الصفحات

الاثنين، 8 يوليو 2019

التغير المناخي وأثاره الموقعة على الإنسان والبيئة في الوطن العربي - أ.د. خلف حسين علي الدليمي


التغيير المناخي وأثاره المتوقعة على الإنسان والبيئة في الوطن العربي 


الدكتور خلف حسين علي الدليمي 

أستاذ الجغرافيا المشارك 

جامعة الأنبار- كلية التربية للبنات - قسم الجغرافيا 


بحث مقدم إلى المؤتمر العلمي الأول لمركز دراسات الصحراء في جامعة الأنبار للفترة من 22 إلى 24/12/2009 تحت شعار (بالتنمية المستدامة نجعل صحراء العراق مستقبل أجيالنا القادمة) 


د.خلف حسين علي 


المجلة العراقية لدراسات الصحراء - جامعة الأنبار - المجلد 2 - العدد 2 - 2010 - ص ص 143- 177 


Abstract

  Climate change and its expected impact on humans and the environment in the Arab World 

  The world is facing a change climate clear result of high temperatures and the consequent change in air pressure and direction, wind speed, precipitation, and resulted in a change in the environment and the activity of human and climate change will have negative effects on developing countries and underdeveloped more developed, there will be a change in water quality and quantity Agricultural production, namely that the basic elements of human life, food, water, energy meter, And the Arab region from the areas that face the impacts of climate change on all areas of economic and environmental impacts of not taking the necessary measures to Confrontation climate change, in this research will address the causes of climate change and anticipated problems in the world in general and the Arab world in particular and ways to meet that, In this paper we address the fundamental aspects of the subject, which included eight sections are: 

first Section - global warming and climate change 
Section two - evidence of climate change 
Section III - anticipated problems resulting from climate change 
Section IV - Indicators of Climate Change in the Arab region 
Section V - Analysis of monitoring data for some climate monitoring stations in the Arab world: 
Section VI - effects of climate change expected in the Arab World 
Section VII - the expected results of climate change in the Arab World 
Section VIII - Strategies for Confronting Climate Change in the Arab World. 

  It was clear from that study climate change in the Arab region features and clear through high temperatures and the change in the amount of rain falling, and weather events is familiar from hurricanes and dust storms, and others, has been the adoption of an analysis of some of the climate data available for the purpose of reaching the results of high accuracy away for predictions 

ملخص البحث 

  يواجه العالم تحديا كبيرا نتيجة التغير المناخي الناتج عن ارتفاع درجة حرارة الارض،والتي ترتب عليها تغير في الضغط واتجاه وسرعة الرياح والتساقط،والتي انعكست اثارها على البيئة والنشاط البشري،وقد كانت النتائج سلبية في العديد من الدول،حيث نتج عن التغير المناخي تغير في كمية ونوعية المياه والانتاج الزراعي،وقد انعكست اثار ذلك سلبا على عناصر الحياة الاساسية المتمثلة بالغذاء والماء والطاقة،وتعد المنطقة العربية من المناطق التي ستواجه تأثير التغير المناخي بشكل واضح اقتصاديا وبيئيا،وانها لم تتخذ الاجراءات المناسبة للحد من تلك التحديات،ففي هذا البحث تم تناول الجوانب الاساسية المتعلقة بالموضوع والتي شملت ثمانية مباحث هي:المبحث الأول- الاحتباس الحراري والتغيير المناخي،المبحث الثاني- دلائل التغيير المناخي،المبحث الثالث- المشاكل المتوقعة الناتجة عن التغيير المناخي،المبحث الرابع- مؤشرات التغيير المناخي في المنطقة العربية،المبحث الخامس– تحليل بيانات الرصد المناخي لبعض محطات الرصد في الوطن العربي،المبحث السادس – أثار التغير المناخي المتوقعة في الوطن العربي،المبحث السابع- النتائج المتوقعة للتغيير المناخي في الوطن العربي، المبحث الثامن- إستراتيجيات مواجهة التغيير المناخي في الوطن العربي. 

  وقد اتضح من تلك الدراسة ان التغير المناخي في المنطقة العربية معالمه واضحة من خلال ارتفاع درجات الحرارة والتغير في كميات الامطار الساقطة،والاحداث المناخية غير المألوفة من اعاصير وعواصف ترابية،وغيرها،وقد تم اعتماد تحليل لبعض البيانات المناخية المتاحة لغرض التوصل الى نتائج عالية الدقة بعيدا عن التكهنات والتوقعات. 

الكلمات الدالة: التغير المناخي - حرارة الأرض - دلائل - أثار - المتوقع 

المقدمة 

  يعد التغيير المناخي من أكثر التحديات التي ستواجه الإنسان في القرن الحالي,وذلك لما يترتب عليه من مشاكل تهدد عناصر حياة الإنسان بشكل مباشر,حيث تؤثر تلك التغييرات على مصادر المياه والطاقة والإنتاج الزراعي بنوعيه النباتي والحيواني,كما يحدث أعادة توزيع في النظم البيئية المختلفة,وتعد منطقة الشرق الأوسط ومنها المنطقة العربية من بين المناطق التي ستشهد تغيرا مناخيا كبيرا تنعكس أثاره المباشرة وغير المباشرة على حياة الإنسان الذي يعيش في تلك المنطقة,اذ تمثل التضاريس والمناخ عناصر الطبيعة التي تخضع لها نشاطات الإنسان وسلوكه,حيث تختلف خصائص المناخ من مكان لأخر على سطح الأرض,لذا كيف الإنسان نفسه للعيش في المكان الذي نشأ فيه مهما كان قاسيا,وعندما يحدث تغير في حرارة الأرض هذا يعني تغير الأنماط البيئية التي ترتبط بها حياة الإنسان, فالمنطقة العربية تعاني من هيمنة الصحراء التي تشكل أكثر من 80% من مساحتها.ومن شحة المياه ونقص في الطاقة,وتراجع في الإنتاج الزراعي لتحول مساحات واسعة من الأراضي المزروعة الى ارض متصحرة غير منتجة لاسباب طبيعية وبشرية,وفي نفس الوقت يزداد عدد سكان العالم العربي بوتيرة عالية لاتقل عن3%,لذا فنحن بحاجة الى زيادة مساحة الارض الزراعية وكمية المياه والطاقة لتلبية حاجة الزيادة السكانية المستمرة, وسد النقص في حصة الفرد الحالية,حيث تعد قليلة جدا وفق المعايير العالمية,فالمياه في اغلب الدول العربية قليلة جدا من حيث الكم وغير صالحة للاستعمال البشري من حيث النوع ,وخاصة في دول الأنهار,وكذلك الطاقة فهي اقل مما يحتاجه الفرد بكثير,وكذلك الحال الغذاء,وبما انه نحن مقبلون على تغير في النظم المناخية والبيئية والتي تنعكس على عناصر حياة الإنسان,والتي تكون سلبا على مناطق واسعة من العالم وخاصة المتخلفة لعدم قدرتها على مواجهة التحديات رغم امتلاكها الإمكانات ولكن لسوء الإدارة,وعدم التخطيط لاستغلال مواردها بشكل امثل ووضع بدائل لمواجهة الصعاب,لذا ستكون تلك الدول أكثر تضررا من التغيرات المناخية التي بدأت دلائلها تلوح بالأفق منذ بداية هذا القرن, ونحن جزء من العالم الذي تتحرك فيه الدول المتقدمة تكنولوجيا لمواجهة التحديات ومن بين خططها وضع يدها على خيرات الدول الفقيرة وبشتى الوسائل,وفي هذا البحث سيتم التركيز على ما ستتعرض له المنطقة العربية من اثار نتيجة التغير المناخي ومن الله التوفيق. 

هدف البحث: 

 يهدف البحث إلى توضيح عدد من الحقائق حول التغيير المناخي في العالم بصورة عامة والمنطقة العربية بصورة خاصة,حيث توجد الكثير من البيانات والمعلومات التي تتعلق بالتغيير المناخي وأثاره ومشاكله المستقبلية والتي بدآ مفعولها منذ الوقت الحالي وخاصة بداية القرن (21),وتوضيح السيناريوهات المتوقعة لأثار التغيير المناخي على المنطقة العربية,والستراتيجيات التي يمكن اتخاذها لمواجهة تحديات التغيير المناخي. 

أهمية الدراسة: 

   تكمن أهمية الدراسة في عرض بيانات ومعلومات حول التغيير المناخي وآثاره على المنطقة العربية ليكون المواطن العربي على بينة عما سيحدث من تطورات نتيجة التغيير المناخي والعواقب الوخيمة التي قد تحل بنا اذا لم تتخذ الإجراءات المناسبة للحد من تلك التحديات. 

منهجية الدراسة: 

   تعتمد منهجية الدراسة على التحليل والاستنباط والاستنتاج اعتمادا على ما متاح من بيانات ومعلومات والتي تتمثل ببحوث و تقارير أعدتها جهات رسمية دولية ولجان متخصصة أو بحوث مقدمة إلى مؤتمرات علمية خاصة بالتغيير المناخي,فضلا عن تحليل بيانات مناخية شملت العقد الأخير من القرن الماضي والعقد الأول من القرن الحالي,والذي يمثل البداية الحقيقية للتغير المناخي الذي شهدته الكرة الأرضية 

المبحث الأول- الاحتباس الحراري والتغيير المناخي: 

أولا- تعريف التغير المناخي والاحتباس الحراري 

  قبل الخوض في الموضوع لابد من الإشارة إلى بعض المفاهيم ذات الصلة بالموضوع,حيث يوجد تغيير مناخي فصلي والمتمثل بالفصول الأربعة هي الصيف والشتاء والربيع والخريف,كما يوجد ما يسمى بالدورة المناخية,والتي تتمثل بوقوع أحداث مناخية كل فترة معينة من الزمن تصل الى عشرات السنوات,مثل حدوث موجة حر او موجة برد او تساقط ثلوج,كل ذلك لا يدخل ضمن التغييرات المناخية التي بدأت معالمها والتي ستزداد وضوحا وتأثيرا بمرور الزمن. 

  اما التغيير المناخي الناتج عن الاحتباس الحراري فيعني حدوث اختلال في عناصر المناخ المختلفة من حرارة ورياح وتساقط,حيث يحدث تغير في الأنماط المألوفة لتلك العناصر على سطح الأرض ,أي وقوع أحداث مناخية غير مألوفة من قبل,مثل تغيير في الحرارة ارتفاعا او انخفاضا,وتغير في الضغط الجوي , واتجاه وسرعة الرياح,ونوع وكمية التساقط, والتي يترتب عليها نتائج سيئة على البيئة والإنسان ونشاطاته. 

والاحتباس الحراري يعني ارتفاع درجات حرارة سطح الأرض عن معدلاتها الطبيعية بسبب حدوث عدم توازن في نسب الغازان المكونة للغلاف الجوي,والناتج عن النشاط البشري. 

  إن جو الأرض يضم غازات مختلفة تعمل بشكل منتظم في تحقيق التوازن بين عناصر الحياة المختلفة,فالإنسان يستنشق الأوكسجين ويعطي ثاني اوكسيد الكربون,والنبات عكس ذلك يأخذ ثاني اوكسيد الكربون ويعطي الأوكسجين,فيحدث توازن بين ما ينتج ويستهلك,وان أي توقف في احد المصدرين سيخلق خللا في الموازنة,وهذا ما حدث عندما تهور الإنسان لجشعه وعمل على قطع مساحات واسعة من الغابات وإنشاء الملايين من المصانع الملوثة للبيئة ,فضلا عن زيادة عدد سكان الكرة الأرضية, فنتج عن ذلك حدوث خلل في التوازن البيئي وهي زيادة نسبة ثاني اوكسيد الكربون,والتي انعكست أثارها سلبا على أداء مهام هذا الغاز في الغلاف الجوي ومنها تنظيم حرارة الأرض,حيث يعمل على الحد من تسرب حرارة سطح الأرض إلى الفضاء الخارجي, لذا أسهم مع الغازات الأخرى في توفير البيئة المناسبة لإدامة الحياة البشرية فوق كوكب الأرض, اذ يعمل غاز ثاني اوكسيد الكربون وبخار الماء والغبار الكوني والميثان وغاز فلوريد الكلور في الحفاظ على حرارة الأرض التي تصل إليها من الشمس دون ضياعها ,ولولا ذلك لكان معدل درجات الحرارة على سطح الأرض في حدود 18 درجة مئوية تحت الصفر بدلا من 15 درجة مئوية فوق الصفر ,إن هذا المستوى الحراري هو ناتج عن وجود مجموعة تلك الغازات بنسب طبيعية متوازنة أدت الى تهيئة أجواء مناخية على سطح الأرض ملائمة لمتطلبات الحياة,ألا إن النشاط البشري أثر بشكل كبير على نسب تلك الغازات التي تسهم في المحافظة على حرارة الأرض مما احدث اختلالا في التوازن الطبيعي لعمل تلك الغازات,فنتج عن ذلك مشاكل بيئية وصحية بالغة الخطورة , فقد نتج عن احتراق المواد التي تستعمل كوقود( البترول,الغاز الطبيعي,الفحم) زيادة نسبة بعض الغازات عن نسبتها الطبيعية,فادى ذلك إلى منع اكبر نسبة من الحرارة المنبعثة من الأرض من الهروب خارج جو الأرض,فادى إلى ارتفاع درجة حرارة سطح الأرض بشكل كبير(بيوار خنسي2005).(1) 

  وقد ترتب على ذلك حدوث زيادة تدريجية في درجة حرارة طبقة التروبوسفير الملامسة لسطح الأرض ,نتيجة لزيادة انبعاث غازات الصوبة الخضراء green house gases ، فمنذ بداية الثورة الصناعية وغازات الصوبة الخضراء من بخار الماء، وثاني أكسيد الكربون، وميثان،وأكسيد النيتروز والأوزون زادت نسبتها في الجو,وتعمل تلك الغازات على امتصاص جزء من الأشعة تحت الحمراء التي تنبعث من سطح الأرض كانعكاس للأشعة الساقطة على سطح الأرض من الشمس، وتحتفظ بها في الغلاف الجوي للأرض,لتحافظ على درجة حرارة الأرض في معدلها الطبيعي,ويمكن توضيح ذلك كما يلي: 
1- الجزء الحراري من أشعة الشمس الذي يصل إلى محيط الغلاف الجوي الخارجي يعادل وسطيا 342 وحدة حرارية (واط.. لكل متر مربع) من سطح الأرض,وينعكس منها الى المحيط الخارجي مباشرة 107، ويدخل إلى الغلاف الجوي235 وحدة حرارية, يمتص الغلاف الجوي 67 منها، ويصل إلى القشرة الأرضية 168 وحدة حرارية لكل متر مربع. 
2- ويصدر من القشرة الأرضية الى الجو ما يعادل 390 واط لكل متر مربع من الإشعاعات الحرارية,فيمتص الغلاف الجوي منها 350 وحدة وينطلق 40 فقط إلى الطبقات العليا. 
وفي الطبقات الجوية العليا تضيف السحب ما يعادل 30 وحدة حرارية كما تضيف طبقات الغلاف الجوي 165،إضافة إلى ما يصل من الإشعاع الحراري الأرضي البالغ 40 وحدة حرارية,أي ما يصل إلى الفضاء الجوي الأعلى يساوي 235 وحدة حرارية,شكل رقم(1) يبين طبيعة التوازن الحراري بين الجو والأرض.. 
3- إن ما يسمّى الغازات الحرارية في الغلاف الجوي (بخار الماء وثاني اوكسيد الكربون وغيرها..) والمتميزة عن غيرها بامتصاص الأشعة فوق الحمراء الشمسية, وصدور إشعاعات حرارية عنها، تطلق نحو القشرة الأرضية وبما يعادل 324 واط لكل متر مربع. 
4- جميع الأرقام المذكورة أعلاه هي متوسطات، إذ تختلف القيم من منطقة إلى أخرى على سطح الأرض، ومن فترة لأخرى من فترات السنة، وكذلك بحسب اختلاف توزيع الغازات في الغلاف الجوي، واختلاف نسبة السحب، واختلاف سمك طبقة الأوزون العليا. 

   وهذه الحصيلة الأخيرة للدورة الحرارية الطبيعية هي التي تضمن الحفاظ على متوسط حرارة سطح الأرض الذي يسمح بالحياة البشرية والحيوانية والنباتية عليها، فإذا زادت نسبة الغازات الحرارية ازداد تسخين الأرض فوق متوسط درجة حرارة الأرض. 

شكل رقم(1) يبين طبيعة التوازن الحراري بين الجو والأرض 


  وفي نطاق هذه الدورة الحرارية الطبيعية توجد دورات طبيعية عديدة تتكامل مع بعضها بعضا في هذه المعادلة، أهمها: 
1- دورة تبخر مياه المحيطات، وهطول الأمطار، علما بأن نسبة وجود بخار الماء في الغلاف الجوي لها دور كبير في موازنة ما يصل من الإشعاعات الحرارية إلى سطح الأرض. 
2- دورة ثاني اوكسيد الكربون،ويعد الفحم من مصادر انطلاقه الطبيعية، وكذلك دورة التنفس البشرية والحيوانية، مقابل الدورة المعاكسة الناتجة عن التركيب الخضري للنبات، وهنا يكون لمعدل انتشار الغابات وغيرها من المزروعات دورا في حفظ توازن هذه الدورة. 

ان التغير المناخي يحدث بسبب زيادة نسبة ثاني اوكسيد الكربون والذي تسبب في ارتفاع حرارة سطح الأرض,وترتب على ذلك تغير الضغط الجوي,والذي يرتبط به تغير سرعة واتجاه الرياح,والتي يرتبط بها الرطوبة والجفاف,واللذان ينتج عنهما تغير بيئي وبايلوجي ومن ثم نمط حياة الإنسان,مخطط رقم(1) يوضح العلاقة بين التغير المناخي والعناصر الأخرى. 

مخطط رقم(1) يوضح العلاقة بين التغير المناخي والعناصر الأخرى


ثانيا- نسبة مساهمة مكونات الغلاف الجوي في الاحتباس: 

   تتفاوت نسبة مساهمة الغازات الرئيسية في ظاهرة الاحتباس الحراري، وهذا يعود إلى تأثير ثلاثة عوامل هي: 
1- كمية الغاز: اي كمية الغاز المنبعث بسبب النشاط الصناعي من الأرض إلى الغلاف الجوي. 
2- الخصائص النوعية للغاز: ويعني الخواص المميزة للغاز من حيث نسبة امتصاص الحرارة ومن ثم نسبة إسهامه في رفع حرارة ما يحيط به من مواد. 
3- عامل التحلل: ويتمثل بطول فترة بقاء الغاز على حالته الاعتيادية دون ان يتحلل, وبالتالي بقاء مفعوله مستمرا قبل أن يتحلل في الغلاف الجوي إلى عناصر أخرى لا تسبب امتصاص الحرارة. 

  ويمكن توضيح درجة تفاوت تأثير الغازات في الاحتباس الحراري وكما يلي: 

أ- بخار الماء: 
يساهم بخار الماء الصادر عن المحيطات والمسطحات المائية وغيرها بنسبة 60% من التوازن في الدورة الحرارية الطبيعية, فبخار الماء يحجب جزءا من الأشعة تحت الحمراء الشمسية، فيخفف من ارتفاع حرارة القشرة الأرضية، كما يحد من انطلاق الأشعة الحرارية الصادرة من الأرض الى الفضاء الكوني. 
  ولا تسبب زيادة انطلاق بخار الماء نتيجة الأنشطة البشرية خللا كبيرا في هذه المعادلة بصورة مباشرة، ولكن له تأثير سلبي غير مباشر من خلال تكون السحب (التي لها دورها السالف الذكر في الدورة الحرارية). كما يتضاعف هذا التأثير لسبب آخر، وهو أن ازدياد متوسط حرارة القشرة الأرضية يزيد بدوره من كمية بخار الماء المتصاعد. 
  ورغم ذلك يبقى الجانب السلبي لتأثير بخار الماء في محصلته النهائية دون مستوى تأثير الغازات الأخرى في الاحتباس الحراري. 

ب-غاز ثنائي أكسيد الكربون CO2 

  تعد الثورة الصناعية والتطور التكنولوجي الذي شهده العالم السبب في زيادة تركز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، بسبب إحراق الوقود الأحفوري الذي يطلق ثاني أكسيد الكربون كمادة ناتجة ،وقد توقع البعض استفادة النبات من زيادة ثاني أكسيد الكربون في الجو ،إلا أن زيادة نسبته عن الحد الطبيعي ألحق ضررا كبيرا بالكائنات الحية ذات البناء الضوئي. 

  ومن مصادر إنتاج هذا الغاز احتراق القمامة والمواد العضوية كالفحم أو البترول أو الغاز الطبيعي( الوقود الأحفوري). 

C+O2 ------ CO2 و CH4+O2-------- CO2+H2O 

  ومن مصادره الأخرى تحلل المكونات العضوية ,و تخمر المواد السكرية سواءً كان كيميائياً أو بيولوجياً . 

   وعليه فهو ينتشر في الفضاء بغزارة ولكن عملية الاتزان البيئي المتمثلة بإذابته في مياه البحار والمحيطات مكونة حامض خفيف يعرف بحامض الكاربونيك H2CO3 ,والذي يتفاعل مع بعض الرواسب مكوناً بيكاربونات وكربونات الكالسيوم,وتساهم النباتات أيضاً في استخدام جزء كبير من غاز ثاني اوكسيد الكربون في عملية التمثيل الضوئي,غير أن إزالة الغابات النباتية واستبدالها بغابات أسمنتية,أدى إلى فقدان التوازن الطبيعي و زيادة نسبة غاز ثاني اوكسيد الكربون في الجو . 

   وهو غاز غير سام للأحياء ويوجد في نسبه حجميه تساوي 0.033% في الهواء الجاف غير الملوث وهذا الغاز هو أساس ديمومة الإنتاج الغذائي على سطح الأرض إذ تقوم النباتات بعملية البناء الضوئي وتنتج الأكسجين وهو الأساس لحياة الكائنات, وتنتج المواد العضوية التي تمثل الإنتاج النباتي,أن تركز هذا الغاز في زيادة مستمرة في الجو وسيؤدي إلى الحد من انتشار الحرارة من جو الكرة الأرضية إلى الفضاء الخارجي مما سيتسبب اَ في ارتفاع معدلات درجات الحرارة على سطح الأرض(فاروق ابو طعمه 2008).( 2) 

  وتشير الدراسات المتعلقة بالتغيير المناخي ان نسبة الغاز تزداد بشكل مستمر ,ومن المتوقع إن تصل إلى معدلات عالية في غضون منتصف القرن الحالي,حيث كانت حوالي 280 جزء بالمليون في بداية الثورة الصناعية,وارتفعت الى حوالي 380 جزء بالمليون عام 2000 ومن المحتمل إن يرتفع إلى 500 جزء بالمليون في غضون عام 2040 والى أكثر من 900جزء بالمليون في سنة 2100, اا ما استمرت نسبة انبعاث الغاز في الجو على ما هي عليه ,شكل رقم(2) يبين تطور نسبة غاز ثاني اوكسيد الكربون في الجو. 

شكل رقم(2) يبين تطور نسبة غاز ثاني اوكسيد الكربون في الجو. 


  وقد ازداد مقدار تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي حوالي30% عما كان عليه قبل الثورة الصناعية.( 3) 

  وفي الوقت الذي تزداد فيه نسب ثاني اوكسيد الكربون في الجو فأن الغطاء النباتي يتراجع والذي يمثل المستهلك الأساسي لثاني اوكسيد الكربون,والذي قد يذوب بعضه في الأمطار الساقطة ويتحول إلى أمطار حامضية تضر بالتربة والمحاصيل الزراعية والمياه الجوفية. 

  وقد يؤدي الاحتباس الحراري إلى خفض تساقط الأمطار على الأرض،فتتصحر بعض المناطق,ولم تعد ملائمة لإنتاج معظم النباتات. 

   وتشير الدراسات المتعلقة بالتغير المناخي ان العلاقة بين ارتفاع درجة حرارة الأرض وارتفاع نسبة غاز ثاني اوكسيد الكربون كبيرة,واذا ما وصلت إلى 500 جزء بالمليون في الجو سوف يؤدي الى ارتفاع درجة حرارة الأرض الى حوالي 4 ْ م فوق معدلاتها الاعتيادية,شكل رقم( 3)يوضح العلاقة بين ثاني اوكسيد الكربون وحرارة سطح الأرض. 

شكل رقم( 3)يوضح العلاقة بين ثاني اوكسيد الكربون وحرارة سطح الأرض.


3-غاز الميثان CH4 

  يعد من الغازات الناتجة عن عمليات الاحتراق وتحليل البكتريا للعناصر العضوية,وخاصة في مواقع تجميع النفايات,والذي تزداد درجة تركيزه بمعدل سنوي مقداره( 1 % )تقريباً ,ونسبة امتصاصه للأشعة تحت الحمراء 15% ,وقد أثبتت تجربة علمية جديدة أن غاز الميثان المنبعث من قطعان الماشية يفوق تأثيره على الاحتباس الحراري لغاز CO2 المنبعث من المصادر الحرارية,و تساهم الماشية في إنتاج الميثان عن طريق التقيوء من الفم أو الغاز المتكون في الأمعاء,ويذكر أن هذه التجربة جاءت في أعقاب الاحتجاجات الدولية العديدة على أمريكا لعدم توقيعها اتفاقية كيوتو التي تنص على خفض حجم الغازات المنبعثة من المزارع والمؤسسات الصناعية والتي تملك أمريكا وحدها مساحات شاسعة منها . 

  وعندما ينتقل غاز الميثان إلى طبقة الستراتوسفير فإنه يتحلل إلى كربون وهيدروجين, فتتحد ذرات الكربون مع الأكسجين لتكون غاز CO2 , أما الهيدروجين فيتحد مع الأكسجين ليكون بخار الماء ,لذا فإن غاز الميثان يتجاوز في قدرته كغاز طبيعي المنشأ قدرة غاز CO2 بثلاثين مرة, لكنه أقل تركيزا في الغلاف الجوي.(4 ) ويستخدم في تقدير كميات الميثان كغازات منبعثة إلى الفضاء الجوي وحدة قياس تعتمد على معادلته مع ثاني أوكسيد الفحم، فكميته تبلغ ما يعادل حوالي 6 مليارات طن (معادل لثاني أوكسيد الفحم) وهذا مقابل 550 مليار طن لثاني أوكسيد الفحم في الغلاف الجوي (عامل الكمية). وكانت نسبة الميثان في الغلاف الجوي في حدود 660 طنا معادلا لثاني أوكسيد الفحم قبل الثورة الصناعية. ففي الوقت الحاضر ينبعث من الأرض إلى الغلاف الجوي حوالي 500 طن من غاز الميثان سنويا (70 في المائة منها بمفعول النشاط البشري, كالصناعة ورعاية الماشية). 
  رغم أن غاز الميثان يؤثر على الاحتباس الحراري بقوة تعادل حوالي 23 ضعف تأثير ثاني أوكسيد الفحم (عامل النوعية)، لكنّ كمية انبعاثه المنخفضة نسبيا تجعل حصيلة هذا التأثير دون 20 %، إضافة إلى اختلاف الميثان عن ثاني أوكسيد الفحم من حيث سرعة تفككه في الغلاف الجوي إلى مكوّنات غير ضارة، وذلك خلال 9-15 سنة مقابل 120 سنة لثاني أوكسيد الفحم (عامل التفكيك). 
  ان المصادر الرئيسية لانبعاث الميثان المتعلقة بالنشاط البشري،موزعة مناصفة تقريبا بين غازات صناعية غير قابلة للتفكيك من وبينها الميثان، ورعاية الماشية بكميات ضخمة، فضلا عن وجد مصادر أخرى لانبعاث الميثان. 

4- النتروجين(الاوزوت) : 

  يحتل المرتبة الأولى من حيث نسبته في الغلاف الجوي والتي تصل الى أكثر من 78%,ويعد من الغازات المهمة,في تنظيم أشعة الشمس,حيث يعمل على انعكاس جزء من اشعة الشمس المارة بالغلاف الجوي. 

   ان كمية انبعاثه دون ثلاثة ونصف مليار طن معادل لثاني أوكسيد الفحم (مقابل 550 مليار طن) (عامل الكمية). قوة تأثيره في ظاهرة الاحتباس الحراري تعادل 310 أضعاف تأثير ثاني أوكسيد الفحم (عامل النوعية)، ويتفكك في الغلاف الجوي خلال حوالي 100 عام (عامل التفكيك). كما ان نسبة انبعاثه نحو الغلاف الجوي منخفضة نسبيا، وتبقى حصيلة نسبة تأثيره على الاحتباس الحراري ما بين 5 و6 %. ومن مصادر هذا الغاز الماشية في الدرجة الأولى,مع مصادر أخرى. 

5- المركبات الأخرى: 

  يعد الفلور الذي يدخل في تركيب بعض المركبات عنصرا رئيسيا يسهم في عملية الاحتباس الحراري ولكن يأتي في مرتبة متأخرة، وتوجد غازات أخرى في الغلاف الجوي لها نفس الخصائص مثل اوكسيد النيتروز ومركبات الكلوروفلوروكربون,كما تم اكتشاف غاز جديد يعد من الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري من قبل العالم النرويجي ويليام سترونج, ولا يزال هذا الغاز غامضاً إذ لم يتعرف الكيميائيون على كل خواصه, وقد عرفوا تركيبه الذي جاءت منه صيغته الكيميائية ( ثلاثي فلور الميثايل خامس فلوريد الكبريت ). 

  وتظهر التجارب والدراسات إن مقدار تركيز الميثان ازداد إلى ضعف مقدار تركيزه قبل الثورة الصناعية،وكذلك الكلوروفلوركاربون ازداد بمقدار 4% سنويا عن النسب التي كان عليها،أما اوكسيد النيتروز فأصبح أعلى بحوالي 18% من مقدار تركيزه قبل الثورة الصناعية 

6- الأوزون 

   يعد الاوزون من الغازات المهمة رغم قلته في الغلاف الجوي,حيث تعتمد فاعليته على سمكه في الطبقة الجو العليا (بين 20 و40 كيلومترا) لا تحتوي على بخار الماء، وتمتص الأشعة فوق البنفسجية الواردة من أشعة الشمس,والتي اذا ما زادت عن نسبتها الطبيعية ستكون لها أثار وخيمة على الإنسان والحيوان والنبات,وقد كان للتلوث الذي تتعرض له طبقات الجو العليا اثرا كبيرا على الأوزون والعمل على تحليله مما أحدث ثقوب في تلك الطبقة او إضعاف سمكها. 



المبحث السابع- النتائج المتوقعة للتغيير المناخي في الوطن العربي 

يتضح مما سبق من الدلائل والتحليل والتوقعات والأحداث المناخية التي وقعت وستقع في الوطن العربي,ان للتغير المناخي اثار متنوعة على الإنسان والبيئة والتي يمكن استعراض نتائجها وكما يلي: 

1- ارتفاع درجة الحرارة عن معدلاتها الاعتيادية,فمن المتوقع ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف بصورة غير مألوفة,وسيكون لذلك أثار كبيرة على حياة وصحة الإنسان,كما يكون لها اثر كبيرة على استهلاك الطاقة الكهربائية والمياه,والتي هي بالأساس غير كافية وتواجه الكثير من الدول العربية مشاكل كبيرة بتوفير ما يسد حاجة جميع السكان من تلك الخدمات. 

2- ارتفاع درجة حرارة الشتاء وخاصة في بدايته,حيث تميل الحرارة إلى الاعتدال كما هو في السنوات القليلة الماضية(2005-2009) حيث تأخر البرد عن مواعيده السابقة,وقد يحدث ارتفاع في درجة الحرارة في فصل الربيع مما يعجل بدخول الصيف مبكرا,فتطول فترة الصيف الحار. 

3- حدوث تغيرات مناخية مفاجئة وغير مألوفة,حيث تنخفض درجة الحرارة إلى درجة الانجماد,وفي مناطق لم تشهد مثل تلك الحالة من قبل,كما حدث في دول الخليج في السنوات الماضية والتي نتج عنها تساقط ثلوج مثلما حدث في رأس الخيمة وفي العراق والسعودية,وكذلك فصل الصيف فقد يشهد ارتفاعا في درجات الحرارة غير مألوفة,وقد يكون لتلك الظاهرة أثار وخيمة على الإنتاج الزراعي بنوعيه الحيواني والنباتي. 

4- تعرض معظم مناطق الوطن العربي إلى جفاف, لقلة الأمطار الساقطة,وهذا ما شهدته معظم الدول العربية في غضون السنوات الماضية, فيؤثر ذلك على احتياطي المياه السطحية والباطنية,والتي تمثل المصدر الرئيسي في اغلب الدول العربية بشكل مباشر والبعض الأخر غير مباشر مثل دول الأنهار,فيؤثر ذلك على كمية المياه التي يستخدمها الإنسان,وعلى الإنتاج الزراعي,لذا ارتفعت نسبة الأراضي المتصحرة في جميع الدول العربية ,وبدرجات متفاوتة,وربما تتعرض أجزاء محددة من الوطن العربي إلى زيادة الأمطار الساقطة ,او حدوث عواصف مطرية غزيرة وبشكل مفاجئ فتسبب خسائر مادية وبشرية كما حدث في السعودية بتاريخ 25/11/2009. 

5- حدوث تغيير في طبيعة الإنتاج الزراعي,فمن المتوقع اختفاء بعض المحاصيل الزراعية لعدم ملائمة المناخ اولشحة المياه,فلكل نبات متطلبات مناخية ومائية ,ونفس الشيء الإنتاج الحيواني,فان قلة توفر الغذاء النباتي يؤدي إلى انقراض بعض الحيوانات. 

6- ينتج عن التغيرات المناخية وما يرافقها من تغيرات في البيئة حدوث ارتفاع في أسعار بعض المحاصيل الزراعية الأساسية(القمح,الرز,الشعير,الذرة)مما يسبب أزمة كبيرة في توفير المواد الغذائية المهمة,وخاصة في الدول الفقيرة التي لا تستطع دعم المواطن في مواجهة مثل تلك الكوارث. 

7- حدوث بطالة واسعة في مجال النشاط الاقتصادي,اذ يقل عدد العاملين في النشاط الزراعي,كما يتوقع توقف العديد من الصناعات التي تعتمد على محاصيل زراعية أو منتجات حيوانية,وتنعكس أثار ذلك على النشاط التجاري والنقل,الذي يعتمد على الإنتاج الزراعي والصناعي,فيؤدي ذلك إلى فقدان الكثير من العوائل مصدر رزقها,ومن ثم انخفاض قدرتها الشرائية. 

8- تدني إنتاجية المحاصيل الإستراتجية الأساسية خاصة القمح والشعير,ومنذ أواخر القرن الماضي نتيجة لما يأتي: 

أ- قلة تساقط الأمطار أدى إلى توقف الزراعة الديمية(البعلية) والتي كانت تمثل احد المصادر الرئيسية في توفير تلك المحاصيل في الوطن العربي عامة,ويعد العراق من بين الدول التي عانت من ذلك منذ بداية القرن الحالي,فمنذ أكثر من عشر سنوات لم تسقط أمطار كافية لا نتاج القمح في المناطق الديمية. 

ب-نتج عن قلة التساقط انخفاض مناسيب المياه الجوفية والسطحية ومن ثم عدم توفر مياه كافية لزراعة المحاصيل الموسمية التي تحتاج إلى مساحة واسعة من الأراضي وكمية كبيرة من المياه,فنحسرت مساحة الأرض المزروعة إلى اقل مما كانت عليه. 

ت-تحول مساحة واسعة من الأرض الصالحة الزراعة التي تروى بالواسطة إلى غير منتجة بسبب ارتفاع نسبة ملوحتها وتوقف المشاريع الاروائية,لأسباب تعود إلى عدم توفر الطاقة أو نتيجة لعمليات التعرية والإرساب,كما حدث في العراق . 

ث- الزحف العمراني على مساحات واسعة جدا من الأراضي الزراعية,وهذا يعني فقدان مساحات كبيرة من الأرض التي تسقى بالري والتي كانت تمثل أهم مصدر للإنتاج الزراعي بنوعيه النباتي والحيواني,ففي منطقة الجزيرة شمال غرب الرمادي فقدت 60% من الأرض الزراعية المروية والمستصلحة بسبب التوسع العمراني الريفي ,وهذه مشكلة تعاني منها جميع الدول العربية. 

9- ينتج عن التغيير المناخي انتشار أمراض وأوبئة لتوفر البيئة المناسبة لعيش بعض الميكروبات والفيروسات والجراثيم والحشرات الناقلة للأمراض,كما سيكون لازمة الغذاء إذا ما حدثت دورا كبيرا في انتشار أمراض سوء التغذية. 

10- إن ارتفاع مناسيب مياه البحار والمحيطات المتوقع سيؤدي إلى أحداث تغيير في بيئة الشواطئ والسواحل, فمن المتوقع ارتفاع مناسيب البحار إلى ما يتراوح ما بين 15 إلى 60سم في حلول منتصف القرن الحالي (واحد وعشرين),وستنعكس أثار ذلك على تغيير البيئة الساحلية من خلال غمر المناطق المنخفضة منها,والتي ستؤثر على النشاط البشري الذي يمارسه الإنسان في تلك المناطق,فقد يؤدي ذلك إلى غمر مساحات واسعة من تلك المناطق,رغم إن ما يتوقعه العلماء هو غير مخيف كثيرا لأنه لا يتجاوز 50 سم,ولكن ربما يؤدي ارتفاع تلك المناسيب إلى توغل مياه البحر إلى المياه الجوفية العذبة فتعمل على رفع نسبة ملوحتها,خاصة القريبة من السواحل. 

11- قد يؤدي ارتفاع درجات الحرارة في المنطقة العربية إلى زحف المناخ المداري نحوها فينتج عن ذلك نشاط الأعاصير في تلك المنطقة,وسقوط أمطار غزيرة على جنوب الوطن العربي. 

12- يسبب ارتفاع درجات الحرارة زيادة نسبة التبخر من المسطحات المائية واليابس,والتي تكون لها أثار سلبية على زيادة حاجة النبات إلى الماء لتعويض النقص الحاصل بسبب التبخر,وربما تكن النتائج ايجابية في بعض المناطق اذا حدث تكاثف وادى إلى سقوط أمطار على المناطق الساحلية وبعض المرتفعات,والذي يمكن إن يعوض قلتها أو انعدامها في أماكن أخرى. 

13- من المتوقع ان يصاحب التغيير المناخي حدوث كوارث طبيعية غير مسبوقة مثل اتساع نطاق حدوث الأعاصير ليشمل منطقة البحر والخليج العربي,وخير دليل على ذلك ما تعرضت له سلطنة عمان والذي نتج عنه خسائر كبيرة,أو حدوث عواصف ترابية,كما حدث في العراق وبعض الدول العربية في السنتين الماضيتين,او ما تعرضت له السعودية يوم 25/11/2009 من عواصف مطرية لم تشهدها من قبل, او تطرف كبير في درجات الحرارة. 

14- حدوث أزمة في أنتاج الطاقة وعدم القدرة على توفيرها بكميات كافية لسد حاجة الإنسان,والتي تعاني اغلب الدول العربية من نقص فيها أصلا وعدم كفايتها. 


المبحث الثامن- إستراتيجيات مواجهة التغيير المناخي في الوطن العربي 

  يتضح مما تقدم إن الوطن العربي سيواجه الكثير من التحديات بسبب التغير الحراري الذي بدأت أثاره تظهر حاليا بشكل واضح سواء على مستوى العالم بشكل عام اوالوطن العربي بصورة خاصة,ولغرض مواجهة تلك التحديات لابد من اعتماد عدد من الاستراتجيات التي يمكن إن تقلل من الآثار المتوقعة,ومنها ما يأتي: 


أولا- الإجراءات الإدارية والسياسية: 

  إن التوقعات التي تنذر بحدوث تغيرات وما يترتب عليها من أثار ونتائج تحتاج إلى خطاب سياسي موحد بعيدا عن المهاترات والخلافات التي يكون الإنسان ضحيتها,على سبيل المثال أوربا شهدت حروب طاحنة ولكن عندما اقتضت مصالح شعوبها توحدت اقتصاديا,وعليه يستوجب على القيادات العليا اتخاذ عدة إجراءات منها: 

1- وضع برامج وخطط موحدة لمواجهة ما يحدث من نتائج بسبب التغير المناخي,والتي لا تقف عند حدود معينة,وان ما يقع من أحداث مناخية تكون آثاره وخيمة على الإنسان والبيئة,كما يجب اتخاذ ذلك قبل حدوث الكارثة وليست بعدها,لغرض الحد من العواقب المتوقعة. 

2- إنشاء مراكز أو مؤسسات لمراقبة التغير المناخي,وتكون لها فروع في كل دولة وتضم مختصين في هذا المجال,ويكون ارتباطها بأصحاب القرار,وتعمل على أعداد تقارير دورية عما يقع من تطورات سواء في العالم او الوطن العربي,ويتم تجهيزها بأحدث الأجهزة والتقنيات ومنها الاتصال بالأقمار الصناعية المناخية, وتخصص لها ميزانية خاصة,والتي تأخذ على عاتقها تحديد أي حالة سوف تحدث وأساليب المواجهة. 

3- تكريس الأعلام المرئي والمسموع وتكثيف الندوات والمؤتمرات حول ذلك,وعلى الجامعات في الوطن العربي تبني مشروعا بحثيا خاص بالتغير المناخي,وعقد مؤتمرات وندوات مكثفة عن التغير المناخي والآثار والمشاكل الناتجة عنه. 

4- يتعين على الإدارات المحلية في كل مكان أن تتخذ عدد من الإجراءات الاحترازية لغرض مواجهة بعض الأحداث المناخية المفاجئة,فما حدث في مدينة جدة يوم 25/11/2009 من عاصفة مطرية راح ضحيتها عدد كبير من الأشخاص وخسائر مادية كبيرة,وكل مدننا العربية معرضة إلى مثل هذه الأحداث,وعلى كل مسؤول إن يسأل نفسه ما ذا يفعل لو حدث في مدينته مثل ذلك,فما هي الإجراءات التي يمكن اعتمادها للحفاظ على أرواح وممتلكات الناس. 

5- يمكن إن تساهم الجهات المسؤولة في محافظة الانبار وبالتعاون مع جامعة الانبار على إنشاء مركز لبحث ومراقبة التغيرات المناخية,و يضم عدد من الباحثين المختصين, على إن ينشط عمله من خلال تبادل الخبرات مع الجامعات الأجنبية والعربية المهتمة بهذا المجال,والمشاركة في الندوات والمؤتمرات المتعلقة بذلك. 

6- إعداد كوادر دفاع مدني مدربة على استخدام احدث التقنيات في مواجهة الكوارث الناتجة عن التغير المناخي, وتوفير مستلزمات ذلك,وتكون لديها القدرة على التحرك والوصول إلى أي مكان يتعرض إلى كارثة مهما كان نوعها. 

7-وضع مجموعة من البدائل تكون منسجمة مع تنوع سيناريوهات التغيير المناخي,بحيث تكون الحلول جاهزة ومدروسة من جميع الجوانب,ويفضل تكثيف الندوات والمؤتمرات حول التغيير المناخي وما ينجم عنه من مشاكل,وهنا يبرز دور العلوم المختلفة في تبني مثل تلك المواضيع ليساهم المختصون فيها بشكل جدي وفاعل في تشخيص مشاكل الحياة ووضع الحلول المناسبة لها. 

8- تأخذ كل دولة بالحسبان ضمن برامجها التنموية المستقبلية اثر التغيير المناخي على مستقبل التنمية والخطط المستقبلية, وفي كافة المجالات,حيث يمثل المناخ احد العناصر الأساسية التي يخضع لها أي نشاط يمارسه الإنسان. 


ثانيا- إجراءات مواجهة أزمة المياه: 

  تعد أزمة المياه من أكثر التحديات خطورة وصعوبة,ففي الوقت الذي يزداد فيه عدد السكان وتزداد الحاجة إلى المياه,كما إن حاجة الفرد إلى المياه في تزايد مستمر ألا إن مصادر المياه ستتراجع كثيرا وعدد السكان في تزايد مستمر,وهذا يحتاج إلى تكاتف الجهود بين الدول العربية ودول الجوار التي تنبع منها انهار الوطن العربي بشكل عام,ويتطلب ذلك تجاوز كل الخلافات السياسية والاجتماعية للوقوف بوجه الخطر الكبير الذي سيحل بالمنطقة إذا ما تراجعت كميات المياه التي تمثل مصدر حياة الإنسان من ماء للشرب وإنتاج محاصيل زراعية وممارسة أنشطة صناعة وغيرها,ولتحقيق ذلك يمكن اتخاذ التدابير التالية: 

1- إعداد خرائط مناخية عامة ومناخية زراعية تتضمن قيم عناصر الطقس الشهرية والسنوية, ولفترات طويلة (سلسلة زمنية)،ويتم من خلالها إعداد التقارير المناخية التي تسهم بشكل مباشر في دعم متخذي القرار لمجابهة التغيرات المناخية وأثارها على المياه والأراضي والتنوع الحيوي.
2- وضع سيناريوهات ومنهجيات لدراسة أثر التغيرات المناخية على الموارد المائية لمنابع الأنهار التي تمر أو تصب في الدول العربية قادمة من خارج حدود الوطن العربي،وتحديد الآثار السلبية المتوقعة بعيدة المدى في المخزون المائي والتصريف الآمن من أحواض المياه الجوفية في المنطقة العربية.
3- التعاون مع الدول ذات الشواطئ والدلتا والمناطق المنخفضة لدراسة أثر ارتفاع مياه البحر عليها,وغمر أجزاء منها،واتساع رقعة الأراضي المتملحة والمتغدقة والمستنقعات, وأثر تداخل مياه البحر مع المياه الجوفية بالمناطق المتأثرة بها.
4- إعداد تنبؤات مناخية طويلة الأمد للمنطقة العربية وربطها مع التنبؤات المناخية العالمية الطويلة الأمد والتي تسهم في دعم متخذي القرار في مجالات المياه والأراضي والتنوع الحيوي.
5- تشجيع تبادل المعلومات بين الدول ذات الموارد المائية المشتركة,عربية أوغير عربية,والتعاون في إعداد سيناريوهات لدراسة التغيرات المناخية.
6- أن حجم الموارد المائية السطحية المشتركة الواردة من خارج المنطقة العربية تشكل حوالي80 % من مجمل الموارد المائية السطحية,وحوالي 66 % من مجمل الموارد المائية المتاحة في المنطقة العربية,الا انه حتى الآن لا توجد اتفاقيات نهائية بين الدول المتجاورة لتحقيق توزيع عادل للموارد المائية المشتركة بين هذه الدول (باستثناء نهر النيل )،وحتى في حال وجود مثل هذه الاتفاقيات فإنها لم تأخذ بنظر الاعتبار اثر التغيرات المناخية على هذه الموارد،وهذا قد يؤدي إلى خلق نزاعات في المستقبل على تقاسم تلك الموارد,وعليه لابد من الإسراع في عقد اتفاقيات دولية لتقاسم المياه المشتركة بين الدول المتجاورة وفقا للقانون الدولي مع الأخذ بعين الاعتبار اثر التغيرات المناخية المتوقعة على هذه الموارد .
7- إعادة تقييم الموارد المائية المتاحة تحت تأثير سيناريوهات التغيرات المناخية المحتملة في المنطقة العربية.
8- تطبيق منهجيات الإدارة المتكاملة للموارد المائية ووضع سياسات مائية اعتمادَا على مبدأ الإدارة المتكاملة للموارد المائية.
9-إعداد خطط متكاملة لتطبيق تقنيات حصاد مياه الأمطار وتنمية الغطاء النباتي الرعوي الطبيعي،وتنظيم الرعي في المراعي الطبيعية.
10- زيادة كفاءة استخدام المياه، باستخدام التقنيات الحديثة لتقليل الفاقد المائي سواء من شبكات الري أو شبكات مياه الشرب.
11- البدء في وضع إستراتيجية لتقليل معدلات السحب من الآبار الجوفية بما يتناسب مع النسبة المحتملة للزيادة في الاحتياجات المستقبلية أو النقص في المخزون الجوفي المتجدد من الرشح المطري.
12-تدوير المياه بين الأحواض الهيدرولوجية.
13-اقتصار استخدام المياه الجوفية لأغراض الشرب في المناطق الأكثر تأثرَا بتوغل مياه البحر نحو الخزانات الجوفية.
14-تعديل التشريعات الخاصة بحفر الآبار في الخزانات الساحلية لتفادي تأثير ارتفاع منسوب سطح البحر على نوعية المياه.(31)
15-الاستفادة من مياه البحر من خلال أقامة محطات تحلية عديدة في كل أرجاء الوطن العربي واستغلاها في مياه الشرب والزراعة والصناعة,وضخ اكبر كميات ممكنة باتجاه الأراضي الزراعية وغير الزراعية وعلى مسافات تصل مئات الكيلومترات,لغرض توفير متطلبات الإنسان الدنيا من المياه للتجمعات السكانية وري بعض المحاصيل الزراعية والحيوانات,وعلى الدول الغنية مساعدة الدول الفقيرة في أقامة محطات التحلية,لتحقيق التوازن بين النقص والحاجة. 
16- عمل مكامن مائية وفق تقنيات حديثة في المناطق التي تتجمع فيها مياه الإمطار,وفي المناطق الصحراوية وغير الصحراوية بما فيها المناطق الحضرية,بحيث يتم جمع اكبر كمية من المياه,وتكن مغطاة للحفاظ عليها من التبخر,وتستغل في مجالات عدة ومنها الحدائق والمتنزهات والزراعة العضوية في المدن,وبعض الأنشطة الأخرى التي تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه. 
17-الاهتمام بمصادر المياه المتاحة في كل دولة,بما يكفل استمرار توفرها ولو بالحد الأدنى لاستعمالات الإنسان وممارسة نشاطاته,ففي العراق وبعض الدول العربية ذات الظروف المشابهة يمكن اتخاذ بعض التدابير منها ما يأتي: 

أ- تحسين خزانات المياه الكبرى مثل بحيرة حديثة والحبانية والثرثار والرزازة في العراق,وكذلك في سوريا ومصر والسودان ,وذلك من خلال كريها وتعميق مستوياتها بما يساعد على رفع طاقتها الاستيعابية وقلة مساحتها للحد من كمية التبخر وتسرب المياه نحو المناطق المجاورة,والتي تسببت في تحول مساحات كبيرة من الأرض المجاورة لتلك المسطحات من زراعية إلى مالحة,حيث عملت الرواسب التي نقلتها مياه الأنهار إلى قاع تلك الخزانات منذ عشرات السنين إلى رفع مستوى قاعها إلى مناسيب تعلو الأراضي المجاورة ,على سبيل المثال بحيرة الحبانية لولا وجود مشاريع البزل لغمرت مياه النزيز أراضي حصيبة الشرقية وزوية السطيح ومنطقة الصبيحات وغيرها من المناطق الواقعة تحت تأثيرها إلى عامرية الفلوجة تقريبا,ويتذكر البعض ما حدث في 1990 عندما توقفت محطات توليد الكهرباء وتوقف عمل مضخات البزل,حيث ارتفعت مناسيب المياه الجوفية وغطت مساحة واسعة من أراضي تلك المناطق,حيث ظهرت المياه الجوفية بمناسيب عالية فوق سطح الأرض في زوية السطيح وحصيبه الشرقية,وكذلك الحال بالنسبة إلى بحيرة ناصر في مصر والبحيرات الأخرى في سوريا. 

ب- كري مجارى الأنهار وخاصة بعد السدود,وذلك لما تركته من أثار سيئة على عمليات التعرية والإرساب في مجاري الأنهار,على سبيل المثال نهر الفرات الذي أدى سد حديثة إلى تنظيم التصريف بكميات متقاربة فزادت كمية الرواسب في قاع المجرى وزاد عدد الجزر فقلت الطاقة الاستيعابية للقناة وتحول إلى مجاري صغيرة تتغير بين فترة وأخرى من جهة لأخرى,كما أدى ارتفاع قاع المجرى إلى حدوث ظاهرة النزيز التي أسهمت في تحول مساحات واسعة من الأراضي الزراعية المحيطة بالنهر إلى غير زراعية,كما عملت الترسبات على منع وصول المياه إلى مضخات المياه, فيضطر المزارعون إلى ترك الزراعة في مثل تلك المناطق,خاصة وان الترسبات رملية هشة وغير متماسكة لا تسمح بشق قناة فيها. 

ت- منع توجيه مياه البزل المالحة إلى مجاري الأنهار للحد من ملوحة تلك المياه,ويمكن أنشاء محطات تحلية لتلك المياه وإعادة استخدامها. 

ث- عدم توجيه مياه الصرف الصحي نحو مياه الأنهار قبل معالجتها لما تسببه من تلوث يضر بالبيئة والإنسان,ففي الوقت الذي يزداد فيه سكان المدن ويزداد استخدام المياه يقل فيه تصريف مياه الأنهار فترتفع نسبة تركز الملوثات الناتجة عن الصرف الصحي. 

ج-التحول من الخزن في وديان ومجاري الأنهار إلى الخزن الجانبي,وذلك لكثرة المشاكل والسلبيات التي رافقت الخزن في المجاري النهرية, والتي نتج عنها تحول مساحات واسعة من ارض زراعية إلى غير زراعية,بسبب ارتفاع نسبة الملوحة في مياه الخزان,ومنع الرواسب أوقات الفيضان من الوصول إلى الأراضي الزراعية,وتركز الترسيب في مجاري الأنهار فزاد عدد الجزر وارتفع قاع المجرى فنتج عن ذلك حدوث ظاهرة(النزيز) أي تسرب المياه الجوفية نحو الأراضي الزراعية الواقعة على جانبي النهر,فتحولت إلى أراض سبخة,ويعاني من تلك الظاهرة العراق ومصر. 


ثالثا-مواجهة أزمة الطاقة: 

  تمثل الطاقة احد المشاكل المتوقعة الحدوث نتيجة التغيير المناخي,فارتفاع درجات الحرارة أو انخفاضها بصورة غير مألوفة يعني زيادة استهلاك الطاقة,وبما ان معظم الدول العربية تعاني من نقص في الطاقة وانخفاض حصة الفرد بشكل كبير جدا مقارنة بدول العالم,فهذا يعني ان الأزمة ستتفاقم,ففي صيف عام 2006 و2007 ارتفعت درجات الحرارة في تموز وأب وبداية أيلول مما أدى إلى حدوث قطع في التيار الكهربائي في عدد من الدول العربية ومنها سوريا والأردن,لذا يتطلب ذلك التفكير جديا بتوفير مصادر متنوعة لتوليد الطاقة بما يكفل سد النقص الحاصل فيها وتوفير ما يحتاجه الفرد في المستقبل, وعدم الاعتماد على مصدر واحد,و يحتاج ذلك إلى عمل مشترك بين الدول في هذا المجال لتغطية حاجات الإنسان في أي مكان من العالم العربي من الطاقة,وعلى الدول الغنية مساعدة الدول الفقيرة لاستغلال الإمكانات المتاحة من مصادر الطاقة المتجددة وغير المتجددة لمواجهة أزمة الطاقة,فالوطن العربي يتمتع بجو مشمس وقلة الغيوم ,لذا يمكن التوجه نحو الطاقة المتجددة الشمسية,كما ان الرياح تهب من جهات ثابتة نسبيا وقليلة التغير,وذات سرعة تسمح بإدارة محطات التوليد الريحية, وعلى جميع الدول اتخاذ سياسة إلى ما وراء الحدود,وإتباع أسلوب الاستفادة من الأقرب,على سبيل المثال دولة لديها تجمع سكاني قرب حدود دولة أخرى لديها تجمعات سكانية ومصادر طاقة,يمكن ان تزود مجمع تلك الدولة بالطاقة من المصدر الموجود في الدولة الأخرى القريب منها, والتي قد يتطلب نقل الطاقة إلى تلك المجمع مسافة طويلة وتكاليف باهظة,والتعرض إلى مشاكل عدة منها الفقدان عبر المسافة ومشاكل الحوادث والكوارث المختلفة. 

  ومن الجدير بالذكر إن معالجة مشكلة الطاقة يكمن في الفعاليات الثلاث التوليد والنقل والتوزيع,حيث تعاني الدول العربية من التوليد بالدرجة الأساس,ولكن تعاني معظم الدول العربية من المشاكل الأخرى كالنقل والتوزيع,لعدم كفاءة شبكات النقل والتوزيع,لذا يوجد هدر في الطاقة المنتجة,فقد تفتقر الكثير من الدول العربية إلى استخدام التقنيات الحديثة في مجال الطاقة,والتي تعد احد أسباب تدني كفاءة أداء شبكة التوزيع بما ينسجم وحاجة الفرد. 

   ويمكن للدول التي تمتلك اليورانيوم التوجه نحو استخدام الطاقة النووية لتوليد الكهرباء ,بدلا من التوجه نحو الطاقة للإغراض العسكرية وبدون فائدة ,فما يجنيه الإنسان الخسائر والمخاطر. 

رابعا- مواجهة أزمة الغذاء: 

  تعد أزمة الغذاء من اكبر التحديات التي ستترتب على التغيير المناخي لحدوث تغير في أنماط أنتاج المحاصيل الزراعية الأساسية,وهذا يعني انخفاض إنتاجية بعض المحاصيل الزراعية في مناطق واسعة من العالم ومنها الوطن العربي,لذا على الدول العربية إن تفكر جديا في اتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة أزمة الغذاء,ومن الجدير بالذكر إن تلك الأزمة لا ينجو منها لا الغني ولا الفقير,فإذا فكر الغني انه يمتلك أموال ويشتري السلعة فالأمر ليست كذلك لان السلعة ربما لا تتوفر للبيع,وهذا يحتاج إلى وضع برامج مشتركة وموحدة في استغلال ما يمكن من ارض في كافة الدول العربية,ويمكن للدول الغنية تقديم الدعم للدول الفقيرة من خلال أقامة مشاريع إنتاجية ومن الآن للاستعداد إلى ما هو قادم او متوقع,ويمكن اتخاذ بعض التدابير على مستوى الوطن العربي او المحلي ومنها: 

1- إتباع سياسة التكامل الاقتصادي من خلال تنوع الإنتاج حسب الظروف الطبيعية الملائمة في كل منطقة,ففي الفقرات السابقة تمت الإشارة إلى التنوع المناخي في الوطن العربي,ويعد ذلك مهما لغرض توزيع الإنتاج حسب الظروف الملائمة,وتحتاج تلك الخطوة إلى قرار شجاع من قبل أصحاب القرار الذين من المؤسف لاعلم لهم ولا دراية بما سيحدث. 

2- تهجين بعض الأنواع من المحاصيل الزراعية الأساسية كالقمح والشعير والذرة,والتي يمكن إن تنمو في تربة تحتوي على نسبة من الملوحة,او تروى بمياه نسبة الملوحة فيها معتدلة. 

3- استخدام الأسلوب الأمثل لتحقيق أعلى كمية من الإنتاج,ويحتاج ذلك إلى توعية المزارع ودخول الدولة كطرف فاعل في ذلك من خلال أقامة مشاريع زراعية إنتاجية بشقيها الحيواني والنباتي وفي أماكن مختلفة ليقتدي بها المزارعون في كل مكان,أي استخدام أسلوب التوسع العمودي من خلال زيادة إنتاجية الدونم الواحد,والتوسع الأفقي في زيادة رقعة الأرض الزراعية . 

4- استخدام أساليب التوجيه والإرشاد والتشجيع والدعم للمزارعين لغرض رفع كفاءة إنتاجية الأرض المزروعة ,وتجنب أسلوب الزراعة التقليدية القديمة التي لا تحقق فائدة,والتوجه نحو زراعة المحاصيل الأساسية ومن الأصناف الجيدة. 

5- توجيه خريجوا الكليات والأقسام ذات العلاقة بالإنتاج والتنمية نحو أنشاء مشاريع إنتاجية حديثة تدعمها الدولة,وان إقامة مثل تلك المشاريع لا يمكن للقطاع الخاص القيام بها لأنها لا تحقق أرباح سريعة وعالية,وعليه يقع على الدولة مسؤولية ذلك. 

6- معالجة مشكلة الزحف العمراني على الأراضي الزراعية التي لا تشكل إلا نسبة ضئيلة من مساحة كل دولة,ويمكن وضع الحلول المناسبة من خلال وضع ضوابط تمنع ذلك, وإيجاد حلول مناسبة من خلال عمل مجمعات سكنية في أماكن محددة عند أطراف الأراضي الزراعية,كما يتطلب الأمر اعتماد تصاميم ومخططات للمدن والأبنية العامة والمساكن تنسجم مع البيئة,مثل العودة إلى استخدام الصخور والجص في البناء لأنها مواد عازلة للحرارة بدل البلوك والاسمنت مواد غير عازلة وتتأثر بالتغيرات لمناخية,فتحتاج إلى مزيد من الطاقة لغرض تكييفها,كما تكون مواقع واتجاهات وأبعاد الشبابيك مناسبة وملائمة لدخول الرياح وأشعة الشمس. 

7- استخدام أسلوب الخطوة خطوة في أصلاح الأراضي التي كانت صالحة للزراعة وتحولت إلى غير صالحة من خلال التحري عن المشكلة الأساسية المسببة لذلك,ومن ثم العمل على وضع الحلول المناسبة لإصلاح الأرض, ومن ثم زراعتها ببعض المحاصيل المخصبة,واستخدام أساليب علمية وتقنيات متطورة في مجال الري. 

8-استخدام أسلوبي التنمية الزاحفة والقافزة في استصلاح ما يمكن استصلاحه من الأراضي المجاورة للأرض الزراعية المستغلة,ويجب اختيار المحاصيل والمغروسات المناسبة حسب التربة والمناخ السائد. 

9- التوجه نحو المشاريع المشتركة بين الدول المجاورة لغرض مواجهة التحديات التي تواجه استغلال واستصلاح الأراضي الصحراوية والمتصحرة,مثال ذلك أحياء مشروع الحماد الذي كان مقترح العمل به بين العراق وسوريا والأردن والسعودية. 

10- وضع برامج تنموية تعمل على تشجيع الإنتاج المحلي وحمايته من منافسة السوق الخارجية,وهذا يحتاج في بادئ الأمر إلى رأس مال كبير,لغرض أعادة اقتصاد البلد إلى جادة الصواب,كما يتطلب قرارات فاعلة من قبل الجهات المسؤولة. 

11- استخدام أسلوب الزراعة العضوية في المدن,حيث يتم استغلال كل مساحة غير مستغلة في المدينة وحتى حدائق وأسطح الأبنية,وقد يستطيع الكثير من السكان تحقق الاكتفاء الذاتي من الخضر. 


خامسا- الحفاظ على البيئة: 

  تمثل البيئة الوسط الذي يعيش فيه الإنسان,ويتأثر بها ويؤثر عليها,لذا تحتاج إلى عناية ومن خلال ما يأتي: 

1- يمتلك الوطن العربي عدد كبير من الصناعات الإنشائية الملوثة,والتي تساهم في تلوث البيئة على نطاق واسع,وقد يكون لذلك انعكاسات كبيرة على المحيط الحيوي وصحة الإنسان,لذا تحتاج مثل تلك الصناعات إلى أعادة النظر في مواقعها والحد من ملوثاتها,وخير مثال على ذلك المصانع المنتشرة ما بين بغداد والفلوجة,والتي تقذف بكميات كبيرة من الملوثات الهوائية. 

2- تشجيع عمليات التشجير في المناطق المفتوحة من المدينة والمناطق المحيطة بها,وخاصة من الجهات الصحراوية. 

3- أحياء مشاريع الواحات في المناطق الصحراوية واستغلال المنخفضات المنتشرة في الصحارى العربية,والتي تعد بؤر مناسبة لتطوير وتنمية المناطق الصحراوية. 

4- تشريع قوانين لحماية البيئة من التلوث والعبث بعناصرها,على إن تكن صارمة ورادعة لمن تسول له نفسه التجاوز عليها. 

5- إيجاد وسائل فاعلة في معالجة النفايات الصلبة والتخلص من آثارها البيئية والجمالية والصحية والثقافية,يجب إن تنظم عمليات جمعها وطمرها او حرقها وفق أساليب متطورة. 

6- تنظيم عملية تربية الحيوانات ومنعها من المدن,حيث تربى الأغنام والماعز والبقر في بعض أحياء المدينة,والتي تترك سائبة أثناء النهار فتأكل ما يقع إمامها من مغروسات,فضلا عما تتركه من فضلات في الشوارع,وتعد تلك الظاهرة غير حضارية ومنافية للأنظمة الحضرية. 

7- تطوير المناطق السياحية بما ينسجم وحاجة السكان,وتعد من وسائل تطوير البيئة لما تتضمنه عملية التطوير من غرس أشجار وزهور وارض خضراء تسر الناظرين. 

8- العناية بحدائق الأبنية العامة,والتي تزيد من جمالية المكان وتساهم في المحافظة على البيئة. 


المصادر 

1- د.بيوار خنسي ،التغيرات المناخية تهدد أغلب دول العالم ,تقرير منشور سنة 2005 على موقع الانترنتwww.ebnmaser.net

2-فاروق أبو طعيمة , الاحتباس الحراري خطر يهدد الوجود البشري,بحث منشور على موقع الانترنت www.aafaq.genistra.comفي 15 مارس, 2008. 

3- نتائج الاحتباس الحراري على الطبيعة والإنسان,تقرير منشور على موقع الانترنت www.ammjad68.jeeran.com 

4Global warming controversy2007 ,article on internet location ,www.en.wikipedia.org 

5-Climate change, article on internet location2007 ,www.en.wikipedia.org 

THE PHOTOGRAPHIC DOCUMENTATION OF climate change, report on location6- www.braaschphotography.com 

7- Global warming controversy ,opcit 

8- Climate change ,opcit 

9- المهندس أمجد قاسم,مشاكل الاحتباس الحراري,تقرير منشور 2007 على موقع الانترنت www.muslm.net

10- فاروق أبو طعيمة, الاحتباس الحراري خطر يهدد الوجود البشري,مصدر سابق. 

11- تغير المناخ 2007" الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ(IPCC),تقرير منشور على موقع الانترنتwww.un.org.arabic

12- د.خلف حسين علي الدليمي,الكوارث الطبيعية والحد من أثارها,دار صفاء للنشر,عمان الأردن 2009 13 - عجائب التقلبات المناخية,تقرير منشور2009 على موقع الانترنتwww.almahdy.net

14-إعصار غونو, تقرير منشور 2007 على موقع الانترنت http://ar.wikipedia.org/wiki

15- محطة الأرصاد العالمية’على موقع الانترنت www.tutiempo.net

16- د. عبد الله الدروبي، د. ایهاب جناد، د. محمود السباعي, التغير المناخي و تأثيره على الموارد المائية في المنطقة العربيه,بحث مقدم ال المؤتمر الوزاري العربي للمياه,القاهرة للفترة ما بين 14-16/7/2008 منشور على موقع الانترنتwww.alfuratuniv.net/forums
17-تقرير منظمة الاغذية والزراعة,منشور على موقع الانترنتwww.arabenvironment.net/arabic منشور في15 ابريل, 2008. 

18-- أسامة عبد الله, تغير المناخ والتهديدات الأمنية في المشرق العربي ,تقرير منشور2009 على موقع الانترنت www.islamonline.net/Arabic

19- محطة الرصد العالمية www.Tutiempo.net 

20-باتر محمد علي وردم, قراءة في تقرير التغير المناخي: الإنتاجية الزراعية تزداد في الشمال والدول العربية تعاني من الجفاف,منشور على موقع الانترنتwww.arabenvironment.net/arabic نشر في30 مايو, 2007 

21- قراءة في بعض قدرات العالم العربي,تقرير نشر على موقع الانترنت www.dahsha.com

22- أسامة عبد الله, تغير المناخ والتهديدات الأمنية في المشرق العربي,مصدر سابق. 

23- باتر محمد علي وردم, قراءة في تقرير التغير المناخي مصدر سابق 

24- أسامة عبد الله, تغير المناخ والتهديدات الأمنية في المشرق العربي,مصدر سابق. 

25- التغيير المناخي يجفّف الأردن والفرات ويجعل المنطقة غير صالحة للزراعة,تقرير منشور على موقع الانترنت لصحيفة الشرق الأوسط www.alsharkalawsat.com في18 نيسان (أبريل) 2008. 

26- أسامة عبد الله, تغير المناخ والتهديدات الأمنية في المشرق العربي,مصدر سابق. 

27- التغيير المناخي يجفّف الأردن والفرات ويجعل المنطقة غير صالحة للزراعة,مصدر سابق 

28-- اليمن ودول الخليج في مواجهة تهديدات شح المياه,تقرير منشور على موقع صحيفة مايو نيوزwww.arabenvironment.net/arabic في28-5-2007 

29- الاحتباس الحراري يمكن أن يشرد الملايين في الشرق الأوسط,تقرير منشور على موقع الانترنت www.ameinfo.com في 28 فبراير 2008. 

30- أسامة عبد الله, تغير المناخ والتهديدات الأمنية في المشرق العربي,مصدر سابق. 

31- د. عبد الله الدروبي، د. أيهاب جناد، د. محمود السباعي, التغير المناخي و تأثيره على الموارد المائية في المنطقة العربية,مصدر سابق 

كامل النص : حمله من هنا  للقراءة و التحميل هنا





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق