التسميات

الخميس، 22 أغسطس 2013

رؤيا اكاديمية في التأثير السلبي لاقامة السدود في تركيا على الكورد

رؤيا اكاديمية في التأثير السلبي لاقامة السدود في تركيا على الكورد

شفق نيوز - اعداد : عدنان رحمن : في هذا البحث العديد من المعلومات المثيرة للاهتمام ، ويبدو ان الباحث بذل جهودا هائلة لجمعها .
ونرى مدى التأثير السلبي للمشروع على الحياة الاجتماعية والاقتصادية وحتى البيئية على الكورد وخصوصا الساكنين في هذه البقعة منذ الاف السنين . ان الرسالة للطالب ريّان  ذنون العباسي : بعنوان : مشروع جنوب شرقي الأناضول وتأثيره في العلاقات العربية- التركية : ج- الموصل 2004 :
نذكر في المقدمة بعض الاحصاءات التي وردت في الدراسة الاكاديمية ومنها : لا توجد أرقام دقيقة عن مجموع الكورد الذين يعيشون في تركيا بل أن هناك تقديـرات مختلفة تجعل مجموعهم يصل ما بين 7 ـ 8 ملايين نسمة أو ما بين 9 ـ 10 مليون نسمة {هامش في البحث : مجلة دراسات كوردية (باريس) ، ع 4 ، س 9 ، 1993} . في نهاية القرن ال20 قد يصل عددهم إلى 15 أو 17 مليون نسمة . {هامش في البحث : صبرية أحمد لافي ونصيف جاسم علي المطلبي} : تصل نسبة الكورد في مدن أرضروم وسيواس وقارص 13 % الى 20 %  وأورفه 42 %  وملاطيا  42 %  والإزيغ 51 %  وماردين 60 %  وديار بكر 8 , 68 %  وسيواش 4،74 %  وسييرت 5 ،74 %  وحكاري 1, 79 %  ووان 79 %  . وان الكورد يشكلون 20 %  تقريبا من مجموع سكان تركيا البالغ عددهم 62.6 مليون نسمة وذلك حسب الإحصائية الصادرة 1997 {هامش في البحث : سليمان ، السياسة المائية التركية وأثرها على دول الجوار ، ص 87} . لقد بين إحصاء 1990 أن حوالي 30 %  من سكـان جنوب شرقي الأناضول أي 3.6 مليون نسمة قد هاجروا باتجاه الأقسام الغربية من البلاد ، وأن 15 %  من سكان مدينة اسطنبول كبرى المدن التركية هم في الأصل من سكان إقليم الكاب وغالبيتهم العظمى من المزارعين .

ويضيف الطالب : لقد عانت مناطق الكورد من تدهور وتخلف بسبب طبيعة التركيب القومي ووجود التنظيمات السياسية السرية والعلنية الداعية إلى المطالبة بالاستقلال والاعتراف بحقوق الكورد القومية ، خاصة بعد تأسيس الجمهورية التركية 1923 ، ونتيجة لسياسة الاضطهاد والتمييز التي اتبعتها الدولة ضد الكورد وإمعانا منها في تدمير هويتهم القومية قررت الحكومة إطلاق تسمية (أكراد الجبل) عليهم ، مما اضطرهم إلى القيام بالعديد من الانتفاضات والثورات المسلحة خلال العشرينيات والثلاثينيات من القرن ال20 ، نتيجة لذلك أخذت الحكومة التركية تعمـل على نزع أسلحة القبائل الكوردية من جهة وتهجيـر وترحيل الكورد إلى المناطـق الغربية من البلاد خلال الفترة 1932ـ 1937 وشهدت المنطقة الكوردية في تركيا منذ نهاية الثلاثينيات وحتى ستينيات القرن ال20 هـدوء نسبي سرعان ما تزعزع 1971 عندما كشف عن وجود تنظيم كوردي في جنوب شرقي الأناضول لا سيما ديار بكر التي يعيش فيها حوالي 3 ملايين كوردي ، حيث سارعت الحكومة إلى إعلان الأحكام العرفية . ومنذ صيف 1984 اندلعت حركة كوردية مسلحة أخرى في تركيا لتستمر حتى 16 شباط 1999 . وعلى صعيد الأحوال الاجتماعية العامة للإقليم فهي سيئة للغاية ، إذ يسود التخلف أغلب المدن الكوردية ، ويعم الجهل كل القرى الريفية ، وانتشار الفقر الذي يعاني منه أكثر الكورد ، حتى أن القسم الأكبر منهم يعيش في أكواخ بسيطة متواضعة ، علما ان الاقتصاد التركي يعتمد بالدرجة الأساس على الزراعة ، حيث المح القائد التركي مصطفى كمال في كلمة ألقاها على أعضاء البرلمان 11- 3- 1922 : ((أيها السادة إننا بلد زراعي ، والفلاح هو السيد والمالك الحقيقي في تركيا ، لذلك يجب أن يكون هو صاحب الثروة الموفرة أكثر من غيره…)) .
تعد منطقة جنوب شرقي الأناضول من المناطق الغنية بالثروات المعدنية كالنحاس والحديد والنفط  ، ففي مدن بطمان وديار بكر وسييرت {محمد سعيد كتانة : لقد بدأت الحكومة بمحاولات لاستثمار حقول النفط فيها} .
يرجع اهتمام تركيا بموضوع الموارد المائية إلى 1925 ، عندما تقرر إنشاء بعض الدوائر الرسمية المختصة في مجال بحوث المياه ، فبدأت الحكومة على أثر ذلك بدراسة الأحواض النهرية لديها 1932 غير أن هذه الدراسات افتقرت إلى الدقة ، مما حدا بالرئيس مصطفى كمال إلى أن يأمر عام 1936 بتأسيس هيئة حكومية ، تأخذ على عاتقها مهمة تطوير الطاقة المائية (الهيدروليكية) للبلاد عرفت بالمديرية العامة لمسح موارد الطاقة الكهربائيـة ، ومن هنا يمكن القول أن الخطوة الأولى نحو إنجاز مشروع جنوب شرقي الأناضول ، قد بدأ في أعقاب تأسيس هذه المديرية التي وقع اختيارها في النهاية ، بعد إجراء الكثير من البحوث والدراسات العلمية للأنهار التركية على نهر الفرات ، فشرعت أولا بتنفيذ أعمال مسوحاتها التمهيدية 1936 حيث شملت نصب محطة رصد وقياس لمستوى مياه النهر في موقع يدعى كيبان . ويرجح أن فكرة المشروع مأخوذة في الأساس من مشروع أمريكي مماثل ظهر في تلك الفترة عرف بمشروع وادي تينيسي . استمر إعداد الدراسات حتى 1937 عندما تم تقديم التصاميم الفنية الأولى لمشروع متكامل الأغراض وذلك عن طريق بناء سد يقع في منطقة الإزيغ ، عند جنوب نقطة التقاء فرعي النهر (فرات صو ومراد صو) ، أطلق عليه أسم (مشروع سد كيبان) الذي كان الغرض الأساس من إنشائه ، تزويد مناطق شرقي البلاد بطاقة كهرومائية ، فيما استمر إكمال بقية الأعمال الجيولوجية والطبوغرافية الأخرى لمجرى كيبان الضيق حتى عام  1938 .
1954 بموجب القانون6200 تقرر تأسيس المديرية العامة للأشغال المائية الحكومية لتكون بمثابة هيئة رسمية قانونية تعمل تحت إشراف وزارة الأشغال العامة ، من واجباتها إجراء البحوث والدراسات المتعلقة بتدفق الأنهار، وتصنيف التربة وتقديم التوصيات والمقترحات المتعلقة بإنشاء وتشغيل هذه المشاريع . بيد أن المديرية العامة للأشغال المائية الحكومية تبلورت لديها بعد ذلك فكرة القيام بإجراء مسوحات مائية شاملة لمختلف مناطق تركيا كان الغرض منها تقسيم البلاد إلى 26 حوضا نهريا ، ساعد هذا التقسيم فيما بعد على التخطيط لإنجاز مشروع مستقبلي كبير هو (مشروع الكاب) الذي تتلخص مراحل إعداده بالآتي :
أولاـ حوض الفرات : قامت المديرية العامة لمسح موارد الطاقة الكهربائية ، بإعداد أول تقرير عن نهر الفرات 1958 ، وان مشروع الكاب لا يمكن إقامته ما لم يتم أولا الشروع بتأمين استمرارية جريان المياه في هذا الحوض بعد أن يتم إكمال بناء سد كيبان وتشغيل وحداته .
بدأت أعمال دراسة الحوض وتطوير مصادره المائية 1961 ، وذلك في أعقاب إنشاء سلطة تخطيط نهر الفرات ، التي اتخذت من مدينة ديار بكر مقرا لها ، صدرعنها في النهاية تقريران : الأول 1964 ، الثاني 1966 .
أضيف إلى هذا الحوض فيما بعد خطة تطوير حوض دجلة . تلا ذلك صدور تقريرين آخرين 1967 ، ركز التقرير الأول على أمور الري وإمكانية بناء نظامين من السدود ، بينما اقترح التقرير الثاني إمكانية القيام بإنشاء نظام مؤلف من 3 سدود هي : قره قايا ، جولكوي ، قره بابا وتؤلف جميعها مع قناة أورفه ومحطة ضخ دير حلوان (مشروع حوض الفرات الأسفل) .
وبناء على ما استقر عليه رأي المسؤولين الأتراك حول ضرورة تطوير أسفل سد كيبان ، فقد تضمنت الخطة النهائية إنشاء مجموعة من السدود ومحطات القوى الكهربائية المقترحة وهي : سد قره قايا ، سد جولكوي ، سد قره بابا .
حوض دجلـة : أن مناطـق هذا الحوض تمتاز بكونها معقدة التضاريس فالسلاسل الجبلية الوعرة ذات الارتفاعات الشاهقة تؤدي إلى جريان مياه النهر بشكل سريع .
بينما تتعرض الأجزاء السفلى من المجاري (الأراضي المتموجة) الخالية من الغطاء النباتي إلى تعرية شديدة ، وانجراف للتربة وتراكـم للترسبات وحـدوث للفيضانات ، مما يهدد جميع المشاريع المقامة في المناطق السهلية المختلفة مثل ديار بكر ، وقد أثر ذلك بدوره على طريقة توزيع السكان ، فلم تتجاوز الكثافة السكانية أكثر من 19 شخصا / كم2 ، كما أن شبكات الطرق والمواصلات لم يطرأ عليها هي الأخرى أي توسع أو تغيير فبقيت وسائل النقل بدائية ، الأمـر الذي جعل الحكومة التركية تتـردد كثيرا في التفكير بإمكانية وضع خطة ترمي إلى إعمار الحوض والنهوض به اقتصاديا ، خاصة بعد أن قامت الدوائر الرسمية المختصة بإجـراء دراسـات  استطلاعية ، تهدف إلى إنشاء بعض المشاريع الحيوية اللازمة لإنتاج الطاقة الكهربائية . وقد تبين من خلال المعلومات التي خرجت بها هذه الدوائر فيما بعد ، صعوبة إيجاد مواقع ملائمة لبناء سدود صغيرة ذات تكاليف قليلة لأسباب طبوغرافية وجيولوجية تتعلق بالحوض على وجه الخصوص .
1950 قامت مؤسسة (E.I.E.) بإجراء بحوث ودراسات مختلفة حول أراضي الحوض ، شملت مسائل المياه والزراعة والهندسة والجيولوجيا والمعادن ، لكن المحاولات الجدية لم تبدأ إلا 1958عندما صدر عن المؤسسة تقرير تناولت فيه خطة تطوير (أحواض دجلة الغربية) ، وتضمنت بناء 5 سدود هي : سلمان ، ديار بكر ، درنة على نهر دجلة ، وحسين خان على نهر بطمان صو ، وجزره على نهر جزره ، وكذلك بناء عدة محطات لتوليـد القدرة الكهربائية إضافة إلى إرواء حوالي 20 ألـف هكتار من الأراضي الزراعية ، ثـم أعقب ذلك صدور تقرير ثان عن (أحواض دجلة الغربية) قامت بإعداده D.S.I. ، أشارت فيه إلى وجود أراض زراعية تبلغ مساحتها 190 ألف هكتار يمكن إرواء قسم منها بالضخ والقسم الآخر بواسطة الري عن طريق إقامة 20 سدا مائيا ، فضلا عن بناء 16 محطة لتوليد الكهرباء .
كما أشارت الدراسات الأولية إلى إمكانية التخطيط لإقامة مشاريع مستقبلية أخرى يبلغ عددها 33 مشروعا تشمل : سدود سلمان وديار بكر وكارزان وبطمان وروزوك وجزره .
كذلك أعدت الحكومة التركية في الفترة الأخيرة برنامج أخر يرمي إلى تشييد مجموعة من السدود الإروائية تتضمن إنشاء 37 خزانا و 41 شبكة إروائية على نهر دجلة . أما بالنسبة لأقسام رافدي النهر (الزاب الكبير والخابور) في تركيا ، فلا توجد أية دراسات خاصة تتعلق بإمكانية إقامة مشروعات اقتصادية ، تهدف إلى استغلال مياههما لأغراض الري والزراعة وهيأت مؤسستا (E.I.E.) و(D.S. I.) تصاميم عدة لمشاريع سدود (كرال كيزي وسليفان واليسيو) ومشاريع أخرى ، تهدف إلى محاولة ربط أحواض دجلة الغربية بأحواض الفرات ضمن إقليم (الكاب التركي) .
مشروع (سد كيبان) اللبنات الأساسية له 12 حزيران 1966 بضمنها مشروع حوض الفرات الأسفل .
لقد سعت الحكومة التركية إلى القضاء على الفجوات الاقتصادية والاجتماعية المنتشرة بين أقاليم البلاد المختلفة ، بدأ هذا الأمر يتحقق على يد هيئة جديدة أخرى تم استحداثها 1971 في ظل إطار منظمة التخطيط الوطنيــة اطلق عليها اسم (إدارة المناطق المتخلفة أو قسم الأقاليم تحت التطوير) . أخذت وحدات مشروع الكاب تتبلور نتيجة للتفاعل الذي حصل بينها وبين الوزارات والدوائر الرسمية المكلفة بتنفيذها في ظل الإشراف المباشر الذي تقدمه لها منظمة ( S . P. O.) .
بسبب أزمة الطاقة 1974 أجرت الحكومة تعديلات جذرية على المخططات وفي 1977 استقر الرأي على إبقاء مخطط سد قره قايا على وضعه وإلغاء بناء سدي قره بابا وجولكوي اللذين أستعيض عنهما بإنشاء سد عملاق (سد أتاتورك) ودمج قناتي أورفه وهلفان اللتين كانتا حسب المخطط القديم مستقلتين بقناة واحدة تتفرع بدورها إلى نفقين طويلين يتوليان مهمة سحب المياه من خزان أتاتورك ، سمّي هذا المشروع ب(أنفاق قناة شانلي أورفـه) .
بعـد أن أكملت كل مـن (D. S. I.) وسلطة نهر الفرات إعداد وتحضير التصاميم المقرر إنجازها على حوضي الفرات ودجلة ، تقرر 1977 دمج المشاريع المتعلقة بهذين الحوضين في خطة رئيسة مستقلة تم تبنيها تحت أسم واحد هو (مشروع جنوب شرقي الأناضول) ،كان في طليعتها مشروع سد قره قايا الذي يشكل الحلقة الثانية من حلقات مشروع الكاب ، بالرغم من اكتمال التصاميم الفنية 1976 ، إلا أن المسؤولين الأتراك توقعوا أن ينتهي بناؤه 1982 لكنه تأخر ل 1986ـ 1987 .
من الأعمال التكميلية التي عهدت للمقاولة  1977 مشروع الفرات الأسفل (منظومة أنفاق شانلي أورفه) التي تعمـل على تحويل مياه النهر الطبيعي إلى مجرى صناعي أخـر لا يمكن له أن  يلتقي أبـدا بالمجرى الأصل ، وقد اضطرت الحكومة إلى إيقاف العمل به مؤقتا فاقترحت (D. S. I.) 1980 القيام مجددا بوضع مخطط أساسي أخر يهدف إلى إجراء دراسات شاملة للمصادر المائية في إقليم جنوب شرقي الأناضول أسفرت الخطة في البداية عن ظهور 12 مشروعا لكـن المسؤولين اقترحوا فيما بعـد إعداد برنامج شامل أوسع يهدف إلى التخطيط لإقامة 13 مشروعا لإقامتها على كلا الحوضين ، منها 7 على الفرات و 6 على دجلة .
ملحق 1 : خطة تطوير حوض (الفرات) إقامة المشاريع الاتية :
1 ـ مشروع الفرات الأسفل بمرحلتيه (الأولى والثانية) . 2 ـ  مشروع سد قره قايا . 3 ـ  مشروع سورج بازيكي . 4 ـ  مشروع الفرات الأعلى (الحدودي) . 5 ـ  مشروع أدي يامان كاهتا . 6 ـ  مشروع أدي يامان ـ كوك صو ـ عربان . 7 ـ  مشروع غازي عنتابوعن انسحاب شركتي (بلفور بيتي) البريطانية و (وامبريليو) الإيطالية عبر المدير التنفيذي لمشروع حقوق الأنسان.
في تركيا كريم يلدز لهيئة الإذاعة البريطانية (B.B.C) بقوله : ((إن المشروع برمته أصبح في مهب الريح ، وانه لخبر عظيم انسحاب الشركة البريطانية من تنفيذ المشروع والمساهمة في بنائه ، ولكن الحكومة التركية لا تشارك أنصار البيئة وحقوق الإنسان غبطتهم ، بل بالعكس ستعد أنقرة إلغاء المشروع بوصفه ضربة لتركيا التي ما لبثت تحاول اجتذاب رؤوس الأموال إلى البلاد)) .
كما أثارت التحقيقات التي نشرتها صحيفة الغارديان البريطانية الصادرة 25 حزيران 1999 وما نشرته صحيفة توركيش ديلي نيوز التركية الصادرة 27 حزيران من العام نفسه ، حفيظة إحدى المنظمات غير الرسمية وهي (منظمة أصدقاء الأرض) التي تقدمت بدعوى قضائية ضد وزير التجارة البريطاني تتهمه فيها بالامتناع عن تقديم وثائق سرية تتعلق بالآثار البيئية التي ستنجم عن بناء السد المذكور ، وكان الوزير قد غض النظر عن الموضوع ، وأخفى حقيقة ما سيؤدي إليه بناء المشروع من غرق أعدادٍ كبيرة من القرى وتشريد لعشرات الآلاف من السكان القاطنين في منطقة المشروع وايضا ستتعرض حصن كيفا الأثارية ومدن أخرى عريقة في القدم والأصالة التاريخية كمدن (زيكما) و (اباميا) و (أوريما) وربما (هلفتي) التي تعود أثارها إلى العصر الحيثي ، إلى الغرق الكلي بفعل إقامة سد بيره جك على نهر الفرات حيث ستمحو مياهه جميع الآثار الموجودة في هذه المدن التاريخية القديمة .
الفصل الرابع : أهداف مشروع جنوب شرقي الأناضول ومنها :
2 ـ الأهداف الأمنية : لما كانت منطقة جنوب شرقي الأناضول تسكنها غالبية كوردية تشهد منذ فترة طويلة اضطرابات وحركات مسلحة بين الكورد والجيش وقوى الأمن التركية فإن الحكومة التركية اعتقدت أن أفضل سبيل للقضاء على مصدر هذه الاضطرابات والنزاعات الدموية ، هو تنمية وتطوير هذه المناطق الكوردية ، وخلق نوع من المحفـزات أمام الأتراك للقـدوم إلى هذه المنطقة ، من أجل زراعتها والاستفادة منها بغية إحداث تغييرات ديموغرافية في التركيب السكاني للمنطقة وجعل الكورد أقلية فيها ، وعلى أثر اكتشاف السلطات الأمنية لوثائق كانت بحوزة عدد من الكورد تهدف إلى إعداد خطط لإقامة دولة كوردية على النمط الأيديولوجي الماركسي تكون عاصمتها ديار بكر اصدرت الحكومة التركية قانون حالة الطوارىء أيلول 1980 ، واستمرت الحكومة بتطبيقه حتى 9 نيسان 1984 ، عندما صدر قانون آخر سمي بقانون (مكافحة الإرهاب) ، ثم وجدت الحكومات التركية أن الحل العسكري لا يكفي وحده للقضاء على الحركات الكوردية  المسلحة في منطقة جنوب شرقي الأناضول ، لذلك بدأت بالبحث عن حلول أخرى تكفل لها حل هذه القضية بأسرع فترة ممكنة ، فكان من بين الوسائل التي لجأت إليها هي اعتماد سياسة تقوم على إفراغ القرى الكوردية من سكانها وتدميرها ، للحيلولة دون استخدامها لأغراض التخفي أو الهرب ، ومن ثـم إجبار سكانها على الهجـرة نحو المدن التركية الكبرى . وقد كان صاحب هذه الفكرة الرئيس التركي الراحل توركوت أوزال ، وبسبب عدم جدوى الفكرة بدأ أوزال يفكر في حل آخر يخرج بلاده من المأزق فرأى في مشروع الكاب جزءا من ذلك الحل ، فأخذ يركز على الأهمية الاقتصادية والاجتماعية التي سوف يجنيها الكورد من هذا المشروع . ولكن في ظل استمرار معاناة هذا الإقليم وتدهور أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية ، فإن جميع الأحزاب التركية من دون استثناء اتفقتا على أن تدهور هذه الأوضاع كان هو السبب الرئيس وراء تصاعد وتيرة حركة المعارضة الكوردية المسلحة ، مما أدى إلى زيادة معدل الهجرة الكوردية من الأقسام الجنوبية الشرقية إلى الأقسام الغربية من البلاد ، الأمر الذي ترتب عليه حدوث مشاكل اجتماعية إضافية في المدن الكبرى {هامش في البحث : الداقوقي : صورة الاتراك لدى العرب} .
وان عمليات التهجير التي اتبعتها الحكومات التركية تجـاه الكورد تمخض عنها إخلاء أكثر من 3 الف قرية ومزرعة من سكانها بالكامل ، بحيث بلغ عدد المهاجرين من منطقة جنوب شرقي الأناضول أكثـر من مليون مواطن استقـر اغلبهم في المناطق الغربية الجنوبية والغربية من البلاد . ومع استمرار محاولات الجيش التركي للقضاء على حزب العمال الكوردستاني فإن سياسة التهجير القسرية هذه ظلت مستمرة ضد السكان الكورد لمدة خمس سنوات . 1989 قررت الحكومة إرسال حوالي 6500 جنـدي تركي وقامت هذه القوات خلال شهري آب وأيلول 1990 بتدمير حوالي 27 قرية وعدد كبير من المستوطنات الزراعية ، على الرغم من كل هذه الإجراءات الاحترازية ، فإن جهاز الاستخبارات التركي (M. I. T.) قدم تقرير 1994 بين فيه أن حوالي 375 ألف شخص من سكان إقليم جنوب شرقي الأناضول كانوا يقدمون دعما لوجستيا للحركة .
الأهداف الاجتماعية :
أن إقليم جنوب شرقي الأناضول يعد من أكثر أقاليم تركيا تخلفا مقارنة بالأقاليم الأخرى فجغـرافية المنطقة الصعبة تختزن فيها خبرات ذات طبيعة معقدة لا يزال تأثيرها قائما حتى اليوم إذ يعد التراث البـدوي لسكان الإقليم صفة بارزة لهم ، فالتنظيم الاجتماعي يقوم على أساس قبلي ، والقبيلة الكوردية تشكل وحدة اجتماعية سياسية ووحدة إقليميةـ اقتصادية قائمـة على القرابة الحقيقية ، وهي بدورها تنقسم فيما بينها إلى عدة فروع ثم إلى عدة وحدات أصغر ، وان المشروعات التي تنوي تركيا إقامتها في المناطق الواقعة على نهر الفرات ، يكثر فيها انتشار الأقليات القومية والطائفية والتي لم تتمكن في الماضي من الانسجام والتعايش مع بقية أطياف المجتمع التركي من جهة ، ومن جهة أخرى فإن إقامة مثل هكذا مشاريع سـوف يعني جلب واستقدام المزيد من الأجانب والمهاجرين ، مما سيؤدي إلى حدوث زيادة كبيرة في أعداد السكان تماما كما حدث بالنسبة لمنطقة سد كيبان ، لكن هذه الزيادة الملحوظة في أعداد المهاجرين قد تركت آثارا سلبية اخرى واضحة على بنية التوزيع السكاني نفسه ، إذ أصبح عدد المهاجرين من الذكور أكثر من عدد النساء بأضعاف مضاعفة .
بالنسبة لبقية المدن الكوردية الأخرى الواقعة في الإقليم كموش وحكاري وبتليس وبينغول ، فإن دخل الفرد الشخصي كان أقل مما هو عليه في عدد من المدن الأفريقية ، كما أن المستوى المعاشي للسكان الأتراك القاطنين في الريف الجنوبي الشرقي هو أسوأ بكثير مما هو عليه في بقية المدن التركية مما دفع بالسكان إلى الهجرة نحو الأقسام الغربية .
وتكمن العقبة الأساسية التي تقف بوجه المزارعين الكورد في مسألة الأراضي التي يملكها كبار الملاكين المتنفذين ، فبينما تملك العوائل المتنفذة في المنطقة (تمثل 5 %  من مجموع السكان) حوالي 65 %  من الأراضي ، فإن حوالي 70 %  من سكان الإقليم لم يكن يملكون سوى 10 %  فقط من الأراضي المتبقية ، ولعل التقرير الفرنسي عن مدينة ديار بكر يعطي صورة واضحة عن الوضع المتردي المأساوي لما آل إليه مستقبل الأطفال المشردين في شوارع هذه المدينة ، إذ ينتشر هؤلاء الفتية في كل مكان وهم يسيرون بملابس رثة وأجسام وسخة لكي يعملوا ويعيلوا أسرهم الفقيرة .
انتقادات وجهت للمشروع (السدود) : أشار سيرين بغيت رئيس غرفة التجارة والصناعة في ديار بكر 1997 : إلى أن الحكومات التركية المتعاقبة أعطت الإنطباع لكثير من الأتراك بأن الملايين من الدولارات قد تم صرفها على منطقة جنوب شرقي الأناضول ، وأن الكثير من الوسائل قد اتخذت من أجل النهوض بالمنطقة وتطويرها لكنه ((في الحقيقة لم يجر عمل أي شيء ، وأن هذا لم يكن إلا مجرد أكاذيب)) ، وأن الوضع سيتفاقم مع مرور الوقت نحو الأسوأ طالما أن هذا المشروع أصبح هدفا للأغنياء القادمين من أنقرة واسطنبول ، الأمر الذي سيؤدي إلى تحويل عدد كبير من السكان إلى مجرد عمال زراعيين أجراء ، وسيدفع المشروع أيضا بالقوة الاجتماعية القائمة على أساس ملكية الأرض أو الولاء للدولة باتجاه المزيد من الفوارق والإختلالات البنيوية للسكان .
وان هناك حوالي 3500 مستوطنة ريفية ما زالت تفتقر للمياه الصالحة للشرب ، وهي تؤلف حوالي 35 %  من مجموع المستوطنات في المنطقة ، وهذه النسبة ترتفع إلى 55 %  إذا أخذنا في نظر الاعتبار بقية المناطق الواقعة وسط مياه آسنة غير صالحة صحيا للاستخدام البشري . وأخيرا فإن معظم إنتاج الطاقة الكهربائية التي تولدها وحدات مشروع الكاب تذهب إلى الأقسام الغربية من تركيا لتغذي المدن الصناعية الكبرى .
{هامش في البحث : عبد الستار سلمان حسين : مجلة دراسات اجتماعية ، بغداد ، بيت الحكمة ، ع 7 ، س 2 ، خريف 2000 ، ص 25} : من أهداف الحكومة التركية لمشروع الكاب : إحداث تغيير كبير في الخارطة الديموغرافية لمنطقة جنوب شرقي الأناضول التي تسكنها غالبية كوردية ، والعمل على خلق تركيب غير متجانس من الكورد والأتراك عن طريق توطين ما يقرب من ستة ملايين تركي ..
ملحق 2 خطة تطوير حوض (دجلة) فتتألف من المشاريع الاتية :
1 ـ  مشروع دجلة ـ كرال كيزي . 2 ـ  مشروع بطمان . 3 ـ  مشروع بطمان ـ سليفان . 4 ـ  مشروع كارزان . 5 ـ  مشروع سد اليسيو . 6 ـ  مشروع جزرة .
ولكي تتمكن تركيا عن طريق إقامة هذه المشاريع المائية من ربط كلا الحوضين بمشروع أساسي واحد هو مشروع الكاب الذي شرع بتنفيذ وحداته مرة ثانية دون أن تبادر الحكومة التركية إلى الإعلان عنه رسميا {هامش في البحث : سامر مخيمر وخالد حجازي : أزمة المياه في المنطقة العربية (الحقائق والبدائل الممكنة) ، سلسلة عالم المعرفة ، ع 209 ، المجلس الأعلى للثقافة والفنون والآداب ، (الكويت ، مطابع السياسة ، 1996) ، ص 112} .
1986 تم تكليف (S . P. O.) بمهمة تحديد الإقليم كله في إطار تخطيط إقليمي . فتقرر أن يغطي المشروع 9 محافظات تركية ، تقع جميعها في الأجزاء الجنوبية الشرقية من البلاد هي : (غازي عنتاب ، ديار بكر ، شانلي أورفه ، أدي يامان ، سييرت ، شرناخ ، ماردين ، بطمان ، كالس)  .
وفيما يتعلق بفرص العمل التي سوف يوفرها المشروع التقديرات الأولية بعض المصادر بحدود 92 ألف فرصة عمل وبعضها الأخر 1.6 مليون فرصة فيما يرتفع هذا العدد إلى 3, 3 ملايين فرصة عام 2000 حتى يصل في النهاية إلى نحو 5 ملايين فرصة عمل .

يكمن الهدف الحقيقي وراء قيام الأتراك بتنفيذ مشروع الكاب إلى السيطرة على مياه نهري الفرات ودجلة . اللذين ينبعان من منطقة جنوب شرقي الأناضول ، والتحكم بهما عن طريق وحدات هذا المشروع الضخم الذي يعتمد بدوره على 80 % من مياه نهر الفرات و 20 %  من مياه نهر دجلة .
ثم قررت الحكومة تأسيس هيئة جديدة تأخذ على عاتقها متابعة كافة المشاريع الداخلة ضمن إطار المشروع وتعجيل عملية إنجازه من خلال الإشراف العام على النشاطات الاقتصادية الضخمة من أعمال تشييد وزراعة وصناعة وتعدين وطاقة ونقل ومواصلات وسياحة وخدمات عامة ، ودراسة مجالات الاستثمار والإشراف على التخطيط الإقليمي واستخدام وتوزيع الموارد ، وأخيرا الإشراف على القروض والأعمال المصرفية والمالية فقد نص قرار مجلس الوزراء 1989 على استحداث مؤسسة حكومية رسمية تابعة له سميت بـ(منظمة تنمية إقليم مشروع جنوب شرقي الأناضول) هذه الإدارة من المجلس الأعلى لمشروع الكاب يترأسه رئيس الوزراء شخصيا أو من ينوب عنه بالوكالة من وزراء  الدولة ، ومن ثلاثة وزراء آخرين ، الأول هو وزير الدولة المسؤول عن المشروع ، والثاني مكلف بالإشراف على(S . P. O.) ، والثالث هو وزير الأشغال العامة والتوطين . كما سيتولى كل من صندوقي (الإسكان الموسع والتضامن العام) الحكوميين ، بمهمة الإدارة .
لقد أدت المشاكل أثناء تنفيذ حلقات هذا المشروع إلى تأخر عمليات إنجازه ، فاضطرت منظمة التنمية الإقليمية إلى تمديد سنوات العمل المقررة له الأمـر الذي نجـم عنه إجراء الكثير من التعديلات والتحويرات ففي البداية حددت الإدارة في خطتها الأولية الخاصة بالمشروع ووضعوا عام 1999 موعدا أخيرا لإنجازه ثم قامت بتمديد الفترة الزمنية حتى 2003 كي يتمكن المسؤولون خلالها من إنهاء جميع المشاريع الممولة من قبل الحكومة ، لذا اتخذت الخطة الرئيسة من  2005 موعدا نهائيا لإكماله ، وأشارت المصادر إلى أن تركيـا لن تتمكن من تنفيـذه حتى 2010 في حين يرى المشرف الإداري له وهو أولجاي أنور :
أن المشروع لن ينجـز بمراحله النهائية قبل 2017 ، ويرجع السبب الرئيس الذي يقف وراء تأخره بهذا الشكل إلى المشكلة المالية تزايد نفقات بنائه المالية إلى 32 مليار دولار ، وإن أخر التقارير الرسمية تشير إلى أن المشروع سوف يتأخر تنفيذه إلى 2029 {هامش في البحث : وزارة الاعلام : وكالة انباء الاناضول} .
لقد عبر فروح أنك أحد المشرفين على عملية تشييده : أنها كانت أسرع عملية بناء يشهدها العالم . وهذا السد أعلى 6 مرات من سد كيبان و مرتين من سد أسوان العالي في مصر ، و 4 مرات من جسر الپسفور المقام في اسطنبول .
عقدت العديد من المؤتمرات والندوات الخاصة المهتمة بدراسة تاريخ المنطقة ، ففي تشرين الأول 1989 عقد في أنقرة المعرض الدولي للزراعة وكان تحت شعار(الزراعة ومشروع الكاب) . كما قامت الحكومة التركية بتخصيص قنوات إعلامية مختلفة مثل شبكات الخدمة الدولية (الإنترنت) ، ومحطات تلفازية رسمية ، ومراكز علمية حكومية تعمـل جميعها على متابعـة وملاحظة كـل ما يطرأ على هذا المشروع من تطورات وتأثيرات طبيعية وبشرية ، فعلى سبيل المثال لا الحصر قام التلفزيون التركي 1988 بإعداد فيلم وثائقي مؤلف من 12 حلقة ، تناول فيها دراسة العادات والتقاليد اليومية لسكان نهري الفرات ودجلة القاطنين في منطقة جنوب شرقي الأناضول التركية {هامش في البحث : سفارة الجمهورية العراقية بأنقرة (الدائرة الصحفية) ، التقرير الصحفي الأسبوعي (السري) برقم : ص / 53 والمؤرخ 15- 3- 1990 المرسل إلى وزارة الثقافة والإعلام (دائرة الإعلام الخارجي) ، سجل وثائق الخارجية العراقية برقم 3} .
الفصل الثالث : مشكلة التمويل : 1964 انتقد الكاتب التركي حسين سراج أوغلو في مقال له نشر آنذاك في صحيفة (يني طنين) التركية الصادرة في مدينة اسطنبول بتاريخ 1 أب 1964 سياسية الحكومة الرامية إلى بناء حوالي 102 سد في منطقة حوض الفرات قائلا : ((إن الحديث عن قيام الحكومة ببناء سلسلة سدود مائية في جهات مختلفة من حوض النهر، هو حديث يسهل على الألسن تداوله وعلى الورق كتابته ، فقد قالوا لنا بان مبلغ 3 مليارات ليرة تركية سيتم تخصيصها لإنجاز أحد هذه المشاريع وهو مشروع سد كيبان ، عن طريق تأمين القروض الخارجية له من حكومات أجنبية تقدمها الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا… ، إننا لن نتطرق في حديثنا هذا إلى النتائج الخطرة للقروض المالية ، ولا إلى التنافس القائم بين البلدان المتقدمة والبلدان المتخلفة ، بل سنتكلم عن التكاليف الحقيقية لكل مشروع تنوي الحكومة إنشاءه ، فلو كان بناء سد كيبان سيكلف ما بين 50- 100 مليون ليرة تركية بدلا من المبلغ الضخم الذي خصص له (3 مليارات ليرة) فهل كان يا ترى سيهتم بتمويله الألمان مثلا ؟ . نعم إن أي فرد لا يستطيع الادعاء بعدم فائدة هذا المشروع في مجال توليد الطاقة الكهربائية ، ولكن هل يجب من أجل تحقيق النمو الاقتصادي للبلاد صرف مبلغ يربو على 3 مليارات ليرة لمشروع واحد فقط أم انه ينبغي تقسيم ذلك المبلغ إلى عدة مبالغ أخرى تستثمر جميعها في إنشاء مشاريع متعددة تهم كافة أفراد الشعب عموما وتوفر لهم في أحسن الظروف والأوقات فرص عمل ملائمة وموارد اقتصادية مناسبة… وطالما أن الحسابات هنا كانت واضحةً جدا ، فما هي الأسباب والدوافع يا ترى التي جعلت الحكومة تفكر في الإكثار من إقامة سلسلة السدود هذه ؟ وكيف يستطيع هذا الشعب تحمل تكاليف بناء هذه المنشآت ؟ . إن من المهم إعداد مشاريع تقام إلى ما بعد 100 أو 150 سنة قادمة)) .
وتحت عنوان ((لقد تعرضنا للدمار والإفلاس بسبب مشروع شرقي الأناضول- الكاب)) ، نقلت صحيفة (صباح Sabah) التركية في تشرين الثاني 2001 ، عن رئيس بلدية اسطنبول السابق بدر الدين دالان قوله : ((لقد تم إنفاق 100 مليار دولار لحد ألان على مشروع الكاب ثم وصلنا بعد ذلك إلى حالة الانهيار ، وأصبحنا نعتمد في النهاية على مساعدة العالم الخارجي لنا)) . الصحيفة علقت : ((إن كلمات دالان حول هذا المشروع ، ستثير حتما غضب الرئيس التركي السابق سليمان ديميريل ، وستجعل الرئيس الأسبق توركوت أوزال يتقلب في قبره)) .
لقد امتنع الاتحاد السوفياتي في الثمانينيات عن تقديم القروض أو المنح المالية إلى الحكومة التركية إلا بعد أن يتم التوصل إلى حل عادل ومنصف لمسالة تقاسم المياه بين تركيا من جهة وبين العراق وسوريا من جهة أخرى .
بالنسبة الى سويسرا : قام كل من اتحاد التجارة ومؤسسة البنوك السويسريين بتمويل سدي قره قايا وأتاتورك على الرغم من معارضة السلطات الحكومية لهما على إعطاء الضمانات القانونية للشركات الراغبة في التعاقد معهما مستقبلا على تشييد سدود الكاب الأخرى ، وبعد أن تبين لها أن هذه المشاريع سوف تؤدي إلى تشريد مالا يقل عن 35 الى 75 ألف شخص معظمهم من الكورد {هامش في البحث : عدنان الپاچه چي : الشرق الاوسط} .
البريطانيون بالنسبة الى تمويل سد اليسيو : بعد أن قررت الحكومة البريطانية كانون الأول 1999 منح قرض مالي لشركة بريطانية تدعى (بلفور بيتي) لبناء هذا السد الذي تقدر تكاليفه بـ 1.9 مليار دولار ، اضطرت هذه الشركة بفعل موجة الاحتجاجات والانتقادات التي شنتها (منظمة الدفاع عن حقوق الإنسان) وعلماء الآثار و(أصدقاء الأرض) ضدها إلى الانسحاب من بنائه 2001 {هامش في البحث : صحيفة بابل العراقية ، ع 2777 في 18- 7- 2000} .
الحكومة اليابانية كانت : اشترطت على تركيا في الثمانينيات منحها قرضا ماليا بقيمة 600 مليون دولار على أن تتوصل أولا إلى إيجاد حل للخلاف المائي القائم بين الدول الثلاث حول مياه الفرات ودجلة .
البنك الدولي للإنشاء والتعمير بالنسبة لمشروع جنوب شرقي الأناضول .
كان لها موقفان متناقضان :
الأول : عندما كان المشروع لا يزال في وقتها في مرحلة الدرس والتخطيط ، إذ رفض البنك تقديم أية اعتمادات مالية لتمويل مشاريعه طالما ان تركيا ترفض بدورها التوقيع على معاهدة نهرية مع شريكيها الأخرين (العراق وسوريا) في مياه نهري الفرات ودجلة . ورفض البنك تقديم عدة قروض مالية لتمويل بناء سد أتاتورك ما لم تتعهد تركيا أولا بتصريف (500) م3 / ث من مياه نهر الفرات كحد أدنى بعد دخوله الأراضي السورية ، وبالفعل وافقت الحكومة التركية على هذا الاقتراح .
الثاني : تناولت مسائل تخص إمكانية قيام البنك بتمويل بعض المشاريع التي سيتم تنفيذها على طريقة (أنشئ - أدر- ثم تنازل) ، فوافق على إقراض الحكومة التركية مبلغا قيمته 100 مليون دولار أمريكي لتنفيذ المشروعات المائية ال7 الواقعة في سهول حران وشانلي أورفه .
الفصل الثالث : المشاكل التي تعترض تنفيذ مشروع جنوب شرقي الأناضول : ومنها 4- مشاكل إجلاء السكان : يعد بناء الخزانات المائية وسط مناطق مأهولة بالسكان خطأ فادحا حسب تعبير بيترسون : ((حكما صادرا بالإعدام عليهم قد ينفذ في أية لحظة ، ومن دون سابق علم أو إنذار . ما قد يؤدي إلى نزوح عدد كبير من السكان عن مناطقهم ، فتضطر الحكومة على أثرها إلى القيام بإسكان هؤلاء النازحين قرب الحدود الدولية ، وهو أمر ينطوي على مخاطر أمنية وسياسية تهدد الأمن الوطني أو الإقليمي للدول المجاورة لها ، وقد حصل هذا فعلا مع تركيا حين قامت بتوطين بعض سكانها قرب الحدود الدولية المشتركة بينها وبين العراق)) .
ولقد انتقدت المنظمات العالمية برامج الحكومية التركية الرامية إلى إنشاء مشاريع مائية عملاقة بعد أن أدركت ، أن بناءها سوف يؤدي إلى إغراق العديد من المناطق المهمة ذات الإرث التاريخي والحضاري ، فضلا عن تشريدها لعشرات الآلاف من السكان المحليين {هامش في البحث : صحيفة بابل العراقية 3299 في 20- 3- 2002} ، فلأجل إقامة مشروع جنوب شرقي الأناضول ، كان ينبغي على تركيا أن تمحو 236 قرية من على الخارطة ، وترحل سكانها إلى مناطق جديدة ، وتزيل 200 موقعا أثريا بصورة نهائية {هامش في البحث : محمود مساد : المياه عنوان الحرب القادمة في الشرق الأوسط ، مجلة الجذور الاردنية (عماّن) ، ح 2، ع 13} ، مما أدى بالتالي إلى ظهور مشاكل اجتماعية وثقافية واقتصادية للسكان النازحين الذين وجدوا أنفسهم فجأة مشردين من دون مأوى أو مكان يأويهم . كما أدت المياه الواقعة خلف خزان أتاتورك إلى تشريد عدد كبير من سكان القرى البالغ عددها 117 قرية ففكرت الحكومة بإمكانية توطين 20 ألف شخص من سكان خزان قره قايا في حين قامت هي بإبعاد حوالي 50 ألف شخص من سكان إقليم أورفه الذين يعيشون في قرى صغيرة وفقيرة بعد أن تعرضت أراضيهم إلى الغرق جراء إملاء بحيرة السد الاصطناعية مما ادى الى إنسحاب عددٍ كبير من الشركات العالمية من بنائه .
منظمة (أصدقاء الأرض) : الأضرار التي ستترتب على إقامة هذا المشروع : لن ينحصر نطاق تأثيرها على العراق وسوريا فقط بل سيشمل أيضا تركيا ذاتها ، إذ ستؤدي مياه السد إلى إغراق حوالي 52 قرية و 15 مدينة بما فيها مدينة (حصن كيفا) التي عدت من قبل الحكومة التركية موقعا محميا وتراثيا منذ 1978{هامش في البحث : صحيفة الثورة العراقية 9831 في 22- 8- 1999} .
في سياق التنبيه إلى الأضرار التي سيلحقها هذا السد بسكان المنطقة ومعظمهم من الكورد ، قام اللورد أفيبوري بإرسال رسالة مفتوحة إلى رئيس الوزراء البريطاني توني بلير أذار 1999 أكد له فيها أن هذا السد سوف يعمل على إغراق وتهجير كثير من سكان القرى الكوردية {هامش في البحث : Brewda, Op.Cit.,P.48} لان المشروع كان يحظى بدعم واهتمام شخصي من قبل رئيس الوزراء البريطاني فانسحبت شركة (بلفور بيتي) البريطانية . لكن مجموعة حكومية بريطانية ، وتحت ضغط من قبل بعض الأطراف المحلية ، قامت بوضع لائحة تضمنت 4 شروط أساسية تكفل للحكومة البريطانية تقديم دعم مالي قيمته 450 مليون دولار للشركات البريطانية الراغبة في تمويل بناء هذا المشروع على أن تراعي اللائحة المقدمة من 4 نقاط ومنها :
1- إعداد برنامج يهدف إلى إعادة توطين أكثر من 60 ألف كوردي مرحل .
2- العمل على استشارة دول الجوار الجغرافي (العراق وسوريا) قبل المباشرة بعمليات بناء السد .
لكن هذه الشروط أدت فيما بعد إلى انسحاب بقية الشركات الأجنبية المساهمة في بناء المشروع ، ومنها شركتا (سكانسكا) السويدية و(وامبريليو) الإيطالية . وقامت منظمة التنمية الإقليمية بأجراء مسح ميداني عام وشامل للتحركات السكانية الجارية فيه خلال الفترة 1992-1994 ، أظهرت النتائج وجود اضطراب سكاني كبير تتعرض له المنطقة تحت ضغط عوامل جاذبة وأخرى طاردة تدفع بالسكان إلى التفكير بالهجرة نتيجة أسباب اقتصادية ، يتعلق بعضها بتسديد تكاليف إعادة استيطان الأشخاص الذين نزحوا عن أراضيهم وقراهم المنغمرة بمياه مشاريع الكاب ، وهي أموال أعطتها لهم الحكومة كتعويض مالي عن الأضرار التي أصابتهم من جراء بناء هذه المشاريع .
كما بينت دراسة ثانية أجريت على عينة مؤلفة من 10 سدود مقامة في أنحاء مختلفة من تركيا أن سدود الكاب هي من اكبر المشاريع التركية تشريدا للسكانقياسا لما شردته بقية المشاريع الأخرى فسد أتاتورك أدى بناؤه إلى نزوح حوالي 48 ألف شخص عن مناطقهم وقراهم بعد أن غمرتها مياه بحيرته الصناعية .
الكاتب التركي حسين سراج أوغلو : ((إن إقامة 10 سدود من طراز (سد كيبان) ما بين بيره جك وتركان من جهة وسهل ملاطيا من جهة ثانية ، تكفي لترك الوادي كله عرضة للفيضان إذ سيغطى هذا الوادي بالبحيرات ، وستصبح الوديان والسهول مغمورة بالمياه ، أضف إلى هذا وجود مشاريع أخرى لا يتصف بناؤها بالجدية ، فكيف يكون الحال مع بقية السدود الأخرى…؟ إنني أؤكد على ضرورة ترك هذه المشاريع المتصفة بالبذخ جانبا ، والتوجه نحو بناء أعمال تستند على أسس قوية يمكن أن تزيل عن كاهلنا مصاعب الحياة الجمة)) {هامش في البحث : د- ك- و : وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي : السداد- مشروع سد كيبان في تركيا ، رقم الملف 261- 420700 ، وثيقة 45 ، ص62} .
المشاكل الأمنية في الإقليم جنوب شرقي الأناضول يصفها الباحث الأمريكي دافييد جودسون : ((... مكوك من المشكلات بكل معنى الكلمة)) .
1990 ظهرت في قبرص مجموعة أطلقت على نفسها اسم (الجبهة الكوردية -العربية ضد تركيا)، هددت بتفجير سد أتاتورك واستهدافه حيث صرحت : ((إننا مستعدون لتدميره…إخوتنا العرب دعونا نوحد الجهود لتحطيم السد في أقرب وقت ممكن)) {هامش في البحث : المياه والتطبيع والتمويل في الإعلام الغربي  مجلة صامد الاقتصادي (عمان) ، ع 89 ، س14 ، تموز- أب- أيلول 1992، ص232}.
المشاكل البيئية : ذكرت صحيفة (الحياة) الصادرة في لندن 1990 : عن إحدى الهيئات المتخصصة بالبيئة أن مشروع الكاب قد ينتج عنه زوال بعض أنواع النباتات والحيوانات ، وأكدت الصحيفة استنادا إلى ما صرح به الپروفيسور جون كولارز حول المياه المتجمعة في السدود المقامة على نهر الفرات  من أنها سوف تؤدي إلى تلويث مياه النهر  بعد اختلاطها بالمياه العائدة من الحقول والمزارع التركية الملوثة بفضلات المبيدات الحشرية إلى جانب تلويثها للمياه الجوفية في سوريا {هامش في البحث : السفارة العراقية بأنقرة (الدائرة الصحفية) التقرير الصحفي الأسبوعي (السري) برقم : ص- 35 في 22- 1990، المرسل إلى وزارة الأعلام (دائرة الإعلام الخارجي) ، سجل وثائق الخارجية العراقية برقم 8} .
نقلت صحيفة (توركيش ديلي نيوز) التركية تأكيد الپروفيسور التركي بهاء الدين قمقم من جامعة دجلة على أن هنالك خططا يتم وضعها وإعدادها الآن بالتعاون مع جامعة (جكوروفا) التركية ، تهدف إلى منع تحول منطقة مشروع جنوب شرقي الأناضول إلى صحراء قاحلة . وأوضحت الصحيفة ، أن أخر تقرير صدر عن (برنامج حماية البيئة) التابع للأمم المتحدة ، قد حذر من أن المنطقة الواقعة بين نهري الفرات ودجلة ، تتلقى كميات كبيرة من المياه تتناقص كل يوم ، مما يجعلها مهددة في المستقبل بان تصبح معرضة لحدوث أسوأ كارثة بيئية في التاريخ ، وأوضح قمقم أن الزيادة في كميات الأملاح في منطقة المشروع والناجمة عن عمليات الارواء الخاطئة قد تؤدي في النهاية إلى تحول المنطقة إلى صحراء قاحلة . وأشار إلى انه قد تم البدء بالإعداد لمشروع مشترك مع جامعة (جقوروفا) يهدف إلى منع وإيقاف حدوث مثل هذه الأضرار السلبية سيقدم هذا المشروع إلى الاتحاد الأوربي .

وعن انسحاب شركتي (بلفور بيتي) البريطانية و (وامبريليو) الإيطالية عبر المدير التنفيذي لمشروع حقوق الأنسان.
في تركيا كريم يلدز لهيئة الإذاعة البريطانية (B.B.C) بقوله : ((إن المشروع برمته أصبح في مهب الريح ، وانه لخبر عظيم انسحاب الشركة البريطانية من تنفيذ المشروع والمساهمة في بنائه ، ولكن الحكومة التركية لا تشارك أنصار البيئة وحقوق الإنسان غبطتهم ، بل بالعكس ستعد أنقرة إلغاء المشروع بوصفه ضربة لتركيا التي ما لبثت تحاول اجتذاب رؤوس الأموال إلى البلاد)) .
كما أثارت التحقيقات التي نشرتها صحيفة الغارديان البريطانية الصادرة 25 حزيران 1999 وما نشرته صحيفة توركيش ديلي نيوز التركية الصادرة 27 حزيران من العام نفسه ، حفيظة إحدى المنظمات غير الرسمية وهي (منظمة أصدقاء الأرض) التي تقدمت بدعوى قضائية ضد وزير التجارة البريطاني تتهمه فيها بالامتناع عن تقديم وثائق سرية تتعلق بالآثار البيئية التي ستنجم عن بناء السد المذكور ، وكان الوزير قد غض النظر عن الموضوع ، وأخفى حقيقة ما سيؤدي إليه بناء المشروع من غرق أعدادٍ كبيرة من القرى وتشريد لعشرات الآلاف من السكان القاطنين في منطقة المشروع وايضا ستتعرض حصن كيفا الأثارية ومدن أخرى عريقة في القدم والأصالة التاريخية كمدن (زيكما) و (اباميا) و (أوريما) وربما (هلفتي) التي تعود أثارها إلى العصر الحيثي ، إلى الغرق الكلي بفعل إقامة سد بيره جك على نهر الفرات حيث ستمحو مياهه جميع الآثار الموجودة في هذه المدن التاريخية القديمة .
الفصل الرابع : أهداف مشروع جنوب شرقي الأناضول ومنها :
2 ـ الأهداف الأمنية : لما كانت منطقة جنوب شرقي الأناضول تسكنها غالبية كوردية تشهد منذ فترة طويلة اضطرابات وحركات مسلحة بين الكورد والجيش وقوى الأمن التركية فإن الحكومة التركية اعتقدت أن أفضل سبيل للقضاء على مصدر هذه الاضطرابات والنزاعات الدموية ، هو تنمية وتطوير هذه المناطق الكوردية ، وخلق نوع من المحفـزات أمام الأتراك للقـدوم إلى هذه المنطقة ، من أجل زراعتها والاستفادة منها بغية إحداث تغييرات ديموغرافية في التركيب السكاني للمنطقة وجعل الكورد أقلية فيها ، وعلى أثر اكتشاف السلطات الأمنية لوثائق كانت بحوزة عدد من الكورد تهدف إلى إعداد خطط لإقامة دولة كوردية على النمط الأيديولوجي الماركسي تكون عاصمتها ديار بكر اصدرت الحكومة التركية قانون حالة الطوارىء أيلول 1980 ، واستمرت الحكومة بتطبيقه حتى 9 نيسان 1984 ، عندما صدر قانون آخر سمي بقانون (مكافحة الإرهاب) ، ثم وجدت الحكومات التركية أن الحل العسكري لا يكفي وحده للقضاء على الحركات الكوردية  المسلحة في منطقة جنوب شرقي الأناضول ، لذلك بدأت بالبحث عن حلول أخرى تكفل لها حل هذه القضية بأسرع فترة ممكنة ، فكان من بين الوسائل التي لجأت إليها هي اعتماد سياسة تقوم على إفراغ القرى الكوردية من سكانها وتدميرها ، للحيلولة دون استخدامها لأغراض التخفي أو الهرب ، ومن ثـم إجبار سكانها على الهجـرة نحو المدن التركية الكبرى . وقد كان صاحب هذه الفكرة الرئيس التركي الراحل توركوت أوزال ، وبسبب عدم جدوى الفكرة بدأ أوزال يفكر في حل آخر يخرج بلاده من المأزق فرأى في مشروع الكاب جزءا من ذلك الحل ، فأخذ يركز على الأهمية الاقتصادية والاجتماعية التي سوف يجنيها الكورد من هذا المشروع . ولكن في ظل استمرار معاناة هذا الإقليم وتدهور أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية ، فإن جميع الأحزاب التركية من دون استثناء اتفقتا على أن تدهور هذه الأوضاع كان هو السبب الرئيس وراء تصاعد وتيرة حركة المعارضة الكوردية المسلحة ، مما أدى إلى زيادة معدل الهجرة الكوردية من الأقسام الجنوبية الشرقية إلى الأقسام الغربية من البلاد ، الأمر الذي ترتب عليه حدوث مشاكل اجتماعية إضافية في المدن الكبرى {هامش في البحث : الداقوقي : صورة الاتراك لدى العرب} .
وان عمليات التهجير التي اتبعتها الحكومات التركية تجـاه الكورد تمخض عنها إخلاء أكثر من 3 الف قرية ومزرعة من سكانها بالكامل ، بحيث بلغ عدد المهاجرين من منطقة جنوب شرقي الأناضول أكثـر من مليون مواطن استقـر اغلبهم في المناطق الغربية الجنوبية والغربية من البلاد . ومع استمرار محاولات الجيش التركي للقضاء على حزب العمال الكوردستاني فإن سياسة التهجير القسرية هذه ظلت مستمرة ضد السكان الكورد لمدة خمس سنوات . 1989 قررت الحكومة إرسال حوالي 6500 جنـدي تركي وقامت هذه القوات خلال شهري آب وأيلول 1990 بتدمير حوالي 27 قرية وعدد كبير من المستوطنات الزراعية ، على الرغم من كل هذه الإجراءات الاحترازية ، فإن جهاز الاستخبارات التركي (M. I. T.) قدم تقرير 1994 بين فيه أن حوالي 375 ألف شخص من سكان إقليم جنوب شرقي الأناضول كانوا يقدمون دعما لوجستيا للحركة .
الأهداف الاجتماعية :
أن إقليم جنوب شرقي الأناضول يعد من أكثر أقاليم تركيا تخلفا مقارنة بالأقاليم الأخرى فجغـرافية المنطقة الصعبة تختزن فيها خبرات ذات طبيعة معقدة لا يزال تأثيرها قائما حتى اليوم إذ يعد التراث البـدوي لسكان الإقليم صفة بارزة لهم ، فالتنظيم الاجتماعي يقوم على أساس قبلي ، والقبيلة الكوردية تشكل وحدة اجتماعية سياسية ووحدة إقليميةـ اقتصادية قائمـة على القرابة الحقيقية ، وهي بدورها تنقسم فيما بينها إلى عدة فروع ثم إلى عدة وحدات أصغر ، وان المشروعات التي تنوي تركيا إقامتها في المناطق الواقعة على نهر الفرات ، يكثر فيها انتشار الأقليات القومية والطائفية والتي لم تتمكن في الماضي من الانسجام والتعايش مع بقية أطياف المجتمع التركي من جهة ، ومن جهة أخرى فإن إقامة مثل هكذا مشاريع سـوف يعني جلب واستقدام المزيد من الأجانب والمهاجرين ، مما سيؤدي إلى حدوث زيادة كبيرة في أعداد السكان تماما كما حدث بالنسبة لمنطقة سد كيبان ، لكن هذه الزيادة الملحوظة في أعداد المهاجرين قد تركت آثارا سلبية اخرى واضحة على بنية التوزيع السكاني نفسه ، إذ أصبح عدد المهاجرين من الذكور أكثر من عدد النساء بأضعاف مضاعفة .
بالنسبة لبقية المدن الكوردية الأخرى الواقعة في الإقليم كموش وحكاري وبتليس وبينغول ، فإن دخل الفرد الشخصي كان أقل مما هو عليه في عدد من المدن الأفريقية ، كما أن المستوى المعاشي للسكان الأتراك القاطنين في الريف الجنوبي الشرقي هو أسوأ بكثير مما هو عليه في بقية المدن التركية مما دفع بالسكان إلى الهجرة نحو الأقسام الغربية .
وتكمن العقبة الأساسية التي تقف بوجه المزارعين الكورد في مسألة الأراضي التي يملكها كبار الملاكين المتنفذين ، فبينما تملك العوائل المتنفذة في المنطقة (تمثل 5 %  من مجموع السكان) حوالي 65 %  من الأراضي ، فإن حوالي 70 %  من سكان الإقليم لم يكن يملكون سوى 10 %  فقط من الأراضي المتبقية ، ولعل التقرير الفرنسي عن مدينة ديار بكر يعطي صورة واضحة عن الوضع المتردي المأساوي لما آل إليه مستقبل الأطفال المشردين في شوارع هذه المدينة ، إذ ينتشر هؤلاء الفتية في كل مكان وهم يسيرون بملابس رثة وأجسام وسخة لكي يعملوا ويعيلوا أسرهم الفقيرة .
انتقادات وجهت للمشروع (السدود) : أشار سيرين بغيت رئيس غرفة التجارة والصناعة في ديار بكر 1997 : إلى أن الحكومات التركية المتعاقبة أعطت الإنطباع لكثير من الأتراك بأن الملايين من الدولارات قد تم صرفها على منطقة جنوب شرقي الأناضول ، وأن الكثير من الوسائل قد اتخذت من أجل النهوض بالمنطقة وتطويرها لكنه ((في الحقيقة لم يجر عمل أي شيء ، وأن هذا لم يكن إلا مجرد أكاذيب)) ، وأن الوضع سيتفاقم مع مرور الوقت نحو الأسوأ طالما أن هذا المشروع أصبح هدفا للأغنياء القادمين من أنقرة واسطنبول ، الأمر الذي سيؤدي إلى تحويل عدد كبير من السكان إلى مجرد عمال زراعيين أجراء ، وسيدفع المشروع أيضا بالقوة الاجتماعية القائمة على أساس ملكية الأرض أو الولاء للدولة باتجاه المزيد من الفوارق والإختلالات البنيوية للسكان .
وان هناك حوالي 3500 مستوطنة ريفية ما زالت تفتقر للمياه الصالحة للشرب ، وهي تؤلف حوالي 35 %  من مجموع المستوطنات في المنطقة ، وهذه النسبة ترتفع إلى 55 %  إذا أخذنا في نظر الاعتبار بقية المناطق الواقعة وسط مياه آسنة غير صالحة صحيا للاستخدام البشري . وأخيرا فإن معظم إنتاج الطاقة الكهربائية التي تولدها وحدات مشروع الكاب تذهب إلى الأقسام الغربية من تركيا لتغذي المدن الصناعية الكبرى .
{هامش في البحث : عبد الستار سلمان حسين : مجلة دراسات اجتماعية ، بغداد ، بيت الحكمة ، ع 7 ، س 2 ، خريف 2000 ، ص 25} : من أهداف الحكومة التركية لمشروع الكاب : إحداث تغيير كبير في الخارطة الديموغرافية لمنطقة جنوب شرقي الأناضول التي تسكنها غالبية كوردية ، والعمل على خلق تركيب غير متجانس من الكورد والأتراك عن طريق توطين ما يقرب من ستة ملايين تركي .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا