التسميات

الجمعة، 20 سبتمبر 2013

ممارسة الجغرافيا ...

ممارسة الجغرافيا 1

أ.د . مضر العمر : ايريك شبرد ، جامعة منسوتا :

     عمومية واحدة يمكن قولها بسلام عن مستقبل الجغرافيا في القرن الحادي والعشرين ،  ولا يمكننا الآن توقع ما هو الطراز في المائة عام أو حتى خمسة عشر عام القادمة (إذا بقيت الجغرافيا قائمة) . فالجغرافيا كغيرها معقدة وخارج التوازن ، وهي بنظام مكاني مؤقت ، لذا ليس مثمرا توقع أو تشريع مسار الجغرافيا في عملية إنتاج المعرفة .


      الجغرافيون كغيرهم خائفون ويتهربون من إخضاعهم لنظام علمي واحد . وفي الحقيقة ، فإن معظم المعرفة الجغرافية المنتجة في القرن العشرين محققة تقدما سواء أكان نحو الجيد أم لا . وأفضل ما يمكن أن نقوم به هو السعي لتطوير ممارستنا للجغرافيا وعكس ذلك على السلوك . ولاقتراح طرقا لتنفيذ هذا ، سأركز على ما أراه تحديا رئيسيا داخليا وخارجيا لممارسة الجغرافيا بشكل جيد دون التجزئة وتغليب ذاتي ، فعلينا مواجهة ذلك .

      إن القوة العظمى للجغرافيا كنظام معرفي متأت من فقدانها لشريعة واحدة تحكمها (متفق أنه أفضل طريق للجغرافيا) .  بالمقابل فان علم الاقتصاد حيث الإجماع على النموذج الكبير والطريقة ومعظم الاقتصاديين المؤثرين و الدوريات العلمية تعزز النظرة العامة العالمية الموحدة ، بينما يكافح الجغرافيون لإيجاد أرضية عامة مشتركة فلسفيا ، نظريا ، و منهجيا . ففي هذا العلم جميعنا يمكنه الحديث عن معارك قاتلة حول ما تشكله الجغرافيا الجيدة . وجدالنا عن أفضل المناحي قد دفع طلبتنا إلى التكتل كمجاميع بين الفلسفة الواقعية و فلسفة ما بعد البنيوية ، وبين الجغرافيا الطبيعية والجغرافيا البشرية ، و الطرائق الكمية ام النوعية . وفي الوقت نفسه ،   فنحن خائفون من أن الصراع الداخلي يقوي ضعفنا الخارجي الرئيسي ، فغير الجغرافيين لازالوا أقل تمييزا مما نرغب في معرفة ما هي الجغرافيا وما هي أهميتها (إضافة إلى تجميع البيانات و نماذج عن الأرض) .

      إن تعصب الجغرافيين للتخصص الدقيق قد اضعف تماسك الجغرافيا . فعلى سبيل المثال ، فان التقسيم الموضوعي لمجلة الجمعية يخلق فراغا بين مختلف أنواع الجغرافيين ، وهو يدفع بالجغرافيين لإيصال أبحاثهم إلى نوع واحد من التخصص ، أو قد يحال المقال إلى المجلة ولكن ولسبب ما يحال إلى مقومين من تخصص آخر فيرفض لعدم توافقه مع الحقل المعرفي المناسب . وكما قال يونك فان المجتمعات التي تصادق على الفرو قات فإنها تخلقها و تعززها وتضع حواجز سياسية تجاهها .

      تتوافر رغبة قوية لتجاوز مشاكل التعصب من خلال وضع تشريعات قانونية وأتصور إننا جميعا سنصل إلى حالة الإنذار هذه في وقت من الأوقات . ومع هذا ، فالتشريع له حواجزه العديدة على الممارسة الجغرافية الفاعلة وكما كان الحال سابقا مع التعصب الأعمى . فالتشريع يضعف التنوع الجغرافي ، وبالتالي تميز الجغرافيا بهذه السمة الفريدة . إضافة إلى ذلك ، فانه ليس هناك برهان كامل للمنهجية أو لحقل المعرفة ، حينها فان فكرة التشريع تصبح غير معقولة ، خاصة في علم تمارس فيه العلوم الإنسانية والطبيعية جنبا إلى جنب .  انه من الممكن ، مع هذا ، تجنب السقوط في فخ التعصب أو التشريع من خلال ممارسة الجغرافيا بطريقة تمييز و تسهل الاتصال بين مختلف طرق المعرفة .

      وقد حققت هيلين لونكينو هذه الرؤيا . فقد قدمت بديلا بناء يمكن جميع الجغرافيين من الاستفادة من دراسته : تصور غير أحادى ولكنه غير نسبي لمنحى إنتاج المعرفة . فقد قالت بان تعددية التفاسير المقبولة معرفيا وكافية يمكن أن تنتج من قبل عوامل متنوعة ومتعددة عند التقصي، وكل واحد منها مستند على أرضية من مجموعة من المناهج والافتراضات الموضوعية التي آخذت بالحسبان المعقولية والإقناع . وقد ركزت ، أوافقها على ذلك ، في أن هذه التعددية في التفسير بحاجة لا إلى أن تحفظ إلى حقيقة واحدة . في الواقع فان الأحادية في التفسير تتأثر باستبعاد التفاسير المنافسة الأخرى ، أو عوامل اختيرت منفردة من نقاشات أكاديمية وليس عن طريق الإجماع . إنها ترى صيغة معيارية للحوار العلمي مستندا على أربع مسارات رئيسية ، امتصاص، معايير عامة ، معتدلة و المساواة .

      وفق هذا المنظور فان هدف الدراسة الأكاديمية يكون غير مستقر جراء الجدل المستمر بين المعارف المحلية المختلفة التي لن توفر معرفة أكثر واقعية عن العالم من وجهة النظر الأحادية وبالتالي فإنها تعززها . وفي هذه الرؤيا فان الموضوعية ليست مساوية للمنحى النزيه في التقصي (وهم وخيال) ولكنها تكون مع شيء من الصرامة و الانفتاح و الحوار النقدي الديمقراطي . وان الخبرات التي تشكل وضعنا في الفهم والاستيعاب وبالتالي فان طبيعة النظرية لكل تقصي اختباري، فإنها في الغالب ذات بعد سياسي في الاختلاف عن الأسباب والأثر على العالم والبيئة العرقية توضح ذلك .  لذا وتحت هذا الشرط فان كل موضع يتقبل تحمل الوقوع في الخطأ كما حددتها مفاهيم لونكينو عن الامتصاص ، المعايير العامة ، الجدل الأكاديمي الذي يرتبط بالاستعارات و تنوع المنظور السياسي .

      ومع أي هيكل معياري فهناك عدد من الحواجز لتمييز مثل هذه الرؤيا ، ولكن فان ممارسة الجغرافيا طبقا لهذه الأعراف الأخلاقية فان التنوع سيكون مصدر قوة لا ضعف . الجغرافيون مؤهلين بشكل مثالي للارتباط بمثل هذا النوع من إنتاجية المعرفة ، وهذا ضمن الجغرافيا و خارجها نتيجة سعة ميدان الاختصاص . وبإمكاننا القيام بأشياء توفي هذه النظرة الواسعة .  محليا، فان أقسامالجغرافيا هي أماكن لإنتاج المعرفة حيث إمكانية إيجاد مثل هذه الارتباطات كجزء من الممارسة اليومية ، وجعل الطلبة يرون انه ليس عليهم الاختيار بين المناحي المختلفة ليكونوا طلبة علم شرعيين .

      وبإمكان الجمعيات الجغرافية المحلية والإقليمية والعالمية ممارسة دور التوجيه والتوعية ، والأكثر من هذا ممارسة الجغرافيا بشكل جيد بأخلاقية واحترام وارتباط . وعلينا أن نكون فاعلين في عملية الاندماج وإعطاء الصوت الكامل لتنوع المعرفة الذي يحقق فهمنا للعالم . يقدر الجغرافيون تنوع الخبرة عبر العالم الواسع ، ولكننا نشمئز من السماح للعديد من هذه التطفلات في خيمتنا التي هي يسود فيها الرجل الأبيض ، الذكور الناطقين بالإنكليزية .

      لقد عززت مساهمة العنصر النسوي الدراسات الجغرافية ، وتشترك الجغرافيا مع العلوم الأخرى في إنها تأخذ القليل من الفلسفات غير الأوربية ، وان العدد قليل من الباحثين غير الناطقين باللغة الإنكليزية ، ومن اجل أن يسمع رأي هؤلاء عليهم التحدث بالإنكليزية . وهذه حالة تفقر الجغرافيا وان الممارسة الجغرافية الجيدة تتطلب عكس الحالة وتوسيع المشاركات والتنوع الاجتماعي في الجغرافيا . وإذا كنا نريد اخذ هذا مأخذ الجد فان فكرة الممارسة الجغرافية الجيدة تعني إعطاء الصوت لأوسع تنوع ممكن في المعرفة ، ويكون العمل الحقلي شاملا الأناس في أماكن الدراسة كمساهمين مساهمة كاملة في البحث متحدين سلم الخبراء الذي يفترض فصل الأكاديميين عن مساعديهم في جمع المعلومات . ويعني هذا أيضا بان الجغرافيين يجب أن يتعاملوا بالمثل مع الأناس والأماكن التي يأخذون عنها المعلومات ، وجعل البحث والباحثين في متناول يد المجتمع .فالجغرافيون يجب أن يكونوا في الخط الأمامي للاهتمامات الحديثة للمجتمع ، وان يكون هدف البحث خدمة المجتمع ومستندا على التعلم منه .

      وهناك تحد خارجي يؤثر على الممارسة الجغرافية ، فالعاملين في المؤسسات الأكاديمية يخضعون إلى قوى سوق العمل ومعايير الليبرالية الجديدة . وقد انتقلت هذه الحالة من التشريعات الحكومية إلى الجامعات و وصلت إلى الأقسام العلمية . فالأكاديميين مطالبون بزيادة الإنتاج و المردود المادي . وفي جامعة منسوتا فقد تقلصت المساعدة الحكومية بنسبة (20%) من ميزانية الجامعة مما يعني أن الجامعة تعتمد أكثر فاكثر على أجور الدراسة ، وهذا يضعف التوجه للتعلم لذوي الدخل المحدود والعوائل . وقد زاد هذا من الضغط على زيادة عدد طلبة الصفوف وعلى المنح الدراسية والجغرافيا التطبيقية وعلى التعليمات التي تجذب مردود مالي خارجي ، خاصة من المؤسسات العامة . إن سياسات عبئ العمل توفر حوافز خاصة عند تدريس الصفوف الكبيرة إلا إنها تهمل مسألة الإشراف على الخريجين .

      وفق هذه النظرة ، فان ممارسة الجغرافيا يتطلب الصبر ، والعمل الجاد للسماح للأصوات المختلفة لأن تسمع ، ومتابعة نتائج الممارسة في المجتمع و قيمه. كما يتطلب ممارسةالجغرافيا استقراء مرنا والرغبة في اكتشاف الأخطاء و الهفوات و معالجتها ، وتحدي افتراضاتنا حول المعايير الاجتماعية . إن الممارسة الجغرافية الفاعلة هي جغرافية بالضرورة ، افضل ما فيها التنوع المكاني و المجالي و المقياس . مما يعني أنها ذات معرفة متداخلة ترتبط بالعالم مباشرة ، تتحدى النظريات التي بنيت عليها خبراتنا ، والعكس صحيح . وان العمل الميداني جوهري وبمعطيات متميزة في الممارسة الجغرافية الجيدة، ونحن بحاجة إلى الإصرار على عدم الاعتماد على الآخرين في جمع المعلومات أو اعتماد المصادر الثانوية و المؤرشفة . فهناك الكثير للقيام به. فالممارسة الجغرافية الراهنة تتطلب تبدلا في دواخلنا وفيالجغرافيا وداخل الجامعة وخارجها . إن تقويماتنا هذه هي التي ستحمل التغيرات و تشكل الجغرافيا للمستقبل القريب .
       
1 Annals of the Association of American Geographers, 94(4), 2004, pp. 744–747 2004 by Association of American Geographers
Published by Blackwell Publishing, 350 Main Street, Malden, MA 02148, and 9600 Garsington Road, Oxford OX4 2DQ, U.K.
 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا