التسميات

الأحد، 14 يوليو 2013

مظاهر التركز والتخلخل السكاني في سلطنة عمان ...

مظاهر التركز والتخلخل السكاني في سلطنة عمان
د. بلقاسم المختار


العلاقة بين السكان والمجال الجغرافي في سلطنة عمان تبرز ملاحظات عديدة وفي حدود هذه الورقة المختصرة، لا يمكننا غير عرض أهم مظاهر هذا التفاوت في التوزع وانعكاساته الجغرافية.1 : تفاوت شديد في الكثافات العامة.بلغت الكثافة السكانية الخام في سلطنة عمان حسب بيانات 2003 حوالي 7.6 نسمة لكل كم²، أي بزيادة نسمة واحدة في كل كم² عن الكثافة المبنية على بيانات تعداد 1993. ورغم هذا الارتفاع الطفيف تظل كثافة منخفضة، تعود بالأساس إلى كبر مساحة البلاد وقلة عدد السكان. (سنة 2003 بلغ عدد سكان السلطنة 2340815 نسمة، في مساحة 309500 كم²).ويوحي هذا الوضع بأن نسبة كبيرة من مساحة السلطنة شبه خالية من السكان، كما قد يعني أن أغلبهم يتركّز في أجزاء محدودة من البلاد. ويبرز هذا الوضع بصورة أوضح إذا استعملنا الكثافة الفيزيولوجية والتي بلغت حوالي 87.8 نسمة لكل كم² وهي كثافة تبيّن ضغطا شديدا على مساحة الأراضي القابلة للزراعة بالسلطنة. ويسجّل هذا التباين في التوزيع السكاني على مستوى المحافظات والمناطق من ناحية وعلى مستوى الولايات المختلفة داخل كل محافظة أو منطقة من ناحية ثانية. وتتجلى الصورة العامة لهذا التفاوت في خريطة الكثافاتلتي تبرز السواحل الشمالية الشرقية كأبرز منطقة لاستقطاب السكان وتركزهم. ثم يأتي بعدها ساحل سهل صلالة بأقصى الجنوب الشرقي، في حين تكاد تخلو بعض المناطق الأخرى منهم. ويظهر من البيانات المتوفرة أن الكثافة السكانية العالية توجد في حوالي 1.3% فقط من مساحة السلطنة، وأن المناطق التي تقل فيها الكثافة عن5 نسمة/كم² تمثل أكثر من 79 % من مساحة الدولة. 2: شدّة التركز السكاني.لرصد ظاهرة التركز استعملنا مقياسين متكاملين أولهما نسبة التركز وثانيهما منحنى لورنز.نسبة التركز هي مؤشر يدل على مدى تركز ظاهرة ما في المجال المدروس، ويعبر عنها برقم يتراوح بين صفر و100، حيث يمثل الصفر التوزيع المتساوي المطلق وتمثل المائة التركز المطلق، أي كلما اقترب المؤشر من 100 كلما دل على تركز اشد.ومن خلال البيانات المستعملة لاحظنا أن التركز السكاني بالسلطنة شديد(53.75 سنة 1993) وازداد شدة(53.96 سنة 2003). ورغم أن التغير بسيط للغاية بين الفترتين إلا أنه يأخذ أهمية بالغة على المدى الطويل إذا تواصل هذا التوجه نحو الزيادة. لكن ما تجدر الإشارة إليه هو أن هذه الزيادة الطفيفة في التركز السكاني بالسلطنة تخفي تفاوتا، ولو كان بسيطا، بين المناطق المختلفة. فهناك مناطق اشتد فيها التركز( جنوب الباطنة، جنوب الشرقية، ظفار، الداخلية، الظاهرة) وأخرى خف فيها التركز قليلا (شمال الباطنة، مسندم، شمال الشرقية، الوسطى).أما منحنى لورنز فهو رسم يهدف إلى إبراز حالة التركز أو حالة التوزيع المتساوي لظاهرة ما. وفي حالة تمثيل تفاوت التوزيع السكاني بمنحنى لورنز، يقع توزيع النسب التراكمية للمساحة على المحور العمودي والنسب التراكمية للسكان على المحور الأفقي، ويتم توقيع نقطة في ملتقى كل نسبة على المحور الأفقي مع كل نسبة على المحور الرأسي. ثم نصل مختلف النقاط بخط هو منحنى لورنز. ويقرأ الرسم انطلاقا من أن الخط القطري يمثل المساواة المطلقة في توزع الظاهرة المدروسة، أي أنه كلما اقترب المنحنى من المحور الأفقي كلما دل على شدة التفاوت، أي على تركز الظاهرة في منطقة دون أخرى. وفي الرسم الخاص بسلطنة عمان نلاحظ أن المنحنى قريب جدا من المحور الأفقي ويظهر فيه أن نصف السكان يتجمعون في أقل من 6 % من مساحة البلاد، وأن 81 % منهم يتركزون في رقعة لا تمثل غير 28 % من مساحة السلطنة. كما يظهر أن نصف المساحة لا يسكنها غير 5% من السكان وأن 20 % من المساحة تبدو خالية تماما.ويشتد هذا التركز في محافظة مسقط ومنطقة الباطنة حيث تضمان قرابة 55 % من السكان في حين لا تمثل مساحتيهما معا غير 5.3 % من المجال الجغرافي العماني.وبمقارنة منحنيات لورنز لمختلف المناطق والمحافظات نستنتج أن أنماط توزيع السكان في السلطنة تنتظم في نمطين بارزين أحدهما يميل إلى التوزيع المتساوي والثاني يميل إلى التوزيع المتركّز، ويقسمان السلطنة بالتالي إلى إقليمين متباينين لتوزيع السكان وتركّزهم. يضم الأول الأقاليم الشمالية والشمالية الشرقية والساحلية بشكل خاص ويشمل الثاني المناطق الوسطى والداخلية و الجنوبية. لكن الحركة الأفقية للسكان في اتجاه المناطق المستقطبة تؤدي إلى تغيرات ندرك إحداها من خلال تزحزح مركز الثقل الديموغرافي (المركز الوسيط للسكان)في اتجاه هذه المناطق المستقطبة. ويبين الشكل 3 هذه الظاهرة المتحركة نحو الشمال الشرقي.3: الاستقطاب الحضري والتسحّل.أدت عمليات التركز المتواصلة إلى تجمع الناس في مختلف أصناف المدن الساحلية أو القريبة من الساحل، منتجة تشكيلا جديدا للمنظومة الحضرية بالسلطنة تهيمن عليه خمس حواضر كبرى، في مقدمتها إقليم العاصمة الذي يظهر على شكل تجمع حضري شريطي يتجاوز طوله 50 كيلومترا. لكن أبرز ما يميز هذا النظام هو ظهور بوادر تشكّل مجرة حضرية تمتد قبالة الساحل الشمالي الشرقي على أكثر من 200 كم، وتضم قرابة 1.3 مليون نسمة. ولئن ظهرت الشبكة الحضرية شبه متسلسلة في الشمال الشرقي، فإن معظم بقية البلاد تكاد تكون غير مترابطة حضريا إلا إذا استثنينا النظام المحلى المتمحور حول صلالة بالجنوب.ومن أبرز نتائج هذا الوضع هو اشتداد حركة تسحل(التوجه نحو السواحل) السكان والأنشطة الاقتصادية وما ينتج عنها من زيادة في الضغط على الموارد المحلية بالمناطق المستقطبة، فضلا عما تسببه من تخلخل سكاني في المناطق الطاردة.ما هي عوامل وانعكاسات هذه التحولات ؟ ماهي الحلول التنموية الممكنة ؟.

________


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا