التسميات

الاثنين، 26 أغسطس 2013

دور الشوارع التجارية في بغداد في زيادة ظاهرة الجريمة ...

دور الشوارع التجارية في بغداد
في زيادة ظاهرة الجريمة 
موقع الشيخ د. همام حمودي - أ.د. حيدر عبد الرزاق كمونه - جامعة بغداد ـ المعهد العالي للتخطيط الحضري والاقليمي :
المستخلص  :
يأتي هذا البحث مفترضاً وجود علاقة سببية بين ظاهرة الجريمة والبيئة  الحضرية للشوارع التجارية من خلال ما تقدمه هذه البيئة من عوامل (فرص) لحدوثها  و مغريات و تسهلات  للقيام بها  .
و قد ركز البحث على دور التخطيط الحضري والتصميم المعماري و كيفية تأثيرها في خلق  البيئة الحضرية للشوارع التجارية ومن اثر تلك البيئة في زيادة معدلات الأجرام في تلك  الشوارع أو ما يجاورها من المحلات السكنية , معتبرا الشارع التجاري منطقة فرصة أو من المناطق  الجاذبة للجريمة من خلال كونه فضاءاً حضرياً مهما و متعدد الاستعمالات في المدينة , واثر سمات ذلك الفضاء الحضري على تولد الجريمة مع بيان الدراسات التي أشارت إلى ذلك و من ثم بيان عوامل  الفرصة التخطيطية في الشوارع التجارية لحدوث الجريمة .

و قد تناول البحث بالتحليل الوصفي المشاكل التخطيطية والتصميمية التي تعاني منها الشوارع التجارية في مدينة بغداد من جراء التحضر السريع و الغير مدروس و اثره في زيادة معدل الجريمة في تلك  الشوارع  و تاثير ذلك سلبياً على المحلات السكنية التي تقبع خلفها .
المقدمة 
تعد الجريمة ظاهرة إنسانية موغلة في القدم وعلى مدى التاريخ  الإنساني و تراكماته وتباعد حضاراته ظهر السلوك الإجرامي كفعل مخل و جانح عن حدود العرف و القانون و الوازع الديني غير مشروط  بزمان و مكان و بدوافع شتى مثل اغلبها مزيجا لقوى بيئية وعوامل  اجتماعية و مادية متفاعلة أكثر من كونها محدود بنوازع بشرية متأصلة بالشخصية الإجرامية و مع تصاعد وتأثير التحضر و التحولات  الاجتماعية و الاقتصادية أخذت هذه الظاهرة المريضة بالاضطراد  مثقلة الهاجس النفسي لمخاوف أضفت صبغة قائمة على الحياة الحضرية و عكرت صفوها , وشأنها شأن الظواهر الأخرى التي اعتلت المجتمع أفردت العلوم الإنسانية لها مجالاً واسعاً لاستجلائها وفك تعقيدها . فظهرت نظريات في علم النفس والاجتماع تقدم طروحاً وأراء في استقصاء الشخصية الإجرامية وعلاقتها بالمجتمع إلى نظريات مكانية دايكولوجية ودراسات جغرافية وتحليل لمناطق اجتماعية تبحث في الموضع المكاني للجريمة وأنماط السلوك المرتبطة به مستنده إلى حقيقة مفادها أن المكان لم يعد كياناً جامداً تجري عليه الأدوات الهندسية ترسم خطوطاًً ذات أبعاد ثلاثية وأشكال مجردة من المعنى الإنساني لتخرج بالنهاية بناءا معماريا لأجل الإيواء والعمل , بل أصبح المكان وجوداً متحركاً ومتحولاً بفضل مضمونيه البعد الإنساني بحاجاته ودوافعه ومخاوفه وآلامة لتنصهر كلها في أتون واحد يضاف إلى الإبعاد المادية مكونا ما يعرف بالبناء المكاني – الاجتماعي للبيئة الحضرية , ولقد أسبغ التخطيط الحضري أهمية على دراسة الظاهرة شأنه شأن الدراسات الاجتماعية مشكلا فتحا جديدا في علم الأجرامCriminology ) ومركزا على استغلال المجرم للمكان الحضري كأداة لنشاطه الإجرامي وتعد الشوارع التجارية احد اهم الأماكن الحضرية في المدينة وهي بمثابة شرايينها النابضة ونظرا لطبيعة هذه الشوارع وتنوع فعالياتها وصعوبة السيطرة عليها فقد أصبحت من أهم الأماكن الحضرية لممارسة الجريمة ومن هنا جاءت أهمية البحث كمحاولة لاستقصاء اثر الشوارع التجارية في زيادة ظاهرة الجريمة .
مشكلة البحث :
 تكمن المشكلة في وجود علاقة غير واضحة بين ظواهر العنف والاجرام والمتغيرات الاجتماعية والعمرانية والمكانية في الشوارع التجارية تبرز كعوامل فرصة تساعد على ارتكاب الجريمة أو عوامل محفزة لظهور السلوك المنحرف في تلك المناطق يستوجب دراستها ووضع التحليل المناسب لها .
هدف البحث :
  يهدف البحث الى بيان بيئة التعرض للجريمة في الشوارع التجارية في بغداد باعتبارها مناطق جذب ( مناطق الفرصة) ومحاولة الوصول الى منهجية وصفية لبيان العلاقة السببية بين العوامل المؤثرة ومعدلات الاجرام في تلك المناطق .
فرضية البحث : يفترض البحث وجود علاقة سببية واضحة وقوية بين ارتفاع معدلات الجريمة في الشوارع التجارية في بغداد وبين مشاكلها التخطيطية والعمرانية والتي تولد خللا واضحا في بيئتها الحضرية .                
منهجية البحث : تتضمن منهجية البحث اعتماد المنهج الوصفي والسببي في كشف وتحديد العلاقة بين معدلات الأجرام ومتغيرات التنظيم الحضري في الشوارع التجارية .
هيكل البحث : لقد جاء البحث في فصلين اثنين :-
حيث تناول الفصل الأول : الارتباط السببي بين الجريمة وطبيعة البيئة الحضرية للشوارع التجارية مبينا إن هناك أنواع من التعبيرات الفضائية والتكوينات الفراغية والمخططات والتصاميم المعمارية . والتي تشكل البيئة الحضرية للشوارع التجارية , من شانها ان تحفز نشاطات المجرمين وتغريهم باقتحامها .
وتناول الفصل الثاني : المشاكل التخطيطية والتصميمية لشوارع بغداد التجارية وأثرها في زيادة معدلات الجريمة . متناولا تحليل المشاكل الحضرية لتلك الشوارع .
وقد خلص البحث الى جملة من الاستنتاجات والتوصيات التي انتهى اليها البحث

الفصل الاول
الارتباط السببي بين الجريمة وطبيعة البيئة الحضرية للشوارع التجارية

التمهيد :
ان الامتداد العمراني في المدينة من عدمه يعبر عن الاشكال بعلاقات مكانية من ارض المدينة ويأتي الاستعمال التجاري جانباً مهماً من استعمالات الأرض فيها , اذ تتداخل مضامينه العمرانية والاجتماعية والاقتصادية والسلوكية مع بعضها لإبراز النسق العام للعلاقات الحيوية في هذا التنظيم المكاني . لقد وصفت المدينة لمدة طويلة على إنها نظام اجتماعي واقتصادي أو بمفهوم سياسي انعكس تأثيره على تفاعلات الأفراد والمؤسسات والأنشطة وما ظهر من استعمالات الارض فيها وهندسة عمارتها . وعليه فان البحوث حول البيئة الحضرية ركزت على أهمية وجود التوافق بين جانبين أساسيين وهما الشكل العمراني للشوارع التجارية ليست مجرد تراكيب معمارية تؤدي وظائف إنسانية وجمالية فحسب بل يمكن ان تخلق:-
1- بيئة اجتماعية كفوءة يكون سلوك الانسان فيها سويا .
2- بيئة اجتماعية غير كفوءة تظهر فيها العزلة والتفكك الاجتماعي المقترن بظهور الامراض الاجتماعية والتوترات في الانساق البيئية .

مفاهيم في الجريمة :
تعريف الجريمة :-
وردت تعاريف عدة حاولت ايضاح مفهوم الجريمة بوصفها ظاهرة ارتبط ظهورها بالانسان وعناصر تمدنه .
فمن الناحية القانونية عرفت (( بأنها كل فعل وامتناع عن فعل صادر عن الانسان يقرر القانون له عقاباً جنائياً )) كما عرفت بأنها كل امر يحضره الشارع عن طريق العقاب الجنائي اذا لم يقع استغلالاً لحق بأداء الواجب. (1)
الجريمة الحضرية :-
وهي جرائم الحضر وترتفع نسبتها في المدن بنسبة كبيرة نتيجة لازيادة التحضر السريع , ومما يساعد في نشوء الجريمة الحضرية في المدن هو عدم التزام المخططات الاساسية بالجانب الامني كثيرا (2)
في حين يعرفها شيميد ( Schemed) بأنها تلك الجرائم التي تكون انتقائية المكان في حدوثها وتفضل في انتقائها المدن والمناطق الحضرية والصناعية نتيجة لوجود عوامل تجتذبها اكثرها ناتج من عمليات التغيير الحضاري والعمراني الذي يصاحبه تغيير اقتصادي واجتماعي وهذا ما تشهده اغلب المدن الامريكية والغربية نتيجة لعمليات التحضر والتطور الثقافي والتكنولوجي. (3)

التصاميم والمخططات الحضرية والعمرانية في المدنية واثرها على العلاقات الاجتماعية بين افراد المجتمع :-
ان الطابع المعماري للموقع أو الشارع التجاري أو ما يسمى بالطراز أو النسق المعماري , ما هو الا نتيجة طبيعية لعدة عوامل مشتركة ومتفاعلة مع بعضها , مصهورة في بودقة الانتفاع الكامل من المبنى , واساليب البناء , ومواد الانشاء , وطبيعة الاقاليم أو المنطقة , ثم العادات والتقاليد , فضلا عن العوامل الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والروحية .
ـ النظرية الاولى : تدعو الى ان شكل المدينة العربية ونسيجها هو العنصر الاساس , وان المحافظة عليه هو جزء من استمرارية المحافظة على اصالة المدينة العربية غير ان هذه النظرية ليست عملية , حيث ان العوامل الاساسية المكونه لمجتمع المدينة العربية ومتطلباته هي في تغيير مستمر وعليه فان طبيعة تكوين المدينة يتبع ذلك التغيير وبالتالي فان شكلها ونسيجها يكون غير ثابت مع مرور الزمن .
ـ النظرية الثانية : تنظر الى المدينة العربية على إنها تفاعل مستمر بين حياة الانسان ومتطلباته والمحتوى الثقافي للمجتمع العربي , فان شكل المدينة النسيجي الحضري مرتبط بصورة اساسية مع المحتوى الثقافي للمجتمع فأي عملية تغيير أو تطور ثقافي تؤدي الى حدوث عملية تغيير في طبيعة شكل المدينة ولهذا فان عملية تطور أي جزء من المدنية يكون بالضرورة تابع من سلسلة من التغيرات في المحتوى الثقافي للمجتمع العربي , وبذلك تكون هذه النظرية اشمل واعم من الاولى (4) .
فالنسيج الحضري للمدينة يعكس نوعية العلاقات الاجتماعية بين افراد المجتمع فنجد الاختلافات واضحة بين منطقة واخرى ففي المناطق التقليدية تسود علاقات قوية بين افراد المجتمع وتقل نسبة الجريمة فيها , بينما نجد في المناطق الحديثة تضعف العلاقات بين افراد المجتمع وتزداد نسبة الجريمة (5).
والشارع التجاري في بغداد كأمثاله في مدن العالم يعاني من زيادة مطردة في معدلات حدوث الجريمة نتيجة للنمو العمراني والسكاني الكبير , والتغير المستمر في هيكلة الفضاءات العمرانية فيه وما رافقه من عوامل متنوعة أدت الى زيادة هذه المعدلات وزيادة كلف مكافحتها .

العوامل التخطيطية والجريمة
ان البيئة محلية كانت ام لا , تؤثر مباشرة على السلوك الانساني اذا يمكنها توفير الكثير من العوامل التي قد تهيئ المناخ لتزايد مختلف انواع الجرائم , فالجناة لا يقدمون على ارتكاب افعالهم الا بعد وضع الخطة اللازمة وفي صور المعلومات التي يحصلون عليها من اعوانهم أو بأنفسهم عن اماكن الجريمة ونوعية الابنية من الداخل والخارج أو الفضاءات العامة التي يرومون ارتكاب افعالهم الجريمة فيها , ودراسة موقعها والطرق التي يمكن الهرب منها بعد ارتكاب الجريمة , وكذلك دراسة وضعية الابواب والشبابيك والمنافذ والممرات وعدد الاشخاص الذين يحتاجونهم لارتكاب الجريمة , ومحل تواجد ووقت مغادرتهم وتواجدهم فيها وغير ذلك من المعلومات التي تسهل ارتكاب الجريمة(6) .
ومن هذا يستدل على ان الجناة لايقومون بارتكاب جرائمهم الا بعد مشاهدات ميدانية ووضع خطط لتنفيذها ويحصلون على هذه المعلومات اما بأنفسهم أو بواسطة اعوانهم .
ويستخدم الجناة الابنية والمساحات الفارغة من الموقع أو الشارع كبؤر رصد وانطلاق واختفاء عند الحاجة وفي بعض الاحيان تصبح اماكن تجمع المجرمين (7) .
وهنا تتضح العلاقة بين الاحداث الجرمية وتخطيط المناطق الحضرية في المدينة ومنها الشوارع التجارية فالتخطيط العشوائي غير المدروس يعمل على ظهور بؤر استقطاب يستفيد منها المجرم ويستغلها بعملياته الاجرامية ولا يستثنى من ذلك التصاميم والمخططات الحديثة للمدن التى توضع بشكل لا تتحقق معه البيئة الاجتماعية الملائمة للساكنين .
ان مدننا اليوم تقدم لنا صوراً لمساهمات كبيرة موضوعة من صنفي التصميم الحضري , التصميم الواعي self conscious design   والتصميم غير الواعي un- self conscious desigh  ولكل منهما تأثير على البيئة الحضرية (8).

مفهوم الشارع التجاري كفضاء حضري :-
يعتبر الشارع التجاري في المدينة واحداً من اهم الفضاءات الحضرية التي تكون تلك المدينة . نظراً الى انه تغير مكاناً يقصده عدد كبير من الناس على اختلافهم واختلاف مقاصدهم فمنهم من يقصده لغرض التسوق ومنهم من يقصده لغرض الترفيه ومنهم من يقصده لاجل المرور فقط ... الــخ .
لقد تكون الفضاء تاريخيا عبر مراحل : هي مرحلة الوجدانية ثم الانتماء فالحماية والمأوى ولكل فضاء سمات ترتبط بالاحساس الذي يتركه  في النفس البشرية , ومدى ارتباط ذلك بالمقياس الانساني , فقد يكون الفضاء ضيقاً يعطي الاحساس بالضيق والانعزالية والخصوصية والامان وقد يكون طبيعياً يمتاز بالسكينة والهدوء . وقد يكون متسعاً بحيث يعطي الاحساس بالضياع أو الانطلاق والفخامة , وقد يكون الفضاء من ناحية الشكل مقفلاً أو شبة مقفل , منتظماً أو غير منتظم , متموجاً أو مستقيماً , أو متكسراً . (9)
والفضاء يعد خاوياً لولا وجود الانسان الذي يلعب فيه دوراً اساسياً ويضفي اليه معالم الحيوية لذلك فلا بد من التعامل مع الفضاء على اساس علاقته بالانسان ومدى تفاعل الانسان مع بيئته من خلال التكوينات الفضائية سوءاً على مستوى المبنى أو مجموعة من المباني أو في اطار المدنية ككل فهو يمثل احدى البنى التي تعبر عن وجودنا في العالم (10) .
والفضاء الحضري بالمفهوم العام هو انتاج علاقات الكتل في الفراغ ويعتمد شكل الفضاء وحجمه وتأثيراته البصرية والنفسية على طبيعة المباني المحيطة وان وضوح الخصائص الهندسية والجمالية للتكوين الفضائي تساعد الانسان على استيعابه واستساغته (11) .
والفضاء الحضري ومنه الشارع التجاري يمثل مكاناً لاجتماع الناس , لذا فهو ليس ضيراً مادياً يشغل مكاناً في المدنية فحسب , بل انه يحمل معان تعبيريه روحيه وطبيعيه واقتصادية على درجة كبيرة من الاهمية حيث يستوعب الفضاء الحضري طيفاً من الفعاليات الانسانية التي يمثل واقع حال الحياة اليومية للافراد مثل النقل والتسويق والترفيه , وغيرها من الفعاليات الاجتماعية المختلفة ولهذا كله تأثير كبير على طبيعة سلوك الانسان عند وجوده في هذا الفضاء الحضري أو الشارع التجاري ومن هذا السلوك هو السلوك الاجرامي حيث يمثل هذا النوع والاختلاط من الفعاليات فيما اذا كان غير مدروس دافعاً للسلوك الاجرامي خاصة وانه يمثل فضاءا عاما لمختلف انواع الناس .
ويمثل التصميم الحضري جزءاً مهما وخطوة متقدمة في عملية التخطيط الحضري , فهو يتعامل مع البعد الثالث لتكوين الكتل والفضاءات بهدف تحديد الهوية المكانية ورسم ملامح الشخصية للفضاء الحضري (12)
حيث يتعامل التصميم مع مختلف مستويات التنظيم الفضائي من مستوى علاقة الكتلة بالفضاء وتصميم المكان الى مستوى العلاقات الفضائية وترابطات الفضاءات الحركية والمستقرة , وتشكيل الفضاءات العامة والخاصة .
ولما لخصائص الفضاء من اهمية في تعريف هويته ورسم ملامحه ومدى استدعائه للاحداث الجرمية أو درئها فمن المفيد التطرق الى المفردات التي تسهم في رسم الفضاء بسماته المميزة.

الخصائص الاساسية للشارع التجاري ( كفضاء ) :-
المقياس :- وهو تنظيم العلاقة بين حجم الفضاء ( عرض الشارع وارتفاع الابنية ) مع حجم الانسان وعلى اساس المقياس تتحدد قدرة المشاهد الاستيعابية والادراكية للصورة الحضرية , والمقياس هو من اساسيات تكوين الاحساس بالمكان . (13)
تبعث العلاقة بين الحاوي ( الفضاء ) , والمحتوى ( الانسان واحساسيه ) على الشعور بالضيق أو الامان والطمأنينة , التسلط أو التواضع والانتماء أو النفور . (14)
التناسب:- يمثل العلاقة بين ابعاد الفضاء الحضري أو الشارع الافقية والعمودية , والعلاقة بين الاجزاء والكل الذي يحتويها وتنتج العلاقات بين الابعاد معاني يفترض ان تصل الى الانسان أو يحتسبها وترمز هذه العلاقات الى الابعاد الانسانية في تناسبها المتوازن . (15)
الانغلاقية :- ان الفعل الاساسي للعمارة هو الاحاطة والانغلاق بوجه البيئة الخارجية . (16) وتعني الانغلاقية درجة الاحاطة الفيزياوية للشارع والمحدد له كالجدران أو الحواجز , والحواجز الرمزية التي توفر تداخلاً بصرياً من الداخل والخارج .

تحديد الهوية المكانية للشارع التجاري :-
لم تعد الخصائص الفيزيائية للشكل كالمقياس والتناسب والتوازن واللون والوحدة والتجانس بمفردها قادرة على حل مشاكل التوجية ضمن البيئة الحضرية المعاصرة نتيجة لاتساع حجم المشكلة التصميمية وكثرة المشتركين بها من المصممين أو مستعملين من سكان المدينة (17).
وان عملية تحليل الصورة الذهنية تتم من خلال ثلاثة عوامل اساسية وهي :- تعريف الانسان الهوية البيئية والهيكل أو النسيج والمعنى الكامن وراء العناصر المادية وحددت دراسة اخرى عناصر البيئة الفيزياوية التي توثر في السلوك ثلاثة عناصر هي : الحدود ومناطق التجمع والعناصر المعبره والهوية احد اساسيات تعريف المكان . ويتكامل تحديد الهوية المكانية من خلال تعريف الانسان لحدوده ( الفضائية – الوجودية ) في الوسط الذي يكون فيه فاذا كان الانسان يمتلك قيماً متباينة للاماكن التي تكون عامة وخاصة تنعكس في سلوكياته ومواقفه فلا بد ان يعكس المكان بخصائصه التصميمية هذه القيم .

علاقة الجريمة بسمات البيئة الحضرية للشوارع التجارية في المدينة
ان البيئة الحضرية هي المحدد الاساسي للسلوك من ناحية اجبار البيئة الاجتماعية على نوع من السلوك وهذا ياتي ضمن الحتميه البيئية لما لها من علاقة مباشرة بمتغيرات التنظيم المكاني للبيئة التجارية فالنظرة التقليدية تعتقد ان تغيير شكل المباني في الشوارع التجارية في المدن سيؤدي الى تغيير رئيسي في سلوك الانسان وزيادة أو نقص التفاعل الاجتماعي ومن ثم ظهور الامراض الاجتماعية التي تتصدرها الجريمة لقد حصلت في المدينة المعاصرة تغيرات كبيرة في شكلها العمراني وخاصة في شوارعها التجارية بفعل ظاهرة الهجرة وما رافقها من الطلب المتزايد على الخدمات وفرص العمل . مما ادى الى ظهور التوترات الفردية والجماعية وتعقد العلاقات الاجتماعية ومقدار السيطرة السكانية ونتيجة لضعف الروابط الاجتماعية بين الناس وظروف السكن المزدحم اصبح من الصعب تمييز الغرباء ومعرفة المنحرفين لانهم يجهلون بعضهم الاخر (18).
ويشير ( Meclinto & Avison ) الى تأثير التطور العمراني ومظاهر التحضر في اطراد معدلات الجريمة الحضرية الى ست مدن انكليزية شهدت تطورا عمرانيا تمثل باعادة تطبيق (Zoning) استعمالات الارض وتغيير قوانين البناء .
ان النظام الفضائي في الشوارع التجارية له دور كبير في رسم التشكيل الكتلي لتلك المجمعات في المدن فالنسق الفضائي للمكان كصورة منعكسة في الحيز الجغرافي للنسق الاجتماعي، والبيئة العمرانية هي مجال للتفاعل الاجماعي والتصميم الجيد مرغوب دائماً(19).
وفي ضوء هذا التوجه حدد ( Osomand ) نوعين من الفضاءات بحسب التفاعل الاجتماعي والامان فيها والتي يمكن ان نراها في الشوارع التجارية :-
1- الفضاءات الجاذبة ( socio-petal-spaces) وهي فضاءات جامعة اجتماعية والتي يشجع هيكلها على التفاعل الاجتماعي الايجابي مكونه بيئات اجتماعية كفوءة ويعبر عنها بالفضاءات الموجبه وتولد الشعور بالامان لمستعمليها وتزيد من فرص الكبح الاجتماعي .
2- الفضاءات الطاردة ( sciofuqal spaces ) وهي فضاءات طاردة اجتماعية لا يشجع هيكلها على التفاعل الايجابي وينتج من عزل وفصل الاشخاص بعضهم عن بعض مكونه بيئات اجتماعية غير كفوءة ويعبر عنها بالفضاءات السالبة , والتي غالباً ما تكون مكاناُ لجذب المجرمين وسبباً في توليد الرعب والخوف من الجريمة لدى مستعمليها وتقليل من فرص السيطرة .

الشوارع التجارية من المناطق الجاذبة للجريمة في المدينة ( مناطق الفرصة):-
ان المناطق الجاذبة للجريمة هي مناطق حدوث وارتكاب الجريمة والجاذبة للمجرمين والجانيين بما توفره وتهيئه من فرص مغرية وسهلة لارتكاب الجريمة (20) .
وتعتبر الشوارع التجارية من اولى المناطق الحضرية التي توفر هذه الفرصة المغرية لارتكاب الجريمة فقد ميز حسن الساعاتي في دراسة مدينة القاهرة بين مناطق توليد المجرمين وهي المناطق المتخلفة في المدينة وبين مناطق الجذب وتمثل مناطق التسوق التي توفر عوامل الفرصة المغرية لارتكاب نشاطات الجريمة من خلال حالة الخلط في استعمالات الارض وصعوبة الرؤية وتتميز بتواجد المنحرفين بعدها اماكن عامة شديدة الازدحام والتي اصابها مظاهر التحضر السريع (21) , كذلك اشار ( Schmid) في تعريف منطقة الجريمة ( ان من المهم ليس معرفة اين يسكن المجرم بل كذلك اين يرتكب الجريمة وهناك حالة توافق فيها سكن المجرم مع حدوث الجريمة . (22)
لذا فمن الواضح ان هناك مجال مهم للتحليل المكاني والفضائي للبيئة الحضرية المعاصرة المهيأة لارتكاب الجريمة من خلال ما توفره من فرص على المستوى التخطيطي تمكن المجرم من النفوذية وسهولة الوصول الى هدفه دون وجود حواجز فيزيائية أو رمزية أو سيطرة اجتماعية ومراقبة بصرية . تنجذب الجريمة الحضرية الـى بيئات معينة دون الأخرى كما اشار اليها ( Greenbery) و (Jeffery) مما يدل على وجود فرص سهلة لارتكابها في موقع معين لايوفرها الموقع الاخر للمجرم اهدافاً مرشحة ويسيرة الاقتحام .
ان هناك فرص متباينة ( Different opportunity) تبعث انواعا متباينة من السلوك المكاني الخاص بالجريمة فالمناطق التجارية توفر فرصاً لجرائم السرقة والاقتحام اكثر من غيرها من المناطق , وهناك مناطق تتميز بوجود مناطق عامة أو غير مشغولة توفر فرصاً لارتكاب جرائم التخريب والاحراق . ومن هنا يعد التخطيط المكاني للجريمة امراً مهما في تفسير سبب ارتفاع معدلات الجريمة في منطقة دون الأخرى وان التحليل المكاني يشير الى وجود مجموعة من الفرص التخطيطة التي تمثل اهدافاً مغرية لوقوع الجريمة يمكن توفرها في الشوارع التجارية دون غيرها من المناطق الحضرية في المدينة .

الشوارع التجارية وتوفير بيئه التعرض للجرمية الحضرية :-
ميز التحليل المكاني لاسهامات الجغرافية مجالين مهمين لانماط الجريمة في الشوارع التجارية:-
اولا: المجال العمراني ويشمل الخصائص المادية للبيئة الحضرية للشارع التجاري كخصائص التصميم الحضري والمعماري للشارع , النفاذية وسهولة الوصول , درجة السيطرة الحيزية , والمراقبة البصرية على الفضاءات .
ثانيا : المجال السلوكي : الذي اهتم بالخصائص السلوكية لبيئات الجريمة من خلال اثارة عدد من الاسئلة :
- كم هي المسافة التي يقطعها المجرم لارتكاب الجريمة ؟
- ما هي المسارات التي يتبعها المجرم ؟
- كيف يتصور المجرم بيئة الفرصة ؟
- كيف يتصور الضحايا مخاطر بيئاتهم ورد الفعل تجاهها ؟ (23)
ان العناصر الاساسية للبيئة الحضرية ( المكانية والعمرانية ) للشوارع التجارية لم تعد ملائمة لبيئة ملائمة وامنة ولكنها اصبحت مصنع لحدوث فرصة الجريمة .
ويشير ( الحبوبي) انه ربما غير معروف للبعض ان البيئة العمرانية وكل عناصرها تملك قدرة او سمة ليس فقط في تحديد النشاطات الاجرامية بل كذلك في الحد والفصل ما بين الخلاء (الغرباء) وشاغلي المكان فالبيئة العمرانية يمكن ان تقدم فرصاً ( opportunity) مميزه لحدوث الجريمة من خلال الفضاء والمكان والزمان . ان العناصر الاساسية للبيئة العمرانية ربما تكون سبباً في ان يصبح عدد من السكان ضحايا ( vicimm) وعدد اخر مسيئين (offenders(24).
ومما سبق يمكن القول ان ظاهرة بيئة الجريمة في الشارع التجاري تتواجد حيث تتوافر الفرص المكانية والعمرانية والعوامل الأخرى المحفزة على ارتكاب الفعل الاجرامي .

الدراسات التي اشارت الى عوامل الفرصة التخطيطية لحدوث الجريمة في الشوارع التجارية:-
ان التصميم ضد الجريمة اصبح من اهم مسؤوليات الدوائر التخطيطية  والهندسية , وان أي فهم لظاهرة الجريمة يجب ان يتناول مورفولوجية البيئة الحضرية ومستوى التفاعل الاجتماعي ضمن التنظيمات المكانية للبيئة المدنية , وانماط التصميم يجب ان تقترن بأنماط الحياة الاجتماعية وتوزيع السلوك . (25)
ولتوضيح الترابط بين العوامل المكانية والاجتماعية والعمرانية ومنطقة الجريمة وللتواصل الى دور هذه العوامل في زيادة معدلات الجريمة في الشوارع التجارية باعتبارها الاجزاء المهمة في المدنية , سيجري لاحقا التطرق الى اهم الدراسات الحضرية التي اعتمدت منهجية عوامل الفرصة التخطيطية في حدوث الجريمة .
 دراسة ( Greenberg,1978) :-
ان من اهم نتائج التحليل التي توصلت اليها هذه الدراسات استخلاصها لـ ( مناطق الفرصة ) (opportunity Areas) وقد وجدت الدراسة ان اهم المتغيرات المرتبطة بتلك البيئات والمناطق هي :-
1- ان حصة الملكية السكنية كانت كبيرة في المحلات الواطئة الجريمة .
2- مواقع الرصد الاجرامي كثيرة في المحلات العالية الجريمة والمتمثلة للاراضي الشاغرة والابنية المتعددة وذوات الارتفاعات العالية.
3- احتوت المحلات السكنية العالية الجريمة على اكثر من شارع رئيسي نافذ .
4- تمثلت استعمالات الارض في المحلات السكنية الواطئة الجريمة الاستعمال السكني المتجانس فقط اما المحلات السكنية العالية الجريمة فقد كانت استعمالات الارض فيها مختلطة.
5- تضمنت مجاورات المحلات السكنية العالية الجريمة : استعمالات تجارية وصناعية وادارية وخدمات قطاعية وطرق وشوارع رئيسية نافذه .
6- كان لعامل التباين المكاني السكني تأثير مباشر في تعريض المناطق ذات المستوى النطاقي الاجتماعي والاقتصادي العالي الى خطر التعرض بسبب مجاورته لبيئات فقيرة ومحرومة وهذا يتمثل في الشوارع التجارية التي تحولت من سكني الى تجاري في بغداد والتي اصبحت تحجز ورائها محلات سكنية فقيرة ومتهرئه مما سبب زيادة في معدلات الجريمة في هذا المناطق. (26)


دراسة (Waller & Okihiro,1979)

لقد اعتمد الباحثان اسلوب التحليل المكاني المقارن في تشخيص اهم المتغيرات المؤثره في بيئة فرصة الجريمة وتواجد المجرمين في اقليم Toronto  الكندي .
وقد كشفت نتائج التحليل الاولى عن ظهور ثمان مؤثرات ( عوامل ) تمثلت بالعوامل الاتية:-
- العامل الاول : ( نسب تغطية بنائية عالية , مواقف خاصة بالسيارات معدل عدد الطوابق مساحات الفضاءات واشكالها )
- العامل الثاني : نسب الابنية المتعددة الاشغال , أطوال الشوارع الرئيسية , مساحات الاسواق التجارية , موقع العمل , مسافة الرحلة الى العمل , عدم الخروج ليلاً , الشعور بالخوف من الجريمة ) وقد ارتبط هذا العامل بالمناطق السكنية القريبة من المتاجر في المدينة المتعرضة للسرقة المتكرره .
- العامل الثالث : ( معدل الكثافة البنائية , الكثافة السكانية لكل ايكر , نسبة المخارج الى مجموع الابنية , السرقة في محطات النقل العام المسافة عن مركز القطاع , النمط السكاني) (27) 
من خلال هاتين الدراستين تبين ان الشوارع التجارية تعتبر من الفضاءات الحضرية المهمة في المدينة التي توفر عوامل الفرصة الملائمة للقيام بالجريمة سوءا فيها ام في المناطق السكنية القريبة منها .
لذا يمكن القول ان الجريمة هي ظاهرة مكانية ترتبط بالنمط والتنظيم المكاني لاستعمالات الارض الحضرية في المدينة التي تمثل الظروف المكانية المؤثرة في عامل وقوع الجريمة لذلك فان خصائص البيئة الحضرية للمدينة تعد مؤشرا مهما لانماط  ومعدلات الجريمة وتوزيع المجرمين ضمن البعد المكاني لموقع ارتكاب الجريمة . (28)

عوامل الفرصة التخطيطية لحدوث الجريمة في الشوارع التجارية
تتباين عوامل الفرصة من مدينة الى اخرى اعتماداً على طبيعة الانماط التخطيطية ( المكانية والعمرانية ) والنظم البيئية الخاصة بها (29)
وحديثاً فان هناك العديد من الباحثين جادلوا بان اشكال الفرصة المناسبة (opportunity aspects) في المناطق الحضرية هي اهم تفسير الاختلافات في نسب حدوث الجرائم في الشوارع التجارية اذا ما قورنت باشكال التنظيم الاجتماعي ( social organization aspects) ان الاشكال الفيزيائية للبيئة الحضرية الجديدة تشجع المجرمين في الحاق الضرر والاذى بالمجتمع (30).
ويشير (Mayhew) الى ان عوامل الفرص التخطيطية هي خليط من العوامل المناخية والعمرانية للشارع التجاري والمؤثرة على نسب ومعدلات الجريمة الحضرية من جهة ومن طبيعية التفاعل الاجتماعي بين السكان من جهة اخرى ويتألف كل عامل من مجموعة متغيرات ضمنية تعمل مجتمعة أو منفردة في تكوين فرصة الجريمة .

عوامل الفرصة العمرانية :-
ترتبط هذه العوامل بالقوانين والمحددات البنائية والتخطيطية للشارع التجاري والتي ترسم ملامح الشكل الحضري والكتلي للموقع وتؤثر هذه العوامل على الادراك الذهني للمستخدم والمجرم على حد سواء . ان هناك مجموعة من العوامل العمرانية المشتركة يمكن ان تكون بيئات جيدة أو وسيلة  للحد منها (31) وتتمثل في :-

الشكل العمراني (physical for) :-
ان الشكل العمراني يمثل احدى العوامل التي تتيح الفرصة لوقوع الجريمة أو منعها من خلال مجموعة من العناصر : المظهر المعماري للمبنى / اشكال وابعاد وتوجية الفتحات باتجاه الفضاءات المجاورة أو الشوارع علاقة المبنى بالشارع , ارتفاع المباني , مخططات المبانى , المسافة بين الابنية , مواقف السيارات , وان السارق يمكن ان يستفيد من تلك العناصر ويستخدمها كأماكن اختباء دون وجود مراقبة تذكر (32)
فالمسافة بين الابنية تحدد زاوية المراقبة البصرية الطبيعية اذ انه كلما كانت الزاوية كبيرة كلما سمحت بمراقبة اكبر كما ان مخطط المبنى يحدد درجة المراقبة.
اما ارتفاعات الابنية فيمكن ان تقسم الى ثلاثة انواع وفقا لعلاقتها بمعدل الجريمة وهي :-
أ- المباني ذات الارتفاع العالي : وهي عبارة عن ابنية تتكون من اربعة طوابق أو اكثر تستخدم لعدة اغراض فقد تكون سكنية أو تجارية في ان واحد وتتعرض تلك المباني الى عدد كبير من جرائم الاقتحام والسرقات وتكون درجة المراقبة البصرية ضعيفة .
ب- المباني المنخفضة الارتفاع : وتضم بشكل رئيسي صف من المباني الواطئة واغلبها لها مداخل خاصة حيث تسهل من عملية المراقبة الذاتية من قبل شاغليها وان نسبة وقوع الجرائم فيها اقل من النوع الاول .
ت- المباني المعقدة : وهي المباني التي تم بناءوها حديثاً حيث تقدم عدة استخدامات وفقاً الى انواعها مثل المستودعات والفنادق والمكتبات والسينمات وان بعض منها يتبنى التصاميم الموجهة الداخلة المفصولة عن العالم الخارجي بينما تتبنى الأخرى التصاميم الموجهة الخارجية ذات العلاقة المترابطة مع المحيط الخارجي .
وان النوع الاول من التصاميم يتعرض الى معدلات الجريمة اعلى من النوع الثاني (33)

منظومة الحركة الحضرية (Circulation system)
فيما يخص فضاء الطريق فانه فضاء عام يجب النظر اليه ومعالجته بعده فضاءاً ذا كيان مستقل مفعم بالحياة وذا تركيب ثلاثي الابعاد وليس مجرد مساحات خالية تحيط بمختلف المباني , كما إنها ليست وسائل للوصول الى مكان معين فحسب بل فضاءات للتفاعل الاجتماعي واظهار اشكال السيطرة على البيئة الحضرية اذ تشير اغلب الدراسات الامريكية التي عالجت مسالة الجريمة الحضرية الى ان اول مكان تظهر فيه ظاهرة الجريمة هي منظومة الحركة في المدينة واغلب هذه الجرائم هي جرائم العنف الشخصي (violent crimes) وجرائم سرقة المركبات (motor vehicle theft ) ان سكان المدن الامريكية من اغلب المناطق الحضرية يمتنعون عن التجوال في الشوارع أو مماشي السابلة ليلا خوفاً من التصرف الاستضحاء الاجرامي . (34)
وتصنف الشوارع ضمن المناطق الحضرية تصنيفاً هرمياً بحسب سرعتها التصميمية ودرجة استيعاب حجوم المرور , ومستوى الخصوصية والامان للمناطق التي تخدمها ويمكن تقسيم مستويات التصنيف الى مايلى(35) :-
1- الطرق السريعة  Express ways
2- الطرق الشريانية والرئيسية Arterial and Main Roads
3- الطرق التجميعية Collector Roads
4- الطرق المحلية Local Roads
وكل نوع من تلك الشوارع يخدم المنحرفين والمجرمين وبنسب متفاوته ولكي تكون الصورة اكثر وضوحاً عما يمكن ان توفره منظومة الحركة من فرص لارتكاب الجريمة .

الانارة Lighting ) :-
وهناك كثرة من المقالات والتقارير التي تدعى ان انارة الشوارع تقلل نسب الجريمة الحضرية على اية حال تعتمد الدلائل الداعمة لهذه الادعاءات على اراء غير مختبرة من قبل المخططين الحضريين أو اداريو ادارة البيئة , فضلا عن ذلك قدمت هذه الاراء بدون الاشارة الى الدراسات الموجودة أو مصادر البيانات هذا من جهة , ومن جهة اخرى في معظم كتب الجريمة من خلال تصاميم البيئة تتوفر تفاصيل قليلة جدا حول الانارة ويعترف مصممو المدن الامريكية فقط بحقيقة ان الانارة لها تأثير في الجريمة وهي احد العناصر الكثيرة التي تأخذ بالحسبان في منع الجريمة(36)ومن جانب اخر فقد اظهرت بعض الدراسات ان بالامكان تمييز مناطق جانحة (Delinquency Areas) .
تحدث فيها الجريمة بنسب عالية لاسباب تعود الى قلة الاضاءة وفي هذه الدراسات كانت مناطق التأثير المستقصاة , ( الشوارع , الطرق الضيقة , مناطق ايقاف المركبات , المتنزهات والحدائق العامة , الاستثمارات التجارية ) وفضلا عن فائدة الانارة من الناحية الامنية فان لها فوائد كثيرة على حركة المرور الليلي وفوائدها النفسية والمهمة على نشاط الفرد ليلاً(37).

قابلية الاشراف البصري (Survivability ) :-
ان آلية المراقبة البصرية الطبيعية من آليات عمل الفضاء المدافع عنه , وهدف تصميمي اشارت اليه معظم طروحات التصميم الحضري ( الفضائية والمكانية ) .
لقد اشار كل من (John & Jeam) الى ان مقياس درجة الاشراف البصري معتمد على عدد المنافذ الموجودة والمطلة على الفضاءات والشوارع سواء اكان على شكل نوافذ زجاجية أو فتحات اخرى تحقق نفس الغرض والمسافات الفضائية بين الابنية بعدها مسافات قليلة للتوقيع والتصميم العمراني تحدد درجة المشاهدة للعين البشرية وبالتالي امكانية الرؤيا الواضحة على اساس ان اهم وسائل كشف الجريمة ورصدها هم ( الشهود ) اذ يشير التقرير الى ان مسافة ( 120م) توفر قابلية مراقبة بصرية صعبة لا يمكن التمييز فيها غير رؤية شبح الانسان مع وجود انارة جيدة وعلى مسافة (24م) يمكن معرفة الشخص وتمييزه عن المستخدم وفي (14م) يمكن رؤية الوجه بوضوح وتمييز ملامحة وفي هذا البعد يستطيع المستخدمون التعرف على المجرمين وتحديد هويتهم وبمسافة (1-3م) تكون هناك علاقة مباشرة بالشخص وتمثل هذه المسافة الحيز الفضائي للساكن الذي لايمكن اختراقه الا بموافقته / وان مسافة 15-30م يمكن عدها مسافة نموذجية للفضاءات الحضرية وتمثل هذه المسافة مقياس انساني مناسب علما ان اوقات الرؤيا المحسوبة كانت ضمن مدة المساء مع درجة انارة جيدة (38) .
وخلاصة القول ان قابلية المراقبة البصرية عامل مهم يرتبط مع جميع عوامل الفرص العمرانية والمكانية ولا يمكن ان يعمل كآلية تصميمية لحماية الفضاء من الجريمة الا اذا كان انموذج التنظيم المكاني والفضائي للمنطقة اخذاً بنظر الاعتبار هذا المتغير كوسيلة عمرانية للحد من فرصة الجريمة .

المسافة المتناقصة وسهولة الوصول Distance Decay& Accessibility
ان هذا العامل يعد مؤشراً مهماً في تفسير احداث الاجرام المتكررة في مكان دون الاخر وبصورة عامة يتضمن هذا العامل متغيرين هامين ومترابطين وظيفتهما قيمة الهدف في ضوء المسافة عن سكن الجرم وطرق الوصول , ان العلاقة بين الجريمة والمسافة اتجاه جديد ظهر في بحوث الاجرام كحالة مماثلة الى الرحلة الى العمل والرحلة الى الجريمة اذ وجد ان اقصر المسافات للجريمة سبباً مهماً لارتكاب جرائم السطو (39) .

انعدام التجانس بين استعمالات الارض في الشوارع التجارية واثره في زيادة معدل الجريمة
اشارت معظم الدراسات الايكولوجية والحضرية الى ان استعمالات الارض تولد الجريمة وبأسلوب مماثل للطريقة التي تولد فيها الحركات المرورية والاشارة الى الحركات المرورية هنا بما معناه الحركة المتعاظمة لاغراض الاستخدام العملي للابنية والفضاءات الحضرية كما في الاستعمال التجاري الذي يتضمن وجود دوائر ومخازن تولد الحركات المرورية ( الالية , السابلة ) وتقدم الخدمات وتولد الجريمة بنفس الطريقة التي تولد فيها تلك الحركات وتقدم اهدافاً مغرية تجعل من الجريمة فعلاً مخططاً نسبياً مثل جرائم السرقة والاقتحام التجاري وغالباً ما ترتبط جرائم ( السلب , السطو , الاقتحام والرقة ) بالاستعمالات التجارية وتقاس الانماط المكانية للجرائم نسبة الى استعمالات الارض بحسب المعادلة الاتية :-
عدد الجرائم / 1000م2 لكل استعمال . (40)
اذ يشير Al-Haboubi من خلال دراسة متخصصة لعلاقة ثلاثة انواع من الجرائم الحضرية بانماط استعمالات الارض في منطقة معينة . ومن خلال اجراء المسوحات الميدانية وتحليل تقارير الشرطة المحلية لتلك المنطقة معينة وبالاستعانة بخرائط التوزيع المكاني لمواقع الجريمة وحالات تكرارها لكل 2km من كل استعمال الى :-
1- ان جرائم السلب Robbery السطو والاقتحام Breoking &entering السرقة Auto Theftترتبط ارتباطاً وثيقاً بما هو موجود من مباني وعقارات كما ابرزها التحليل الكمي .
2- ان اعلى نسبة من الجرائم تحدث في الاستعمال التجاري والمواقع السكنية الواطئة الارتفاع والقريبة من المواقع التجارية .
3- هناك تفسير لارتفاع معدلات الجريمة في المساحات القريبة من المناطق التجارية للاسباب الاتية :-
- ان سلسلة الاهداف التجارية الموجودة على طول تلك الشوارع توفر مداخل سهلة Easy Access لسرقة الدور السكنية الواطئة القريبة من تلك المرافق .
- ان المقاومات الامنية  Voluble Itemsلم تحدد نشاطات الجريمة نتيجة لدرجات الخرق العالي التي تسببت بها الاستعمالات غير المتجانسة .
- ان التصميم المعماري لتلك الاستعمالات ودرجة الاشعال الوظيفي يوفر مزاراً سهلاً Easy Escape واماكن لاختباء المجرمين Hiding places  .
ان استعمالات الارض توفر بيئة مكانية ملائمة لحدوث الجريمة اذا ما اسيئ تنظيمها بشكل مدروس ويشبه الحبوبي بيئة الجريمة استعمالات الارض فيما بينها لتكون هدفاً مغرياً للمجرم ومصدر خوف للسكان وسبباً في تكوين الضحية والمجرم . (41)
ولقد وجد علماء الاجتماع ان هنالك خلط في طبيعة الاستعمالات يتمثل بمجاورة المناطق السكنية القديمة مع المناطق السكنية الحديثة أو مناطق السكن العمودي كما في اغلب الشوارع التجارية التي تحجز ورائها مناطق سكنية قديمة كحالة من حالات الخلط العمراني لانماط مختلفة يمكن ان تسبب في خلط حدود فيزياوية نتيجة لتغيير الخصائص العمرانية التي تكون اكثر حدية من العناصر المنفردة الذي ينتج منه حالة من التباين الاجتماعي والاقتصادي للسكان . (42) .

تأثير الخرق والنفوذية ( الاقتحام) Mobility and Visibility على زيادة معدل  الجريمة وتحقيق ذلك في الشوارع التجارية

ان وجود منطقة واضحة visible ومتميزة كالشارع التجاري تضم فعاليات وخدمات تخدم السكان ومن هم خارج المنطقة outsiders خاصة اذا كانت تلك الفعاليات ذات نشاطات اقليمية وتجذب حركة اختراقية للمنظومة المكانية لتلك المنطقة سواء اكانت تلك الحركة ( الية أو سابلة ) كما يظهر ذلك ويتحقق في الشوارع التجارية التي تضم المحلات التجارية والمطاعم بوضوح . ان حجم تلك الفعاليات يحدد على وفق طبيعة المنطقة اساسية، ثانوية , من الدرجة الثالثة على مستوى المدينة ومن جهة اخرى فان شهرة تلك المنطقة التجارية وتميزها على المستوى الاقليمي Regional level يسهم في جذب اعداد كبيرة من غير السكان القريبين منها ومنهم المجرمون وتكون عملية الاختراق سهلة من دون ضوابط تمكن من جمع معلومات ورسم مخطط مكاني لهيكل المنطقة وتحديد الاهداف لارتكاب الجريمة (43) .
لذا فان التوقيع المكاني للفعاليات والخدمات العامة يجب ان يتم على وفق التدرج الهرمي للحاجات والكثافات الاسكانية على مستوى المحلة , الحي , القطاع , مركز المدينة وان أي قرار تخطيطي أو تصميمي في توقيع فعالية أو خدمية أو ادارية أو تجارية أو غيرها يجب ان يأخذ بالحسبان العامل الاجتماعي وخصوصية المنطقة .


نماذج التصميم البيئ في تصعيب فرصة الهدف الاجرامي
ـ مصفوفة مقاييس منع الجريمة
مصفوفة النمط المكاني والزماني لارتكاب الجرائم والوقاية من الجريمة من دون الاعتماد على الوسائل الرسمية .
1- تعزيز المراقبة البصرية .
2- وضع نظام للادارة البيئية ( السيطرة على الفضاءات والشوارع ) .
3- تعزيز التظامن الاجتماعي .
4- انغلاقية الشوارع واستخدام نظم تعليم مداخل الشوارع للحد من الحركة الالية المخترقة .
ـ انموذج التصميم ضد جرائم السطو السكني
ملاحظة الدور السكنية المتعرضة للسطو والواقعة على شوارع رئيسية نافذة ذات استعمال مختلط .
ـ اجراءات التصعيب
1- توجية الوحدات السكنية ومداخلها على الشوارع الجانبية .
2- في حالة توجيه الدور على الشوارع الرئيسية تكون ذات مسافات صغيرة تحتوي على مرآب خاصة ومتقاربة لا تختلط مع استعمالات أخرى تجارية محاذية لها .
ـ أنموذج السيطرة على منظومة الحركة
الإجراءات
1- المحددات العامة وخاصة التدرج الفضائي للشارع وطرق الانتقال من العام إلى الخاص .
2- العلاقة بين الجريمة والعناصر المعيارية في الشارع أي الوظيفية الخاصة بالشارع .
3- علاقة الجريمة بأنماط الشوارع ( اتباع النمط المغلق النهاية ) .
4- التغيرات في أنماط الحركة ( اتباع النقل العام الاتجاه الواحد , نقاط الاتصال ) .
5- السيطرة الاجتماعية على الشارع السكني وتسليك الشوارع السكنية رمزياً .

ـ انموذج التنظيم المكاني – الاجتماعي
خلق وحدات مكانية – اجتماعية ذات هوية واضحة يمتلك سكانها سيطرة فضائية قوية والشعور بالخصوصية والمسؤولية تجاه البيئة المكانية .

ـ انموذج ردود افعال البيئة الاجتماعية ( الحيطة والحذر )
1- اعتماد التنبؤات اللارسمية في الضبط الاجتماعي .
2- استجابات الجريمة هي احد عناصر النسيج الاجتماعي .
3- المواطنون يدركون مظاهر الجريمة كجزء من الواقع الاجتماعي في حياتهم اليومية .
4- تكامل المحلة السكنية هو احد اهم عوامل التنبؤ والوقاية من الجريمة ( ترابط + مساعدة متبادلة ) .

ـ انموذج التجديد الحضري في منع الجريمة
من خلال تقييم المشاريع الاسكانية التي استعمل فيها الفضاء المدافع عنه وروعيت في برنامج التجديد ستة اهداف
1- تقوية المراقبة غير الرسمية والرسمية في المساحات غير المستغلة .
2- تقليص رمزية السكن العام واستحداث وظائف اجتماعية مشتركة في المساحات المهملة.
3- تقليص التعارضات المتولدة بين سكان المحلة .
4- تشجيع استعمال الفضاءات شبه العامة لطرق محددة اجتماعياً .
5- زيادة شعور الساكنين بالملكية المكانية ( الحيزية ) .
6- وضع بوابات رمزية على مداخل ومخارج المنطقة السكنية .

الستراتيجية الرسمية في منع الجريمة
1- استخدام الوسائل الامنية المتواجدة في البيئة العمرانية ( دوريات , خدمات الشرطة)
2- التوزيع المكاني لخدمات الشرطة يعتمد على استخدام نماذج رياضية مدعمة بخرائط مكانية.
ان جوهر انموذج السيطرة الرسمية يركز على منع الجريمة من خلال ادراك المجرم , التواجد المستمر لرجال الشرطة والسلطة العامة .

آلية التصور وظاهرة ازاحة فرصة الهدف
1- زماني : المراقبة في وقت توقع الحدوث .
2- تكتيكي : نصب اجهزة انذار ومراقبة .
3- الارتباط بالهدف : يتحول المجرم الى هدف .
4- مكاني : نظام معين .
5- وظيفي : تغير نمط الجريمة (44) .

خلاصة الفصل الاول :
ان عملية التفاعل الانساني  ( الاجتماعي ) تحدث بين البشر وتنمو سلوكياً واجتماعياً أو حضارة معينة وان هذا التفاعل يحدث في حيز فضائي مهما كان حجمة ومهما تعددت اشكاله فأذن لابد ان تؤثر ابعاد هذا الحيز ومواصفاته وتنظيمه في عملية التفاعل الاجتماعي بشكل سلبي أو ايجابي .
من هنا تتبين اهمية العمارة والتخطيط الحضري للشارع التجاري كواحدة من اهم عوامل زيادة معدلات الجريمة أو التشجيع على فعلها أو المساعدة في درئها والتي تأتي اهميتها في سلم اولويات التصميم والتخطيط للمباني والمواقع المختلفة في الشوارع التجارية وهذا ما حاول البحث تأكيده في هذا الفصل ومن خلال ما جرى تناوله في هذا الفصل اتضح ان الشوارع التجارية ومناطق التسوق تعتبر من بيئات التعرض للجريمة كمناطق للجذب الاجرامي اظهرتها الدراسات المتعددة كمناطق تتركز فيها العديد ن العوامل التي تهيئ المناخ لتزايد انواع معينة من الجرائم واغرائها للمجرمين على ارتكابها بالانجذاب اليها دون غيرها من المناطق في المدينة اذا ما اسئ تنظيمها وتخطيطها وتصميم مبانيها وفضاءاتها الحضرية .
وقد كان هذا الموضوع محل اهتمام العديد من الجهات الرسمية ( الامنية والاكاديمية والمهنية) خاصة خلال ما شهدته العقود القليلة الماضية من نمو مضطرد في تكرار حدوث الجرائم في كافة الدول واثر الشوارع التجارية في زيادة هذا المعدل .

الفصل الثاني
الشوارع التجارية في بغداد : المشاكل التخطيطية والتصميمية واثرها في زيادة معدلات الجريمة

تمهيد
ان اهمية المخطط المعماري تزداد يوماً بعد يوم مع زيادة المشاكل التي تعاني منها المدينة المعاصرة وذلك مع تزايد مشاكل التحضر السريع وغير المدروس والاثر السلبي لذلك على الجوانب الاجتماعية في تلك المدن , وفي العراق وبغداد على وجة الخصوص والتي شهدت في الفترة السابقة نهضة عصرية وتنمية واسعة وتحضراً سريعاً لتغيير المجتمع في كل الاتجاهات الى اقصى ما يمكن تحقيقه من اجل توفير بيئة سعيدة ومريحة وطمأنينة للانسان . فان الاهتمام بمشاكل المدينة ومسايرتها للتنمية الاقتصادية والاجتماعية اصبح واجباً ضرورياً . ان الرفاه والامان للانسان لا يتحقق الا اذا تحققت بيئة ملائمة للانسان يعيش في ظلها دونما مؤثرات خارجية تكرر حياته وتؤثر في نشاطه المعيشي والاجتماعي ؟.
ومن اهم مشاكل بغداد المعاصره هو مشاكل الشوارع التجارية فيها باعتبارها واجه التطور العمراني والحضري وما رافق ذلك التطور والتحول من مشاكل حضرية يأتي في مقدمتها تنامي ظاهرة الجريمة في بيئة تلك الشوارع بحيث اصبحت من المناطق المغرية والدافعة لارتكاب الجرائم وبنظرة سريعة عن اسباب نشوء تلك المشاكل هو غياب التخطيط السليم في بعض مراحل نمو المدينة ادى الى تشوهات معمارية تنتج عنها حالة من التشوية للبيئة الحضرية في الشوارع التجارية مما ادى الى ظهور مشكلة الجريمة فيها وحولها .

تحليل المشاكل الحضرية في شوارع بغداد :
ان نمو مدينة بغداد الكبير والسريع لم يتم وفق مخطط اساسي ثابت أو معتمد وان المدنية فقدت ما يسمى بالنمط التصميمي المميز أو المعايير التخطيطية الثابته التي يتم وفقها وضع تصاميم الابنية في مناطقها المختلفة والتي من ابرزها تغيير استعمالات الارض لاكثر من 230 شارع سكني الى تجاري وما رافق ذلك من سلبيات كثيره من ابرزها ازدياد معدل الجريمة مما جعل المباني فيها تبدو بشكل خليط غير متجانس من الاشكال والانماط ولا ترتبط فيها الابنيه بقواعد معينه مدروسة وانما البناء فيها ضروب مشتته من الاتجاهات والارتفاعات ومواد البناء بالاضافة الى التناقض الذي حصل بين هذه الشوارع والمناطق السكنية القديمة والمتأخرة التي تحيط بها , وفيما يلي بعض من تلك المشاكل للشوارع التجارية .

تراكم الابنية غير المنسجمة كتلويا:-
فقد اجتاحت شوارع بغداد التجارية ظهور العديد من الابنية غير المنسجمة من الكتلة والارتفاع والشكل العام والمساحة والاستعمال الوظيفي وتفاصيل الواجهات والتي تشكل ظاهرة سلبية في بنية هذه الشوارع فتجاوز بناية ذات طوابق متعددة لدور سكنية واطئة تزرعها بصرياً ومعمارياً مثل التنافر السافر . معظم ابنية الشوارع التجارية الحديثة والدور السكنية التي تحتجزها خلفها أو المجاورة لها . (45)
مما يولد شوارع وفضاءات خلفية ضيقة يمكن ان تصبح فضاءات سلبية تساعد على ارتكاب الجرائم ويمكن ان تكون بؤراً لتجمع المجرمين وكذلك فان الاشراف البصري للابنية العالية على الابنية الواطئة يمكن ايضاً ان يزيد معدلات الجريمة ويغري المجرمين باقتناص الفرصة المناسبة ورؤية مايوجد في تلك الابنية الواطئة مما يزيد من معدلات الجريمة وكذلك وجود شوارع في مركز بغداد مخصصة بكاملها كورش لتصليح السيارات وفي الطوابق العليا منها توجد شقق سكنية فما يشكل عدم انسجام في استعمالات الارض ودخول الاشخاص الغرباء الى تلك المناطق مما يزيد من معدلات الجريمة فيها .

فقدان عنصر الوحدة والتجانس في تصاميم العمارات المتجاورة
عند النظر الى الشوارع التجارية في بغداد من الناحية التصميمية يتبين افتقارها الى التجانس والوحدة في تصاميم الواجهات وعدم الانسجام بينها و بين محيطها حيث ان العمارة المشار اليها عمارة في اغلبها دخيلة على عمارتنا الاصلية وتمثل نقلاً لحالات ومعالجات غريبة عن بيئتنا فكل معالجات الكتلة ( معالجة الفتحات والمداخل , معالجة الرموز والوحدات المعمارية ) تحاول المبالغة في اظهار صور جاذبة مثيرة للانتباه تعتمد على الواجهة الواحدة.(46)
وبالتالي ونتيجة للتقسيمات الصغيرة للواجهات وللمنافسة في الاظهار تسود الشارع حالة من ضياع الهوية والتشويش للمشاهد والتنافس بين مبنى واخر وعدم التنسيق في استمرار الخطوط السائدة للواجهات مما افقدها احد العناصر التصميمية المؤثرة  في تجميل المدينة (الايقاع) فالارتفاعات والبروزات وخطوط البناء تفتقد اللغة المشتركة في تكوينها.

تحوير الدور السكنية الى ابنية ذات وظائف تجارية :-
وهذا ادى الى ان الانطباع المعماري قد ابقى على هذه الابنية بأنها سكنية وذلك بسبب علاقة الكتل المعمارية ذات الوظيفة السكنية وكذلك الفتحات وارتفاع الطوابق الامر الذي يجعل من الصعب جداً تحديد شخصية متميزة لهذه الشوارع وان هذه الابنية لايوجد فيها الارتداد المسقف الموجود في تلك الابنية المجاوره لها . فخط السماء في تلك الشوارع يكون متذبذباً بأيقاع عشوائي ومعالجات السطوح تكون متنافرة وغير متناسقة والبروزات الافقية رغم إنها تضيق قليلا من رقعة السماء المرئية الا ان هذا الشعور يتلاشى مع فقدان الشعور بالاحاطة الذي يولده انخفاض النسبة ما بين ارتفاع المشيدات على جانبي الشارع وعرضه.(47)
ورغم تحوير وظيفة الدور السكنية الى وظيفة تجارية صرفة يبقى الانطباع المعماري لهذه المباني انطباع سكني وذلك بسبب علاقة الكتل المعمارية ذات الوظيفة السكنية الاساسية وكذلك الفتحات وارتفاع الطوابق الامر الذي يجعل من الصعب جداً تحديد شخصية متميزة لهذه الشوارع حيث يوجد مقابل هذا النوع من الابنية ابنية تجارية حديثة مصممة لهذا الغرض .

قلة مواقف السيارات واشغال المناطق امام المحلات التجارية بالسيارات :-
وهذه حالة تؤدي الى ازدحام الشوارع واختلاط حركة السيارات بحركة السابلة مما يخلق لدى الجميع الشعور بالضيق والتعب والارهاق وايجاد الفرصة لدى المجرمين للقيام بجرائمهم بسهولة وبانشغال الناس وبغياب الرقيب ومع زيادة الحركة التجارية بمرور الزمن وزيادة الاقبال على المحلات التجارية وغياب مواقف السيارات ادى الى زيادة واستعمال الشوارع الفرعية الجانبية والقريبة ذات الاستعمال السكني كمواقف للسيارات مما يؤدي الى تغلغل الغرباء في تلك المناطق السكنية وايجاد الفرصة لهم للقيام بالجريمة , بالاضافة الى المضايقة الاجتماعية للبيئة السكنية .

الاختلاف في الارتداد وارتفاعات الطوابق العليا للابنية :-
فقد لوحظ في الكثير من الابنية في الشوارع التجارية الاختلاف في الارتداد وكذلك الاختلاف في ارتفاع الطوابق العليا للابنية رغم تحديدها في المعايير والضوابط التخطيطية والتصميمية بسبب ارتفاع الرصيف غير مثبت اصلا وغير معرف بمستوى ثابت مما ادى الى ان المالك قد لجا الى رفع مناسيب الارصفه امام عمارته لابرازها وفي النتيجة اثر بشكل سلبي على نسيج الشارع بصورة عامة لعدم انتظام كتل الابنية (48) , ان بعض الابنية المشيدة لم يقم اصحابها باستغلال الواجهة بشكل كامل وانما تم استغلالها بشكل جزء منها الامر الذي ادى الى انقطاع في استمرارية الشارع من ناحية ومن ناحية اخرى ولادة عمارة ليست بالعمارة السكنية ولا بالعمارة التجارية الحديثة المألوفة مما اثر تأثيراَ سيئاً على وظيفة الشارع من ناحية وعلى تولد فرصة للجريمة فيه من ناحية ثانية حيث توفر الاجزاء غير المستغلة من الابنية بؤرا وامكنه لارتكاب الجرائم والتخطيط لها أو الاختفاء فيها ومراقبة المباني منها .
ان اختلاف الابنية والمتجاورة في ارتدادها عن الرصيف يتسبب في تشويه البيئة الحضرية للشارع التجاري وعرقلة حركة السابلة في الاماكن المخصصة لهم كما ان البعض يتجاوز في استغلال هذا الارتداد كتجاوز اصحاب السيارات بترك سياراتهم في هذه الاماكن أو استغلاها من قبل المجرمين لارتكاب جرائهم(49) .

تشييد الطابق الارضي فقط وترك الطوابق العليا :-
لوحظ ان العديد من المباني في الشوارع التجارية في بغداد قد اكتفى بتشيد الطابق الارضي وتم استغلالة وترك اجزاء من هيكل الطوابق العيا غير متكاملة حيث وجدت نسبة كبيرة من الابنية التجارية المشيدة والغير مكتملة الطوابق العليا .
وفي حالات كثيرة تستعمل سطوح هذه الابنية لخزن المواد وبشكل مكشوف امام المارة في الشارع وقد تستخدم لتدبير بعض انواع الجرائم التي تحدث الشوارع حيث تكون هذه السطوح سهلة الوصول من قبل المجرمين عن طريق المباني المجاورة ومن الممكن العبور من خلالها من بناية الى اخرى مما يشكل تهديدا للعديد من الابنية وتسهل من فرصة حدوث الجريمة الحضرية.(50)

عدم مراعاة المعايير والضوابط لخصوصيات الشوارع :-
ان المعايير والضوابط التخطيطية والتصميمية للشوارع التجارية الموضوعة من قبل امانة بغداد قد اشترطت على شمول جميع الشوارع التي تم تغير استعمالات الارض فيها بنفس الضوابط والمعايير دون الاخذ بنظر الاعتبار الخصوصية الاجتماعية والاقتصادية والعمرانية بل وحتى التاريخية فانها لم تميز بين شارع الربيع وشارع موسى بن نصير وشارع صفي الدين الحلي وشارع الوشاش مثلا ( رغم اختلاف تصانيف ووظائف تلك الشوارع في التصميم الاساسي لمدينة بغداد فلا فرق بين تلك الشوارع لا من ناحية الحاجات التجارية المطلوبة ولا من ناحية الابنية التي تقام فيها ولا من طبيعة وخصوصية العمارة المفروض ان تقام في هذه الشوارع (51) والحقيقة ان عدم التميز بين الشوارع قد ترك الحرية والمجال للتخبط والعشوائية في التصاميم المعمارية سواء في المخططات والواجهات أو التفاصيل مما يصيب البيئة الحضرية لتلك الشوارع بالخلل الكبير وبالتالي زيادة معدلات الجريمة فيها ففي مدينة بغداد قد تم تقسيم اعراض شبكة شوارعها حسب التصنيف الوظيفي التالي (52)
- الشوارع السريعة الحرة : اقل عرض 70م
- الشوارع السريعة : اقل عرض 50م
- الشوارع الرئيسية ( محددة المنافذ) : اقل عرض 30م
- الشوارع المحلية : اقل عرض 20م

الواجهات الزجاجية الكبيرة :-
لقد ظهر في شوارع بغداد التجارية وفي العديد من الابنية فيها الفتحات الكبيرة ذات الواجهات الزجاجية الضخمة وكذلك المداخل الزجاجة الكبيرة ان هذه الظاهرة بالاضافة الى إنها تمثل نوعاً أو نمطاً من الابنية الغريبة عن عمارتنا وتقاليدنا والمتناقضة تماما مع طبيعة مناخنا حيث يكون العزل الحراري لهذه الواجهات الزجاجية ضعيف جداً نظراً لان الزجاج موصل جيد للحرارة وان العمارة الاسلامية معروفة بأنها ذات الفتحات الصغيرة والمختصرة لمقاومة ظروف المناخ الصعبة في المنطقة بالاضافة الى ذلك كله فان هذه الظاهرة لها سبب مباشر على ارتفاع معدل الجريمة في تلك الشوارع التجارية حيث ان المجرم أو الذي يبيت نية الاجرام يمكن ان يرى ما بداخل تلك الابنية والمحلات ذات الواجهات الزجاجية وتصبح عنصر اغراء لارتكاب الجريمة من قبل المجرمين وكذلك فانها ذات مقاومة ضعيفة اذا ما جرى اقتحامها من قبل اللصوص ويسهل تحطيمها مما يجعلها فرصة مغرية لارتكاب جرائم السطو والسرقة وغيرها .

فقدان المقياس الانساني :-
ان واحداً من اهم اسباب المشاكل الجديدة التي تعاني منها المدينة العربية المعاصرة بصورة خاصة هو الاعتماد على المقياس الالي واهمال المقياس الانساني في الابنية حيث الاعتماد على الاساس الاقتصادي المادي كقيم محركات للعلاقات في نسيج المدينة بينهما امتازت المدنية العربية التقليدية باعتمادها القيم والاساس الروحي والاخلاقي الذي تبنى عليه المدينة مما يؤثر سلبياً على القيم الاجتماعية في تلك الشوارع وعلاقة الناس مع بعضهم وبالتالي ارتفاع معدلات الجريمة بين تلك المناطق . ان ذلك كله يجب ان لايتم على حساب بيئة الانسان وراحته وهذه هي مسؤولية المخططين والمصممين العمرانيين لا في اعادة  المدن الى المقياس الانساني كالسابق ولكن باعادة الانسان الى مدينته أي الى بيئات وفضاءات صغيرة وذات ابعاد انسانية لا آلية وبالتالي تكون فضاءات امينة وليس هناك مجال لممارسة الاجرام فيها.(53)

خلاصة الفصل الثاني
ان البيئة العمرانية , ليست مجرد طرز و تخيلات فنية معمارية , ولا هي محض حاجة وظيفية تلبي متطلبات الانسان فحسب , بل يمكن للعمارة ان توجد فضاءات و تكوينات تعكس معان بحيث تؤثر هذه المعاني على السلوك الانساني سلباً وايجاباً فقد يكون هذا سلوكاً منحرفاً ويمكن ان يكون سلوكاً سوياً ايضاً وهنالك انواع من التعبيرات الفضائية والتكوينات الفراغية والمخططات والتصاميم والمعمارية من شانها ان تحفز نشاطات المجرمين وتغريهم باقتحامها والعكس صحيح ايضاً .
والتصميم المناسب والاستخدام الفعال للبيئة في الشارع التجاري يستطيعان ان يقودا الى تخفيض تردد حدوث الجريمة والخوف منها وبعث الطمأنينة في المنطقة .
وما المشاكل التخطيطية والتصميمية في شوارع بغداد التجارية الا عوامل محفزة للجريمة مهيأة البيئة الحضرية للشارع التجاري لان تكون من مناطق الفرصة للقيام بالجريمة .

الاستنتاجات  
1- ان ظاهرة تحويل الشوارع السكنية بموجب التصميم الاساسي المصدق لمدينة بغداد الى تجارية وما تسببت من احداث خلل في بيئة المنطقة التي وجدت فيها قد اثرت كثيراً في زيادة معدلات الجريمة سواءاً في تلك الشوارع نفسها أو في المناطق السكنية التي تحتجزها خلفها حيث تباينا كبيرا في بيئة المنطقة وعدم تجانسها ما جعلها من مناطق الجذب الاجرامي .
2- ان مشكلة الجريمة تواجة العالم المتحضر الآن وحلها لا يكون عبر زيادة الاجراءات التنفيذية لجهاز الشرطة فحسب بل يستوجب دراستها من وجهة نظر كافة الاختصاصات العلمية لذا فان مشاركة المصمم المعماري في معالجة هذه المشكلة امر مهم لما يستطيع ان يقدمه في دراسة وتحليل التنظيم المكاني لبنية المحلات السكنية وغيرها من الفعاليات . عليه فان تنظيم الفضاء المعماري أو الحضري له دور كبير في توجية واحداث التفاعل الاجتماعي.
3- تتعرض المنظومة السكنية الى تغيير مستمر نتيجة عملية التحضر والنمو السكاني المتسارع والذي رافقه زيادة معدلات الجريمة فقد رافق هذا التغير على صعيد المحلات السكنية في مدينة بغداد نمو استعمالات ارض معينة على حساب استعمالات اخرى وتتخذ في ذلك صيغة الغزو ( Invasion) أو العزل (Segregation) والتي غدت تشكل النمط الغالب على بنيتها الحضرية الامر الذي يؤشر بان وضع أي هيكلية فضائية للمنظومة السكنية يفترض ان يستند بدرجة رئيسية على التوافق مابين الموجود والمستحدث .
4- لقد اشرت البحوث والدراسات العالمية الى وجود علاقة بين المتغيرات التصميمية الى جانب التغيرات ( الاجتماعية – الاقتصادية) في التأثير على معدل حدوث الجريمة . الا ان القليل من هذه البحوث قام بقياس العلاقة السببية ما بين المتغيرات .
5- عدم الاستناد على مفاهيم نظرية بحته لاتتفق وخصوصية البيئة الحضرية بل يفترض دراسة العلاقة السببية بين المتغيرات التي تؤدي الى حدوث الجريمة أو زيادتها .
6- الاستفادة من نتائج البحوث والدراسات النظرية وتطبيقاتها العلمية لاغناء الجانب النظري لمفهوم الفضاء المدافع عنه واستخدام الاسلوب الصحيح للكشف عن العلاقة بين السبب والمسبب .
7- لقد اشرت نتائج البحث في ان وجود الشوارع الرئيسية وتحويراتها التصميمية (كاطلاق الشوارع الشريطية التجارية ) ستزيد من حركة المرور النافذ في المنطقة لذا يفضل تجنبها قدر الامكان واجراء بعض التحويرات الفيزيائية عليها بهدف تخفيض وتنظيم حركة المرور فيها .
8- ان وجود اختلاط غير مدروس في استعمالات الارض في المنطقة السكنية يسهل عملية اختراقها وبالتالي زيادة نسبة الجريمة فيها .

التوصيات
1- اصدار قوانين وضوبط اكثر كفاءة بخصوص تخطيط الشوارع التجارية وعلاقتها بالابنية السكنية المجاروة لها وخاصة تلك التي يراد تحويلها من سكني الى تجاري بحيث تتجاوز كافة السلبيات التخطيطية والتصميمية التي تؤدي الى زيادة معدل الاجرام .
2- نوصي بتصميم المحلات السكنية بشكل استعمال سكني متجانس وعدم الخلط بين الاستعمالات التجارية والصناعية بشكل غير مدروس ومحدد ومعرف .
3- تطوير استخدام الاراضي والمساحات الخالية (Vacant Lands) وتشجيع تطويرها وفق الاستعمال المحدد لها خلال فترة زمنية محددة ووفق ضوابط تلزم مالكيها بذلك بهدف عدم السماح باستغلالها من قبل المجرمين في رصد واقتحام الدور السكنية المجاروة لها .
4- دراسة عملية اطلاق الشوارع التجارية الشريطية في المدينة بشكل عملي ومبرمج ووفق حاجة فعلية وبالتنسيق مع الجهات المسؤولة عن حمايتها لذا نوصي باستحداث وحدة مستقلة في امانة بغداد أو غيرها من الجهات المعنية بتنظيم استعمالات الارض المختلفة وتضم اختصاصات هندسية وتخطيطية وبالتنسيق مع جهاز الشرطة .
5- ان استمرار النمط التجاري الشريطي في المدينة العراقية لايثبت بانه النمط الاكفأ في الحلول الفضائية والحاجة التسويقة للسكان بقدر ما يوضح انه النمط المهيمن على باقي التراكيب مما يستدعى التنبية الى طبيعة معطياته والقيام بدراسات اخرى تحاول تغطية الفعاليات التي تجري فيه واثرها في زيادة أو نقصان معدلات الجريمة . علماً ان هذا النمط التجاري الشريطي قد أتخذ من قبل مجلس أمانة بغداد منذ منتصف عام 1983 مخالفاً لقانون التصميم الاساسي لمدينة بغداد .
6- تشجيع تكوين وقيام اشكال الادجارة الجماعية للشارع السكني أو وحدة الجيرة وذلك من خلال تعاون جمع سكانها والتنسيق الجاد مع جهاز الشرطة بهدف الحد من ظاهرة الجريمة .
7- تحديد عدد المنافذ المؤدية الى المحلة السكنية الواحدة وتفادي اختراق الشوارع النافذة للمحلة السكنية أو جعلها كحدود لها ( Boundaries)
8- من المفضل توجيه مداخل الدور السكنية على الشوارع الفرعية وتفادي توجيهها على الشوارع الرئيسية النافذة لتجنب رصدها ومراقبتها من قبل المجرمين .
9- تجنب الحركة النافذة في الشوارع المحلية السكنية من خلال استخدام انظمة الشوارع الغير النافذة كما يفضل تعريف مداخل هذه الشوارع باي معالجة تصميمية بهدف تأكيد الخصوصية والنفوذ الحيزي للسكان وذلك بادخال عناصر تصميمية على فضاء الشارع بحيث تعتبر جزاءاً من فضاء الوحدة السكنية .
10- توقيع الابنية العامة ( المدارس والمتاجر والدوائر الرسمية وغيرها ) في موقع محدد بحيث تكون غير معاقة بصرياً بواسطة الاشجار والاسيجة العالية وغيرها بهدف تحقيق عنصر المراقبة البصرية الطبيعية من قبل سكان الدور المواجهة لها أو القريبة منها .

الهوامش:
1ـ جاسم، 1989، ص7.
2ـ الاشعب، 1999، ص53.
3ـ schemed; 1975,p10
4ـ عبير، عصام علي، 1999، ص14.
5ـ خليل، هديل محسن، 2001، ص75.
6- نفس المصدر ، ص74 .
7ـ جزاع، طالب، 1986، ص19ـ23.
8ـ Beckley,1979,p3.
9ـ Rapoport,1977.p24.
10ـ Krier,1979,p24.
11ـ نفس المصدر السابق p10.
12ـ الهاشمي، 1989، ص45.
13ـ الموسوي، وضاح عبد الصاحب، 1997، ص22.
14ـ الطالب، طالب حميد، 1990، ص38.
15ـ المصدر السابق، ص39.
16ـ فنتوري، روبرت، 1987، ص173.
17ـ خليل، هديل، محسن، 2001، ص78.
18ـ حبيب، 1990، ص60.
19ـ Saarinen,1976,p70.
20ـ محمد، احمد باسل، 2000، ص35.
21ـ صحن، عباس هاشم، 1996، ص34.
22ـ يدكو، بهاء عيسى، 1990، ص38.
23ـ خليل، هديل محسن، 2001، ص69ـ70.
24ـ Al-haboubi,1982,p65.
25ـ ياسين، شاكر سعيد، 2000، ص39.
26ـ المصدر السابق، ص42.
27ـ Waller&Okihiro, 1979,p.109-121.
28ـ المصدر السابق.
29ـ Mayhew,1976.p.34.
30ـ Fowler&Mangion,1982.p.10.
31ـ محمد، احمد باسل، 2000، ص25.
32ـ خليل، هديل محسن، 2011، ص73.
33ـ Wilson&Hunter,1978.p.52-62.
34ـ جمال، طيف زياد، 1999، ص42.
35ـ ياسين، 2000، ص85.
36ـ حبيب، محمد شلال، 1990، ص75.
37ـ Tine&Dnnel,1979,p.81-82.
38ـ ابو عامر، د. محمد زكي، 1988، ص63.
39ـ الظاهر، ملكية صبر، 1996، ص50.
40ـ Al-Hboubi, 1982.p51-52.
41ـ Al-Hboubi, 1982.p52-56..
42ـ New man,1975,p.71..
43ـ Al-Hboubi, 1982.p76.
44ـ محمد، احمد باسل، 2000، ص52.
45ـ كمونة، 2002، ص109.
46ـ معايير وضوبط تخطيطية ، 1985، ص27.
47ـ كمونة، 2002، ص110.
48ـ كمونة، 2002، ص111.
49ـ معايير وضوابط تخطيطية، 1985، ص28.
50ـ كمونة، 2002، ص111.
51ـ امانة العاصمة، 4ـ5/12/1982.
52ـ ضوابط الامانة، ص1.
53ـ كمونة، 2002، ص113.




المصادر

أ- المصادر العربية
1- ابو عامر – د. محمد زكي , دراسة في علم الاجرام والعقاب, بيروت 1988
2- الطالب , طالب حميد , الماضي والمستقبل ونظرتنا للعمارة المعاصرة : المدينة العربية , مجلة متخصصة تصدرها منظمة المدن العربية , العدد 43 السنة التاسعة  1990
3- الظاهر , ملكية صبر فارس , المسار كارتباط ومكان اثر التغيير في خصائص التنظيم الفضائي في توزيع انماط السلوك , رسالة ماجستير , مركز التخطيط الحضري والاقليمي، 1996
4- الموسوي – وضاح عبد الصاحب , مفهوم التوافق بين التنظيم الفضائي والتنظيم الاجتماعي : توجة نظري سوسيولوجي لتفسير العلاقة بين الانسان وبيئته السكنية اطروحة دكتوراه , كلية الهندسة , جامعة بغداد , 1997
5- الهاشمي , مطاع عبد الكريم , النظم والمحددات الاجتماعية لتجمع الابنية السكنية : دراسة تصميمية مقارنة في بغداد , رسالة ماجستير , كلية الهندسة , جامعة بغداد الهندسة المعمارية ,1989ز
6- جزاع , طالب الاساليب الجديدة لارتكاب الجرائم في العراق , المعهد العالي لضابط قوى الامن الداخلي , 1986
7- جمال , طيف زياد , التعامل مع الموروث العمراني في تطوير الاحياء القديمة : دراسة تحليلية تخطيطية لمحلة المحارة / الاعظمية ( رسالة ماجستير , مركز التخطيط الحضري والاقليمي , جامعة بغداد , 1999
8- حبيب , د. محمد شلال " اصول علم الاجرام , مطبعة دار الحكمة , ط2,بغداد , 1990
9- حبيب ,د. محمد شلال " اصول علم الاجرام , مطبعة دار الحكمة,ط2,بغداد,1990
10- صحن , عباس هاشم , تخطيط المناطق السكنية وعلاقتها بالامن الاجتماعي , رسالة ماجستير مركز التخطيط الحضري والاقليمي , جامعة بغداد , 1996
11- عبير , عصام علي , الفضاءات المفتوحة في العمارة العراقية الحديثة , رسالة ماجستير،كلية الهندسة جامعة بغداد , 1999
12- فنتوري , روبرت , التعقيد والتناقض في العمارة , ترجمة سعاد عبد علي مهدي , وزارة الثقافة والاعلام , دار الشؤون الثقافية العامة , 1987
13- ياسين , شاكر سعيد , اشكالية مجرم- مجتمع- مكان, رسالة ماجستير , مركز التخطيط الحضري والاقليمي , جامعة بغداد , 2000
14- يدكو , بهاء عيسى , التنظيم المكاني في المحلة السكنية واثره في الحد من ظاهرة الجريمة  رسالة ماجستير , الجامعة التكنلوجية , قسم الهندسة المعمارية , 1990
15- خليل , هديل محسن , الانماط العمرانية وعلاقتها بجريمة السرقة , رسالة ماجستير , جامعة بغداد , قسم الهندسة المعمارية , 2001
16- كمونه , د. حيدر عبد الرزاق , الشوارع التجارية في بغداد ومشكلة التكوين المعماري , مجلة الحكمة , العدد 23, شباط , 2002
17- معايير وضوابط تخطيطية وتصحيحية لبعض شوارع بغداد ذات الاهمال المختلط , امانة بغداد , 5/5/185
18- ضوابط امانة العاصمة عند منح اجازات البناء على الشوارع العامة التي اطلقت فيها الاسواق فؤاد راضي محسن – بدون تاريخ
19- كمونة ، د.حيدر عبد الرزاق , دور التخطيط العمراني في الحد من الجريمة , اكاديمية نايف العربية للعلوم الامنية , مجلة " الامن والحياة " , العدد 200 , الرياض , 1999 .
20- كمونة ، د.حيدر عبد الرزاق , العلاقة بين التنظيم المكاني والجريمة في المدينة المعاصرة , مجلة " الفكر الشرطي " , ملجة (11) , العدد 1 , الامارات العربية المتحدة , الشارقة  ,2002 .
21- كمونة ، د.حيدر عبد الرزاق , التخطيط لمعالجة المشكلات المصاحبة للتنمية الحضرية وتأثيرها في مكافحة الجريمة , وزارة الداخلية , مجلة " الشرطة " , العدد 8 , بغداد , 2002 .
22- كمونة ، د.حيدر عبد الرزاق , العلاقة بين التنظيم الفضائي للمدينة واحتواء السلوك الارهابي لبعض اركان المجتمع , شبكة الاعلام العراقية , مجلة الشكبة العراقية , العدد 55 , بغداد , 2008 .

ب- المصادر الاجنبية :
1. Nowman,0.: Defensible Space : People and desing in the ViolentCity, Now York, Macmillan, 1972,p.3.
2. Gardiner, R.A, Design for safe Neighborhoods, Washington D.C,GPO,1978,P.5.
3. Flower, F.J.AND Mangione , T.W., Neighborhood crime , Fear and Gocial Control : A second Look at Hartford program, Washington D.C, GPO. 1982
4. Krier, R, Urban Space , Academy Ediition, London, 1979,P.10.
5. Raport , 1977, OP. Cit., P.9
6. Wilson , S., Updating space , A.J, 11 October, 1978, P.674.
7. Wallwe , I. And Okihiro , N., Burglary : The victim and the publicToronto , university press , 1979 .p. 25.
8. Mayhew , P., Defensible space : The current statuse of crime prevention theory , the Howard Journal , Vol. 18, part3 , 1976,P152.
9. Newman , O. Community of Interest- design for commuity control , in Architecture, Planning and urban crime , confernee proceedings arrangend by NACRO , chichester, Barry Rose, 1975.

10. Tien, J. M. , O dnnell, V.F., Barnett , A. And Mirchandani, P.B., Street Lighting 
projects, National Institute , Washington, D.C., GPO , 1979.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا