التسميات

الجمعة، 28 مارس 2014

التدبير اللامركزي للمناطق الحرة في الجمهورية اليمنية ـ دراسة تحليلية سوسيو اقتصادية في إطار التكاملية ...


التدبير اللامركزي للمناطق الحرة في الجمهورية اليمنية:

دراسة تحليلية سوسيو اقتصادية في إطار التكاملية



الباحث: أنور عبد الحميد محمد عبد الملك السقاف
الدرجة العلمية: دكتوراه
 الجامعة: محمد الخامس
الكلية: العلوم القانونية والإجتماعية والإقتصادية
القسم: القانون الإداري
بلد الدراسة: المغرب
لغة الدراسة: العربية
تاريخ الإقرار: 2007
نوع الدراسة: رسالة جامعية

المقدمة:

لاشك أن التعرف على شروط المنهجية الإقليمية القديمة أو الجديدة، قد يسهل فهم كيفية نشوء هذه المناهج الإقليمية والصيغ والمراحل التي تتحكم في مسارها، وأسباب تطور بعض هذه المراحل وإخفاق البعض الآخر، خاصة وأن هناك بعض المعوقات تستوجب فهمها لمعرفة أسباب التأخر في تطبيق الأسس والأهداف التي ينبغي عليها تعزيز التكامل الإقليمي العربي.
وقبل أن أتحدث عن خطة هذا البحث للتدبير اللامركزي للمناطق التجارية الحرة في الجمهورية اليمنية، يستوجب علي تحديد مفهوم التكاملية الإقليمية في إطار المدرسة الوظيفية للفكر التكاملي، والذي يتناول مفهوم الإقليمية أو المنطقة الاقتصادية، بأنها منطقة إقليمية تضم في حدودها مصالح اقتصادية متناسقة ومتكاملة ومترابطة في ظل معيار التوزيع الجغرافي لتلك المشاريع المشتركة في ذلك الإقليم. لذا فإن العديد من المفكرين الاقتصاديين والقانونيين يروا أن التنظيم الإقليمي في ظل الفكر التكاملي يكون وفقا لاتفاق ينشأ بين دولتين متجاورتين أو اكثر لتنظيم مجالات التعاون الاقتصادي والتجاري الخاصة بهذه الدول الأعضاء،  وعلى ضوء معايير وأسس وأهداف التكامل الإقليمي المتكافئ. وبناء على هذا السياق فإن التنظيم الإقليمي هو عبارة عن منظومة قانونية وإجرائية ترتبط بها الدول الأعضاء في ظل عوامل التنوع الجغرافي والتماثل في العديد من الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، هذا التوزيع الهيكلي المتوازن جغرافيا للمشاريع المشتركة، يعد شرطا حاسما وهاما لتحقيق التعاون الاقتصادي والتجاري بين الدول الأعضاء، وبالتالي يسهم في معالجة العديد من القضايا الاقتصادية والاجتماعية من الناحية المستقبلية في إطار التنسيق المشترك، خاصة عندما تعزز هذه العلاقات الاقتصادية وتتوسع بين الدول الأعضاء المتجاورة كحالة المجموعة الأوروبية أو حالة الدول العربية، الأمر الذي يقتضي خلق إطار تنظيمي إقليمي موحد تحدد  فيه عملية تنظيم وتطوير المبادلات التجارية والاستثمارات البينية على المستويين الإقليمي والدولي.

ومن هذا المنطلق فإن التدبير اللامركزي للمناطق التجارية الحرة في الدول العربية قد يتمثل  في الهيئات والمؤسسات اللامركزية التي تقع في النطاق الجغرافي للإقليم أو المحافظة،  وتجمع بينهما وبين الدول المجاورة مصالح اقتصادية  مشتركة في مجال التنمية والتجارة أو روابط قانونية لحماية مصالحها وتنمية علاقاتها الاقتصادية والاجتماعية، وخاصة في حالة تدفق الاستثمار الأجنبي في هذه المنطقة الجغرافية وحمايته القانونية في حال نشوء المنازعة.
وبعبارة أخرى إن التدبير اللامركزي للمناطق التجارية الحرة في إطار الفكر التكاملي الإقليمي العربي هو عبارة عن تنظيم يضم عددا معينا من الدول العربية التي تربطها سياسة اقتصادية مشتركة في ظل اتفاقية إقامة منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، هذه الاتفاقيات العربية تحدد بطبيعتها القانونية السياسة المشتركة ومجالات التعاون الاقتصادي والتجاري بين الدول الأعضاء المندمجة في هذا التنظيم الإقليمي، بحيث يتم بشكل متناسق ومتكامل تطبيق القيم والقواعد المنظمة للعلاقات الاقتصادية بين المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي ومجلس الوحدة الاقتصادية من ناحية، وبين المجلس الاقتصادي العربي والمؤسسات العربية المتخصصة بما فيها مؤسسات وهيئات حكومات الدول العربية من ناحية أخرى.
وما يهم في هذا الجانب هو أن هناك علاقة قانونية تربط عملية التكامل الإقليمي العربي بالنظام الدولي للتكتلات الإقليمية الأخرى، فالنظام الدولي قد يتسم بهياكل متعددة السمات والعمليات التي تفرزها المظاهر الجزئية المحددة على المستوى الدولي مثل الانضمام- التعاون- التنسيق- المفاوضات- التكاملية، إلا أن هناك بعض المعوقات في فهم وتطبيق ومعالجة هذه الظواهر الجزئية، من خلال الإلمام الشامل بالاتفاقيات المشمولة لمنظمة التجارة العالمية، مما جعل هذا النظام التجاري العالمي الجديد يستعين بالتنظيمات الإقليمية المتعددة للدول المتقاربة والمتجاورة وفي ظل صيغ ومناهج التكامل الإقليمي المتعمق في اقتصاديات الدول.
وانطلاقا من هذه المتغيرات الدولية في عقد التسعينات التي شهدتها العديد من الدول المتقاربة والمتجاورة، نستقرئ الصيغ الجديدة لمناهج التكامل الإقليمي المتعمق في اقتصاديات الدول أو ما يسمى بالإقليمية المتعددة الأطراف، هذه الإقليمية الجديدة لا تقتصر على مجموعة من الدول المتقاربة والمتجاورة، وبحسب مستويات نموها الاقتصادي، بقدر ما تنبني شروط الانضمام فيها في الأساس على الاختلاف والتباين في الجوانب الاقتصادية، بحيث يشكل التقارب لمجموعة من الدول النامية أو الأقل نمواً، والتي من ضمنها الدول العربية مع مجموعة الدول المتقدمة صناعيا تكتلا بين إقليمين أو أكثر وليس تكتلا إقليميا واحدا. كما أن هذه الإقليمية الجديدة والمتعمقة في اقتصاديات الدول، قد أجازت الانتقاء التفضيلي لتدفق الاستثمار الأجنبي وفقاً للاتفاقيات المتعددة الأطراف والتي بدورها ركزت على ضرورة إعادة النظر في منظومة العمل العربي المشترك من خلال هيكلة المؤسسات العربية المتخصصة في ظل البرنامج الزمني المحدد وبموازاة مع البرنامج العملي للإصلاحات في الدول العربية، والذي يكفل إقامة منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى وتفعيل أنشطتها الاقتصادية خلال العشر السنوات القادمة، وبهدف تطوير التجارة الدولية، وإزالة العقبات الكمية وغير الكمية عند المستوى الذي يكفل انضمام الدول للعضوية في منظمة التجارة العالمية.
وانطلاقا من هذا البرنامج الزمني المحدد للأمانة العامة لمجلس جامعة الدول العربية والمتمثل في المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي، شرع هذا الأخير في استكمال الجوانب التنظيمية والإدارية والقانونية والاقتصادية لإقامة منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى من خلال اتباع قاعدتي تقسيم العمل وترتيب الوظائف على المستويين الإقليمي المحلي والإقليمي العربي، وعلى هذا الأساس جاءت دراسة الحالة الخاصة للتدبير اللامركزي للمناطق التجارية الحرة في الجمهورية اليمنية، كاستراتيجية للتحول إلى تحرير اقتصاد السوق، وذلك بما يكفل تنمية المبادلات التجارية وتطوير الاستثمارات البينية، والتي في الأساس تنبني على ضرورة تنفيذ برنامج الإصلاحات، من خلال التوجه اللامركزي للهيئات والمؤسسات الحكومية ذات الطابع الاقتصادي بجانب الإدارات المركزية، وبما يسهم في الحفاظ على التنظيم السياسي الموحد للدولة وعلاقته بالتنظيم الإيديولوجي للمجتمع اليمني وبالحكومة المركزية.
كما أن هذه الدراسة للحالة الخاصة للتدبير اللامركزي تجسدت فيها المنظومة القانونية، والإجرائية الخاصة بتنفيذ قرارات مجلس الوزراء لتحديد المراحل التطويرية للأنشطة الاقتصادية والتجارية والمالية في المنطقة الحرة بعدن ووفقا للفترات الزمنية التي تحددت ب 25 عاما لاستكمال تلك الأنشطة الاقتصادية والتجارية والخدمية والسياحية وغيرها، على أن تبدأ سنة الصفر بعد إصدار قانون المناطق الحرة رقم (4) لسنة 1993 وكآلية للانضمام إلى اتفاقية إقامة منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، والتي بدورها اتسم مضمون أهدافها بأهمية تعزيز التوجه اللامركزي،  وكأداة لتنمية المجتمع المحلي بنوع من التوازن بين السياسة العامة للحكومات العربية وإجراءاتها الاقتصادية، بما يقلل- أيضاً- من تضارب الاختصاص بين الهيئات والمؤسسات الحكومية الأخرى، ولمعالجة القضايا المختلفة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
ولعل من أهم الإشكاليات التي فرضت تطبيق برنامج الإصلاحات ومن منظور جديد للحكومة اليمنية لتفعيل الوظيفة الاقتصادية من خلال التدبير اللامركزي، وهو أن مجمل أنشطة الوزارات وفروعها بعد تحقيق الوحدة اليمنية اتسمت بالازدواجية في الاختصاص، مما استلزم أهمية إعادة الهيكلة لمكونات الوزارات والمؤسسات والهيئات الحكومية على المستوى الإقليمي المحلي، وذلك وفقاً لقواعد القانون العام وما ينجم عنه من ارتباطات بالقوانين الأخرى.
وبناء على ذلك تركز اهتمام البرنامج العام للحكومة على ضرورة تطوير كفاءة البناء التنظيمي والإداري للمناطق التجارية الحرة، على أساس طرق دراسة العمل المتمثلة في عملية تحليل التنظيم، وتحليل العمل، وتحليل سلوكيات الأشخاص الإداريين، وبما يكفل الالتزام بمبدإ التنسيق في تشكيل فرق الخبراء وورش العمل من قبل الأمانة العامة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي، لاستكمال تلك الجوانب التنظيمية والاقتصادية والقانونية لإقامة منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى.
وبالرغم من أن هذا البرنامج العام للحكومة قد حقق نوعا من النجاح المثمر في تطبيق التدبير اللامركزي لتفعيل الوظيفة الاقتصادية في إنشاء المناطق التجارية الحرة، إلا أنه لم يتمكن من تدعيم الإمكانيات المادية للمناطق الحرة، من خلال زيادة مواردها المالية المخصصة سنويا في إطار الموازنة العامة، وعلى أساس أسلوب الأساس الصفري، والذي يتسم باتباع اللامركزية في عملية التحليل المالي لإعداد الموازنة بدلا من اتباع أسلوب موازنة التخطيط والبرمجة، والتي تتسم إحدى سلبياتها باتباع المركزية في صرف المخصص الفعلي السنوي للمنطقة الحرة ولتمويل البرنامج الاستثماري.
لذا فإن ترسيخ أسلوب الأساس الصفري في صرف المخصص الفعلي السنوي للمنطقة الحرة بغرض تمويل المشاريع الاستثمارية، قد يسهم في تحسين مستوى الأداء الكلي للمناطق الحرة، من خلال تقييم النتائج الفعلية لطرق القياس المختلفة وطبقا لأسلوب المفاضلة من الناحية التنظيمية والرقابية، وبشكل متناسق بين الأهداف الرئيسية والأهداف الفرعية كماً ونوعاً، وبما يؤدي - أيضا- إلى تطوير طرق قياس الأداء المزدوج وكآلية لتقويم الخدمة الاقتصادية التي تهتم بعنصر الجودة والتكلفة، وبمشاركة القطاع الخاص للتحول إلى تحرير اقتصاد السوق، على ضوء الأهداف والغايات التي أنشئت من أجلها المناطق التجارية الحرة بالقانون.
وهذا بطبيعة الحال يستلزم إدخال التعديلات في التشريعات والقوانين المرتبطة بالأنظمة الاقتصادية والتجارية والمالية والنقدية، بغرض كسب ثقة المستثمرين لأعمال البيئة التنظيمية الداخلية للمنطقة الحرة، وبالتالي تفعيل الاستراتيجيات التسويقية والترويجية وفقا للمحددات العلمية والعملية في تحليل عوامل المزيج الأمثل للقرار، والذي بدوره يسهم في توفير المعلومات والبيانات لإقامة المشاريع المشتركة، وخاصة مشروع بناء السكك الحديدية في اليمن، وذلك في إطار اتفاقية الطرق الدولية للتكامل الإقليمي للمشرق العربي. كما أن أهم المقومات الأساسية لاستقرار المنطقة الحرة بعدن من الناحية الاقتصادية، تنبني في الأساس على دراسة هذه المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية المؤثرة على البيئة التنظيمية للمنطقة الحرة، والمتمثلة في السكان والمساحة وتوزيعها الجغرافي، فضلاً عن متغيرات منافذ التوزيع في الأسواق، وبهدف- أيضا- توسيع شبكة الطرق لتسهيل عملية الاتصال للأنشطة الاقتصادية، ولنقل البضائع والأشخاص على المستويين  الإقليمي المحلي والإقليمي العربي.
ونظرا لأهمية هذه الدراسة للجدوى الاقتصادية في إتمام وتنفيذ المراحل التطويرية للمنطقة الحرة بعدن بشكل عام، وذلك طبقا لأهمية توافر شروط الثبات التشريعي التنظيمي (اللائحي)، وتوافر شروط ثبات العقد، والتي بدورها تؤثر على معايير التقييم لمصفوفة النظام التمويلي بحسب طبيعة العقود الدولية المتعددة الأغراض، والتي ترتبط بقواعد القانون الدولي وفقا للمعيارين القانوني والاقتصادي، والذين يستمد منهما تحليل  العلاقة المتبادلة من الناحية القانونية والاقتصادية بين الدول المضيفة للاستثمار والدول المصدرة له. وجاءت أهمية هذه الدراسة أيضاً للعقود الدولية، باعتبارها من النظم الاستثمارية المستخدمة لتمويل المشاريع المباشرة وغير المباشرة والمندرجة ضمن الأهداف والغايات التخصيصية للهيئة العامة للمناطق الحرة، باعتبارها-أيضا- من إحدى الأشخاص المعنوية التي تتمتع بالاستقلال المالي والإداري والتي أجاز لها القانون حرية التعاقد مع الأشخاص الطبيعيين، من خلال إبرام وتوقيع تلك العقود الدولية والتي قد تتسم طبيعتها القانونية بالطابع الوطني أو الدولي. لهذا كان لزاما علي توضيح المفارقة من حيث الطبيعة القانونية لمصفوفة النظام التمويلي والشروط التعاقدية بين كل من عقود " البووت" B.O.O.T البناء والتشغيل والتشييد ونقل الملكية لتمويل البنية الأساسية، وعقود الالتزام لتمويل المشاريع الخدمية، وعقود المبادلة Swps للأصول المالية المنقولة، والتي بمجموعها تتحدد معايير التقييم لدراسة الجدوى الاقتصادية لإقامة المشاريع المباشرة وغير المباشرة، وذلك وفقاً للقرار التمويلي وتحديد المدة المتفق عليها لاسترداد ونقل ملكية المشروع إلى الجهة المانحة للعقد، على ضوء برنامج الضمان واستيفاء الوثائق والأدلة الكاملة للمطالبة بالتعويض.
كما أن هذه المفارقة للقواعد والنصوص القانونية المنظمة للعقود الاستثمارية الدولية، وما يترتب عليها من شروط تعاقدية متبادلة بين الأطراف المتمثلة في الحقوق والالتزامات بين الأشخاص المعنويين والأشخاص الطبيعيين، تفرض على إدارة الهيئة العامة للمناطق التجارية الحرة، الإلمام الشامل بها لتفعيل أبعاد واتجاهات هذه العقود الدولية في ظل برنامج الإصلاحات، وعلى أساس تنظيم العقد ونوعية الالتزام ومصدر تعديله أو إلغائه، بما يكفل-أيضا- استقرار العوامل الاقتصادية المؤثرة في تحديد رغبات ومتطلبات إدارة الهيئة العامة والشركات العربية والدولية المقيدة في سجلات شركات المنطقة الحرة، بما يهدف إلى تطوير علاقتهما بشكل متناسق ومتكامل للأهداف والغايات التي أنشئت من أجلها الهيئة العامة للمناطق الحرة بالقانون.
فعلى سبيل التوضيح : إن عقود "البووت" قد تنبني على مجموعة من القواعد والإجراءات التي يتقرر بموجبها تحديد الحقوق والالتزامات بين أطراف العقد وفقا لأحكام الاتفاقية الدولية، التي تعزز بدورها تطبيق برنامج الإصلاحات في الدول العربية، وعلى أساس توفير الحماية القانونية لتدفق الاستثمار الأجنبي، ومن خلال تحسين التشريعات والقوانين المرتبطة بالأنظمة الاقتصادية والتجارية والمالية والنقدية لتمويل المشاريع المباشرة، وعلى أساس-أيضاً- القواعد المنظمة للمنافسة بين الشركات الدولية، لذا فإن تحديد المسؤولية بين الأطراف المتعاقدة في توزيع المخاطر للمشروع تكون وفقاً للشروط التعاقدية، والتي تمر بسلسلة معقدة ومتشابكة في توزيع المخاطر بين الجهة المانحة وشركة إدارة المشروع والبنوك الممولة للقرض وشركات التأمين وغيرها، وذلك طبقا لمبدإ الاستمرارية المنصوص عليه في اتفاقية عقد الترخيص.
هذه القواعد القانونية المرتبطة بالاتفاقيات الدولية أغفلها المشرع الدستوري، حيث لم يضمنها بنص تشريعي مستقل بهذا الشأن، كونه لم يفرق بين عقود الالتزام وعقود البووت، وفي كون الأخير التزاما ينصب على تمويل المشاريع المباشرة ويخضع للقانون الدولي، وباعتبار أن عقود " البووت" يتم فيها استيفاء برنامج الضمان عن طريق المؤسسة العربية للضمان، وفقا للشروط التعاقدية المتفق عليها في اتفاقية عقد الترخيص بين الجهة المانحة وشركة إدارة المشروع، والتي تلزم الأطراف باحترام مبدإ الحقوق والالتزامات وفقا لقواعد وأحكام المؤسسة العربية للضمان.
بينما عقود الالتزام تبنى على مجموعة من القواعد التي تتسم بطابع العقود الإدارية، وتخضع للقانون الوطني لتمويل المشاريع الخدمية والتجارية، بحيث يقوم الملتزم من القطاع الخاص مع الجهة المانحة للعقد على تمويل المشروع على حسابه ونفقاته، على أن يضمن له حق تنظيم إدارة المرفق العام خلال المدة المحددة في العقد مقابل ربح أو رسوم يتم تحصيلها من المنتفعين بخدمات المرفق.أما عقود المبادلة للأصول المالية المنقولة، فقد تنبني على مجموعة من القواعد والإجراءات التي تتضمن تنظيم طبيعة العقد وشروطه التعاقدية المتمثلة في الحقوق والالتزامات، على أساس الإرادة المتوافقة بين الطرفين، سواء كانوا من الأشخاص المعنويين، أو من الأشخاص الطبيعيين لأكثر من دولة، والغرض من هذه العقود تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية في عملية التمويل للمشاريع المباشرة، وذلك بما يؤمن الحيطة والحذر من نقل المخاطر الناجمة عن المتغيرات الاقتصادية، على أن تخضع هذه العقود لنظام الحماية القانونية لسلامة تنفيذ التزاماتها،  من خلال ضمان الاستحقاق بالوفاء بين الأطراف المتعاقدة، وباعتبارها من العقود التي تخضع لقواعد وأحكام القانون الدولي. وبناء على هذه المفاهيم للعقود الدولية في مجال الاستثمار والتحكيم، والتي تكفلت بها القوانين الاقتصادية والتشريعات القضائية، لتنظيم قواعد وإجراءات التحكيم بين الأشخاص المعنويين والأشخاص الطبيعيين، وذلك بعقد مستقل أو بعقد من ملحق لعقد الاستثمار الأصلي ووفقا لشروط الاتفاق المنصوص عليها في قانون الأونسترال، الذي يحدد مهام لائحة المركز المؤسسي النظامي، وكتجسيد للامركزية في توفير الحماية القانونية لتدفق الاستثمار الأجنبي، وباعتبارهما من النظم الاستثمارية والتحكيمية المتعارف عليها إقليميا ودوليا في المناطق التجارية الحرة. وعلى هذا الأساس جاءت دراسة المفاهيم الخاصة للتحكيم الوطني أو التحكيم الدولي، وبهدف تسوية المنازعة الاستثمارية والتجارية، من خلال إجراءات تشكيل لجنة التحكيم وطبقا لاتفاق التحكيم، الذي يحدد اختيارهم على ضوء اللائحة سواء على المستوى الوطني أو الدولي، وطبقا -أيضا- لمبدإ الكفاءة والحيادية والاستقلالية في تنظيم إجراءات التحكيم وتنفيذ أحكام التحكيم.
وهذا ما أكده القانون رقم (4) لسنة (93م) بشأن المناطق الحرة، خاصة في المادة (105) من نفس هذا القانون، والتي تضمنت بأن يتم تسوية المنازعة بخصوص النشاط الاستثماري والتجاري في المنطقة الحرة بعدن، على أساس اتفاق التحكيم ومعاييره التنظيمية والنطاق الجغرافي ومعيار الجنسية بين طرفي الخصومة. لذا قد تكون تسوية المنازعة وفقا للقانون الوطني المعمول به في لائحة مركز التحكيم المؤسسي الوطني، وقد تكون تسوية المنازعة وفقا للقانون الدولي المعمول به في لائحة المركز المؤسسي الدولي، باعتبار أن اتفاق التحكيم كوسيلة اختيارية بين طرفي الخصومة يحق لهم من خلالها تشكيل لجنة التحكيم بدلا من اللجوء إلى المحاكم القضائية المختصة في الدولة، باعتبار أن التحكيم قضاء والمحكم قاضي، ووفقا لقانون المرافعات الاستثمارية والتجارية في تسوية المنازعة.
كما أنه انطلاقاً من أهمية إرساء المقومات النقدية وعلاقتها بالخطط الاقتصادية والصناعية لتحقيق التكامل الإقليمي العربي، فقد آثرت على نفسي أهمية التركيز في هذا الجانب، وعلى أساس توحيد الجهود وبناء المواقف المشتركة للدول العربية في إصدار الدينار العربي الحسابي، من خلال إدخال التعديلات في التشريعات القانونية المرتبطة بالأنظمة الاقتصادية والنقدية، وطبقا لأهداف البرنامج العملي لصندوق النقد العربي حول تقييم النظام المالي للدول العربية، والذي لا يتضمن في طياته الالتزام بالشروط الموضوعية لمعالجة التفاوت النسبي في مؤشرات الأداء الاقتصادي والنقدي فحسب، بل تطوير كفاءة الإنتاج التصديري في القطاع الصناعي التحويلي وفي المجالات المختلفة، وطبقا لمبدإ التخصص وتقسيم العمل الإنتاجي الصناعي بين القطاعات المختلفة على المستويين الإقليمي المحلي والإقليمي العربي، كما أن إصدار الدينار العربي الجاري قد يسهم في تحقيق التوزيع المتوازن بين عوامل الإنتاج والسلع المنتجة، خاصة عند التقاء معدل الإنتاج مع معدل الاستهلاك، وعند نقطة التعادل بين تكاليفها التقديرية وأسعارها التقييمية على المدى الطويل، بما يعظم من نمو معدل المبادلات التجارية البينية في ظل الكفاءة التنافسية، وبالتالي يعزز الاستقرار النقدي لعملات الدول العربية في إطار التكاملية.
وعلى الرغم من أهمية التجارب المتراكمة للدول الأخرى، إلا أن الدول العربية لم تستفد من تجربة المجموعة الأوروبية في تطبيق المقارنة بين مؤشرات الأداء الاقتصادي الكلي للدول الأعضاء، في ظل معايير الانضمام إلى النظام النقدي الموحد، والتي تتجسد في إنشاء البنك المركزي الأوروبي الموحد، بهدف تعزيز السياسة النقدية المشتركة بأدواتها وآلياتها مع البنوك المركزية الوطنية، وفي ظل المراحل التطويرية للسوق الأوروبية المشتركة، والسبب في ذلك يرجع إلى أن بعض برامج الإصلاحات في الدول العربية، قد أخفقت في تطبيق سياسة التثبيت الاقتصادي وسياسة التكليف الهيكلي لميزان المدفوعات، والقائمة على أساس النظرية النيوكلاسيكية في التحليل الاقتصادي، مما جعل هذه البرامج تتعثر في معالجة الاحتلال الناجم عن عجز ميزان المدفوعات، وبالتالي أدى إلى زيادة الخلل في حجم وخصائص قوة العمالة -وأيضاً- زيادة التضخم النقدي في معظم الدول العربية.
كما أن توسيع قاعدة الشراكة بالاستثمار الأجنبي لإنشاء الأسواق المالية على المستوى الإقليمي المحلي، وربطها بالأسواق العربية والدولية، تنبني في الأساس على تذليل المعوقات القانونية والإجراءات الإدارية الهادفة إلى معالجة الاختلالات الاقتصادية والنقدية، وعلى أساس استقرار حركة صرف العملة الوطنية وسعر الفائدة، وذلك مقابل أسعارها في الأسواق الموازية على المستوى الدولي، مما يسهم- أيضاً- في تجاوز العقبات المؤثرة على تنفيذ الشروط التعاقدية في ظل عقود المبادلة (SWPS) للأصول المالية المنقولة، أو حتى في تمويل عقود " البووت" لتنفيذ مشاريع البنية الأساسية.
لذا فإن تفعيل الآليات التشريعية والإجراءات القانونية لتطوير كفاءة الهيكل التنظيمي والإداري للبرلمان العربي من قبل الأمانة العامة لمجلس جامعة الدول العربية، وكآلية لصنع القرار المقترح بتوحيد السياسات المشتركة، من خلال التنسيق للمراحل الأساسية لإعداد وصياغة التشريعات والقوانين بين المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي والبرلمان العربي، وبين المؤسسات العربية المتخصصة ذات الطابع المالي والنقدي ومؤسسات وهيئات حكومات الدول العربية، قد يسهم في توحيد الأصوات بأغلبية ثلثي الأعضاء داخل البرلمان، بما يكفل تنفيذ عملية التقييم والمتابعة للسياسات الاقتصادية المشتركة بين الدول العربية، وكآلية اقتصادية وقانونية لتفعيل أعمال وأنشطة منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، على أساس تخفيض التعريفة الجمركية وإزالة القيود الكمية وغير الكمية، وبالتالي استكمال قواعد المنشأ للسلع والمنتجات، فضلاً عن استكمال وإعداد أيضاً المواصفات والمقاييس للسلع العربية الموحدة، بهدف تنمية المبادلات التجارية البينية على المستويين العربي والدولي.
وبعبارة أخرى إن هذه الآلية لصنع  القرار المقترح بتوحيد السياسة الاقتصادية المشتركة للمجلس الاقتصادي العربي، ومن خلال مراحل التنسيق لإدخال التحسينات في التشريعات والقوانين المرتبطة بالأنظمة الاقتصادية والتجارية، من قبل البرلمان، قد تسهم في معالجة المعوقات القانونية التي تواجه القطاع الصناعي التحويلي والمتمثلة في التجانس والتشابه في هيكلة الإنتاج الصناعي التصديري، والناجم عن الاختلاف والتباين للقوانين المرتبطة بالاستثمار الصناعي من ناحية، وعدم القدرة على استكمال نظم إدارة البحوث والتطوير التكنولوجي في مجال الصناعة من ناحية أخرى.
ونظرا لأهمية الالتزام بمبدإ التنسيق في تنفيذ الآليات الاقتصادية والإجراءات القانونية المنصوص عليها في اتفاقية إنشاء صندوق النقد العربي، فإنه ينبغي تقوية قدراته في اتخاذ القرار المرتبط باستراتيجياته وأهدافه في تقييم النظام المالي للدول العربية وفي تقديمه للإعانات المادية والفنية في ظل عملية التمويل الإقراضي، وعلى أساس مبدإ المشروطية الوصائية لصندوق النقد العربي بأبعادها المالية والإدارية، وبما يكفل الالتزام بكفاءة التنسيق المشترك لتوحيد السياسة النقدية، وخاصة حول تقييم المنهج الاستيعابي لميزان الحساب الجاري كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي من ناحية، وتقييم المنهج النقدي لاستقرار سعر الصرف المعوم بغرض تصحيح العجز في ميزان المدفوعات من ناحية أخرى. كما أن هذه المشروطية الوصائية، قد تحقق الالتزام بتثبيت أسعار الصرف والفائدة بين الدول العربية، لإصدار الدينار العربي الحسابي وكوحدة قياس ثابتة ومشتركة، وذلك على ضوء المكونات للميزان الموحد من الناحية الوظيفية والاقتصادية، والتي تضمنته في الأساس الاتفاقية المنشئة لصندوق النقد العربي من خلال اللجنة التنسيقية السباعية المشكلة في منتصف عقد الثمانينات لتطوير الدينار العربي الحسابي، والذي مازال الأمل منشودا على المجلس الاقتصادي العربي في إعادة  النظر لإصداره وتداوله في ظل اتفاقية إقامة منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، والذي بدوره قد يعزز تقوية مقدرتها التفاوضية مع منظمة التجارة العالمية، وبالتالي تطوير علاقة جامعة الدول العربية بالسوق الأوروبية المشتركة، أو بدول رابطة الأسيان، وبالتكتلات الإقليمية الأخرى.
وهنا أود أن أشير إلى أهمية المفارقة بين الإقليمية التقليدية والإقليمية الجديدة لمنطقة التجارة الحرة العربية الكبرى والتي تعد من البدائل المطروحة لحكومات الدول العربية لتعزيز التدبير اللامركزي، والتي ظهرت في عقد التسعينيات كمنهجية للتكاملية، والهادفة إلى تنمية القدرات  الإنتاجية والتنافسية على المستوى الإقليمي المحلي والإقليمي العربي، والدولي. هذه المفارقة بين المنهجية التقليدية (القديمة) والمنهجية الجديدة أو ما تسمى بالإقليمية المتعددة الأطراف، أن الأولى كانت تصبو إلى تطبيق ما جاءت به المدرسة الوظيفية في الفكر التكاملي، والتي تلتزم بها الدول الأعضاء بإقامة علاقات اقتصادية وتجارية، وفقاً لشروط المنهج الاتحادي، الذي يبدأ بالتدبير التدريجي للامركزية الاقتصادية ومن تم التحول إلى تحرير اقتصاد السوق، ووفقا لمبدإ الالتزام بالتنسيق لتطبيق السياسة المشتركة بين الدول الأعضاء، وذلك لتحقيق متطلبات كل مرحلة من مراحل التكامل الإقليمي، على أن تكون صلاحيات المجلس الاتحادي في وضع الخطط والاستراتيجيات التنموية، دون المساس أو التدخل في السيادة الوطنية للدول الأعضاء.
بينما لو استقرأنا المنهجية الإقليمية الجديدة المتعمقة في اقتصاديات الدول، نلاحظ أنها تحقق نفس الشروط الاقتصادية لإقامة المشاريع المباشرة في البنية الأساسية، وفي خلق فرص العمل للأيدي العاملة، وذلك من خلال التنسيق للتطبيق تلك السياسة المشتركة بين الدول الأعضاء، إلا أن طبيعة الاختلاف قد تنصب في أن المنهجية الجديدة تنبني على أساس الدوافع السياسية المتمثلة في تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي للدول النامية، خاصة بعد انهيار نظام بريتون وودوز، وانهيار الكتلة الشرقية للنظام الاشتراكي، بالإضافة إلى دخول المنطقة العربية حرب الخليج، هذه المتغيرات الدولية أظهرت هذه الشروط والخصائص للمنهجية الإقليمية الجديدة، والتي تزامنت نتائجها السلبية مع ظهور الخلافات بين الدول العربية حول الجوانب الاقتصادية والسياسية، كما أنه كان من نتائج معالجة هذه الأزمات ذات الأبعاد الثلاثية، أنه تم الدبلجة لها بمواصفات عالية، وبهدف الترويج لإدخال التكنولوجية، والتي بدورها حولت الدوافع القومية العربية إلى مبررات وطنية لإدخال التكنولوجية، وذلك عند المستوى المطلوب للانضمام إلى التبعية الاقتصادية، وفقاً لإجراءات المعاملة التفضيلية والخاصة بالدول الأقل نمواً، بما فيها الدول العربية والمنصوص عليها في أحكام اتفاقيات منظمة التجارة العالمية، على أن يتم خضوعهم لسياسة أمريكية تؤمن السيطرة على ثروات وقرارات الدول العربية باعتبارها دول الرعايا الأولى لتطبيق أحكام الاتفاقيات التجارية المتعددة الأطراف.
وبعبارة أخرى إن هذه المفارقة بين المنهجين التقليدي والجديد، حيث تبنى الإقليمية  الجديدة على مزيد من التنازلات للسيادة الوطنية بالنسبة للدول الأعضاء، فضلاً عن أن السياسة المشتركة لتطوير البنية الأساسية تنبني في الأساس على إزالة الحوافز الكمية وغير الكمية على الحدود الإقليمية، وبالتالي إنشاء الاتحاد الجمركي وإقامة السوق المشتركة، بينما الإقليمية التقليدية كانت تمنح بموجبها الدول المتقدمة صناعياً للدول النامية المعونات والمساعدات التقنية والمادية دون اشتراط مسبق للمعاملة بالمثل، على عكس الإقليمية الجديدة التي تفرض فيها شروط الانضمام للمنظمة أن يكون التماثل في تنفيذ الالتزامات بالنسبة لجميع الأطراف المتعددة، وبصرف النظر عن مستويات النمو الاقتصادي : أي أن التعاملية تتم في ظل شروط المعية للانضمام إلى المنظمة، والتي بدورها تنبني فكرتها على قدر ما تأخذ ينبغي أن تعطي كنوع من التنازلات مع تعويض الدول الأقل نمواً عند الاقتضاء لمساعدتها على تجاوز الخسائر ولاكتساب المقدرة على تحصيل المنفعة أو التفاوض، حيث إن أصل التعاملية بين أنداد وشركاء متنافسين عالمياً.
وبالرغم من أن مضمون الاتفاقيات المشمولة لمنظمة التجارة العالمية، قد اتسمت بالجوانب الإيجابية والسلبية في عملية الانضمام والانسحاب من عضوية المنظمة، إلا أنها قد أثرت في نفس الوقت على توسيع نطاق الحرية التعاقدية وبنوع من الموضوعية في تطبيق إجراءات التحكيم، خاصة إذا لم تتفق أطراف الخصومة على تشكيل فريق التحكيم، وحتى لا يتم الخلط بين خصائص لائحة مركز التحكيم لجهاز تسوية المنازعة في إطار منظمة التجارة العالمية القائمة على مذكرة التفاهم لإجراء المشاورات الثنائية لتشكيل فريق التحكيم، فإن القاعدة لتسوية المنازعة تخضع لتلك الشروط والإجراءات الموضوعية والشكلية للانضمام إلى عضوية المنظمة وطبقا لأحكام وقواعد اتفاقية تأسيس منظمة التجارة العالمية.
لهذا قد تكون تسوية المنازعة بناء على طلب من قبل الدولة العضو المحتكم على الدولة العضو الأخرى المحتكم ضده، وطبقا لمذكرة التفاهم المشمول عليها في قواعد وأحكام اتفاقية المنظمة، وفي حالة نشوء الخلاف بين طرفي الخصومة يتولى جهاز التسوية تنظيم الإجراءات القانونية لتسوية المنازعة، طبقا لقواعد إنشاء فريق التحكيم المنصوص عليها في المادة (866)، مع مراعاة إجراءات المعاملة الخاصة بتسوية المنازعة للدول الأقل نموا طبقا للمواد(11،10،12) من مذكرة التفاهم، وذلك نظرا لتنفيذ برنامج الإصلاحات في هذه الدول الأقل نمواً، وعلى أساس إدخال التعديلات في التشريعات والقوانين المرتبطة بالأنظمة في المجالات المختلفة، وعلى أساس تطبيق سياسة التكييف الهيكلي لميزان المدفوعات، والتي بموجبها يتم تقديم المعونات الفنية لإدخال التكنولوجية المتطورة في الدول النامية، بما فيها الدول العربية لتنمية القدرات الإنتاجية والتنافسية في القطاعات الصناعية ولإدماجها بالأسواق العالمية.
وبناء على تلك المفاهيم للمنهجية الإقليمية الجديدة والمتمثلة في اتفاقية إقامة منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، والتي اندمجت في إطارها التنظيمي والقانوني المناطق التجارية الحرة في الجمهورية اليمنية بصفة خاصة والدول العربية بصفة عامة، سأوضح الأسباب والصعوبات لاختيار موضوع التدبير اللامركزي للمناطق التجارية الحرة نموذج المنطقة الحرة بعدن، فضلا عن الإشكاليات التي تبلورت عن أهمية هذا البحث للتدبير اللامركزي للمناطق التجارية الحرة مضمناً- أيضاً- المنهج المعتمد في عملية التحليل والدراسة، ومن ثم سأتطرق حول رأيي في تقسيم البحث إلى ثلاثة أبواب رئيسية :
أولا- الأسباب لاختيار موضوع التدبير اللامركزي للمناطق التجارية الحرة :
1- إن التدبير اللامركزي لم يتم تطبيقه بشكل واسع وبنوع من الشفافية في تنمية المناطق التجارية الحرة في الجمهورية اليمنية خاصة إذا قيست بغيرها من المناطق التجارية الحرة في الدول العربية، على الرغم من امتدادها للفكر التكاملي الإقليمي، الذي تبناه المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي، ومن يطلع على الشروط والأهداف الاقتصادية للمنهجية الإقليمية التقليدية  قد يرى أنها لا تقل أهمية عن المنهجية الإقليمية الجديد المتعمقة في اقتصاديات الدول. ولعل السبب في ذلك يرجع إلى عدم توفر الدراسات الميدانية للتدبير اللامركزي من الواقع العملي وفقا للمؤشرات الإحصائية التي تستخدم كأساس لطرق القياس المختلفة للبيئة التنظيمية الداخلية للمناطق التجارية الحرة، مما جعل برنامج الإصلاحات في الجمهورية اليمنية بصفة خاصة وفي الدول العربية بصفة عامة تتسم بضعف الاستراتيجية التنسيقية في تطبيق الخطط والبرامج في إطار التدبير اللامركزي لعناصر الإنتاج.
2- إن تفعيل العمل العربي المشترك في تجسيد اللامركزية الاقتصادية يعتبر من القضايا الجوهرية لتحقيق التكامل الإقليمي العربي، حيث يرتبط بإدخال التعديلات في التشريعات والقوانين الخاصة بالمجالات التجارية والمالية والنقدية، والتي بدورها تحقق التنمية المتكافئة بين الدول العربية، وبالرغم من أنه موضوع قديم قد أشبع بالدراسات والبحوث المكتبية والإحصائية في عملية التحليل للمعلومات والبيانات المتضمنة في طيات هذا البحث والصادرة عن مراكز البحوث والدراسات التابعة لجامعة الدول العربية، إلا أنه قابل للتحديث والتغيير لكونه عملاً فكريا تكامليا مستمداً ومستمراً من المنهجية الإقليمية القديمة والمنهجية الإقليمية الجديدة المتعمقة في مسألة التدبير اللامركزي، أو ما يسمى بالتحول إلى تحرير اقتصاد السوق، لأن الدول النامية بما فيها الدول العربية بحاجة إلى هذا التوجه اللامركزي للفكر التكاملي الإقليمي في ظل الفضاء العربي الناجم عن المتغيرات الدولية، والتي تنطلق منها أهمية الإسراع في تطبيق وتيرة الإصلاحات في الدول العربية، وذلك لمسايرة المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية، وعلى أن يتم الأخذ في الاعتبار مبدأ الحفاظ على الاعتبارات السياسية أو ما يسمى بمبدإ الأصالة والمعاصرة للحفاظ على السيادة الوطنية. لذا كان اختياري لموضوع التدبير اللامركزي للمنطقة الحرة بعدن وكدراسة حالة خاصة في ظل التوجه الجديد لاتفاقية إقامة منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، على اعتبار أن الأمانة العامة لمجلس جامعة الدول العربية والمتمثلة في المجلس الاقتصادي والاجتماعي ممن كان لهما إسهاماً متميزاً في تطوير وتحديث هذا الفكر التكاملي الإقليمي العربي، ومن خلال استكمال الجوانب التنظيمية والإدارية والقانونية والاقتصادية للانضمام إلى اتفاقية إقامة منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى،  وتوسيع علاقتها الدولية في ظل الاتفاقيات المشمولة لمنظمة التجارة العالمية، كجزء لا يتجزأ من اقتصاديات الأسواق الدولية.
3- إن التدبير اللامركزي يندرج ضمن أهداف وأسس التكامل الإقليمي العربي، الذي يسهم في تحقيق التوزيع الهيكلي المتوازن جغرافيا للمشاريع المشتركة، وعلى أساس تدفق الاستثمار العربي الأجنبي لإدخال التكنولوجية المتطورة في المجالات المختلفة، بما يحقق –أيضاً- النتائج الفعلية لطرق القياس بين المتغيرات للبيئة التنظيمية الداخلية للمناطق التجارية الحرة، والبرامج المشتركة للمؤسسات العربية المتخصصة والمؤسسات الدولية، وبالتالي سلامة تنفيذ العقود الدولية في تحقيق أهداف التنمية الشاملة.
ولطالما لفت انتباهي التجربة المتراكمة للمجموعة الأوروبية في تحقيق الوحدة الاقتصادية والنقدية ومدى أهميتها في تحقيق الثقل السياسي والاقتصادي للدول الأعضاء على المستوى الدولي. حيث إن الاستفادة من الآليات لتقييم الآثار الاقتصادية للمجموعة الأوروبية ومدى بلوغ رتبتها في تحقيق مضمون أهداف معاهدتي روما وماستريخت لتطبيق المراحل التطويرية للسوق الأوروبية المشتركة، تجعلنا نركز على أهمية تطبيق هذه الآليات الاقتصادية والإجراءات القانونية في توسيع الهياكل التنظيمية وحيثيات القرارات للمجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي وعلاقته بمؤسساته التنفيذية، وخاصة في إنشاء البنك المركزي العربي الموحد وتطوير البرلمان العربي لتحقيق المراحل التطويرية للمناطق التجارية الحرة للدول العربية، بما يحقق المقاربة في مؤشرات الأداء الاقتصادي الكلي، وبالتالي لإرساء المقومات النقدية لتحقيق التكامل الإقليمي العربي، من خلال إصدار الدينار العربي الحسابي والمتضمنة في بنود الاتفاقية المنشئة لصندوق النقد العربي، والتي تحدد بدورها المكونات الوظيفية والتطويرية لإصدار وتداول الدينار العربي الحسابي، بما يعزز علاقتها الاقتصادية والتجارية مع دول رابطة الأسيان أو بالتكتلات الإقليمية الأخرى.
4- إن جزء من البحوث والدراسات للتكامل الإقليمي العربي لم تدرس بشكل دقيق وواضح أهمية مشاركة القطاع الخاص في تحقيق التنمية الشاملة بجانب القطاع الحكومي، ولم تتطرق- أيضا- إلى أهمية توسيع الدور الاستشاري والإنمائي للغرف التجارية والصناعية ومشاركتها في تنفيذ برنامج الإصلاحات في الدول العربية، بما يحقق المتابعة والتقييم لسلامة تنفيذ العقود الدولية سواء كانت لإقامة المشاريع المباشرة أو غيرها. لذا آثرت على نفسي أن أساهم بدراسة  ونشر هذا الدور الاستشاري والإنمائي للغرف التجارية والصناعية لأهميته في تحقيق أهداف التنمية للمناطق التجارية الحرة، من خلال النخبة من رجال المال والأعمال والقانونيين والاقتصاديين وغيرها ممن ينتمون لشريحة القطاع الخاص، حيث إن معظمهم مازال حبيس غياب الثبات التشريعي التنظيمي (اللائحي) وغياب ثبات العقد. وبمعنى آخر: مازال موقوفا عن تطوير أعماله وأنشطته الاقتصادية والتجارية، نظراً لمعوقات التنمية المتفاقمة في الجمهورية اليمنية بصفة خاصة وفي معظم الدول العربية بصفة عامة، حيث لم يتقوى هذا القطاع الخاص على تنمية قدراته الإنتاجية والتنافسية وإدماجه باقتصاديات الأسواق العالمية.
5- إن استقراء الخطتان الخمسيتان الأولى والثانية (96-2005) والتي بموجبها تم تنفيذ برنامج الإصلاحات في اليمن كاستراتيجية للتحول إلى تحرير اقتصاد السوق، و كان لهما –أيضاً- إسهاما فعالا في بلورة مضمون استراتيجياتها لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، جعلني أختار هذا الموضوع للتدبير اللامركزي وكتجسيد لدراسة طرق العمل الممثلة في عملية تحليل التنظيم، وتحليل العمل، وتحليل سلوكيات الأشخاص الإداريين، بهدف تطوير كفاءة الأداء التنظيمي والإداري لتنمية اقتصاديات المناطق التجارية الحرة، على أساس إدخال التعديلات في التشريعات والقوانين المرتبطة بالأنظمة الاقتصادية والتجارية والمالية والنقدية وغيرها، كآلية لتنفيذ البرنامج الأمني المحدد لتفعيل أعمال وأنشطة منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى.
6- إن توسيع  قاعدة الشراكة بالاستثمار الأجنبي لإقامة مشروع بناء السكك الحديدية في الجمهورية اليمنية، في إطار اتفاقية الطرق الدولية للتكامل الإقليمي للمشرق العربي، جعلني أركز على أهمية هذه الاتفاقية في إطار التدبير اللامركزي للاستثمارات، وبهدف توسيع شبكة الطرق لتسهيل عملية الاتصال للأنشطة الاقتصادية ولنقل البضائع والأشخاص على المستويين الإقليمي المحلي والإقليمي العربي، وعلى أساس تفعيل الاستراتيجيات التسويقية والترويجية المتمثلة في دراسة المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والمؤثرة على البيئة التنظيمية الداخلية للمنطقة الحرة بعدن، من حيث السكان والمساحة وتوزيعها الجغرافي، وكمحددات علمية وعملية لتحليل عوامل المزيج الأمثل للقرار لإقامة هذا المشروع الاستثماري.
ثانيا- الصعوبات التي واجهت البحث :
1- كنت بدأت العمل في دراسة كفاءة الهياكل التنظيمية للهيئة العامة للمناطق التجارية الحرة في الجمهورية اليمنية وذلك في ظل مرحلة الإعداد لبرنامج الإصلاحات ولإعادة الهيكلة لتلك الهيئات والمؤسسات الحكومية، وعلى أساس دراسة طرق العمل بمشاركة القطاع الخاص لتنمية الموارد المالية والبشرية وفقاً للأهداف والغايات التي أنشئت من أجلها المناطق التجارية الحرة بالقانون، ولكن بعد أن قطعت شوطا في العمل وجدت تحفظاً في الحصول على مشروع الهياكل الإدارية ومدى فاعلية ترابطها بالهياكل الإدارية للمناطق التجارية الحرة الأخرى المندمجة في إطار النطاق الجغرافي للجمهورية اليمنية، وخاصة الهيكل التنظيمي والإداري للمنطقة الحرة بعدن والذي- أيضا- أثناء زيارتي للمنطقة الحرة في سنة 2003 أخبرني رئيسها بأنه لم يكتمل بعد بشكل رسمي من قبل الهيئة العامة للمناطق التجارية الحرة، وذلك للتأكد من استكمال الجوانب التنظيمية والقانونية للمنطقة الحرة وعلاقتها القانونية باتفاقية إقامة منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى خاصة إذا ما قورنت هذه الهياكل الإدارية للمنطقة الحرة بعدن ببقية الهياكل الإدارية للمناطق التجارية الحرة للدول العربية. فارتبت ثم اضطررت إلى اختيار موضوع التدبير اللامركزي كدراسة تحليلية سوسيو-اقتصادية في إطار التكاملية وكبديل، ولكن بعد أن ذهب الجهد وضاق الوقت.
2- عدم حصولي على مراجع هامة تتعلق بالتدبير اللامركزي للمناطق التجارية الحرة في اليمن، وخاصة في المكتبات أو الخزائن المركزية للجامعات اليمنية، نظرا لعدم توفر الدراسات الميدانية المرتبطة بهذا الموضوع في الواقع العملي وفقاً للمؤشرات الإحصائية التي تستخدم كأساس لطرق القياس للبيئة التنظيمية الداخلية للمناطق التجارية الحرة. ونظرا لحداثة نشأة المنطقة الحرة بعدن وفقاً للقانون رقم (4) في عام 93م، حيث تم استكمالها للجوانب التنظيمية والإدارية والقانونية للانضمام إلى اتفاقية إقامة منطقة التجارة العربية الكبرى في عام 2005م، فاضطررت إلى التوسع في عملية التحليل السوسيو-اقتصادي وفي إطار التكاملية وبشكل مسهب ومستطاب لتغطية موضوع البحث، مما سبب ضمورا في بعض مطالبه. وبالتالي اكتفيت بما تيسرالوقوف عليه واعتمدت كثيرا على كتب وبحوث مكتبية وإحصائية يصدرها معهد الدراسات الاستراتيجية التابعة لجامعة الدول العربية  أو المراكز البحثية الأخرى، والتي انصب اهتمامها بالتوجه اللامركزي في إطار التكامل الإقليمي العربي، فضلاً عن أوراق العمل للمؤتمرات الوزارية للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) والمنعقد في بعض العواصم العربية، وبالأخص ورقة العمل المقدمة في ملتقى اقتصاديات المناطق التجارية الحرة المنعقد في دمشق في الفترة من 29-31 مايو 2002م.
3- إن معهد دراسات الوحدة العربية أو مراكز الدراسات الاستراتيجية الأخرى التابعة لجامعة الدول العربية أو المكتبات المركزية للجامعات لم أجد فيهما غير مؤلفين عن منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، إضافة إلى كتاب عن المناطق الحرة العربية بأهدافها وهياكلها القانونية والإدارية للمؤسسة العربية للضمان، حيث تناول المسائل القانونية وبصورة متقطعة وغير وافية في تناوله للأبعاد الاقتصادية والإجراءات القانونية وعلاقتها بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي لتحقيق التكاملية، وهذا ما جعلني أبذل جهدا في جمع ما يتعلق بالإشكاليات والقضايا التي تناولها البحث، وذلك باستقراء كتب اللامركزية ومسائل تطبيقها على المستوى المحلي والإقليمي أو الدولي، وذلك من حيث القواعد والأحكام المندرجة في إطار القانون الإداري وعلاقته بالقوانين الأخرى ولتنفيذ العقود الدولية، وكاستراتيجية للتحول إلى تحرير اقتصاد السوق، كما استأنست ببعض الكتب الأخرى المتعلقة بالبحث لتوسع في عملية التحليل السوسيو-اقتصادي في إطار التكاملية.
4- اعتمدت على كتب القانون الإداري باعتبارها تتناول القواعد والاتجاهات المرتبطة باللامركزية والتي ترتبط بموضوع البحث، وذلك بصورة مكتملة لبعض المسائل القانونية تارة وتارة أخرى شبه مكتملة للمسائل الاقتصادية. لكن هذه الكتب تم توظيفها في بعض المسائل المرتبطة بإنشاء الهيئات والمؤسسات الحكومية وعلاقتها القانونية بالهيئة العامة للمناطق التجارية الحرة، وذلك بجانب الاتفاقيات العربية والدولية المنصوص عليهما في القانون الدولي في تقييم البناء المؤسسي والإداري للمجلس الاقتصادي العربي وعلاقته باتفاقية إقامة منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى بمنظمة التجارة العالمية، وذلك حتى يتسنى لي استقراء واستخراج ما يتعلق بموضوع البحث.
5- وجود بعض الاختلاف والتباين الظاهر بين المنهجية الإقليمية القديمة للتكاملية والمنهجية الإقليمية الجديدة محاولا في ذلك استعراض أوجه المفارقة في تقييم تجربتي التكامل الإقليمي العربي والأوروبي وبشكل مستقل ومقارن، وكتحليل لاستقراء وجهات النظر حول مدى تحقيق التقارب لمؤشرات الأداء الاقتصادي الكلي للدول الأعضاء في المجموعة الأوروبية للتحول إلى النظام النقدي الأوروبي الموحد، وبالتالي الاستفادة من هذه الرؤية الاستراتيجية للمجموعة الأوروبية لمعالجة الاختلاف والتباين في الجوانب الاقتصادية والسياسية للدول العربية، وبهدف- أيضا- إرساء المقومات النقدية لتحقيق التكامل الإقليمي العربي المتكافئ.
6- عدم حصولي على ما كنت أريد من معلومات وبيانات إحصائية عن طلبات الاستثمار المتوقعة والمنفذة فعلا في المنطقة الحرة بعدن خلال الأعوام من 96 وحتى 2005، وذلك من حيث عدد التراخيص وحجم الاستثمار وعدد العمالة اليمنية بحسب القطاعات الاستثمارية في المنطقة، والتي لها صلة بالعقود الدولية، فضلاً عن المعلومات والبيانات للرسوم الجمركية والعوائد الأخرى وبحسب السنوات لحركة مناولة الحاويات في ميناء عدن. هذه البيانات الإحصائية لم أحصل عليها بشكل متكامل ومترابط بحسب السنوات للمراحل التطويرية بالمنطقة الحرة بعدن ابتداء من 96م، وإنما حصلت على أجزاء متفرقة عن بعض السنوات وبشكل غير وافي في تقييم هذه المراحل التطويرية، وقد ترددت على إدارة الهيئة العامة أثناء وجودي باليمن ولم أجد تجاوبا إلا من بعض القائمين والموظفين عليها في تفسيرهم لبعض المسائل المرتبطة بموضوع البحث وفي إعطائي قانون المنطقة الحرة رقم(4) لسنة 93 واللائحة التنفيذية، فضلا عن الخطة العامة للحكومة لتنفيذ المراحل التطويرية للمنطقة الحرة بعدن فحسب، ويبدو أن هذه التحفظات عن المعلومات والبيانات المرتبطة بعقود الاستثمارات الدولية المستخدمة في المنطقة الحرة بعدن مازال ماثلا إلى يومنا هذا.
ثالثا-  الإشكاليات التي تبلورت أهميتها من هذا البحث :
1- إن الخطتان الخمسيتان الأولى والثانية (96-2005) والتي تضمنت خطوطها العريضة تنفيذ أهداف برنامج الإصلاحات لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وكاستراتيجية للتحول إلى تحرير اقتصاد السوق لم تكلل بالنجاح في تطوير كفاءة البناء التنظيمي والإداري للمناطق التجارية الحرة، نظرا لعدم التوسع في التفويض والصلاحيات الممنوحة للهيئة العامة، بما يتلاءم مع التركيبة الاقتصادية والقانونية، على أساس المعايير الموضوعية والشكلية في تقييم القرار الاستثماري.
2- إن غياب التدبير اللامركزي على النطاق الإقليمي في توصيف الوظيفة الاقتصادية وهياكلها  التنظيمية أدى إلى تضارب وازدواجية الاختصاص بين الأعمال القانونية للهيئة العامة للمناطق التجارية الحرة وصلاحيات الغرف التجارية والصناعية والأجهزة الحكومية الأخرى، وذلك بما يكفل عملية المتابعة والتقييم لسلامة تنفيذ العقود الدولية ولتحقيق الأهداف العامة للتنمية الشاملة.
3- إن عدم تطبيق أسلوب الأساس الصفري والذي يتسم باتباع اللامركزية الإدارية في عملية التحليل المالي والرقابي لإعداد الموازنة العامة، وكأساس لصرف المخصص الفعلي السنوي للمنطقة الحرة، أدى إلى تراجع النتائج الفعلية لطرق القياس المختلفة، وطبقا لأسلوب المفاضلة من الناحية التنظيمية والرقابية وبشكل متناسق بين الأهداف الرئيسية والمراحل التطويرية للمنطقة الحرة بعدن كماً ونوعاً، وبالتالي أدى إلى ضعف الاستراتيجيات التسويقية والترويجية في تحليل عوامل المزيج الأمثل للقرار ولإدارة أموالها الخاصة في تطوير تلك المراحل التطويرية، خاصة في توفير المعلومات والبيانات لإقامة مشروع بناء السكك الحديدية في المناطق التجارية الحرة، في إطار اتفاقية الطرق الدولية للتكامل الإقليمي للمشرق العربي، على اعتبار أن المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية من حيث المساحة والسكان ومنافذ التوزيع الجغرافي عوامل مؤثرة على استقرار البنية التنظيمية للمناطق التجارية الحرة من الناحية الاقتصادية، بهدف توسيع شبكة الطرق لتسهيل عملية الاتصال للأنشطة الاقتصادية ولفصل البضائع والأشخاص.
4- إن عدم تضمين المشرع الدستوري اليمني لشروط الثبات التشريعي التنظيمي (اللائحي) للعقود الدولية، وخاصة لعقود " البووت" وكقاعدة منظمة لاستقرار العوامل الاقتصادية في إطار سياسة البنك المركزي الوطني، أثرت سلبا على معايير التقييم لمصفوفة النظام التمويلي حسب طبيعة العقود الدولية وأولويات كل معيار من المعايير المرتبطة بدراسة الجدوى الاقتصادية، والتي بدورها تؤثر على مقدار الربح أو العائد من تمويل المشروع الاستثماري.
5- إن عدم استقرار المنهج النقدي المتمثل في عدم تثبيت سعر الصرف المعوم للعملة الوطنية، أدى إلى مضاعفة معوقات التنمية وبالتالي العجز في ميزان المدفوعات، مالم يتم الترشيد في الإنفاق للحكومة اليمنية بما يكفل تحسين مستوى النمو الاقتصادي الوطني.
6- إن عدم إدخال التعديلات في التشريعات والقوانين المرتبطة بالأنظمة الاقتصادية والتجارية والمالية والنقدية، أدى إلى تراجع تدفق الاستثمار الأجنبي، بما يكفل تحقيق التوزيع الهيكلي المتوازن جغرافيا لإقامة المشاريع المباشرة وغير المباشرة، خاصة في إنشاء الأسواق المالية المحلية وربطها بالأسواق العربية والدولية، وبالتالي بما يقلل من العقبات المؤثرة على تنفيذ الشروط التعاقدية لتنفيذ عقود البووت في خدمات البنية الأساسية أو في ظل عقود المبادلة للأصول المالية المنقولة.
7- إن عدم الإسراع في تنفيذ وثيرة برنامج الإصلاحات، على أساس تطبيق سياسة التثبيت الاقتصادي وسياسة التكييف الهيكلي لميزان المدفوعات بآلياتها الذاتية في التحليل الاقتصادي، وفقا للنظرية النيوكلاسيكية، أدى إلى ضعف السياسات الإجرائية المرتبطة بتقديم الضمانات والحوافز والمزايا المشجعة لإقامة المشاريع المشتركة، وبالتالي تفاقم المعوقات القانونية المتمثلة في زيادة التضخم النقدي وزيادة الخلل بين حجم وخصائص السكان وقوة العمالة وتوزيعهما على الأنشطة المختلفة.
8- إن عدم توفر الدراسات الميدانية في الواقع العملي عن التدبير اللامركزي وفقا للمؤشرات الإحصائية التي تستخدم طرق القياس للبيئة التنظيمية الداخلية للمناطق التجارية الحرة للدول العربية، جعلت برنامج الإصلاحات يتسم بضعف استراتيجياته في معالجة الاختلاف والتباين في الجوانب الاقتصادية والسياسية لهذه الدول، وبالتالي ظهور الانقسامات حول تطوير علاقة الدول العربية بالسوق الأوروبية المشتركة أو بالتكتلات الإقليمية الأخرى، خاصة حول مسألة إدخال التكنولوجية المتطورة في الصناعات التصديرية لتطوير التجارة الدولية.
9- إن غياب الآليات الاقتصادية والإجراءات القانونية لإقامة الاتحاد الجمركي العربي، أو حتى لتطوير كفاءة البناء التنظيمي والإداري للبرلمان العربي كآلية لصنع القرار المقترح بتوحيد السياسة المشتركة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي، وعلى أساس التنسيق في تنفيذ المراحل الأساسية لإعداد وصياغة التشريعات والقوانين المرتبطة بالمجالات المختلفة بين البرلمان العربي والمجلس الاقتصادي العربي والمؤسسات العربية المتخصصة من ناحية، وبين المجلس الاقتصادي والمؤسسات والهيئات الحكومية للدول العربية من ناحية أخرى، قد أدى إلى تراجع مستوى الأداء الاقتصادي الكلي للمناطق التجارية الحرة، وبالتالي تفاقم الخلافات السياسية والتي انعكست بتأثيرها السلبي على الجوانب الاقتصادية في الدولة العربية.
10- إن عدم التقيد بالاستراتيجية التنسيقية لتقييم وإعادة هيكلة منظومة العمل العربي المشترك، وطبقاً لمهام واختصاص المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي، والذي يعزز إزالة الازدواجية طبقا لمبدإ التخصص وتقسيم العمل الإنتاجي الصناعي أو طبقا لقاعدتي ترتيب الوظائف وتقسيم العمل بين المؤسسات العربية المتخصصة ذات الطابع المالي والنقدي والبنوك الوطنية المركزية، جعل المناطق التجارية الحرة للدول العربية تتسم بضعف سياساتها التنسيقية في مجال الاستثمار، وبالتالي تعقد الإجراء القانوني لتعزيز المفاهيم الصناعية العربية المشتركة، خاصة حول استكمال قواعد المنشأ للسلع والمنتجات من ناحية أو استكمال وإعداد المواصفات والمقاييس الموحدة للسلع العربية المنتجة من ناحية أخرى.
11- إن عدم استقرار المنهج الاستيعابي لميزان المدفوعات وفقاً لمبدإ التخصص وتقسيم العمل والذي يحصيه التكامل الإقليمي العربي، جعل المناطق التجارية الحرة للدول العربية تتسم بضعف مقدرتها التنظيمية لتنمية القدرات الإنتاجية والتنافسية أمام الأسواق العالمية، وذلك للرفع من معدل الصادرات العربية والتقليل من هيكلة الواردات، وبالتالي تفاقم المعوقات القانونية لتحقيق التوازن للحساب التجاري الجاري كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي. وبمعنى آخر إن تعقد التشريعات القانونية المرتبطة بنظرية التكاليف النسبية أدى إلى انخفاض معدلات الأجور لعناصر الإنتاج وانخفاض القيمة الشرائية للعملة الوطنية لامتصاص الإنتاج للسلع المختلفة التي يحصيها التكامل الإقليمي العربي.
12- إن غياب التكييف القانوني بين قواعد الاختصاص للقضاء الوطني وقواعد الاختصاص للقضاء الدولي، والتي بدورها تنبني على أساس تحقيق المقاربة في الجوانب المختلفة لقواعد الإسناد في تنازع القوانين، وطبقا للاتفاقيات الدولية في مجال الاستثمار والتحكيم، خاصة إذا كان أحد طرفي الخصومة عنصراً أجنبياً، جعل لائحة المركز الوطني للتحكيم تتسم بعدم الثبات التشريعي التنظيمي (اللائحي)، وبالتالي جعل الإجراءات الموضوعية والشكلية لإصدار الحكم مقيدة تحت رقابة المحكمة المختصة، وبالتالي جعل تدخلها-أيضاً- في اختيار لجنة التحكيم أو في رد المحكم لمهمة التحكيم، وهذا على خلاف الأمر بالنسبة للائحة مركز التحكيم الدولي، خاصة إذا لم يتفق طرفا الخصومة على بنود اتفاق التحكيم على تسوية المنازعة.
13- إن المفارقة والتمييز في حالة تسوية قاعدة المنازعة بين الدول النامية والدول المتقدمة صناعيا حول مضمون الاتفاقيات المشمولة لمنظمة التجارة العالمية، جعلت هذه الدول النامية بما فيها الدول العربية، والمندرجة ضمن أحد أعضاء فريق التحكيم، تتنازل عن حقها في مسألة التمثيل لعضوية فريق التحكيم، على الرغم من احترام حقها بالاستعانة بمبدإ الإثبات في مسؤولية الخبير الاستشاري، وكقاعدة إجرائية للإثبات في حالة الضرر متى اقتضى ذلك من فريق التحكيم، نظرا لمراعاة الاعتبارات السياسية والمحافظة على مصالح الدول العربية في ظل اتباع إجراءات المعاملة التفضيلية والخاصة لهذه الدول من قبل جهاز التسوية، خاصة عند تقييم الأسباب والوقائع والأحكام ذات الصلة بتقرير الخبير أو الخبراء والتي على أساسهما يتم إصدار حكم فريق التحكيم لتسوية المنازعة الاستثمارية والتجارية.
14- إن عدم تقوية القدرات الوصائية لصندوق النقد العربي بأبعادها الإدارية والمالية، وبما يمكنه من اتخاذ القرار المرتبط باستراتيجياته وأهدافه في تقديم الإعانات المادية والفنية في عملية التمويل الإقراضي، جعلت صندوق النقد العربي يتسم بضعف مقدرته التنظيمية والتفاوضية حول تقييم المحور المالي للدول العربية، وخاصة المنهج النقدي كأساس لتثبيت أسعار الصرف وأسعار الفائدة بين الدول العربية، بهدف إصدار الدينار العربي الحسابي كوحدة قياس مشتركة في ظل منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، وطبقا للمراحل الوظيفية والتطويرية التي دعت إليها- مسبقا- لجنة التنسيق في منتصف عقد الثمانينيات لتطوير الدينار العربي الحسابي، والذي مازال الأمل منشودا في إصداره وتداوله في ظل منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى.
رابعا- الطريقة المنهجية المعتمدة في تحليل البحث :
استندت في هذا البحث على مجموعة من المناهج التقليدية والحديثة في عملية التحليل السوسيو- اقتصادي للمناطق التجارية الحرة في إطار التكامل الإقليمي العربي، وخاصة في تطوير البناء التنظيمي والإداري للهيئة العامة للمناطق التجارية الحرة وعلاقتها القانونية باتفاقية إقامة منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى. مستعرضا في ذلك مهام واختصاصات المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي في تعزيز اللامركزية الاقتصادية للمنطقة الحرة على المستويين الإقليمي المحلي والإقليمي العربي، بهدف تحليل طرق القياس المختلفة كما ونوعا في القطاعات الاقتصادية وعلاقتها القانونية في تهيئة المناخ الملائم للاستثمار والتي تحصيها العملية التكاملية، وذلك لتتبع مادة البحث وجمعها.
وفيما يلي أهم هذه المناهج التي اعتمدت عليها في تحليل البحث.
1- اعتمدت على المنهج الوظيفي والنسقي في قياس المبادئ الكلية للمجلس الاقتصادي العربي والمنصوص عليها في اتفاقية إقامة منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى ثم الانتقال منها إلى استنباط الجزئيات  في تجربة المناطق التجارية الحرة في الجمهورية اليمنية، بما يتلاءم مع التركيبة الاقتصادية والقانونية للبناء المؤسسي والإداري للمجلس الاقتصادي العربي لإعداد الخطط والاستراتيجيات التنموية على المستويين الإقليمي المحلي والإقليمي العربي.
2- اعتمدت على المنهج الوصفي والتاريخي في تشخيص الواقع الاقتصادي والاجتماعي ووصفهما وتحليلهما على المستوى الإقليمي المحلي والإقليمي العربي، ومن ثم مقارنتهما على المستوى الإقليمي الأوروبي والدولي، وذلك بهدف الوصول إلى الكليات في صياغة التشريعات والقوانين المنصوص عليها في الاتفاقيات العربية والدولية من ناحية، ومن ناحية أخرى وصف وتحليل الظواهر والمتغيرات الاقتصادية واستعراض الحقائق والوقائع التاريخية للمجلس الاقتصادي العربي ومحاولاته المتعددة إدخال التعديلات في التشريعات والقوانين لإصلاح وتطوير المجلسين الاقتصاديين لجامعة الدول العربية، بهدف تطوير مستقبل العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الدول العربية لما تربطهما من روابط مصالح متبادلة أزلية لا تقتصر على المنافع العامة فحسب، بل تجمع بينهما القواسم المشتركة التي  سارت عليها الأمانة العامة لجامعة الدول العربية في تحديد الاستراتيجية التنسيقية لتنفيذ الخطط والاستراتيجيات التنموية، وبالتالي تحديد الجوانب السلبية والإيجابية التي يحصيها التكامل الإقليمي العربي في الاستثمار والصناعة والتجارة والسياحة وغيرها.
3- اعتمدت على المنهج القانوني والتحليلي في تفسير التشريعات والقوانين المنصوص عليها في الاتفاقيات العربية والدولية التي تحكم تسيير الظواهر الاقتصادية والاجتماعية، وباعتبار أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي لجامعة الدول العربية منظومة قانونية وإجرائية تهتم في إطار التنسيق المشترك بسن التشريعات القانونية وفقا لاتفاقية مجلس الوحدة الاقتصادية،  وبالتالي حللت هذه الظاهرة أو الحالة الخاصة للمنطقة الحرة بعدن متعمقا في إجراء عملية التحليل السوسيو- اقتصادي لإنشاء المنطقة الحرة بعدن في إطار التكاملية، منوها بصفة خاصة بأن التدبير اللامركزي لم يتم تطبيقه بدقة ووضوح وبنوع من الشفافية في تنمية المناطق التجارية الحرة في الجمهورية اليمنية خاصة إذا ما قيست بغيرها من المناطق التجارية الحرة في الدول العربية، موضحاً التفسير العلمي لمسبباتها وحركة نشاطها وتفاعلاتها والتغيرات التي طرأت أو تطرأ عليها، وذلك امتدادا للفكر التكاملي الإقليمي العربي والدولي.
4- اعتمدت- أيضا- على المنهج التجريبي والمقارن، واللذان يركزان على دراسة التجربة العملية لإنشاء المنطقة الحرة بعدن وتحليل المنظومة القانونية والإجراءات لقرارات مجلس الوزراء لتنفيذ المراحل التطويرية للمنطقة الحرة بعدن من خلال المقارنة في استخدام طرق القياس المختلفة لتطوير كفاءة الأداء التنظيمي والإداري للمناطق التجارية الحرة في الجمهورية اليمنية إذا ما قورنت بالمناطق التجارية على المستوى الإقليمي الأوروبي أو الدولي، وبالتالي تقييم  تجربتي التكامل النقدي الإقليمي العربي والأوروبي موضحا آراء واتجاهات المفكرين الإداريين والاختصاصيين الاقتصاديين في تحليل الأنظمة المرتبطة بالمجالات المختلفة والتي يحصيها التكامل الإقليمي العربي، من خلال إدخال التعديلات في التشريعات القانونية لمعالجة الاختلاف والتباين في الجوانب الاقتصادية والسياسية، وأيضا لزيادة التوضيح في تحديد الجوانب الإيجابية والسلبية لعملية الاندماج الإقليمي على المستوى العربي والدولي في ظل أحكام وقواعد اتفاقيات منظمة التجارة العالمية.
5- عززت هذا البحث بالجداول والقيم الإحصائية في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية في عملية تحليل المعلومات والبيانات المتضمنة في طيات هذا البحث ومن مصادرها الأصلية، والتي تصدر بشكل تقارير دورية من المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع لجامعة الدول العربية أو من المؤتمرات الوزارية للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا(الإسكوا). أو من التقارير السنوية لمناخ الاستثمار في الدول العربية أو غيرها من المصادر الأخرى التي نقلتها من أهل الخبرة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية ووضعتها بين الأقواس ووضحت الإحالة في آخر الكلام المنقول في الهوامش.
6-استندت في هذا البحث غالبا على المراجع العامة والمتخصصة في القانون العام والقانون الدولي لمعالجة المسائل القانونية والقضايا الاقتصادية والتجارية المنصوص عليها في الاتفاقيات العربية والدولية في مجال الاستثمار والتحكيم، فضلا عن المجلات الاقتصادية والتجارية الدورية والندوات والمؤتمرات المنعقدة على مستوى الوطن العربي.
وبناء على ما سبق توضيحه إجمالا وتفصيلا يمكن توضيح رأيي في تقسيم هذا البحث إلى ثلاث أبواب رئيسية : ففي الباب الأول سأتحدث عن التدبير اللامركزي للمناطق التجارية الحرة في الجمهورية اليمنية، مضمنا فيه الإطار النظري للبناء المؤسسي والإداري للتكامل الإقليمي العربي بشروطها وآلياتها وأهدافها ومناهجها التقليدية والجديدة، مضمنا بصفة خاصة دراسة الحالة الخاصة لميزة إنشاء المناطق التجارية الحرة في الجمهورية اليمنية، فضلا عن الخلفية التاريخية والاقتصادية لمدينة عدن ومينائها كاستراتيجية للتدبير اللامركزي من منظور جديد للحكومة وللتحول إلى تحرير اقتصاد السوق في ظل برنامج الإصلاحات وبمشاركة القطاع الخاص لتحقيق الاقتصادية والاجتماعية.
أما في الباب الثاني سأتطرق إلى عقود الاستثمار والتحكيم الوطني والدولي، مضمنا فيه أولا توضيح الطبيعة القانونية والشروط التعاقدية للعقود الدولية بأنواعها واتجاهاتها وأبعادها القانونية، باعتبارها من النظم الاستثمارية المستخدمة في تنفيذ المراحل التطويرية للمنطقة الحرة بعدن، منوها بشكل مستقل بالأهمية الخاصة للتحكيم الوطني والتحكيم الدولي لتسوية المنازعات الاستثمارية والتجارية وباعتباره- أيضاً- عقدا ملحقا أو مستقلا عن عقد الاستثمار الأصلي المرتبط بتمويل مشاريع البنية الأساسية، وذلك في ظل تعزيز الحرية التعاقدية المتضمنة في قانون المناطق الحرة ولائحته التنفيذية، وعلى أساس صياغة اتفاق التحكيم بحسب معاييره وخصائصه التنظيمية وطبيعة الأطراف المتنازعة.
أما في الباب الثالث : سأبين المفارقة في الخصوصيات والتمييز في تقييم تجربتي التكامل الاقتصادي والنقدي العربي والأوروبي، مضمنا فيه توضيح أهمية تطوير منهجية التكامل النقدي العربي من خلال اتفاقية إنشاء صندوق النقد وعلاقته في تقييم مناهج التكييف الهيكلي لميزان المدفوعات، وبهدف تفعيل اتفاق إصدار الدينار العربي الحسابي في ظل أهداف البرنامج العملي لصندوق النقد العربي حول إرساء المقومات النقدية لتحقيق التكامل الإقليمي العربي، وعلى أساس تفعيل- أيضا- الاستراتيجية التنظيمية للبرنامج الزمني المحدد في تطوير أعمال وأنشطة منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى. ومنوها بصفة خاصة بأهمية الاستفادة من تجربة المجموعة الأوروبية في تحقيق الوحدة الاقتصادية والنقدية بشروطها وأهدافها وآلياتها المتضمنة في معاهدتي روما وماستريخت لتطوير السوق الأوروبية المشتركة، وعلى إثر الانضمام إلى النظام النقدي الأوروبي الموحد الذي حقق الاستقرار في العلاقات الداخلية والخارجية للمجموعة الأوروبية، خاصة مع التكتلات الإقليمية الأخرى والمتمثلة في رابطة دول الآسيان والمنظمات العربية، وذلك في إطار الاتفاقيات المشمولة لمنظمة التجارة العالمية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا