التسميات

الثلاثاء، 18 فبراير 2014

الهيئة العامة للنقل طموح المرحلة المقبلة في التطوير ومواكبة الكثافة السكانية ...

الهيئة العامة للنقل طموح المرحلة المقبلة في التطوير ومواكبة الكثافة السكانية

 
جريدة الرياض : د . هشام الفالح :   قبل أقل من عشرين عاماً لم يكن يدور في مخيلة العديد من سكان دول الشرق الأوسط وخاصة دول الخليج العربي أن تصبح مدنهم مجالا رحبا للنقل العام وأنظمته المتطورة فضلا عن استخدامها، بل ذهب البعض إلى أبعد من ذلك حين أبدى استغرابه من تبني متخذي القرار في العديد من مدن العالم لأنظمة النقل العام المختلفة، أما اليوم فالجميع يكاد يتفق على أهمية الإسراع في استحداث أنظمة النقل العام فالحديث عن المشاكل المتعددة التي تعاني منها مدننا سواء البيئية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أصبح من أحد البديهيات المسلم بها، لذلك أصبح استحداث نقل عام في مدن أهملت أو تجاهلت التخطيط للنقل العام مع بداية نموها العمراني والسكاني من التحديات التي تواجه صناع القرار في هذه المدن، تخطيطا وتصميما بل وحتى تنفيذا.
"الرياض" تستعرض مع الدكتور هشام بن عبدالرحمن الفالح أستاذ النقل العام المساعد بجامعة الملك سعود الرؤية المستقبلية لإنشاء الهيئة العامة للنقل العام ودعمها، وقال:
لم تعد الدراسات وحدها هي التي تعنى بإثبات أن الاستثمار في النقل العام هو الخيار الأمثل بل أصبحت العديد من المدن المتطورة تتسابق على الاستثمار في النقل العام فجميع المؤشرات تدعو إلى ضرورة الإسراع في تطوير أنظمة النقل العام داخل المدن وأصبح أمرا ملحا لتلك المدن التي تبحث عن حياة أفضل لسكانها، فعلى سبيل المثال هناك العديد من المدن في العالم التي بدأت منذ زمن بعيد الاستثمار في النقل العام أوقفت دعم المركبة الخاصة وتشييد شبكة الطرق الجديدة وتشريع سياسات معاكسة أو سلبية لاستخدام المركبة الخاصة في حين أوجدت البيئة المناسبة لاستخدام أنظمة النقل العام.
ومن تلك المدن التي نجحت في تقليل الاعتماد على المركبة الخاصة مدينة كورتيبا (Curitiba) في البرازيل التي أصبحت مثالا يحتذى حتى من قبل مدن العالم المتطور في كيفية التعامل مع نمو المدينة وتكامل أنظمة النقل العام فيها وتقليل الاعتماد على المركبة الخاصة، وهناك العديد من تجارب المدن العالمية الناجحة في تقليل مشاكل النقل جميعها تكاد تتفق على أن الاستثمار في النقل العام منهج أساسي للمدن التي تبحث عن حلول جذرية وليست وقتية لتلك المشاكل وأن الحلول الوقتية مثل استحداث طرق وشوارع جديدة أصبحت من السياسات التي تجاوزها الزمن.
وفي الجهة الأخرى نجد أن المؤشرات المستقبلية للمدن تضغط على متخذي القرار في المدن وتطالبهم باتخاذ التدابير العاجلة لإنقاذ مدنهم من كوارث بيئية واقتصادية وحتى اجتماعية من الممكن أن يسببها قطاع النقل فيشير تقرير (تقويم قطاع النقل الصادر من البنك الدولي للعام 2006م ) إلى أنه خلال الثلاثين عاماً القادمة سوف يزيد عدد سكان العالم بمقدار 2.5 بليون نسمة عن العدد الحالي الذي يبلغ 6.7 بلايين نسمة، وهذه الزيادة السكانية في دول العالم النامي ستكون في المناطق الحضرية حيث إن عدد المدن ذات التعداد السكاني الذي يزيد عن مليون نسمة بلغ 268 مدينة في عام 2000 وسيصل في عام 2015 إلى نحو 358 مدينة، ولاشك بأن هذه الأعداد ستسهم في الضغط على جميع الخدمات في تلك المدن بما فيها شبكة الطرق والتي تكون أحد أبسط نتائجها الاختناقات المرورية. ولعل أبرز المؤشرات السلبية للاعتماد المباشر على المركبة الخاصة هي حوادث الطرق التى تؤدي إلى وفاة 1.2 مليون شخص سنوياً بالإضافة إلى إصابة أكثر من 50 مليونا وللأسف الشديد تشير الاحصائيات أن أكثر من 85% من هؤلاء الضحايا في الدول النامية ، ومن المؤسف أن نعرف أن المملكة العربية السعودية تأتي في المرتبة الثانية عالميا من حيث أعداد الحوادث المرورية سنويا حسب تقرير منظمة الأمم المتحدة وليس هذا مستغربا لأن هذه النسبة نتيجة طبيعية للاعتماد الكلي على المركبة الخاصة، كل تلك القضايا تشير إلى أن صناعة النقل العام أصبحت ضرورة ملحة ليس فقط في المدن الكبرى بل وحتى في المدن الثانوية والصغرى والتي تأخرنا في تنميتها كثيرا.
لذلك أصبح تطوير النقل العام مطلبا ضروريا ولا مناص عنه، وعلى مخططي النقل (إن كانوا موجودين!) في المدن الكبرى وحتى الثانوية والصغرى مواجهة هذا التحدي بإيجابية فالقنوات التي يجب أن يعمل على تطويرها أكثر من أن تحصر في مقال كهذا، ولكن لابد أثناء العمل على تطوير صناعة النقل العام في المدن أن نأخذ جميع محاور النقل العام وسياساته ضمن منظومة واحدة خاصة أننا نتعامل مع مدن لم تراعِ أنظمة النقل العام في بداية نموها ونتعامل مع ثقافة
مجتمع يعتمد بشكل كلي على المركبة الخاصة حيث بلغ معدل ملكية المركبة الخاصة في عام 2008م بلغ حتى 1.7 سيارة لكل عائلة وهذه نسبة مرتفعة جدا خاصة إذا ما علمنا أن نسبة المؤهلين لقيادة السيارة لا يتجاوزون 25% فقط من مجموع السكان (50% إناث ونحو 25% إما أقل من السن القانوني للقيادة أو أكبر من سبعين سنة) ولذلك لابد أن تحلل هذه المعلومات بالتفصيل حين إعداد ورسم السياسات التي تؤسس لنقل عام مستدام، فماذا يعني أن نصمم مسارات لإحدى وسائل النقل العام ونحضر أفضلها من ناحية التصميم والسعة ومن أفضل الدول إنتاجا لها وفي نهاية المطاف لا تستخدم أو تستخدم على استحياء، فلا يمكن فصل سياسات النقل العام عن بعضها البعض، ومع الجهد المشكور الذي تقوم به سواء وزارة النقل في دعم إنشاء مثل هذه الهيئات أو الهيئة العليا لتطوير منطقة الرياض لتبنيها دراسة إنشاء هيئة للنقل العام في منطقة الرياض أو هيئة تطوير مكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة والعديد من الشركات والجهات الأخرى إلا أن تطوير النقل العام ضمن منهجية عمل تطويرية لابد أن يجمع خيوط النقل العام جميعها حتى يتم التكامل فيما بينها فالميزة الأساسية للمركبة الخاصة التي لايمكن أن ينازعها أحد عليها هي تقديم الخدمة من الباب إلى الباب ولا يمكن أن تقدم أي وسيلة من وسائل النقل العام هذه الخدمة إلا بعد أن تتكامل مع وسائل أخرى، ولكي يتم ذلك وفق رؤية تطويرية شاملة لابد من استحداث الهيئة الوطنية للنقل العام وهذه الهيئة لها ما يقابلها عالميا، بل وحتى على مستوى الشرق الأوسط بل وحتى بعض دول الخليج سبقتنا في استحداث مثل هذه الهيئة ، ولذلك ومع التوسع الكبير في مشاريع النقل العام في المملكة أصبح من أحد مقومات نجاحه واستدامته استحداث مثل هذه الهيئة لكي يناط بها مسئوليات النقل العام من استراتيجات وسياسات وتطبيقات على مستوى الدولة تسمح بإيجاد بيئة تكاملية مع وسائل النقل العام الأخرى لتستطيع منافسة المركبة الخاصة.
و باستعراض الجهات ذات العلاقة بالنقل العام فلن نجد الجهة ذات الصلاحيات أو المسئوليات التي من شأنها أن تبدأ في سن مثل هذه السياسات أو الاستراتيجيات فضلا عن تطبيقها على المستوى الوطني والإقليمي والمحلي، لذلك متى ما أردنا النجاح للنقل العام في مدننا علينا أن نبدأ بإيجاد البيئة المناسبة التي تسمح بنجاح أداء النقل العام . والطموح ما زال منعقدا على موافقة مجلس الوزراء على توصية وزارة النقل باستحداث الهيئة العامة للنقل العام (Saudi Public Transport Authority) والتي من شأنها ضم كل الجهات ذات العلاقة بالنقل العام تحت مسئولياتها وبذلك تتوحد الجهود ويمكن فيما بعد أن تستديم صناعة النقل العام تخطيطا وتصميما وتنفيذا وتطويرا.
 
هشام الفالح ،" الهيئة العامة للنقل طموح المرحلة المقبلة في التطوير ومواكبة الكثافة السكانية " ، جريدة الرياض ، تقارير من الداخل ، العدد (14926)  ، الاربعاء 11 جمادي الأولى 1430هـ - 6 مايو 2009م .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا