الصفحات

الثلاثاء، 6 سبتمبر 2016

سياسات ترشيد المياه في القطاع الزراعي بالسعودية.. نستورد ولا نكتفي ذاتياً ...


معادلة «الأمن المائي» و«الغذائي» لن تتحقق معاً

من دون «تنازلات» و«رؤية واضحة» و«قرارات حاسمة»

سياسات ترشيد المياه في القطاع الزراعي.. نستورد ولا نكتفي ذاتياً!

المشاركون في الندوة أكّدوا أهمية تحقيق الموازنة بين «الأمن الغذائي» و»الأمن المائي» (عدسة - نايف الحربي)
جريدة الرياض - تحقيقات وتقارير - الثلاثاء21 ذو الحجة 1433 هـ - 6 نوفمبر 2012م - العدد 16206 - أدار الندوة - د. أحمد الجميعة :

  أمضينا عقوداً من الزمن نبحث فيه عن رؤية "ماذا نريد أن نكون دولة زراعية أم مائية؟"، وتأخر قرار الحسم "الأمن المائي أولاً"، وتقنين الزراعة في الداخل والاستثمار في الدول ذات المياه الوافرة دثانياً.. وهذه المعادلة الجديدة التي نسير عليها الآن؛ هي أول خطوات تصحيح الفشل، حيث أهدرنا المياه الجوفية وجففنا العيون من أجل إنتاج محاصيل يمكن استيرادها من الخارج -مثل أي دولة أخرى-؛ على اعتبار أن نظرية "الاكتفاء الذاتي" أُلغيت من قاموس الدول، وأصبحت الحاجة إلى بعضها استيراداً وتصديراً هو أساس التعاون والتبادل التجاري.

  وننتظر مع قرار إيقاف زراعة القمح -الذي جاء متأخراً- قراراً آخر بتقنين زراعة البرسيم -التي تستنزف حالياً كمية أكبر من المياه-، كما ننتظر قرارات أخرى تُنظم ولا تمنع زراعة المحاصيل الرئيسة؛ بما يتناسب مع إمكاناتنا؛ بعيداً عن هدر "البنزين" و"الديزل" من أجل تحلية مياه تُسقى بها (20) مليون نخلة غطّت وفاضت عن احتياجنا الغذائي، فضلاً عن محاصيل أخرى غير رئيسة كان الأولى أن تستبدل بالأهم وفق الحاجة ومقدار ماء محدد، لا سيما أن معظم المناطق الزراعية في المملكة داخلية وليست ساحلية.

 "ندوة الثلاثاء" تناقش هذا الأسبوع ملامح سياسات ترشيد استهلاك المياه في القطاع الزراعي، ومدى مناسبتها، وحجم تقديرها، وفاعليتها طوال العقود الماضية، ومعاناة المزارعين من قلّة الماء، والرؤية المستقبلية للقطاع الزراعي في ظل استمرار سياسات الترشيد.

واقع الترشيد

   في البداية، تحدث "م.الهندي" عن واقع مشكلة المياه في المملكة، وتأثيرها على الواقع الزراعي فيما يتعلق بالأمن المائي والغذائي منذ صدور قرار (335) -الذي كان هدفه ترشيد استهلاك المياه المستخدمة للأغراض الزراعية -، حيث يضم بنوداً تتجاوز العشرين، ومنها ما هو إيجابي، ولكن تطبيق القرار أعطى نتائج عكسية مثل التوجه إلى إيقاف زراعة القمح، مبيناً أنه جَمَع العديد من المعلومات من خلال زيارات ميدانية لعدد من المناطق الزراعية في المملكة لمعرفة واقع المياه، إلى جانب ما تتضمنه المعلومات الرسمية الصادرة من الجهات المختصة بالأمن المائي والأمن الغذائي، خصوصاً "وزارة الزراعة"، إضافة إلى المصدر الرئيس في بحوثه وهو الكتاب الاحصائي الزراعي السنوي، موضحاً أنه يستند فيما يتعلق بالاحتياجات المائية إلى كتابين شهرين صدرا فقط في المملكة، الأول في عام (١٩٨٨م) وهو عن الاحتياجات المائية عن طريق "وزارة الزراعة" لكن ينقصه العمل الحقلي، والكتاب الثاني صدر عام (٢٠١٠م) يتناول ترشيد استهلاك المياه.

  وقال إن بين الكتابين توافقاً كبيراً، حيث تتواصل نسب المحاصيل والري بالارتفاع سنوياً، مبيناً أنه لم يكن هناك توجه لإيقاف زراعة القمح وإنما كان الهدف هو تقليص زراعته؛ لأنه محصول استراتيجي يتعلق بسياسات الدول، ومن السهل مواصلة أو توقف زراعته، وتم اللجوء إلى الهدف الأسهل وهو إيقاف زراعة القمح والاستمرار في زراعة محاصيل أخرى، كما أن القمح له مشترٍ واحد وهو الدولة؛ لامتلاكها العديد من الصوامع؛ مما يساعد على اتخاذ القرار وإيقاف زراعته.

  وأضاف: "فيما يتعلق بزراعة البرسيم من حيث المساحة الإجمالية يتم حسابها بالهكتار، ولو أخذنا الأمور حسابياً نجد أن ما يجري على أرض الواقع أسوأ من الاحصائيات الرسمية، حيث إننا يمكن نعطي هذه الاحصائيات الرسمية (٨٥٪) من ناحية الدقة لكنها لا تعكس الواقع الحقيقي؛ إذ نجد في البرسيم زيادة تعادل (٧٪) بين عامي (٢٠٠٥م) و(٢٠١١م)، وفي الأعلاف الأخرى نجد الزيادة بلغت (١٥٪)، وفي إجمالي الأعلاف نجد الزيادة وصلت إلى (٣٠٪).

   وأشار إلى أن المساحة الاجمالية في عام (٢٠٠٥م) كانت تساوي مليوناً ومائة ألف هكتار، وفي عام (٢٠١١م) بلغت المساحة (800) ألف هكتار، وهذا يعني أن (30%) من المساحات التي كانت تتم زراعتها في عام (٢٠٠٥م) تم تقليصها؛ لأن نسبة كبيرة من الأراضي التي كانت تُزرع فيها القمح خرجت نهائياً بسبب القرار (٣٣٥) نتيجة نزول سعر القمح إلى (ريال واحد) في حين كانت تكلفته بالنسبة للفرد المزاع تصل إلى (95) هللة، وللشركات المتملكة مساحات كبيرة وتحصل على كميات كبيرة من الأسمدة يكلفها (65) هللة؛ مما جعل الأفراد يخرجون من مهنة زراعة القمح؛ لعدم الجدوى الاقتصادية.

نحتاج إلى سياسة وطنية زراعية وأطلس للأراضي الخصبة وإيقاف المحاصيل الثانوية

ارتفاع الاستهلاك

   وأشار "م.العوين" إلى أن القطاع الزراعي في المملكة يواجه مشكلة رئيسة تتمثّل في ارتفاع استهلاك المياه، ولكي تبقى لدينا زراعة مستدامة في المملكة؛ يجب إعادة النظر في النماذج والأساليب الزراعية المستخدمة، وليس الهدف الآن من مراجعة السياسات المطبقة هو إيقاف الزراعة تماماً، وإنما إبقاء الزراعة بحجم معقول، وبطرق ووسائل تساعد على استدامة زراعة المحاصيل الرئيسة والاحتياجات المهمة لبعض المحاصيل بطريقة تعمل على رفع كفاءة استهلاك المياه، وبالتالي رفع كفاءة الإنتاج إلى أعلى مستوى ممكن.

   وأضاف أن المراجعة التي تمت، وقرار (٣٣٥)، بهدف إعادة تنظيم الزراعة وليس إيقافها، وذلك بالافادة من الأساليب الحديثة التي تعمل على رفع كفاءة استخدامات المياه، ورفع الكفاءة الإنتاجية باستخدام البذور الجيدة الملائمة، مع الإفادة من المميزات النسبية في المناطق، وتوزيع المحاصيل إلى المناطق حسب الميزات النسبية بها من حيث درجات الحرارة ومدى توفر المياه.

زراعة الأعلاف

  وعلّق "د.السعود" على ما ذكره "م.الهندي"، مبيناً أن حديثه احتوى على بعض الحقائق، خاصة فيما يتعلق بالاتجاه نحو زراعة الأعلاف في المملكة، ويبرز هنا السؤال "لماذا اتجهنا لزراعة الأعلاف؟"، والإجابة عليه ليس بهدف وقف زراعة القمح، وليس بسبب القرار (٣٣٥)؛ لأن هذا القرار أتاح لنا إنتاج (2,21%) سنوياً، وتم تطبيقه في أعوام (٢٠٠٩م،٢٠١٠م، و٢٠١١م)، وهذا يعني أنه من المفترض أن ننتج اليوم حوالي (٧٥٪) من المنتج الذي نشتريه من السوق المحلي، وتم حساب ذلك على أن (٢.٩) هي الكمية التي تحتاجها المملكة، وخصم منها (2,121%) سنوياً، ومن المفترض أن يتاح للتوريد بقدر أكبر مما كان في عام (٢٠٠٧م)، ولكن اتجه المزارعون إلى زراعة الأعلاف لأسباب اقتصادية بحتة منها ارتفاع أسعار الماشية عالمياً، إلى جانب تدني أسعار القمح.

قضية وطنية

  وشدّد "م.القويحص" على أن الماء قضية وطنية استراتيجية وأساسية، وليست قضية عرضية يمكن معالجتها بقرارات سريعة، مبيناً أن مسؤولي "وزارة المياه" كانوا قد زاروا "مجلس الشورى"، وعرضوا المشكلات التي نعاني منها في قضية المياه؛ لأننا في الأصل دولة صحراوية ليس لدينا أنهار ولا بحيرات، وبالتالي فإن توجهنا القوي نحو الزراعة ربما يكون عكس الطبيعة.

م. العوين: إتلاف 70 طناً من الخضروات يومياً في سوق الجملة بالرياض

  وقال إن حديث "م.الهندي" ركّز على ما يتعلق بالمحاصيل وتطرق للمشكلات التي نواجهها في زراعتها، منوّهاً أننا لا نستطيع العيش بدون ماء، وكذلك لا نستطيع أن نقضي على الزراعة بشكل نهائي، وعلى الرغم من كل ذلك نشكر "وزارة المياه" على حرصها الكبير نحو إثارة قضية المياه على المستوى الوطني والأفراد، لافتاً أن مما يؤسف له أن سياسات المملكة تجاه مشكلة المياه غير واضحة، حيث لا توجد لدينا استراتيجية معتمدة للمياه، ولا سياسات زراعية معتمدة وواضحة، وليس لدينا أطلس زراعي يحقق الميزة النسبية للمناطق، ولا يوجد لدينا نظام مياه خاصة في مجال الزراعة، إذ نجد أن كل من "هبّ ودب" يزرع حسب ما يراه؛ مما خلق لدينا عدة مشكلات عديدة، ولم نجد لها حلولاً شمولية.

   وأضاف: لدينا مشكلة تتعلق بموضوع الأعلاف، ومن العجيب أن لا أحد يسأل عن هذه الأعلاف، ولماذا تستورد المملكة (٥٠٪) من الشعير العالمي؟!، ولماذا توجد لدينا ثروة حيوانية تبلغ (١٧) مليون رأس من المواشي (أغنام، إبل، أبقار) وقد تدهورت المراعي بشكل كبير؟، ولماذا نحرص على زراعة الأعلاف والبرسيم؟، كل هذه تعد من المشكلات التي تقف حجر عثرة أمامنا، وليس لها حلول مدروسة وفاعلة عدا على مستوى الأفراد، ذاكراً أن هناك قرارات تُنفّذ بشكل جزئي لمعالجة بعض القضايا، وقضايا أخرى ليس لها حلول، داعياً إلى معالجة هذه القضايا الكبيرة على مستوى المملكة بواسطة كفاءات قادرة ومدركة لأبعاد القضية.

زراعة القمح

   وتداخل "م.المعمر" قائلاً إنه في بداية التنمية الزراعية في المملكة تجاوز الإنتاج الزراعي للقمح حوالي (أربعة ملايين طن)، وحينما وضعت الوزارة التسعيرة من أجل وضع حدٍ لتجاوز القمح الاحتياطي الفعلي للمملكة، وعندما تم تخفيض السعر إلى ريال، وصل الإنتاج إلى حد الاحتياج الوطني الفعلي في ذلك الوقت.

  وأبدى اختلافه مع "د.السعود" فيما يتعلق بموضوع النسبة التي وضعت تدريجياً بمعدل (12,50%) لمدة ثمانية أعوام؛ لأن المزارع في هذه الحالة فقد الثقة في الاستمرار في زراعة القمح؛ واتجه بالتالي الكثير من المزارعين الذين كانوا يزرعون القمح إلى زراعة الأعلاف، مع أن استهلاكها للمياه يتجاوز خمسة أضعاف الاستهلاك المائي للقمح.

م. القويحص: لماذا توجد لدينا ثروة حيوانية تبلغ ١٧ مليون رأس من المواشي؟

مبادرات زراعية

  وذكر "م.العوين" أن "صندوق التنمية الزراعي" نفّذ سبع مبادرات؛ لمعالجة عدة قطاعات زراعية، إلى جانب عمل زيارات ميدانية إلى عدد من مناطق المملكة الزراعية للتعرف على طبيعة المحاصيل المستخدمة وكيفية استخدامات المياه، إلى جانب زيارة دولتي "جنوب أفريقيا" و"المغرب" التي سبق أن طبقت تجربة مماثلة، تتعلق بوضع إطار زمني للتحول في عمليات الري الزراعي، إلى أساليب ذات تقنيات عالية، تحد من عمليات الري بالغمر، نحو أنظمة تقنية أفضل كفاءةً.

منع التصدير

  وحول ما يتعلق بمصادر المياه في المملكة وأبرز العوائق، والعلاقة مع القطاع الزراعي؟، أجاب "د.السعود" قائلاً: إن أهم قرار وضعته حكومتنا الرشيدة هو قرار إنشاء وزارة المياه والكهرباء، إدراكاً منها لأهمية المياه وكان ذلك عام (١٤٢٢ه) وهذا القرار يعد تصحيحياً للوضع، مضيفاً أنه صدر قرار آخر مهم قبل ذلك، وهو وقف تصدير الأعلاف إلى الخارج عام (١٤٢١ه)، وتلاها قرار وقف توزيع "الأراضي البور" عام (١٤٢٣ه)، من أجل ايجاد حل لمشكلة طالما ظهرت على السطح وهي نضوب المياه، وتم تكرار الايقاف مرة أخرى عام (١٤٣١ه) لمدة عشر سنوات؛ والهدف الأساس هو الحد من التوسع في القطاع الزراعي؛ لأنه إذا كان لديك أرض بور يعني أنك تحتاج إلى عملية ري، إضافة إلى إيقاف حفر الآبار في الأراضي الجديدة، وفي المناطق ذات الموارد المائية غير المتجددة.

  وأضاف: إدراكاً من "وزارة المياه" لحجم المشكلة؛ بدأت في دراسة الكمية، وهل الماء متجدد لدينا أم لا؟، وتبيّن أن المياه الموجودة في المملكة التي تروى بها المزارع غير متجددة، وبالتالي تدخل هذه المياه في حكم التعدين؛ مما يستوجب وضعها في أفضل حالات الاستخدام، كما أن المناطق الصالحة للنشاط الزراعي داخلية وليست على الساحل، وإذا لم يوجد بها ماء، فإن الخيار البديل هو الاستعانة بمياه التحلية وضخها في تلك المناطق الزراعية مثل "الرياض" و"القصيم" و"حائل" وغيرها، ولكن يجب أن نعي جيداً أن تكاليف الضخ تقد تفوق تكاليف الإنتاج!.

  زراعة البرسيم تستهلك أضعاف القمح من المياه ومحطات التحلية استنزفت «النفط» من دون جدوى

جفاف العيون

  وأكد "د.السعود" على أن الرياض يُضخ لها من مياه التحلية مقدار (٤٥٠كم) في اليوم بارتفاع (٧٠٠م) من سطح البحر، ومحطة "رأس الخير" يُضخ لها مقدار (٥٥٠كم) بقيمة (٢٥) مليار، وإذا قلّت كمية المياه تحت الأرض خاصةً في المناطق الداخلية، فإن الخيار الوحيد هو الإفادة من مياه التحلية؛ لأن تلك المناطق مكتظة بالسكان، مثل "حائل" و"القصيم" و"الرياض" و"الخرج" و"وادي الدواسر"، حيث إن جميعها مناطق داخلية تبعد عن البحر على الأقل (٤٥٠كم)، موضحاً أن ليس لهم كمخططين لتوفير مياه لهؤلاء البشر إلاّ باستخراج مياه من تحت الأرض مباشرةً، ذاكراً أن "منطقة صلبوخ" يشرب منها أهالي مدينة الرياض، وهذه المياه تستخرج على مسافة (١٧٠٠م) تحت الأرض وهي مياه عذبة، وهذا الماء نفسه يسعى إليها السكان في شقراء؛ لأن التكوين الطبقي هو تكوين واحد، مشيراً إلى أن "عين أم سبع" قال عنها المؤرخ والأديب المعروف "عبدالله بن خميس" -رحمه الله-: (عين أم سبع تهدر بالماء المعين، وتوزع فيض مائها على سبعة أنهر، كل واحد منها يهدر بالعذب الزلال)، حيث رأى تلك العين وتدفقها طبيعياً، ثم تحولت إلى التدفق بالمضخات، إلى أن جفت تماماً، ولدينا الصور التي تثبت ذلك، كما هو حال "عين الأفلاج"، حيث كانت حتى عام (١٩٨٠م) أكبر جسم مائي موجود على جزيرة العرب، والآن أصبحت جافة تماماً، كذلك "عيون الخرج" جفت تقريباً.

إهدار الجوفية

وذكر "د.السعود" أن المياه الجوفية أفضل بكثير من مياه البحر، وتكاليف إنتاج المياه   الجوفية منخفضة جداً بينما تكاليف التحلية مرتفعة جداً، مضيفاً أن هناك أمر جدير بالذكر وهو أن البترول معرض أن ينتج محلياً فقط ونستهلكه محلياً، مع عدم تصديره للخارج، مع أنه مصدر أساسي للدولة؛ بسبب التوسع الكبير في التحلية، حيث نستهلك مقابل ذلك كميات كبيرة من الطاقة المحلية، وبالتالي نحن نعمل على تخريب "بترولنا" و"ديزلنا" لانتاج كمية مياه!، مع أن المياه الجوفية موجودة لكننا نستهلكها في أشياء غير ذات جدوى اقتصادية مقارنة بالاحتياجات الأخرى، مبيناً أن مياه التحلية تترتب عليها تبعات كثيرة، سواء من حيث النقل؛ إذ من الممكن أن تمر بمراحل صعبة، مشيراً إلى أن وجود محطات التحلية على الشاطئ فيه مخاطرة، كما أن المياه الجوفية لدينا تعد آمنة جداً وغير مقلقة ولا يدعي أحد غير ذلك، فهي بعيدة عن تعرضها للتخريب، ناصحاً بإعادة حساباتنا بشأن مياه التحلية وتكاليفها الباهظة واهدارنا للمياه الجوفية في أغراض ليست ذات جدوى.

  وأضاف أن كميات المياه التي نستهلكها يومياً تعادل (34%) من "مياه النيل" السنوي، وإن المياه التي تُستهلك في المملكة من محطات التحلية تعادل جريان "نهر الراين" الموجود في ألمانيا ب(16) مرة، وهي تعادل مليونين وستمائة وستة عشر ألف وايت يومياً -سعة 20 متر مكعب-، متسائلاً: هل من المعقول أن نضيع المياه بهذه الكمية الهائلة في محاصيل لا تعطي قيمة مضافة بالنسبة للوطن؟، مبيناً أن الديزل الذي يستهلك في إنتاج هذه المحاصيل كاف لأن نشتريها من السوق العالمي!.

نستهلك يومياً من المياه الجوفية ما يوازي تعبئة «برج المملكة» كل 18 دقيقة

  وذكر "د.السعود" أن سرد تاريخ الاستهلاك للمياه في المملكة من عام (١٩٧٥م) إلى عام (٢٠١٠م) بلغ كمية حوالي (١٤٢ بليون م٣)، وهذا يعادل إنتاج التحلية خلال (٥٠٠) عام القادمة، منوّهاً أن كل هذه الكمية استهلكت في محاصيل الأعلاف والقمح والنخيل وهذه تعد من المحاصيل الأساسية، مبيناً أنه لكي نتأكد أن سياستنا الاستهلاكية ناجحة أم لا، نجد أن عام (٢٠٠٣م) بعد إنشاء الوزارة كان استهلاك القطاع الزراعي يقدر بحوالي (٢١.٧ بليون متر٣) وعام ٢٠١٠م يقدر ب(١٤.٤ بليون م٣)، وكل هذه الأرقام ناتجة من سياسة مجموعة وزارات من ضمنها "وزارة الزراعة"، التي لها جهود جبارة في هذا المجال.

أمن مائي وغذائي

   وتداخل "م.الهندي" معلقاً على حديث "د.السعود"، وقال: نحن في المملكة نحتاج إلى موازنة بين أمرين هما "الأمن المائي"، و"الأمن الغذائي"، ولكن "د.السعود أسهب في ذكر أرقام تتعلق بالاستنزاف الذي حدث في الفترة السابقة، -أي منذ أن بدأ القطاع الزراعي عام ١٣٩٧ه حتى وقتنا الحاضر-، إلاّ أنه ربما أغفل شيئين مهمين، هما ما يتعلق بالأمن الغذائي للمملكة والأمن الاجتماعي، ولأننا اجتمعنا في "ندوة الثلاثاء" لبحث قضية تتعلق بمصلحة الوطن العليا، أرى أن حديث "د.السعود" كان مليئاً بالأرقام المغلفة، وبأسلوب يهدف إلى جذب عواطف الناس، مع أنه أغفل جزئيات مهمة، متسائلاً "لمن ندفع ونشتري سبعة ملايين طن من الشعير المستورد؟، ولمصلحة من نستورد محصولاً استراتيجياً ورئيسياً ألا وهو القمح؟"، موضحاً أننا لو عدنا إلى القرار (٣٣٥) لوجدناه يهدف إلى القضاء على إنتاج القمح في المملكة، وهو قرار لا يخدم المصلحة العليا للوطن في مجال الأمن الغذائي -على حد قوله-.

  وتمنى "م.الهندي" أن يكون هناك بدائل أخرى مثل مياه الصرف الصحي، باعتبارها بديلاً رئيساً، بل وبإمكان التقنية الحديثة إعادة تنقيتها رباعياً حتى تكون صالحة للشرب وبدون أي تحفظ، متسائلاً: ماذا فعلت وزارة المياه حيال هذه المياه؟، وهل يوجد توجه من قبل الدول لشطب القطاع الزراعي؟، على أن تؤمن الدولة الغذاء لهذا الوطن، مع ملاحظة ارتفاع عدد السكان، الذي يتوقع أن يصل عددهم حوالي (40) مليون نسمة، لافتاً أن الدولة أنفقت (٦٦٠) مليون ريال لدراسة التكوينات الجيولوجية الرسوبية الرئيسية في المملكة، لكن مع ذلك لا أحد يدري ما هو دور وزارة المياه في تحديد الموازنة الفصلية للقطاع الزراعي؟.

  وأضاف: أنا أعلم تماماً أن هناك نماذج كثيرة يمكن أن تجعل لدينا قطاعاً زراعياً مستديماً، ينتج المحاصيل الزراعية الرئيسة في المملكة، حيث إن لدينا أكثر من (٥٠) مليون شجرة من الفاكهة العبثية، متسائلاً: هل استطاعت وزارة المياه أن تضع حداً لها مع وقف إنتاجها؟، لدينا كذلك أكثر من (٢٠) مليون شجرة زيتون، وهل منكم من يذكر أنه أكل حمضيات محلية جيدة؟، على الرغم من أن لدينا حوالي (٢٠) مليون شجرة من الحمضيات موزعة على مناطق المملكة المختلفة.

  د. السعود: نستهلك ما يعادل مليونين و616 ألف وايت يومياً من المياه بسعة 20 متراً مكعباً

  وشدّد "م.الهندي" على أننا أمام أمرين لا ثالث لهما، الأول هو أن تُعلن سياسة واضحة بإلغاء القطاع الزراعي بشكل كامل، على ننتظر رحمة الآخرين لتأمين غذائنا، منوّهاً أن هناك توجهاً من قبل الدولة لجعل الصوامع تتسع ل(3.2) ملايين طن، وهذا ما يجعلنا في وضع محرج عندما تأتي دورات الجفاف لدى الدول المنتجة (أمريكا، استراليا، دول حوض البحر الأسود)، كما أن هناك ظاهرة حقيقية يدرسها عدد هائل من العلماء، وهي "ظاهرة الاحتباس الحراري"، فلو تكررت دورات الجفاف لن نستطيع أن نملأ هذه الصوامع، موضحاً أن الأمر الثاني هو الحفاظ على ما لدينا من برامج زراعية تعمل على تأمين الغذاء الاستراتيجي.

فجوة واضحة

  وعلّق "م.القويحص" قائلاً: الأمن المائي أمر في غاية الأهمية، ولا حياة بدون مياه، بل إن جميع الحضارات نشأت على الأنهار والبحار، ولم تقم حضارة في الصحراء بدون مياه، مبيناً أنه إذا استنزفنا المياه فلن تكون هناك حياة، وهذه حقيقة لن يختلف عليها اثنان، كما أن مفهوم الأمن الغذائي مهم جداً، لكن يجب أن يتم تقنين هذا المفهوم، خاصةً إذا علمنا أن هناك كثيراً من الدول تستورد القمح، فمثلاً مصر وهي دولة على النيل تستورد القمح بنسبة (50%) تقريباً، ذاكراً أن فكرة إلغاء القطاع الزراعي فهذه غير واردة إطلاقاً، بل نحتاج إلى قطاع زراعي مقنن.

  وعن كيفية الإفادة من مياه الصرف الصحي، أشار إلى أنها تحتاج فقط إلى الاهتمام والحرص وتوفير التقنية اللازمة لذلك، وهي عملية تُبنى على معادلة: "أن كمية المياه التي تُستخدم في الشرب ستتحول إلى الصرف الصحي"، وبالتالي ما ينتج من مياه التحلية يجب أن يعاد تكريرها، لافتاً أن لدينا مشكلة في عملية الترشيد الحقيقي في الري الزراعي، متسائلاً: كَم من الشركات الزراعية والمزارع الفردية تعتمد على تقنية حديثة؟، منوهاً أننا نفتقد إلى الأبحاث الزراعية الحقيقية التي تهتم بتنمية الزراعة طبقاً للجو، فضلاً عن أن ليس لدينا استراتيجية وطنية زراعية، إذ ماتزال حائرة بين المجلس الاقتصادي الأعلى و"وزارة الزراعة"، ولا يوجد نظام خاص بالمياه، فضلاً عن قاعدة تعتمد عليها "الزراعة" و"المياه".

  وذكر أن مفهوم "الأمن الاجتماعي" الذي ذكره "م.الهندي" لا يعتمد على الزراعة فحسب، بل يوجد خيار استراتيجي في مجال الصناعة، مشدداً على أن القضية ليست مسألة أمن مائي وغذائي، وإنما هي قضية وطنية استراتيجية للدولة شاملة، منوهاً بضرورة وضع آلية تنفيذية تربط بين تلك الوزارات في مجالي المياه والزراعة.

مياه الصرف الصحي

   وعلّق "م.المعمر" على ما أثاره "م.الهندي" بشأن الإفادة من مياه الصرف الصحي، مبيناً أنّ أول نشرة صدرت عن المقننات المائية كانت عام (١٩٨٨م)، تلاها دراسةٌ عن الاحتياطات المائية بدعم من "مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية" بالاشتراك من أستاذة أكاديميين، إلى جانب دراسة أجرتها المراكز التابعة لوزارة الزراعة، إضافة إلى كتاب الدليل الإرشادي لتحديد الإحتياجات المائية، وكان في الوقت نفسه برنامج تعاون مع "منظمة الأغذية والزراعة الدولية" ابتداءً من (٢٠٠٧-٢٠١١م)، وكان من ضمن هذا المشروع دراسة للاحتياجات المائية للمحاصيل الزراعية في المملكة، وسيتم تنفيذها قبل نهاية العام الحالي، إضافة إلى مشروع الري على الطبيعة، وتوعية المزارعين تقنياً من خلال رفع كفاءتهم تجاه استخدام المياه.

م. الهندي: لمصلحة من نشتري سبعة ملايين طن من الشعير ونستورد القمح أهم محصول غذائي؟

  وقال إن لدى "وزارة الزراعة" برنامجا وطنيا خاصا بترشيد استخدام المياه في الزراعة، من خلال عقد موقع مع الشركة الوطنية باستخدام تقنية خاصة من شركة هولندية، ومهمتها إنشاء محطات لجميع البيانات المناخية في المزارع، إضافة إلى استشعار قياس المستوى الرطوبي، وتنقل مباشرة بمعدل كل ساعة لموقع الشركة ليتم فيها تحليل كل البيانات، منوهاً أنّ الاستراتيجية الجديدة للزراعة تحت المراجعة النهائية للموافقة عليها، وتنسجم بنسبة كبيرة مع الاستراتيجية الوطنية، ونوقشت من قبل وزارتي "الزراعة" و"المياه والبنك الدولي"؛ من حيث المياه والاحتياجات الزراعية، لافتاً إلى أنّ القرار (٣٣٥) اشتمل على عدد من القرارات منها؛ رفع كفاءة استخدام المياه، وتطبيق أنظمة الري الحديثة، ولم يقتصر فقط على إيقاف الزراعة وحظر بعض المحاصيل، ولكن شدّد على عملية الترشيد في استهلاك المياه في الزراعة.

معاناة المزارعين

  وذكر "م.العوين" أنّ معاناة المزارعين تتلخص في أربعة معوقات، وهي ارتفاع استهلاك المياه الذي يصل إلى حوالي (٨٤٪) من كمية المياه المستهلكة في الزراعة، وانخفاض كفاءة الري إلى حد كبير، إلى جانب انخفاض كمية المنتجات على الرغم من أن استهلاك كميات كبيرة من المياه، وتعرض المحاصيل الزراعية أثناء التسويق للتلف والخراب، ومثال على ذلك "سوق الجملة في مدينة الرياض"، حيث يتم إعدام ما يزيد على (٧٠) طناً يومياً من الخضروات بعد أن أخذت جهداً من المزارعين واستهلاك كمية كبيرة من المياه، إضافةً إلى معوقات أخرى منها وجود أخطار وقصور في تشكيلة المحاصيل الزراعية؛ مما أدى إلى انخفاض كفاءة الإنتاج الزراعي، وانخفاض كفاءة المواد المنتجة، مبيناً أنّ هذه المعاناة والعوائق لا يمكن معالجتها إلاّ برفع مستوى كفاءة الري باستخدام أفضل التقنيات، وتغيير خريطة المحاصيل المستخدمة، وذلك باختيار محاصيل تستهلك قليلاً من المياه وتعطي إنتاجاً عالياً، إلى جانب العمل على توفير المياه، سواءً عن طريق إنشاء سدود لحصاد مياه الأمطار، خصوصاً ما يتعلق بإعادة تغذية الآبار.

   وأضاف أن مشكلة مياه الصرف الصحي قربها من المواقع الحضرية، وبعدها عن المناطق الزراعية، وبالتالي ستحتاج إلى نقلها للمناطق الزراعية للإفادة منها، ومياه التحلية لا يمكن استخدامها في مجال الزراعة إلاّ إذا استخدمت في محاصيل ذات قيمة عالية؛ من أجل تعويض التكلفة العالية، مبيناً أنّ العوامل التي يمكن استخدامها في رفع كفاءة الري تتضمن عدة مجالات، مثل تطبيق أنظمة الري الحديثة، والتوسع في زراعة البيوت المحمية، إلى جانب استخدام الري بالتنقيط بشكل عام وإيقاف الغمر نهائياً، والعمل على إضافة محسنات التربة لرفع كفاءة الانتاج، وتحسين البذور والحرص على مكافحة الآفات، والتوقف عن الزراعة في فصل الصيف، وإيقاف الزراعة نهائياً في بعض المناطق لقلة المياه، وذلك بشراء الآبار، أو الضغط على المزارعين بالتحول إلى زراعة البيوت المحمية بشكل كامل، والأهم من هذا كله هو إيجاد الحلول المصاحبة لعملية التسويق والمتمثلة في المحافظة على المنتجات، والنقل السليم حتى يصل المنتج بحالة سليمة إلى المستهلكين.

رؤية غير واضحة!

  وفي مداخلة للزميل "راشد الراشد"، قال: الواقع أننا دولة غير مائية، وليس لدينا أنهار دائمة الجريان، والأمطار عندنا شحيحة، بل تكاد تكون معدومة تماماً في كثير من المناطق، والمشكلة الأساسية التي نعاني منها هي غياب الرؤية، ليس في الشأن الزراعي والمائي والغذائي وإنما في كثير من الأمور، وفي الماضي كنّا نسمع من بعض المسؤولين قصائد شعرية عن المستقبل المشرق والماضي المجيد الرائع، وهذه الصراحة تعطينا مؤشراً أننا بالفعل جادين لمعالجة مشكلة حقيقية تتعلق بالأمن المائي والأمن الغذائي".

  وقال إن السؤال الذي يطرح نفسه هو ماذا نريد أن نكون؟ هل نريد أن نكون دولة زراعية مُصدّرة؟، هذا غير صحيح، ولن نكون دولة زراعية، لذا يجب أن نتعامل مع الواقع بكل وضوح وشفافية لنفهم كيف تسير الأمور لدينا، فنحن كما نعلم جميعاً ليست لدينا أراضي خصبة، لا نملك مياهاً.. جفّفنا الريف من السكان الذين هاجروا إلى المدن الكبيرة؛ مما تسبب في الاكتظاظ، وما تبع ذلك من أشياء كثيرة مثل استهلاك المياه، والكهرباء، والضغط على كثير من الخدمات، وظهور البطالة، ثم الجريمة، أما بخصوص المواشي فالأمر لا يختلف عن بقية القضايا، وكل ذلك بسبب عدم وجود الرؤية، فالمواشي تحتاج إلى مراع ومياه فهل هذه المقومات متوفرة لدينا؟"، مشيراً إلى أنّ زراعة القمح قبل ما يزيد عن (30) عاماً كان مغامرة خاطئة يدفع المجتمع ثمنها اليوم.

تسرب المياه

  وفي مداخلة للزميل "خالد الربيش" حول تحجيم المساحات الزراعية، قال: يبدو أن التحجيم جاء بإيعاز من "وزارة المياه؛ بهدف ترشيد استهلاك المياه، ولكن هل ترشيد استهلاك المياه لا يتم فقط إلاّ بتحجيم المساحات الزراعية؛ لأن هناك ممارسات أخرى تؤدي إلى هدر كميات كبيرة من المياه من ضمنها التسرب؛ وهذا ما جعل "وزارة المالية" تتحفّظ على ميزانية وزارة المياه للعام المقبل حتى يتم الانتهاء من مشروع تقنين التسرب الذي ينتج عنه هدر كميات كبيرة من المياه، فما مدى صحة هذه المعلومات؟.

  وعلّق "د.السعود" على ما يتعلق بجزئية مشروع تقنين التسرب، وقال:"تعد مشكلة التسرب بنداً ثابتاً في ميزانية الوزارة، واستطعنا أن نُقلّل من عملية التسرب بنسبة (٥٪) خلال الأعوام القليلة الماضية، ولكن هذا لا يمنعنا أن نقول بكل وضوح أن التسرب مازال عالياً، ولا يخفى عليكم أننا ننتج أغلى ماء في العالم؛ فهذا الماء الموجود في المملكة يعد أعلى تكلفة في العالم؛ نتيجة لمصدر الماء الأساسي، فمشكلة التسرب قائمة، ولكن ولله الحمد نعمل حالياً على الصيانة الدورية للشبكات، وتمكّنا بالفعل من تحقيق نجاحات كبيرة في المدينة المنورة وجدة؛ لأن عملية الصيانة هي ضمن العقد الموقع مع الاستشاري العالمي".

الزراعة في الخارج

   وتساءل الزميل "الربيش" إلى أي مدى جاءت مبادرة خادم الحرمين الشريفين الخاصة بالزراعة في الخارج محققة لهذا التوجه الخاص بترشيد استخدام المياه في الزراعة؟، وأجاب "م.العوين" قائلاً: إن مبادرة خادم الحرمين الشريفين هي عنوان الاستراتيجية الزراعية في المملكة، ولكن التفاصيل مازالت قيد البحث لدى الجهات المختصة، مبيناً أن الهدف من المبادرة هو إيجاد بدائل للمحاصيل الرئيسة المطلوب ترشيد زراعتها.

  وقال إن "صندوق التنمية الزراعي" يشرف على التمويل في السنوات الأخيرة، بالتعاون مع وزارات "التجارة"، "المالية"، و"الزراعة"؛ لإعداد الضوابط والتفاصيل النهائية، حيث إن نجاح هذه المبادرة يخفّض أسعار المنتج المحلي، وبالتالي توقف المزارعين عن عدة زراعات؛ نتيجة عدم وجود منافس لهم في السوق.

  وتداخل "م.الهندي" معلّقاً على ما ذكره "م.العوين"، وقال: أرى أنه آن الأوان لإعادة هيكلة القطاع الزراعي؛ بحيث يكون قطاعاً زراعياً مستديماً يُلّبي جزءاً من الأمن الغذائي للمملكة، ولدينا نماذج عدة لخفض إنتاج المياه مع المحافظة على كثير من المحاصيل المزروعة حالياً وفق الكتاب السنوي الإحصائي السنوي بقدر (خمسة مليار م3)، مبيناً أن الاتجاه لجعل الزراعة في بيوت محمية بالكامل أمر صعب جداً، ولن تتم الاستطاعة على إنتاج بعض المحاصيل كالبطاطس والقمح، كما أن فلسفة الإكتفاء الذاتي غير موجودة، داعياً إلى إلغائها، وتحقيق جزء من الأمن الغذائي، واستيراد ما تبقى.

  وأضاف أنه كان مشرفاً فنياً في مبادرة الملك عبدالله للاستثمار الزراعي، حيث زار برفقة وفد كل من "تركيا" و"كازاخستان" و"فيتنام"، حيث تُعد من الدول الواعدة للاستثمار الزراعي الخارجي، فإذا استطعنا إيجاد توليفة حقيقية لخدمة الأمن الغذائي للمملكة من خلال الجزئيات الثلاثة، فإننا نسير في الطريق الصحيح.

ترشيد حقيقي

  وتداخل "م.محمد القويحص" حول ترشيد استهلاك المياه، وقال: نحتاج إلى ترشيد حقيقي؛ سواء في منازلنا، أو في الزراعة، أو في التسربات، مع إيجاد إدارة متكاملة للمياه المتوفرة، إلى جانب إيجاد أطلس زراعي؛ لتحديد الميزة النسبية للمناطق على مستوى المملكة حتى نستطيع تحديد ماذا نزرع هنا أو هناك، إلى جانب اتخاذ قرار واضح وصريح بخصوص الأعلاف ومدخلاتها، والاعتماد على مصانع الأعلاف بدلاً من زراعة الأعلاف، داعياً إلى الاعتماد على تخزين القمح لمدة عام؛ تفادياً لارتفاع أسعار المنتجات الغذائية، إلى جانب إعادة النظر في الدعم الزراعي في حين أننا مازلنا ندعم النخيل والآن لدينا ما يزيد على (20 مليون) نخلة!.

سياسة زراعية

  وعلّق "د.السعود" قائلاً: جرى في الفترة الماضية تصحيح للسياسة الزراعية، ويوجد توافق بين وزارتي "الزراعة" و"المياه" في الخط العام، وأرى أن تحول القطاع الزراعي من النمطية الموجودة يعد أحد التحديات أمامنا، إذ أنه بالإمكان أن ينتج القطاع الزراعي بثلث الكمية الموجودة من المياه المستخدمة.

  وأضاف: محصول القمح والأعلاف يعطيان عائداً اقتصادياً سلبياً للمنظومة الزراعية، بينما يوجد نشاطات زراعية أخرى لم يتم التطرق إليها على الرغم من أنها تؤدي دوراً مهماً للاقتصاد الوطني، مثل زراعة الدواجن التي لا تعتمد على منتجات محلية، بل تعتمد على منتجات عالمية؛ لهذا فإنني أرى ضرورة اتخاذ إجراء تصحيحي لتحويل النمط الزراعي القائم إلى نمط حديث.
د.محمد السعود مستعرضاً أكثر مواقع استهلاك المياه على الخارطة

«المياه» أقوى حجة بالأرقام و«الزراعة» تخشى البديل..و«المزارع ضحية»!

  استعرض "د.محمد السعود" -مدافعاً عن سياسات ترشيد استهلاك المياه-، و"م.عبدالله الهندي" -مدافعاً عن سياسات دعم القطاع الزراعي- وجهتي نظرهما من موضوع الندوة، وبقيت أفكارهما المطروحة مقنعة لجانب دون آخر، ولكنها تبقى مهمة في تحديد الرؤية المستقبلية لصانع القرار.

وجهة نظر الزراعة

- تطبيق القرار (335) أعطى نتائج عكسية مثل التوجه إلى إيقاف زراعة القمح بحثاً عن ترشيد المياه.

- زراعة البرسيم تستهلك (35 ألف م3) للهكتار، بينما يستهلك القمح (سبعة آلاف م3) للهكتار الواحد.

- تقنين الزراعة بطرق ووسائل تساعد على استدامة زراعة المحاصيل الرئيسة.

- هناك سؤال مطروح في الساحة الزراعية عن مدى توفر بدائل بعض المحاصيل في المملكة.

- الإفادة من الأساليب الحديثة التي تعمل على رفع كفاءة استخدامات المياه، ورفع الكفاءة الإنتاجية باستخدام البذور الجيدة الملائمة.

- الإفادة من المميزات النسبية في المناطق وتوزيع المحاصيل حسب الميزات النسبية بها، من حيث درجات الحرارة ومدى توفر المياه.

- الاتجاه لزراعة الأعلاف كان لأسباب اقتصادية بحتة منها ارتفاع أسعار الماشية عالمياً، إلى جانب تدني أسعار القمح.

- المملكة تستورد (٥٠٪) من الشعير العالمي، وتوجد لديها ثروة حيوانية تبلغ (١٧) مليون رأس من المواشي.

- وقف تصدير الأعلاف إلى الخارج كان لحل مشكلة نضوب المياه.

- المناطق الصالحة للنشاط الزراعي داخلية وليست على الساحل.

- لمن ندفع ونشتري سبعة ملايين طن من الشعير المستورد؟، ولمصلحة من نستورد محصولاً استراتيجياً ورئيساً "القمح"؟

- هناك نماذج كثيرة يمكن أن تحقق قطاعاً زراعياً مستديماً ينتج المحاصيل الرئيسة في المملكة.

- لدينا أكثر من (٥٠) مليون شجرة من الفاكهة العبثية والترفيهية، وأكثر من (٢٠) مليون شجرة زيتون، وحوالي (٢٠) مليون شجرة من الحمضيات موزعة على مناطق المملكة المختلفة.

- جعل الصوامع تتسع ل(3.2) ملايين طن يجعلنا في وضع محرج عندما تأتي دورات الجفاف لدى الدول المنتجة.

وجهة نظر المياه

- الهدف من مراجعة سياسات ترشيد استهلاك المياه في القطاع الزراعي؛ هو إعادة النظر في النماذج والأساليب الزراعية المستخدمة، وليس إيقاف الزراعة تماماً.

- المملكة في الأصل دولة صحراوية، وبالتالي فإن توجهها القوي نحو الزراعة يكون عكس الطبيعة.

- لا نزال نفتقد إلى أطلس زراعي يحقق الميزة النسبية للمناطق، كما لا يوجد نظام مياه خاص بمجال الزراعة.

- عدم وجود استراتيجية مشتركة بين "المياه" و"الزراعة" تسبب في فجوة كبيرة بين القطاعين.

- وقف توزيع "الأراضي البور" كان للحد من توسع القطاع الزراعي.

- إيقاف حفر الآبار في الأراضي الجديدة والمناطق ذات الموارد المائية غير المتجددة.

- المياه الموجودة في المملكة التي تروى بها المزارع غير متجددة وتدخل في حكم التعدين.

- تكاليف ضخ مياه التحلية قد تفوق تكاليف الإنتاج، وهي ثابتة مهما كانت المبالغة في الرؤية المستقبلية ل"طبوغرافية" أرض المملكة.

- نستنزف "البترول" و"الديزل" لإنتاج كمية مياه، مع أنّ المياه الجوفية موجودة ونستهلكها في أشياء ليس لها جدوى اقتصادية.

- وجود محطات التحلية على الشاطئ فيه مخاطرة أمنية، والمياه الجوفية آمنة جداً وغير مقلقة وبعيدة عن تعرضها للتخريب.

- كميات المياه التي نستهلكها يومياً تعادل (34%) من "مياه النيل" السنوي.

- المياه التي تُستهلك في المملكة من محطات التحلية تعادل جريان "نهر الراين" الموجود في ألمانيا ب(16) مرة.

- المياه التي تُستهلك في المملكة من محطات التحلية تعادل مليونين وستمائة وستة عشر ألف وايت يومياً.

- من غير المعقول أن نضيّع كميات هائلة من المياه في محاصيل لا تعطي قيمة مضافة بالنسبة للوطن.

- قيمة "الديزل" الذي يستهلك في إنتاج المحاصيل كافٍ لأن نشتريها من السوق العالمي.

- بلغ الاستهلاك حوالي (١٤٢ بليون م٣) وهذا يعادل إنتاج التحلية خلال (٥٠٠) عام القادمة، واستهلكت في محاصيل الأعلاف والقمح والنخيل وهذه تعد من المحاصيل الأساسية.

- العديد من الشركات الزراعية والمزارع فردية لا تعتمد على التقنية الحديثة.

م.الهندي والمعمر دافعا عن وجهة نظر دعم القطاع الزراعي والمزارعين

المشاركون في الندوة
د. محمد السعود وكيل وزارة المياه والكهرباء لشؤون المياه
م. عبدالله العوين مدير صندوق التنمية الزراعي
م. محمد القويحص عضو مجلس الشورى
م. عبدالله الهندي باحث ومتخصص في شؤون المياه
م. فهد المعمر نائب مدير عام الإدارة العامة لشؤون الري بوزارة الزراعة

حضور «الرياض»
راشد الراشد
د. أحمد الجميعة
خالد الربيش
راشد السكران
علي الزهيان
منيف العتيبي
نايف الوعيل
هشام الكثيري
طلحة الأنصاري
نضوب عيون الأفلاج «بحيرة ليلى»
تقنين زراعة البرسيم يحد من هدر الماء
ما يستهلك من المياه الجوفية غير المتجددة 520 ألف م3 في كل 18 دقيقة
كمية مياه الري المستخدمة لمحصولي القمح والأعلاف لعامي 2005-2011
الاحتياجات المائية الكلية الموسمية بالمتر المكعب للهكتار لأهم المحاصيل الزراعية
حجم استهلاك المياه خلال الفترة من 2005-2011 (مليون متر مكعب)


هناك تعليق واحد:

  1. شركة نظافة خزانات بمكة
    للحصول على عزل خزانات بمكة بأعلى مستوى وافضل صورة عليك الاتصال بنا نحن شركة نظافة خزانات بمكة لديها الخبرة فى تقديم جميع الخدمات التى بها تستطيع ان تحصل على مياه نظيفة تماما خالية من الجراثيم والميكروبات بالاضافة الى اننا نوفر تنظيف خزانات بمكة بأقل تكلفة ممكنة فأسعارنا ليس لها منافس
    عزل خزانات بمكة
    https://elbshayr.com/6/Cleaning-tanks

    ردحذف