جامعة القدس
المرصد الحضري المحلي
محافظة أريحا
|
Al-QudsUniversity
Jericho Local Urban
Observatory
|
ورقة بحثية بعنوان
الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والديمغرافية والبيئية لغياب المخطط الهيكلي لمدينة أٍريحا وتهميش الزراعة الحضرية كمكون فضائي
فـــلســـطيــــن
إعداد: الدكتور فايز فريجات
المرصد الحضري المحلي لمحافظة أريحا
جامعة القدس
المؤتمر الإقليمي
برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية
" المبادرات والإبداع التنموي في المدينة العربية "
المملكة الأردنية الهاشمية / عمان
14 إلى 17 كانون الثاني / يناير 2008
ورقة بحثية بعنوان:
الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والديمغرافية والبيئية لغياب المخطط الهيكلي لمدينة أريحا وتهميش الزراعة الحضرية كمكون فضائي
فـــلسطين
الملخص:
إن الاستعمالات المتعدّدة الأغراض للأراضي داخل حدود التجمعات العمرانية في العديد من المدن العربية لم يتم ضبطها حتى اليوم, فهي تدرج شكلا فقط, ضمن المخططات الهيكلية, ولكنها لا تتمتّع بأي وضع قانوني خاص, ولا زالت غير منصوص عليها في التشريعات المتعلقة باستخدام الأراضي, وخاصة تلك الأراضي المخصصة للزراعة الحضرية.
ومع دلك هناك بعض الحالات النادرة التي أولت اهتماما بالزراعة الحضرية نتيجة لأزمة حدثت في ظرف معيّن مثلما حصل في لبنان نتيجة الحرب الأهلية وما يحدث حاليا في فلسطين وبلدان أخرى مختلفة.
في فلسطين لم يبرز الاهتمام بالأراضي الزراعية الحضرية نتيجة فعالية المخططات الهيكلية أو قوة القانون, بل نتيجة فشل عملية السلام واندلاع الانتفاضة الثانية في سبتمبر 2000. يمكن اعتبار فلسطين البلد الوحيد من ضمن بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي خصّصت مساحات هامة للزراعة داخل النسيج العمراني في بعض المدن الفلسطينية مثل أريحا بجهود كبيرة بدلتها الإغاثة الزراعية الفلسطينية ووزارة الزراعة الفلسطينية.
الاهتمام بالزراعة الحضرية ليس استثناءا فلسطينيا بل نجده في أغلب البلدان التي تعاني من أزمات اقتصادية أو سياسية كما هو الحال في بعض بلدان أمريكيا اللاتينية وإفريقيا. وإذا قبلنا بنظرية الأزمات فالسؤال المطروح : ما مدى بقاء الاهتمام بالأراضي الزراعية الحضرية في حال زوال هذه الأزمات أو استمرارها, خاصة في ظل غياب مخطط هيكلي كما هو الحال في مدينة أريحا.
المقدمة:
التخطيط الحضري هو عبارة عن أدوات تنظيمية تتيح للسلطات المختصة سواء على المستوى المحلي والإقليمي والوطني التحكم في النمو العمراني, وذلك باستخدام أدوات التخطيط الحضري المتعدَدة والمختلفة والتي من ضمنها المخططات الهيكلية والتشريعات والقوانين التي تضبط العمران، وتحدد بدقة مآل الأراضي والترتيبات التي تضبط استعمال واستغلال الأرض أو إشغالها, وبشكل خاص القوانين المتعلقة بنظام رخص البناء التي تتقيد بما جاء في هده التشريعات
أيضا فان التخطيط العمراني عبارة عن برامج مستقبلية وأدوات توجيهية تحدد التصورات الكبرى وتنظّم المجال, آخذة بعين الاعتبار حاجيات التوسع العمراني وتضمن استمرارية المساحات الخضراء والأنشطة الزراعية والصناعية والخدماتية وحماية المواقع الطبيعية وتحديد مآل الأراضي ومسارات الشبكات والبنى التحتية ومواقع التجهيزات الكبرى.
إن استخدامات الأرض المتعدّدة الأغراض داخل التجمعات العمرانية في بعض البلدان الغربية قد وقع ضبطها من خلال التخطيط الحضري وأصبحت تتمتّع بوضع قانوني خاص, إلا أن القليل من المدن في الوطن العربي أو في الشرق الأوسط عموما قامت بإعداد وتنفيذ تشريعات التهيئة المحلية. فالزراعة الحضرية في أغلب بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لا زالت غير منصوص عليها في التشريعات المتعلقة باستخدام الأراضي.
فإذا نظرنا إلى ما حصل في بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا منذ حصولها على الاستقلال ونهاية الحروب الأهلية وتقلص حدة الأزمات الاقتصادية فقد يتبادر إلى الذهن أنّ الزراعة الحضرية ستشهد تراجعا ملحوظا, لأنه في بعض المدن هناك مناطق ذات إمكانيات زراعية يتمّ وضعها على ذمة البناء نظرا للحاجة الملحة لتوفير المساكن والفنادق السياحية وحاجة الصناعة.
إن القوانين والترتيبات المتوفّرة حاليا في العديد من البلدان العربية وفلسطين, تتيح التوسّع العمراني بدون الانشغال بوضع الزراعة الحضرية بعين الاعتبار[1]. فعند إعداد التشريعات والقوانين المتعلقة بالتهيئة العمرانية لا يقع التطرّق عادة إلى موضوع الزراعة والحال أنّ ذلك يمكننا من التعرّف على المكانة التي تحتلها الزراعة الحضرية ومدى قدرتها على تلبية الحاجيات الغذائية ودورها الاقتصادي والاجتماعي والبيئي على المستوى الإقليمي والوطني.
هذا الفراغ القانوني يتيح المضاربات العقارية ويسمح بالاستحواذ على مساحات زراعية شاسعة بصفة عشوائية وغير منظّمة. وبالنسبة للمزارعين فليس هناك أي ضمان يحول دون تغيير الصبغة الزراعية لأراضيهم و يبقى وضع الأراضي الزراعية معلّقا وينظر إليها على أساس كونها مدخرات عقارية للتوسع العمراني المستقبلي ويبقى المزارعون ينتظرون الفرص الملائمة لبيع أراضيهم والاستفادة من الربح العقاري. وهذا ما يفسّره وجود الأراضي الزراعية المهملة وانحسار الأراضي الزراعية داخل النسيج العمراني للعديد من المدن العربية.
سوريا هي من بين من بين البلدان القليلة التي تم فيها تقنين السوق العقارية مند عام 1957 (استمرارية العقود، تجميد الإيجارات الزراعية) حيث وضعت السلطات الحكومية إطارا تشريعيا ملائما نوعا ما للحفاظ على الأراضي الزراعية الحضرية, ولكن في العديد من البلدان الأخرى فيعتبرون الأراضي الزراعية فراغات ومدخرات للتوسع العمراني كما هو الحال في جل المدن الفلسطينية. بلال عمار أحد موظفي وزارة الحكم المحلي في مدينة أريحا, وبعد تخرجه من الجامعة الأردنية عمل مزارعا لسنوات عديدة في مدينته أريحا, ولكن سلطات الاحتلال الإسرائيلية أودعته الأسر سنوات أخرى, شعر بعد خروجه من الأسر بحزن شديد على مآل الأرض التي كان يفلحها في أٍريحا, حيث تحول كل شبر منها إلى مبان سكنية[2].
الوضعية تزداد سوءا عندما لا يتوفر أي مخطط هيكلي لمدينة مثل مدينة أٍريحا, وكما أجابني رئيس قسم الهندسة في بلدية أريحا المهندس باسل حجازي, أنهم يصادقون على تراخيص البناء بعد دراسة كل حالة على حدى, لعدم وجود مخطط هيكلي لمدينة أريحا[3]. بل تزداد الوضعية سوءا أيضا بسبب الفارق الزمني بين تنفيذ المخططات الهيكلية والمصادقة عليها من طرف أصحاب القرار المعنيين بالتخطيط الهيكلي للمدن وتنفيذها على أرض الواقع. عادة ما تستغرق عملية المصادقة مدة زمنية تتجاوز عدة سنوات وخلال هده المدة يتم إشغال الأرض, والعديد من الأراضي الزراعية تكون قد تم اكتساحها بالعمران غير المنظّم, الذي يشهد تناميا خاصة على أطراف المدن من قبل الفئات الاجتماعية ذات الدخل المحدود.
هناك عامل آخر يدفع بالمخططين الحضريين إلى إقصاء الزراعة من المخططات الهيكلية للمدن خاصة في البلدان الساعية إلى النهوض الاقتصادي المرتكز على النظام الرأسمالي الذي يعتبر أنهّ ليس بمقدور الزراعة الحضرية منافسة الأنشطة الاقتصادية الأخرىعلى الأرض وهي أنشطة ذات مردود مالي أكبر وذات نفوذ أقوى.
ادا لا يمكن أن يتم إدماج الزراعة الحضرية في المخططات الهيكلية إلا ادا تم الأخذ بعين الاعتبار ضرورة إنتاج المواد الغذائية وضرورة توفير فرص العمل وضرورة المساحات الخضراء وضرورة المحافظة على البيئة الحضرية وتحسين حياة سكان المدن ومعالجة المياه العادمة ورسكلة الفضلات الصلبة.
وعلى الرغم من أهمية الإشارة إلى التغير الايجابي الذي نلمسه اليوم في العديد من بلدان المنطقة العربية التي بدأت تميل إلى الأخذ بمبدأ التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة, إلا أن الخطوات في هدا الاتجاه لا زالت تزحف ببطء شديد.
ستستفيد هده الدراسة من ملامح ومؤشرات المنهج التاريخي والمنهج الإحصائي والوصفي في تقديم بعض المؤشرات الكمية الدالة على مستوى الانخفاض التدريجي لحصة الفرد من الأرض الحضرية في مدينة آريحا. وسيوظف البحث أحدث المخططات الهيكلية لمدينة آريحا,الغير معمول بها وغير مصادق عليها حتى اليوم, والبيانات الإحصائية حول إشغال الأرض واستعمالاتها[4] في منطقة الدراسة.
المفاهيم المستخدمة في الدراسة:
1) التخطيط العمراني: مع تزايد أعداد السكان وتنامي احتياجاتهم أصبح التخطيط العمراني مرآة للوضع الاقتصادي والاجتماعي للتنمية بصفة عامة للدول. فالتخطيط العمراني السليم يضع في الاعتبار كل المتغيرات الزمانية والمكانية ويراعي احتياجات الإنسان الحالية والمستقبلية ويساعد على تحقيق مفهوم التنمية المستدامة، التي تعتبر خدمات الحركة والنقل والمرور إحدى دعائمها وأبرز مؤشراتها . ولذلك فإن الدول ومدنها تولى اهتماماً كبيراً بتطوير قطاعات التخطيط العمراني والحركة والنقل والمرور وتضعها في أولويات استراتيجياتها التنموية في إطار جهودها لتطوير وتنمية البنية الأساسية
2) الزراعة الحضرية: تعرف الزراعة الحضرية[5] على أنها إنتاج للغذاء (كالخضروات، والفاكهة، واللبن، والبيض، واللحوم) والمنتجات الزراعية (كالزهور، والأعشاب، ونباتات الزينة، والشتلات) ومعالجتها وتسويقها في المدينة وفي المناطق المحيطة في المدينة. فبالرجوع إلى هذا التعريف للزراعة الحضرية يتضح جلياً على أنها نشاط متعدد الأهداف وينطوي على العديد من الحاجات والتي من أبرزها توفر الأرض والمياه.
منطقة الدراسة:
تقع مدينة أريحا على نهر الأردن على الجزء الشرقي من الضفة الغربية , وتقع على مسافة 30كم شرق مدينة القدس, و 8كم من نهر الأردن و 10كم شمال البحر الميت, وعلى مسافة قريبة تقع أريحا القديمة, وتبلغ مساحة واحة أريحا 45كم2 في حين أن مساحة محافظة أريحا تبلغ 593كم2 وهي أكبر محافظة في فلسطين من حيث المساحة.
تحاط مدينة أريحا بالبساتين وأغلب السكان يعملون بالزراعة, وتعتبر أريحا أخفض نقطة في العالم " 250 م تحت مستوى سطح البحر " وأيضا هي أقدم مدينة في العالم, وفيها آثار تاريخية تعود إلى 8000 عام قبل الميلاد, وتقع آريحا على تلة ينخفض ارتفاعها تدريجيا من الجزء الشمالي الشرقي حتى البحر الميت, وأعلى نقطة ارتفاع فيها تصل إلى 350م فوق سطح البحر, وأخفض نقطة تصل إلى 370م تحت مستوى سطح البحر, والطقس فيها جاف وصيفها ساخن, ويمتد فيها فصل الشتاء من منتصف أكتوبر وحتى نهاية نيسان, ويتراوح فيها موسم المطر من 20 إلى 25 يوما, وقد بلغ معدل تساقط المطر فيها في الفترة بين 1968 إلى 1992 نحو 166 ملم.
يحيط بمدينة أريحا 8 قرى ومخيمين للاجئين الفلسطينيين, وهده القرى هي الديوك والنويعمة والعوجا وفصايل والجفتلك والزبيدات ومرج غزال ومرج نعجة ومخيم عين السلطان وجميع هده التجمعات تقع شمال مدينة آريحا, باستثناء مخيم عقبة جبر الذي يقع جنوبها على مسافة 3 كم.
القوانين والتشريعات المتعلقة باستخدام الأرض:
في ضوء اتفاقيات أوسلو وكباقي أجزاء الضفة الغربية وقطاع غزة تم تقسيم محافظة أريحا إلى مناطق "أ", "ب" و " ج", والتشريعات في هده المناطق الثلاث تختلف من منطقة إلى أخرى, وهي
تتكون من عدة قوانين من تشريعات مختلفة منها القوانين العثمانية والبريطانية التي تعود إلى عهد الانتداب البريطاني, والقوانين الأردنية. القوانين الحالية التي تم تطويرها ومراجعتها من قبل السلطة الفلسطينية, أما بالنسبة للقوانين الأردنية التي لا زال معمول بها, فهي قديمة وينقصها المعلومات المطلوبة لمواجهة المشكلات الناجمة عن نمو المدينة. وبالرغم من دلك هناك جهود كبيرة تبدلها الوزارات الفلسطينية من أجل تطوير العديد من القوانين المختصة بحماية البيئة وتنظيم التخطيط. إلا أن مجمل هده القوانين لا زالت تخلو من القوانين الضابطة للتصرف بالأراضي الزراعية داخل النسيج الحضري[6].
إن السيطرة الإسرائيلية على المنطقة " ج" وجزئيا على منطقة " ب " تقف عائقا أمام التنمية المتوقعة. بعد مرور نحو أربعة عقود على الاحتلال الإسرائيلي, تركت أريحا بدون مؤسسات تقوم بمعالجة المشكلات التي تبرز في تلك المنطقة, والمؤسسات التي أنشأتها السلطة الفلسطينية لا زالت لا تستطيع مد سيادتها على كافة مناطق المحافظة وخاصة أن منطقة " ج " التي تشكل نسبة 70 بالمائة من مساحة المحافظة هي تحت السيطرة الإسرائيلية. وعلى سبيل المثال تم اليوم عزل قرية العوجا عن جسم المحافظة, على الرغم أنها تقع ضمن المنطقة " أ " ويمنع على الفلسطينيين دخولها أو الخروج منها إلا بتصريح أو من حملة هويات القرية نفسها أو مدينة أريحا. الفلسطينيون مقيدين من فعل أو تنفيذ مخططاتهم, ولا يحق لهم القيام بأي عمل بدون موافقة إسرائيلية. مجلس بلدية مدينة أريحا يرسم السياسات ويضع الأولويات للمشاريع, وهدا يعتمد على الميزانية وعلى خطط وزارة الحكم المحلي[7], هناك برامج مختلفة لكافة القطاعات الصحية والبيئية والعمرانية...........الخ.
السكان:
بلغ تعداد محافظة أريحا عام 1948 نحو 120 ألف نسمة , ونسبة 86 بالمائة منهم كانوا لاجئين, والدين نزحوا أثناء حرب عام 1948 إلى أريحا من مناطق الساحل الفلسطيني وجبال الجليل, وبعد حرب عام 1967 تراجع عدد السكان إلى 13000 نسمة, لأن معظمهم أجبروا على النزوح مرة ثانية للدول المجاورة. في عام 1993 بلغ عدد السكان نحو 15000 نسمة, إلا أنه وبعد أربع سنوات من قيام السلطة الوطنية ومع زيادة نسبة العائدين وزيادة عدد الوظائف ارتفع عدد السكان إلى 31,501 نسمة حسب تعداد 1997, أنظر الجدول التالي:
جدول يوضح التعداد السكاني والمساكن حسب إحصائيات1997
اسم الموقع
|
مرج نعجة
|
الزبيدات
|
مرج الغزال
|
الجفتلك
|
فصايل
|
العوجا
|
النويعمة
|
عين الديوك التحتا
|
عين الديوك الفوقا
|
مخيم عين السلطان
|
مدينة آريحا
|
مخيم عقبة جبر
|
النبي موسى
|
عدد سكان الموقع
|
544
|
968
|
278
|
3178
|
650
|
2896
|
841
|
698
|
588
|
1470
|
14744
|
4581
|
45
|
عدد الأسر في الموقع
|
83
|
85
|
35
|
507
|
117
|
478
|
133
|
113
|
96
|
275
|
2421
|
767
|
7
|
متوسط حجم الأسرة
|
6.7
|
11.4
|
7.9
|
6.3
|
5.6
|
6.1
|
6.3
|
6.2
|
6.1
|
5.4
|
6.1
|
6.0
| |
عدد المباني في الموقع
|
94
|
73
|
22
|
562
|
111
|
503
|
136
|
148
|
110
|
444
|
2452
|
995
|
1
|
عدد الوحدات السكنية
|
83
|
98
|
24
|
567
|
106
|
489
|
143
|
137
|
104
|
309
|
3355
|
850
|
1
|
نسبة المساكن الملك
|
77.1
|
92.9
|
85.7
|
60.5
|
97.4
|
95.0
|
91.6
|
88.5
|
90.4
|
86.9
|
48.2
|
91.8
| |
متوسط عدد الغرف في المسكن
|
2.3
|
4.3
|
1.9
|
1.5
|
2.1
|
2.1
|
2.8
|
3.2
|
2.3
|
2.6
|
3.0
|
2.7
|
المصدر: الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني, دليل التجمعات السكانية, محافظة أريحا, المجلد التاسع, أغسطس 2000
وفي عام 2003 بلغ تعداد السكان في محافظة أريحا 40,822 نسمة بكثافة سكانية بلغت 69 فرد/كم2," وهي نسبة 1,2 بالمائة من سكان الضفة الغربية وقطاع غزة" ومنهم 20,781 ذكور و 20.041 إناث, ونسبة 47 بالمائة من السكان يقطنون مدينة أريحا, ونسبة 34بالمائة يسكنون القرى المجاورة ونسبة 19 بالمائة يقطنون مخيمي عقبة جبر وعين السلطان, والسكان يتوزعون على 11 تجمع عمراني و 50.015 وحدة سكنية[8]
التعليم:
يوجد في محافظة أريحا 24 مدرسة, منها 17 مدرسة حكومية وأربع مدارس خاصة, وثلاث مدارس تابعة لوكالة الغوث الدولية لتشغيل اللاجئين الفلسطينيين وتضم جميعها نحو 10,070 تلميذا وتلميذة, يقوم على تعليمهم 536 معلما ومعلمة[9] ورغم الجهود الحثيثة لوزارة التربية والتعليم ومديريتها في أريحا, إلا أن الغرف الصفية في هده المدارس مكتظة بالتلاميذ, وهناك في مدينة أٍريحا فرع لجامعة القدس المفتوحة يضم نحو 700 طالبا وطالبة. وقد تم مؤخرا بناء مكتبة مركزية في مدينة أريحا ومساحتها 1060م 2 وتتكون من طابقين وتقدم خدماتها إلى 18000 من مواطني المحافظة, ومن ضمن مبنى المكتبة يقع مركز للتدريب تابع لوزارة الحكم المحلي.
أريحا خلال الانتفاضة الحالية:
مند منتصف فبراير عام 2001 كانت أريحا ضحية الاستراتيجيات الجديدة للجيش الإسرائيلي التي تمت تجربتها في أريحا من أجل تعميمها على باقي المدن الفلسطينية في حال نجاحها في محاصرة أريحا وقمع انتفاضة الشعب الفلسطيني, وهده الإستراتيجية تتمثل بالخندقالذي حفرته قوات الاحتلال على عمق عدة أمتار وعرض ثلاث أمتار تقريبا حول مدينة أريحا ويمتد هدا الخندق على طول الشارع الالتفافي خط رقم 90 على الجانب الشرقي من المدينة والدي يضطر الأفراد إلى سلوك معبر واحد جنوب المدينة يشتمل على ثلاث ممرات أو سلوك معبر آخر يقع في غرب المدينة يشتمل على ممرين في حالتي الدخول أو الخروج من المدينة[10], وهده المعابر التي تقع في نهايات الخندق من جهتي الجنوب والغرب هي عبارة عن نقاط تفتيش يقوم بحراستها الجيش الإسرائيلي, قد أقيمت من أجل إلغاء الطرق الترابية التي حفرها الفلسطينيون للخروج من المدينة دون المرور عبر نقاط التفتيش الإسرائيلية, وهده المعابر تغلق وتفتح حسب أهواء جيش الاحتلال, مما جعل مدينة آريحا معزولة عن باقي المدن الفلسطينية, وأيضا يصعب دخول هدا الخندق مشيا على الأقدام حتى من قبل الأشخاص الأقوياء بدنيا, والممر الوحيد المتبقي هو من جهة الغرب وهو فقط للدين يستطيعون قطع مسافات طويلة على أقدامهم وصعود الجبال الغربية أو ركوب الحيوانات, وعلاوة على صعوبة هده الطريق فإنها أيضا غير آمنة ولا تلبي احتياجات سكان المدينة, ومثل هدا المستوى من الحصار الذي خبره سكان مدينة أريحا قد زاد من معاناتهم تحت الاحتلال, وعلاوة على دلك فان سكان المناطق المجاورة سواء سكان القرى والمخيمات أو سكان التجمعات البدوية والدين يعتمدون على الخدمات المتوفرة في مدينة أريحا يعانون من عدم دخول المدينة مثلهم مثل سكان المدينة الدين لا يستطيعون مغادرة مدينتهم, وكدلك التلاميذ وطلاب الجامعات والعمال من القرى المجاورة يواجهون صعوبات كبيرة في أثناء دخولهم وخروجهم من المدينة, ويواجه المزارعين كذلك صعوبة كبيرة في الوصول إلى مزارعهم أو في تسويق منتجاتهم الزراعية, وأيضا فان مستشفى آريحا الذي يتسع إلى 54 سرير هو المستشفى الوحيد في المنطقة. إن إحاطة أريحا بمثل هدا الخندق يمثل مستوى جديد من الحصار, الذي يعتبر عائق يمنع الفلسطينيين من الحياة بسلام
الاقتصاد:
في الفترة الواقعة بين 1995 و 2000 شهدت مدينة آريحا ومحافظة الأغوار تطورا ملحوظا في كافة القطاعات وخاصة القطاع السياحي" بعد اتفاقيات أوسلو " والتشغيل في كافة القطاعات كان مرتفعا, وكانت نسبة العمال فوق سن 15 عاما 48.5 بالمائة, وبلغ عدد العمال نحو 17.500 منهم 10.500 كانوا يعملون في قطاع الزراعة و1.29 في قطاع السياحة و 717 في التجارة و 457 في قطاع الخدمات و 186 في تجارة المحاصيل الزراعية و 450 في قطاع الصناعة و 183 في قطاع البناء و 108 في الأعمال الحرفية و 3.770 عمال في إسرائيل وقطاعات اقتصادية مختلفة[11].
الزراعة:
يمتاز قطاع الزراعة في محافظة أريحا بإمكانيات اقتصادية وبيئة زراعية وخصائص مناخية وطبوغرافية فريدة. توفر الينابيع الطبيعية والآبار العميقة في منطقة أريحا يعزز الزراعة المروية ل 51000 دونم " كل دونم يساوي ¼ آكر" ويمكن زيادة هده المساحة إلى 285000دونم في حالة استرجاع الفلسطينيين لحقوقهم المائية وخاصة في نهر الأردن. وأهم المحاصيل هي الموز والتمور والحمضيات والخضار بالتناوب مع القمح الشتوي. يصل الإنتاج السنوي من المحاصيل الزراعية إلى 79.812 طن بقيمة تبلغ 45.456 مليون دولار أمريكي, أي6.7 بالمائة من القيمة الكلية للمحاصيل الزراعية في الأراضي الفلسطينية[12], أيضا فان قطاع الثروة الحيوانية يعتبر من أهم القطاعات الاقتصادية في محافظة أريحا, ويوجد هناك نحو 1100 من مربي الثروة المواشي في 11 تجمع سكاني , وبلغ عدد المواشي والأغنام نحو78.380 رأس, بالإضافة إلى 1.014 رأس من البقر, ومن بينها 320 بقرة حلوب, وتنتج 12.800 لتر من الحليب يوميا, وقد بلغت قيمة الإنتاج الحيواني نحو 17.123 مليون دولار أمريكي في العام 2004/2005, أي تساوي 5 بالمائة من قيمة الإنتاج الحيواني في الأراضي الفلسطينية[13]. هناك عدة أـسباب تعيق تطور القطاع الزراعي في محافظة أريحا والأغوار, فإسرائيل لا زالت تتجاهل الحقوق المائية للفلسطينيين في مياه نهر الأردن, علاوة على سيطرتها الكاملة على أكثر من 38 بالمائة من الأراضي الفلسطينية في المحافظة, أيضا فان ظاهرة تفتيت الملكية الناتجة عن نظام الإرث, قد أدى إلى صغر حجم الحيازات الزراعية مما يعيق إدخال المكننة الزراعية أوالتوسع في تقديم الخدمات الزراعية, علاوة على ضيق السوق أمام المنتجات الزراعية الناجم عن الإجراءات والسياسات الإسرائيلية التي تسيطر على كافة المعابر للمحافظة, وكدلك الاعتماد الكامل على استيراد المدخلات الزراعية, وتخلف الصناعات الغذائية. في سنوات العقد الأخير أخدت ظاهرة التوسع العمراني بالانتشار على حساب الأراضي الزراعية واعتبارها مخزونا عقاريا في المستقبل, نتيجة لعدم وجود قوانينوتشريعات ضابطة لحماية المساحات الزراعية, وبنفس الوقت خلو المخططات الهيكلية من تحديد المناطق والمساحات الزراعية.
الصناعة:
قطاع الصناع في فلسطين صغير الحجم عموما, وفي عام 1990 لم يتجاوز حجم التشغيل في الورش الصناعية الفلسطينية أربع عمال, وفقط 30 منشأة صناعية فلسطينية تشغل 50 شخصا فأكثر, وفي عام 1989 وخلال أزمة الخليج لم تشغل المنشآت الصناعية الكبرى إلا خط إنتاج واحد فقط من قدرتها الإنتاجية, ولكن بعد اتفاقيات أوسلو بدأ قطاع البناء بالتطور السريع في المنطقة.
تم إنشاء مصنعا للحديد في الجزء الشرقي من مدينة أريحا وهدا المصنع لا زال يعمل ويلبي احتياجات الفلسطينيين في الضفة الغربية, وبعد اتفاقيات أوسلو تم إنشاء بعض الوحدات الصناعية الصغيرة في أريحا, ومنها بعض مشاغل الخياطة وبعض الصناعات الغذائية ومصانع المياه المعدنية. وبشكل عام فان المشكلة الرئيسية التي تواجه الصناعة في آريحا هي افتقار المحافظة إلى منطقة صناعية تكون بعيدة عن المناطق السكنية, لأن معظم المناطق الصناعية المقترحة تقع شمال المنطقة " ج " هي تحت السيطرة الإسرائيلية, لدا فان تركز الصناعة داخل مدينة آريحا يهدد البيئة والمياه الجوفية ويشوه إشغال الأرض الحضرية في المدينة.
السياحة:
كانت أريحا منتجعا شتويا معروفا للكثير من الزائرين بسبب تاريخها العريق كأقدم مدينة في العالم وبسبب طقسها المعتدل في فصل الشتاء, ولكن خلال الانتفاضة الأخيرة وبسبب إغلاق المنطقة من قبل الاسرائليين تراجعت السياحة بشكل واضح سواء على مستوى الرحلات اليومية من الضفة الغربية أو السياحة الدولية لمدينة أريحا القديمة والبحر الميت. يوجد في منطقة أريحا 102 موقع تاريخي وسياحي, ونصف هده المواقع تقع في مدينة أريحا, فهناك مدينة أريحا القديمة, وجبل التجربة " قرنطل ", وقصر هشام بن عبد الملك بن مروان....الخ[14].
بين 1994 و 2000 شهدت مدينة أريحا تطورا كبيرا في مجال السياحة, حيث تم افتتاح كازينو أريحا عام 1998, وإنشاء شبكة التلفريك التي تسهل صعود السائحين إلى جبل التجربة " قرنطل " وقد وصل عدد السائحين سنويا نحو 250000 إلى 300000 سائح, وقد تراوح عائد السياحة بين 80 إلى 90 مليون دولار أمريكي سنويا قبل عام 2000 الذي شهد اندلاع الانتفاضة[15], وقد هبط عدد السائحين عام 2005 إلى نحو 2000 سائح فقط بعائد لا يتجاوز 170000 دولار أمريكي.يوجد 7 فنادق في مدينة أريحا فيها 355 غرفة و 738 سرير و 301 موظف قبل عام 2000, وفي المدينة يوجد 18 مطعما تشغل 189 عاملا وعائد يصل إلى 3.5 مليون دولار أمريكي سنويا[16]. كازينو أريحا أنشيء عام 1998 داخل حدود بلدية أريحا لاستقبال الزائرين من إسرائيل ومن دول مختلفة أخرى. العديد من الصعوبات تواجه قطاع السياحة في أريحا, ومن أبرزها إعادة صيانة البنية التحتية في مجال الكهرباء والطرق والمواقع السياحية, وأيضا الإجراءات الإسرائيلية على الأرض ومنها الاغلاقات والحواجز وعدم السماح للسياح إلى دخول المدينة مما خلق الصعوبات أمام تطور القطاع السياحي
إن قدرات القطاع السياحي في محافظة أريحا على التطور هي ممكنة جدا, على عكس القطاعات الأخرى مثل قطاعي التجارة والصناعة اللذين يعتمدان على الاتفاقيات والدعم المالي ذات الأطر
الوطنية والدولية, وكدلك فان تطوير الزراعة يتطلب موارد مائية كبيرة وبنية تحتية وتمويل وتدريب, ولكن تنمية القطاع السياحي يمكن أن يتحقق بسهولة أكبر من القطاعات الأخرى وخصوصا أن آريحا غنية بتاريخها ومواقعها الأثرية القديمة, فهي تحتاج إلى نوع من الترقية والتنشيط والتسويق السياحي وتوفير التسهيلات الملائمة. وفي الواقع فان لجنة تنشيط السياحة في أريحا قد قدمت جهودا كبيرة من أجل تطوير هدا القطاع وكان من ضمن هده الجهود تقديم منحة 80 مليون دولار من أجل تطوير وتنشيط السياحة في المحافظة.
الوضع المائي والاستخدامات المختلفة:
تحتاط أريحا على ثماني ينابيع بقدرة إنتاجية تصل إلى 30.384م م3 سنويا و 83 بئرا بقدرة إنتاجية تصل إلى 12.761000 م3 سنويا, وأيضا هناك نحو 303 بئر جمع وبرك زراعية مفتوحة تتسع إلى 92.300 م3. إن كمية المياه من كلا المصدرين تصل إلى43.145000 مليون متر مكعب سنويا[17].
تعتبر المياه في آريحا أهم الموارد الطبيعية الثمينة, وتعتبر ندرتها النسبية عائق رئيسي أمام التنمية الاقتصادية, يظهر ميزان التزود بالمياه في مدينة أريحا أن 71,000م3 يوميا متوفرة من ينبوعين و 27.000م3 يوميا تتوفر من 42 بئر ملك خاص, وأهم المشاكل التي تواجه قطاع المياه هي:
1) ارتفاع نسبة التبخر عالية جدا وتصل إلى 2.600 مليون متر مكعب سنويا في محيط منطقة أريحا.
2) جفاف بعض الينابيع مثل الينبوع الرئيسي في قرية العوجا بسبب قيام إسرائيل بحفر العديد من الآبار العميقة قرب ينبوع العوجا
3) عدم سماح سلطات الاحتلال الإسرائيلي بمنح الفلسطينيين تراخيص حفر أبار جديدة
4) تلوث بعض الينابيع والآبار
5) العديد من الآبار لا تعمل وقد جفت تماما
6) تجاهل الاحتلال الإسرائيلي للحقوق المائية للفلسطينيين في نهر الأردن
الاعتبارات البيئية:
على الرغم من تواضع التطور الصناعي وانخفاض نسبة السكان والمواصلات الثانوية والتي هي في توازن مع البيئة في منطقة أريحا, إلا أن محافظة أريحا تتخلص يوميا من نحو 45 طن من النفايات الصلبة في مواقع نفايات بدائية والتي تسبب تهديدا حقيقيا لنوعية الموارد المائية الجوفية عدا عن الروائح الكريهة , وكدلك فان أريحا تفتقد لشبكات الصرف الصحي وخاصة أن الصناعات الغذائية تستخدم المياه في عمليات التصنيع وأنها تتخلص من المياه العادمة مثلها مثل أكثر من 6500 وحدة سكنية في الحفر الامتصاصية التي تشكل خطرا على المياه الجوفية في المنطقة, مع العلم أن سعة كل حفرة امتصاصية تبلغ 5م3
تقوم بلدية أريحا بجمع النفايات الصلبة في مدينة أريحا ومخيم عقبة جبر للاجئين الفلسطينيين, مع العلم أن جايكا " المؤسسة اليابانية للتعاون الدولي" قد انتهت من مشروع تدوير النفايات في العام 2006 لصالح بلدية أريحا. أما جمع النفايات الصلبة في مخيم عين السلطان فيقع على عاتق وكالة الغوث للاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة, ولكن جمع النفايات الصلبة في التجمعات السكانية الأخرى فيقع على عاتق المجالس المحلية.
إن الاستخدام المفرط في استخدام الأسمدة الكيماوية في الزراعة والتي في عدد كبير منها محظور دوليا يشكل خطرا آخرا على المياه الجوفية في المنطقة وسيرفع من كميات التملح في المياه وعدم صلاحيتها مستقبلا في الزراعة وأن التوازن الحالي سيكون هشا ادا استمر الوضع الحالي في استخدام الموارد المائية في المنطقة.
التهديدات:
أولا : الاحتلال الإسرائيلي
لقد أدت قلة سيطرة الفلسطينيين على عملية التخطيط العمراني في محافظة أريحا والأغوار وإهمال قوات الاحتلال الإسرائيلية لتطوير الأراضي الفلسطينية نحو 40 عاما إلى تدهور المناطق الحضرية الفلسطينية في المحافظة, فقد أدى تدني مستوى توصيل الخدمات وسوء التخطيط والقيود المفروضة من قبل الاحتلال إلى مشاكل عمرانية أثرت بشكل سلبي على عملية التطور الحضري في مدينة أريحا والتجمعات العمرانية المحيطة بها. وصاحب هده القيود إقامة أبنية غير مرخصة وغير مخطط لها مما أدى تمدد عمراني غير منظم والى إساءة استخدام الأراضي الزراعية القيمة والفقدان التدريجي للمساحات الخضراء. لدلك فقد أدى التوسع العمراني الغير مدروس أو غير المخطط له إلى التعدي على الأراضي الزراعية والمراعي, هدا بالإضافة إلى التأثير السلبي على البيئة والموارد الطبيعية كما حد من إمكانية استدامتها وتطورها.
إن تقسيم الأراضي الفلسطينية حسب اتفاقيات أوسلو سنة 1993 إلى مناطق أ.ب.ج. قد أنتج مخططين مختلفين ومتوازيين: الأول إسرائيلي, لخدمة المستعمرين الإسرائيليين القاطنين في الضفة الغربية, والآخر فلسطيني لخدمة الشعب الفلسطيني, وقد قامت الخطط الإسرائيلية على أساس إعاقة تطور المناطق الفلسطينية وتدمير واستنزاف المصادر الطبيعية والبيئية. وقد أدت جميع هده الممارسات إلى خلق عدم تواصل جغرافي بين الأراضي الواقعة تحت السيطرة الفلسطينية. ونتيجة لدلك فقد أصبح هنالك عائق مادي رئيس أمام تحقيق تنمية مستدامة في محافظة أريحا والأغوار
إن عملية مصادرة الأراضي من قبل الاحتلال الإسرائيلي لبناء المستعمرات وإنشاء مناطق عزل للفلسطينيين في المحافظة قد أدى إلى خلق قيود كبيرة على إمكانية توسع مناطق البناء الفلسطينية أفقيا في التجمعات الحضرية المحيطة بمدينة أريحا وخاصة في المناطق "ب" و"ج".
وكدلك تتعرض محافظة أريحا مند عام 1967 إلى نشاطات استعمارية إسرائيلية ضخمة ودلك بسبب موقعها بقرب الحدود الشرقية للضفة الغربية وفي غور الأردن الذي تتوفر فيه المياه والتربة الخصبة. وتعتبر معظم أراضي المحافظة مصنفة كمنطقة " ج " قسم منها منطقة عسكرية إسرائيلية, والتي تضم العديد من المستعمرات والقواعد العسكرية الإسرائيلية, اد يمنع الفلسطينيون من الوصول اليها. إضافة إلى دلك, فقد تم بناء طريق التفافي " ابتلع ألاف الدونمات الزراعية " شرقي مدينة أريحا لربط المستعمرات الإسرائيلية بالقواعد العسكرية في الجزأين الشمالي والجنوبي للمحافظة.
إن عدد المستعمرات الإسرائيلية الحالي في منطقة أريحا والأغوار هو 24 مستعمرة, وهو ضعف عدد التجمعات الفلسطينية في المحافظة, وقد تم بناء معظم المستعمرات الإسرائيلية خلال السبعينات, ولقد تسارع التوسع الاستعماري خلال التسعينات وتحديدا بعد اتفاقيات أوسلو خاصة بعد عام 1997, اد احتلت المستعمرات الإسرائيلية 2.6 بالمائة من مساحة المحافظة عام 1989 وازدادت هده المساحة بشكل ملحوظ بمعدل 603 دونم/ سنة بين الأعوام 1997 إلى 2003 لتحتل 3.6 بالمائة من مساحة المحافظة الكلية عام 2003 حيث بلغت مساحة المستعمرات الكلية 22230 دونم. كما رافق هدا التوسع ازدياد في عدد سكان المستعمرات من 3564 مستعمر عام 1989 إلى 6652 مستعمر عام 2003. بالإضافة إلى زيادة في مساحة القواعد العسكرية الإسرائيلية الواقعة في المحافظة بزيادة قدرها 13.6 بالمائة بين الأعوام 1989 و 2003 ومن الجدير بالذكر أنه قد تم ضم محافظة أريحا إلى منطقة العزل الشرقية المخطط لها من قبل إسرائيل حيث يوجد العدد الأكبر من الآبار الارتوازية " 74 بئر و 4 ينابيع" , والتي يقدر كمية المياه المستخرجة منها بحوالي 23 مليون متر مكعب سنويا, وهي الكمية التي ستكون مهددة عن طريق الخطة الإسرائيلية للعزل[18].
إن المنطقة الملائمة للتطور العمراني المتوقعة في محافظة أٍريحا والأغوار هي متعذرة للفلسطينيين وتحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة وتبلغ 38.2 بالمائة من مساحة المحافظة وتعتبر مناطق عسكرية إسرائيلية مغلقة لا يسمح للفلسطينيين باستعمالها بأية طريقة, ولا يتبقى إلا نسبة منخفضة تبلغ 0.1 بالمائة تعتبر ملائمة للنمو العمراني , أي أن المحافظة وضعا حرجا
بالنسبة للنمو العمراني المستقبلي[19], وهدا ما دفع نسبة 13.9 بالمائة من سكان المحافظة إلى استخدام جزءا من أراضيهم الزراعية للبناء عليها بعد عام [20]1993 .
ثانيا: التخطيط الهيكلي
اليوم تشهد محافظة أريحا والأغوار تطورا ملحوظا في مساحة منطقة البناء والتي ازدادت من 1378 دونم سنة 1989 إلى 2695 دونم سنة 2000 بنسبة زيادة كلية مقدارها 95.7 بالمائة[21] ولقد كان التغير السنوي في زيادة منطقة البناء يعادل 137 دونم/ سنة فقط للفترة بين 1989 إلى 1995, بينما انخفضت هده القيمة إلى 99 دونم / سنة خلال الفترة 1995 إلى 2000. رغم دلك فقد أظهرت التحاليل أن التوسع العمراني قد حدث معظمه في منطقة" أ " ليشكل 3.7 بالمائة من مساحة المحافظة[22], بينما كان التوسع في المناطق "ب" و "ج" محدود جدا, أي أن مجمل الزيادة العمرانية وقعت في مدينة أريحا التي تقع ضمن المنطقة "أ", وقد رافق هده الزيادة نموا في عدد السكان الكلي من 22187 نسمة سنة 1989 إلى 35352 نسمة سنة 2000 وكدلك فان الكثافة السكانية في محافظة أريحا بلغت حوالي 66 فرد/ كم2. وأن حصة الفرد من مساحة الأراضي الزراعية الدائمة قد انخفضت إلى 341 م2 للعام 2002، من 356 م2 لعام 2001, وفي عام 2004 بلغت الكثافة السكانية فيها حوالي 71 فرد/كم2، فيما تراجعت حصة الفرد من مساحة الأراضي الزراعية الدائمة إلى حوالي 316.9 م2/, وأما في عام 2005 فقد ارتفع عدد سكان المحافظة إلى أكثر من 40 ألف نسمة وبلغت الكثافة السكانية فيها حوالي 73.6 فرد/كم2، فيما ازداد التراجع في حصة الفرد من مساحة الأراضي الزراعية إلى حوالي 305.1 م2/فرد[23], وتعبر هده الأرقام بوضوح إلى التعدي الصارخ على الأراضي الزراعية التي تشكل سلة الغداء الرئيسية لسكان مدينة أريحا التي تضم 47 بالمائة من سكان المحافظة.
في ظل غياب مخطط هيكلي لمدينة أريحا والتجمعات المحيطة, أولا سيتم إنشاء العديد من المشاريع العمرانية على الأراضي الزراعية خلال الفترة التي ربما ستنجز بها المخططات الهيكلية مستقبلا وفترة التصديق عليها, وثانيا يتوقع أيضا أن الأراضي ذات الإمكانيات الزراعية سيتمّ وضعها على ذمة البناء نظرا للحاجة الملحة لتوفير المساكن والفنادق السياحية وحاجة الصناعة, وخاصة ادا تحقق السلام فكثير من الأموال ستستثمر في تطوير العديد من المشاريع الاقتصادية والعمرانية في محافظة أريحا والأغوار, وسينتظر المزارعين الفرص الملائمة لبيع أراضيهم والاستفادة من الربح العقاري. وهذا أيضا ما يفسّره وجود بعض الأراضي الزراعية المهملة والانحسار التدريجي للأراضي الزراعية داخل مدينة أريحا.
المهندسة تمارا عريقات رئيس قسم التنظيم والترخيص في بلدية أريحا, أكدت أن تراخيص البناء لا تتم وفق أي مخطط هيكلي للمدينة, فالمخطط الهيكلي الحالي الذي نفذته شركة أرابتك جردانة لم يتم التصديق عليه, وخاصة أن هدا المخطط يغطي 25 كم2 فقط في حين أن حدود بلدية أٍريحا ارتفعت إلى 45 كم2. الجدول التالي يوضح مجموع مساحات المباني التي تم ترخيصها خلال آخر خمس سنوات من قبل قسم التنظيم والترخيص في بلدية أريحا
مساحة المباني المرخصة بالمتر المربع
|
السنة
|
17012
|
2002
|
23837
|
2003
|
32032
|
2004
|
61720
|
2005
|
22601
|
2006
|
المصدر: قسم التنظيم والترخيص, بلدية أريحا, المهندسة تمارا عريقات, بتاريخ 22/11/2007
يوضح الجدول أن مساحات البناء في ارتفاع مستمر, حيث ارتفعت من 17012م2 عام 2002 إلى 32032 م 2 سنة 2004, وقد ارتفعت المساحة المبنية داخل مدينة أريحا عام 2005 إلى 61720 م 2 وهي أعلى مساحة بناء خلال الخمس سنوات الأخيرة, وهي السنة التي نفدت فيها مؤسسة جايكا اليابانية عدة مشاريع حيوية في المدينة. ادا في ظل غياب قوانين ضابطة لا يبقى هناك أي ضمان يحول دون تغيير الصبغة الزراعية لأراضي المزارعين, ويبقى وضع الأراضي الزراعية معلّقا وينظر إليها على أساس كونها مدخرات عقارية للتوسع العمراني المستقبلي.
وفي اللقاء الذي عقده الباحث من المرصد الحضري في جامعة القدس مع محافظ أريحا السيد عريف الجعبري بتاريخ 8/10/2007 أكد المحافظ على ضرورة المحافظة على الأراضي الزراعية ورفضه الشديد للتعديات التي تقع على أراضي الدولة والأراضي الزراعية, وقال أنه تم تشكيل لجنة وزارية للبحث في هده التعديات, وشدد الجعبري على أهمية وضرورة التنظيم الهيكلي للمدينة والمحافظة الذي يجب أن يأخذ بعين الاعتبار كافة المرافق, وقال أن مساحة أراضي الأوقاف الإسلامية التي تبلغ 170 ألف دونم في محافظة أريحا, وهي أكبر مساحة من الأراضي تملكها الأوقاف الإسلامية في فلسطين, ورغم السيطرة الإسرائيلية على مساحات كبيرة من أراضي الأوقاف الإسلامية في محافظة أريحا, إلا أنه سيتم استرجاعها وفقا للقانون الدولي الذي يحمي الأراضي الوقفية, وستشكل هده الأراضي الوقفية التي يقع جزء كبير منها في مدينة أريحا الرئة الخضراء للمدينة لأنها ستكون محمية من التعديات العمرانية.
وكدلك أعرب الدكتور كمال قبعة المستشار القانوني في محافظة أريحا عن تخوفه من مستقبل الأراضي الميري في المحافظة, والتي قال أنها في حال شملها ضمن المخططات الهيكلية تصبح أراضي خاصة لا حماية لها في ظل عدم تفعيل الأدوات القانونية والتنفيذية. ولدلك فقد أكد الدكتور قبعة في اللقاء على ضرورة الاهتمام بعملية " توجيه البناء[24] " في الظروف الحالية ودلك من أجل الحفاظ على الأراضي الزراعية المساعدة المخصصة للزراعة وتقع ضمن المخططات الهيكلية.
أما رئيس بلدية أريحا الأستاذ حسن صالح فقد أعرب في مكتبه بتاريخ 8/10/2007 عن قلقه على مستقبل الأراضي الزراعية, وخاصة أن هناك زيادة سكانية ملحوظة في المحافظة, ولا بد من إقامة المساكن للأعداد المتزايد من السكان, وحيث قال رئيس بلدية أريحا, أنه بدءا من مصادرة أٍراضي الزور وترحيل سكانها عنها عام1967, بدأت المحافظة تفقد أفضل الأراضي الزراعية, ولا سبيل للتطور العمراني إلا على حساب الأراضي الزراعية وخاصة في المنطقة "أ" الغير منظمة وليس لها مخطط هيكلي[25], والتي تبلغ مساحتها 63.5 كم2 بما فيها قرية العوجا في الجهة الشمالية للمدينة, وقال أنه بسبب العراقيل الإسرائيلية لا زلنا في بلدية أريحا نواجه مشكلة عدم تحديد موقع لمعالجة المياه العادمة وتكريرها لمشروع شبكة الصرف الصحي الذي سيتم تنفيذه في المدينة العام المقبل.
إلا أن السؤال الرئيسي الذي يبقى بدون إجابة : هل ستعتبر الأراضي الزراعية المتبقية في أريحا والأغوار فراغات ومدخرات للتوسع العمراني ؟ وللإجابة على هدا السؤال لا بد لأصحاب القرار ومنظمات المجتمع المدني والجهات والوزارات المعنية من الإعداد لورشة عمل وطنية تتناول كافة جوانب مسألة الزراعة الحضرية في أريحا وفي غيرها من محافظات الوطن.
الخاتمة:
في ظل غياب مخطط هيكلي لمدينة أريحا وفي ضوء هده الأوضاع التي أوضحتها الدراسة, فان المرصد الحضري في محافظة أريحا, أحد المراكز البحثية في جامعة القدس, والدي يتبنى المؤشرات الحضرية لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية " الهابيتات " سيقوم بمسح شامل للمنطقة باستخدام أسلوب المشاركة, سيقيم أولويات التنمية الحضرية والخدمات والأنشطة المدرة للدخل...الخ, مع مراعاة إبراز أهمية الحفاظ على ضرورة الإبقاء على الأراضي الزراعية الحضرية كسلة غداء ورئة تتنفس منها مدينة آريحا.
المرصد الحضري في محافظة أريحا يرقب باهتمام الأولويات التالية:
1) ضرورة تحديث المخطط الهيكلي لمدينة أريحا, فالمخطط الحالي الذي نفذته شركة أرابتك جردانة مند سنوات غير معمول به لأن مساحة حدود بلدية أريحا ارتفعت من 25كم2 إلى 45كم2
2) ضرورة عقد ورشة عمل وطنية حول تفعيل القوانين والتشريعات التي تحمي الأراضي الزراعية كمكون فضائي للحيز الحضري في مدينة أريحا وغيرها من مدن فلسطين
3) ضرورة رفع المستوى الصحي في المدينة والمحافظة وكدلك الحاجة الأكيدة للتدريب في مجال الصحة العامة
4) تحسين وضع المخيمات والأحياء الفقيرة وخاصة في مجال التزود بالمياه, وحماية ساكنيها من الأخطار والكوارث
5) تمكين الفقراء الدين يفتقرون للضمانات من أجل الحصول على قروض من مؤسسات الإقراض المحلية أسوة بالأغنياء
6) تمكين المرأة وتطوير قدراتها وإشراكها في صنع القرار والاستفادة من شريحة النساء التي تشكل نصف المجتمع
انتهى البحث
الملاحق:
1) المخطط الهيكلي الذي نفذته شركة أرابتك جردانة عام 2002, والدي يغطي مساحة 25كم2 وغير مصادق عليه, في حين ازدادت مساحة حدود بلدية أريحا الى 45كم2
2) صورة جوية لمدينة أٍريحا تكشف البناء العشوائي على حساب الأراضي الفللاحية
[1] مقابلة مع الدكتور علي عبد الحميد , رئيس مركز التخطيط والتطوير الحضري في جامعة النجاح الوطنية في نابلس, بتاريخ 20/9/2007
[4] يعرف تخطيط استعمالات الأرض بأنه تقييم منهجي منظم للأرض واستخداماتها القائمة وكدلك للعوامل الطبيعية والاجتماعية والاقتصادية بطريقة تساعد وتشجع مستخدمي الأرض على اختيار أنماط استخدام مستدامة sustainable تمكن من زيادة الانتاج وتلبية حاجات السكان وفي نفس الوقت تحافظ على البيئة" د.غنيم, عثمان, تخطيط استخدام الأرض الريفي والحضري, 2001 , عمان "
[6]5 Fayez Freijat and Other, ( Dec..2005), Jericho Development, Need for City and Territorial Planning, Urbanistica pvs international journal, Rome, Italy N. 41
[8] Fayez Freijat and Other, ( Dec..2005), Jericho Development, Need for City and Territorial Planning, Urbanistica pvs international journal, Rome, Italy N. 41
[10] Fayez Freijat and Other, ( Dec..2005), Jericho Development, Need for City and Territorial Planning, Urbanistica pvs international journal, Rome, Italy N. 41
[11] منشورات غرفة التجارة والصناعة في مدينة أريحا 2003
[12] وزارة الزراعة الفلسطينية, محافظة أريحا, 2007
[13] مقابلة مع الطبيب البيطري الدكتور أمين أبوستة, مدير دائرة البيطرة في محافظة أريحا بتاريخ 17/2/2005
[21] أريج, أثر النشاطات العمرانية المختلفة على استخدام الأرض والمجتمعات الفلسطينية في الضفة الغربية, 2005, صفحة 43
[23] الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني, تقارير لسنوات مختلفة
[24] مقابلة شخصية مع محافظ أريحا السيد عريف الجعبري والمحامي الدكتور كمال قبعة المستشار القانوني للمحفظة بتاريخ 8/10/2007
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق