الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على حالة البيئة في العراق - الجزء الثاني
هاشم نعمة -
أستاذ جامعي وباحث -
الحوار المتمدن - العدد: 1149 - 2005 / 3 / 27 :
استنزاف الموارد الطبيعية
يقود ما سبق إلى استنزاف كمي ونوعي لكثير من الموارد الطبيعية من خلال الاستعمال المفرط لها وعدم كفاية إجراءات تجديدها، كما يتضح من استعراض حالة عدد من الموارد المتجددة. تحتوي الأرض على كميات من المياه العذبة ، تبلغ 2,5% فقط من مجموع المياه و0,5% مياه سطحية أو جوفية متاحة . وتتباين كميات الأمطار تباينا كبيرا على مستوى العالم . إذ تستلم المنطقة العربية في غرب آسيا وشمال أفريقيا كميات قليلة جدا منها . وإذا استمر تلوث المياه عند معدله الحالي مع زيادة المياه المستخدمة بمعدل أعلى من نمو السكان في أجزاء عديدة من العالم، - تضاعف سكان العالم ثلاث مرات في السبعين سنة الماضية بينما تزايد استهلاك المياه ست مرات نتيجة ارتفاع النمو الصناعي والمستوى المعاشي وتوسع الري - فسيؤدي ذلك إلى استنزاف المياه العذبة في وقت قريب. ويستهلك حاليا 54% منها وإذا بقي استهلاك الفرد ثابتا حتى عام 2025 فيمكن استهلاك 70% نتيجة النمو السكاني وحده وإذ وصل إلى مستوى الدول الأكثر تقدما فيمكن استهلاك 90% في ذات السنة . في عام 2000 كان هناك 508 مليون إنسان في 31 بلدا يعانون من الضغط على المياه أو من شحتها ويتوقع أن يرتفع العدد إلى 3 مليار إنسان في 48 بلدا في 2025 . ويعد النقص في المياه معوقا جديا للتنمية الاجتماعية والاقتصادية في هذه الدول .
وفي العراق تراجع منسوب المياه في دجلة والفرات 43% مقارنة بالمعدلات الطبيعية . وهو مستوى قل نظيره منذ إن بدأ تسجيل منسوب المياه عام 1903 .وقد ساهمت بذلك بشكل رئيسي مشاريع المياه التركية المقامة على النهرين حيث أدت إلى تخفيض كمية المياه التي تصل إلى العراق من 24,3 مليار م3 إلى 16,7 مليار م3 في عام 1993 وإلى 15 مليار م3 في 1998 . وكانت توقعات قد أشارت إلى إمكانية انخفاضها إلى 7,5 مليار م3 في عام 2005 ( لوحظ ارتفاع مناسيب المياه في انهار العراق في ربيع 2004 ) مما سيؤدي إلى تراجع المساحات المزروعة 75% وهذا ينذر بوقوع كارثة كبيرة . لهذا فأن المياه تعد مسألة حيوية وحياتية . لذا يجب التوصل إلى تفاهم حولها لتثبيت الحقوق المكتسبة للعراق في النهرين وفق الأعراف والاتفاقيات الدولية. وهذا يمكن أن يكتسب زخما أكبر بعد إن سقط النظام الدكتاتوري.
تتعرض التربة للاستنزاف أيضا، فسنويا يُفقد 50000-70000 كم2 من الأراضي الزراعية الجيدة في العالم نتيجة النشاطات الإنشائية، والتعدين والصيانة والتصحر والتملح، والكثير من الأراضي المتصحرة أو المهددة بالتصحر تقع في العالم العربي، إذ هناك 357 ألف كم2 من الأراضي الزراعية والصالحة للزراعة ، أصبحت تحت تأثير التصحر . وسنويا يصاب 1,5 مليون هكتار من الأراضي الجيدة في الغالب بالتملح ويخرج من نطاق الإنتاج في العالم، والأمثلة في المنطقة العربية كثيرة كما في حوضي نهري دجلة والفرات في العراق وسوريا ومصر نتيجة سوء صرف الأراضي المروية . أنظر جدول رقم (4)
وتتسارع في العراق ظاهرة التصحر والتملح وتقدر الأراضي التي تعاني من التملح بـ 50% بسبب إهمال النظام السابق قطاع الزراعة والري – انخفضت استثمارات الدولة في الزراعة في خطط التنمية من 24% في 1970 إلى 9% في 1983 –إحصائية التملح هذه غير جديدة فما بالك الآن وقد مر العراق بثلاث حروب ورزح تحت وطأة الحصار 13 سنة .أضف إلى ذلك الكارثة البيئية التي نفذها النظام السابق بتجفيف اهوار العراق، إذ جفف أكثر من 20000 كم2 أي ما يعادل 90% من مساحتها ،والتي وصفها المراقب الدولي لحقوق الإنسان في العراق بأنها "جريمة القرن بحق البيئة " هذه التي كانت أوسع مساحة مائية في النظام البيئي في الشرق الأوسط إذ تزيد على ضعف مساحة لبنان. ومن المعروف أن الاهوار كانت غنية بمواردها النباتية والزراعية والحيوانية والسمكية وهي من المحطات الكبرى للهجرة السنوية للطيور من شمال أوروبا وغابات التندرا الروسية إضافة إلى محافظتها على التوازن البيئي. واستنادا لأحدث دراسة قامت بها جامعة اكستر البريطانية تبين أن خطر الملوحة في الأراضي أصبح عالياً جدا وأن كارثة ضياع مناطق استيطان الحيوانات حتمية بسبب تجفيف الاهوار. ومن الأمثلة الناتجة عن ذلك تراجع أعداد حيوان الجاموس الذي يعيش قرب الأنهار والاهوار من 148,000 في 1990 إلى 65,000 في 1998 وصيد الأسماك من 31,500 طن متري في 1990 إلى 00 22,5 طن متري في 1996 طبقا للإحصاءات الرسمية . نفذ النظام التجفيف تحت ذريعة توسيع الأراضي الزراعية، فيما تكذب الإحصاءات الرسمية ذلك. فقد تراجعت الأراضي الصالحة للزراعة من 5,78 مليون هكتار في 1994 إلى 5,54 مليون هكتار في 1998 . واضطر حوالي ربع مليون من سكان الاهوار للجوء إلى إيران إضافة إلى أعداد أخرى نزحت إلى المدن العراقية . وهذا يبين أن الهدف الحقيقي من هذه العملية هو قمع قوى المعارضة المسلحة التي كانت تنشط في هذه المناطق. وبعد إن سقط النظام يمكن أن تعود الاهوار بدرجة غير قليلة إلى طبيعتها السابقة –بادرت وزارة الموارد المائية إلى غمر 164 ألف دونم بالمياه وأعادت 4 اهوار إلى الحياة وهناك مصادر تتحدث عن غمر 30-40 % من الاهوار بالمياه - إذا ما تمت العملية وفق دراسات بيئية واقتصادية واجتماعية لتفادي الآثار الجانبية السلبية على المستوى الطبيعي والبشري لهذه العودة . ونأمل أن يكون مؤتمر الاهوار الذي عقد مؤخرا في العمارة بداية جادة في هذا الاتجاه . كذلك إفراغ الريف العراقي من سكانه ساهم في استمرار التصحر .فتدهور الزراعة ترافق مع تسارع الهجرة الريفية – الحضرية التي نتج عنها استنزاف ثابت للقوى العاملة الزراعية ففي 1970-1975 انخفضت 10% .
جدول رقم ( 4 ) امتداد مشكلة تملح التربة في الشرق الأدنى
البلد
مجموع الأراضي المروية (هكتار)
مجموع الأراضي المتضررة بالتملح (هكتار)
النسبة المئوية
الأردن
50,000
8000
16
إيران
2,800,000
1,176,000
42
باكستان
15,000,000
10,000,000
67
سوريا
400,000
200,000
50
العراق
6,800,000
3,400,000
50
قبرص
65,000
18,000
28
لبنان
65,000
محتمل
-
مصر
2,600,000
810,000
31
المصدر: Sustainable Development in Arid Zones, vol. 1, edited by Samira A.S. ET la, 1998, Table 4, p. 36
وعلى مستوى العالم تبلغ كمية التربة المفقودة بسبب الانجراف 2,5 مليار طن سنويا. وتقدر الأمم المتحدة أن عدم السيطرة على تعرية التربة يمكن أن يخفض الإنتاج العالمي من الغذاء بنسبة 19-29% حتى عام 2010 ، بسبب الفقر وعدم استطاعة الفلاحين حماية التربة، وتشير أيضا إلى أن المشكلات الاقتصادية تسبب أو تساعد على تفاقم التردي البيئي الذي يجعل بدوره ، الإصلاح الاقتصادي والهيكلي عملية يصعب تحقيقها فالحرمان الاقتصادي والتدهور البيئي يعزز كل منهما الآخر لتكريس الحرمان في كثير من البلدان النامية ومنها الكثير من الأقطار العربية . وهذا يذكرنا بقول بليغ للأمام علي بن أبي طالب " يؤتى خراب الأرض من إعواز أهلها " .
وتتعرض الغابات في العالم للقطع بمعدلات متصاعدة حيث دُمر 2,5 % منها خلال تسعينات القرن الماضي . وفي الأربعين سنة الأخيرة انخفضت حصة الفرد منها من 1,2 هكتار إلى أقل من 0,6 هكتار . بسبب النقص في الغابات والزيادة السكانية ؛ فمثلا فقدت الغابات المدارية الرطبة 75000 كم2 من مساحتها في 1979 و 142000 كم2 في 1989. وهذه تحتوي على50% من التنوع البايولوجي الباقي في العالم . وإذا استمرت معدلات القطع الحالية فيمكن أن يختفي باقي الغابات هذه في غضون 50 سنة . وما لم يتوقف أو يتباطأ بشكل أساسي معدل الفقدان الجيني للنباتات في العالم فأن 60,000 صنفا نباتيا – يمثل حوالي ربع مجموع الأصناف في العالم ـ يمكن أن يُفقد في 2025 . وفي العالم العربي ورغم محدودية الغابات التي تقدر بحوالي 135 مليون هكتار أي 9,6 % من المساحة الكلية إلا أن استغلالها لا يتسم بالتخطيط، إذ يسود القطع السيئ في أحيانا كثيرة لذا بات تدهور الغابات عاملا مهما في تدهور البيئة وتوجهها نحو الجفاف كما في سوريا ولبنان والجزائر والمغرب وتونس .
وفي العراق تراجعت الغابات من 192 ألف في 1990 إلى 189 ألف هكتار في 1994 . في كردستان بسبب القطع العشوائي والحملات العسكرية للقضاء على الحركة الكردية وما رافقها من إحراق آلاف القرى . وتراجعت أيضا غابات النخيل حيث فُقد خلال عقدي الثمانينات والتسعينات أكثر من 18 مليون نخلة بفعل الحروب والجفاف والآفات الزراعية. وبعد إن كان العراق يحتل المركز الأول في العالم من حيث عدد النخيل وإنتاج التمور لم يعد يمتلك سوى 12 مليون من أصل 30 مليون نخلة .وتراجعت أشجار الأثل التي تشتهر بها منطقة الزبير والتي كانت مكانا جيدا للترفيه .
وفي العالم ، تتقلص كمية الأوكسجين في الغلاف الجوي نتيجة نشاطات الإنسان . وتزداد الغازات الضارة مثل غاز ثاني أوكسيد الكاربون الذي زاد انبعاثه من 5,7 مليار طن في 1950 إلى 22,7 مليار طن في 1995 وأول اوكسيد الكاربون واكاسيد النتروجين وثاني اوكسيد الكبريت . وزيادة الغاز الأول تساهم بدرجة اكبر في توجه المناخ العالمي نحو الدفء وما ينتج عنه من قلة الأمطار وتراجع الموارد المائية والأراضي الزراعية في مناطق وزيادة الفيضانات في مناطق أخرى.
وتسبب الموارد غير المتجددة الكثير من المشاكل المعقدة، حيث إن استغلالها يمتاز بميزتين : الأولى تتمثل في الكميات الكبيرة من المنتجات الجانبية الناتجة عن استخراج واستهلاك الوقود المعدني، وحرق كمية من الأوكسجين لإتمام هذه العملية، والثانية إتلاف المظهر الطبيعي في مواقع المخزونات المعدنية، إضافة إلى ما ينتج من مواد كيميائية وأخرى في عملية تصنيعها وهذه أصبحت عاملا رئيسيا في الإضرار بصحة الإنسان. وينتج من تجريد الأرض من مكونات سطحها حوالي 150 كم3 من أكوام المخلفات والحجارة سنويا. وطبقا لأكثر التقديرات تحفظا، كان سكان العالم يستخدمون أكثر من 100 مليار طن من المواد الطبيعية المختلفة في بداية السبعينات والتي كان من المنتظر بلوغها 300 مليار طن في 2000 .
وبسبب اللامبالاة تجاه الحياة البرية، فقد وصل معدل انقراض الحيوانات البرية إلى مستوى قياسي، بعد إن كان ينقرض صنف واحد كل عشر سنوات بين عامي 1600-1950. ويعتبر الكثير من الحيوانات الفقرية اليوم إما نادرا أو مهددا بالانقراض. عموما أصبح انقراض الأصناف البرية أسرع بـ 50-100 مرة من الانقراض الطبيعي وهذا يهدد بحدوث فجوات كبيرة في شبكة الحياة. وتتعرض الثروة السمكية في البحار والمحيطات إلى الاستنزاف ؛ إذ تصاد سنويا كميات كبيرة منها . لذا بات ربع احتياطيها مستنزف أو في خطر الاستنزاف و44% يصاد على حساب حدوده البايولوجية .
أستاذ جامعي وباحث -
الحوار المتمدن - العدد: 1149 - 2005 / 3 / 27 :
استنزاف الموارد الطبيعية
يقود ما سبق إلى استنزاف كمي ونوعي لكثير من الموارد الطبيعية من خلال الاستعمال المفرط لها وعدم كفاية إجراءات تجديدها، كما يتضح من استعراض حالة عدد من الموارد المتجددة. تحتوي الأرض على كميات من المياه العذبة ، تبلغ 2,5% فقط من مجموع المياه و0,5% مياه سطحية أو جوفية متاحة . وتتباين كميات الأمطار تباينا كبيرا على مستوى العالم . إذ تستلم المنطقة العربية في غرب آسيا وشمال أفريقيا كميات قليلة جدا منها . وإذا استمر تلوث المياه عند معدله الحالي مع زيادة المياه المستخدمة بمعدل أعلى من نمو السكان في أجزاء عديدة من العالم، - تضاعف سكان العالم ثلاث مرات في السبعين سنة الماضية بينما تزايد استهلاك المياه ست مرات نتيجة ارتفاع النمو الصناعي والمستوى المعاشي وتوسع الري - فسيؤدي ذلك إلى استنزاف المياه العذبة في وقت قريب. ويستهلك حاليا 54% منها وإذا بقي استهلاك الفرد ثابتا حتى عام 2025 فيمكن استهلاك 70% نتيجة النمو السكاني وحده وإذ وصل إلى مستوى الدول الأكثر تقدما فيمكن استهلاك 90% في ذات السنة . في عام 2000 كان هناك 508 مليون إنسان في 31 بلدا يعانون من الضغط على المياه أو من شحتها ويتوقع أن يرتفع العدد إلى 3 مليار إنسان في 48 بلدا في 2025 . ويعد النقص في المياه معوقا جديا للتنمية الاجتماعية والاقتصادية في هذه الدول .
وفي العراق تراجع منسوب المياه في دجلة والفرات 43% مقارنة بالمعدلات الطبيعية . وهو مستوى قل نظيره منذ إن بدأ تسجيل منسوب المياه عام 1903 .وقد ساهمت بذلك بشكل رئيسي مشاريع المياه التركية المقامة على النهرين حيث أدت إلى تخفيض كمية المياه التي تصل إلى العراق من 24,3 مليار م3 إلى 16,7 مليار م3 في عام 1993 وإلى 15 مليار م3 في 1998 . وكانت توقعات قد أشارت إلى إمكانية انخفاضها إلى 7,5 مليار م3 في عام 2005 ( لوحظ ارتفاع مناسيب المياه في انهار العراق في ربيع 2004 ) مما سيؤدي إلى تراجع المساحات المزروعة 75% وهذا ينذر بوقوع كارثة كبيرة . لهذا فأن المياه تعد مسألة حيوية وحياتية . لذا يجب التوصل إلى تفاهم حولها لتثبيت الحقوق المكتسبة للعراق في النهرين وفق الأعراف والاتفاقيات الدولية. وهذا يمكن أن يكتسب زخما أكبر بعد إن سقط النظام الدكتاتوري.
تتعرض التربة للاستنزاف أيضا، فسنويا يُفقد 50000-70000 كم2 من الأراضي الزراعية الجيدة في العالم نتيجة النشاطات الإنشائية، والتعدين والصيانة والتصحر والتملح، والكثير من الأراضي المتصحرة أو المهددة بالتصحر تقع في العالم العربي، إذ هناك 357 ألف كم2 من الأراضي الزراعية والصالحة للزراعة ، أصبحت تحت تأثير التصحر . وسنويا يصاب 1,5 مليون هكتار من الأراضي الجيدة في الغالب بالتملح ويخرج من نطاق الإنتاج في العالم، والأمثلة في المنطقة العربية كثيرة كما في حوضي نهري دجلة والفرات في العراق وسوريا ومصر نتيجة سوء صرف الأراضي المروية . أنظر جدول رقم (4)
وتتسارع في العراق ظاهرة التصحر والتملح وتقدر الأراضي التي تعاني من التملح بـ 50% بسبب إهمال النظام السابق قطاع الزراعة والري – انخفضت استثمارات الدولة في الزراعة في خطط التنمية من 24% في 1970 إلى 9% في 1983 –إحصائية التملح هذه غير جديدة فما بالك الآن وقد مر العراق بثلاث حروب ورزح تحت وطأة الحصار 13 سنة .أضف إلى ذلك الكارثة البيئية التي نفذها النظام السابق بتجفيف اهوار العراق، إذ جفف أكثر من 20000 كم2 أي ما يعادل 90% من مساحتها ،والتي وصفها المراقب الدولي لحقوق الإنسان في العراق بأنها "جريمة القرن بحق البيئة " هذه التي كانت أوسع مساحة مائية في النظام البيئي في الشرق الأوسط إذ تزيد على ضعف مساحة لبنان. ومن المعروف أن الاهوار كانت غنية بمواردها النباتية والزراعية والحيوانية والسمكية وهي من المحطات الكبرى للهجرة السنوية للطيور من شمال أوروبا وغابات التندرا الروسية إضافة إلى محافظتها على التوازن البيئي. واستنادا لأحدث دراسة قامت بها جامعة اكستر البريطانية تبين أن خطر الملوحة في الأراضي أصبح عالياً جدا وأن كارثة ضياع مناطق استيطان الحيوانات حتمية بسبب تجفيف الاهوار. ومن الأمثلة الناتجة عن ذلك تراجع أعداد حيوان الجاموس الذي يعيش قرب الأنهار والاهوار من 148,000 في 1990 إلى 65,000 في 1998 وصيد الأسماك من 31,500 طن متري في 1990 إلى 00 22,5 طن متري في 1996 طبقا للإحصاءات الرسمية . نفذ النظام التجفيف تحت ذريعة توسيع الأراضي الزراعية، فيما تكذب الإحصاءات الرسمية ذلك. فقد تراجعت الأراضي الصالحة للزراعة من 5,78 مليون هكتار في 1994 إلى 5,54 مليون هكتار في 1998 . واضطر حوالي ربع مليون من سكان الاهوار للجوء إلى إيران إضافة إلى أعداد أخرى نزحت إلى المدن العراقية . وهذا يبين أن الهدف الحقيقي من هذه العملية هو قمع قوى المعارضة المسلحة التي كانت تنشط في هذه المناطق. وبعد إن سقط النظام يمكن أن تعود الاهوار بدرجة غير قليلة إلى طبيعتها السابقة –بادرت وزارة الموارد المائية إلى غمر 164 ألف دونم بالمياه وأعادت 4 اهوار إلى الحياة وهناك مصادر تتحدث عن غمر 30-40 % من الاهوار بالمياه - إذا ما تمت العملية وفق دراسات بيئية واقتصادية واجتماعية لتفادي الآثار الجانبية السلبية على المستوى الطبيعي والبشري لهذه العودة . ونأمل أن يكون مؤتمر الاهوار الذي عقد مؤخرا في العمارة بداية جادة في هذا الاتجاه . كذلك إفراغ الريف العراقي من سكانه ساهم في استمرار التصحر .فتدهور الزراعة ترافق مع تسارع الهجرة الريفية – الحضرية التي نتج عنها استنزاف ثابت للقوى العاملة الزراعية ففي 1970-1975 انخفضت 10% .
جدول رقم ( 4 ) امتداد مشكلة تملح التربة في الشرق الأدنى
البلد
|
مجموع الأراضي المروية (هكتار)
|
مجموع الأراضي المتضررة بالتملح (هكتار)
|
النسبة المئوية
|
الأردن
|
50,000
|
8000
|
16
|
إيران
|
2,800,000
|
1,176,000
|
42
|
باكستان
|
15,000,000
|
10,000,000
|
67
|
سوريا
|
400,000
|
200,000
|
50
|
العراق
|
6,800,000
|
3,400,000
|
50
|
قبرص
|
65,000
|
18,000
|
28
|
لبنان
|
65,000
|
محتمل
|
-
|
مصر
|
2,600,000
|
810,000
|
31
|
المصدر: Sustainable Development in Arid Zones, vol. 1, edited by Samira A.S. ET la, 1998, Table 4, p. 36
وعلى مستوى العالم تبلغ كمية التربة المفقودة بسبب الانجراف 2,5 مليار طن سنويا. وتقدر الأمم المتحدة أن عدم السيطرة على تعرية التربة يمكن أن يخفض الإنتاج العالمي من الغذاء بنسبة 19-29% حتى عام 2010 ، بسبب الفقر وعدم استطاعة الفلاحين حماية التربة، وتشير أيضا إلى أن المشكلات الاقتصادية تسبب أو تساعد على تفاقم التردي البيئي الذي يجعل بدوره ، الإصلاح الاقتصادي والهيكلي عملية يصعب تحقيقها فالحرمان الاقتصادي والتدهور البيئي يعزز كل منهما الآخر لتكريس الحرمان في كثير من البلدان النامية ومنها الكثير من الأقطار العربية . وهذا يذكرنا بقول بليغ للأمام علي بن أبي طالب " يؤتى خراب الأرض من إعواز أهلها " .
وتتعرض الغابات في العالم للقطع بمعدلات متصاعدة حيث دُمر 2,5 % منها خلال تسعينات القرن الماضي . وفي الأربعين سنة الأخيرة انخفضت حصة الفرد منها من 1,2 هكتار إلى أقل من 0,6 هكتار . بسبب النقص في الغابات والزيادة السكانية ؛ فمثلا فقدت الغابات المدارية الرطبة 75000 كم2 من مساحتها في 1979 و 142000 كم2 في 1989. وهذه تحتوي على50% من التنوع البايولوجي الباقي في العالم . وإذا استمرت معدلات القطع الحالية فيمكن أن يختفي باقي الغابات هذه في غضون 50 سنة . وما لم يتوقف أو يتباطأ بشكل أساسي معدل الفقدان الجيني للنباتات في العالم فأن 60,000 صنفا نباتيا – يمثل حوالي ربع مجموع الأصناف في العالم ـ يمكن أن يُفقد في 2025 . وفي العالم العربي ورغم محدودية الغابات التي تقدر بحوالي 135 مليون هكتار أي 9,6 % من المساحة الكلية إلا أن استغلالها لا يتسم بالتخطيط، إذ يسود القطع السيئ في أحيانا كثيرة لذا بات تدهور الغابات عاملا مهما في تدهور البيئة وتوجهها نحو الجفاف كما في سوريا ولبنان والجزائر والمغرب وتونس .
وفي العراق تراجعت الغابات من 192 ألف في 1990 إلى 189 ألف هكتار في 1994 . في كردستان بسبب القطع العشوائي والحملات العسكرية للقضاء على الحركة الكردية وما رافقها من إحراق آلاف القرى . وتراجعت أيضا غابات النخيل حيث فُقد خلال عقدي الثمانينات والتسعينات أكثر من 18 مليون نخلة بفعل الحروب والجفاف والآفات الزراعية. وبعد إن كان العراق يحتل المركز الأول في العالم من حيث عدد النخيل وإنتاج التمور لم يعد يمتلك سوى 12 مليون من أصل 30 مليون نخلة .وتراجعت أشجار الأثل التي تشتهر بها منطقة الزبير والتي كانت مكانا جيدا للترفيه .
وفي العالم ، تتقلص كمية الأوكسجين في الغلاف الجوي نتيجة نشاطات الإنسان . وتزداد الغازات الضارة مثل غاز ثاني أوكسيد الكاربون الذي زاد انبعاثه من 5,7 مليار طن في 1950 إلى 22,7 مليار طن في 1995 وأول اوكسيد الكاربون واكاسيد النتروجين وثاني اوكسيد الكبريت . وزيادة الغاز الأول تساهم بدرجة اكبر في توجه المناخ العالمي نحو الدفء وما ينتج عنه من قلة الأمطار وتراجع الموارد المائية والأراضي الزراعية في مناطق وزيادة الفيضانات في مناطق أخرى.
وتسبب الموارد غير المتجددة الكثير من المشاكل المعقدة، حيث إن استغلالها يمتاز بميزتين : الأولى تتمثل في الكميات الكبيرة من المنتجات الجانبية الناتجة عن استخراج واستهلاك الوقود المعدني، وحرق كمية من الأوكسجين لإتمام هذه العملية، والثانية إتلاف المظهر الطبيعي في مواقع المخزونات المعدنية، إضافة إلى ما ينتج من مواد كيميائية وأخرى في عملية تصنيعها وهذه أصبحت عاملا رئيسيا في الإضرار بصحة الإنسان. وينتج من تجريد الأرض من مكونات سطحها حوالي 150 كم3 من أكوام المخلفات والحجارة سنويا. وطبقا لأكثر التقديرات تحفظا، كان سكان العالم يستخدمون أكثر من 100 مليار طن من المواد الطبيعية المختلفة في بداية السبعينات والتي كان من المنتظر بلوغها 300 مليار طن في 2000 .
وبسبب اللامبالاة تجاه الحياة البرية، فقد وصل معدل انقراض الحيوانات البرية إلى مستوى قياسي، بعد إن كان ينقرض صنف واحد كل عشر سنوات بين عامي 1600-1950. ويعتبر الكثير من الحيوانات الفقرية اليوم إما نادرا أو مهددا بالانقراض. عموما أصبح انقراض الأصناف البرية أسرع بـ 50-100 مرة من الانقراض الطبيعي وهذا يهدد بحدوث فجوات كبيرة في شبكة الحياة. وتتعرض الثروة السمكية في البحار والمحيطات إلى الاستنزاف ؛ إذ تصاد سنويا كميات كبيرة منها . لذا بات ربع احتياطيها مستنزف أو في خطر الاستنزاف و44% يصاد على حساب حدوده البايولوجية .
اللاجئون والبيئة
يشمل صنف لاجئي البيئة الأفراد الذين يضطرون لمغادرة موطن إقامتهم بسبب التدهور البيئي وعدم توفر الحد الأدنى من موارد العيش، وقدر البنك الدولي هذا الصنف بـ 25 مليون نسمة في 1998 حيث تجاوز عددهم عدد اللاجئين بسبب الحرب لأول مرة في التاريخ. وهؤلاء اللاجئون وغيرهم الذين لجئوا إلى بلدان أخرى بسبب الاضطهاد السياسي أو الديني أو العرقي أو الحروب يتسببون في إحداث أضرار بيئية كبيرة في المناطق التي يلجئون إليها تتمثل مثلا في إتلاف الغطاء النباتي مثل حرق وقطع الأحراش والغابات لإغراض البناء والوقود والاستخدام المفرط للأرض في الزراعة .
ولنأخذ مثلا على ذلك من أفريقيا، ففي فترات قصيرة حدثت هجرات ضخمة للاجئين بين الدول الأفريقية. فقد نزح مئات الآلاف إلى الصومال. وتشير تقديرات الاستهلاك الريفي للخشب في هذا البلد، بأن كمية الخشب اللازمة لإنشاء كوخ لعائلة لاجئة من خمسة أشخاص تبلغ 2,4 م3 وللطبخ 1 م3 للشخص في السنة ، على افتراض أن استهلاك اللاجئين يكون متواضعا ربما يصل نصف الاستهلاك العادي . لذا يستهلك مخيم من 40,000 لاجئ حوالي 10,000 م3 من الخشب لإنشاء الأكواخ و20,000 م3 للطبخ سنويا . وفي المعدل ، سوف يستنزف 600 هكتارا من أرض الغابة في السنة الأولى من إنشائه ، وبعد ذلك 400 هكتارا في كل سنة . كذلك فإن قيام اللاجئين باصطحاب مواشيهم وبقائها بجوار المخيمات يمنع التجديد الطبيعي للغابة ويعوق برامج إعادة التشجير . ويؤدي تنظيف الأرض من النباتات إلى زيادة تأثرها بالرياح وجرف المياه وتكرر العواصف الرملية وزيادة ملوحة الأنهار ومخاطر الفيضان وانخفاض خصوبة التربة و هذه العوامل تساهم في توسع التصحر .
الإنسان والطبيعة …مرحلة جديدة
من المميزات الجديدة لمشاكل البيئة ، اكتسابها أبعادا عالمية تواجه كل الجنس البشري، إذ أصبحت صحة الإنسان ومصدر عيشه مهددة بشكل كبير بسبب عواقب العبث بالبيئة. وكما هو معروف ، إن الدول الصناعية المتقدمة، وبالأخص الولايات المتحدة الأمريكية، تساهم بالنصيب الأكبر في تلوث البيئة الطبيعية، فهذه الدول التي يسكنها أقل من ربع سكان العالم تنتج ثلاثة أرباع فضلاته (2,5 مليار طن سنويا) بمعدل 1,6 طن للفرد سنويا أي عشرة أضعاف ما يعود إلى الدول النامية. وبلغ استهلاك الولايات المتحدة من مصادر الطاقة 26% من الاستهلاك العالمي في 2000 ووصل انبعاث غاز ثاني اوكسيد الكاربون فيها ( 24% من انبعاث العالم ) إلى 5,7 مليار طن وأوروبا 4 مليار طن في 2001 . جدول رقم (5) ومع ذلك نجد هذه الدول تتهرب في المؤتمرات الدولية من الالتزام بإجراءات فعالة للحد من التلوث بدعوى تأثير ذلك على رفاهية شعوبها، كما حدث في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية الذي عُقد في ريو دي جانيرو في البرازيل في حزيران (يونيو) 1992 . ورغم اتفاق مؤتمر تغير المناخ في كيوتو في اليابان في 1997 على خفض انبعاث الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري إلا أن العديد من الدول الصناعية شهدت ارتفاعا في انبعاث غاز ثاني اوكسيد الكاربون في عام 2001 مقارنة بـ1990 وبنسب مختلفة : الولايات المتحدة (18%) واليابان (11%) وكندا(21%) و إيطاليا (6%) واستراليا(42%) والبرتغال (49%) وبلجيكا (12%) وهولندا(113%) وغيرها.
وعُقد مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ في لاهاي في 13 تشرين الثاني (نوفمبر) 2000 وحضره مندوبون من 180 دولة. ونوقش بروتوكول كيوتو القاضي بتخفيض الغازات الضارة بأكثر من 5% في الفترة 2008-2012 مقارنة مع 1990. لكن الولايات المتحدة الأمريكية لم تتجاوب لذلك فشل المؤتمر في التوصل إلى اتفاق. وفي آذار (مارس) 2001 أعلنت تراجعها عن البروتوكول مدعية أنه باهض التكلفة وظالم لأنه يفرض خفض هذه الغازات على الدول الغنية فقط! فيما أعلن الاتحاد الأوروبي انتقاده لهذا الموقف وتصميمه على المصادقة عليه عام 2002 موعد انعقاد القمة الثانية للأرض في جنوب أفريقيا.
وعُقدت قمة الأرض الثانية في الفترة 26 آب (أغسطس ) إلى 4 أيلول ( سبتمبر ) عام 2002 في جوهانسبورغ في جنوب أفريقيا تحت شعار " التنمية المستديمة " ورغم الحضور الواسع للحكومات والمنظمات غير الحكومية إلا أن نتائج القمة جاءت مخيبة للآمال لأسباب عدة أبرزها الضغوط وسياسة الترهيب والترغيب التي مارستها الولايات المتحدة .حيث نجحت في تعطيل وضع جدول أعمال لمشروعات ووثائق تقود العالم إلى حلول عادلة لمشاكل المناخ والبيئة والتنمية في محاولة لإحباط موضوع ارتفاع حرارة الأرض من أن يحظى بالأولوية التي يستحقها . لأن الولايات المتحدة ستحاكم عندئذ عن مسؤوليتها التي تتراوح 25-30%عن ذلك . وعن انسحابها من " بروتوكول كيوتو " .
أثارت النتائج الضعيفة للقمة غضب المنظمات العالمية لحماية البيئة وانسحبت منها المنظمات غير الحكومية ونظمت تظاهرة احتجاجا على نتائج المفاوضات التي اعتبرتها في خدمة الشركات المتعددة الجنسية . وقد وصفت منظمة أوكسفام الخيرية الدولية الاتفاق بأنه " انتصار للجشع والمصالح الذاتية ، ومأساة تحل بالفقراء والبيئة "
ذكر تقرير لجنة البيئة التابعة للاتحاد الأوروبي الذي نشر في 2 –12-2003 إن انبعاث الغازات الدفيئة في الاتحاد الأوروبي سينخفض فقط نصف في المائة في عام 2010 مقارنة بعام 1990 وهذا يخالف بروتوكول كيوتو الذي يلزم دول الاتحاد بخفضها 8% في العام المذكور . وفي ذات اليوم أعلنت روسيا أن البروتوكول في صيغته الحالية لا يمكن المصادقة عليه .ولكن الرئيس الروسي بوتين أعلن في 22-5-2004 بأن روسيا تريد المصادقة عليه بسرعة بعد أن قدم الاتحاد الأوروبي تنازلات كبيرة لروسيا بالموافقة على انضمامها لمنظمة التجارة العالمية .
وعزى التقرير أعلاه هذا الوضع إلى نمو قطاع النقل الذي اعتبره سببا مهما في زيادة الغازات الدفيئة . وسيرتفع انبعاث غاز ثاني اوكسيد الكاربون من هذا القطاع 34% في عام 2010 مقارنة بعام 1990 . وطبقا للتقرير فان خطة الاتحاد الأوروبي بالنسبة لهذه الغازات لم تنجز .
جدول رقم ( 5 ) انبعاث غاز ثاني اوكسيد الكاربون من الوقود في عدد من الدول في عام 2001 .
الدول
مجموع انبعاث غاز ثاني اوكسيد الكاربون ، مليون طن / سنويا
انبعاث غاز ثاني اوكسيد الكاربون للفرد /طن سنويا
الولايات المتحدة الأمريكية
5673
19,8
الصين
3113
2,4
اليابان
1132
8,9
ألمانيا
850
10,3
المملكة المتحدة
541
9,2
كندا
520
16,7
كوريا الجنوبية
436
9,2
إيطاليا
425
7,3
فرنسا
385
6,3
يشمل صنف لاجئي البيئة الأفراد الذين يضطرون لمغادرة موطن إقامتهم بسبب التدهور البيئي وعدم توفر الحد الأدنى من موارد العيش، وقدر البنك الدولي هذا الصنف بـ 25 مليون نسمة في 1998 حيث تجاوز عددهم عدد اللاجئين بسبب الحرب لأول مرة في التاريخ. وهؤلاء اللاجئون وغيرهم الذين لجئوا إلى بلدان أخرى بسبب الاضطهاد السياسي أو الديني أو العرقي أو الحروب يتسببون في إحداث أضرار بيئية كبيرة في المناطق التي يلجئون إليها تتمثل مثلا في إتلاف الغطاء النباتي مثل حرق وقطع الأحراش والغابات لإغراض البناء والوقود والاستخدام المفرط للأرض في الزراعة .
ولنأخذ مثلا على ذلك من أفريقيا، ففي فترات قصيرة حدثت هجرات ضخمة للاجئين بين الدول الأفريقية. فقد نزح مئات الآلاف إلى الصومال. وتشير تقديرات الاستهلاك الريفي للخشب في هذا البلد، بأن كمية الخشب اللازمة لإنشاء كوخ لعائلة لاجئة من خمسة أشخاص تبلغ 2,4 م3 وللطبخ 1 م3 للشخص في السنة ، على افتراض أن استهلاك اللاجئين يكون متواضعا ربما يصل نصف الاستهلاك العادي . لذا يستهلك مخيم من 40,000 لاجئ حوالي 10,000 م3 من الخشب لإنشاء الأكواخ و20,000 م3 للطبخ سنويا . وفي المعدل ، سوف يستنزف 600 هكتارا من أرض الغابة في السنة الأولى من إنشائه ، وبعد ذلك 400 هكتارا في كل سنة . كذلك فإن قيام اللاجئين باصطحاب مواشيهم وبقائها بجوار المخيمات يمنع التجديد الطبيعي للغابة ويعوق برامج إعادة التشجير . ويؤدي تنظيف الأرض من النباتات إلى زيادة تأثرها بالرياح وجرف المياه وتكرر العواصف الرملية وزيادة ملوحة الأنهار ومخاطر الفيضان وانخفاض خصوبة التربة و هذه العوامل تساهم في توسع التصحر .
الإنسان والطبيعة …مرحلة جديدة
من المميزات الجديدة لمشاكل البيئة ، اكتسابها أبعادا عالمية تواجه كل الجنس البشري، إذ أصبحت صحة الإنسان ومصدر عيشه مهددة بشكل كبير بسبب عواقب العبث بالبيئة. وكما هو معروف ، إن الدول الصناعية المتقدمة، وبالأخص الولايات المتحدة الأمريكية، تساهم بالنصيب الأكبر في تلوث البيئة الطبيعية، فهذه الدول التي يسكنها أقل من ربع سكان العالم تنتج ثلاثة أرباع فضلاته (2,5 مليار طن سنويا) بمعدل 1,6 طن للفرد سنويا أي عشرة أضعاف ما يعود إلى الدول النامية. وبلغ استهلاك الولايات المتحدة من مصادر الطاقة 26% من الاستهلاك العالمي في 2000 ووصل انبعاث غاز ثاني اوكسيد الكاربون فيها ( 24% من انبعاث العالم ) إلى 5,7 مليار طن وأوروبا 4 مليار طن في 2001 . جدول رقم (5) ومع ذلك نجد هذه الدول تتهرب في المؤتمرات الدولية من الالتزام بإجراءات فعالة للحد من التلوث بدعوى تأثير ذلك على رفاهية شعوبها، كما حدث في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية الذي عُقد في ريو دي جانيرو في البرازيل في حزيران (يونيو) 1992 . ورغم اتفاق مؤتمر تغير المناخ في كيوتو في اليابان في 1997 على خفض انبعاث الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري إلا أن العديد من الدول الصناعية شهدت ارتفاعا في انبعاث غاز ثاني اوكسيد الكاربون في عام 2001 مقارنة بـ1990 وبنسب مختلفة : الولايات المتحدة (18%) واليابان (11%) وكندا(21%) و إيطاليا (6%) واستراليا(42%) والبرتغال (49%) وبلجيكا (12%) وهولندا(113%) وغيرها.
وعُقد مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ في لاهاي في 13 تشرين الثاني (نوفمبر) 2000 وحضره مندوبون من 180 دولة. ونوقش بروتوكول كيوتو القاضي بتخفيض الغازات الضارة بأكثر من 5% في الفترة 2008-2012 مقارنة مع 1990. لكن الولايات المتحدة الأمريكية لم تتجاوب لذلك فشل المؤتمر في التوصل إلى اتفاق. وفي آذار (مارس) 2001 أعلنت تراجعها عن البروتوكول مدعية أنه باهض التكلفة وظالم لأنه يفرض خفض هذه الغازات على الدول الغنية فقط! فيما أعلن الاتحاد الأوروبي انتقاده لهذا الموقف وتصميمه على المصادقة عليه عام 2002 موعد انعقاد القمة الثانية للأرض في جنوب أفريقيا.
وعُقدت قمة الأرض الثانية في الفترة 26 آب (أغسطس ) إلى 4 أيلول ( سبتمبر ) عام 2002 في جوهانسبورغ في جنوب أفريقيا تحت شعار " التنمية المستديمة " ورغم الحضور الواسع للحكومات والمنظمات غير الحكومية إلا أن نتائج القمة جاءت مخيبة للآمال لأسباب عدة أبرزها الضغوط وسياسة الترهيب والترغيب التي مارستها الولايات المتحدة .حيث نجحت في تعطيل وضع جدول أعمال لمشروعات ووثائق تقود العالم إلى حلول عادلة لمشاكل المناخ والبيئة والتنمية في محاولة لإحباط موضوع ارتفاع حرارة الأرض من أن يحظى بالأولوية التي يستحقها . لأن الولايات المتحدة ستحاكم عندئذ عن مسؤوليتها التي تتراوح 25-30%عن ذلك . وعن انسحابها من " بروتوكول كيوتو " .
أثارت النتائج الضعيفة للقمة غضب المنظمات العالمية لحماية البيئة وانسحبت منها المنظمات غير الحكومية ونظمت تظاهرة احتجاجا على نتائج المفاوضات التي اعتبرتها في خدمة الشركات المتعددة الجنسية . وقد وصفت منظمة أوكسفام الخيرية الدولية الاتفاق بأنه " انتصار للجشع والمصالح الذاتية ، ومأساة تحل بالفقراء والبيئة "
ذكر تقرير لجنة البيئة التابعة للاتحاد الأوروبي الذي نشر في 2 –12-2003 إن انبعاث الغازات الدفيئة في الاتحاد الأوروبي سينخفض فقط نصف في المائة في عام 2010 مقارنة بعام 1990 وهذا يخالف بروتوكول كيوتو الذي يلزم دول الاتحاد بخفضها 8% في العام المذكور . وفي ذات اليوم أعلنت روسيا أن البروتوكول في صيغته الحالية لا يمكن المصادقة عليه .ولكن الرئيس الروسي بوتين أعلن في 22-5-2004 بأن روسيا تريد المصادقة عليه بسرعة بعد أن قدم الاتحاد الأوروبي تنازلات كبيرة لروسيا بالموافقة على انضمامها لمنظمة التجارة العالمية .
وعزى التقرير أعلاه هذا الوضع إلى نمو قطاع النقل الذي اعتبره سببا مهما في زيادة الغازات الدفيئة . وسيرتفع انبعاث غاز ثاني اوكسيد الكاربون من هذا القطاع 34% في عام 2010 مقارنة بعام 1990 . وطبقا للتقرير فان خطة الاتحاد الأوروبي بالنسبة لهذه الغازات لم تنجز .
جدول رقم ( 5 ) انبعاث غاز ثاني اوكسيد الكاربون من الوقود في عدد من الدول في عام 2001 .
الدول
|
مجموع انبعاث غاز ثاني اوكسيد الكاربون ، مليون طن / سنويا
|
انبعاث غاز ثاني اوكسيد الكاربون للفرد /طن سنويا
|
الولايات المتحدة الأمريكية
|
5673
|
19,8
|
الصين
|
3113
|
2,4
|
اليابان
|
1132
|
8,9
|
ألمانيا
|
850
|
10,3
|
المملكة المتحدة
|
541
|
9,2
|
كندا
|
520
|
16,7
|
كوريا الجنوبية
|
436
|
9,2
|
إيطاليا
|
425
|
7,3
|
فرنسا
|
385
|
6,3
|
استراليا
370
19,0
العراق
79
3,3
المصدر: CO2 Emissions from Fuel Combustion, OECD, 200 3, pp. 11.4 -11.51
تُظهر الأهمية الاجتماعية-الاقتصادية الجديدة لمشاكل البيئة بأن علاقات الإنسان بالطبيعة قد دخلت مرحلة من التطور ذات أهمية كبيرة بالنسبة لحاضر ومستقبل الأجيال القادمة، إضافة إلى أفاق تنمية القوى المنتجة وطنيا وعالميا، وبذلك فإن علاقة الإنسان مع الطبيعة كما يشير ماركس سوف " تنزع ذلك الحجاب الضبابي الغيبي عن روابط عقلانية شفافة . وإن التغيير العقلاني للطبيعة لن يشوه هذه الشفافية . ومع القضاء على الفوارق الطبقية والتصورات الوهمية والنزعات المصلحية تولد بين الناس علاقات واضحة شفافة وكذلك بينهم وبين الطبيعة ويولد اتجاه جديد في تقييم الطبيعة يؤكد على القيمة الموضوعية للأشياء والطبيعة ككل وبذلك تفقد الأشياء واستعمالاتها الطبيعة النفعية المجردة " . ويقول أيضا " إن الحضارة إذا ما تطورت بشكل عفوي ولم توجه بوعي فسوف تخلق من بعدها الصحراء " وبهذا فقد سبق ماركس البيئيين في التحذير المبكر من المخاطر التي تواجه البيئة بسبب الاستخدام غير العقلاني لمواردها. ومن هنا تأتي المطالبة بسياسات لحماية البيئة تأخذ في الاعتبار الجانب الاجتماعي- الاقتصادي السياسي الدولي منها، دون التأكيد على الجوانب التقنية فقط ؛ إذ على الدول المتقدمة أن تعي مسؤولياتها في حماية البيئة . وفي الوقت نفسه عليها تقديم الدعم للدول النامية لأنه في ظل التخلف والفقر لا تستطيع هذه الدول أن تساهم في هذه المهمة بنجاح .
370
|
19,0
| |
العراق
|
79
|
3,3
|
المصدر: CO2 Emissions from Fuel Combustion, OECD, 200 3, pp. 11.4 -11.51
تُظهر الأهمية الاجتماعية-الاقتصادية الجديدة لمشاكل البيئة بأن علاقات الإنسان بالطبيعة قد دخلت مرحلة من التطور ذات أهمية كبيرة بالنسبة لحاضر ومستقبل الأجيال القادمة، إضافة إلى أفاق تنمية القوى المنتجة وطنيا وعالميا، وبذلك فإن علاقة الإنسان مع الطبيعة كما يشير ماركس سوف " تنزع ذلك الحجاب الضبابي الغيبي عن روابط عقلانية شفافة . وإن التغيير العقلاني للطبيعة لن يشوه هذه الشفافية . ومع القضاء على الفوارق الطبقية والتصورات الوهمية والنزعات المصلحية تولد بين الناس علاقات واضحة شفافة وكذلك بينهم وبين الطبيعة ويولد اتجاه جديد في تقييم الطبيعة يؤكد على القيمة الموضوعية للأشياء والطبيعة ككل وبذلك تفقد الأشياء واستعمالاتها الطبيعة النفعية المجردة " . ويقول أيضا " إن الحضارة إذا ما تطورت بشكل عفوي ولم توجه بوعي فسوف تخلق من بعدها الصحراء " وبهذا فقد سبق ماركس البيئيين في التحذير المبكر من المخاطر التي تواجه البيئة بسبب الاستخدام غير العقلاني لمواردها. ومن هنا تأتي المطالبة بسياسات لحماية البيئة تأخذ في الاعتبار الجانب الاجتماعي- الاقتصادي السياسي الدولي منها، دون التأكيد على الجوانب التقنية فقط ؛ إذ على الدول المتقدمة أن تعي مسؤولياتها في حماية البيئة . وفي الوقت نفسه عليها تقديم الدعم للدول النامية لأنه في ظل التخلف والفقر لا تستطيع هذه الدول أن تساهم في هذه المهمة بنجاح .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق