الصفحات

الثلاثاء، 6 سبتمبر 2016

علم الكارست أو الكارستية ...


علم الكارسيت أو الكارستية

post-feature-image

الأستاذ العميد يحي الخالقي 

كلية الآداب والعلوم الإنسانية بني ملال
تقديم عام :

  ترتبط الجغرافية الطبيعية بالجيودينامية الخارجية للتساقطات، داخلية زحزحة القارات وكل ما له علاقة بالبنائية ( كل ما هو باطني ) وهي تشكل حقلاً معرفياً متخصص يدخل ضمن علم الجيومنفولوجيا بصفة خاصة والجيومرفولوجيا الدينامية المناخية بصفة خاصة، ومن أهدافها دراسة ووصف وتحليل تطور المناطق الكارستية التي تتعرض باستمرار لآليات الإذابة بواسطة المياه المشبعة بغاز ثنائي أوكسيد المربون ويمكن تقسيم الحقول المعرفية التي تهتم بها علوم الكارست إلى:

الهيدرولوجية الكارستية: تدرس كل من المناخ الإقليمي والهيدرولوجي والهيدروكمياء.

الجيومنفولوجيا الكارستية: تدرس علم المناخ الإقليمي والمحلي والأشكال الكارستية الصخرية كالخشب والجوبات واللوفات والذرات والأشكال الكارست نهرية كالأودية والخوانق.

علم الكهوف والمغارات أو الإستغوار: يهتم بمناخ الكهوف من حيث حركية الهواء والتكافؤ و المثلجات وظروف الإرساب (إرساب فُتاتي، تعاقبات كلسية انهيارات ) وتدرس القنوات والآبار والقاعات الباطنية.

الكارست الإقليمي: يدرس المناطق المعتدلة، الباردة، الجبلية، المدارية الرطبة، والمتوسطة والجافة وشبه جافة.

تعريف الكارست :

    الكارست عبارة عن مجال طبيعي يتميز بهيدروغرافية وهيدرولوجية خاصة ونوع خاص من التشكيل المرتبط بآلية الإذابة التي تميز الصخور الكربوناتية والملحية والتي يتشكل منها المجال الكارستي، وتختلف المناطق الكارستية عن باقي المناطق الأخرى بكونها يغيب فيها الجريان السطحي لكن في المقابل تعرف تطوراً مهماً للجريان الباطني كما تتطور بها مجموعة من الأشكال كالكهوف والمنخفضات المغلقة باختلاف أنواعها وأحجامها وأشكالها كما تتطور بها أشكال تضاريسية فريدة من نوعها كالشخارب وتضاريس الأطلال.

   تهتم الكارستية بدراسة الصخور الكربوناتية والتبخارية وكل الصخور القابلة لتحلل، وتمثل الصخور القابلة للكرسة ما يناهز 50 مليون كلم مربع أي ما يعادل 20% من الأراضي المنكشفة، ومن هنا تأتي أهمية دراسة هذه الصخور والمناطق الكارستية بشكل خاص لأنها تتوفر على موارد مائية مهمة تساهم في تنظيم جريان الأنهار المتوسطية، وفي توفير الماء الصالح لشرب للساكنة التي تتزايد كل يم وبشكل مستمر.

الصخور القابلة للكرستة :

تنقسم الصخور عادة إلى ثلاثة أقسام:

- صخور رسوبية
- صخور متحولة
- صخور نارية

=> تدخل الصخور القابلة للكرستة ضمن الصخور الرسوبية ومن بينها نجد الصخور الكربوناتية (كلس، الدولومي، الكلسية التبخارية، جبس، أندريت، ملح) وهي صخور تتميز بخاصيتين أساسيتين:

1- الإذابة بواسطة المياه المشبعة بثنائي أوكسد الكربون .

2- النفاذية خاصة ما يعرف بنفاد الشقوق التي تظهر أكثر في المناطق الكربوناتية المتميزة بتطور مجموعة من الشقوق الناتجة عن حركات بنائية والتي تسمح بتسرب المياه حيث تعمل هذه الإخيرة على توسيعها.

الصخور الكربوناتية :

  تشكل أغلب الصخور القابلة للكرستة وتتكون أساسا من الكلس والدولومي والطباشير ويرتبط تكوينها بالحيوانات المجهرية والتفاعلات الكيميائية

الكلس :

  هو صخر كربوناتي يحتوي على 50% على الأقل من كربونات الكلس CaCO3 ويتميز الكلس بصلابة تارة تكون مرتفعة وتارة متوسطة وذلك حسب ظروف التكوين لا يظهر هذا الصخر في الطبيعة على شكل بلوري خالص الا في خاصة كالكهوف مثلاً. حيث تتطور تعقدات كارستية أو أراكونية تشكل ما يسمى بالهوابط والصواعد. وينقسم صخر الكلس إلى الأنواع الآتية:

كلس كتلي : يظهر على شكل دكات كلسية سميكة تفصل بينها ممرات عبارة عن فواصل ستراتوغرافية تلعب دوراً مهما في العمليات الكرستة وفي تطرو القنوات الكلسية الباكنية إلا أنه في بعض الحالات تغيب تلك الفواصل خاصة في المجالات المرجانية حيث تنمو وتتكاثر الحيوانات البحرية التي تسمح بإرساب بيولوجي مهم ينتج عنه تكوين الكلس المرجاني كما نجد نوعاً آخر من الكلس وينتج أساساً عن تجمع بقايا هذه الحيوانات البحرية.

كلس صلصالي : هو كلس ناتج من جهة عن التغيرات الفصلية والبيوسنوية التي تعرفها عمليات الإرساب البحري. ومن جهة اخرى عن تصلب المواد الدقيقة الطينية المترسبة في البحر ويشكل الكلس الصلصالي حركة انتقالية بين الكلس والصلصال ويعرف تغييرات جانبية تعرف معها نسبة الصلصال والشوائب ارتفاعا مهما، فظروف الإرساب التي تتميز بمتوالية ارسابية (كلس/صلصال) تدل على أحواض تهدلية عادة ما تتطور في الأحواض الرسوبية الكبرى. وبصفة عامة يتميز الكلس الصلصالي بنفادية ضعيفة نظرا لما تلعبه الممرات والمستويات الصلصالية، كما أن الشقوق غالباً ما تمتلئ بالشوائب مما يزيد من ضعف النفادية من جهة ومن ضعف تطور الأشكال الكارستية من جهة أخرى.

كلس حطامي: يتكون من بقايا الصخور وهي عبارة عن عناصر صخرية مزوات تعرضت لعملية التصلب بواسطة لحام كلستي كالرصيص والقفص والرصاف,

الصخور الطباشيرية :

   يعتبر الطباشير صخرا كربوناتي ينتج عن إرسابات يتكون من الكبريت ومن بقايا الحيوانات المجهرية والطين والطمي والدقة أو يمكن للطباشير الخالص أن يحتوي على نسبة 98% من الكلس ويتميز هذا الاخير عن باقي الصخور الكربوناتية بكونه صخر هش عالي النفاذة مما يسمح بتطور أشكال كارستية متنوعة سطحية وباطنية لكن تطورها وتوزيعها المجالي يبقى ضعيف مع السابقة.

الصخور الدولوميتية

  يجمع صخر الدولومي بين معدني الكارستيك والدولوميتية ويسمى بكربونات مزدوجة COMg/CO3. فالصخور الدولوميتية الخالصة هي التي تحتوي %100 من معدن الدولوميت وهي غالباً ما تكون نادرة في الطبيعة حيث يلاحظ انتقالاً كيميائياً من الدلومي إلى الكلس ومن الكلس الى الدولومي وذلك حسب النسبة التي يمثلها الدولوكيت في الصخر الدولومي.

- صخر الدولومي: تتراوح فيها نسبة الدولوميت بين %100 و %90.

- دولومي كلسية: تتراوح فيها نسبة الدولوميت بين %90 و %50.

- كلس دولومي: تتراوح فيها نسبة الدولوميت بين %50 و%10.

   يعود أصل تكوين الصخور الدولوميتية إلى آلية تساقط الكبريت المننغنيزي والكلس وتفاعلهما داخل أوساط غير مهواة إلا أن معظم الصخور الدولوميتية كالتي نجدها في الكلسية الأطلسية المغربية عامة ناتجة عن آلية التدلمت dolomitisation بمعنى أن معدن الدولوميت يحل محل معدن الكالسيت أي ما يسمى بظاهرة العسف.

   تتطور آلية التملط هذه في بحار دافئة مناطق مرجانية حيث يعمل النشاط البيولوجي على رفع نسبة الهيدروجين حسب تفاعل كميائي يحصل بين كلورور المنغنيزيوم والكلس 2CaCO3+Mg CL نجد الصخور الدولوميتية على شكل دولومي مفروشة أو كتلية تتطور فيها أشكال تضاريسية خاصة عبارة عن تضاريس الأطلس كذلك التي تتطور بالسلاسل المغربية كالأطلس الكبير، المتوسط والريف كما ينتج عن هذه الصخور.

الصخور الملحية (التبخارية) :

  تشكل الصخور الملحية مجالاً ضيقاً مقارنة مع الصخور الكربوناتية لكنها في المقابل تلعب دوراً مهما في تطور الأشكال الكارستية سواء منها الباطنية أو السطحية ففيها تتطور أكبر القنوات والقاعات الباطنية.

   تتكون هذه الصخور في بحار ضحلة أي ضعيفة العمق غالبا ما تكون مغلقة تسمح بتبخر مهم للمياه كما هو الحال في المناطق المرجانية وسبخات المقطورة بالمناطق الصحراوية والجفاف وتلعب هذه الصخور دوراً مهما من الناحية البنائية والهيدرولوجية إذ تعمل على تسهيل الحركات البنائية خاصة الزاحفة منها وذلك بفعل كثافتها الضعيفة وطبيعتها المرنة كما تسهم ملوحة المياه سواء منها السطحية أو الجوفية كما هو الحال في عالية حوض نهر أم الربيع وحوض واد اللبن بمنطقة تيسا في مقدمة جبال الريف  إلى غير ذلك من المناطق التي تنتشر فيها المواد الملحية ومن بين هذه الصخور نجد:

- الجبس Gypses رمزه الكميائي CaSO4 الأندريت hydrite رمزه الكميائي CaSO4 : يتكون الجبس عن طريق تميه الأندريت (هو اشباع الأندريت بالماء) هو صخر هش، ويلاحض أن حجم الجبس عند نميهه يزداد ب %30 الى %50 الشئ الذي يؤدي الى حدوث تشققات في الصخور المجاورة له وذلك بفعل الضغوطات التي يحدثها عندما يزداد حجمه ويتميز الجبس بإذابة سريعة مما يجعله لا يشغل إلا مجالات ضيقة في المناطق المعتدلة والرطبة التي تتلقى كمية مهمة من التساقطات التي تعمل على تنشيط الإذابة دون تذخل عامل عدوانية المياه بفعل غاز ثنائي أوكسيد الكربون.

- الملح : ويتعلق الأمر بملح الهاليت NaCL وأملاح البوتاسي والسلفيت والكرانت، تتميز هذه الأملاح بكثافة ضعيفة وكذلك بإذابة عالية وسريعة جداً بحيث لا نجدها تظهر في السطح الا في المناطق الجافة والصحراوية أما إذا كانت في باطن الأرض يظهر أثرها عند السطح على شكل منخفضات كارستية انهيارية تشكل خطراً حقيقياً على الإنسان ومنشآته بصفة عامة.

آليات الكارستة والظروف المساعدة لها :

تعريف الكارست KARSTIFICATION :

  مجموعة أليات التشكيل والإذابة التي تؤدي الى تطور الأشكال السطحية والباطنية في منطقة كارستية أو شبه كارستية أي آليات اذابة الصخور الكربوناتية والجبسية بفعل المياه وتختلف أهمية الكارست باختلاف طبيعة الصخور والبنائية والمناخ.

آليات إذابة الصخور الكربوناتية :

  تتعرض الصخور الكربوناتية بفعل المياه المشبعة بثاني أكسيد الكربون CO2 للإذابة تسمح بتفسير التطور الكارستي سواء على السطح أو في الباطن فالماء يمكن أن يحلل كمية ضعيفة من الكلس لا تتعدى 14 ملغ/لتر وتحث ظروف حرارية تعادل °25C في حين يمكن أن تصل هذه الكمية الى 55 ملغ/لتر في الحالة التي تكون فيها المياه مشبعة ب CO2 وذلك في حدود %0.03 وهي نيبة ثنائي أوكسيد الكربون %6 وهي وضعية لا نصادفها إلا في أتربة غنية بالمادة العضوية أو داخل بعض الكهوف الغير مهواة حيث يتجمع ويتركز فيها ثنائي أوكسيد الكربون.

  يمكن توضيخ التفاعل الكيميائي بين نسبة الكلس وثنائي أوكسيد الكربون هو تفاعل قائم للانعكاس لأن البيكاربونات لا يوجد إلا في حالة محلول أيوني وذلك بوجود فائض في CO2 وتتوزع كمية CO2 المذاب في الماء بين حالتين:

- CO2 العدواني: الذي يدخل في التفاعل مع الكلس ليكون البيكاربونات (CO2 نصف مركب).

- CO2 المتوازي: هو الذي يساهم في ابقاء البيكاربونات على هيئة محلول وترتبط كمية CO2 المحلل في الماء بحرارة المياه وبالضغط الجوي لهذا الغاز ويسجل في الهواء كمية تصل إلى 10 في 3 لكن يعرف ارتفاعهما عند تسرب المياه عبر اللمسات الترابية إذ يمكن أن تصل إلى 2 أو 6 مضروبة في 2 كما يعرف انخفاض درجة المياه. الجدول الأتي يوضح ذلك

   الحرارة   
الضغط الجوي
10°15°20°30°
3X10
1
0.84
0.7
0.6
0.52
0.4
1X10
33.6
28
23.5
18.20
17.2
13.1

وبصفة عامة تتحكم في عملية الكرستة مجموعة من العوامل:

- حرارة الماء كلما كانت المياه باردة كلما كانت عدوانية.

- الضغط الجزئي ل CO2 كلما كانت نسبته عالية كلما ارتفعت معه العدوانية.

- اختلال مياه ذات معدل مختلف : فإن هذا يؤدي إلى تنشيط عملية الكرسة (تساقطات مهمة).

- غطاء نباتي وترابي مهمين.

- إنتاج CO2 وأحماض عضوية مما يزيد من نشاط عملية الكرسة.

- ملامسة الماء للصخر لمدة زمنية طويلة.

آليات اذابة الصخور الملحية :

  تتميز الصخور الملحية أو الصخور التبخارية بإذابة سريعة تصل إلى 2غ/لتر عند 2ْ5 ويأتي ملح الهاليت في مقدمة الصخور من حيث الإذابة

الحرارة
نسبة الملح
10°15°20°25°
NaCL(g)/H2O(I)356.7357.0357.7359.0362.0

علاقة إذبة الملح بالحرارة :

  أما الجبس الأندريت فإن مرحلة استقرار تحللها مرتبط بنحلل المياه ومدى تركيز ملح الهاليت في المحلول ففي غياب ملح الهاليت فإن الجبس عند تحلله يعرف استقرار في حرارة تقل عن °55.

الظروف المساعدة للكرستة :

  في ما سبق قلنا أن آليات الكرستة لا يمكن أن تتم وتنشط إلا بوجود ماء بالدرجة الأولى ومشبعا ب CO2 وهذا كله يتم بتفاعل مع صخور قابلة للكرسة ولم نشر بعد إلى عامل آخر يسهل عملية الكرستة هو عامل البنية والبنائية.

دور البنية والبينائية في تطور الكرستة : تلعب دوراً أساسياً إن لم نقل حاسماً في تفسير الأشكال الكارستية كالصخور الملحية والكربوناتية.

  تسرب مياه التساقطات عبر مجموعة من النقط وهي عبارة عن مناطق ضعف تتميز بها الصخور وهي أشكال ناتجة أما عن البنائية وأما عن عمليات الإرساب ومن بين الأكال البنائية نجد:

- فواصل إرسابية: عبارة عن مستويات استراتغرافية تفصل بين دكات كلسية متتالية ومتجانسة من حيث السحنة (طبيعة الصخر ونوعه).

- الشقوق والصدوع والانكسارات الناتجة عن الحركات البنائية وكلها تشكل ممرات مفصلة تتسرب عبرها المياه المتشبعة ب CO2 وتسهم في توسيعها بفعل آلية الكرسة التي تقوم بها.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق