الصفحات

السبت، 19 يوليو 2014

شبكة الطرق البرية في الجمهورية اليمنية : دراسة في جغرافية النقل ...

شبكة الطرق البرية في الجمهورية اليمنية
دراسة في جغرافية النقل

أ.د. فايز حسن حسن غراب

     لقد قامت الطرق اليمنية بدورين مهمين متناقضين ، فالدور الأول ساد خلال الفترة القديمة والفترة العربية حيث أسهمت هذه الطرق فى تحقيق الرخاء الإقتصادى لليمن وذلك من جراء توسيع دائرة العلاقات التجارية ونقل مركز الثقل الإقتصادى ،  فحول الطريق الصحراوى الشرقى ( والذى يعانى من تدهور اقتصادى حاليا ) نمت المدن التجارية لتجارة المر والبخور من منطقة ظفار وحضرموت ، وكان يمر هذا الطريق بمدن تجارية مثل شبوة وقثبان ومأرب ونجران ، بل وقامت شبكة الطرق آنذاك بتحقيق الوحدة الجغرافية لشبه الجزيرة العربية حيث كان الطريق السابق يتفرع عند نجران إلى خطين أولهما الخط الشرقى الذى كان ينتهى عند الخليج العربى والعراق ، وثانيهما كان يتجه شمالا إلى مكة المكرمة ومنطقة حوض البحر المتوسط(1) ، أما الدور الثانى  فى العصر الحديث حيث شاركت الطرق فى التخلف الذى ساد اليمن وما زال يسودها كما سيرد فى المتن .

    وأمام النقص الواضح فى امكانات التنمية الاقتصادية مع الإلحاح الشديد لتحقيق هذه التنمية فكان لابد من الاعتماد على المعونات والمساعدات الأجنبية  لتنمية قطاع الطرق و قام الجزء الأكبر منه على عاتق دول : الصين ، الولايات المتحدة الأمريكية ، الإتحاد السوفيتى إضافة إلى الدول العربية، ومنذ عام 1990 ومع انقطاع المساعدات العربية تراجعت تنمية هذا القطاع، وقد أسهم فى هذا التدهور عدة عوامل أهمها المظهر التضاريسى  والحروب الأهلية ، وحالات الجفاف التى تتعرض لها اليمن بين سنة وأخرى. 

منهج البحث :
     سار البحث وفقا للمنهج الوظيفى وذلك بالتركيز على الناحية الاقتصادية حيث  تقوم الشبكة بدور مهم فى توسيع الظهير الاقتصادي للعقد و فتح الأسواق ، كما أنها من الناحية البيئية تحدد مستويات التلوث البيئي ، كمايركز الاهتمام على علاقتها بمستويات التحضر، بل ودور شبكة النقل فى البعد الا ستراتيجى للأمن القومي(2).  
   كما اعتمد على منهج تحليل الشبكةNetwork  Analysis  والذى يقيس بطريقة هندسية اختلال الشبكة عن الوضع المثالى لها والذى يهدف إلى الترابط الكامل للشبكة، فالانحراف عن القيم المثلى  (المفترضة ) للترابط يقيس بوضوح مدى الاختلال الحالى لهذه الشبكة ، وهذا المنهج يجردالطرق الفعلية إلى مجرد خطوط مستقيمة تتلاقى فى العقد ( على النحو الذى سيرد ) ، كما اعتمد البحث على المنهج المقارن  لاإظهار الاختلافات المكانية ، أو الاختلال فى كفاءة شبكة الطرق  .
   ولم يقع تحت يد الباحث دراسات متخصصة عن شبكة الطرق فى اليمن من منظور جغرافى ، ولكن دخلت الطرق فى دائرة الاهتمام الجغرافى ضمن دراسات أخرى ، ففى عام 1983 وفى إطار التعاون العلمى بين جامعة صنعاء ، وجامعة نوبنجن وكولومبيا قدم هانس جيبهارت كولن دراسة عن الطرق اليمنية وتأثيرها على نشأة الأسواق ، وقد اعتبر انشاء الطرق المرصوفة فى اليمن حدثا جديدا وربط بين طبيعة الطرق وبين أهمية الأسواق ، فهناك الأسواق الحديثة عند الممرات الجبلية وسفوح الجبال ، وأسواق الطرق التى عكست بوضوح الظهير الإقتصادى للطريق ، وأخيرا الأسواق الأسبوعية  على الطرق المرصوفة (2).
   كما دخلت دراسة شبكة الطرق كعامل من عوامل التنمية الزراعية ، ففى منطقة إب ربطت الدراسة بين مياه الرى و بين أنماط استخدام الأرض وركزت الدراسة على شبكة النقل كنتاج للتنمية الزراعية(3) ، وكان للباحث دراستان أدخلتا فى معالجتهما الطرق كعنصر مؤثر فى موضوع الدراستين، فالدراسة الأولى : كانت تحت عنوان أثر الموضع فى خطة و أنماط استخدام الأرض بالمدينة الجبلية ، و تناولت أثرتباين مظاهر السطح على أشكال الطرق واتساعها ، وعلى تركيز أنماط معينة من الأنشطة الاقتصادية(4) واستعرضت الدراسة الثانية الأسواق الجبلية و سلوك التاجر الجبلى، وتناولت العلاقة بين شبكة الطرق و مواقع الأسواق، و تأثير هذه الطرق على مرونة التاجر الجبلى(5) .

  أهداف البحث :
   يهدف البحث أساسا إلى :-
· تحليل التأثير (الحتمى ) لمظاهر السطح على شبكة الطرق فى المناطق ذات التباينات التضاريسية وأثر ذلك فى ترابط الشبكة و إمكانية انسياب الحركة على الطرق .
· تحليل كفاءة قطاع الطرق فى اليمن سواء بالمقارنة العالمية أو على المستوى المحلى (بين محافظات الجمهورية ) ومدى تأثر هذه الكفاءة بالظاهرات الجغرافية الأخرى .
             

 (1) محمد متولى و محمود ابو العلا ( 1988 ) جغرافية شبه جزيرة العرب ، جـ 2 جغرافية اليمن الشمالى ، الأنجلو المصرية ، القاهرة ، ط 3 ، ص 26 .
(2)  Ray . S .K ( 1995 ) Transport Planning For Developing Countries , Prentice . Hall of India , New Delhi , PP 1-2  
(2)  هانس جيبهاردت ( كولن ) (1987) ، تطور أسواق الطرق فى الجمهورية العربية اليمنية، تحت تأثير انشاء الطرق ارئيسية ، مجلة كلية الآداب جامعة صنعاء، العدد 7 ، ( عدد خاص ) ص ص 64،65 .
(3)  اولى برونر(1987 )الرى و استخدامات الارض فى منطقة إب ،ترجمة احمد نعمان المرحجى و مركز الدراسات و البحوث اليمنى ،العدد 28 ابريل ، مايو ،يونيو ،صنعاء ص 108 .
(4)    فايز حسن حسن غراب (1994) أثر الموضع فى خطة وأنماط استخدام الأرض فى المدينة الجبلية، دراسات جغرافية ، كلية الآداب جامعة المنيا ، قسم الجغرافية ، المجلد الثامن ، العدد 10 .
(5)  فايزحسن حسن غراب (1993) الأسواق الجبلية وسلوك التاجر الجبلى فى محافظة حجة ، الجمهورية اليمنية ، تحليل جغرافى ، مجلة بحوث كلية الآداب جامعة المنوفية ، العدد 14 ، أغسطس .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق