التسميات

الاثنين، 22 يوليو 2013

التركز السكاني في الجمهورية اليمنية بين تعدادي 1994 و 2004م ...

التركز السكاني في الجمهورية اليمنية بين تعدادي 1994 و 2004م
د.محمد علي عثمان المخلافي*
مقدمة:

بعد أن نجحت اليمن في التخلص من الحكم الإمامي الاستبدادي في ثورة 26سبتمبر 1962م، وبعد أن قامت ثورة 14 أكتوبر 1963م ضد الاستعمار الإنجليزي، وحررت الأجزاء المحتلة من الوطن في 30 نوفمبر 1967م ، اتجهت نحو التخطيط للتنمية الاجتماعية والاقتصادية في محاولة منها للحاق بالدول التي سبقتها في هذا المجال.
وعلى الرغم من تلك الجهود التنموية التي تمت منذ  قيام الثورة  حتى الآن، إلا  أن اليمن لا زالت تعاني من تخلف كبير في كثير من المجالات، ويرجع ذلك إلى التزايد السكاني السريع في اليمن، إضافةً إلى ما تتميز به اليمن من تشتت كبير لمراكزها السكانية بالشكل الذي يعيق نشر الخدمات المختلفة: التعليمية والصحية وخدمات الماء والإنارة والصرف الصحي... الخ
ولا شك في أن إعادة وحدة الوطن في 22 مايو1990م  قد عملت على تجميع موارد الوطن، ولكن الواضح هو أن اليمن أصبحت بحاجة ماسة  لإجراء كثير من الأبحاث وبصفة خاصةً الأبحاث السكانية، وبالذات عن التركز السكاني في الجمهورية اليمنية، والذي لا شك أنه قد تغير كثيراً بعد إعادة وحدة الوطن،ومما يساعد على إجراء مثل هذه الأبحاث هو وجود نتائج تعدادي 1994و2004م اللذين تم إجراؤهما بعد قيام الجمهورية اليمنية. وهكذا فإن هذا البحث يأتي للكشف عن مدى تركز السكان في الجمهورية اليمنية، ولعل في هذا البحث المتواضع ما يفيد متخذي القرار، وينبههم إلى بعض مواضع الخلل في توزيع السكان لأجل وضع الحلول لها بما يساعد على تقدم اليمن وتطورها.

أهمية البحث ومبرراته: 
يهتم الجغرافيون بالأبحاث التي تتناول السكان من حيث التركز أو التبعثر اهتماماً كبيراً، لأن تركز السكان أو تبعثرهم يعد واحدة من أهم المشاكل الكبيرة التي تواجهها الدول والمجتمعات الحديثة وخاصةً الدول النامية ، إذ يمثل ذلك تحدياً لأي دولة سواء من الناحية الاقتصادية أو الاجتماعية وحتى من الناحية الأمنية، وهذا يعني أن مثل هذا التوزيع لا يمثل تحدياً لخطط الدولة التنموية فحسب بل أنه يمثل بحد ذاته تهديداً خطيراً لأمنها وسيادتها ووحدتها الوطنية، وما دام هذا التوزيع يمثل مشكلة كبيرة لأي دولة فإن نتائجها الخطيرة ستكون أشد وطأة على بلد كاليمن الذي يعد واحداً من أقل دول العالم النامية نمواً، إضافةً إلى ما تتميز به اليمن من تشتت كبير للمراكز السكانية، بحيث بلغ عددها في تعداد 2004م بحسب نتائج مرحلة العد (129299) مركز سكاني منها (40621) قرية و(88678) محلة.(1) والأخطر من ذلك هو التباين الكبير الذي ظهر في توزيع السكان بعد إعادة  وحدة اليمن في22مايو1990م، والذي يحتاج بالتأكيد إلى سياسة سكانية حازمة تهدف إلى إعادة توزيع السكان والتقليل من التركز السكاني الكبير في بعض المحافظات والتخلخل الكبير في بعضها الأخر.

ومن الجدير بالإشارة إليه هنا هو حاجة اليمن إلى أبحاث متعددة عن السكان خاصةً من حيث التوزيع والكثافة السكانية لكي تكون هذه الأبحاث عاملاً يساعد على استكمال مقومات بناء الدولة اليمنية الحديثة ، ويفتح أمامها أفاقاً واسعة لتحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية شاملة ومتناسقة ترتكز على قاعدة إحصائية، خاصةً وأن هنالك بيانات جديدة للجمهورية اليمنية تتمثل بنتائج تعدادي1994و2004م.
وهكذا تتضح أهمية هذا البحث في المجال السكاني وهدفه في إبانة وتوضيح الوضع السكاني في اليمن بوحداتها الإدارية الكبرى (المحافظات) ووحداتها الصغرى (المديريات) لكي يتسنى للمسئولين اتخاذ قرارات مبنية على رؤية واضحة في معالجة قضايا التنمية وبما يحقق عدالة توزيع جهود التنمية بين مختلف المناطق الإدارية والجغرافية، وبذلك يكون هذا البحث أحد الروافد الأساسية لوضع الخطة التنموية الاقتصادية والاجتماعية القادمة ويكون ملفتاً لانتباه المسئولين حول خطورة سوء توزيع السكان على أمن الوطن ووحدته واستقلاله.

مشكلة البحث:
من الطبيعي أن لا يوجد بحث بدون مشكلة فالشعور بالمشكلة هو الحافز على القيام بالبحث والإستقصاء.(2) ويسعى أي بحث للكشف عن هذه المشكلة والوقوف عندها ومحاولة وضع الحلول لها قبل أن يزداد أثرها الضار على كل الخطط التنموية الاقتصادية والاجتماعية، وتعد المشكلة سؤالاً غير مجاب عنه.(3) وتتمحور مشكلة هذا البحث بالسؤال الآتي:
- هل يوجد تركز للسكان في الجمهورية اليمنية؟ أم أن توزيع السكان يكون متوازناً ؟وما هي العوامل التي تقف خلف هذا أو ذاك؟
ويمكن تحديد عدد من المشكلات الفرعية كما يأتي:
- هل التوزيع السكاني  متوازن بين محافظات الجمهورية؟ أم أن هنالك ارتفاعاً في بعضها وانخفاضاً في البعض الآخر؟ وما الأسباب التي أدت إلى ذلك؟
- هل يوجد فرق في تركز السكان بين المناطق الريفية والمناطق الحضرية أم لا؟
- هل التوزيع السكاني  متوازن بين مديريات الجمهورية؟ أم أن هنالك ارتفاعاً في بعضها وانخفاضاً في البعض الآخر؟ وما الأسباب التي أدت إلى ذلك؟
- هل هنالك حاجة إلى إعادة توزيع السكان في اليمن؟أم لا؟
- ما هي العوامل الطبيعية التي تقف وراء التباين في توزيع السكان؟
- ما هي العوامل البشرية التي تقف وراء التباين في توزيع السكان؟

  فرضيات البحث:
   يرتبط توزيع السكان بمجموعة من العوامل، وتباين هذه العوامل يؤدي إلى زيادة عدد  السكان في مكان وقلتهم في مكان آخر. وبناءً على ذلك وضع الباحث الفرضيات الآتية:                                      
- أن العدد المطلق والنسبي للسكان غير متوازن بين محافظات الجمهورية.
- أن العدد المطلق والنسبي للسكان غير متوازن بين مديريات الجمهورية.
- ارتفاع قيمة نسبة التركز السكاني، ووجود تباين كبير بين المحافظات في هذه النسبة.
- ارتفاع قيمة معامل جيني.
-أن التركز السكاني يكون كبيراً في محافظات الشريط الجبلي، وفي المديريات التابعة لها.
-أن هنالك اختلافاً في توزيع السكان بين تعدادي 1994و2004م.
-أن الكثافة السكانية تكون مرتفعة جداً في المدن الكبيرة، وفي المديريات الحضرية التابعة لها.
- أن الكثافة السكانية تكون منخفضة في محافظات ومديريات المناطق الشرقية والجنوبية وتعطي الفرضيات السابقة بمجموعها حلاً مقنعاً ومقبولاً لتلك المشكلة.

  المنهج المتبع في هذا البحث:
   في هذا البحث سيتم الاعتماد على بيانات تعدادي 1994و2004م، إضافةً إلى بعض البيانات والإحصاءات والمسوح والتقديرات السكانية التي نشرها الجهاز المركزي للإحصاء في سنوات مختلفة، في إيجاد مدى التركز السكاني في  الجمهورية اليمنية، وكذلك في توضيح مدى التغير الذي طرأ على توزيع سكان الجمهورية بين التعدادين المذكورين، وقد استخدم الباحث الوحدات الكبيرة المتمثلة بالمحافظات (21 محافظة)، كما استخدم الوحدات الأصغر والمتمثلة بالمديريات وعددها (333مديرية)، وذلك للخروج بنتائج واضحة ومفيدة، واستخدم الباحث بعض المقاييس الإحصائية لإبراز تباين توزيع السكان، والوصول إلى نتيجة علمية موضوعية مقبولة، ومن هذه المقاييس:التوزيع العددي والنسبي للسكان، مؤشر التركز السكاني، مؤشر إعادة التوزيع،الكثافة السكانية العامة، نسبة التركز السكاني، منحنى لورنز، معامل جيني، كما أن الباحث قد عمل على تزويد هذا البحث بعدد من الجداول والملاحق والأشكال والخرائط لتكون عوناً يساعد القارئ على فهم مضمون ومحتوى هذا البحث، وسيتم في هذا البحث استخدام المنهج الوصفي جنباً إلى جنب مع المنهج الإحصائي كلما اقتضت الضرورة ذلك.
مقاييس التركز السكاني:
   هنالك عدة مقاييس تظهر مدى ميل السكان إلى التشتت أو إلى التركز، ومن هذه المقاييس التي يمكن أن تستخدم في هذا المجال كل من: التوزيع العددي والنسبي، ومؤشر التركز، والكثافة السكانية ، ونسبة التركز السكاني ، ومنحنى لورنز، وكذلك معامل جيني الذي يعتبر أحد الأدلة المستنبطة من منحنى لورنز، ويمكن مناقشة التركز السكاني بموجب هذه المقاييس كما يأتي:
أولاً:التوزيع العددي والنسبي للسكان:                                                             
تهتم الجغرافيا بدراسة توزيع السكان على أجزاء سطح الأرض، ويعتقد الجغرافيون أن لهذا الموضوع أهمية كبيرة، فمن بين عدد من المشكلات التي يحاول العلم حلها توزيع السكان ودرجة كثافتهم، ومقدار ضغطهم على مساحة الأرض، وما ينتج عن ذلك من توقعات التغيير في نمط التوزيع مستقبلاً والكيفية التي يعيش بها هؤلاء السكان.(4) 
ومن الحقائق الهامة هي أن السكان غير موزعين توزيعاً منتظماً سواء أكان هذا التوزيع على مستوى الأرض ككل، أو كان على مستوى قطعة صغيرة تمثلها إحدى المدن بدولة ما.(5)
 وجدير بالإشارة أن التوزيع العددي للسكان في أي منطقة يرتبط بالموارد المتاحة فيها، ونظراً لأن هذه الموارد تتسم بصفة التغير كماً ونوعاً من وقت لأخر، فإن عددهم يتغير تبعاً لذلك من منطقة لأخرى، ومن فترة زمنية لأخرى.(6)
وبالنظر إلى الملحق(1) والأشكال (1) و(2) والخارطة (1) يلاحظ أن سكان الجمهورية اليمنية يتوزعون على واحد وعشرين محافظة(20محافظة + أمانه ألعاصمة)، ويمكن ملاحظة عدد من النقاط في هذا التوزيع وتتمثل بما يأتي:
1) أن محافظة تعز احتلت المرتبة الأولى في تعدادي 1994و2004م، وقد بلغ عدد سكانها (1.9) و(2.4) مليون في التعدادين المذكورين على التوالي، وربما يرجع احتلال محافظة تعز للمرتبة الأولى من حيث حجم السكان إلى خصوبة تربتها الزراعية، وغزارة أمطارها إذ أنها تعد الأغزر مطراً بعد محافظة إب، كما أن مناخها يتميز بأنه الأكثر اعتدالاً على مستوى الجمهورية اليمنية، ويرجع ذلك إلى أن وقوع هذه المحافظة ضمن الشريط الجبلي قد أدى إلى اعتدال درجة الحرارة فيها صيفاً، أما شتاءً فإنها لا تنخفض كثيراً كما هو الحال في المرتفعات المماثلة لها في اليمن، ويرجع ذلك إلى أن مرتفعات مناطق يريم، وإب في محافظة إب الواقعة إلى الشمال من محافظة تعز تمنع وصول الرياح الشمالية الباردة إلى هذه المحافظة.(7)
2) جاءت محافظه إب في المرتبة الثانية بعد محافظة تعز في تعداد 1994م، إذ بلغ عدد سكانها (1.7) مليون نسمة، وارتفع عددهم إلى (2.1) مليون نسمة في تعداد 2004م، ولكنها جاءت في المرتبة الثالثة في هذا التعداد بعد محافظتي تعز والحديدة ، واحتلال محافظة إب للمرتبة الثانية في تعداد 1994م، والمرتبة الثالثة في تعداد 2004م ربما يرجع إلى نفس العوامل السابق ذكرها والتي أدت إلى احتلال محافظة تعز للمرتبة الأولى من حيث حجم السكان إذ أن التشابه يكون كبيراً بين المحافظتين في الظروف الطبيعية المتمثلة بخصوبة التربة وغزارة الأمطار واعتدال المناخ.
3) ارتفع عدد السكان في محافظة الحديدة إلى الحد الذي جعلها تنتقل من المرتبة الثالثة التي احتلتها بعد محافظتي تعز وإب في تعداد 1994م  إلى المرتبة الثانية بعد محافظة تعز في تعداد 2004م، إذ بلغ عدد السكان فيها (1.6) و(2.2) مليون نسمة في التعدادين على التوالي،  ويرجع تزايد السكان في هذه المحافظة إلى أنها الميناء الثاني للجمهورية، كما أنها واحدة من أكثر محافظات الجمهورية اليمنية من حيث النشاط التجاري والصناعي. وتجدر الإشارة هنا إلى أن محافظة تعز احتلت المرتبة الأولى ومحافظة إب الثانية أيضاً في تعداد 1986م، بينما كانت المرتبة الثالثة من نصيب محافظة الحديدة، إذ بلغ عدد السكان في المحافظات الثلاث (1.3) و(1.2) و(1.1) مليون نسمة على التوالي.(8)
4) أن خمس محافظات فقط ضمت (1/2) سكان الجمهورية في تعدادي 1994 و2004م، إذ بلغت نسبتها (49.3%) و(50.4%) على التوالي، وهذه المحافظات هي: تعز، الحديدة، إب، أمانه العاصمة، حجة، وأن الثلاث الأولى ضمت أكثر من (1/3) سكان الجمهورية اليمنية (34.9%) و(34%).
5) أن خمس محافظات أُخرى تمثلت بكل من: ذمار, حضرموت, صنعاء, عمران, لحج, ضمت (1/4) سكان الجمهورية اليمنية(25.8%) و(24.8%) في تعدادي 1994و2004م على التوالي.
6) أن بقية المحافظات الإحدى عشر ضمت أقل من (1/4) سكان الجمهورية اليمنية في تعدادي 1994و2004م إذ وصلت نسبتها إلى (9و24%) و(24.8%) من إجمالي سكان الجمهورية على التوالي، وهذه المحافظات هي بحسب الترتيب التنازلي: صعدة, عدن, البيضاء, المحويت, الضالع, شبوه, الجوف, أبين, ريمة, مأرب, المهرة.
وهكذا يتضح أن خمس محافظات ضمت (1/2) سكان الجمهورية اليمنية، بينما يتوزع النصف الأخر على(16) محافظة، وضمت عشر محافظات(3/4) السكان، بينما إحدى عشرة محافظة ضمت(1/4) السكان فقط، وهذا يدل على أن سكان اليمن يتركزون في محافظات، بينما تعاني بعضها من تخلخل السكان فيها.
وبالنظر إلى الملحق(2) الذي يوضح فروق التوزيع النسبي بين تعدادي 1994 و2004م يمكن الإشارة إلى بعض الحقائق والتي تتمثل بما يأتي: 
   1) تزايدت النسبة المئوية من السكان في بعض المحافظات من إجمالي سكان الجمهورية ما بين تعدادي 1994 و2004م، إذ بلغ التزايد في محافظة الحديدة من(10.7%) إلى (11.0%)، وفي أمانة العاصمة من (6.9%) إلى (8.9%)، وفي عدن من(2.8%) إلى (3.0%)، وفي الضالع من (2.3%) إلى (2.4%)، وفي المهرة من (0.4%) إلى (0.5%)، وفي صعدة من (3.3%) إلى (3.5%)، وفي  ذمار من(6.7%) إلى (6.8%).           
 2) حافظت بعض المحافظات على نفس نسبتها من إجمالي سكان الجمهورية في التعدادين، وهذه المحافظات هي: ريمة ،حجة، حضرموت، إذ بلغت نسبها (2.0%) و(7.5%) و(5.2%) على التوالي.
3) تناقصت النسبة المئوية من السكان في بعض المحافظات من إجمالي سكان الجمهورية بين تعدادي 1994و2004م، ففي محافظة تعز تناقصت النسبة من (12.8%) إلى (12.2%)، وفي إب من (11.4%) إلى (10.8%)، وفي صنعاء من (5.1%) إلى (4.7%)، وفي عمران من (5.0%) إلى (4.4%)، وفي لحج من (3.8%) إلى (3.7%)، وفي البيضاء من(3.1%) إلى (2.9%) وفي المحويت من(2.6%) إلى (2.5%)، وفي شبوة من (2.5%) إلى (2.4%)، وفي الجوف من (2.4%) إلى (2.3%)، وفي أبين من (2.4%) إلى (2.2%)، وفي مأرب من (1.3%) إلى (1.2%). ومن الجدير بالإشارة هنا إلى أن هنالك أسباب وعوامل هي التي تؤدي إلى جعل بعض المحافظات طاردة للسكان، وهذا يؤدي إلى تناقص النصيب النسبي من السكان لهذه المحافظات، بينما توجد عوامل أخرى تجعل من بعض المحافظات جاذبة للسكان وبالتالي يتزايد نصيبها النسبي من إجمالي سكان الجمهورية، وتتمثل هذه العوامل بما يأتي:
 أ) هجرة بعض السكان وخاصةً الشباب من بعض المحافظات القريبة من العاصمة السياسية أوالعاصمة الاقتصادية أو من محافظة ناشئة، وذلك لتوفر فرص العمل أو توفر الخدمات مما يجعلها جاذبة للشباب من تلك المحافظات، ففي حالة محافظة صنعاء ربما يكون السبب هو اقتراب هذه المحافظة من كل من: أمانة العاصمة، ومن محافظتي: ريمة، وعمران الناشئتين، مما أدى إلى انتقال الشباب من هذه المحافظة إلى أمانة العاصمة، وإلى عاصمتي تلك المحافظتين وربما يكون اقتراب محافظات كل من: أبين، لحج، تعز،إب من مدينة عدن، ومن محافظة الضالع الناشئة له نفس الأثر.أما محافظة المحويت فهي محاطة بعدة مواقع جاذبة تتمثل بأمانة العاصمة والمحافظتين الناشئتين عمران وريمة، وكذلك مدينة الحديدة ميناء اليمن على البحر الأحمر.      
 ب)أن بعض هذه المحافظات تعاني من قله الأمطار والجفاف وقله الموارد، والبعض الأخر يعاني من عدم توفر المشاريع الاقتصادية الجديدة، وقله المراكز الخدمية فيها مما يجعلها طاردة للسكان.   
ج)أن الحجم السكاني الكبير في بعض المحافظات مثل: تعز، وإب أدى إلى أن تصبح الموارد والخدمات فيهما عاجزة عن تلبية حاجات السكان مما أدى إلى أن تتحول هاتين المحافظتين تدريجياً من مناطق جاذبة إلى مناطق طاردة بحيث أخذ كثير من الشباب في الانتقال منهما إلى أمانة العاصمة والمدن اليمنية الأخرى بحثاً عن فرص العمل.  
ومن المعروف أن السكان يتناقصون في المحافظات الطاردة، بينما يتزايدون في المحافظات المستقبلة، ولاشك في أن سبباً واحداً من الأسباب السابق ذكرها قد يكون وراء  تناقص أو تزايد النصيب النسبي من السكان في بعض المحافظات، بينما قد تكون الأسباب جميعها أو بعضها أو مضافاً إليها أسباب أخرى هي التي أدت إلى هذا التناقص أو التزايد في البعض الأخر من هذه المحافظات.     
                                                                                                   
ثانياً: مؤشر التركز:
يهدف هذا المؤشر إلى إظهار مدى العدالة في توزيع السكان بين الوحدات الإدارية لأي دولة أو جزء منها بغض النظر عن تباين هذه الوحدات في المساحة، ويتم استخراج هذا المؤشر عن طريق قسمة مائة على عدد الوحدات الإدارية، وتوجد في اليمن واحد وعشرين محافظة(100/21)وبهذا يكون متوسط كل محافظة يمنية هو (4.8%) ثم يطرح هذا المتوسط من النصيب النسبي للسكان لكل محافظة في كل تعداد على حدة، ثم تجمع النتيجة للإشارة الموجبة أو الإشارة السالبة، وتكون نتيجة الجمع هي المؤشر المراد استخراجه.(9) وبمقارنة متوسط النصيب النسبي المفترض لأي محافظة من محافظات الجمهورية والنصيب الفعلي الموضح في الملحق (2) يلاحظ ما يأتي: 
1) زاد النصيب النسبي عن المتوسط المفترض (4.8%) في التعدادين في سبع محافظات وهي: أمانة العاصمة، إب ، ذمار، حجة، تعز، الحديدة ، حضرموت.
2) زاد النصيب النسبي عن المتوسط في تعداد 1994م لكنه تناقص في تعداد 2004م في محافظتي عمران وصنعاء.
3) تناقص النصيب النسبي عن المتوسط في التعدادين في إحدى عشرة محافظة وهي: عدن، ريمة، المحويت، الضالع، البيضاء،صعدة، لحج، أبين، مأرب، شبوة، المهرة.
وبالنظر إلى الملحق(2) يلاحظ منه أن مؤشر التركز السكاني لليمن بلغ (28.4) و(29.2) لعامـي 1994و2004م على التوالي، ويلاحظ أن هاتين القيمتين تبتعدان عن القيمة المتوقعة في التوزيع المتساوي وهي الصفر، وهذا يدل على وجود تركز سكاني في اليمن، وقد ارتفع هذا المؤشر بين التعدادين المذكورين، مما يتطلب إعادة توزيع السكان، وذلك عن طريق (مؤشر إعادة التوزيع) والذي يتم حسابه عن طريق طرح النصيب النسبي لسكان الوحدة الإدارية (المحافظة) في التعداد الأول من النصيب النسبي لها في التعداد الثاني، ثم تجمع هذه الفروق المطلقة، ويقسم الناتج على اثنين.(10) ويمكن استخراج هذا المؤشر عن طريق جمع الفروق للإشارة السالبة أو الموجبة، والناتج يمثل مؤشر إعادة التوزيع.(11) وقد بلغت قيمة هذا المؤشر في اليمن(3%) للفترة (1994-2004م)، وبالاستناد إلى هذا المؤشر يتضح أن حجم السكان المراد إعادة توزيعه في الجمهورية للفترة المذكورة (1994-2004) بلغ (596) ألف نسمة.

ثالثاً: الكثافة السكانية:
يستخدم هذا المقياس لغرض الربط بين عدد السكان ومساحة الأرض التي يعيشون عليها.وعن طريق هذا المقياس يتم الاستدلال على درجة ازدحام الدولة أو الإقليم بالسكان، ويحسب بقسمة عدد السكان على مساحة الأرض التي يعيشون عليها.(12)                                                      
ومن الجدير بالإشارة إليه هنا هو أن كثافة السكان في أي قطر تعطي فكرة واضحة عن مقدار كثافة السكان أو تخلخلهم، كثرتهم أو قلتهم بالنسبة للمساحة المنتجة، فإذا كان عدد السكان في قطر ما أقل مما يحتاجه هذا القطر لكي يعمل وينتج ويُخرج خيراته يقال أنه مفتقر للسكان، وإذا كان هذا العدد أكثر مما يحتاجه القطر يقال أنه مزدحم بالسكان، وإذا كان هذا العدد مناسب للقطر يقال أن هذا القطر يسكنه العدد الأمثل من السكان.(13)
ومن الجدير بالذكر هنا أن اليمن تتميز بارتفاع الكثافة السكانية، فهي تعد أشد مناطق شبه الجزيرة العربية ازدحاماً بالسكان.(14) إلا أنه لابد في هذا البحث من استخدام مقياس الكثافة العامة الذي تتوفر البيانات اللازمة لحسابه على مستوى محافظات ومديريات الجمهورية اليمنية وذلك للتعرف على مدى التباين في تركز السكان بين مناطق اليمن المختلفة.
وبالنظر إلى الخارطة (1) والملحقين (1) و(3) يلاحظ وجود خمسة مستويات للكثافة في اليمن بموجب تعداد 2004م وذلك  كما يأتي:
1) كثافة منخفضة جداً(صفر-49.9 نسمة/كم2):
تنخفض الكثافة السكانية في هذا المستوى إلى أقل من متوسط الكثافة العامة للسكان على مستوى اليمن البالغ (37.4نسمة/كم2)، وتنخفض الكثافة بهذا الشكل في ست محافظات، وهي بحسب الترتيب التنازلي: أبين ، مأرب، الجوف، شبوة، حضرموت، المهرة، وبلغت الكثافة في هذه المحافظات (25.4) و(13.9) و(11.7) و(11.4) و(7.1) و(1.2) نسمة لكل كيلو متر مربع على التوالي.
ومن الملاحظ أن المحافظات السابق ذكرها تقع إلى الشرق من المرتفعات الغربية، وتمثل الجزء الجنوبي والشرقي للجمهورية اليمنية، وهذا الجزء يسود فيه المناخ الصحراوي، فهو يقع في ظل المطر، فالرياح التجارية الشمالية الشرقية التي تعبر خليج عمان تسقط مطرها شتاءً على مرتفعات سلطنة عمان التي تجاور اليمن من الشرق، ولاتصل تلك الرياح إلى المناطق الشرقية لليمن إلا وهي جافة، وكذلك فإن الرياح الموسمية الجنوبية الغربية تسقط أمطارها الصيفية على المرتفعات الغربية لليمن، ولا تصل إلى الأجزاء الشرقية إلا وهي جافة، وبناءً على ذلك أصبحت المنطقة محرومة من الأمطار، وأصبح المناخ الصحراوي هو السائد فيها، كما أن الاكتشافات النفطية في بعض تلك المحافظات لا زالت قليلة، ولا زالت نتائجها في توسيع النشاط العمراني، وتوفير فرص العمل قليلة، وبالتالي فإنها بطيئة في جذب السكان.
أما على مستوى الوحدات الإدارية الأصغر وهي المديريات، فيلاحظ من الملحقين (1) و(3) أن المديريات ذات الكثافة المنخفضة جداً قد بلغ عددها (103مديريات) منها ثلاث من المديرات الحضرية وهي: مديرية مدينة عتق عاصمة محافظة شبوة (28.3نسمة/كم2)، ومديرية مدينة الحزم عاصمة محافظة الجوف(19.0نسمة/كم2)، ومديرية مدينة الغيضة عاصمة محافظة المهرة (3.2نسمة /كم2)، بينما تنتمي معظم المديريات الواقعة ضمن هذا المستوى من الكثافة السكانية إلى المحافظات الشرقية والجنوبية، إذ يلاحظ أنها تمثل جميع المديريات التابعة لمحافظة المهرة الـ( 9مديريات)، وكل مديريات محافظة شبوة الـ(17مديرية) باستثناء مديريتي بيحان وجردان، وكل مديريات محافظة حضرموت الـ(30 مديرية) باستثناء مديريتي مدينة  المكلاء  وسيئون، وكل مديريات محافظة أبين الـ(11مديرية) باستثناء مديريتي زنجبار ورصد، وكل مديريات محافظة مأرب الـ(14مديرية) باستثناء مديريات: مدينة مأرب، بدبدة، جبل مراد، وإضافةً إلى ما سبق هنالك عدداً من المديريات تنتمي إلى محافظات كل من: البيضاء والجوف وصعدة وصنعاء وغيرها، وقد وصلت الكثافة في بعض مديريات هذا المستوى إلى (أقل من شخص واحد/ كم2) وهذه المديريات هي: حجر الصيعر، العبر، ثمود، رماة، قف العوامر في محافظة حضرموت، ومديريات: شحن، منعر، حات في محافظة المهرة، وكانت مديرية قف العوامر في حضرموت  هي الأدنى من حيث الكثافةً السكانية على مستوى الجمهورية اليمنية (0.1 شخص / كم2).
2) كثافة منخفضة (50- 99.9 نسمة/كم2):
يضم هذا المستوى أربع محافظات مرتبة من الأكبر إلى الأصغر: صنعاء، البيضاء، لحج، صعدة، والكثافة السكانية عند هذا المستوى منخفضة أيضاً، ولكنها أكثر ارتفاعا من المتوسط العام لكثافة السكان على مستوى الجمهورية البالغ (37.4نسمة/كم2)، وقد بلغت الكثافة في هذه المحافظات(75.6) و(73.2) و(57.3) و(55.9) نسمة لكل كيلومتر مربع على التوالي.      
                                                                                                 
أما على مستوى الوحدات الإدارية الأصغر(المديريات) فيلاحظ من الملحقين(1)و(3) أن هنالك (44مديرية) تنتمي إلى هذا المستوى المنخفض للكثافة، وأن نصف هذه المديريات تدخل ضمن محافظات: لحج ، صنعاء، عمران، الحديدة، ويلاحظ أن أعلى كثافة ضمن هذا المستوى بلغت (99.6 نسمة/كم2) وذلك في مديرية ميفعة عنس في محافظة ذمار، أما أدنى كثافة فكانت في مديرية المسيمير في محافظة لحج إذ بلغت كثافتها السكانية (50.1 نسمة/كم2).


3) كثافة متوسطة (100- 199.9نسمة/ كم2):
تزيد الكثافة السكانية في هذا المستوى كثيراً عن متوسط الكثافة على مستوى الجمهورية البالغ (37.4نسمة/كم2)، ويضم هذا المستوى خمس محافظات هي: ذمار، حجة، الحديدة، عمران، الضالع، وبلغت الكثافة السكانية في محافظات هذا المستوى:(176.5) و(176.1) و(163.8) و(109.2) و(108.3) نسمة لكل كيلو متر مربع  على التوالي.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن أربع من المحافظات السابقة  تنتمي إلى الشريط الجبلي وهي: ذمار، حجة، عمران، الضالع، وهي تتمتع بمميزات الشريط الجبلي المتمثلة بسقوط الأمطار، واعتدال درجة الحرارة، والتربة البركانية الخصبة، ولكن أمطار هذه المحافظات ليست هي الأغزر في اليمن وذلك بسبب وقوعها إلى الشرق وإلى الشمال من المرتفعات التي تسقط عليها هذه الأمطار بشكل أغزر، فأمطار اليمن الموسمية تقل كلما اتجهنا شمالاً وشرقاً، والسبب في ذلك يعود إلى كون الرياح المشبعة ببخار الماء تكون قادمة من الجنوب الغربي، كما ينبغي الإشارة هنا إلى أن تباين الارتفاع، واتجاه السلاسل الجبلية، يكون لهما أثراً كبيراً في تباين كميات الأمطار بين المناطق حتى وإن كانت هذه المناطق متقاربة. أما محافظة الحديدة فهي تقع ضمن الشريط الساحلي المطل على البحر الأحمر، وهي كما سبق القول بأنها تمثل ميناء اليمن الثاني بعد ميناء عدن، وتتميز بنشاط تجاري كبير، كما أن مدينة الحديدة تعد واحدة من أهم المدن ذات النشاط الصناعي  في الجمهورية اليمنية.
أما بالنسبة للمديريات ذات الكثافة المتوسطة  فقد بلغ عددها (70 مديرية) منها مديريتين حضريتين هما: مديرية مدينة زنجبار عاصمة محافظة أبين (124.2نسمة /كم2)، أما الثانية فهي مديرية البريقة، وهي جزء من مدينة عدن (101.3نسمة/كم2)، بينما تنتمي معظم مديريات هذا المستوى (41 مديرية) إلى محافظات: البيضاء، الحديدة، صعدة، صنعاء، عمران. وتجدر الإشارة هنا إلى أن أعلى كثافة في هذا المستوى سُجلت في مديرية بني حشيش في محافظة صنعاء، إذ بلغت الكثافة فيها (198.5نسمة/كم2)، بينما كانت الكثافة الأدنى في مديرية البريقة في محافظة عدن (101.3نسمة/كم2).
4) كثافة مرتفعة (200- 299.9نسمة/ كم2): 
ترتفع الكثافة في هذا المستوى أكثر من المستوى السابق، وبالتالي فإنه يرتفع أكثر عن متوسط الكثافة للجمهورية، ويتمثل هذا المستوى بثلاث محافظات، وهذه المحافظات هي: تعز، المحويت، ريمة، وتبلغ كثافة السكان في هذه المحافظات:(234.9) و(209.0) و(204.1) نسمة لكل كيلو متر مربع على التوالي. وينبغي الإشارة هنا إلى أن هذه المحافظات تتمتع بنفس مميزات الشريط الجبلي من حيث اعتدال المناخ وخصوبة التربة إلا أن هذه المحافظات هي الأغزرً مطراً بعد محافظة إب على مستوى اليمن.
أما بالنسبة للمديريات ذات الكثافة المرتفعة فقد وصل عددها إلى (43 مديرية) منها مديريتين حضريتين هما مديرية مدينة مأرب عاصمة محافظة مأرب (260.5 نسمة/كم2)، ومديرية مدينة الضالع عاصمة محافظة الضالع (255.7 نسمة/كم2)، أما أكثر من نصف مديريات هذا المستوى(24 مديرية) فتنتمي إلى أربع محافظات هي: إب، حجة، عمران، المحويت. ويلاحظ أن أعلى كثافة سجلت ضمن هذا المستوى بلغت (291.7نسمة/كم2) وذلك في مديرية مسور بمحافظة عمران، أما الكثافة الأدنى فكانت في مديرية السبرة في محافظة إب (203.4نسمة/كم2).
5) كثافة مرتفعة جداً(أكثر من 300نسمة/ كم2):
تتميز هذه المجموعة بوجود فوارق كبيرة جداً في الكثافة السكانية بين محافظات هذا المستوى وبعضها البعض، ويتواجد هذا المعدل العالي للكثافة في ثلاث محافظات، وتمثل المحافظتين الحضريتين (مدينتي صنعاء وعدن ) القسم الأعظم في هذا المستوى، إذ وصلت الكثافة في مدينة صنعاء إلى (4195.4نسمة/ كم2)، ومدينة عدن إلى (650.4نسمة/ كم2)، وسبب هذا الارتفاع يعود إلى أن مدينة صنعاء هي العاصمة السياسية والتاريخية للجمهورية اليمنية، وتتركز فيها معظم المؤسسات الحكومية والمشاريع الاقتصادية والاجتماعية، وتوفر فرص العمل والظروف المعيشية الأفضل التي يطمح إليها الفرد، وقد أدى كل ذلك إلى زيادة الهجرة إليها، أما مدينة عدن فهي العاصمة الاقتصادية والتجارية، كما أنها تعد ميناء اليمن الأول والرئيس، إضافةً إلى تركز جزء كبير من الخدمات والمشاريع الاستثمارية والاقتصادية والتجارية وبالتالي توفر فرص العمل، إضافةً إلى الاهتمام الكبير الذي بدأت تلقاه هذه المدينة من قبل الدولة، وذلك استعداداً وتجهيزاً لها لتصبح منطقة حرة،ولكل ما سبق أخذ كثير من السكان في الانتقال إليها بعد الوحدة اليمنية.(15) 
أما بالنسبة للمحافظة الثالثة التي تنضم إلى هذا المستوى فهي محافظة إب (364.0 شخص / كم2) ويعود السبب في ارتفاع كثافة السكان في هذه المحافظة كما سبقت الإشارة إلى ذلك هو أنها أكثر محافظات اليمن غزارةً بالأمطار، إضافةً إلى اعتدال درجة الحرارة، وخصوبة التربة البركانية، كما أن أراضي هذه المحافظة تكسوها الخضرة بشكل دائم (اللواء الأخضر)، وكل هذه الأمور تمثل عوامل جذب للسكان.
أما بالنسبة لكثافة السكان في المديريات في هذا المستوى فيلاحظ من الملحق(1) و(3) أن هنالك (73 مديرية) منها (32مديرية) تمثل مديريات حضرية، وينتمي أكثر من نصفها (17مديرية) إلى العاصمتين السياسية والاقتصادية منها (10مديريات) في أمانة العاصمة و(7مديريات) في مدينة عدن، بينما تتوزع المديريات الحضرية الأخرى في كل من مدينة تعز (3مديريات) ومدينة الحديدة (3مديريات) ومدينة إب (مديريتان)، كما ينضم إلى هذا المستوى عواصم  بعض المحافظات التي تشكل مديرية حضرية واحدة، وتتمثل في محافظات كل من: حجة، صعدة، المحويت، البيضاء، عمران، ذمار، حضرموت.
ويلاحظ أن مديريات: صنعاء القديمة، معين، التحرير في أمانة العاصمة قد جاءت في المراتب الأولى على مستوى الجمهورية اليمنية من بين المديريات الحضرية إذ بلغت الكثافة السكانية في هذه المديريات (31722.5) و(26333.4) و(22023.0) نسمة لكل كيلو متر مربع، أما المرتبتين الرابعة والخامسة فاحتلتهما مديريتي: المظفر، والقاهرة في مدينة تعز إذ بلغت الكثافة فيهما (17584.6) و(16317.3) نسمة لكل كيلو متر مربع، ثم تتوالى بعد ذلك بقية المديريات الحضرية التابعة لهذا المستوى بشكل تنازلي، وأقل كثافة في هذا المستوى سُجلت في مديرية مدينة المكلاء عاصمة محافظة حضرموت إذ بلغت (551.8نسمة/كم2).          
كما أن هذا المستوى يضم (41مديرية) غير حضرية أي أن معظم سكان هذه المديريات من الريفيين، ويلاحظ أن معظم هذه المديريات (36 مديرية) تنتمي إلى ثلاث محافظات هي: حجة (14مديرية)، تعز (12مديرية)، إب (10مديريات)، ويلاحظ أنه وباستثناء المديريات الحضرية فإن مديرية مشرعة وحدنان في محافظة تعز تأتي في المرتبة الأولى على مستوى الجمهورية اليمنية (1647شخص/كم2)، تليها مديرية أفلح الشام في محافظة حجة (1312شخص/كم2)، ثم المسراخ في محافظة تعز (1102 شخص/كم2)، وتتوالى المديريات بعد ذلك بحسب الترتيب التنازلي: كحلان الشرف، افلح اليمن، نجرة في محافظة حجة، ومديريات: ذي السفال، إب، جبلة في محافظة إب، ومديرية سامع في محافظة تعز، وهذه المديريات العشر التي تحتل المراتب الأولي على مستوى الجمهورية تعود إلى المحافظات  الثلاث السابق ذكرها: تعز، حجة، إب.


رابعاً: نسبة التركز السكاني:
يمكن الحكم على تركز السكان أو تبعثرهم في داخل منطقة ما بمقياس يعرف بمقياس التركز. ويتم حساب هذه النسبة وفق الصيغة الآتية: (16)
نسبة التركز= 1/2مج(س- ص)                                                                         
حيث أن:
س= النسبة المئوية لمساحة الوحدة الإدارية إلى جملة المساحة الكلية للدولة أو المنطقة المدروسة.                          
ص= النسبة المئوية لسكان الوحدة الإدارية إلى جملة سكان الدولة أو المنطقة المدروسة.
مج = مجموع الفرق الموجب بين هذه النسب بعضها وبعض دون النظر إلى الإشارة
ومعنى ذلك أن نسبة التركز تساوي إحصائيا نصف مجموع الفرق الموجب بين النسبة المئوية لعدد السكان والنسبة المئوية للمساحة في كل منطقة من مناطق الإقليم، وكلما كبرت هذه النسبة دل ذلك على شدة التركز، وبالعكس فكلما قلت هذه النسبة فان التركز يبدأ في الانخفاض، ويصبح التشتت هو الظاهرة السائدة، ويكون توزيع السكان مثالياً إذا كانت نسبة التركز تساوي صفراً، أي أن زيادة النسبة يكون قرينة التوزيع غير المتساوي، وهذا يعني أن التوزيع السكاني يميل نحو التركز وليس نحو التشتت.(17)
وعند تطبيق مقياس نسبة التركز السكاني على بيانات تعدادي الجمهورية اليمنية ظهرت النتائج كما هي موضحة في الملحقين (2) و(3) وتشير هذه النتائج إلى أن هذه النسبة مرتفعة جداً في اليمن، إذ بلغت (63.9%) و(64.2%) في تعدادي 1994و2004م على التوالي، وهذا يعني أن السكان يتركزون في بعض المحافظات، بينما تعاني بعضها من تخلخلهم فيها.
ولا شك في أن هنالك صوراً تشير إلى تركز السكان في الجمهورية اليمنية ومنها: أن نصف السكان بموجب تعدادي 1994 و2004م (49.3%) و(50.4%) يتركزون في خمس محافظات فقط، بينما تبلغ نسبتها من المساحة (7.8%)، وهذا يعني أن نسبتها المئوية من السكان تزيد كثيراً على نسبتها المئوية من المساحة، وهذه المحافظات تتمثل بكل من: تعز، الحديدة، إب، أمانة العاصمة، حجة، بينما يلاحظ أن هنالك خمس محافظات أخرى تستحوذ على (75%) من مساحة الجمهورية، وهي لا تضم سوى ( 11.6%) من سكان الجمهورية، وهذا يعني أن نسبتها المئوية من المساحة تفوق بشكل كبير جداً على نسبتها المئوية من السكان وتتمثل بكل من: حضرموت، المهرة، شبوة، مأرب، الجوف، أي أن نسبة سكان هذه المحافظات الخمس التي تستحوذ على (3/4) مساحة اليمن هو أقل من نسبة سكان محافظة تعز ( 12.2%) التي لا تزيد نسبتها من المساحة عن (2.1%).
أما على مستوى محافظات الجمهورية اليمنية فيلاحظ أنه عند تطبيق مقياس نسبة التركز السكاني على هذه المحافظات كل منها على حدة ظهرت النتائج كما في الملحقين ( 1) و(3 )، ويتبين منهما وجود أربعة مستويات من التركز السكاني، وتتمثل هذه المستويات بما يأتي:

أ) نسبة مرتفعة جداً(60% فأكثر):يضم هذا المستوى كل من محافظتي:الجوف وحضرموت إذ بلغت النسبة فيهما:(64.4 %) و(62.3 %) على التوالي.
ب) نسبة مرتفعة(40ــ59.9): ويتمثل هذا المستوى بمحافظات كل من: أمانة العاصمة، عدن، المهرة، صعدة، تعز، مأرب، وقد بلغت النسب في هذه المحافظات إلى: (59.8%) و(57.2%) و(49.9%) و(48.7%) و(43.1%) و(41.7%) على التوالي.
ج) نسبة متوسطة( 20ــ 39.9 ) : تتمثل هذه النسبة بمحافظات كل من: عمران، لحج، شبوة، حجة، أبين، البيضاء، صنعاء، إب، الحديدة، ذمار، الضالع، وقد بلغت النسبة في هذه المحافظات: (38.9%) و(36.8%) و(36.7%) و(35.8%) و(32.0%) و(28.6%) و(27.9%) و(25.0%) و(22.9%) و(22.3%) و(20.9%) على التوالي.                                                                                                                                                                                    
د) نسبة منخفضة(صفر ــ19.9): ويضم هذا المستوى كل من محافظتي: ريمة  والمحويت،  وبلغت النسبة في هاتين المحافظتين: (16.9%) و(14.4%) على التوالي.

خامساً:منحنى لورنز:
يعد منحنى لورنز من المنحنيات البيانية التي تعتمد أساساً على دراسة المتجمعات الصاعدة النسبية، لأنه يشبهها في معظم الوجوه، فقد قام (M.O.Lorenz) بنشر بحث خاص عن طرق قياس مدى تركز الثروة في مجلة الجمعية الإحصائية الأمريكية في يونيو عام 1905م، وقد بين في هذا البحث كيفية الاستفادة من الدراسة الإحصائية في تفهم مدى تركز الثروة في يد فئة من الناس أو توزيعها بالمساواة.(18)    
وكان (J.k.wright) هو أول من بين أهمية منحنى  لورنز  في التحليل الجغرافي وذلك في عام 1937م.(19)
وهكذا يتم استخدام هذا المنحنى للكشف على الصورة التي يتوزع بها السكان في منطقة ما فهو يمكن من معرفة مقدار اقتراب أو ابتعاد التوزيع الفعلي عن التوزيع المتوازن وذلك بملاحظة المساحة المحصورة بين خطي التوزيعين، فهي تبين درجة تركز السكان من عدمه، وكلما اقترب الخطان كلما قلت درجة التركز،أما ابتعادهما فيدل على زيادة التركز السكاني وعدم عدالة التوزيع، وانطباقهما تماماً يعني أن التوزيع عادل، ويكون خط التوزيع المثالي مستقيماً يمثل قطر المربع، وتصبح النقاط على هذا الخط تمثل مثلاً (10%) من السكان يعيشون على (10%) من المساحة، و(20%) من السكان يعيشون فوق (20%) من المساحة، وهكذا حتى (100%) من السكان يعيشون على (100%) من المساحة، وعلى ذلك فإن التكرارات النسبية المتجمعة الصاعدة مع منحنى لورنز تعد من مؤشرات قياس تركز السكان على أساس الكثافة.(20)  
ولأهمية مقياس منحنى لورنز فقد تم تطبيقه في معرفة تركز السكان في الجمهورية اليمنية وظهرت النتائج كما في الملحق (2)، ويلاحظ منه أن 6% من المساحة يسكنها أكثر من (2/5) سكان الجمهورية (40.8%) بحسب تعداد 2004م، وأن أقل من 10% من المساحة (9.7%) يسكنها أكثر من(1/2) سكان الجمهورية (51.2%)، ويلاحظ من شكلي منحنى لورنز(1) و(2) لعامي 1994 و2004م  ابتعاد خط التوزيع الفعلي للسكان عن خط التوزيع المثالي الأمر الذي يعكس درجة عالية للتركز السكاني خلال الفترة(1994-2004م) أي أن توزيع السكان في اليمن غير متساوٍ ولا متوازن، ولابد من التأكيد على أن الهجرة هي التي لعبت الدور الأساس في زيادة تركز السكان في محافظات معينة وقلتهم في أخرى.

سادساً: معامل جيني:
يعد هذا المعامل أحد المقاييس التي تستخدم لإظهار مدى ميل السكان إلى التشتت أو إلى التركز، كما يعد أحد الأدلة المستنبطة من منحنى لورنز، والذي يمثل نسبة المساحة المحصورة بين منحنى لورنز وخط التساوي إلى مساحة المثلث الذي يكون خط التساوي وتره والأحداثي الأفقي قاعدته، ويتم حساب معامل جيني وفق المعادلة الآتية:(21) 
حيث أن:
=G معامل جيني
=Si تجمع النسب المئوية الصاعدة للمساحة
=Ni النسبة المئوية لعدد السكان
وعند حساب معامل جيني من بيانات تعدادي 1994 و2004م في الجمهورية اليمنية تظهر النتائج كما في الملحق(2) والذي يلاحظ  منه ارتفاع قيمة هذا المقياس إلى (71.1%) و(71.5%) في التعدادين المذكورين على التوالي، وهذا يدل على زيادة في تركز السكان إذ أن قيمة المعامل للتوزيع المثالي تبلغ صفر، وكلما ابتعدت عن الصفر دل ذلك على زيادة في تركز السكان حتى تصل إلى الواحد (100%) عندما يكون كل السكان متجمعون في نقطه واحدة.
وجدير بالإشارة هنا إلى أن نتائج جميع المقاييس المستخدمة (التوزيع العددي والنسبي، الكثافة العامة للسكان، مؤشر التركز، نسبة التركز السكاني، منحنى لورنز، معامل جيني) قد ظهرت متطابقة مع بعضها وكلها تؤشر على وجود تركز سكاني في بعض المناطق وتخلخل في البعض الأخر وهذا يستدعي العمل على تقليص الفجوة بين المناطق المختلفة من حيث العدالة في توزيع مشاريع التنمية الاجتماعية والاقتصادية.  

العوامل المؤثرة في توزيع السكان:   
يرتبط توزيع السكان في أي منطقة بعدد من العوامل منها ما هو طبيعي مثل طبيعة السطح والمناخ والموارد المائية والتربة ، ومنها ما هو بشري يأخذ أبعاداً اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية أو تاريخية، ويتباين تأثير هذه العوامل من منطقة لأخرى، وتتداخل وتترابط بشكل معقد وهي التي تؤثر في توزيع السكان تشتتاً كان أم تركزاً، وتختلف الأهمية النسبية لكل عامل من هذه العوامل من مكان لأخر، وهكذا يكون سكان أي منطقة نتاجاً للتفاعل بين تلك العوامل وبعضها البعض، وهذه العوامل تتمثل بكل مما يأتي:

أولاً: العوامل الطبيعية:
إن الإنسان مهما ارتقى في سلم التطور الحضاري ومهما بلغ شأناً كبيراً في تقدمه التقني فإنه في كل ذلك يحاول التقليل من تأثير العوامل الطبيعية عليه وعلى نشاطه، ولا يمكن أبداً أن يسيطر عليها سيطرة تامة.(22) إن هذا لا يلغي دور الإنسان فمما لا شك فيه أنه أكثر تحكماً في توزيعه على سطح الأرض من النبات أو الحيوان كما أن الحتمية المطلقة أصبحت وجهة نظر بائدة فيما يتعلق بتوزيع السكان.(23)
أي أن تحكم الظروف الطبيعية في الإنسان وتوزيعه وقدرته هو في تذليلها يختلف من مكان لأخر تبعاً لتطور المجتمعات البشرية وتقدمها، ففي المجتمعات البدائية شديدة التخلف يصبح هذا الدور مستقلاً وحاسما ً ومقرراً، بينما يكون هذا الدور ثانوياً وتابعاً واستثنائياً في البلدان والمجتمعات المتطورة تقنياً وعلمياً، وفي القطر الواحد يشهد هذا الدور للعوامل الطبيعية في توزيع السكان وتحركاتهم تطوراً متناسقاً مع التطور الحاصل في مجال العلوم وفنون الإنتاج.(24)ومن بين أهم العوامل الطبيعية التي تؤثر في توزيع سكان اليمن ما يأتي:

1)الموقع الجغرافي:
من الواضح جداً أن اليمن تحتل موقعاً جغرافياً متميزاً فهي تشرف على البحر الأحمر والبحر العربي وخليج عدن والمحيط الهندي، كما تتحكم بمدخل مضيق باب المندب، إذ أن مدينة عدن تقع على هذا المضيق في مكان تكاد فيه قارتي آسيا وأفريقيا أن تتلامسا، فهي عنق الزجاجة المتحكم بين البحر الأحمر والمحيط الهندي، إنها بسهولة وبكل تأكيد(جبل طارق المحيط الهندي).(25) وبذلك تكون اليمن في موقع الإشراف على أهم طرق الملاحة الدولية التي تربط بين الشرق والغرب، ومما زاد من أهمية هذا الموقع الاستراتيجي وجود جزيرة بريم أو ميون اليمنية كظاهرة جغرافية اعتراضية في وسط مضيق باب المندب. كما تمتلك اليمن بعض الجزر في البحر العربي وأهمها جزيرة سقطرى والتي يشكل موقعها عتبة للقفز إلى البر الأسيوي جنوب الجزيرة العربية والى البر الأفريقي من خلال القرن الأفريقي، وهي تتحكم بالطريق التجاري البحري المهم الذي يربط عالم المحيط الهندي مع الساحل الشرقي لأفريقيا حتى رأس الرجاء الصالح.(26)
لقد سيطر اليمنيون بهذا الموقع على التجارة البحرية ـ بين الهند وما وراءها، وبين جزيرة العرب وما جاورها، وهذا ما جعل جيران اليمن كالأحباش وغيرهم من متمدنة ذلك الزمان كالفرس والرومان على السعي لمقاسمتهم خيراتهم أو الاستئثار بها، فكانت بين اليمنيين وأولئك الطامعين سلسلة من المعارك الاقتصادية والعسكرية -اصطبغت أحيانا بصبغة الحروب العصرية- لا الغزوات الشائعة في ذلك الزمان السحيق.(27)
أما في العصور الحديثة فقد انتشرت حملات البرتغاليين على سواحل اليمن، كما أدى التنافس بين المماليك والبرتغاليين إلى تعرض اليمن أيضا لحملات المماليك، كما واجهت اليمن غزواً آخراً من قبل الدولة العثمانية التي وجهت عدة حملات على اليمن، كما تعرضت اليمن للغزو الاستعماري البريطاني الذي تمكن من السيطرة على بعض المناطق اليمنية واحتلالها، ولم يكتف هذا الاستعمار باحتلاله لتلك الأجزاء الغالية من اليمن بل استمر من وقت لأخر في قصف المناطق اليمنية الأخرى بالطيران وغيره من الأسلحة المتطورة والتي لا تمتلكها اليمن آنذاك.
ونتيجة لكل ما سبق استوطن معظم سكان الجمهورية اليمنية المرتفعات الجبلية للتحصن بها والدفاع عن الوطن من قممها العالية والوعرة، وتمكن اليمنيون من دحر كل الغزاة من على تلك المرتفعات حتى أن اليمن سميت بمقبرة الغزاة0 وهكذا يلاحظ أن الكثافة السكانية في اليمن تزداد بالاتجاه من الساحل نحو الداخل والعكس صحيح فالكثافة تتناقص بالاتجاه نحو البحر الذي كانت القوات الغازية تأتي من جهته.
أما بالنسبة للموقع الفلكي فقد كان لوقوع اليمن في المنطقة المدارية الحارة (12-20) درجة شمالاً أثره في ارتفاع درجة الحرارة فيها، مما أدى إلى تفضيل السكان الاستقرار فوق المرتفعات الجبلية التي تتميز باعتدال درجة الحرارة.


2)التضاريس:  
للتضاريس تأثير كبير للغاية في التطور البشري لكثير من مناطق العالم، كما أن لها أثر بالغ في حياة الإنسان.(28) 
ويعد توزيع السكان أحد الجوانب الهامة التي تخضع لهذا التأثير فهي تلعب دوراً كبيراً في اختلاف وتباين هذا التوزيع من مكان إلى آخر، والذي يقارن بين خارطة توزيع السكان وخارطة التضاريس على مستوى العالم يلاحظ أن المناطق الجبلية تتميز بقلة السكان أو انخفاض كثافتهم، أي أن هنالك علاقة عكسية بين الارتفاع وكثافة السكان.(29)
وقد أظهر الباحث ستازفسكي في دراسته العالمية الشاملة للتوزيع الرأسي للسكان بأن أعدادهم وكثافتهم تتضاءل مع الارتفاع عن مستوى سطح البحر، وهي ظاهرة تعكس الصعوبات المتزايدة في استثمار البيئات الجغرافية المرتفعة.(30) ويمكن تقسيم عوائق السكني في المرتفعات إلى ثلاث مجموعات وهي:(31)
أ)عوائق ميكانيكية: وتتمثل في أن التضرس والصعود ضد الجاذبية عملية شاقة في ذاتها وتزداد هذه الصعوبة إذا كان المنحدر في ظل المطر وبالتالي يكون صخرياً خالياً من النبات.
ب)عوائق طبيعية: وتتمثل في أن درجة الحرارة تنخفض مع الارتفاع درجة مئوية لكل150متر أو ثلاث درجات فهرنهيتية لكل ألف قدم، وأن المطر يتزايد حتى ارتفاع معين، ثم تكثر الثلوج، وأن الرطوبة المطلقة والضغط الجوي يتناقصان باطراد، ويؤدي تخلخل الهواء بهذا الشكل إلى دوار الجبال، وصعوبة التنفس، والأمراض الرئوية، واختلال ضغط الدم، وشدة الضغط على القلب والخفقان.
ج) عوائق حيوية: ترتبط بإنتاج الغذاء، ذلك أن التضرس يحدد المساحات القابلة للزراعة، كما يؤدي إلى تفتيت وتشتيت الأراضي الزراعية.
وهكذا فقد وجد ستازفسكي أن (56.2%) من سكان العالم يسكنون في المناطق التي تقع بين سطح البحر و(200 متر فوق هذا المستوى) وهي المنطقة التي تشكل (27.8%) فقط من جملة مساحة اليابس، وتصل الكثافة السكانية في هذا المستوى الأدنى إلى ضعف متوسط الكثافة العامة لسكان العالم، ويعيش أكثر من (4/5) سكان العالم في المستوى الأقل من (500متر) فوق مستوى سطح البحر على مساحة من الأرض تبلغ حوالي (57.3%) من جملة المساحة.(32)
ويلاحظ أن المرتفعات الجبلية في كل أنحاء العالم تتميز بانخفاض درجة حرارتها مقارنة بحرارة المناطق المستوية المجاورة لها، وذلك لأن الحرارة تنخفض كلما ارتفعنا عن مستوى سطح البحر،  وهذا العامل يجعل المناطق المرتفعة المدارية أكثر جذباً للسكان من المناطق المستوية.(33)    
ولأن اليمن تقع في قلب المنطقة المدارية الحارة(12-20 درجة شمالاً) لذا فان العوامل الطبيعية قد تركت بصماتها واضحة جداً على توزيع السكان، إذ جعلت القسم الأعظم من هؤلاء السكان يتجمعون في المناطق المرتفعة من اليمن.(34) إذ تمتد هذه المناطق على شكل شريط حضاري جبلي يمتد من محافظة صعدة شمالاً إلى محافظتي لحج وتعز جنوباً مروراً بمحافظات كل من حجة، المحويت، عمران، صنعاء، ذمار، إب، الضالع، والمحافظات التي تكون هذا الشريط تستقطب حوالي (70%) من سكان اليمن، في حين يتوزع القسم الباقي على شريطين هما الشريط الساحلي المطل على البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي، ويتضمن هذا الشريط محافظات كل من: عدن، والحديدةـ عدا أطرافها الشرقية، والأجزاء الساحلية لكل من محافظة المهرة، حضرموت، شبوة، أبين لحج، تعز، حجة، أما الشريط الشرقي فيتكون من معظم أجزاء محافظات كل من: حضرموت، الجوف، المهرة، مأرب، شبوة، أبين، البيضاء، والأطراف الشرقية من محافظة صعدة.
وهكذا يتضح أن القاعدة القائلة بأن المرتفعات تنفر الناس من السكني بوجه عام لا تنطبق على اليمن وذلك لأنها تقع في قلب المنطقة المدارية الحارة، ولذلك فإن الارتفاع قد أكسبها مزايا عديدة، ومن هذه المزايا ما يأتي:(35)
أـ يتمتع هذا الإقليم بمناخ معتدل طوال العام، مما يبعث البهجة في النفوس والنشاط لدى السكان للعمل بجد ونشاط لاستغلال بيئتهم الجبلية القاسية.
ب ـ أن هذه المرتفعات تتمتع بنسبة أكبر من الأمطار السنوية قياساً بالسهول الساحلية والأجزاء الشرقية مما أدى إلى قيام نشاط زراعي متنوع.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن ضيق الأراضي الزراعية في اليمن قد أوجد لدى السكان اليمنيين خبرة وكفاءة في بناء المدرجات الزراعية الجبلية في المناطق القليلة الانحدار منذ القدم، ولاشك في أن الغرض من هذه المدرجات هو توسيع الأراضي الزراعية، وزيادة مساحتها، كما أنهم بنو مساكنهم في الأجزاء العالية فوق التلال وسطوح الجبال لكي لا تكون بيوتهم على حساب الأراضي الزراعية، إضافة إلى سهولة الإشراف على أراضي القرية الزراعية من ناحية، ولكي تصبح القرية في مأمن من الاعتداءات وأخطار السيول.

3ـ الظروف المناخية:
ترتبط الظروف المناخية ارتباطاً وثيقا بحياة الإنسان وتؤثر على بيئته بجوانبها المختلفة.(36) ويكفي للدلالة على دور المناخ في توزيع السكان على سطح الكرة الأرضية أن نصف مساحة اليابس لا تزيد فيها كثافة السكان على شخص واحد في الكيلو متر المربع وذلك لعوامل مناخية إما بسبب البرودة الشديدة أو الجفاف الشديد.(37)
وينبغي التأكيد على أن الأثر الأكبر للظروف المناخية في توزيع السكان وتباينهم يتم عن طريق التأثير في النشاطات الاقتصادية المختلفة، لذا لا بد من توضيح دور كل من الحرارة والأمطار على أساس أنهما أهم العناصر المناخية المؤثرة في هذا التوزيع:

أ)الحرارة:                                                                                                         يلاحظ غالباً أن السكان يفضلون العيش في المناطق ذات المناخ المعتدل في درجة حرارته، لذلك فإنه كلما انخفضت الحرارة بالارتفاع عن مستوى سطح البحر أو بالاتجاه صوب القطبين تناقصت معها كثافة السكان، وكلما زادت درجة الحرارة بالانخفاض عن مستوى سطح البحر أو بالاتجاه نحو خط الاستواء حيث تقترن الحرارة العالية بارتفاع الرطوبة كلما قلت كثافة السكان، وعلى ذلك يلاحظ أن المناطق المرتفعة في الجهات الحارة تعد أكثر جذبا للتركز البشري من مناطق السهول التي تكون حرارتها ورطوبتها عاليتين، وقد شهدت كثير من المناطق المرتفعة في الأقاليم المدارية تركزا سكانياً منذ وقت طويل كما هو الحال في مرتفعات اليمن.(38)
وهكذا يلاحظ أن وقوع مرتفعات اليمن في قلب المنطقة المدارية قد أدى إلى خلق بيئة معتدلة، وهذا ما جعل البعض يصف مناخ اليمن بأنه الأفضل على مستوى شبه الجزيرة العربية.(39) أما أستاذة الجغرافية الفرنسية فتصف مرتفعات اليمن بقولها ((وتزهو بلاد العرب السعيدة بجنائنها وأراضيها المزروعة ولطافة مناخها فوق شريط ساحلي جاف مهجور)).(40)
وعلى مستوى شبه الجزيرة العربية تأتي اليمن كأكبر تجمع سكاني فيها، إذ تضم (40%) من مجموع سكانها نظراً لملاءمة الظروف الطبيعية.(41)
وهكذا أصبحت اليمن بصفة عامة ذات كثافة سكانية عالية قياسا بالأقطار المجاورة، وبسبب ذلك ترتفع الكثافة السكانية في المناطق المرتفعة التي تتميز باعتدال درجة الحرارة  في محافظات كل من: إب، تعز، المحويت، ذمار، صنعاء، حجة، بينما تنخفض في المحافظات التي تتميز بارتفاع درجة الحرارة كما هو الحال في محافظات كل من: المهرة، الجوف، شبوة، حضرموت، مأرب. وهكذا يتضح أن الحرارة مرتفعة في السهول الساحلية والمناطق الشرقية ومعتدلة في المرتفعات، ولذلك أصبحت المرتفعات جاذبة للسكان بينما المناطق المنخفضة طارده لهم.

ب) الأمطار:
بالنظر إلى خارطة توزيع الأمطار في العالم يلاحظ أنها تقترب في ملامحها العامة كثيراً من خارطة كثافة السكان، وأحياناً يكون التطابق بين الخارطتين كبيراً جدا.(42) ويتفق ذلك مع واقع الحال في اليمن، فالنطاق الجبلي الذي يتلقى معظم الأمطار الصيفية يستقطب حوالي (70%) من سكان اليمن، بينما يتوزع الباقي على مناطق السهول الساحلية، وكذلك على الأجزاء الشرقية المتمثلة بكل من محافظة: المهرة، شبوة، مأرب، الجوف، حضرموت، ويرجع ذلك إلى قلة ألأمطار في هذه المحافظات.

4ـ الموارد المائية:
ترتبط الحياة بوجود الماء ((على اختلاف أشكاله)) وأن المياه بقدر ما هي مهمة للإنسان لأغراضه المختلفة في الاستعمالات المنزلية والزراعية والصناعية فهي مهمة للنباتات والحيوانات التي يعتمد عليها  الإنسان في تأمين غذائه وكسائه ومتطلباته الأخرى.(43) وعلى ذلك يمكن القول أن موارد المياه تعد من أبرز العوامل المؤثرة في توزيع السكان وخاصة في المناطق الجافة وشبه الجافة، فإذا توفرت استطاع الإنسان أن يقيم ويستقر وإن عزت انتشر وتفرق للبحث عنها إلى أن يجدها فيتكاثر حولها، ولذلك يلاحظ أن التركز السكاني في المناطق الصحراوية إما أن يكون على امتداد الأنهار التي تأتي مياهها من خارج المنطقة، أو في مناطق الواحات التي تحفر فيها الآبار لتأمين حاجة السكان من المياه.
وبالنسبة لليمن فهي تقع في نطاق المناطق الجافة وشبه الجافة.(44) ولذلك اشتهر اليمنيون ببناء السدود لحفظ المياه عند تساقط الأمطار للاستفادة منها في فترة الجفاف، وهكذا كانت المياه المحجوزة تكفي لعملية الري، كما أقيمت المدرجات الجبلية لحفظ التربة من الانجراف والاستفادة من المياه المنحدرة على جوانب الجبال أثناء سقوط الأمطار، كما أقيمت البرك العامة والخاصة في القرى.
وتعد الينابيع ذات أهمية كبيرة في توزيع السكان خاصة وأنها تخرج إلى سطح الأرض بدون تدخل الإنسان فهي لا تحتاج إلى جهد وأموال ولذلك كانت المراكز السكانية التي ارتبط وجودها بهذه الينابيع تستكفي من مياهها في إرواء الأرض الزراعية والاستخدامات المنزلية المختلفة، وهكذا يمكن القول أن توزيع السكان في اليمن يتفق مع توزع الأمطار والينابيع والآبار.

5) التربة:
تقوم التربة بتدعيم النبات دعماً ميكانيكياً من ناحية وتزوده بالغذاء من ناحية أخرى. (45) وهذا يعني أن التربة عنصر هام جداً في الزراعة ومن ثم يرتبط  بها توزيع السكان بدرجة كبيرة، ويوجد ارتباط قوي بين التربات الخصبة والكثافات السكانية المرتفعة، ومعظم التربات الخصبة في العالم مستغلة زراعياً، ولهذا فإن خارطة الأراضي الزراعية في العالم تقترب في ملامحها كثيراً من خارطة أقاليم الكثافة المرتفعة على خارطة كثافة السكان.(46)
وفي اليمن تتباين التربة من مكان لأخر، ففي إقليم السهول الساحلية تكثر الكثبان الرملية وتنتشر الترب المالحة قرب السواحل ويرجع ذلك إلى مجاورتها للبحر وكثرة ما يوجد بها من مستنقعات وسبخات، وكذلك بسبب تأثير المياه الباطنية المشبعة بأملاح البحر ثم ما تحمله الرياح من البحر من جزيئات الماء والملح، ولسيطرة الجفاف فان ملوحة التربة لا تتعرض للغسل بواسطة مياه الأمطار.(47)
وعلى العموم تعد تربة الأودية من أفضل أنواع الترب الموجودة في السهول لأنها تربة منقولة   من الإقليم الجبلي، وتتكون في الغالب من مفتتات اللافا التي جرفتها السيول، وهي تربة خصبة وتتجدد خصوبتها باستمرار بعناصر عضوية ومعدنية، وتحتوي على نسب معقولة من الدبال العضوي والصلصال وهي غنية أيضاً بالمياه.(48)
أما بالنسبة للتربة في إقليم المرتفعات الجبلية فهي تربة بركانية خصبة تحتوي على المعادن اللازمة لها، وقد ساعدت التربة الخصبة مع المناخ المعتدل وسقوط الأمطار على استخدام نظام مكثف للزراعة وإنتاج محاصيل متنوعة، ولذلك ارتفعت الكثافة في هذا النطاق الجبلي وانخفضت في نطاق السهل الساحلي الذي تسود في معظم أجزائه الترب الرملية والملحية، وكذلك تنخفض في المحافظات الشرقية بسبب انتشار الترب الرملية الصحراوية.
يتضح مما سبق أن العوامل الطبيعية قد لعبت دوراً كبيراً في توزيع السكان وتباينهم من محافظة إلى أخرى، فقد عمل اعتدال المناخ وسقوط الأمطار ووجود التربة الخصبة البركانية على النطاق الجبلي على جذب السكان، ولذلك كانت كثافة السكان مرتفعة في هذا النطاق بينما كانت أدنى كثيراً في المناطق المنخفضة كما هو الحال في السهول الساحلية وكذلك في المناطق الشرقية ويرجع ذلك إلى ارتفاع درجة الحرارة والجفاف والتربة الرملية في المناطق الشرقية، والحرارة المرتفعة وقلة الأمطار وتذبذبها وسيادة التربة الرملية والملحية في السهول الساحلية.

ثانياً: العوامل البشرية:
مما لاشك فيه هو أن العوامل الطبيعية تتدخل في تقرير الصورة العامة التي تبدُ بها أي منطقة، غير أن تأثيرها في توزيع السكان قد لا يكون كبيراً إلا في المجتمعات المتخلفة، بينما يكون هذا التأثير ثانوياً في البلدان والمجتمعات المتطورة تقنياً وعلمياً، أي أن الإنسان يمارس نشاطاً يتناسب مع إمكاناته العقلية وعدده وكفاءته الفنية.(49) وهكذا يلاحظ أن حركة السكان الجغرافية ودرجة تركزهم ونمط توزيعهم يتطور تبعاً للتطور الذي يتحقق في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهذا يعني أن تأثير العوامل البشرية يزداد مع هذا التطور الذي يحدث في المجتمع، وأهم هذه العوامل ما يأتي:

1)العامل الإداري:
يتمثل هذا العامل بالقرارات والإجراءات التي تتخذها الدول، حيث يتم اختيار بعض المدن أو القرى لتكون مراكزاً للمحافظات أو المديريات، ويؤدي وجود المركز الإداري في أي منطقة إلى تزايد عدد السكان الحضر لأنه يصبح مركزاً لتجمع الدوائر الحكومية والخدمات ومختلف أنواع الفعاليات وتتباين الخدمات والفعاليات المذكورة تبعا لتباين المرتبة الإدارية فهي في أمانة العاصمة أكثر تليها مراكز المحافظات، وتكون الخدمات المتاحة لمراكز المديريات أقل وهكذا.(50) ويتحدد مستوى وعدد المراكز الحضرية إدارياً ويتغير ذلك باستمرار، إذ يغلب أن تزداد أعداد المراكز الحضرية كما يحدث في مصر والعراق.(51)
وفي اليمن صدرت عدة قرارات إدارية في الأعوام 1998 و1999 و2000 و2001 و2004م، وقد أصبحت بموجب هذه القرارات بعض القرى مراكزاً لمديريات جديدة، وأحياناً تصبح مراكز بعض المديريات مراكزاً لمحافظات جديدة وذلك كما حدث لمراكز مديريات عمران والضالع وريمة وتحولها إلى عواصم لمحافظات كل من: عمران والضالع وريمة.(52)


2)النشاط الاقتصادي السائد:
هنالك علاقة بين كثافة السكان والحرفة السائدة بينهم، وتتدرج الكثافة في الارتفاع بصفة عامة من حرفة الصيد إلى حرفة الرعي ثم حرفة الزراعة وأخيراً حرفة الصناعة إذ تبلغ الكثافة أقصاها.(53) فالحرف التي تحتم الاستقرار كالزراعة غالباً ما تكون مزدحمة بالسكان، بينما تنخفض الكثافة في المناطق التي تغلب عليها صفة البداوة، كما ترتفع في مناطق الزراعة المروية في حين تنخفض في مناطق الزراعة الديمية (المطرية)، وتبلغ كثافة السكان أقصاها حيث تسود حرفة الصناعة والحرف المرتبطة بالتجارة والخدمات الأخرى.
ولاشك في أنه مع التطور الاقتصادي فإن تركيب العمالة قد تحول من العمل الرئيس في الزراعة إلى زيادة العاملين في قطاع الصناعة والخدمات، وكلاهما من العوامل الرئيسية لتركز السكان في المدن، وعليه فإن انتقال السكان من الريف إلى المناطق الحضرية وإعادة توزيع السكان يصاحب التحضر دائماً.(54) كما هو الحال في معظم المدن اليمنية وإن كانت هنالك عوامل ثقافية وحضارية وسياسية أخرى تعمل على رفع كثافة السكان في المدن والعواصم.

3)النقل:                                                                                                                    يقصد بالنقل الطرق والوسائط التي يتم بها انتقال الإنسان ومنتجاته من مكان لأخر.(55) وتعد طرق النقل من العوامل البشرية المهمة المؤثرة في توزيع السكان وكثافتهم، فالإنسان يحتاج لها كي يربط بين مراكز الاستقرار المختلفة، وتحقيق عدة أهداف أبرزها  نقل البضائع من مناطق الإنتاج إلى مناطق الاستهلاك، ونقل المواد الأولية والأشخاص وغيرها من الأغراض.(56) ولذلك فطرق النقل هي أحد العوامل التي أدت إلى وقوع مناطق تركز السكان العظمى في العالم في أطراف القارات، وأما داخلها فتنخفض الكثافات في معظم الحالات(57).
والحقيقة أن النقل يعد من الشروط الأساسية لأي نشاط اقتصادي: زراعي صناعي، تجاري، صيد الأسماك، الرعي... الخ، ولا يمكن أن يزدهر أي نشاط من هذه الأنشطة أو غيرها بدون وجود شبكة للنقل، كما أن القيام بعمليات التنمية الاجتماعية والاقتصادية لا يمكن أن تتم بدون ذلك، إذ لابد من وجودها لكي تستطيع الدولة نشر المدارس والمستوصفات، ومشاريع الكهرباء والمياه وغيرها من الخدمات إلى كل المراكز السكانية.
وهكذا يتضح أن طرق وسائط النقل تلعب دوراً هاماً في الاستثمارات الاقتصادية ومن ثم في اجتذاب السكان الذين يقومون بتلك الاستثمارات ويعيشون على إنتاجها، ولذلك يلاحظ تزايد أحجام المدن بحيث تمتد الرقعة المدنية متبعة طرق النقل المؤدية إلى المدينة وتبدُ في شكل أشرطة عمرانية في اتجاهات طرق النقل الرئيسية، كما يلاحظ أن معظم مواطن الاستقرار في اليمن قد نشأت واتسعت بسبب وقوعها على طرق النقل القديمة، أو الحديثة كما هو الحال بالنسبة لمدن الشريط الجبلي مثل صعدة، حجة، المحويت، عمران، صنعاء، ذمار، إب، تعز، أو تلك الواقعة بالقرب من المناطق الصحراوية مثل: مأرب، الجوف، عتق، أو تلك التي قامت بالقرب من المواصلات البحرية مثل: عدن، الحديدة، المكلا, المخاء، الغيضة ... الخ.
4) المتغيرات الديموغرافية:
تتمثل المتغيرات الديموغرافية في حركة المواليد والوفيات والهجرة التي يترتب عليها اختلاف نسب التغير السكاني وتباين اتجاهاتها من منطقة لأخرى، ومن قطر لأخر، وهذا الاختلاف يؤثر بمرور الوقت على تحديد صورة توزيع السكان وتباينهم فحيثما ترتفع معدلات المواليد وتنخفض معدلات الوفيات فان ذلك يؤدي إلى تغيرات جوهرية في توزيع السكان، وإذا كانت الزيادة الطبيعية (الفرق بين المواليد والوفيات) تؤثر في توزيع السكان، فإن الهجرة يتمخض عنها إعادة هذا التوزيع.(58)
وهكذا تكون الولادات عامل التغير نحو الزيادة، أما الوفيات فهي عامل التغير نحو التناقص، وأما الهجرة فهي عامل زيادة أو تناقص وذلك بحسب اتجاهها من أو إلى المجتمع المدروس، فالهجرة الوافدة عامل زيادة، وأما الهجرة النازحة فهي عامل تناقص.(59) ولأن هذه العوامل تختلف من مكان لأخر سوى بين الأقطار وبعضها البعض أو بين أقاليم الدولة الواحدة، لذلك فإنها لا يمكن أن تتشابه في تأثيرها الكمي على عدد السكان.(60)

الإستنتاجات والتوصيات:

أولاً:الاستنتاجات:

في ضوء ما تم عرضه في الدراسة الكمية التحليلية لتركز السكان في الجمهورية اليمنية خلال الفترة الزمنية الممتدة بين عامي (1994و2004م) أمكن الكشف عن مجموعة من الحقائق وذلك كما يأتي:
1)أن محافظة تعز احتلت المرتبة الأولى في عدد السكان بموجب تعدادي1994 و2004م، وقد بلغ عدد سكانها (1.9) و(2.4) مليون في التعدادين المذكورين على التوالي.
2) جاءت محافظه إب في المرتبة الثانية في تعداد 1994م والثالثة في تعداد2004م، إذ بلغ عدد سكانها (1.7) و(2،1) مليون نسمة في التعدادين المذكورين على التوالي.
3) قفزت محافظة الحديدة من المرتبة الثالثة في تعداد 1994م إلى المرتبة الثانية في تعداد 2004م، إذ بلغ عدد السكان فيها (1.6) و(2.2) مليون نسمة في التعدادين المذكورين على التوالي.
4) أن خمس محافظات فقط ضمت (1/2) السكان في تعدادي 1994و2004م، إذ بلغت نسبتها (49.3%) و(50.4 %) من إجمالي سكان الجمهورية اليمنية في التعدادين المذكورين على التوالي، وهذه المحافظات هي: تعز، الحديدة ،إب، أمانه العاصمة، حجة، وأن الثلاث الأولى ضمت أكثر من (1/3) سكان الجمهورية (34.9%) و(34%).
5) أن خمس محافظات أُخرى وهي: ذمار, حضرموت, صنعاء, عمران, لحج, ضمت (1/4) سكان الجمهورية (25.8%) و(24.8%) في تعدادي 1994و2004م على التوالي.
6) أن إحدى عشرة محافظة أُخرى ضمت أقل من (1/4) سكان الجمهورية اليمنية (24.9%) و(24.8%) في تعدادي 1994و2004م، وهذه المحافظات هي  بحسب الترتيب التنازلي: صعدة, عدن, البيضاء, المحويت, الضالع, شبوه, الجوف, أبين, ريمة, مأرب, المهرة.
 7)تزايدت النسبة المئوية من السكان لبعض المحافظات من إجمالي سكان الجمهورية ما بين تعدادي 1994 و2004م  إذ بلغ التزايد في محافظة الحديدة من(10.7%) إلى (11.0%)، وفي أمانة العاصمة من (6.9%) إلى (8.9%)، وفي عدن من(2.8%) إلى (3.0%)، وفي الضالع من (2.3%) إلى (2.4%)، وفي المهرة من (0.4%) إلى (0.5%)، وفي صعدة من (3.3%) إلى (3.5%)، وفي ذمار من(6.7%) إلى (6.8%).           
 8) حافظت بعض المحافظات على نسبتها من إجمالي سكان الجمهورية في التعدادين، وتتمثل بكل من: ريمة ،حجة، حضرموت، إذ بلغت نسبها (2.0%) و(7.5%) و(5.2%)  في التعدادين على التوالي.
9) تناقصت النسبة المئوية من السكان لبعض المحافظات من إجمالي سكان الجمهورية بين تعدادي 1994و2004م، ففي محافظة تعز تناقصت النسبة من (12.8%) إلى (12.2%)، وفي إب من (11.4%) إلى (10.8%)، وفي صنعاء من (5.1%) إلى (4.7%)، وفي عمران من (5.0%) إلى (4.4%)، وفي لحج من(3.8%) إلى (3.7%)، وفي البيضاء من (3.1%) إلى (2.9%) وفي المحويت من(2.6%) إلى (2.5%)، وفي شبوة من (2.5%) إلى (2.4%)، وفي الجوف من (2.4%) إلى (2.3%)، وفي أبين من(2.4%) إلى (2.2%)، وفي مأرب من (1.3%) إلى (1.2%).
10)بلغت قيمة مؤشر التركز السكاني في اليمن(28.4) و(29.2) في تعدادي 1994و2004م على التوالي.
11)بلغت قيمة مؤشر إعادة توزيع السكان (3%) للفترة (1994-2004م).
12)بلغ عدد السكان المراد إعادة توزيعهم للفترة (1994-2004) حوالي (596) ألف نسمة.
13)كانت الكثافة منخفضة جداً (صفر-49.9نسمة/كم2) أي أقل من المستوى العام لليمن (37.4نسمة/كم2) في ست محافظات تتمثل بكل من: أبين، مأرب، الجوف، شبوة،حضرموت، المهرة، وبلغت الكثافة فيها (25.4) و(13.9) و(11.7 ) و(11.4) و(7.1 ) و(1.2) نسمة لكل كيلو متر مربع.
14) كانت الكثافة منخفضة (50-99.9نسمة/كم2) في أربع محافظات مرتبة  من الأكبر إلى الأصغر: صنعاء، البيضاء، لحج، صعدة، وهي أكثر ارتفاعا من المتوسط  العام لكثافة السكان على مستوى الجمهورية (37.4نسمة/كم2)، وقد وصلت الكثافة في هذه المحافظات إلى (75.6) و(73.2) و(57.3) و(55.9) نسمة لكل كيلومتر مربع على التوالي.                                                                                                        
15) كانت الكثافة متوسطة(100-199.9نسمة/ كم2) في خمس محافظات هي: ذمار، حجة، الحديدة، عمران، الضالع، وبلغت الكثافة السكانية في محافظات هذا المستوى: (176.5) و(176.1) و(163.8) و(109.2) و(108.3) نسمة لكل كيلو متر مربع  على التوالي.                                                                                        
16)كانت الكثافة مرتفعة (200-299.9نسمة/كم2) في ثلاث محافظات: تعز، المحويت، ريمة، إذ بلغت الكثافة فيها (234.9) و(209.0)و(204.1) نسمة لكل كيلو متر مربع على التوالي.
17)كانت الكثافة مرتفعة مرتفعة جداً (أكثر من300نسمة/كم2) في ثلاث محافظات وتتمثل في المحافظتين الحضريتين وهما أمانة العاصمة(4195.4نسمة/ كم2) وعدن (650.4نسمة/ كم2)، أما الثالثة فهي محافظة إب (364.0شخص/ كم2).                                                                                                           
18) أن نسبة التركز في اليمن مرتفعة جداً إذ بلغت(63.9%) و(64.2%) في تعدادي 1994و2004م على التوالي، وهذا يعني أن السكان يتركزون في بعض المحافظات بينما تعاني بعضها من تخلخلهم فيها.
19) أظهر منحنى لورنز أن 6% من مساحة  الجمهورية اليمنية يسكنها أكثر من (2/5) السكان (40.8%)، وأن أقل من10% من المساحة (9.7%) يسكنها أكثر من (1/2) سكان اليمن الجمهورية (51.2%)، ولوحظ من هذا المنحنى ابتعاد خط التوزيع الفعلي للسكان عن خط التوزيع المثالي الأمر الذي يعكس درجة عالية للتركز السكاني خلال الفترة (1994-2004م) أي أن توزيع السكان في الجمهورية غير متساوٍ ولا متوازن.
20)لوحظ ارتفاع كبير لمعامل جيني إذ بلغت قيمته (71.1%) و(71.5%) في التعدادين.
ثانياً:التوصيات
في ضوء النتائج التي تم التوصل إليها يضع الباحث مجموعة من التوصيات لعلاج المشاكل والصعوبات التي يعاني منها سكان اليمن فيما يخص موضوع البحث ومنها:
1) الاهتمام بالريف من حيث تطوير البنى التحتية: شق الطرقات، توفير مياه الشرب النقية، والإنارة، والصرف الصحي، التعليم، والصحة جنباً إلى جنب مع التوسع في الإيفاء بمتطلبات المدن من هذه الخدمات.
2) تشجيع التدريب المهني والتوسع فيه حتى تغطي مراكزه جميع المديريات لرفع كفاءات ومهارات مختلف الفئات الاجتماعية (الحرفية، البناء، النجارة).
3) المساهمة في تخفيض تكاليف المدخلات والمستلزمات والآلات والمعدات الأساسية اللازمة لعمليات الإنتاج الزراعي.
4) المساهمة في دعم وتشجيع إقامة السدود والحواجز المائية.
5) العناية بالثروة الحيوانية من خلال توفير الأعلاف، نشر مراكز الرعاية البيطرية، وتحسين سلالات الثروة الحيوانية، إيقاف استخدام الحيوانات في العمليات الزراعية.
6) المشاركة في إيجاد سياسة جيدة لتسويق المنتجات الزراعية والحيوانية حتى يجد المزارعون وحائزي الثروة الحيوانية السوق المناسبة لمنتجاتهم مما يشجعهم على المزيد من العمل لتغطية الطلب المتزايد.      
7) تشجيع الهجرة من المحافظات ذات الكثافة السكانية العالية إلى المحافظات المخلخلة سكانياً، وذلك من خلال وضع سياسة سكانية تهدف إلى إعادة توزيع السكان في الجمهورية.         


المصادر:
1)الجهاز المركزي للإحصاء، النتائج الأولية للتعداد العام للسكان والمساكن والمنشآت 2004م، صنعاء، 2005م، ص 29.
2) الصالح، ناصر عبد الله، والسرياني، محمد محمود، الجغرافيا الكمية والإحصائية-أسس وتطبيقات، جامعة الملك عبد العزيز، كلية التربية، مكة المكرمة، 1979م، ص22.
3) البطيحي ، عبد الرزاق محمد ، طرائق البحث الجغرافي ، جامعة بغداد، 1988م، ص 32.
4)الخفاف، عبد علي، الظاهرة السكانية والتطور الجغرافي، الموسوعة الصغيرة، دار الشئون الثقافية العامة، بغداد، 1986، ص 58.
5) الشر نوبي، محمد عبد الرحمن، البحث الجغرافي، مكتبة  الانجلو المصرية،القاهرة، 1986م، ص78.
6)الخفاف، عبد علي حسن، والريحاني، عبد مخور، جغرافية السكان،جامعة البصرة،1986م، ص107.
7) أغا ، شاهر جمال ، جغرافية اليمن الطبيعية(للشطر الشمالي )، مكتبة الأنوار ، دمشق،1983م ، ص 287.
8) المخلافي (أسعد) محمد علي عثمان ، سكان الجمهورية اليمنية ديموغرافياً وجغرافياً، ط1،  مركز عبادي للدراسات والنشر ، الجمهورية اليمنية، صنعاء، 2003م، ص 27.
9)السعدي، عباس فاضل،التوزيع الجغرافي للسكان في اليمن، نشرة الجمعية الجغرافية الكويتية وقسم الجغرافيا بجامعة الكويت ، العدد 51، 1983م، ص49.
10) الصباح، أمل يوسف العذبي، التركز السكاني في الكويت، مجلة دراسات الخليج والجزيرة العربية، العدد 62، جامعة الكويت، ابريل 1990، ص 507 ((بحث باللغة الإنجليزية)).
11) السعدي، عباس فاضل، التوزيع الجغرافي للسكان في اليمن، مصدر سبق ذكره، ص50.
12) فراج، عبد المجيد، الأسس الإحصائية للدراسات السكانية، دار القومية العربية للطباعة، القاهرة، 1975م، ص 161.
13) عبد المعطي، عبد الباسط ، وآخرون، السكان والمجتمع، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، 1987م، ص20.   
14) الأشعب، خالص، اليمن – دراسة في البناء الطبيعي والاجتماعي والاقتصادي، منشورات وزارة الثقافة والأعلام ، العراق ، 1982م ، ص 68.                                      
15) الجهاز المركزي للإحصاء، التحضر ونمو المدن في الجمهورية اليمنية: مظاهره وأثاره، صنعاء، 1999م، ص 27و33.                                                                           
16) أبو عيانه، فتحي محمد، مدخل إلى التحليل الإحصائي في الجغرافيا،دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية،1981م، ص 96.
17) السعدي، عباس فاضل، دراسات في جغرافية السكان، منشأة المعارف بالإسكندرية، 1980م، ص46.
18) فياض، فتحي عبد الله، مبادئ الإحصاء الجغرافي، قسم الجغرافيا، كلية الآداب والتربية، جامعة قار يونس، المنشأة العامة للنشر والتوزيع والإعلان، ليبيا، طرابلس، 1983م،
ص 195.
19 ) البطيحي، عبد الرزاق محمد وآخرون،الإحصاء الجغرافي ، جامعة بغداد،1979، ص 101
20) الصالح، ناصر عبد الله، والسرياني، محمد محمود، الجغرافيا الكمية والإحصائية-أسس وتطبيقات، مصدر سبق ذكره، ص 87.
21) البد راوي، عدنان مكي، استخدام معامل جيني في قياس التشتت للاستيطان الريفي في بادية الجزيرة الشمالية(ربيعة))، الجمعية الجغرافية، المجلد التاسع عشر، بغداد ، العراق، أيار1987م،  ص 190.                                                                                                                                                                                                                                              
22) الخفاف، عبد علي حسن، والريحاني،عبد مخور، جغرافية السكان، مصدر سبق ذكره،  ص127.                                                                                                                       
23) غلاب، محمد السيد، وعبد الحكيم، محمد صبحي، السكان ديموغرافياً وجغرافياً، ط4، مكتبة الانجلو المصرية، القاهرة، 1978م، ص 211.
     24 ) الراوي، منصور،دراسات في السكان والتنمية في العراق، جامعة بغداد، بيت الحكمة، 1989م، ص 132.
25)  حمدان، جمال، بين أوربا وآسيا، دراسة في النظائر الجغرافية، عالم الكتب، القاهرة، (بدون تاريخ نشر)، ص 106.
26)محمد،صباح محمود، جزر العالم،( الأهمية الجيوبولتيكية لجزيرة سقطرى من ص17-31)، بيروت ، 1997م، ص 21و22.
27) دار غوث، رشاد، سيف بن ذي يزن البطل القومي الأول في تاريخ العرب ، المجلة العربية، العدد 5 ، المملكة العربية السعودية، 1977م، ص 106.                                                                                                                 
28) الصقار، فؤاد محمد، دراسات في الجغرافية البشرية، ط4، وكالة المطبوعات، الكويت، 1981،
ص 60.
29) غلاب، محمد السيد، وعبد الحكيم، محمد صبحي، السكان ديموغرافياً وجغرافياً، مصدر سبق ذكره،  ص 215.
30) الحديثي، طه حمادي،جغرافية السكان،جامعة الموصل، 1988م، ص 612.
31) غلاب، محمد السيد، وعبد الحكيم، محمد صبحي، السكان ديموغرافياً وجغرافياً، مصدر سبق ذكره، ص 215.
32) الشرنوبي، محمد عبد الرحمن، جغرافية السكان، مكتبة الانجلوالمصرية،القاهرة،1986م، ص 205.
33) السامرائي،قصي عبد المجيد، مبادئ الطقس والمناخ، دار اليازوري العلمية للنشر والتوزيع، الأردن، 2008م، ص 121.
34) السعدي، عباس فاضل، السكان وتوزيعهم حسب الأقاليم الطبيعية في اليمن، مجلة دراسات يمنية، العدد 10مركز الدراسات والبحوث اليمني 1982م، ص .41
35) رسول، احمد حبيب، دراسات في الجغرافية الاقتصادية والبشرية لليمن، دار الكلمة، صنعاء، 1985م، ص 392 .                                                                                                                                       
36) محمد ، صباح محمود، الطقس والمناخ ، الموسوعة الصغيرة،(89) ، منشورات دار الجاحظ ، العراق، 1981م، ص 11 .
37) غلاب، محمد السيد، وعبد الحكيم، محمد صبحي، السكان ديموغرافياً وجغرافياً، مصدر سبق ذكره ، ص 212.
38) جودة، حسنين جودة، و فتحي محمد أبو عيانة، قواعد الجغرافيا العامة الطبيعية والبشرية، دار المعرفة الجامعية،الاسكندرية، 1983م، ص 346. 
39)       Pavageau,Carmel,On the heights of Yemen,the geographical                  Magazine, July, 1982, p.408
40) غارنيه، جاكلين ، جغرافية السكان، ترجمة حسن الخياط ، ومكي محمد عزيز، مراجعة شاكر خصباك، منشورات جامعة بغداد ، 1974م، ص 53- 54.
41) عزيز، محمد مكي، ورياض إبراهيم السعدي، جغرافية السكان، جامعة بغداد،1984م، ص80.
42) إسماعيل، احمد علي، أسس علم السكان وتطبيقاته الجغرافية، دار الثقافة والنشر والتوزيع، القاهرة،1989م ، ص204.
43) الخفاف، عبد علي حسن ، والريحاني ، عبد مخور ، جغرافية السكان ، مصدر سبق ذكره،   
ص 132.
44)الفسيل، عبد الكريم محسن، الموارد المائية والتوزيع السكاني في الجمهورية اليمنية، وثائق المؤتمر الوطني الأول للسياسات السكانية، صنعاء، 1991م، ص 701.
45) المياح، علي محمد، الجغرافية الزراعية، جامعة بغداد ، مطبعة الإرشاد، بغداد،1976م، ص78.
46) إسماعيل، احمد علي، أسس علم السكان وتطبيقاته الجغرافية، مصدر سبق ذكره، ص206.
47) عباس، شهاب محسن، جغرافية التربة في اليمن، ط1، مركز عبادي للدراسات والنشر، صنعاء، 1996م، ص 112.
48) السعدي، عباس فاضل، التوزيع الجغرافي للسكان في اليمن، مصدر سبق ذكره، ص22.
49) المجاهد،عبدا لله محمد، أسس زراعة وإنتاج المحاصيل الحقلية في الأراضي اليمنية، ط1، عالم الكتب، القاهرة، 1980م، ص 19.
50) السعدي، عباس فاضل، محافظة بغداد، دراسة في جغرافية السكان، ط1، جامعة بغداد، 1976،
ص 56.
51) الأشعب، خالص، نمو المدينة العربية ومشكلاتها الحضرية ، الموسوعة الصغيرة(382)، دار الشئون الثقافية العامة، بغداد، 1992م، ص 50.
52) وزارة الشئون القانونية : الجريدة الرسمية - مرتبة بحسب العدد والجزء والسنة: (14) لسنة 1998م، و(2ج1) لسنة 1999م، و(18ج 2) لسنة 2000م، و(2ج2) لسنة2001م،   والملحق الخاص بالتقسيم الانتخابي للدوائر النيابية والمحلية 2002م، و(6) و(12) لسنة 2004م.
53) غلاب، محمد السيد، وعبد الحكيم، محمد صبحي، السكان ديموغرافياً وجغرافياً ، مصدر  سبق ذكره ، ص 223.
54) سهاونة ، فوزي عيد ، وسمحة، موسى عبودة ، جغرافية السكان،الجامعة الأردنية، دار وائل للنشر، 2003م ، ص 137.
55) السعدي، عباس فاضل ، تباين توزيع السكان في الوطن العربي ، مجلة دراسات عربية،    العدد 5/6، آذار / نيسان، مارس/ابريل 1993م، ص 57.
56) الخفاف، عبد علي حسن، والريحاني،عبد مخور، جغرافية السكان، مصدر سبق ذكره، ص134.
57) غلاب، محمد السيد، وعبد الحكيم، محمد صبحي، السكان ديموغرافياً وجغرافياً، مصدر سبق ذكره ، ص 224.
58) السعدي، عباس فاضل، تباين توزيع السكان في الوطن العربي، مصدر سبق ذكره،   ص 58 .
59) الخفاف ،عبد علي، والمومني، محمد احمد عقله، سكان العالم الإسلامي، دراسة عن الواقع ومؤثرات المستقبل ،ط1، دار الكندي للنشر والتوزيع ، الأردن،اربد،1994م، ص 59.
60) الخفاف، عبد علي حسن، والريحاني، عبد مخور، جغرافية السكان، مصدر سبق ذكره، ص137.
61) الجهاز المركزي للإحصاء، التعداد العام للسكان والمساكن والمنشآت1994م، النتائج النهائية لمحافظات الجمهورية، التقرير الأول، ( 18 كتيباً) -  مصدر للملحق(1).
62) الجهاز المركزي للإحصاء، مسح تحديث الخرائط والأطر الإحصائية والخدمات، تقارير العمليات الميدانية والمكتبية لمحافظات الجمهورية( 20 كتيباً) - مصدر للملحق(1).
63) المخلافي، محمد علي عثمان أسعد ، موسوعة اليمن السكانية، دراسة السكان والمراكز الســــكانية في جميع مديريات ومحافظات الجمهورية اليمنية، مركز عبادي للدراسات والنشر ، صنعاء ، 2006م -  مصدر للملحق(1).
64) الجهاز المركزي للإحصاء، اليمن في أرقام 2000م، صنعاء، أغسطس 2001م(مصدر خارطة اليمن).



* رئيس قسم الجغرافيا – كلية التربية – جامعة عمران



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا