التسميات

الجمعة، 26 يوليو 2013

تحولات الفكر السياسي الإفريقي وشروط النهضة ...


تحولات الفكر السياسي الإفريقي وشروط النهضة

قراءات إفريقية - أ. د.محمد عاشور -  أستاذ العلوم السياسية المشارك – جامعة القاهرة ، وعضو هيئة التحرير بمجلة قراءات إفريقية :

   شهدت قارة إفريقيا، في خلال العقدين الماضيين من الزمان، سلسلة من التغيّرات السياسية والفكرية، ودعوات لمزيد احترام لحقوق الأفراد والشعوب وحرياتهم؛ أثمرت بعض آثارها على الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية في صورة مبادرات اتحادية وتكاملية.
    وفي المقابل؛ أسفرت – ولأول مرة - عن الخروج عن مبدأ الحفاظ على الحدود الموروثة عن الاستعمار، وذلك بإقرار انفصال جنوب السودان عن شماله وقيام دولة جنوب السودان، الأمر الذي يشير من جانب إلى التعارض الذي طالما تحدّث عنه بعض المحللين بين مبدأ الحفاظ عن الحدود الموروثة ومبادئ حقوق الإنسان وحق تقرير المصير، ويرسّخ ازدواجية المعايير الدولية في تطبيق تلك المبادئ وإقرار ذلك الحق؛ بما يتوافق - في غالب الأحوال - ومصالح القوى الكبرى ورؤيتها.

    ومع اندلاع ما اُصطلح على تسميته إعلامياً: «ثورات الربيع العربي» في الشمال الإفريقي، والإطاحة بنُظُم حكم ظُنّ طويلاً أنها محصّنة بفعل علاقاتها الإقليمية والدولية، بدا أن هناك مناخاً جديداً يتشكّل في المنطقة، وبالرغم من اختلاف موقف الأفارقة (شعوباً، وحكاماً) في تقييم التطورات في الشمال الإفريقي؛ يرى بعض الناس أن القارة لا محالة سائرة في طريق الخلاص من ربقة المواريث الاستعمارية.
  وإجمالاً؛ يمكن القول إن أول المشاريع الفكرية التي طُرحت على الساحة الإفريقية كانت فكرة الوحدة الإفريقية، وقد نشأت هذه الفكرة خارج القارة، بوصفها أداة لمواجهة الآخر في المهجر قبل أن تكون أداة لمواجهة المستعمر، والمطالبة بالاستقلال ووحدة القارة، وهي المطالب التي تكسّرت على نصال التمسك بسيادة الدولة من جانب معظم دول القارة بعد الاستقلال، منذ منتصف الخمسينيات ومطلع الستينيات من القرن العشرين؛ فمع ترسّخ واقع الدولة الوطنية بدأت مشروعات نهضة خاصة بكل قُطْر، اتفقت في معظمها في طابعها الاشتراكي والإنساني، كان من أبرزها فكرة الرئيس التنزاني جوليوسنيريري عن «الأوجاما».
    ومع موجة التحولات الدولية والإقليمية منذ أواخر الثمانينيات من القرن العشرين، في أعقاب تفكك الاتحاد السوفييتي، شهدت إفريقيا جدلاً فكرياً كبيراً حول ضرورات التحول الديمقراطي في القارة، تزامن مع تبنّي كثير من النّظم الإفريقية لآليات النّظم الديمقراطية، التي باتت الطابع الغالب لدول القارة في أقل من عقد من الزمان، ومع تلك التحولات عاود خطاب الوحدة الإفريقية البروز من جديد في صورة مشروع النهضة الإفريقية الذي دعا إليه الرئيس الجنوب إفريقي السابق «ثابوامبيكي»، والذي تبلور بعد ذلك واقعياً في مبادرة «النيباد»، التي تزامنت معها مبادرة التحول من «منظمة الوحدة الإفريقية» إلى «الاتحاد الإفريقي»، والتي تزعمها الرئيس الليبي السابق معمر القذافي.
   ويسعى هذا المقال لإلقاء الضوء على أهم المبادرات الفكرية التي طُرحت على الساحة الإفريقية سعياً للتخلص من ربقة الاستعمار وتحقيق النهضة، ونصيب كلٍّ منها من النجاح، أو الإخفاق، وأسباب ذلك؛ وصولاً إلى استشراف مستقبل القارة في ضوء التغيّرات الجارية في القارة بفعل ثورات الشمال، وتحولات الجنوب.
ويتناول المقال المحاور الآتية:
- فكرة الوحدة الإفريقية، ومراحل تطورها.
- تجليات فكرة الوحدة الإفريقية ومآلاتها بعد الاستقلال.
- من الوحدة إلى الاتحاد والنهضة والحكم الرشيد.
- خاتمة: هل تحررت إفريقيا من فكر الاستعمار؟
أولاً: فكرة الوحدة الإفريقية، ومراحل تطورها (1):
  تعد فكرة الوحدة الإفريقية أقدم الإسهامات الفكرية التي أدت دوراً محورياً على الساحة الإفريقية، بالرغم من نشأتها خارج القارة، وساهم في بلورتها كثير من المفكرين من غير الأفارقة، من الذين جمعهم بالأفارقة وحدة الآمال والآلام، وقد مرّت فكرة الوحدة الإفريقية بعدة مراحل، يمكن إجمالها في ثلاث مراحل على النحو الآتي:
أ - مرحلة وحدة اللون والقهر:
  نشأت هذه المرحلة - كما سبقت الإشارة - خارج قارة إفريقيا، وتطورت وسط ما وصفه بعض المحللين بأنه «مثلث الأطلنطي للنفوذ»، والذي تتكون أضلاعه من العالم الجديد (الأمريكيتين) وأوروبا وإفريقيا؛ حيث تشرّب الأفارقة أفكار الوحدة في طورها الأول – الذي يمتد من منتصف القرن التاسع عشر إلى قبيل القرن العشرين - من أوضاعهم المزرية في العالم الغربي بصفة عامة، والولايات المتحدة الأمريكية بخاصة (2) .
   وقد اتسمت تلك المرحلة بالعاطفية الناجمة عن شعور الأفارقة بفقدانهم أوطانهم، وما نجم عن ذلك من استعبادهم واضطهادهم عنصرياً واحتلالهم، فكانت التجليات الأدبية، وبخاصة الشعرية المؤكدة لتلك المعاني، والمطالبة باستعادة الكرامة والاعتزاز بالذات الإفريقية السوداء، وهي المطالبة التي وصلت ذروتها في أشعار «إيمي سيزار» وتيار «الزنوجة»، وكذا أعمال «ليوبولد سنجور»، وعكسها حركياً وتنظيمياً «ماركوس جارفي» أحد زنوج جامايكا الذي نادى بعنصرية سوداء في مواجهة العنصرية البيضاء، ودعا إلى عودة الزنوج إلى إفريقيا، وهي الدعوة التي عارضها «وليم دي بويس» أحد رواد حركة الوحدة الإفريقية، والذي دعا إلى أن يكافح الأفارقة في المهجر للحصول على حقوقهم في البلدان التي يعيشون فيها (3).
ب - مرحلة «مؤتمرات الجامعة الإفريقية» Pan –Africanism:
    والتي بدأت منذ نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين مع أول مؤتمر عُقد تحت هذا الاسم في لندن استجابة لدعوة محام من جزر ترينداد، هو «سيلفسترويليامز» الذي كان أول من تحدث عن الجامعة الإفريقية، وانصبّ اهتمام المؤتمر في البحث عن سبل تحسين أوضاع الأفارقة السود والمطالبة بحسن معاملتهم، وتوالت مؤتمرات الجامعة حيث عُقد المؤتمر الثاني في باريس عام 1919م برئاسة «دي بويس»، والثالث في لندن وبروكسل عام 1921م، وعُقد المؤتمر الرابع في لندن ولشبونة عام 1923م، وكان المؤتمر الخامس للجامعة الإفريقية عام 1927م في نيويورك هو آخر مؤتمرات الجامعة الذي يُعقد برئاسة «وليم دي بويس».
  ويُلاحظ، بصفة عامة، أن تلك المؤتمرات جميعها ركزت مطالبها في البحث عن سبل تحسين أوضاع الأفارقة، ولم تتجاوز في مطالبها السياسية المطالبة بإقامة حكم ذاتي محلي للجماعات الوطنية(4) .
  وقد مثّل «مؤتمر الوحدة الإفريقية»، الذي عُقد في «مانشستر» ببريطانيا عام 1945م، نقلة كبيرة في طبيعة مؤتمرات الوحدة وأهدافها؛ حيث شهد المؤتمر لأول مرة مشاركة فاعلة من زعماء إفريقيا الشبان الذين اكتسبوا بسرعة شهرة وصيتاً ذائعاً في بلدانهم، وفي مقدمتهم «كوامي نكروما» من ساحل الذهب (الاسم القديم لغانا)، والذي أصبح بعد ذلك أول رئيس لها، والزعيم «س.ل. إكينتولا» (أصبح بعد ذلك رئيس وزراء نيجيريا)، و «جوموكيناتا» (أصبح رئيساً لكينيا عند استقلالها)، وممثل عن الدكتور ايزيكوي (أصبح رئيساً لنيجيريا بعد ذلك)، كما أن المؤتمر طالب بقوة ووضوح بالحكم الذاتي والاستقلال لإفريقيا السوداء (5).
   وتجدر الإشارة إلى أنه من رحم «مؤتمر مانشستر» ولدت السكرتارية القومية لغرب إفريقيا، والتي نظمها الدكتور نكروما، وتعهدت تلك السكرتارية في مؤتمرها، الذي عقدته في أغسطس 1946م، بتطوير فكرة اتحاد فيدرالي من غرب إفريقيا، حتى يمكن استخدامه في النهاية في تكوين الولايات المتحدة الإفريقية، وهي المرة الأولى – قدر ما هو معروف لدينا – التي يُستخدم فيها اصطلاح «ولايات متحدة إفريقية»(6) .
ج -  «الانتقال إلى إفريقيا»:
   ويؤرخ لها بانعقاد «مؤتمر الوحدة الإفريقية المستقلة الأول» عام 1958م، في أكرا عاصمة غانا، حيث اجتمعت دول إفريقيا المستقلة آنذاك (باستثناء جنوب إفريقيا) في أكرا في أبريل عام 1958م، وكانت ثلاث منها تنتمي لإفريقيا السوداء (وهي: إثيوبيا، غانا، وليبيريا)، وخمس دول عربية إسلامية (هي: مصر، تونس، ليبيا، السودان، ومراكش)، وأكدت أعمال المؤتمر زيف الحواجز اللونية والعقدية واللغوية أو الجغرافية (الصحراء الكبرى) بين دول القارة (7)، وعند انتقالها إلى القارة اكتسبت الحركة ملامح وأهدافاً جديدة.
   ويمكن إجمال أهم ملامحها فيما يأتي من شعارات وأهداف؛ رفعتها الحركة ونادت بها(8) :
1- إفريقيا للإفريقيين: بمعنى الاستقلال التام ونبذ الاستعمار في جميع صوره وأشكاله.
2- العمل على قيام ولايات متحدة إفريقية: ومثالها الأعلى قارة متحدة اتحاداً كلياً عن طريق سلسلة من الاتحادات الإقليمية التي تربط الأقطار بعضها ببعض.
3- التوفيق بين الأصالة والمعاصرة: من خلال استقصاء الشخصية الإفريقية، وإعادة تشكيل المجتمع الإفريقي؛ بأن يُؤخذ من ماضيه ما هو قيّم ومرغوب فيه، وربطه بالأفكار المدنية الحديثة.
4- بلورة قومية إفريقية: تحل محل النظام القبلي في الماضي.
5- النهوض بالاقتصاد القومي للدول الإفريقية: ليحل محل النّظم الاقتصادية الاستعمارية.
6- تضامن الشعوب السوداء في كل مكان، والتحالف الأخوي مع الشعوب الملونة: على أساس التاريخ المشترك في الكفاح ضد الاستعمار.
  وتجدر الإشارة إلى أن انتقال فكرة الوحدة الإفريقية إلى قارة إفريقيا تزامن مع بروز تيار ثقافي تزعمه وأسس له الباحث السنغالي «أنتاجوب»، ينادي بالأصل الإفريقي للحضارة المصرية، مدللاً على ذلك بالعديد من الشواهد الجيولوجية واللغوية والأنثروبولوجية والتاريخية، وذلك بغية التصدي للاتهامات الغربية الاستعمارية للقارة الإفريقية والأفارقة بالتخلف وعدم الإسهام الحضاري، حيث رأى «أنتاجوب» أن ما أثبته في كتاباته وبحوثه من أصول إفريقية للحضارة المصرية يمثّل ركيزة أساسية في حرب إثبات الذات الإفريقية؛ في مواجهة مساعي المسخ والطمس التي مارسها ويمارسها الغرب في مواجهة الأفارقة وكل ما هو أسود (9).
ثانياً: تجليات فكرة الوحدة الإفريقية ومآلاتها بعد الاستقلال:
  تكشف تجليات فكرة الوحدة الإفريقية في مرحلة ما بعد الاستقلال عن هوّة واضحة بين رغبات الشعوب الإفريقية في ترجمة الكفاح ضد الاستعمار بالقضاء على مواريثه، وفي مقدمتها واقع التجزئة والتفتت، ومخاوف بعض قيادات الدول حديثة الاستقلال - آنذاك - على مكاسبهم الشخصية، وطموحاتهم ضيقة الأفق والنطاق في الزعامة والرئاسة، وهو ما تجلّى في مواقف ثلاثة متمايزة بشأن فكرة الوحدة والتنمية، وهو ما نفصّله في السطور الآتية.
أ - فكرة الوحدة لدى التنظيمات الشعبية:
   جسّدت مؤتمرات الهيئات غير الحكومية - مثل منظمة الشعوب الإفريقية - قيم الوحدة الإفريقية وأفكارها في صورتها المثالية، حيث تواترت قرارات تلك المؤتمرات على المناداة بالوحدة الإفريقية الشاملة، موضّحة السبل والإجراءات اللازم القيام بها لتوضيح ذلك، ومن الأمثلة الدالة على هذا المقام القرارات التي تواتر صدورها عن مؤتمر شعوب إفريقيا عبر دوراته الثلاث التي عُقدت في أكرا 1958م، وتونس 1960م، والقاهرة 1961م، فيما يتصل بالوحدة والتضامن (10).
   ففي البيان الصادر عن مؤتمر شعوب إفريقيا المنعقد بالقاهرة في مارس 1961م، تم تأكيد ضرورة إنشاء شركة نقل بين الدول الإفريقية لتسهيل السفر وتبادل البضائع بينها، وإنشاء بنك إفريقي للاستثمار لتسهيل تنفيذ خطط التنمية، وعقد اتفاقات جمركية، واتفاقات دفاع جماعية لتنمية التبادل الاقتصادي؛ بما يمهّد لإقامة السوق الإفريقية المشتركة.
   وفيما يتصل بالوحدة والتضامن؛ أشار البيان إلى أن الوحدة يجب أن تكون نابعة من إرادة شعوب إفريقيا المعبّر عنها تعبيراً حراً، وأنه من الواجب على جميع الدول والمنظمات الإفريقية أن تُظهر إرادة جماعية حقيقية في الوحدة.
   وأشار البيان إلى أنه؛ نظراً إلى أن الإمبريالية والاستعمار الجديد يعملان بطريق مباشر، وغير مباشر، لتقسيم الدول الإفريقية، وخلق عقبات حقيقية تقف في سبيل تحقيق الوحدة وتأكيد الشخصية الإفريقية، يوصي المؤتمر جميع حكومات الدول الإفريقية بإنشاء (11):
1 - مجلس استشاري إفريقي: يتكون من أعضاء يمثّلون برلمانات الدول المستقلة، وتكوين سكرتارية دائمة، ويعقد جلسات دورية بغية وضع سياسة مشتركة تنتهجها الدول الإفريقية.
2 - مجلس للدول الإفريقية: يُعهد إليه دراسة توصيات المجلس الاستشاري وتنفيذها، خصوصاً فيما يتعلق بمسائل السياسية الخارجية.
3 - لجنة من الخبراء الأفارقة: لوضع الأسس لسياسة اقتصادية مشتركة، وذلك بغية النهوض بالوحدة السياسية الإفريقية ودعمها، وعلى شرط أن تقوم أسس هذه المجموعة الاقتصادية على تنسيق خطط التنمية في كل دولة؛ بغية تغيير الأنظمة القائمة وتوحيدها.
4 - لجنة من القادة العسكريين الأفارقة: يُعهد إليها دراسة دفاع إفريقي مشترك وتحديده وتنظيمه.
5 - لجنة ثقافية: لوضع سياسة إفريقية لشؤون التعليم والتبادل الثقافي.
ب - مآلات فكرة الوحدة على الصعيد الرسمي:
  وعلى الرغم من تلك القرارات، وبالرغم من نضال الرئيس نكروما من أجل الحصول على موافقة الدول الإفريقية على تكوين اتحاد سياسي من جميع الدول الإفريقية على غرار الولايات المتحدة الأمريكية، ودفاعه عن ضرورة وجود (منظمة سياسية مركزية) تضم مجلس شيوخ ومجلس نواب لهما سلطة وضع سياسة خارجية مشتركة، وتخطيط قاري مشترك للتنمية الاقتصادية والصناعية، وخطة عمل مشتركة، ومنطقة نقدية(12)، ومصرف نقدي، ونظام دفاع مشترك(13) ، فإن مساعي الوحدة الإفريقية القارية  أسفرت في النهاية فقط عن قيام منظمة الوحدة الإفريقية بوصفها مظلة للعمل الإفريقي، ومحصلة للإرادات المستقلة للدول الإفريقية التي حرصت جميعها على الحفاظ على استقلالها وسيادتها؛ حيث أكد ميثاق الوحدة الإفريقية في بنوده احترام سيادة الدول الإفريقية، واحترام سلامتها الإقليمية، وكذا المساواة بين دول القارة، الأمر الذي جسّد الاعتراف بواقع التعدد والاستقلال بين الدول الإفريقية.
ج - البدائل القطرية لفكرة الوحدة الإفريقية:
  ومع إخفاق مساعي قيام الولايات المتحدة الإفريقية؛ اجتهد بعض قيادات القارة في تبنّي النّظم الفكرية الغربية والشرقية بوصفها سبلاً للتقدم والتنمية، وسعى آخرون إلى بلورة مشاريع فكرية تنموية خاصة؛ من ذلك - على سبيل المثال - مشروع «الأوجاما» الذي بلوره الرئيس التنزاني الأسبق «جوليوسنيريري»، والذي يقوم في جوهره على بعث بعض التقاليد الإفريقية والتعاونيات الجماعية وإحيائها، فبعد التعبير عن معارضته للأيديولوجيات الغربية والشرقية وأساليب تطورها؛ أوضح «نيريري» أفكاره الخاصة فيما يتعلق بعملية التنمية والتطور في تنزانيا؛ مؤكداً أن إفريقيا لم تعد بحاجة إلى الاشتراكية، ولا لمن يعلّمها الديمقراطية؛ لأنهما موجودتان منذ الأزل في ماضيها، في مجتمعاتها «التقليدية»، فبوسع الاشتراكية الإفريقية الحديثة – من وجهة نظره - أن تستقي من تقاليدها الموروثة مبدأ الاعتراف بالمجتمع بوصفه امتداداً لوحدة العائلة، غير أنه لم يعد في مقدورها المضي في حصر فكرة المجتمع العائلي في إطار القبيلة، أو حتى الأمة (14).
   على أن تلك المساعي الفكرية القُطْرية لم تُثبت كثير نجاح بدورها، لإخفاق النّظم التي تبنتها في تحقيق وعودها التنموية في أرض الواقع، وتزايد نزعات القمع ومصادرة الحريات ، الأمر الذي أفسح المجال من جديد لجولة جديدة من الأفكار والمساعي التكاملية والوحدوية بوصفها سبيلاً لمواجهة التحديات التي واجهتها القارة منذ نهاية الثمانينيات من القرن العشرين في أعقاب انهيار الاتحاد السوفييتي، والتحولات في أوروبا الشرقية، وتصاعد نغمة الحديث عن ازدياد تهميش إفريقيا.
ثالثاً: من الوحدة إلى الاتحاد والنهضة والحكم الرشيد:
   يكشف رصد حركة الفكر السياسي القاري في إفريقيا عن قدر من التشابه والاختلاف بين مرحلة القطبية الثنائية (الحرب الباردة، أو بعبارة أخرى ما قبل سقوط الاتحاد السوفييتي والتحولات في النظام العالمي الجديد)، ومرحلة ما بعدها من تحولات.
  وإجمالاً؛ يمكن القول إن ملامح التشابه تتمثل في الخطوط العريضة للفكر السياسي ومداخل الإصلاح، حيث استمرت الخطوط المتوازية الثلاثة لمداخل الإصلاح في القارة، والمتمثلة في :
- المدخل القاري (من الوحدة إلى الاتحاد).
- المدخل الإقليمي (التكامل الفرعي).
- وأخيراً المدخل القُطْري (الإصلاح الداخلي).
   وتمثّلت أبرز مظاهر الاختلاف بين المرحلتين في بعض المضامين الخاصة بكل مدخل من تلك المداخل، فمع بقاء فكرة الدولة والنظام السياسي مركزية في فكر الإصلاح والوحدة والنهضة؛ فإنها تنازلت عن بعض سطوتها لصالح خطاب الديمقراطية؛ بفعل انتشار مفاهيم حقوق الإنسان والحكم الرشيد بما يتضمنه من مشاركة ومساءلة وشفافية وحسن إدارة.. والتي مثّلت استجابة لضغوطات العولمة، ونقلة في مضامين الفكر السياسي على الساحة الإفريقية، وفيما يلي تفصيل ذلك.
أ - من الوحدة إلى الاتحاد الإفريقي.. تفاعل الفكر والواقع:
  يمثّل قيام «الاتحاد الإفريقي» ترجمة لتفاعل الفكر السياسي والواقع على الساحة الإفريقية، فطوال العقود التالية لإنشاء «منظمة الوحدة الإفريقية» لم يتخل دعاة الوحدة الإفريقية من المفكّرين والساسة عن طموحهم في إقامة كيان اتحادي أكثر قوة يضم دول القارة الإفريقية بأكملها، ويرعى مصالحها.
  وقد جرت عدة محاولات لتعديل ميثاق «منظمة الوحدة الإفريقية»، كان من أبرزها قرارات القمة الإفريقية عام 1979م بإنشاء لجنة لمراجعة ميثاق «منظمة الوحدة الإفريقية»، ثم في عام 1991م، وفي خلال القمة السابعة والعشرين، تم توقيع «اتفاقية أبوجا» المؤسِّسة للجماعة الاقتصادية الإفريقية بنيجيريا، علاوة على المشروع الذي طرحه رئيس نيجيريا السابق «أوبا سانجو» بإقامة منتدى لمناقشة قضايا التعاون والتنمية والاستقرار في إفريقيا على غرار منتدى الأمن والتعاون الأوروبي، ثم كانت دعوة الرئيس الليبي السابق معمر القذافي إلى عقد دورة استثنائية لمؤتمر رؤساء دول وحكومات منظمة الوحدة الإفريقية في الجماهيرية الليبية؛ لمناقشة سبل إصلاح وتفعيل منظمة الوحدة الإفريقية؛ بما يتفق والتحولات الجارية على الساحتين الإقليمية والدولية، وعلى إثرها عُقدت الدورة غير العادية الرابعة لمؤتمر رؤساء الدول والحكومات الإفريقية، بمدينة سرت الليبية في سبتمبر 1999م، وتقرر خلاله إنشاء «منظمة الاتحاد الإفريقي» ليحل محل «منظمة الوحدة الإفريقية»، وتم إعداد القانون التأسيسي للتنظيم الجديد، وتوالت التصديقات؛ ليدخل القانون حيز التنفيذ الفعلي في 26 مايو 2001م.
  وفي الدورة العادية السابعة والثلاثين لمؤتمر رؤساء الدول والحكومات الإفريقية في لوساكا يوليو 2001م، تم الإعلان رسمياً عن إنشاء الاتحاد الإفريقي ليحل محل منظمة الوحدة الإفريقية (16).
    وكما يتبين من مبادئ وأهداف وآليات الاتحاد الإفريقي (17) ؛ فإنها في معظمها جاءت استجابة للتحديات الدولية والإقليمية والداخلية (18)، وتعبيراً عن التطورات الجارية على تلك الساحات، يتجلى ذلك فيما ورد بالقانون الأساسي للاتحاد الإفريقي من تأكيد مفاهيم حقوق الإنسان والحكم الرشيد الذي يعتمد على المشاركة، وتكافؤ الفرص، وحكم القانون، والمساءلة، والشفافية، مع عدم الاعتراف بالنعرات الانفصالية أو الإثنية، بل أيضاً معارضة تغيير نُظم الحكم بالقوة، وإعلاء الأهداف الاقتصادية بتأكيد دور المجلس الاقتصادي والاجتماعي، وضرورة تفعيل دور التقنية.
   من ناحية أخرى؛ تكشف تلك المبادئ والأهداف والآليات عن استمرار محورية دور الدولة في الفكر السياسي الإفريقي وفي الممارسة، يتجلى ذلك في النصّ صراحة على الحفاظ على الحدود الموروثة عن الاستعمار، ومفاهيم السيادة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، والطابع الرمزي الاستشاري للمؤسسات الشعبية في الاتحاد.
   على صعيد آخر؛ فإن هناك ملمحاً إضافياً للتغيرات في الفكر السياسي الإفريقي، تعكسه مبادئ الاتحاد الإفريقي وأهدافه وآلياته، ويتمثل في القبول بالتدخل المؤسسي القسري في شؤون الدول الأعضاء عند وقوع ظروف خطيرة، مثل جرائم الحرب، والإبادة الجماعية، وهو أمر يمثّل ترجمة واستجابة لواقع التجربة الإفريقية، وقد ثبتت فاعلية هذا التدخل الإفريقي في بعض الحالات، وهو ما يحول دون التدخل الخارجي الذي لا تُحمد عقباه (19).
ب - النهضة والحكم الرشيد في الفكر الإفريقي (20) :
   مفهوم «النهضة الإفريقية» هو المفهوم المعبّر عن آمال تغلّب الشعوب الإفريقية والدول على التحديات التي تواجهها القارة، وتحقيق نهضة ثقافية وعلمية واقتصادية.
  وقد شاع هذا المفهوم في أعقاب استخدامه من جانب «ثابوامبيكي» رئيس جنوب إفريقيا السابق في خطابه الشهير الذي ألقاه في مايو عام 1996م تحت عنوان «أنا إفريقي»، وفي أبريل 1997م أدرج «مبيكي» العناصر التي من شأنها في نهاية المطاف أن تؤسس للنهضة الإفريقية، وهي: التماسك الاجتماعي، الديمقراطية، إعادة البناء الاقتصادي والتنمية، وبروز إفريقيا كلاعب أساسي في الشؤون الجغرافية السياسية (21).
   وقد رأى بعض المحللين أن «النهضة الإفريقية» تمثل «الموجة الثالثة» من موجات الفكر ومساعي التحرر الإفريقي في مرحلة ما بعد الاستعمار؛ حيث تمثّلت «الموجة الأولى» في فكر مقاومة الاستعمار المادي والتحرر منه، وكانت أفكار التحول الديمقراطي منذ أواخر الثمانينيات ومطلع التسعينيات من القرن العشرين هي «الموجة الثانية»، لتأتي أفكار النهضة الإفريقية لتمثل «الموجة الثالثة» في هذا التيار المتواصل لبناء قارة إفريقية قوية.
   ولترجمة فكرة النهضة إلى واقع عملي تم تنظيم مؤتمر دولي شارك فيه أكثر من 470 مفكراً وباحثاً لمناقشة الفكرة بحضور «تابو أمبيكي» الذي ألقى كلمة الافتتاح، حيث تناولت محاور المؤتمر قضايا  «الثقافة، والتعليم، والتحول الاقتصادي، والعلم، والقيم، والتكنولوجيا، والنقل، والطاقة، والتجديد الأخلاقي الإفريقي، ووسائل الإعلام والاتصالات»، كما تم تأسيس «معهد النهضة الإفريقية (ARI) » في أكتوبر عام 1999م للاهتمام بالقضايا سالفة البيان، والعمل على بلورة كتلة حرجة من العلماء الأفارقة، ومنحهم منحاً كبيرة كافية ومستمرة؛ لدعم الفكرة، فضلاً عن إقامة بنية تحتية ملائمة للتواصل بين هؤلاء العلماء بعضهم ببعض، وبينهم وبين صانعي القرار في بلدانهم؛ لتمكينهم من حل المشكلات المهمة في البلاد(22) .
   «النهضة الإفريقية» هي حركة فلسفية وسياسية لإنهاء العنف، والنخبوية، والفساد والفقر الذي يبدو كالطاعون في القارة الإفريقية، وإقامة نظام أكثر عدلاً وإنصافاً.
   للقيام بذلك؛ يقترح «أمبيكي»، من بين أمور أخرى، تشجيع التعليم، وعكس «هجرة العقول» من المثقفين الأفارقة، ويدعو أيضاً الأفارقة (وعلى رأسهم النخبة) للفخر بتراثهم الإفريقي، واتخاذ زمام المبادرة في تنظيم أمورهم.
   وقد وجدت أفكار النهضة الإفريقية صدى كبيراً لدى كثير من الكتاب الأفارقة جنوب الصحراء، وقدمت العديد من الرؤى (23) التي أكدت الكثير من الحقائق النظرية والعملية؛ لعل من أهمها: كشف تحيّز كثير من الباحثين الغربيين، ومن شايعهم من الباحثين، عند الحديث عن مصطلح التنمية والدول النامية، أو المتخلفة من ناحية، والمتقدمة من ناحية أخرى؛ حيث قدّم الباحثون والمفكّرون الأفارقة رؤية نقدية لمضامين النمو وقيمه في المنظور الغربي، والتي تقوم بالأساس على المعيار المادي متجاهلة ما عداه من المعايير القيمية والأخلاقية الإنسانية، وهي المعايير التي تحظى إفريقيا منها بثراء يفوق كثيراً ما لدى الغرب، وخلص هؤلاء المفكّرون الأفارقة إلى أن ذلك الشكل من أشكال الاختزال الذي يُعلي الأشياء المادية فقط هو مثال على غطرسة كبيرة من الغرب.
   وعلى الصعيد نفسه؛ أكد كثير من المفكّرين أن «النهضة الإفريقية» لا سبيل لتحقيقها دون تحقيق الوحدة الإفريقية، ولا سبيل لتلك الوحدة إلا عبر التغلب على الخلافات والنزاعات الداخلية التي تعصف بكثير من دول القارة، وأن المدخل لتحقيق ذلك هو الأخذ بمبادئ الحكم الرشيد وركائزه، والتي تتمثل في: الاعتماد على تكافؤ الفرص، وحكم القانون، والشفافية، والمساءلة، والرشد في صنع القرار، وعدم تركيز السلطة، واحترام حقوق الإنسان، مع عدم الاعتراف بالنعرات الانفصالية أو الإثنية (24).
   وقد تعرضت فكرة «النهضة الإفريقية والحكم الرشيد» لانتقادات عديدة، أبرز تلك الانتقادات والجامع المشترك بينها هو أنها جاءت سيراً على خطى التاريخ الأوروبي، فكما عرفت أوروبا عصور نهضة؛ فإن دعاة النهضة الإفريقية – من وجهة نظر هؤلاء - حذوا حذوها في ضرورة أن يكون لإفريقيا نهضتها، ويرون كذلك أن تأكيد دعاة النهضة الإفريقية لفكرة الحكم الرشيد دليل آخر في هذا الشأن، حيث رأوا أن مضامين الحكم الرشيد - كما تعكسها كتابات بعض دعاتها، وكما عكستها مبادرة النيباد - تعد استجابة لهيمنة العالم الغربي السياسية على نُظُم القارة ودولها نظير تقديم المساعدات الاقتصادية لتلك النّظم (25).
خاتمة: هل تحررت إفريقيا من فكر الاستعمار؟
   يأخذ الكثيرون على الأفكار السياسية الإفريقية، وكذلك ما يترتب عليها من سياسات، أنها في جانب كبير منها تأتي ردود أفعال لممارسات أو أفكار من خارج القارة، فالوحدة الإفريقية جاءت نتاج معاناة الأفارقة والسود بصفة عامة من الرق والغربة، ثم من مساوئ الاستعمار، وفكرة الزنوجة والأصول الزنجية للحضارة المصرية يراها بعض المحللين رداً على دعاوى التفوق العنصري الأبيض، مثلها في ذلك مثل فكرة النهضة الإفريقية التي هي - بما تضمنته من المناداة بالعودة إلى القيم الإفريقية الأصيلة - من وجهة نظر هذا الفريق، رد فعل تجاه مساعي التنميط، والقولبة، وتذويب الفوارق، فيما يُعرف بالعولمة التي هي في جوهرها غربية المحتوى والأدوات والغايات.
  وبالمثل؛ فإن التحول الديمقراطي والحكم الرشيد يراه آخرون في مجمله نوعاً من الإذعان الإفريقي للشروط الغربية سعياً للحصول على مزيد من الدعم الاقتصادي، والتغافل السياسي عمّا ترتكبه كثير من تلك النّظم تحت مظلة تلك التحولات الشكلية.
   والواقع؛ أنه لا يمكن بحال فصم عرى العلاقة بين الفكر والواقع؛ وعليه لا يتصور أن تأتي أفكار – في أي مجتمع إفريقي أو غير إفريقي - خالصة وخالية من أي تأثير خارجي في ظل علاقات التدافع والتشابك بين الأمم والشعوب والدول.
   يزيد من وطأة الأمر على الساحة الإفريقية وما شابهها من ساحات أنها قبعت وما زالت طويلاً في مركز المتلقي الثقافي والفكري من العالم الغربي، وحيل بينها وبين تراثها بسبل ووسائل شتى ترغيبية وترهيبية في ظل نخب معظمها يدين للغرب ثقافة وفكراً ومنصباً وعملاً، الأمر الذي حال دون انتقال أفكار النهضة الذاتية وإحياء المواريث الإيجابية في التراث الإفريقي من مرحلة الدفاع ورد الفعل إلى مرحلة بناء النموذج المحتذى واقعاً وعملاً، فالعبرة ليست بمدى مثالية الأفكار، وإنما المحك الرئيس هو القدرة على توظيف تلك الأفكار لخدمة الشعوب الإفريقية.
  ولعلّ بارقة أمل تلوح مع ما عُرف بـ «ربيع الشمال الإفريقي»، وتوالي الاعتراف بحق فصيل الإسلام السياسي في العمل والوصول إلى الحكم، وهو أمر لو قدّم القائمون عليه النموذج المبتغى لفكر يأخذ أفضل ما في التراث من قيم وأفكار دافعة وحافزة، وأحسن ما في الواقع من تطبيقات ومؤسسات فاعلة، ستتغير كثير من المعادلات الفكرية والواقعية في القارة، وإن كان دون هذا خرط القتاد، فهو يستحق المحاولة والتضحية، وعدم التعجل في قطف الثمار.
________________
الإحالات والهوامش:
( 1) محمد عاشور: قمة سرت ومشروع الوحدة الإفريقية، في مجلة آفاق إفريقية (القاهرة: الهيئة العامة للاستعلامات، عدد (3)، خريف 2002م)، ولمزيد راجع:
- حورية مجاهد: الاتجاهات الأيديولوجية للوحدة الإفريقية، مجلة دراسات إفريقية، القاهرة: معهد البحوث والدراسات الإفريقية، ١٩٧٥م، عدد ٤، كولينليجوم، الجامعة الإفريقية، ترجمة: أحمد محمود سليمان، القاهرة: الدار المصرية للتأليف والترجمة، د. ت.
 -أحمد سيكوتورى: الولايات المتحدة الإفريقية، القاهرة: مطابع الهيئة العامة للكتاب، ١٩٨١م، سلوى لبيب، دبلوماسية القمة، القاهرة: دار المعارف، ١٩٨٠م.
( 2) د. حورية مجاهد، مرجع سابق، ص 87 – 92.
( 3) المرجع السابق، وكذلك كولين ليجوم، مرجع سابق، 24 – 51.
( 4) المرجع السابق، وانظر: د. حورية مجاهد، ص 103 – 116.
(5 ) ليجوم، ص 37.
( 6) المرجع السابق، ص 39.
(7 ) انظر: د. سلوى لبيب، مرجع سابق، ص 12 – 24.
( 8) كولين ليجوم، مرجع سابق، 47 - 48.
( 9) الفكرة الرئيسة في أعمال «أنتاجوب» التاريخية هي: تأكيد أن الحضارة المصرية حضارة إفريقية زنجية، حيث يرى «أنتاجوب» أن تاريخ إفريقيا السوداء سيبقى معلقاً في الهواء ولا يمكن كتابته بصورة صحيحة ما لم يتجرأ المؤرخون على ربطه بالتاريخ المصري.
وهذه الفكرة لاقت انتقادات عديدة؛ انطلاقاً من أنها جاءت ردة فعل عنصرية إفريقية في مواجهة العنصرية الأوروبية، وقلة الشواهد التي استند إليها «أنتاجوب»، خصوصاً فيما يتصل بدراسة المومياوات القديمة وتحليلها، فضلاً عن تعارض الشواهد اللغوية والتاريخية التي استند إليها مع (ثوابت) التاريخ التي تراكمت معرفياً، واعتماد «أنتاجوب» على تأويل خاص للشواهد والأدلة التاريخية والجغرافية والأنثروبولوجية واللغوية للتدليل على صحة نظريته. للمزيد حول مضمون الفكرة والانتقادات والانتقادات المضادة انظر:
شيخ أنتاجوب: الأصول الزنجية للحضارة المصرية، ترجمة حليم طوسون، القاهرة: كتاب العالم الثالث، 1995م.
انظر: إريكا سايمون، ترجمة محمد عاشور، الزنوجة والمشكلات الثقافية لإفريقيا المعاصرة، مجلة آفاق إفريقية، الصادرة عن الهيئة العامة للاستعلامات، العدد الثالث، 2001م.
وحول علاقة أفكار «أنتاجوب» بفكر الوحدة الإفريقية انظر:
François N. Muyumba, “Sheikh Anta Diop: A Vision of Africa in The 21st Century”, at: http://www.odidia.com/uploads/File/muyumba01.pdf
( 10) ليجوم، مرجع سابق، ص 412 - 414.
( 11) المرجع السابق.
(12 ) وهي الأفكار التي تضمنها الفصل الحادي والعشرين من كتابه (إفريقيا يجب أن تتحد Africa must Unite).
( 13) لا يخفى أنه سبق قيام «منظمة الوحدة الإفريقية» دخول كثير من الدول في اتحادات ثنائية وجماعية فرعية، ومنها محاولة للاتحاد بين مصر والسودان، كما حاولت دول إفريقيا الغربية الاتحاد، كذلك فعلت دول إفريقيا الشرقية، وتبعتها محاولة تكوين اتحاد جمهوريات إفريقيا الوسطى، وقد باءت جميع هذه المحاولات بالإخفاق.
وقد نجحت دول ساحل العاج وبنين وبوركينا فاسو والنيجر في إنشاء «مجلس الوفاق»، كما نشأ «اتحاد الدول الإفريقية» بين غانا وغينيا ومالي، ونشأ «مؤتمر الدار البيضاء» عام 1961م بين الجمهورية العربية المتحدة وغانا وغينيا ومالي وليبيا والمغرب والجزائر، كما برزت «مجموعة منروفيا» في عام 1961م التي ضمّت جميع الدول الإفريقية المستقلة في ذلك التاريخ، وهي 21 دولة، وفي هذا العام أيضاً تكوَّن «الاتحاد الإفريقي والملغاشي» الذي ضم 12 دولة إفريقية ناطقة باللغة الفرنسية.
وقد زالت جميع هذه الاتحادات مع نشوء «منظمة الوحدة الإفريقية»، راجع: كولين ليجوم، مرجع سابق، وانظر كذلك حول أسباب إخفاق مساعي تلك الوحدة: د. محمد عاشور: التكامل الإفريقي: الضرورات والمعوقات، القاهرة: معهد البحوث والدراسات الإفريقية، جامعة القاهرة، 2007م.
( 14) حول تلك الرؤية ومضامينها انظر:
Walter Rodney,  Tanzanian Ujamaa and Scientific Socialism, at: http://www.marxists.org/subject/africa/rodney-walter/works/ujamaaandscientificsocialism.htm
Bonny Ibhawoh and J. I. Dibua, Deconstructing Ujamaa: The Legacy of Julius Nyerere in the Quest for Social and Economic Development in Africa, in African .journal of j . political sciencet. Vol 8 No. 1 (2003), pp.62 - 64.
(15)    Ibid, 65 – 72.
( 16) راجع: د. محمود أبو العينين، (محرر): الاتحاد الإفريقي ومستقبل القارة الإفريقية، القاهرة: معهد البحوث والدراسات الإفريقية، 2001م، و د. محمد عاشور، أحمد على سالم (محرران): دليل المنظمات الإفريقية الدولية، القاهرة: معهد البحوث والدراسات الإفريقية، 2006م.
(17 ) للتعرف على تلك المبادئ والأهداف والآليات؛ انظر المرجعين السابقين.
(18 ) يؤكد ذلك ما جاء في تقرير الأمين العام الذي قدّمه إلى المؤتمر الوزاري الرابع والسبعين في لوساكا في يوليو 2001م، حول تنفيذ قرار قمة سرت في أوائل العام، والمتعلق بإنشاء الاتحاد الإفريقي، في الفقرة (26) من أن «الهدف ليس إنشاء منظمة تكون امتداداً لمنظمة الوحدة الإفريقية تحت اسم آخر، وإنما إنشاء منظمة يكون من شأنها توفير إطار للتعاون، والتماسك، والتكامل، والقدرة على التعامل مع الأزمات التي تواجه القارة اليوم».
(19 ) علي مزروعي: إفريقيا والعولمة، طرابلس: المركز العالمي للدراسات والأبحاث ، 2002م، ص ص 69 – 76.
( 20) راجع في فكرة النهضة ومضامينها:
Casso .Jose A, Loyola, “Africa Renaissance and Globalization: A Conceptual Analysis”, in Ufahamu: A journal of African Studies vol 36 no, 1, 2009. At:
Col A.H. Louw, “the concept of  the African renaissance as a force multiplier to enhance 
lasting peace and stability in sub-saharan Africa”, at: 
Bruce Gillery, “The End of the AfricanRenaissance” at: 
José Augusto Cossa, African renaissance and Religion: The Birth of an African renaissance Theology, at: http://papers.ssrn.com/sol3/cf_dev/AbsByAuth.cfm?per_id=277784
- وحول الحكم الرشيد انظر المصدر الآتي ومراجعه: راوية توفيق: الحكم الرشيد والتنمية في إفريقيا.. دراسة تحليلية لمبادرة النيباد، القاهرة: مشروع دعم التكامل الإفريقي، 2005م.
(21) Casso .Jose A, Loyola, Op.cit.
( 22)   Ibid.
( 23) راجع في ذلك:
Col A.H. Louw,op.cit.,Dani W. Nabudere,“Africa Renaissance in the Age of Globalization”., in African Journal of Political Science, vol.6., no.2, 2011. pp.11-27.
( 24) حول الموقف الإفريقي من فكرة النهضة الإفريقية انظر - بكثافة وتفصيل -: راوية توفيق، مرجع سابق، ص 145- 175.

( 25) راجع: راوية توفيق، وكذلك Bruce Gillery, Op.cit..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا