوارع الثانوية (-0.18545 ) ، وعموما فقد بلغ المعامل العام -.45155.
 ثالثا :- إن المدينة فى مسيرتها التاريخية العمرانية قد تعرضت للتدهور العمرانى فى المنطقة الوسطى مما أفقدها الكثير من مبررات وجودها المتمثل فى تحقيق أكبر عائد موقعى ، وهذا لايمكن تحقيقه مع سيادة الارتفاعات المنخفضة ، والأكشاك الخشبية ، وقد تلازم مع ذلك أوجه أخرى للتدهور مثل التدهور الإقتصادى ، والتدهور الوظيفى ، والتدهور الحركى ، والمدينة فى هذا تتفق مع الأنداد الحضرية فى العالم .
رابعا :- إن التجديدات التجارية الحضرية التى واكبت العقد الأخير من القرن الماضى والسنوات الأولى من القرن الحالى قد أثرت سلبا فى اقتصاديات المنطقة الوسطى ، فتحت ضغط الاحتياجات المساحية للمناطق التجارية المخططة ، فقد اتجهت الاستخدامات التجارية الى بدائل تجارية أخرى مثل تطوير الأسواق الأسبوعية ، وانشاء المراكز التجارية خارج المنطقة الوسطى ، وتكثيف المعارض الدورية ، وتطوير التجارة الجائلة .
خامسا :- إن التخطيط التجارى للمدينة لابد أن يأخذ فى اعتباره ( كضرورة قصوى ) تخطيط شبكة الطرق ووسائل النقل ، وبخاصة فى وقت السوق الأسبوعى . 



 (1) Eric Beecroft (1970) Let Us Make Our Cities Efficient , in Robert G. Putnam   et al Geography of Urban Places ,Methuen ,Ontario ,Canada ,p, 450 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق