الترويح غير المنظم على أطراف المدن السعودية الداخلية : دراسة حالة لشمال مدينة الرياض ...

الترويح غير المنظم على أطراف المدن السعودية الداخلية

دراسة حالة لشمال مدينة الرياض

د. محمد بن عبد الرحمن الفارس

قسم الجغرافيا بكلية العلوم الاجتماعية ـ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

الرياض ـ المملكة العربية السعودية

e-mail: maafaris@yahoo.com

ملخص

تتناول هذه الدراسة أحد  أنواع الترفيه غير المنظم (Informal Recreation) الممارس في المدن السعودية الداخلية، وهو الجلوس والنزهة على الأرصفة والأراضي غير المبنية على أطراف المدينة. حيث يخرج الناس إلى هذه الأماكن في الساعات الأخيرة من النهار والنصف الأول من الليل. وتهدف الدراسة إلى رصد الأنماط المكانية والسلوكية لهذا النوع من الترويح وإمكانية تطوير نمط خاص من الأماكن الترويحية يتناسب مع تفضيلات المستخدمين و اتجاهاتهم ومع الخصائص البيئية للمكان. وتؤكد الدراسة على أهمية هذين الجانبين في التطوير المستقبلي للمدن.

 واعتمدت الدراسة الملاحظة الميدانيـة (Field Observation ) والملاحظـة بالمشاركـة (ParticipantObservation) كأداتين للبحث،  وقد تم التطبيق على مواقع في النصف الشمالي من مدينة الرياض بملاحظتها لمدة تزيد على السنة والنصف مع التركيز على فصلي الصيف ذروة نشاط هذه الظاهرة.  وخرجت الدراسة بتوصيف للخصائص المفضلة في هذه الأماكن وبالكشف عن أنماط المستخدمين وأنشطتهم أثناء وجودهم في هذه الأماكن. كما تم اقتراح نماذج لأماكن ترويحية يقترح الباحث تطويرها في المدن العربية المماثلة لتصبح أحد أماكن الترويح المنظم التي تتميز بها هذه المدن وتتناسب مع السلوك الترويحي لسكانها وخصائصها الطبيعية.

1- مقدمة

 أصبحت الخدمات الترويحية، أو على الأقل الحد الأدنى منها، جزء من الرّفاه الاجتماعي للناس تلتزم الكثير من الدول بتوفيره  كضرورة من ضرورات الحياة السليمة خاصة لسكان المدن التي تقل فيها المساحات المفتوحة وتزداد فيها ضغوط الحياة. 

 ومما لاشك فيه أن السلوك الترويحي يختلف من ثقافة لأخرى رغم تماثل بعض أنماط الأماكن والأنشطة الترويحية ، إذ أن السلوك الترويحي هو نتاج معطيات متعددة ، كالدين والثقافة والبيئة والخصائص الديموغرافية والاقتصادية. وعلى هذا الأساس تتبنى هذه المقالة خصوصية كل شعب من الشعوب في سلوكه الترويحي وبالتالي أنماط الخدمات الترويحية التي يمارسها.

ولا تهدف هذه المقالة لتغطية جوانب الاختلاف الحضاري في السلوك الترويحي بل تهدف إلى محاولة تشخيص أماكن ترفيهية جديدة في المدينة السعودية (الداخلية على وجه الخصوص) من خلال تتبع الاستخدام الترفيهي غير المنظم للأماكن المفتوحة، والتي يفترض البحث أنه من خلال استقراء اتجاهات مستخدميها وكيفية استخدامهم للمكان يمكن تطويرها إلى أماكن ترفيهية منظمة (FORMAL) ملائمة اجتماعيا وبيئياً للوضع السائد في هذه المدن و مختلفة عن الأنماط التقليدية السائدة لأماكن الترفيه.

بالملاحظة المتكررة في مدينة الرياض لاحظ الباحث وجود أنماط ترفيهية غير منظمة أو عفوية كما يسميها البعض(Informal) قد يكون لها شخصية محددة. تتمثل هذه الأنماط في استخدام الناس لبعض الشوارع المضيئة وما جاورها من أراضٍ خالية وأطراف المدينة فيما يشبه التنزه. هنا خصائص المكان وطبيعة الاستخدام والسلوك الترويحي ربما توحي بنوع جديد من أماكن الترويح . 

الترويح غير المنظم على أطراف المدن السعودية الداخلية

دراسة حالة لشمال مدينة الرياض

د. محمد بن عبد الرحمن الفارس

قسم الجغرافيا بكلية العلوم الاجتماعية ـ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

الرياض ـ المملكة العربية السعودية

e-mail: maafaris@yahoo.com

ملخص

تتناول هذه الدراسة أحد أنواع الترفيه غير المنظم (Informal Recreation) الممارس في المدن السعودية الداخلية، وهو الجلوس والنزهة على الأرصفة والأراضي غير المبنية على أطراف المدينة. حيث يخرج الناس إلى هذه الأماكن في الساعات الأخيرة من النهار والنصف الأول من الليل. وتهدف الدراسة إلى رصد الأنماط المكانية والسلوكية لهذا النوع من الترويح وإمكانية تطوير نمط خاص من الأماكن الترويحية يتناسب مع تفضيلات المستخدمين و اتجاهاتهم ومع الخصائص البيئية للمكان. وتؤكد الدراسة على أهمية هذين الجانبين في التطوير المستقبلي للمدن.

واعتمدت الدراسة الملاحظة الميدانيـة (Field Observation ) والملاحظـة بالمشاركـة (Participant Observation) كأداتين للبحث، وقد تم التطبيق على مواقع في النصف الشمالي من مدينة الرياض بملاحظتها لمدة تزيد على السنة والنصف مع التركيز على فصلي الصيف ذروة نشاط هذه الظاهرة. وخرجت الدراسة بتوصيف للخصائص المفضلة في هذه الأماكن وبالكشف عن أنماط المستخدمين وأنشطتهم أثناء وجودهم في هذه الأماكن. كما تم اقتراح نماذج لأماكن ترويحية يقترح الباحث تطويرها في المدن العربية المماثلة لتصبح أحد أماكن الترويح المنظم التي تتميز بها هذه المدن وتتناسب مع السلوك الترويحي لسكانها وخصائصها الطبيعية.

1- مقدمة

أصبحت الخدمات الترويحية، أو على الأقل الحد الأدنى منها، جزء من الرّفاه الاجتماعي للناس تلتزم الكثير من الدول بتوفيره كضرورة من ضرورات الحياة السليمة خاصة لسكان المدن التي تقل فيها المساحات المفتوحة وتزداد فيها ضغوط الحياة.

ومما لاشك فيه أن السلوك الترويحي يختلف من ثقافة لأخرى رغم تماثل بعض أنماط الأماكن والأنشطة الترويحية ، إذ أن السلوك الترويحي هو نتاج معطيات متعددة ، كالدين والثقافة والبيئة والخصائص الديموغرافية والاقتصادية. وعلى هذا الأساس تتبنى هذه المقالة خصوصية كل شعب من الشعوب في سلوكه الترويحي وبالتالي أنماط الخدمات الترويحية التي يمارسها.

ولا تهدف هذه المقالة لتغطية جوانب الاختلاف الحضاري في السلوك الترويحي بل تهدف إلى محاولة تشخيص أماكن ترفيهية جديدة في المدينة السعودية (الداخلية على وجه الخصوص) من خلال تتبع الاستخدام الترفيهي غير المنظم للأماكن المفتوحة، والتي يفترض البحث أنه من خلال استقراء اتجاهات مستخدميها وكيفية استخدامهم للمكان يمكن تطويرها إلى أماكن ترفيهية منظمة (FORMAL) ملائمة اجتماعيا وبيئياً للوضع السائد في هذه المدن و مختلفة عن الأنماط التقليدية السائدة لأماكن الترفيه.

بالملاحظة المتكررة في مدينة الرياض لاحظ الباحث وجود أنماط ترفيهية غير منظمة أو عفوية كما يسميها البعض(Informal) قد يكون لها شخصية محددة. تتمثل هذه الأنماط في استخدام الناس لبعض الشوارع المضيئة وما جاورها من أراضٍ خالية وأطراف المدينة فيما يشبه التنزه. هنا خصائص المكان وطبيعة الاستخدام والسلوك الترويحي ربما توحي بنوع جديد من أماكن الترويح .

1-1 الدراسات السابقة

بدأت الدراسات في مجال الترويح بالمملكة العربية السعودية بجذب اهتمام الكثير من الباحثين في التخصصات ذات العلاقة منذ منتصف التسعينيات الهجرية تقريباً بدءاً بعلم الاجتماع . على سبيل المثال دراسة باقادر Bagader 1978) ) والهندسة الشهراني (Al-Sahrani1992) وحمّادي (Hammadi, 1993). والجغرافيا مثل الحجي (Alhijji 1989). و الموضوع ذو مجالات رحبة يمكن أن تمثل مشاريع أبحاث ناجحة فالبداية كانت متأخرة. وفي خضم الزيادة السريعة في الخدمات الترويحية تبرز الحاجة لمعالجة الكثير من القضايا لاسيما وأن الترويح يتفاعل مع كثير من المواضيع الأخرى.

وردت إشارات لهذا النوع من الترويح في دراسات أكاديمية كدراسة الحجي (Alhijji 1989) الجغرافية لسلوكيات وقت الفراغ بمدينة الرياض. وأشار العميري إلى استخدامات ترويحية للمظاهر الطبيعية في الرياضAl-Amiri, S. 1986) ).

ولم يفرد هذا الموضوع بدراسة تفصيلية سابقة حسب علم الباحث. لذا فإن هذه الدراسة سوف تعتمد بصورة رئيسة على الدراسة الميدانية.

1-2 تاريخ الظاهرة المدروسة

الترويح في البيئة النجدية لم يوجد مع بداية التمدن والرخاء في حقبة ما بعد إنتاج وتسويق البترول، فلقد كان الترويح حاضراً حتى في أحلك العصور التي مرت على المملكة، ولعل دوره في تلطيف الحياة ونسيان المتاعب هو الدافع الرئيس لمزاولته، والشواهد في هذا المجال كثيرة . وأنواع الترفيه كانت متنوعة أيضا فما بين نشاط تلقائي يمارسه الشخص خلال قيامه بالعمل مثل الحداء، والعاب أكثر نشاطاً يمارسها الكبار والصغار، وبعض الأنشطة التي تؤدى في المناسبات السعيدة مثل الزواج واستقبال الضيف والأعياد وكذلك الخروج للنزهة قرب أماكن الاستيطان. ومن الشواهد على ذلك ما ذكره المؤرخ النجدي المشهور عثمان بن بشر من أنه في سنة 1198 هجرية توجه الإمام سعود بن عبد العزيز إلى اليمامة ( فوجدهم قد خرج جميعهم إلى النزهة والتفرج في البرية) (ابن بشر ص 78) .

ومما لا شك فيه أن التمدن والاستقرار زاد من الوقت الذي يقضيه الناس في الترويح عن أنفسهم داخل المنازل وخارجها، كما تغيرت واستحدثت أنماط جديدة من الترويح في وقت مبكر بعد تأسيس المملكة العربية السعودية. فعلى سبيل المثال من الطريف أن السفر إلى لبنان بغرض السياحة قد لوحظ في أواخر عهد الملك عبد العزيز، فمسعود الندوي الذي زار المملكة في عام 1368هجرية يذكر أنه ركب معهم الباخرة من البحرين باتجاه العراق شاب سعودي يعمل في شركة أرامكو متجها إلى لبنان لقضاء الإجازة وقد عدّ ذلك من غرائب ما شاهده في رحلته تلك! ( مسعود الندوي 1419هـ ص 64-66 ).

ولقد أملت ظروف البيئة الطبيعية والاجتماعية بعض الأنماط الترويحية المتميزة، فكان لابد من أن تتكيف الأنشطة الترويحية الخارجية مع ظروف البيئة الطبيعية مثل أوقات اشتداد الحرارة والساعات اللطيفة من النهار والليل. ومن جهة أخرى فالمعايير الاجتماعية ذات أثر واضح في السلوك الترويحي للرجال والنساء.

وفي مدينة الرياض كان الخروج عن محيط المدينة آخر النهار أمراً معهوداً بعد توسعها حتى لعلية القوم ، فالملك سعود رحمه الله اتخذ مسطبة (دكّة) على طريق الدرعية إلى الشمال من الناصرية، أرقى أحياء الرياض في ذلك الوقت، وقد بني عليها سور على شكل قوس يواجه الغرب لتوفير الظل ولكنها أزيلت مع الأسف نتيجة لزحف الرياض عليها ولم أجد لها أي أثر سوى مرتفع ممهد. كان الملك يخرج إليها صيفاً قبل المغرب ويصلي فوقها المغرب والعشاء هو وحاشيته وبعض ضيوفه. وقد تبعه الملك فيصل في هذا الأمر حتى وفاته رحمه الله .ولنا أن نتساءل عن الدوافع التي دعت الملك سعود للخروج من الناصرية احدث وأجمل أحياء مدينة الرياض بقصورها الفخمة وحدائقها الغناء متجهاً إلى صحراء خالية في ذلك الوقت من النهار؟ أغلب الظن هو أن دوافع الملك هي دوافع سكان الرياض الذين لا زالوا يخرجون إلى الأراضي المجاورة في نفس الوقت من اليوم، و ليس بالضرورة لقلة أماكن الترفيه داخل المحيط السكني. إذن ليست هذه الظاهرة مقصورة على ذوى الدخل المحدود كما قد يتصور البعض.

لقد كان المكان كما يبدو في صورة جوية التقطت عام 1387 هـ 1967 م صحراء خالية من الأشجار والمباني وأكثر ما يميزه هو إشرافه على ما يحيط به وعلى أجزاء من وادي حنيفة ورافد صغير ينطلق من الغرب منحدراً نحو الشرق، وكذلك قربه من طريق الرياض _الدرعية( أنظر شكل رقم1). وربما كان هذا الوضع هو السمة التي ميزته في هذا الغرض. ولا زال المكان يستخدم من قبل بعض الناس حتى الوقت الحاضر لكنه فقد الكثير من مزاياه الطبيعية السابقة فقد تم مسح الأرض وتحويل المنطقة إلى مخطط سكني مضاء مما جعله يستمر كمكان مرغوب ( شكل رقم 2 ).

ولعل أهم عناصر التغير الإيجابي في طبيعة الأماكن التي يستخدمها الناس هي الإنارة التي مكنت السكان من الخروج والجلوس في الساحات والطرقات والأراضي الملاصقة لها ليلاً. ونظراً لاتساع بعض الشوارع ورصفها فقد اعتبر الناس أنها مناسبة للجلوس في الليل تحت أعمدة الإنارة. ولعل من الطريف أن الإشارة لاستخدام الأرصفة الجانبية للترويح في المدينة السعودية كانت من فنانة سويدية عاشت في مدينة الرياض منذ أواخر الثمانينيات الهجرية، هي مالين باسل وقد سجلت ذلك في إحدى لوحاتها (أنظر شكل رقم 3 ). وتدل القصيدة التي قرضت بها اللوحة على إعجاب بهذه الظاهرة.

وعلى الرغم من نمو وسائل الترويح وأماكنه فلا زال هذا النمط من الترويح يمارس بكثافة عالية في فصل الصيف.

من جهة أخرى نلاحظ في مدينة الرياض قلة الاهتمام أو التراخي في التوفيق بين الاستخدامات المتعددة للأرض وطبيعتها ،إلا في حالات قليلة، مما قد يؤثر سلبا على قيامها بوظائفها في مستقبلها القريب.

1-3 أهمية الدراسة

هذه الدراسة ذات بعدين مهمين، الأول هو البعد البحثي (الأكاديمي) حيث تهدف إلى الكشف عن بعض جوانب الدور الحضاري-الاجتماعي في العملية الترويحية، و تساعد على صياغة فرضيات لأبحاث مستقبلية ذات صلة بالسلوك الترفيهي للمستخدمين.

الثاني هو البعد التطبيقي النفعي وهو بعد لا نلمسه في كثير من الأبحاث الجغرافية في المملكة مما جعل بعض غير المختصين يتساءل عن جدوى دراسة علم الجغرافيا. فالتعرف على اتجاهات الناس وسلوكياتهم المكانية سيفيد في التخطيط الترويحي وفي إنشاء الأماكن الملائمة لهم ضمن وحول الكتلة السكنية لمدينة الرياض التي لا زالت "تستهلك" الأراضي المجاورة لها في نموها السريع. ومن هنا يرى الباحث أن النموذج الأمثل "لمدينة المستقبل " يرتكز بقوة على مدى استيعابنا لحاجات سكانها في الوقت الراهن ومن ثم توجيه النمو لخدمة هذه الحاجات بصورة تنسجم مع خصائص بيئتها الطبيعية والبشرية.

1-4 هدف البحث

يهدف البحث إلى تحديد ما إذا كانت الفراغات والأراضي الملاصقة للمدينة وبعض الشوارع المضاءة منها تمثل نمطاً متميزاً لأماكن ترويحية ذات خصائص محددة انطلاقاً من استخدام الناس لها. وكذلك محاولة تحديد الخصائص المميزة لها عن الأنماط الأخرى من أماكن الترويح، ومن ثم الخروج بتوصيات محددة للتعامل مع الأراضي المجاورة للمدينة في مجال الاستخدام الترفيهي. وهكذا يركز البحث على دراسة المكان أكثر من دراسة المستخدمين الذي ربما كان موضوعاً لدراسة لاحقة.

1-5 منهج البحث

يعتمد هذا البحث على رصد الأماكن الرئيسية في شمال مدينة الرياض وتحديد الخصائص السائدة فيها، ومن ثم مقارنتها بأنواع أماكن الترويح المعروفة مثل الحدائق لتحديد مدى استقلالها . كما تمت ملاحظة السلوك الترويحي للمستخدمين وعلاقته بمعطيات المكان باعتماد أدوات بحث "كيفية" (QUALITATIVE) ) لأن هذا البحث عبارة عن دراسة "تمييزية" لمعرفة الخصائص المثلى لهذه الأماكن والمقارنة بينها لكشف الخصائص المشتركَة ومدى وجود أنواع فرعية.

ركز البحث على الجوانب الجغرافية كالموقع وخصائص الموضع وشخصية المكان و توظيف بعض الجوانب الاجتماعية ذات العلاقة بالسلوك الترويحي والبعد المكاني الجغرافي .

ختاماً هذا البحث ربما يكون مقدمة لدراسـات أخـرى للمستخدمين تعتمد المنهـج الكمي ودراسـات كيفيـة (QUALITATIVE) تفصيلية لسلوكهم.

1-6 أدوات البحث

يعتمد هذا البحث بصورة أساسية على الدراسة الميدانية باستخدام أداتين معروفتين في الأبحاث الاجتماعية والجغرافيا البشريـة السلوكيـة وهما الملاحظـة الميدانيـة ( Field Observation ) والملاحظة بالمشـاركة (Participant Observation ) الأداة الأولى تعني ملاحظة سلوك الناس في المكان وتفاعلهم مع معطياته، ومن أهم محاسنها ما أشارت إليه بل ( Bell, J. 1992, p 88 ) من أن الملاحظة تكشف عن كيفية حدوث الحدث حقيقة وليس فهم الناس لكيفية حدوثه، وهو ما يميزها عن الاستبيانات والمقابلات. ويشير فيل (Veal. 1992 p70 ) إلى أهمية هذه الطريقة عندما تكون الأنماط المدروسة غير واضحة لأفراد مجتمع الدراسة وهو ما ينطبق على بعض جوانب الدراسة الحالية، كما يشير إلى فائدتها في دراسة كيفية استخدام الناس للموقع و أهمية ذلك في تصميم و إدارة الأماكن الترفيهية.

أما الملاحظة بالمشاركة فتكون باندماج الباحث مع أفراد مجتمع الدراسة كواحدٍ منهم وتسجيل نتائج التجربة. وهي تعنى بفهم الظاهرة من الداخل و تتضمن المشاركة والتفاعل مع الناس وتسجيل انطباعاتهم والرسم والتصوير كأدلة بحثية مادية. ويشير كوك ( Cook, L. 1997, p129) إلى أنه على النقيض من الأمثلة الشائعة لاستخدام هذه الأداة في أبحاث على مجموعات منعزلة يحتاج الباحث إلى وقت للدخول إليها و كسب القبول من قبل أفرادها، فإنه يمكن استخدام هذه الطريقة حتى لفترات قصيرة وفي أماكن لا يشكل الانضمام إلى مجتمعها مشكلة مثل ملاعب الغولف و مراكز إعادة التأهيل و مدرجات الملاعب….إلخ.

استخدم البحث بعض وسائل الرصد والملاحظة كان أهمها ما يلي:

• تحديد الأماكن المستخدمة وتوصيف خصائصها وتوقيعها على الخريطة.
• تسجيل السلوك الترويحي بواسطة التصوير الفوتوغرافي قدر الإمكان ورسم الحالات كأداة للتسجيل.
• تسجيل الملاحظات على الأنماط السلوكية الترويحية مع التركيز على نوع السلوك والاتجاه السائد .
• الملاحظة بالمشاركة منفرداً، مع مجموعة أصدقاء ذكور، مع الأسرة، مع مجموعة أسر، ومع الأطفال.

وقد كانت الزيارات تتم في أوقات تواجد الناس ولمرتين في الأسبوع إحداهما في نهايته. ويتم التوقف عند كل مكان وملاحظة التوزيع الجغرافي للناس فيه والحالات النمطية المتكررة للسلوك الترويحي. أما الملاحظة بالمشاركة فقد كانت تتم في رحلة كاملة وملاحظة ما يقوم به أفراد المجموعة وانطباعاتهم وكذلك انطباعات الباحث. وبهذا يعتمد البحث بصورة شبه كلية على الدراسة الميدانية.

1-7 حدود الدراسة

بما أن هذه الدراسة لا تهدف إلى حصر شامل لجميع الأماكن التي يمارس فيها هذا النوع من الترفيه، ورغبة في تكثيف الدراسة الميدانية فإن الباحث فضل الاقتصار على شمال الرياض الذي تتركز فيه هذه الظاهرة بوضوح أكثر من أي جزء آخر. كما تم استبعاد الأماكن البعيدة عن الكتلة العمرانية نظراً لأنها تمثل نوعاً آخر من أنواع الترفيه.

وقد تم إجراء الدراسة في صيف عام 1420 وصيف عام 1421 مع ملاحظة التغيرات الموسمية.

2- التوزيع الجغرافي للظاهرة

لا تكاد توجد أرض خالية كبيرة نسبياً ، على طريق عام إلا وتستخدم فيما يشبه النزهة في آخر النهار والليل ، بل إن الأمر يتعدى ذلك إلى بعض مواقف السيارات وأرصفة الشوارع. و يمكن تمييز عدد من المواقع الرئيسية التي تستقطب أعداداً كبيرة من المستخدمين في الوقت الحاضر مع ملاحظة أن هذه الأماكن عرضة للتغير حسب تطويرها مما قد يؤدي إلى انقطاع الاستخدام أو قلته بصورة فجائية وظهور أماكن جديدة.

يوضح شكل رقم ( 4) توزيع هذه الأماكن في شمال الرياض ونستنتج منه وجودها في جميع أجزاء منطقة الدراسة مما يوحي بان القرب عامل مهم في اختيار المكان. كما أن الأراضي الكبيرة غير المبنية التي تخطاها العمران لأسباب عديدة ليس أقلها المضاربة على الأراضي تحول الكثير منها إلى أماكن للترفيه غير المنظم.

2-1 الأماكن التي تم رصدها و أنماط استخداماتها الترفيهية

تم رصد الأماكن التالية كأماكن رئيسية لممارسة الترفيه غير المنظم:

1. رصيف الطريق الدائري الشرقي من تقاطع شارع الأمير عبد الله وحتى تقاطع الطريق الدائري الشمالي.
2. مخططات حي النرجس شمال طريق التخصصي.
3. مواقف سيارات مركز معارض الرياض على طريق العليا العام.
4. الرصيف الغربي لشارع العليا العام في حي الغدير.
5. الأراضي المجاورة لطريق القصيم فيما بعد نادي الشباب شمالاً وحتى تقاطع العمارية.
6. تقاطع طريق القصيم مع العمّارية.
7. تقاطع طريق العمّارية مع طريق الملك خالد ( صلبوخ ).
8. الأراضي المجاورة لتقاطع الدائري الشمالي مع طريق الملك خالد.
9. مخطط الحمدان على طريق الملك فهد بحي الملقا.
10. مخطط حي الخزامى الجنوبي.
11. رصيف طريق جدة مقابل حي السفارات من الجنوب.

ومن خلال المسح والمراقبة لهذه الأماكن تم تحديد أهم ما تتميز به من خصائص وملاحظة العلاقات النمطية بين طبيعة الاستخدام والمستخدمين من جهة وخصائص الموقع.

ويمكن تقسيمها إلى قسمين رئيسيين الأول داخل الكتلة السكنية على طول بعض الشوارع الرئيسية عند وجود أرض خالية أو سور طويل مع فراغ كاف بينه وبين الشارع. و الثاني على أطراف المدينة.

والجدول التالي يبين هذه الأنواع مع بيان بعض أهم خصائصها وأمثلة عليها.

جدول رقم ( 1) أنواع المواقع الرئيسية للترفيه غير المنظم في شمال الرياض

ملاحظات	مثال	الخصائص	النوع
يشكل غير السعوديين نسبة معتبرة من المستخدمين. لا يستخدم عند وجود معرض.	مواقف مركز معارض الرياض (شارع العليا العام)	الاتساع خلوه من السيارات في آخر النهار والليل توفر الإضاءة	مواقف سيارات
غير السعوديين يشكلون نسبة معتبرة من المستخدمين للأرصفة داخل المدينة. قل الاستخدام لجزئه الجنوبي نتيجة لأعمال الإنشاءات في الأراضي المجاورة.	الرصيف الشرقي الدائري الشرقي فيما بين المخرج العاشر وتقاطعه بالدائري الشمالي	على شارع رئيس الأرض المجاورة فضاء أو جدار طويل لمشروع تحت الإنشاء إنارة	رصيف
استخدام كثيف ومتكرر خاصة في الأماكن المضاءة	المخططات الواقعة إلى الشمال من شارع التخصصي. مخطط الحمدان على طريق الملك فهد	أرض مستوية أو مسواة شوارع معبدة لم يبدأ البناء فيه يقع على شارع مضاء أو أكثر وقد يكون مضاء	مخطط معبد
يكاد الاستخدام أن ينحصر في السعوديين يجلس بعضهم إلى وقت متأخر من الليل. زيادة في استخدام المجموعات الكبيرة.	تقاطع طريق صلبوخ مع العمارية	أرض ممهدة فيما بين المسارات، غير مشجره إضاءة قوية في الغالب على أطراف المدينة	تقاطع لطرقات رئيسة (حر الحركة)
استخدام قليل ومتباعد	حواف وادي حنيفة	إطلالة جيدة أو مظهر طبيعي جيد	بعض المواقع الطبيعية

2-2-1 المخططات الجديدة غير المبنية

تقع معظم المخططات الجديدة على أطراف المدينة من مختلف الاتجاهات، ضمن الأراضي التي يفضلها الناس عادةً لممارسة هذا النشاط. والسؤال هنا: ما لذي يضيفه تمهيدها وتعبيدها لهذا النشاط الترويحي؟

أولاً يلاحظ أن التسوية والتعبيد تزيد من قدرتها الاستيعابية وتوفر وصولاً جيداً لمختلف أجزاء الأرض بواسطة السيارة. ويتخذ الناس من الشوارع الخالية مواقع للجلوس حيث يوفر الإسفلت مساحة نظيفة مستوية مأمونة إلى حد ما من وجود الهوام والحشرات، و مناسبة للمشي وركوب الدراجات نظراً لقلة السيارات العابرة.

ومن مساوئها احتفاظها بالحرارة، لذا يلجأ الناس في ذروة موسم الصيف إلى الجلوس على الأرض غير المرصوفة، وهي أيضاً مناسبة بدرجة ما حيث أن التمهيد يزيل معظم العوائق كالشجيرات والأشواك والأحجار.

2-2-2 الطرق المضاءة

ويمكن تصنيفها إلى صنفين:

أ- الطرق المضاءة عند أطراف المدينة

يجد الناس أماكن ملائمة على طول الطرق المضاءة التي لا يجاورها مبانٍ بحيث تشكل الأراضي المجاورة للطريق ميداناً لهذا النشاط الترويحي، خاصة وأن قطاع المواصلات و البلدية يقومان بتسوية وتنظيف هذه الأماكن.

ويضاف إلى ذلك التقاطعات حرة الحركة التي تعطي مساحات أوسع وإنارة أقوى فيما بين تفريعات التقاطع وعلى جوانبه. ومن الأمثلة النموذجية لهذا النمط تقاطع طريق الملك خالد(صلبوخ) وتقاطع طريق القصيم مع طريق العمارية. ويستثنى من ذلك التقاطعات التي تم تشجيرها بكثافة عالية مثل تقاطع الطريق الدائري الشمالي بطريق الملك خالد فحتى في النهار حيث الحاجة إلى الظل لم يلاحظ الباحث استخدام ترويحي لها إلا فيما ندر(شكل 6 و 7).

ب- بعض المواقع على طول الطرق الرئيسية داخل المدينة

يستخدم الناس بعض المواقع على طول الطرق الرئيسية داخل المدينة عند وجود أرض خالية كبيرة نسبياً، أو وجود سور طويل لجهةٍ حكومية أو غيرها لا يضايقها عادةً وجود مثل هؤلاء الناس في فترة المساء.

ومن هذه الأماكن رصيف الطريق الدائري الشرقي من تقاطعه مع طريق الأمير عبد الله وحتى تقاطعه مع الطريق الدائري الشمالي.

ولوحظ زيادة في نسبة غير السعوديين في هذه الأماكن في حين تقل نسبتهم بصورة ملحوظة على أطراف المدينة.

2-2-3 بعض المواقع الطبيعية

داخل مدينة الرياض وعلى أطرافها توجد بعض مظاهر السطح التي تحد أو تمنع امتداد العمران بينما تشكل مواقع استثنائية لطبيعة أرض المدينة التي تميل إجمالاً للاستواء.

ومما يؤسف له أن تخطيط الأحياء يتجاهل هذه المعالم في كثير من الأحيان حيث يتم تقسيمها إلى قطع سكنية بصرف النظر عن طبيعتها مثلما هو حاصل مع التلال المحاذية للطريق الدائري الشمالي (شكل 8: ).

وينظر إلى بعض المظاهر التضاريسية مثل الأودية والشعاب والتلال كعقبات للتخطيط، ويتم تجاهل الجوانب الإيجابية لهذه الأماكن مثل قيمتها الجمالية وفائدتها في كسر رتابة العمران وقيمتها الترويحية( شكل 9 و10).

قليل من هذه الأماكن تم استغلالها ترويحياً بصورة منظمة مثل جبل أبو مخروق، بينما استغلت بعض المواقع الأخرى في الترويح غير المنظم. مثل مطلات وادي حنيفة وروافده، فلوحظ استمتاع الناس بالجلوس في بعض هذه الأماكن.

3- سلوكيات المستخدمين و الأنشطة الترويحية الممارسة

تم رصد الناس وملاحظة سلوكياتهم الترويحية وتفاعله مع هذه الأماكن للتعرف على صلة المكان و خصائصه بالأنشطة التي يمارسونها، ونخلص إلى النقاط التالية:

3-1 الأنماط الاجتماعية

يأتي الناس على الأنماط الاجتماعية التالية: إما مع العائلة أو مجموعة عائلات أو مجموعة من الذكور أو رجل مع أطفاله، وفي حالات قليلة قد نجد رجلاً لوحده.

والفرق الأساسي بين هذه المجموعات في السلوك الترويحي هو وجود النساء من عدمه حيث تحدد المعايير الاجتماعية سلوكيات الأفراد.

3-2 الأنشطة الترفيهية الممارسة

إن أول ملاحظة تتبادر إلى الذهن هو أن معظم الناس يجدون متعة في الجلوس في هذه الأماكن المفتوحة. ويمكن اعتبار ذلك نشاط ترفيهي بحد ذاته يمارسون فيه الحديث مع بعضهم البعض وشرب المشروبات الساخنة والباردة وتناول بعض الأطعمة الخفيفة وربما وجبة عشاء يتم إحضارها من أحد المطاعم القريبة أو من المنزل أو يتم إعدادها في المكان. بمفهوم آخر نزهة لكنها ليست لأماكن التنزه المعتادة مثل الحدائق والأرياف والصحارى.

ولعل شعبية هذا النوع من الترويح يرجع إلى بساطته وقلة تكاليفه وسهولة ممارسته وملاءمته لجميع أفراد العائلة بدون محددات سوى المعايير الاجتماعية للبقاء في مكان عام.

كما يتم أحياناً إحضار بعض أدوات الترفيه النقالة مثل التلفزيون. ويستمتع الأطفال بالجري والحركة وقيادة الدراجات واللعب أحياناً بالطائرات الورقية. ويسهل مراقبتهم من قبل الآباء لأن المكان مفتوح لا عوائق فيه غالباً.

وفيما بين الجنسين فقد لوحظ أن النساء يمارسن الأنشطة السائدة التي يمارسها الرجال مثل الجلوس والاستمتاع بالصحبة والقراءة، وينفرد الرجال بممارسة رياضات أكثر حيوية مثل لعب كرة القدم والطائرة والجري ولعب الورق وهي على أية حال ليست من الأنشطة الشائعة في هذه الأماكن. وقد لوحظ أنها ميدان مهم لممارسة النساء للمشي خاصة على الشوارع المعبدة في المخططات السكنية الجديدة (شكل 11).

3-3 ملاحظات عامة

تقضي بعض المجموعات فترة توقف قصيرة في المكان تقل في الغالب عن الساعة وتبدو كمرحلة في نزهة أو تجوال بالسيارة قد تتضمن عدة أنشطة ترويحية كالتسوق. بينما تبدو بعض المجموعات أكثر استعداداً لقضاء وقت طويل يمتد لعدة ساعات، وهي غالباً المجموعات الكبيرة التي تضيف الاستمتاع بالصحبة إلى متعة الجلوس في المكان، فهو لقاء اجتماعي بين مجموعة من الأسر أو الأصدقاء. وقد تم رصد بعض المجموعات التي يزيد عدد أفرادها على ثلاثين شخصا. ويبدو أنها زيارات مسبقة التنظيم إذ لوحظ قيام بعض المجموعات بإرسال أحد أفرادها مبكراً لغرض حجز مكان جيد، وغالباً ما تفضل هذه المجموعات الأماكن المضاءة جيداً والواسعة السهلة الوصف مثل تقاطع طريق العمارية مع طريق الملك خالد.

ونلاحظ أن الناس يفضلون الأماكن القريبة من الطرقات ويقل الاستخدام كلما ابتعدنا عن هذه الطرق حتى لو كان الداخل مناسبا. ويزيد التركز قرب الطرق الرئيسية بصورة واضحة خلال الليل وربما كان ذلك بسبب رغبة الاستئناس بالغير وبالمارة.

وكما هو الحال في الأماكن الترويحية غير المنظمة فإن بعض المستثمرين والأفراد يقومون ببعض الأنشطة التجارية مثل سيارات بيع الآيسكريم و التسالي والأغذية الخفيفة وتأجير الدراجات الصحراوية وربما دلت استمرارية هذه الأعمال ودأب أصحابه على ربحيتها.

4- أهم خصائص المكان الأمثل

من ملاحظة اختيارات الناس للمواقع التي يقصدونها خاصة من تتاح لهم حرية الاختيار لتبكيرهم بالحضور إلى هذه الأماكن ظهر لنا الخصائص التالية كعناصر إيجابية يمكن الاستفادة منها في تطوير نمط جديد من أماكن الترفيه للمدن الصحراوية. و تتفاوت هذه الأماكن في توفر هذه الخصائص إذ لا تتوفر جميعها في مكان واحدٍ بالضرورة، وتتفاوت هذه الخصائص في أهميتها حسب بعض الأمور مثل وقت الاستخدام. وأهم هذه الخصائص كما يلي:

سهولة الوصول، سعة المكان، إشراف المكان، الظل، نظافة المكان، نسيج التربة، الخصوصية، نقاء الهواء، الأمان والاستئناس بالغير و الإنارة.

4-1 سهولة الوصول

لوحظ أن هذه الأماكن تتميز بسهولة وصول الناس إليها لوقوعها على طرقٍ رئيسية مما يسمح بالوصول إليها خلال دقائق، وبالتالي سهولة اتخاذ القرار بالذهاب إليها ولو لزيارة قصيرة لأن نسبة الوقت الذي يقضى فيها يزيد كثيراً على مدة الرحلة إليها. وهو أمر يساعد على مرونة اتخاذ القرار بالذهاب إليها بدون تخطيط مسبق ويتيح للمجموعة تغيير موقعها عند عدم مناسبته. ومن جهة أخرى تكون الأرض قابلة لدخول السيارات إلى أجزائها المختلفة للوصول إلى الموضع المراد الجلوس فيه وهو أمر مهم لانتشار المستخدمين لتوفير قدر من الخصوصية عن طريق "التباعد" ويسمح أيضاً باستغلال السيارة كساتر من أشعة الشمس. وفي الأماكن التي توجد داخل الكتلة المبنية من المدينة فإن وجود مواقف للسيارات أمر ضروري خاصة أن هذه الأماكن شريطية بمحاذاة طرق سريعة عادة.

ومن جانب آخر فالدخول إلى هذه الأماكن متاح بدون قيود أو تكلفة مادية مما يساعد على زيارتها في أي وقت.

4-2 اتساع المكان

لوحظ أن الناس يميلون إلى الأماكن الواسعة التي تسمح باستخدام عدد من المجموعات، ويبدو أن ذلك يعود إلى عامل "الاستئناس" بوجود الغير ممن لهم نفس الغرض، وعادة ما يكونون في مدى الرؤية مع المحافظة على مسافة كافية تتجاوز غالباً عشرات الأمتار لتحقيق مستوى معين من الخصوصية.

4-3 سعة مدى الرؤية و إشراف المكان

لوحظ ميل شديد لاستخدام المواقع المرتفعة التي تشرف على المناطق المجاورة. وفي بعض الحالات يتسلق الناس بسياراتهم بعض التلال شديدة الانحدار للجلوس على القمة كما هو حاصل ضمن دوار العمّارية-طريق الملك خالد. ويبدو أن اتساع مدى الرؤية له جاذبية خاصة لدى المستخدمين بل قد يكون السبب الرئيس لاختيار مثل هذه الأماكن كونها نقيض البيئة السكنية في الداخل التي يضيق فيها مدى الرؤية خارج المنزل بارتفاع المباني و تسوير الأفنية، وداخل المسكن حيث يعمد الناس إلى إغلاق النوافذ والستائر لأسباب بيئية واجتماعية.

4-4 نسيج التربة

نظراً للطبيعة الصحراوية للبلد فإن الأرض تكون إجمالاً عارية غير مكسوة بالعشب الذي يميز بلداناً في نطاقات مناخية أخرى وتلجأ البلديات أحياناً لزراعة العشب في الحدائق وهو أمر يكلف الكثير في تأسيسه والمحافظة عليه في بلادنا الصحراوية، خاصة وأن ضغط الاستخدام على هذه المسطحات يكون شديدا لمحدودية مساحتها. هناك موقع واحد تم زراعة العشب فيه بعد تنسيقه على شكل مرتفع موازٍ لطريق جدة إلى الجنوب من الحي الدبلوماسي، ومن الواضح أن تصميمه كان لأسباب جمالية ولكنه يشهد إقبالا للجلوس عليه.

فيما عدا ذلك فالتربة السائدة في شمال الرياض هي تربة خشنة غير ناضجة على وجه العموم، تزيد فيها نسبة الأحجار الخشنة على التلال و الحزون (جمع حزن وهو ما ارتفع وهان من الأرض) و تظهر أحياناً الطبقات الصخرية الأصلية. والتربة إجمالاً غير مناسبة للجلوس لإثارتها للغبار ووجود شظايا الأحجار الحادة. والأماكن التي يستخدمها الناس حالياً إما أراض تمت تسويتها وبالتالي زال وجهها الطبيعي، أو أراضٍ غير مسواة.

أما في المنخفضات والشعاب فتترسب طبقة من الطمي وأحياناً الحصباء التي ربما تكون أفضل الترب المناسبة لمثل هذا النشاط ،وهي تتكون من أحجار ملساء متفاوتة الحجم مخلوطة برمال ذات حبات كبيرة. وهي لا تثير الغبار و لا تسفيها الرياح ولا تعلق بالملابس وأحجارها غير حادة ولا تتحول إلى طين عند سكب الماء عليها. وهي مع الأسف محدودة الانتشار ولا تتوفر إلا في الأودية خاصة الكبيرة منها مثل وادي حنيفة وروافده الكبرى. ويفضل فرشها في مواضع مختارة بعناية طبقاً لخصائص الموضع الجيد( الذي تتوفر فيه كل أو بعض خصائص المكان الأمثل عدا التربة الجيدة) عند تطوير مكان ما ليكون ملائماً للاستخدام.

وتوجد الرمال في بعض المواضع ولها جاذبيتها الخاصة ولكنها "كتربة" لا تتفوق على الحصباء في مناسبتها لموضوع دراستنا. وهي على أية حال مكان ترفيهي ذو جاذبية مهمة لأسباب أخرى خارج نطاق هذه الدراسة.

وعلى حواف وادي حنيفة وروافده تظهر بعض مكاشف الصخور المستوية والتي تمثل أرضية استثنائية للجلوس.

وفي المخططات الجديدة يتم استخدام الشوارع المعبدة للجلوس، ولوحظ استخدامها لرياضة المشي بعيداً عن الشوارع الحية، ويجلب بعض المستخدمين دراجات الأطفال لاستخدامه مستغلين هدوء هذه الشوارع وطولها وأمنها النسبي.

4- 5 نقاء الهواء

تتميز الأطراف الشمالية لمدينة الرياض بنقاء نسبي في الهواء و انخفاض ملموس في درجة الحرارة نظراً لكون الرياح السائدة شمالية ولأنها خارج نطاق الاكتظاظ العمراني والسكاني وحركة المرور النشطة داخل المدينة، ويشعر المرء بالفارق بمجرد الخروج من الكتلة السكنية إلى الأطراف. ويلاحظ تفاوت الأماكن في هذا الأمر.

4-6 نظافة المكان

على الرغم من أن المستخدمين هم أحد أهم مصادر تلويث هذه الأماكن فإنهم عادة يختارون الأماكن النظيفة لجلوسهم ويتجنبون الأماكن الوعرة وذات الشجيرات والأعشاب الصحراوية خوفاً من الحشرات والهوام التي قد توجد بها. وعلى أية حال لوحظت زيادة في وجود الحشرات والقوارض في بعض المواقع المدروسة والتي ربما يكون سبب زيادتها هو ما يلقيه المستخدمون من بقايا الأطعمة على الرغم من تنظيف بعض هذه الأماكن دورياً على فترات متباعدة من قبل البلدية.

4-7 الظل

نظراً لأن الاستخدام الأكثر يكون في فصل الصيف حسبما تمت ملاحظته فإن الناس بحاجة إلى قدر من الظل وهو أمر تقل الحاجة إليه كثيراً في الفصول المعتدلة. وبطبيعة الحال فلا حاجة لظل في الليل. ولأن نمط الاستخدام في النهار يتحدد بالساعات الأخيرة منه فإن الأشياء القائمة تلقي بظل يكفي للجلوس، إذ يستخدم الناس ما هو متاح مثل ظل الجدران والقطوع الصخرية والتلال. وربما تكون السيارة أكثر الأشياء فائدة لتوفير الظل في الموضع المطلوب لذا كان من الضروري وصولها إلى الموقع المختار.

وبالرجوع إلى دكّة الملك سعود التي بنيت على ربوة صغيرة نرى بأنه بني جدار على شكل قوس مواجه للغرب، وهذا الشكل مفيد في إلقاء الظل المناسب طوال فترة الموسم الحار الذي تتغير فيه مغارب الشمس. وهو إضافة مناسبة لموضع يكاد أن يكون مثالياً لمثل هذا الاستخدام.

إن مجموعة من الجدران الهلالية المبنية بمواد محلية مأخوذة من الموقع على رؤوس التلال في منطقة تلالية ، ربما تكون لوحة فنية بحد ذاتها.

4-8 الأمان والاستئناس بالغير

في جميع الأماكن لوحظ أن الشعور بالأمان هو أحد الخصائص التي يبدو أن الناس يأخذونها في الحسبان عند اختيارهم للمكان، إذ قلما يذهب الناس إلى أركان نائية أو مظلمة بعيداً عن وجود الآخرين بل يختارون عادةً موقعاً في مدى رؤية المجموعات الأخرى أو قرب الطرق الرئيسية.

4-9 الخصوصية

في هذه الأماكن المفتوحة تتباعد المجموعات إلى مدى معين يتفاوت بحسب ازدحام المكان، وعادة ما تأخذ المجموعات التي تأتي مبكراً المواضع الأفضل ثم تأتي مجموعات أخرى فيما بينها. والمسافة لا تقل في الغالب عن عشرين مترا. وهناك تباين واضح بين المجموعات التي يكون من بينها نساء و مجموعات الذكور في هذه المسألة حيث تزيد المسافة المطلوبة عند وجودهن. وعادة ما تستخدم السيارة أو السواتر المتاحة في الموقع لحجب موضع الجلوس ، وربما جعل الساتر بين موضع جلوس النساء والرجال في المجموعات المكونة من عدة أسر. ومن المواضع المفضلة نهايات الشوارع المعبدة في المخططات غير المبنية والمواضع التي تشابهها من الأماكن الأخرى بحيث لا يجتازها المارة( شكل 12).

4-10 الإنارة

لوحظ أن الاستخدام في معظمه ليلي حيث تكون درجة الحرارة مقبولة لذا فإن الأماكن التي تشهد كثافة في الاستخدام تتميز بوصول إضاءة الشوارع إليها ويختار الناس درجة الإضاءة بالقرب أو البعد عن أعمدة الإنارة، ولوحظ أن بعض الأسر تفضل الإنارة الخافتة لتوفير مزيد من الخصوصية والحرية للنساء. لذا يفضل أن تتباين مستويات الإضاءة في الأماكن التي قد تطور مستقبلاً.

ولا يجلب المستخدمون عادة وسائل إضاءة معهم.

5- أنماط مقترحة لأماكن ترفيهية

5-1 أماكن طبيعية محسّنة

لأنه لا يوجد قيود واضحة أمام زحف المدينة وتوسعها فإن هذه الأماكن مؤقتة فالشوارع الهادئة تصبح أكثر حركة والمخططات غير المبنية يتم بناؤها. ولا يوجد نطاق محدد حول المدينة يقيد فيه البناء مما يجعل هذه الأماكن في تغير دائم.

وإذا ما توصل المخططون لمدى يجب تقييد نمو المدينة عنده فإن الباحث يقترح تحديد مناطق صحراوية على أطرافها يتم وقفها لهذا النشاط الترويحي، مع تحسين الخصائص المرغوبة.

إن مدينة الرياض محاطة بأراضٍ في مجملها غير مستثمرة حيث تتباعد المدن و البلدات والأرياف والمزارع في بيئتنا الصحراوية، هذا باستثناء وادي حنيفة الذي يخترق المدينة. ربما ساعد هذا الوضع على نمو المدينة السريع والمستمر، فما أن تزيد الأسعار في حي على أطرافها حتى يجد بعض الناس أن من الأفضل شراء أراض سكنية أكبر وأرخص في مخطط مجاور، وبالتالي امتداد مبعثر جديد. يجب أن نقطع هذه الحلقة التي استمرت منذ بداية الطفرة ولا زالت مستمرة.

إنه من الملاحظ أن بعض الأماكن المجاورة للمدينة ذات طبغرافية خاصة تصلح لمثل هذا النشاط مع بعض التحسين. وبينما يلجأ المستثمرون إلى تسوية مثل هذه الأماكن وإتلاف مظهرها الطبيعي فإن من الأجدى تقييد الاستخدام السكني بتحديد كثافة البناء وتحويل المساحات الوعرة إلى مناطق مفتوحة يضاف إليها بعض الاستثمارات المناسبة بكثافة محددة. إن آلية ذلك يمكن أن تكون عن طريق زيادة نسبة مساحة المرافق التي تؤخذ من المساحة الكلية للأرض المراد تخطيطها. و يجب وضع دراسة أولية تحدد فيها المناطق ذات الطبغرافية التي يراد حفظها وبذلك نحقق هدفين هما المحافظة على بيئة المكان ومواءمة التنمية العمرانية معها من جهة، و توفير مساحات لنشاط ترفيهي مرغوب.

على أطراف المدينة يوجد أحياناً بعض الأماكن التي تتميز أرضها بوجود عوائق للامتداد العمراني كالأودية والمرتفعات والأراضي ذات التربة التي لا تتحمل البناء إلا بأساليب خاصة و مكلفة، ومع ذلك يتم البناء عليها عندما يزحف العمران وترتفع أسعار الأراضي المجاورة الأكثر صلاحية للبناء. هذه الأراضي ربما تكون أفضل الأماكن لنشوء منطقة عازلة شبه طبيعية تستخدم للأغراض الترفيهية وتحدد نطاق المدينة بدلاً عن إنفاق الأموال الكثيرة في تهيئتها للبناء. إن هذه المناطق ستساعد على تحديد النمو العمراني للمدينة ليصبح ما وراءها أقل إغراءً وأكثر بعداً من أن يتصل عمرانها بالكتلة السكنية حيث سيكون هناك مسافة بين آخر حي وأي منطقة جديدة يتم التفكير في استثمارها سكنيا. وربما ساعد هذا الوضع على تنشيط القرى المجاورة للمدنية كضواحِ للرياض حيث أن من سيفكر في السكن خلف هذا النطاق ربما فكر في السكن في بلدة أو قرية مجاورة كبديل أفضل. ومن جهة أخرى قد يساعد على استثمار الفراغات الداخلية والمباني المهجورة وإعادة تطوير الكثير منها.

لقد زحف عمران الرياض على بعض الأماكن النموذجية لهذا الغرض، وفي الوقت الحاضر يتم تسوية مناطق تلالية على أطرافها. ولازال هناك بعض الأماكن الصالحة التي لا زالت في مجملها بكر، ومنها الأراضي الممتدة إلى الغرب من وادي حنيفة، إلى الشمال الغربي من المدينة. و أكبر تهديد لهذه المنطقة هو إكمال الضلع الشمالي الغربي من الطريق الدائري الذي سيجلب في أغلب الأحوال العمران إلى هذه الأجزاء لتصبح مناطق مغرية لانخفاض أسعارها ودخولها في سوق المضاربات العقارية.

وإلى الشرق من المدينة هناك حافة العرمه التي تمتد بمحاذاة أطراف المدينة الشرقية. و في الأجزاء الشمالية هناك مناطق تلال وأكمات متفرقة.

5-2 نموذج "الحدائق الشريطية المفتوحة"

يجب علينا أن نعي ظروف بيئتنا ولا نسعى لتطوير يتناقض مع معطيات هذه البيئة وإلا فإن النتيجة ستكون رفع كلفة المشاريع وعدم القدرة على صيانتها مستقبلاً بالصورة المرضية . إنه لا يلزمنا نسخ المخططات التقليدية للحدائق وتشجيرها بأشجار مجلوبة من بيئات أخرى واستخدام كميات هائلة من المياه لريها وإنشاء البحيرات الاصطناعية في بيئة صحراوية. لقد رأينا العديد من الحدائق التي تحمست بعض البلديات في إنشائها ثم عجزت عن صيانتها وريها. وفضلاً عن ذلك فقد أشارت عدة دراسات إلى انخفاض شعبيتها عند السعوديين وهم النسبة الغالبة من سكان الرياض.

وبما أن الجمال ليس مقصوراً على المسطحات الخضراء فإنه يمكن محاكاة البيئة الصحراوية الطبيعية بتركيبة من الصخور والأشجار المناسبة والساحات المبلطة لإنشاء بيئة ترفيهية مناسبة بل إن بعض المواقع لا تحتاج أكثر من المحافظة على طبيعتها.

يقترح الباحث إنشاء حدائق ترفيهية شريطية طويلة على امتداد بعض الشوارع الرئيسية في المدينة ولا يلزم أن تكون مروجاً خضراء وأشجار ملتفة خاصة وأن معظم الاستخدام سيكون ليلاً ( أنظر شكل 13)، بل تشكل المساحات المرصوفة النسبة الغالبة مع الحفاظ على المظاهر الطبيعية إن وجدت وإنشاء بعض التلال الاصطناعية عند استواء الأرض. ويمكن توزيع الأشجار والمسطحات العشبية على شكل بقع متباعدة أ و شريط متصل. ويفضل تزويدها ببعض الخدمات الضرورية على الأطراف.

هذا النمط من الحدائق ينبغي أن يكون مكشوفاً تجاه الشارع فقد لاحظ الباحث علاقة وثيقة بين مكان الجلوس والطريق المجاور الذي يبدو كجزء من المكان، ولابد عندئذ من اتخاذ وسائل السلامة.

إن رصيف طريق جدة(شكل13 ) مثال مصغر يمكن تطويره لمثل هذه الحدائق مع ملاحظة أنه بوضعه الحالي يجتذب غير السعوديين بصورة أكبر.

وقد لاحظ الباحث وجود حدائق شريطية داخل أسوار بعض الجهات التي تحتل مساحة واسعة مثل جامعة الملك سعود(شكل14) وجامعة الإمام وغيرهما . هذه الحدائق في الوقت الحاضر ذات قيمة جمالية وربما لتلطيف الهواء فقط، ويقترح الباحث تطويرها بما لا يتعارض مع وظائف هذه المشاريع وفتحها لسكان الرياض. ويمكن أن تكون هذه الفكرة ضمن مواصفات المشاريع المستقبلية التي ستشغل حيزاً واسعاً من مساحة المدينة.

ويفضل أن تكون هذه الحدائق على محاور الطرق الرئيسة مع استغلال المظاهر الطبيعية ما أمكن، و الاسترشاد بالخصائص التي أشير إليها سابقاّ.

6- الخاتمة

في اندفاعنا إلى التحديث بهرنا أحياناً بأعمال ناجحة في بيئاتها في البلدان المتقدمة، وعلى الرغم من إدراكنا للاختلافات البيئية والثقافية والاجتماعية فإننا لم نتأن في دراسة هذه الأمور لكي يكون اقتباسنا لهذه الأعمال اقتباس ناجح. ومن جهة أخرى قللنا من قدرتنا على الإبداع، وألغينا أحياناً خبرات تقليدية هي نتاج آلاف السنين، وفي كثير من الأحيان فشلنا في تقدير جماليات بيئتنا الطبيعية مما جعل تدميرها أو إلغاء بعض عناصرها من الأمور المستساغة على الرغم من أنها قد تحمل بعض عناصر النجاح لأعمالنا. لقد بدا هذا واضحاً في هذه الدراسة على الرغم من خصوصية موضوعها، فهي أحد الأمثلة لمشكلة عامة.

إن المساحة التي يشغلها الترفيه المنظم وغير المنظم تمثل نسبة مهمة من مساحة المدن وأقاليمها وهي أحد العناصر المهمة في تشكيل الصورة النهائية للمناطق الحضرية. إن مدينة الرياض مدينة في وسط صحراوي، ويتم التعامل مع هذه الحقيقة في كثير من الأحيان على أنها خاصية سلبية في حين يمكن التعامل معها على أنها ظاهرة إيجابية. لسنا في حاجة إلى أن تبدو المدينة خضراء في كل أجزائها "فالأشجار في الصحراء تختار أماكن وقوفها". و لسنا في حاجة لتصميم حدائقنا للنهار ما دام الاستخدام الأكثر ليلاً.

من جانب آخر علينا أن نتعلم من الناس لا أن نتحكم في اختياراتهم في مجال الترفيه ما دام أنها إيجابية، فليس لنا أن نجبرهم على استخدام الحدائق وترك الأماكن التي يستخدمونها، ولكي ننجح في خدمتهم لابد من مراعاة اختياراتهم وبناء نموذجنا الخاص فالعصر الحاضر هو عصر التميّز وتكرار ما عند الغير بدون دراسة متأنية لن يساعدنا على ذلك. و إذا كان توفير الخدمة من أهم متطلبات المدن الحديثة فإن أسلوب تقديمها لا يلزم أن يكون متماثلاً بين المدن المختلفة حتى داخل الدولة الواحدة فضلاً عن أن تكون نسخة نمطية لما هو موجود في دول ذات ثقافة وبيئة مختلفة.

المراجع والمصادر

ابن بشر(بدون تاريخ) عنوان المجد في تاريخ نجد. مكتبة الرياض الحديثة، الرياض.

الندوي, مسعود(1419) شهور في ديار العرب. مكتبة الملك عبد العزيز الرياض.

Al-Amiri, S. (1986) "Using land forms of Saudi Arabia for scenic and recreational purposes (With Special Reference to the Riyadh Area)", Geojournal 13-2, 143-151

Al-Foraih, A.(1994) Factors Affecting Young women’s Usage of Recreational Facilities in Riyadh. Unpublished MA Dissertation, University of King Saud, Riyadh.

Al-Hijji, A. (1989) Leisure Behaviour and Recreation Planning in Saudi Arabia With Particular Reference to Riyadh : A geographical Study. Unpublished Ph.D. Thesis, University of Exeter, Exeter.

Al-Sahrani, M. (1992) An Inquiry into Leisure and Recreation Patterns and their Relationship to Open Space and Landscape Design: The Case of Jeddah, Saudi Arabia. Unpublished Ph.D. Thesis, University of Edinburgh, Edinburgh.

Al-Thagafy, S. (1991)Tourism Patterns and Behaviour in Saudi Arabia With Special Reference to the Emirate of Makkah Al-Mukarramah Province: A Geographical Study. Unpublished PhD thesis. University of Southampton, Southampton)

Bagader, A. (1978) Leisure and Social Change in the City of Mecca. Unpublished Master Thesis, University of Wisconsin, Madison.

Basel, M.(1984) Saudi Arabia Through the Eyes of An Artist. IMMEL Publishing, Jeddah.

Bell, J.(1992)Doing your research project. Open University Press, Milton Keynes.

Cook, I.(1997) Participant Observation. in Methods in Human Geography, ed. R. Flwerdew et. al. Longman, Harlow.

Hammadi, H. (1993) Outdoor Recreation and Leisure Patterns in Saudi Arabia And Their Roles In Determining and Design: The Case of Jeddah's Corniche. Unpublished Ph.D. Thesis, University Of Sheffield.

Veal, A. (1992) Research Methods for Leisure and Tourism.. Pitman Publishing. London

حَمِّله ...

الترويح غير المنظم على أطراف المدن السعودية الداخلية دراسة حالة لشمال ...