التسميات

الأربعاء، 11 يونيو 2014

التركيب الداخلي لمدينة عرعر بالمملكة العربية السعودية : دراسة في التخطيط المكاني ...

التركيب الداخلي لمدينة عرعر بالمملكة العربية السعودية
دراسة في التخطيط المكاني
خليف مصطفى غريبة
مجلة الدارة - العدد الرابع - شوال 1425هـ - السنة الثلاثون - البحوث - ص ص 57 - 118 :
1- الإطار النظري للبحث: 
 1:1 تحديد منطقة الدراسة: تشمل منطقة الدراسة موضع مدينة عرعر ضمن مخطط النطاق العمراني الذي سينتهي عام 2005م (1426هـ)، وتبلغ مساحتها في حيز هذا النطاق (48.25كم2)، ويسكنها (141833) نسمة حسب تقديرات بلدية منطقة الحدود الشمالية عام 2000م (1421هـ)، ويدور في فلكها جملة من المستقرات البشرية الحضرية والبدوية (الهجر). تقع مدينة عرعر عند تقاطع خط الطول (415) شرقا مع دائرة عرض (59َ 305) شمالا، وفي مركز يتوسط منطقة الحدود الشمالية في المملكة العربية السعودية، وتعد العاصمة الإدارية لهذه المنطقة ومركزها الرئيس، (الخرائط ذات الأرقام 1/أ، 1/ب، 1/ج). مدينة عرعر حديثة النشأة، بدأت نشأتها مع الانتهاء من مدّ خط أنابيب البترول (التابلاين) عام 1950م (1370هـ)، وعلى أثر قيام محطة ضخ بدنة(1) المتاخم لموضع المدينة، وسميت بهذا الاسم نسبة إلى وادي عرعر الذي يخترق المدينة من الجنوب إلى الشمال، وهي تبعد (1100 كم) عن مدينة الرياض، و(60 كم) عن الحدود العراقية و(450 كم) عن الحدود الأردنية.

 1:2 مشكلة الدراسة ومسوغاتها وأهميتها: يبلغ عدد سكان مدينة عرعر (141833) نسمة حسب تقارير بلدية منطقة الحدود الشمالية غير المنشورة لعام 2000م (1241هـ)، وتعد هذه المدينة من الظواهر الحضرية في نموّها السريع رغم حداثة نشأتها، وبذلك احتلت مرتبةً متقدمةً في منظومة المدن السعودية. إن هذا النمو المتسارع في سكان المدينة عبر تاريخها القصير أوجد توزيعا غير متوازن لعناصر مركبها الحضري نسبيا، الأمر الذي أسهم في إيجاد بعض المشكلات الحضرية فيها نتيجة العوامل التي تتعلق بموضعها الذي قامت عليه، وبعوامل اقتصادية وإدارية ارتبطت بمراحل نمو المدينة؛ ولذا توجه هذا البحث لدراسة التركيب الداخلي وتحليله لهذه المدينة، وذلك بالإجابة على مجموعة كبيرة من التساؤلات، من بينها:
- ما مدى تأثير موقع مدينة عرعر وموضعها على تركيبها الداخلي؟
- ما مدى تأثير كلّ من العوامل الاقتصادية والعوامل التي تتعلق بالمصلحة العامة على التركيب الداخلي للمدينة؟
- ما مراحل التوسع العمراني للمدينة منذ نشأتها وما انعكاسات ذلك على تركيبها الداخلي؟ .
- كيف تتوزع استعمالات الأرض داخل المدينة؟.
 - من خلال النظريات العديدة التي تدرس التركيب الداخلي للمدن، ما النظرية الأكثر انطباقا على التركيب الداخلي لمدينة عرعر وكيف؟.
 - متى تم الاهتمام بتخطيط المدينة، وكم عدد المخططات التي صدرت، وما محتوى كل منها؟ - كيف توسعت المدينة مكانيا (محاور النمو)، وما تأثير ذلك على تركيبها الداخلي؟ علاوةً على ما سبق يمكن الإشارة إلى أبرز مسوغات هذه الدراسة وأهميتها بالآتي:
 1 - ندرة الدراسات التي تتعلق بالتركيب الداخلي للمدن السعودية فئة المائة ألفية بشكلٍ عام، وعدم وجود دراسات تتعلق بجغرافية أي جانب من جوانب مدينة عرعر بشكل خاص.
 2 - مكانة مدينة عرعر المهمة والتزايد المتسارع لنمو المدينة نتيجة لأهمية موقعها ومركزها الإداري؛ فهي عاصمة منطقة الحدود الشمالية وأكبر مدنها على الإطلاق.
 3 - يرى الباحث أن النتائج والمقترحات والتوصيات التي سيتوصل إليها هذا البحث من شأنها أن تخدم متخذ القرار في أعماله التخطيطية لتنظيم المدينة وإدارتها، ومعالجة المشاكل التي يشير إليها البحث، الأمر الذي سيسـهم - ولو جزئيا - في تنظيم مسار نمو المدينة حاليا، وتوازن تخطيطها المكاني مستقبلا.
1:3 أهداف الدراسة: يسعى الباحث من خلال هذه الدراســة إلى تحقيق الهـــدف العــام الآتــي: (دراسة وتحليل التركيب الداخلي لمدينة عرعر)، كما يسعى إلى تحقيق الأهداف الفرعية الآتية:
 1 - التعرف على أهم العوامل التي تؤثر على التركيب الداخلي للمدينة.
 2 - دراســة مورفولوجيـة المدينة (morphology or townscape):  )شكل خطة المدينة - شبكة الشوارع - مراحل التوسع...).
3 - الكشف عن خصوصية توزيع استعمالات الأرض في المدينة.
4 - تتبع الاتجاهات المكانية لتطور استعمال الأرض في المدينة.
5 - التعرف على سياسة استعمالات الأرض داخل المدينة وكيفية معالجتها.
6 - تطبيق نظريات التركيب الداخلي على نوعية التركيب الداخلي لمدينة عرعر.
7 - دراسة التوجهات المستقبلية للبنية المكانية للمدينة ضمن منهجية واضحة تسهم في إلقاء المزيد من الضوء على تركيبها الداخلي.
8 - محاولة تكوين وبناء إطار نظري وعملي لدراسة التركيب الداخلي للمدينة العربية بشكل عام والمدينة السعودية بشكل خاص، بهدف أن تستفيد من هذه المحاولة دراسات لاحقة تكون أكثر عمقا، وخاصة على مستوى مدينة عرعر.
9 - تصميم الجداول ورسم الخرائط التي تسهم في توضيح جوانب التركيب الداخلي للمدينة.
1:4 فرضيات الدراسة: ولتحقيق أهداف الدراسة وضعت الفرضيات الآتية التي تعد إجابات مبدئية لتساؤلات الدراسة التي تم ذكرها سابقا:
1 - الفرضية الأولى: لموقع مدينة عرعر وموضعها تأثير إيجابي على تركيبها الداخلي، وقد تمثل ذلك بموقعها المتوسط في منطقة الحدود الشمالية، وبموضعها المنبسط الذي ساعد على توسعها ونموها.
2 - الفرضية الثانية: للعوامل الاقتصادية (وخاصةً سعر الأرض)، وللعوامل التي تتعلق بالمصلحة العامة تأثير إيجابي على التركيب الداخلي للمدينة.
3 - الفرضية الثالثة: لتسارع نمو سكان مدينة عرعر تأثير واضح على تركيبها الداخلي وعلى استعمالات الأرض فيها بشكل خاص.
4 - الفرضية الرابعة: كان للمخططات العمرانية للمدينة والتي أصدرتها بلدية منطقة الحدود الشمالية تباعا خلال تاريخ المدينة أثرٌ إيجابي على توجيه نمو المدينة وتوزيع استعمالات الأرض فيها توزيعا سليما.
5 - الفرضية الخامسة: وبافتراض صحة الفرضيات الأربع السابقة فإن مشاكل التركيب الداخلي لمدينة عرعر قليلة، ويمكن معــالجتها قبل أن تتضخم ويصعب علاجها.
 6 - الفرضية السادسة: من المتوقع أن يتضاعف عدد سكان مدينة عرعر خلال الأحد عشر عاما المقبلة 2014م (6341هـ). من هنا يتوقع أن يحتاج سكان المدينة إلى ضعف استعمالات الأرض الموجودة حاليا بافتراض ملاءمة المعايير الحالية لمعدل نصيب الفرد من استعمالات الأرض المختلفة.
1:5 أساليب الدراسة: اعتمد الباحث على أسلوبين متكاملين لفهم مشكلة الدراسة ومعالجتها والمتمثلة في فهم خصوصية التركيب الداخلي لمدينة عرعر، وهذه الأساليب هي:
1- الأسلوب الاستقرائي التحليلي المنبثق من فلسفة جغرافية المدن في تحليل الظواهر الجغرافية والعلاقات الجدلية بينها على وحدة المكان الذي هــو مدينـة عـرعر، وفي هـذا المســار تم تأكيد منهج العمليــات التكـوينيـة (formative process) - 2أسلوب التحليل الكمي (quantitative analysis)، الذي يظهر في التحليل المكاني للظاهرات الجغرافية المدروسة لمختلف جوانب التركيب الداخلي.
1:6 مجالات البحث: يتطلب هذا البحث توافر مجموعـة من المجالات تم تحديدها على الوجه الآتي:
1 - المجال الجغرافي: يتحدد أساسا في موضع مدينة عرعر (يشكل نقطة على خريطة المملكة العربية السعودية)، ويتسع ليشمل موقع هذه المدينة (يشكل منطقة على خريطة المملكة).
2 - المجال البشري: وهو سكان مدينة عرعر عام 2000م (1241هـ)، والبالغ عددهم (141833) نسمة حسب تقديرات بلدية منطقة الحدود الشمالية.
3 - المجال الزمني: ويبتدئ بتاريخ نشأة المدينة عام 1950م (1370هـ)، وينتهي بشكل فعلي عام 2005م (1426هـ) (نهاية فترة مخطط النطاق العمراني)، وبشكل استشرافي للمستقبل عام 2014م (1436هـ)، وهو العام الذي يتوقع أن يتضاعف فيه عدد سكان المدينة.
1:7 مصادر البيانات و المعلومات: تعددت وتنوعت مصادر المعلومات التي اعتمد عليها هذا البحث بما يتناسب وطبيعة الموضوع قيد الدراسة، وقد قام الباحث بجمع المعلومات والبيانات الوصفية (de******ive) والكمية (quantitative) من مصادر أولية وثانوية عدة هي:
1 - المصادر الأولية والمتمثلة بالمعلومات التي جمعت ميدانيا من ثلاثة مصادر أساسية هي:
أ - الزيارات الميدانية للباحث لأحياء المدينة بهدف التعرف على هذه الأحياء ومطابقة شبكات النقل واستعمالات الأرض فيها مع الخريطة العامة للمدينة بهدف تأكيد بعضها وتثبيته أو حذف بعضها الآخر وتحديثه (وضع البديل).
ب - المقابلات الشخصية التي أجراها الباحث مع العديد من المسؤولين في بلدية منطقة الحدود الشمالية وخاصة المسؤولين الفنيين في إدارة التخطيط العمراني.
2- المصادر الثانوية، وذلك لغرض إسناد المعلومات الميدانية والنظرية لهذه الدراسـة، وقد تنوعت هــذه المصادر وتعددت، ويمكن تصنيفها في ثلاثة أنواع هي:
أ - بيانات ومعلومات متوافرة في السجلات والنشرات في دوائر ومؤسسات عدة في المدينة، وخاصة دائرة الطقس والرصد الجوي في محطة بدنة (في مطار بدنة)، وبلدية منطقة الحدود الشمالية في عرعر، ومن أهم هذه البيانات: الخرائط والمصادر الإحصائية المنشورة وغير المنشورة.
ب - الدراسات العلمية والبحوث المحلية والعربية والدولية ذات العلاقة بموضوع الدراسة، وتتمثل بالمصادر والمراجع المكتبية والرسائل والبحوث الجامعية.
ج - الخرائط الموضوعية المختلفة لمنطقة الدراسة (thematic maps) كالخرائط الجيولوجية والطبوغرافية وغيرها، وتعد هذه الخرائط مصادر مهمة للمعلومات عن المكان الذي يتم دراسته، وهنا تجدر الإشارة بأن الباحث قام باستخلاص الخرائط الموضوعية ورسمها وخاصةً لمنطقة الحدود الشمالية من خلال اللوحات الصادرة عن وزارة البترول والثروة المعدنية السعودية، أما الأشكال المتعلقة بالمناخ فقد تم استخلاص مصادرها من البيانات التي حصل عليها من دائرة الطقس والرصد الجوي في المدينة، كما تم رسم خرائط التركيب الداخلي للمدينة اعتمادا على بلدية منطقة الحدود الشمالية.
1:8 طرائق عرض البيانات: ولما كان عرض البيانات وتمثيلها من الأمور المهمة في البحث الجغرافي فقد اتبع الباحث أساليب مختلفة لعرض هذه البيانات وترتيبها بطريقة تساعد على فهم مدلولاتها، وتكشف عن انتظامها وتتابعها، وإبراز ما بينها من علاقات، وأهم هذه الطرائق:
1 - العرض الجدولي: حيث احتوى هذا البحث على سبعة جداول، تم تشكيلها من البيانات المنشورة وغير المنشورة من الدوائر والمؤسسات المهمة في المدينة.
2 - الأشكال والرسوم البيانية عن أحوال المناخ في موضع المدينة، واحتوى البحث على خمسة أشكال.
3 - التمثيل الكارتوغرافي: نظرا لأهمية الخريطة كأداة أساسية في مختلف فروع الجغرافيا؛ فقد قام الباحث برسم خرائط توزيعية لمختلف الظواهر الجغرافية المتعلقة بموقع المدينة وموضعها، واستخدمت الرموز الموضعية الخطية والمساحية المناسبة في رسم هذه الخرائط، وتعد الخرائط بشكل عام من أفضل الطرائق المستخدمة لتخزين المعلومات الجغرافية، حيث يستطيع أي باحث أن يربط المعلومات التي يخزنها على الخريطة، والظواهر الواقعة في المنطقة؛ مما يساعده على التحليل والربط والتفسير، وقد احتوى هذا البحث على (11) خريطة.
 1:9 الدراسات السابقة: الدراسات السابقة عن منطقة الحدود الشمالية قليلة جدا، وتكاد تكون هذه الدراسات نادرة عن مدينة عرعر بشكل عام أو بشكل تفصيلي تخصصي، ويمكن الإشارة إلى الدراسات السابقة من جانبين:
1 - من حيث الموضوع (التركيب الداخلي): فتكاد تكون هذه الدراسات قليلة جدا على المستويين العربي والمحلي، وإن تمت دراسة هذا الموضوع فهي من خلال وجوده كفصل في دراسة عامة(2) (معظم هذه الدراسات وردت في قائمة الهوامش والمراجع لهذا البحث)، وبالرغم من أن معظم المدن السعودية قد دُرِست في مختلف جوانب جغرافية المدن أو الحضر أو العمران، إلا أن مدينة عرعر لم تحظَ بدراسةٍ واحدةٍ في هذا المجال.
2- من حيث مدينة عرعر: الدراسات عن هذه المدينة قليلة جدا في مختلف فروع العلم، وتكاد تكون معدومةً في علم الجغرافيا، ويمكن تصنيف هذه الدراسات كما يأتي:
أ - دراسة الاستشاري دوكسيادس (Doxiadis Association) الشاملة رغم قدمها، إلا أنها تشكل بنية تحتية لابد من أن يرجع إليها كل من يريد دراسة مدينة عرعر، (التقارير أرقام 5،11)(3).
ب - دراسات في التخطيط الإقليمي: حيث تمت دراسة مدينة عرعر مركزًا لإقليم الحدود الشمالية، وهذه الدراسات هي:
- دراسة العنزي، محمد مبرد: Al-Anzy, M. Mubrid : " Northern Region Development Plan 1998-1999 College of Architecture and Planning - Department of Urban and Regional Planning، King Faisal University - unpublished M.A thesis, 1990. -  
- دراسة الهذلول، صالح؛ وعمروش، أحمد: "المدن الجديدة وإستراتيجية التخطيط الإقليمي - مدن خط التابلاين بالمملكة العربية السعودية"، وقد حصل الباحث على هذا البحث مصورا (دون توثيق) من المهندس مفلح عواد في إدارة التخطيط العمراني ببلدية منطقة الحدود الشمالية بعرعر.
 جـ - دراسات إعلامية عامة (غير متخصصة أكاديميا) وهي:
- الخضيري، صالح عبدالعزيز: "عرعر" سلسلة هذه بلادنا رقم 58، الرئاسة العامة لرعاية الشباب، الرياض، 2000م.
- "منارة الشمال": كتيب إعلامي يصدر عن كلية المعلمين بعرعر بإشراف الباحث نفسه.
- المجلة التي تصدرها الغرفة التجارية بعرعر. وبالرغم من ندرة الدراسات السابقة عن منطقة الحدود الشمالية وحاضرتها عرعر .
- وهذه أكبر صعوبة واجهها الباحث إلا أنه تمكن من التغلب على هذه الصعوبات بحكم تخصصه في جغرافية المدن والسكان، وبالاستفادة من بعض الدراسات التي نشرت، ومن أدبيات الرسائل الجامعية التي نوقشت في أقطار عربية (وخاصةً السعودية(4)، الأردن، العراق ومصر)، وبذلك تعد هذه الدراسة أول دراسة تخصصية عن مدينة عرعر.
1:01 مفاهيم ومصطلحات البحث: تتمثل أهم المفاهيم والمصطلحات الواردة في البحث بما يأتي:
1- الموضع (site): هو رقعة الأرض التي تقع عليها المدينة مباشرةً، وهو الصفات الطبيعية للمنطقة أو المساحة التي تحتلها المدينة(5)، ويعد الموضع فكــرة محليــة موضعــية بحتـة تمثل أفضل الأماكن داخل إطار الموقع، ويتمثل بالخصائص المكانية لرقعة الأرض التي تقوم عليها المدينـة(6)، وعدّ تايلر دراسة موضع المدينة وتطورها من ضمن العوامل المؤثرة على حياة المدينة(7).
2- الموقع (situation): هو بيان مركز المدينة وعلاقتها بالمناطق المحيطة بها أو التي تقع خارج حدودها المعمورة(، وهو الإطار المساحي أو الموقع الفعال الذي يحمل دلالات بشرية أو مدنية واضحة في إطارات مســاحية متفــاوتة؛ أي لهـا قيمة بشـرية وحيوية، كما أنه يمثل العـلاقــة بين المدينة وظهيرها أو ما يسمى بمنطقة نفوذها(9).
3- التركيب الداخلي (internal structure): هو استعمالات الأرض داخل المدينة من حيث التوزيع والتطور والنظريات الخاصة بهذه الاستعمالات، كما أنه فهم وموقع وترتيب العناصر الطبيعية والبشرية داخل المدينة، وإدراك العلاقات بينها(10). فهناك علاقة بين الصفات الطبيعية لموضع المدينة وحجمها وشكلها وكيفية توزيع أقاليمها الوظيفية، كما أن هناك علاقة بين الموقع والوظائف التي تقدمها المدينة بالإضافة إلى وجود العلاقات بين مختلف أصناف استعمالات الأرض التي تشكل الهيكل العام للمدينة(11).
4- استعمال الأرض (land use): هو ما تمثله الوظائف والخدمات التي تؤديها المدينة في أرضها المعمورة (built up area) فالاستعمال مساحة والخدمة والوظيفة نشاط(12)، وتتفاعل استعمالات الأرض داخل المدينة معطيةً خصوصية لكل جزء منها لتعكس أثر العوامل المختلفة في ذلك مما يعطي للمدينة تركيبها الخاص(13).
2- العوامل المؤثرة في التركيب الداخلي لمدينة عرعر: إن رحلة واحدة من المركز التجاري لمدينة عرعر إلى أحد أطرافها وخاصة الأطراف الغربية أو الجنوبية الغربية ستكشف عن مجموعة من الاختلافات المتعاقبة في استعمالات الأرض داخلها، فعلى سبيل المثال تبدو الرقعة السكنية - وهي أكثر الوظائف مساحة - داخل المدينة غير متجانسة على الإطلاق من حيث اتصالها ونوع المساكن فيها، وهذا ينطبق على باقي استعمالات الأرض داخل المدينة، ويعزى ذلك إلى مجموعة من العوامل أهمها:
1- الموقع والموضع للمدينة(14).
2- العوامل الاقتصادية.
3- العوامل التي تتعلق بالمصلحة العامة. ويمكن توضيح أثر هذه العوامل في التركيب الداخلي للمدينة وبإيجاز كما يأتي:
2:1 الموقع والموضع لمدينة عرعر:
2:1:1 موقع مدينة عرعر: يعد الموقع أهم عنصر جغرافي خاصة في جغرافية الحضر، وهو يبحث في الظروف الطبيعية لإقليم المدينة (city region) وبالعلاقات المكانية التي تربط مدينة عرعر بالأقاليم المحيطة، ويتمثل ذلك بفكرتين هما: المركزيـة (centrality)؛ أي توسطها لمواقع الاستقرار الأولى المحيطة بها، والعقدية (nodality) لما يخص المواصلات التي تربط مدينة عرعر مع مراكز الاستقرار في منطقة الحدود الشمــالية ومع مراكـز الاستقـرار في المناطق الإدارية المجاورة لها من جهة أخرى(15). تشكل مدينة عرعر مركز إمارة منطقة الحدود الشمالية التي تبلغ مساحتها (000.021 كم2) (خريطة رقم 1)، ويمكن إيجاز المظاهر الطبيعية في هذه المنطقة على النحو الآتي(16):
- البناء الجيولوجي: تظهر بعض المكتشفات التي تشير إلى أقدم التكوينات الجيولوجية في وادي أبا الروث (الحجرة)، حيث تعود إلى العصر الكربوني من حقبة الحياة القديمة، ويتكون من طفل ورمال متنوعة، ويعلو هذه الطبقة تكوين العرمة من العصر الكريتاسي (ويحتل مساحة واسعة من وسط المنطقة)، ويتكون من حجر جيري ودولوميت وطفل، ويعلو ذلك تكوين أم الرضمة، يعلوه تكوين النيوجين في جنوب شرق المنطقة (خريطة رقم 5)، ويعلوها جميعا الرواسب السطحية التي تتكون من الحصى والرمل والطين والبازلت. - الظروف المناخية: تقع منطقة الحدود الشمالية في الإقليم الصحراوي وبمحاذاة الأطراف الجنوبية الشرقية لبادية الشام والأطراف الشمالية لصحراء النفود(17).
- مظاهر السطح: تمتاز هذه المنطقة بمظهرها الهضبي عموما، حيث حرّة الحرَّة غربا، تليها شرقا هضبة الحماد ثم منطقة الوديان (حيث تقع مدينة عرعر)، وأخيرا هضبة الحجرة شرقا (الخرائط أرقام 2، 3)، ويمتاز سطح المنطقة بشكل عام بوجود العديد من الأودية خاصة كلما اقتربنا من منطقة الوديان (ظهير عرعر الأدنى)، ويزداد ارتفاع السطح غربا (أكثر من 900 متر في حرّة الحرَّة)، ويقل ارتفاعه كلما اتجهنا شرقا (400 متر في منطقة الحجرة)، وتتنوع المنطقة من الناحية الجيومورفولوجية (أشكال الأرض) نتيجة للتعرية الريحية والمائية؛ حيث تكثر فيها المخاريط والفوهات البركانية والقيعان والسبخات والقشرات الصحراوية الكلسية المتصلدة والتلال والحافات الصخرية والأشكال والتجمعات الرملية والموائد الصحراوية.
- موارد المياه: تمتاز المنطقة بجفافها، وينعدم وجود المياه السطحية فيها، في حين تتوافر كميات وافرة من المياه الجوفية وخاصة في أطرافها الشرقية(18)، وتتوافر المياه على أعماق متفاوتة (الخريطتان 4، 5)، فهي على عمق (250م) في آبار القسم الشرقي من المنطقة (النظيم، الشعبة، روضة هباس، الأعيوج، الخشيبي)، ويوجد العديد من الآبار على عمق (200م) في أم غار، الخشيبي، وتشرب مدينة رفحا (شرقا) من آبار عميقة عدة، وفي شرق المنطقة عدد كبير من الآبار السطحية القديمة جدا (عمق 15-30م)، وفي القسم الأوسط من المنطقة آبار حكومية عدة (هجرة ابن شريم، العجرمية، العويقيلة، الكاسب). يرى الباحث بأن المعطيات الطبيعية السابقة أسهمت مع عوامل طبيعية أخرى في إعطاء مدينة عرعر موقعا فريدا، هذا الموقع يمكن تصنيفه من المواقع العقدية الطبيعية البشرية، فهي تمثل نقطة انقطاع (break point) بين الصحراء (النفود وما حولها) جنوبا والمزروع (وادي الرافدين) شمالا، حيث كانت تشكل هذه المنطقة المراعي الأساسية لقبيلتي عنزة وشمر (أكبر قبائل المنطقة) قبل نشوء المدينة، كما كان للعامل البشري المتمثل في خطوط النقل الأثر الكبير في تعميق أهمية موقع المدينة، فهي تقع عند تقاطع الطرق الدولية، الطريق الذي يربط دول الخليج بدول بلاد الشام من جهة والطريق الذي يربط العراق وظهيره الإسلامي بأماكن الحج من جهة أخرى، وقد كان لكل ذلك تأثير مباشر على التركيب الداخلي للمدينة تمثل بتوجيه محاور النمو الخارجية لمدينة عرعر.
2:1:2 موضع مدينة عرعر: تعود نشأة مدينة عرعر إلى ما يقارب خمسين عاما ماضية، وذلك مع إنشاء خط أنابيب البترول (التابلاين)، ففي عام 1950م (1370هـ) أقيمت محطة ضخ بدنة، وأقيمت معها المخيمات للعاملين في المحطة من بيوت خشبية وبيوت طينية استبدلت فيما بعد بمبان خرسانية، وقد تطلّب ذلك توافر الخدمات لعائلات العاملين في المحطة، وجذبت النشاطات المتزايدة التجارة ثم الإدارة وقوات الأمن؛ مما أدى خلال فترة وجيزة إلى ظهور نواة المدينة شمال شرق محطة التابلاين بمحاذاة الطرف الشرقي لوادي عرعر (خريطة رقم 10)، ثم بدأت المدينة بالتوسّع إلى أن أصبحت على ما هي عليه الآن (كما سنتعرّف على ذلك فيما بعد)، ويمكن تلخيص الظروف الطبيعية لموضع المدينة على النحو الآتي:
1 - تتكون طبوغرافية موضع المدينة من ارتفاعات وانخفاضات منتشرة في مناطق واسعة تتراوح في ارتفاعها بين (500م) كما في أحياء المساعدية والمحمدية و(580م) كما في أحياء المطار، بدنة، المشرف (خريطتــان 1/ج، 6)، ويلتقي وادي عرعر بوادي بدنة بالقرب من مركز المدينة، وتحتل مجاري هذين الواديين وتشعباتهما مساحة كبيرة من أرض المدينة (خريطة رقم1/ ج).
2 - من الناحية الجيولوجية: يرتكز موضع المدينة على طبقات صخرية بعمق مترين فأكثر، وأغلب هذه الطبقات الصخرية تتكون من صخور جيريّة ورمليّة مع قليل من الدولوميت والطفل، وتنتمي لتكوين العرمة من العصر الكريتاسي.
3 - من الناحية المناخية: من دراسة البيانات المناخية لموضع المدينة للفترة 1972 - 1997م (1392 - 1418هـ)(19) يتبين ما يأتي (الجداول من 1-5، الأشكال من 1-5):
أ - تقع المدينة في بيئة قارية المناخ، حيث تشتد درجات الحرارة في أشهر الصيف لتصل ذروتها في شهر تموز (يوليو) (بمعدل 33.85م للفترة المذكورة)، ويزيد المدى الحراري اليومي أحيانا على (255م)، ويقترب من ذلك المدى الحراري الشهري والسنوي.
ب - بلغ معدّل الضغط الجوي في المدينة (1011) مليبار، ويرتفع الضغط الجوي ابتداءً من شهر تشرين الأول (أكتوبر)، ويستمر في ارتفاعه حتى منتصف الربيع ولكنه لا يتجاوز (1020) مليبار (كما في شهر كانون الثاني - يناير)، ومع ارتفاع الضغط الجوي يزداد النشاط الفسيولوجي للإنسان في المدينة (نظرا لارتفاع نسبة الأوكسجين في الجو)، وتزداد حركة البناء والإعمار فيها.
جـ - تتعرض المدينة خلال العام لهبوب أنواع عدة من الرياح أهمها: الرياح الشمالية والشمالية الغربية والغربية الممطرة شتاءً الملطّفة للجو صيفا؛ ولذلك تنتشر ظاهرة النوافذ الشمالية والغربية في معظم المساكن التقليدية للمدينة، وهناك أنواع أخرى من الرياح الشمالية الباردة شتاءً (حيث تنتشر ظاهرة الصقيع) والرياح الجنوبية الشرقية الحارة صيفا، والرياح الجنوبية الغربية المتربة في فصل الربيع. د - تقلّ الرطوبة النسبية في المدينة وظهيرها لبعدها عن المسطحات المائية، وقد كان المعدّل العام للرطوبة للفترة المناخية المذكورة (36%).
هـ - تقل الأمطار في مدينة عرعر وما حولها حيث كان المعدل السنوي العام للأمطار للفترة نفسها (61.9 ملم)، وتبدأ الأمطار في تساقطها من شهر تشرين الأول (أكتوبر)، وتنتهي في شهر أيار (مايو).
و - في المدينة ظواهر مناخية أخرى كالعواصف الرعدية في فصول الخريف والشتاء والربيع، وبلغ المعدل السنوي لهذه العواصف (13.5) يومـا في السنة، وتنتشر بشكل ملحوظ ظـاهرة الهَبّــــات الغُبارية والعواصف الرمليــة في أطراف المدينة وفي عموم المنطقة وخاصةً في فصل الربيع، وقد كان للظروف المناخية الصحراوية التي تعيشها المدينة انعكاسٌ على تركيبها الداخلي من حيث المواد المستعملة في البناء وأشكال واتجاهات أبنية المدينة وشوارعها، وتتباين درجات الحرارة بين أحياء مدينة عرعر، ولكن أشدها حرارة في المركز التجاري للمدينة وفي منتصف شارع الملك عبدالعزيز.
4 - من حيث مصادر التجهيز المائي لمدينة عرعر، حول المدينة العديد من الآبار التابعة لبلدية منطقة الحدود الشمالية، ويزيد عددها على (15) بئرا موزَّعة في اتجاهات مختلفة، منها: آبار التابلاين، وآبار قصر الضيافة، مدينة الحجاج، الرفاع، الشرطة، الخالدية، العزيزية، المحمدية، السجن، الفيصلية، الشلاح، المهيلب، أبا الخيل، الروضة، وبئر مطار عرعر (بدنة) وغيرها. ومن الجدير بالذكر أن معظم مياه هذه الآبار تتم معالجتها وتنقيتها لإزالة مصادر التلوّث فيها قبل استخدامها، وتشير نتائج التحليل البكتيريولوجي لعيّنات من مياه هذه الآبار بأن مياهها صالحة للاستهلاك البشري جرثوميا. (بلدية منطقة الحدود الشمالية - بيانات غير منشورة). ويتضح مما سبق مدى إسهام المعطيات الطبيعية في قيام بيئة حضريّة مناسبة في موضع مدينة عرعر، الأمر الذي كان له انعكاس واضح على تركيب المدينة الداخلي من خلال تصميم المباني وشبكة الطرق الداخلية للمدينة ومحاور الطرق الخارجة منها إلى جهات مختلفة من أقاليمها القريبة والبعيدة. 2:2 العوامل الاقتصادية: وتتحدد هذه العوامل بمؤشرات تحدد أسعار الأرض داخل المدينة ولها تأثير على طبيعة تركيبها الداخلي، وأهم هذه العوامل(20):  
2:2:1 ندرة المساحة (الأرض) والعرض والطلب عليها
2:2:2 القـــرب والبعــد عــــن مركـــز المدينــة (سهولة الوصـــول accessibility)(21). 2:2:3 نوعية الاستعمال. إن هذه المؤشرات أسهمت متفاعلة في رسم خريطة سعر الأرض داخل المدينة، حيث تحظى جوانب شارع الملك عبدالعزيز بأعلى الأسعار، يليها أحياء المشرف والمساعدية والناصرية وجوانب محاور الطرق المتجهة الى مدن طريف ورفحا، وأخيرا تقل أسعار الأراضي في أحياء أطراف المدينة وخاصة في أحياء الربوة وبدنة والجوهرة(22). كان للعوامل السابقة (المؤشرات) أثر كبير في زحف استعمالات الأرض على بعضها داخل المدينة، مثال ذلك زحف الاستعمالات التجارية على المناطق السكنية في أحياء العزيزية والمساعدية والخالدية لهدف ربحي خالص. وهذه الحيوية في الحركة وبشكل مستمر للاستعمالات على بعضها، تعني عدم جمود التركيب الداخلي للمدينة الذي يمتاز بالتبدل (replacement) والتغير تحت تأثير ظاهرتي قوى الجذب والطرد الوظيفي من المركز وإليه.
2:3 العوامل التي تتعلق بالمصلحة العامة: تتمثل هذه العوامل بما تقوم به الأجهزة التخطيطية والإدارية في المدينة من إجراءات للسيطرة على نمو المدينة وتركيبها الحالي والمستقبلي لتحقيق المنفعة العامة، ومن أهم أوجه المنفعة العامة:
1 - الصحة العامة وسلامة أفراد المجتمع.
2 - سهولة التنقل والحركة بين أجزاء المدينة.
3 - الحرص على مظهر المدينة. ومن أبرز الأدوات التي تحقق هذه الأوجه هو الاستمرار في وضع المخططات العمرانية للمدينة التي تتأثر في تصميمها بمجموعة كبيرة من العوامل تراعي المصلحة العامة وتهدف إلى تنظيم استعمالات الأرض داخل المدينة، ومن أبرز هذه العوامل(23):
1 - ملكية الأرض.
2 - قيمة الأرض (السعر).
3 - موقع الأرض ومدى صلاحيتها للبناء. وقد أثرت هذه العوامل في التركيب الداخلي الحالي لمدينة عرعر، ولذا بدأت بلدية منطقة الحدود الشمالية بعرعر ومنذ تأسيسها عام 1955م (1376هـ) بسنّ القوانين والأنظمة لتحقيق المصلحة العامة، وبإصدار المخططات التنظيمية العمرانية - وبلغ عددها أربعة - لمواجهة توسّع المدينة حاضرا ومستقبلا، وكان لذلك الأثر الكبير في ضبط شكل تطوّر المدينة كما سيلحظ فيما بعد (موضوع 3:1 من البحث).
3- التركيب الداخلي لمدينة عرعر: يعد التركيب الداخلي للمدينة (بنية المدينة) المحصّلة النهائية لكل تطوّر ونمو في استعمالات الأرض المختلفة التي أقامها الإنسان لأغراضه المتعددة(24). وسيتم عرض هذا الموضوع ضمن العناوين الفرعية الآتية:
3:1 الاتجاهات المكانية لتوسّع مدينة عرعر وتطوّر استعمالات الأرض فيها.
3:2 استعمالات الأرض الحالية في مدينة عرعر.
3:3 سياسة توزيع استعمالات الأرض في مدينة عرعر ومعالجتها.
3:4 نظريات التركيب الداخلي للمدينة وتطبيقها على مدينة عرعر.
3:5 التوجهات المستقبلية للبنية المكانية لمدينة عرعر. وهذا شرح موجز لكل عنوان من العناوين السابقة وبما يخدم الهدف العام والأهداف الفرعية للبحث:
3:1 الاتجاهات المكانية لتوسّع مدينة عرعر وتطوّر استعمالات الأرض فيها: كان لإنشاء محطة التابلاين (ضخ بدنة) الأثر الأول في وجود مدينة عرعر وتشكيل استعمالات الأرض داخل هذه المدينة، كما كان لكل من وادي بدنة ووادي عرعر الأثر الثاني في كيفية توسّع وتشكيل هذه الاستعمالات لاحقا، ويمكن إيجاز مراحل توسع مدينة عرعر وما صاحبها من تطوّر لاستعمالات الأرض فيها (خريطة رقم 7) على النحو الآتي(25):
3:1:1 المرحلة الأولى: 1950 - 1954م (1370 - 1374هـ): تأسست مدينة عرعر عام 1950م (1370هـ)، وارتبطت بوجودها في بادئ الأمر لتلبية حاجات العاملين في محطة ضخ بدنة، وفي هذه المرحلة صدر مخطط التابلاين الأول لتخطيط نواة المدينة الأولى في موضع يقع في الجهة الشمالية الغربية من التقاء وادي عرعر بوادي بدنة، وذلك في الجزء الشرقي من حي الروضة، والجزء الجنوبي من حي المحمدية والأجزاء المتاخمة لها من أحياء العزيزية والخالدية ثم بدأت نواة المدينة بالتوسّع، وقد وجّه مخطط التابلاين الأول توسّع المدينة حسب خطة شبكية (gridiron planning) بقطع صغيرة لا تزيد أبعادها على 40 *40م (خريطة رقم ، وعلى طول الأجزاء البعيدة من فيضانات وادي عرعر، ثم اتسعت المدينة بالاتجاهين الشمالي والشمالي الغربي (العزيزية والخالدية) وعلى جانبي شارع الملك عبدالعزيز (أقدم شوارع المدينة) الذي كان يقطع البلدة من الجنوب الغربي إلى الشمال الشرقي ليصل المدينة بطريق التابلاين المتجهة إلى مدن طريف (شمالا غربا) ورفحا (جنوبا شرقا)، وبدأت تظهر في المدينة بعض الشوارع المتفرعة من شارع الملك عبدالعزيز (خريطة رقم 9). وكانت استعمالات الأرض السائدة في هذه المرحلة ذات نمط سكني تجاري بسيط، وبدأت تتكاثر خيام السكان البدو حول نواة المدينة، وما لبثت هذه الخيام أن تحولت إلى مبانٍ طينية وإسمنتية فيما بعد(26).
3:1:2 المرحلة الثانية: 1955 - 1964م (1375 - 1384هـ): امتازت هذه المرحلة بتأسيس بلدية منطقة الحدود الشمالية، كما امتازت هذه المرحلة أيضا بالنمو السكاني السريع للمدينة وصاحب ذلك نمو في الخدمات الصحية والتعليمية، وصدر المخطط الثاني لتنظيم المدينة في بداية الستينيات، وتوسعت المدينة بشكل واضح نحو الشمال والشمال الشرقي على طول شارع الملك عبدالعزيز، واتسعت أحياء المحمدية والعزيزية، وظهرت بعض الأحياء السكنية المنعزلة في الجهة الغربية والجنوبية الغربية من المدينة، وظهرت نواة حي المساعدية إلى الجنوب من وادي بدنة، واقترح المخطط بناء جسر فوق وادي بدنة يصل بين الطريق العام (رفحا - طريف) ونواة حي المساعدية بكتلة المدينة، واعتمد المخطط النمط الشبكي في توسع المدينة فجاءت استعمالات الأرض فيها منتظمة على جانبي شارع الملك عبدالعزيز التجاري، وإلى الشرق من هذا الشارع توجد السوق التقليدية حيث تجارة المواشي والأخشاب(27)، وتركزت المباني الإدارية جنوب غرب شارع الملك عبدالعزيز كالإمارة والشرطة والبريد والمديريات الإقليمية التي احتضنتها عرعر بصفتها العاصمة الإدارية لإمارة الحدود الشمالية، أما الاستعمال الصناعي فقد كان مبعثرا على هـوامش المدينة وداخلها(28) .
3:1:3 المرحلة الثالثة: 1965 - 1973م (1385 - 1393هـ): وفي هــذه المرحلة توســعت المدينة بشــكل ملفت للانتبـاه (بزيادة بلغت 4.6%)، ونتج عن ذلك - ومع بداية السبعينيات - أن تطورت المدينة تطورا غير منتظم، وازداد الطلب على الأراضي؛ الأمر الذي سبب إرباكا لشكل المدينة ووظائفها وفعالياتها(29)، وبقيت الأرض الصناعية والمعامل الصغيرة مشتتة على أطراف المدينة وفي داخلها، وبدأت كتلة المدينة بالاتساع في أحياء المحمدية والعزيزية والخالدية والمساعدية، وصاحب توسع المدينة في هذه المرحلة توسعا في منشآت مؤسسة أرامكو حول محطة الضخ، وتمثل ذلك بمساكن الإداريين والعاملين وببناء المستشفى والمطار(30).
3:1:4 المرحلة الرابعة: 1974 - 1987م (1394 - 1407هـ): امتازت نهاية المرحلة السابقة بالتوسع الذي تجاوز شروط التخطيط، فعمّت الفوضى استعمالات الأرض، وبرزت الحاجة إلى إعداد مخطط رئيسي شامل لمتابعة وتأطير نمو المدينة العام، ولذا وضع المخطط الثالث (مخطط دوكسيادس) لتطوير المدينة، وكان هذا المخطط على شكل مستطيل محوره الرئيسي باتجاه شمال شرق - جنوب غرب، ويشمل مساحة تقارب (650) هكتار، بما في ذلك التقسيمات في الجهة الجنوبية الغربية التي يفصلها وادي بدنة عن المنطقة الحضرية الرئيسية، وراعى هذا المخطط توسع المدينة حتى عام 1993م (3141هـ) ليستوعب (31600) نسمة تقريبا، واحتل الاستعمال السكني (50%) من المدينة و (25%) كانت لاستخدامات الطرق والمواصلات، وتوزعت استعمالات الأرض الأخرى النسبة الباقية. وقدّم هذا المخطط نمطا منتظما من الشوارع على شكل شبكة خطوط متعامدة باتجاه شمال شرق - جنوب غرب، ومع الاتجاه العام للمدينة آنذاك (خريطة رقم 9)(31). ومن الدراسة التفصيلية لمخطط دوكسيادس، يلحظ ما يأتي: 1 - امتلأت الفراغات (الفضاءات الأرضية) التي تفصل وادي عرعر عن الأحياء السكنية، كما امتلأت الفضاءات في أحياء الخالدية والمساعدية.
2 - نمو المنطقة التجارية على طول شارع الملك عبدالعزيز والشوارع المتفرعة منه وعلى حساب الاستعمال السكني.
3 - تتباعد المباني التعليمية في جميع أنحاء المدينة مع تركز واضح لها في الجزء الشمالي الغربي.
4 - توجد مقبرة كبيرة في الجزء الشمالي من المدينة (أكبر مقابر المدينة حاليا).
3:1:5 المرحلة الخامسة: 1988 - 2005م (1408 - 1426هـ): في هذه المرحلة تجاوزت المدينة في نموها واتساعها كل التوقعات السابقة، فقفز عدد السكان إلى (65000) نسمة عام 1987م (7041هـ)، ووصلت مساحتها إلى (749) هكتارًا، وقد دفعت هذه المعدلات السريعة إلى إعادة النظر في التخطيط المستقبلي للمدينة، فظهر المخطط الرابع (مخطط النطاق العمراني) فقدرت دراسة النطاق العمراني احتياجات المدينة لـ (963) هكتارا إضافية لغاية 2005م (1426هـ)، ووضعت حدود النطاق العمراني على هذه الأسس، وارتفع عدد سكان المدينة لعام 2000م (1421هـ) إلى (141833) نسمة، وتم تقسيم المدينة إلى (16) حيًّا، وفي هذه المرحلة بدأت المدينة بالتوسع إلى الشرق من وادي عرعر (أحياء الفيصلية، الريان، المنطقة الصناعية والربوة)، ثم بدأت بالتوسع على شكل محاور سلكت في نموها الطرق الدولية الآتية (خريطة رقم 1/ج):
1 - على جانبي طريق عرعر - الجديدة (نقطة الحدود السعودية مع العراق)، فظهرت أحياء الناصرية والصالحية والمنصورية.
2 - على جانبي طريق عرعر - طريف كما في أحياء المساعدية والمشرف.
3 - على جانبي طريق عرعر - رفحا كما في إسكان قوى الأمن والناصرية ومخطط الدوائر الحكومية.
4 - على الجانب الغربي لطريق عرعر - سكاكا كما في حي الجوهرة.
3:2 استعمالات الأرض الحالية في مدينة عرعر: يهتم جغرافيو المدن عادةً بدراسة استعمالات الأرض في المدينة، من حيث توزيعها ومساحتها ونوعيتها وكفايتها وتفسير العلاقات المكانية المتولدة بينها؛ بهدف الكشف عن السلبيات والإيجابيات داخل المدينة، بدافع تطوير الإيجابيات ومعالجة السلبيات. مدينة عرعر شأنها شأن الكثير من المدن، متعددة الاستخدامات كما يظهر في الجدول رقم (6)، والخريطة رقم (10). ومن دراسة الجداول أرقام (6) و(7) والخريطة رقم (10)، يمكن إيجاز استعمالات الأرض في مدينة عرعر على النحو الآتي(32): 3:2:1 الاستعمال السكني: ويحتل مساحة (61.6%) من مساحة المدينة المعمورة، وتحتوي أحياء الفيصلية (31108 نسمة) والعزيزية (26099 نسمة) والصالحية (22811 نسمة) والناصرية (20750 نسمة)، على أكبر نسبة لتجمعات السكان (71%) والمسـاكن (65%)، ويتدرّج البناء في ارتفاعه من النطاق الداخلي للمدينة (أربعة أدوار) مرورا بالنطاق الأوسط (ثلاثة أدوار) وانتهاءً بالنطاق الخارجي (دوران)، ولحداثة عمر المدينة فإن (84%) من مساكنها ذات حالة جيدة، وتوجد أحسن الأبنية وأرقاها في أحياء المشرف والمساعدية. (بلدية منطقة الحدود الشمالية - بيانات غير منشورة).
3:2:2 الاستعمال التجاري: ويحتل ما نسبته (10.9%)، وتوجد المنطقة التجارية المركزية في المنتصف الغربي من شارع الملك عبدالعزيز، وفي المدينة العديد من الأسواق، أشهرها سوق السوريين وسوق الفواكه والمواد الغذائية بحي المساعدية والسوق التجاري بحي الفيصلية وسوق السمن وغيرها.
3:2:3 الاستعمال الصناعي: ويحتل ما نسبته (9.1%)، وتوجد المنطقة الصناعية الرئيسة في جنوب حي الريان، وتنتشر بعض الورش والمصانع الغذائية ومصانع مواد البناء في أرجاء مختلفة من المدينة، ويحتوي مخطط النطاق العمراني على منطقة صناعية جديدة في الأطراف الغربية من المدينة.
3:2:4 الاستعمال الترفيهي: ويتمثل بالحدائق والمتنزهات والملاعب، ويحتل ما نسبته (4.8%) فقط، علما بأن المعيار المعتمد يتراوح بين (10%) و(12%)، ولذا يقل نصيب الفرد من هذا الاستعمال فهو (5.6م2)، في حين يتراوح المعيار بين (9 و 12م2)، وينتشر الاستعمال الترفيهي في أطراف المدينة وخاصة الجنوبية منها وبمحاذاة الطريق الدولي. 3:2:5 الاستعمالات الأخرى: في المدينةمستوصفات، منها (3) من الدرجة الثالثة و(4) من الدرجة الثانية و(1) من الدرجة الأولى، علاوةً على المستشفى المركزي الذي يحتوي على (270) سريرا تقريبا، وفي المدينة ما يزيد على (200) مسجد محلي و(13) مسجد جامع ومصلى عيد، وفي المدينة (56) مدرسة للذكور وكلية للمعلمين، و(57) مدرسة للإناث وكلية تربية للبنات، وتخدم هذه الاستعمالات شبكات قوية وحديثة من الطرق والكهرباء والهاتف.
3:3 سياسة توزيع استعمالات الأرض في مدينة عرعر ومعالجتها: يتحكم في توزيع الأرض داخل مدينة عرعر - كغيرها من المدن السعودية - سياسة تخطيطية تهدف إلى تحقيق أفضل علاقة بين استعمــالات الأرض المختلــفة، ويتم ذلك بإتباع أسلـوب التنطيق (zoning) وضوابطه، وذلك للسيطرة على استعمالات الأرض نفسها، فهذه الضوابط تحدد كثافة الاستعمال ونسبة تغطيته وارتفاعات المباني ونوعها ومواصفاتها الخارجية(33)، فعلى سبيل المثال تخضع الأبنية في الأحياء السكنية لمدينة عرعر لشروط ومواصفات حسب تصنيف فئة الحي، وهناك ارتفاع محدد للمباني داخل هذه الأحياء (خريطة رقم 11). تهدف سياسة معالجة استعمال الأرض عادةً إلى تقليل الآثار السلبية للبيئة على الإنسان، وتحقيق الأهداف السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تضعها الدول عادةً في تخطيط ومراقبة مدنها، حيث تقوم كل دولة (ممثلة بالبلديات) بالسيطرة على توجيه استعمالات الأرض بالشكل الذي يوفر أعلى فائدة لمجتمع المدينة، وهو ما تم بالنسبة لمدينة عرعر، فمثلا اشترطت بلدية منطقة الحدود الشمالية بعرعر (وكما هو موضح في الخريطة رقم 11)، ألاّ يزيد ارتفاع المباني على أربعة أدوار في القطاع المركزي من المدينة (central zone) (حول شارع الملك عبدالعزيز)، وألا يزيد ارتفاع المبـاني على ثلاثـة أدوار في القطـاع الأوسـط  (middle zone) في أحياء الريان والفيصلية والروضة والمساعدية، وعن دورين في أحياء القطاع الخارجي منها (outer zone)، كما في أحياء بدنة والمطار والصالحية والناصرية والمشرف، ولذلك شكلت المباني ذات الدورين الطابع العام للمدينة، وكانت نسبتها (75%) في حين شكلت المباني ذات الثلاثة أدوار (24%) والمباني التي أكثر من ذلك (1%). وتتابع بلدية منطقة الحدود الشمالية حالة المباني في المدينة، فتشير آخر الدراسات في البلدية إلى أن نسبة المباني ذات الحالة الجيدة (84%) والمباني ذات الحالة المتوسطة (14%)، وتتركز في الفيصلية بنسبة عالية، أما المباني الرديئة فتشكل ما نسبته (2%) وتتركز في البلدة القديمة(34). وما ينطبق على ارتفاعات المباني وحالاتها، فإن البلدية وضعت شروطا ومواصفات لنوعية الأبنية وأحيانا ألوانها الخارجية (الأبيض والبيج كما في عرعر)، وذلك بهدف تحقيق التناغم البيئي للمدينة وتقليل التأثيرات السلبية لأحد الاستعمالات على الآخر، كما وضعت البلدية شروطا لعمليات التبدل (replacement)  بين استعمالات الأرض في المدينة من سكنية وتجارية وغيرها، وقد راعت هذه الشروط ظروف التغيرات السكانية والاجتماعية لسكان المدينة، الأمر الذي يؤدي بالتالي إلى خلق اتجاهات مناسبة لنمو المدينة وبما يحسن مستواها مستقبلا ويسهم في تنظيم تركيبها الداخلي(35).
3:4 نظريات التركيب الداخلي للمدينة وتطبيقها على مدينة عرعر: ظهرت نظريات ومدارس فكرية مختلفة لتفسير مفاهيم ومظاهر التحضر من جهة(36) والبحث في بنية وتركيب المدينة الداخلي من جهة أخـــرى(37)، وعند محاولة تطبيق المفاهيــم والمظاهـــر الــواردة في مختلف النظريات على التركيب الداخلي لمدينة عرعر يتبين لنا ما يأتي:
1 - إن مدينة عرعر من حيث نشأتها التاريخية حديثة النمو، وكان وراء وجودها أسباب اقتصادية واجتماعية وإدارية (حكومية) فيما بعد، وارتبطت هذه الأسباب بالمردودات السريعة لاقتصاديات البترول في المملكة وما ترتب عن ذلك من ارتفاع واضح لمستوى التحضّر، ومع أن مدينة عرعر قامت أصلا لخدمة العاملين في محطة ضخ بدنة (التابلاين) إلا أنها شكلت فيما بعد نقطة جذب اجتماعي لمختلف فئات السكان ومن بينهم السكــان البدو وخاصة منذ صدور الخطط الخمسية التنموية(38)، التي ركزت على تحقيق أهداف عدة من بينها نقل التجهيزات الأساسية والخدمات الحديثة للبادية، وقد تعمّق هذا الدور بعد أن أصبحت المدينة عاصمة إدارية لمنطقة الحدود الشمالية.
2 - كان لصندوق الدولة للتنمية العقارية دور واضح في التوسع السريع لمدينة عرعر، وخاصة في العقدين الأخيرين، فأصبح وجود المباني الحديثة سمة مورفولوجية بارزة في المدينة كما يظهر ذلك في أحياء الناصرية والصالحية والمشرف، كما كان للصندوق دور كبير في تطوير المستقرات البشرية لظهير المدينة وخاصة المنتشرة على طول خط التابلاين مثل: هجرة الديدب، وأم خنصر والكاسب وأبو رواث والعويقيلة وغيرها.
3 - شكلت مدينة عرعر قطبا تنمويا واضحا (growth pole) بعد أن أصبحت مركزا لإمارة منطقة الحدود الشمالية، فأخذت تقدّم الخدمات لسكانها وسكان ظهيرها وللذين يعبرونها بحكم موقعها عند التقاء الطرق الدولية التي تربط بين دول الخليج وبلاد الشام من جهة وبين العراق وسكان شرق القوقاز ووسط المملكة وبأماكن الحج بشكل خاص من جهة أخرى. بناءً على ما سبق من ظروف طبيعية واقتصادية واجتماعية مرت بها المدينة، فإن الباحث يعتقد بأن أقرب نظريات البيئة التقليدية (الوظيفية) انطباقا على التركيب الداخلي لمدينة عرعر هي نظرية النوى المتعددة(39). وبتطبيق نظرية النوى المتعددة على مدينة عرعر نلحظ أن المنطقة (1) من النظرية تتمثل بالمركز التجاري على جانبي شارع الملك عبدالعزيز، أما المنطقــة (2) المتمثلــة بالبيع بالجملــة (الصنــاعات الخفيفة) فتكاد تتطابق مع الأجزاء الواقعة بين المسجد الكبير وشارع الملك عبدالعزيز والمنطقة المحيطة بالبنك الوطني العربي حاليا، أما المنطقة (3) السكنية ذات الدور الواطئة فتوجد في شمال المحمدية ومعظم أحياء البلدة القديمة (العزيزية والخالدية)، والمنطقة (4) ذات الدور المتوسطة فتتمثل في أحياء الروضة، بدنة، المطار، الريان والفيصلية، وأما المنطقة (5) ذات الدور عالية النوعية فتتمثل في بقية أحياء المدينة وبشكل خاص أحياء المساعدية والناصرية والمشرف والصالحية، وتتمثل المنطقة (6) بالأراضي المشغولة بالصناعات الثقيلة (الكبيرة نسبيا)، وتقع غرب وادي عرعر في جنوب حي الريان الحالي، والمنطقة (7) تتمثل بالمراكز التجارية (الأسواق) والمنطقة التجارية الخاصة الموجودة في سوق الحريم وسوق السمن وسوق السوريين، وسوق الخضار وأسواق الفهد المركزية والأسواق المحاذية لأحياء المساعدية الشرقية، وتتمثل المنطقةبالضواحي التي بدأت تظهر أحياء صغيرة منعزلة شكلت فيما بعد أحياء المساعدية، الفيصلية، الربوة والجوهرة، وأصبحت جزءا من المدينة، أما المنطقة (9) والمتمثلة بالضواحي الصناعية فتكاد تختفي في مدينة عرعر، وإن أشار مخطط النطاق العمراني إلى مثل هذه الضاحية في الجزء الغربي من المدينة بين وادي بدنة والطريق الدولي.
3:5 التوجهات المستقبلية للبنية المكانية لمدينة عرعر: من دراسة العوامل المؤثرة في التركيب الداخلي لمدينة عرعر، ومن تحليل المراحل المورفولوجية التي مرّ بها هذا التركيب (مراحل التوسّع)، ودراسة الواقع الحالي لهذا التركيب تم رسم خرائط عدة مثل: مراحل توسع المدينة زمانا ومكانا واستعمالات الأرض فيها ومحاور النمو الذي تشهده المدينة حاليا، من كل ذلك يمكننا استشراف الآفاق المستقبلية لتوجهات البنية المكانية في المدينة من خلال: 3:5:1 تقويم مخطط النطاق العمراني (المستقبلي) وانعكاساته المكانية. 3:5:2 التوسع المكاني المستقبلي لمدينة عرعر. هذه التوجهات المستقبلية للبنية المكانية تسعى إلى تحقيق التطوير المتوازن المستند على معالجة تستوعب كل المؤشرات والمعايير اللازمة لمدينة مستقبلية أفضل (وهي عرعر)، ونسبة هدف تنتهي عام 2005م (1426هـ).
3:5:1 تقويم مخطط النطاق العمراني (المستقبلي) وانعكاساته المكانية: تجاوزت مدينة عرعر في نموها واحتياجاتها كل التوقّعات المقدّرة لها في المخططات الثلاثة التي وضعت لها قبل عام 1987م (1407هـ)، وقد دفعت هذه المعدلات السريعة جدا لنمو سكان المدينة وانتشارهم على محاور واسعة من أرضها إلى إعادة النظر في التخطيط المستقبلي لها لمواجهة احتياجاتها الجديدة والمتوقعة، فقدّرت دراسات النطاق العمراني احتياجات المدينة بـ (3900) هكتار حتى عام 2005م (1426هـ)، (خريطة رقم 1/ج). ومن دراسة مخطط النطاق العمراني للمدينة يلحظ ما يأتي:
1 - حدد هذا النطاق حاجة سكان المدينة من الأرض بما يتناسب والنمو السكاني السريع، مع الأخذ بالحسبان الدور الوظيفي لها (مركز بل عاصمة منطقة الحدود الشمالية)، بشكل يضمن المرافق الأساسية والخدمات العامة لمجتمع المدينة ومن دون تجاوز البُعد الإقليمي لها، وبذلك نستطيع القول بأن هذا المخطط حقق الشــرط الرئيسي من مواصفــات التصــميم الأسـاسي للمــدن (master plan) والمتمثل بالشمـولية والمـرونــة العمليـــة(40).
2 - اعتمدت المخططات السابقة للمدينة التخطيط الشبكي، وقد راعى مخطط النطاق العمراني هذه الخصوصية بتنفيذ شبكة من الطرق داخل النطاق بما يتناسب وتوزيع شبكة الطرق في المخططات السابقة، وبما يضمن النمو الطبيعي للمدينة دون انقطاع في تصميم البنية التحتية بين أحيائها.
3 - كان للمعوقات الطبيعية أثر كبير في توجيه نمو المدينة وخاصة الأجزاء الجنوبية، حيث يتسع وادي عرعر وروافده وفي الأجزاء الشمالية حيث التضرُّس الشديد للأرض، كما كان للمعوقات البشرية أثرٌ آخر في توجيه نمو المدينة وخاصّة على المحورالشرقي (شمال طريق رفحا)، حيث توجد منطقة الحرس بالرغم من أنها أكثر المناطق ملائمة لاتساع المدينة.
4 - من خلال مقارنة مقترحات وتوصيات النطاق العمراني مع الواقع الفعلي في عام 2001م (1422هـ)، يظهر أنه لم ينفذ سوى أقل من (50%) منه بدليل: أ - عدم تنفيذ بعض المشاريع المقترحة مثل: الصناعية الجديدة على المحور الغربي والمتنزه المقترَح على الطرف الشرقي من محور طريق سكاكا، والعديد من الحدائق التي كان من المقرر تنفيذها في أحياء الصالحية والناصرية والمنصورية (المزدحمة السكان). ب - عدم اكتمال بناء الدوائر الحكومية في الطرف الجنوبي من المحور الشرقي المتجه إلى رفحا.
ج - تعاني المدينة من عدم كفاية مواقف السيارات سواءً ضمن المباني السكنية أو المجمعات التجارية أو في أماكن الوقوف العامة الأمر الذي يؤدي إلى الضغط المتزايد على الفضـاءات التي يمكن الوقوف فيها في المناطق المختلفة من المدينة.
5 - لم يكتمل تنفيذ الخدمات المجتمعية التعليمية والصحية جميعها رغم الفترة الزمنية التي تفصلنا عن نهاية فترة مخطط النطاق العمراني 2005م (1426هـ)، وحجم العمل المطلوب تنفيذه كبير جدا، وعلى سبيل المثال لا الحصر يوجد في المدينة عدد لا يستهان به من المدارس المستأجرة سواء كان ذلك للذكور أم الإناث.
6 - بلغت المساحة الإجمالية لمخطط النطاق العمراني من الأراضي المستعملة حاليا والمخططة للمستقبل وغير المخططة (48.25 كم2)، منها (20.45 كم2) تم تخطيطها لمختلف استعمـالات الأرض، والمسـاحـات المستعملة فعليا (16.55 كم2) فقط، وهذا يعني أنه تم التخطيط الفعلي لأكثر من ضعف استعمالات الأرض المختلفة، أما المساحة غير المخططة من النطاق العمراني فهي (11.25 كم2)؛ أي: ما نسبته (23.3%).
7 - اتسعت الحدود الفعلية المكانية للنطاق العمراني بشكل كبير بدليل اتساع المساحة المخططة غير المستعملة، والمساحة غير المخططة منه والبالغة (31.7 كم2) (65.7%) من إجمالي مساحة النطاق العمراني. وهذا يعني أن هذه المساحة كافية لمواجهة اتساع المدينة خلال العشرين سنة القادمة على أقل تقدير في ظل المعطيات الحالية لنمو المدينة مكانيا.
3:5:2 التوسع المكاني المستقبلي لمدينة عرعر: لتقدير التوسع المكاني المستقبلي للمدينة حتى عام 2014م (1436هـ) (وهو العام الذي سيتضاعف فيه عدد سكان المدينة(41) موزعا على استعمالات الأرض المختلفة فيها) فقد اتبع الباحث طريقة معيار معدل نصيب الفرد من المساحة في المدينة، فقد بلغ معدل نصيب الفرد الواحد في المدينة (116.7م2) في عام 2000م (1421هـ)(42)، وباعتماد هذا المعدل ستكون مساحة الاستعمالات المختلفة في المدينة (26.8 كم2) في عام 2014م (1436هـ) أي بزيادة قدرها (10.25 كم2) عن مساحة الاستعمالات الحالية (16.55 كم2)، ويمكن القول بأن المساحة الكبيرة لمخطط النطاق العمراني تضمن التوسّع لهذه الاستعمالات في مواضع مناسبة من المدينة مستقبلا، وتتوزّع استعمالات الأرض المستقبلية كما في الجدول رقم (7). من الجدول يتبين بأن المســاحة المطلوبة هي (10.25 كم2) زيادةً عمـا هي عليه الآن (زيادة ما نسبته 61.9%)، وسيكون المطلـوب من الاستعمال الســكني (6.3 كم2)، أكبرها بنسبة قدرها (61.3%)، ويأتي الاستعمال لغايات النقل والخدمات في المرتبة الثانية (14.1%)، يليه الاستعمال التجاري والصناعي فالترفيهي. وبمتابعة نمو مدينة عرعر في مراحلها المختلفة، ومع ما جاء من تطلعات في مخطط النطاق العمراني، يبدو أن المدينة ستتوسع باتجاه أربعة محاور تم ذكرها سابقا (في موضوع 3:1:5). وكان التوجه لتوسع المدينة مع تلك المحاور لأسباب عدة أهمها: وجود الأراضي المنبسطة الواسعة الصالحة للتوسع العمراني، ووجود محــاور الطرق الدولية الأربعة (خريطة رقم 1/ج)، وقد توقف التوسع المكاني للمدينة في بعض الاتجــاهـات، لوجود عــدد من المعوقــات الطبيعيــة والبشرية نوجزها بما يأتي:


1- المعوقات الطبيعية، وتتمثل في:
أ - الهضاب المرتفعة ذات التضرّس الشديد، والتي تقع إلى الشمال من المدينة في أحياء العزيزية وبدنة، حيث تنتشر على سفوح هذه التلال وأقدامها أكواخ الصفيح (خريطة رقم 10).
ب - مجاري أودية عرعر وبدنة وروافدهما، التي شكلت محدّدات طبيعية لنمو الأحياء، حيث تتسع هذه المجاري وخاصة في الأجزاء الجنوبية (وادي عرعر) والجنوبية الغربية (وادي بدنة).
2- المعوقات البشرية، وتتمثل في:
أ - منطقة الحرس الوطني الواقعة إلى الشرق من أحد روافد وادي عرعر وشرق أحياء الناصرية والصالحية والمنصورية، وتمتد شرقا باتجاه مطار بدنة، وتعد هذه المنطقة من أفضل المناطق المرشحة لتوسع المدينة مستقبلا من الناحية الطبوغرافية.
ب - مكب نفايات المدينة شمال حي الربوة بين طريق الجديدة ووادي عرعر. ومن الجدير بالذكر أن مساحة المرحلة الثانية من النطاق العمراني تبلغ (2250) هكتار، ولم يتم تخطيطها، وهذا يعني بأن المساحة المتبقية هذه ستكفي حالات توسع المدينة لعام 2020م (1442هـ) على أقل تقدير. وتقع على عاتق إدارة التخطيط العمراني في بلدية منطقة الحدود الشمالية بعرعر مسؤولية كبيرة لمراعاة توجه التوسع المكاني المستقبلي للمدينة توجها سليما مع المحاور التي تم ذكرها سابقا، مع مراعاة التوازن العمراني في تركيب المدينة الداخلي بكل أبعاده السكانية والمكانية (المساحية) والخدمية (ممثلا في استعمالات الأرض).
4- النتائج والتوصيات: بعد دراسة وتحليل التركيب الداخلي لمدينة عرعر يمكننا تلخيص أهم النتائج والتوصيات على النحو الآتي:
4:1 النتائج:
1- مدينة عرعر حديثة النشأة لا يتجاوز عمرها نصف قرن، ارتبطت في نشأتها بتأسيس خط أنابيب البترول (التابلاين) إثر قيام محطة ضخ بدنة عام 1950م (1370هـ).
2- كان لموقع مدينة عرعر تأثير واضح على نموها وتطورها (تركيبها الداخلي)، نظرا لوقوعها على مفترق طرق دولية تربط دول الخليج ببلاد الشام من جهة، والعراق وظهيره الإسلامي بوسط المملكة وأماكن الحج من جهة أخرى.
3 - كان لموضع مدينة عرعر على أرض منبسطة قليلة التموّج تأثير كبير على انتشار المدينة السريع مع محاور الطرق الرئيسة الخارجة منها باتجاه العراق شمالا ومدينة طريف غربا ومدينة رفحا شرقا ومدينة سكاكا ووسط المملكة جنوبا.
4 - المخطط الشبكي هو التخطيط السائد في المدينة، وقد كان للمخططات الأربعة التي صدرت خلال تاريخ المدينة أثر كبير في توجيه نموها وانتظام استعمالات الأرض فيها، وما يشاهد من اختلاط لاستعمالات الأرض داخل المدينة وما يصاحب ذلك من تشويهات في مركبها الحضري - أحيانا - هو نتيجة للنمو المتسارع الذي شهدته هذه المدينة وخاصة في العقدين الثالث والرابع من عمرها. 5 - أدّت العوامل الاقتصادية (سعر الأرض) والاجتماعية (المتعلقة بالمصلحة العامة) دورًا بارزًا في توجيه نمو المدينة وتنظيم استعمالات الأرض فيها، فقد كان لصندوق التنمية العقاري دور واضح في اتساع المدينة، كما كان لبلدية منطقة الحدود الشمالية وخاصة إدارة التخطيط العمراني التي اتبعت سياسة عمرانية ناجحة في توزيع استعمالات الأرض وتغليب المصلحة العامة وتطبيق القوانين والأنظمة التي تراعي متطلبات التخطيط الحضري بكل أبعاده، وانعكس ذلك على انتظام التركيب الداخلي للمدينة وانسجام استعمالات الأرض فيها بدرجة كبيرة.
6 - نظرية النوى المتعددة هي أقرب النظريات الوظيفية انطباقا على مدينة عرعر.
7 - الاستعمال السكني هو أكثر استعمالات الأرض مساحة (61.6%) يليه استعمال الأرض للنقل والخدمات ثم الاستعمال التجاري فالصناعي، وأخيرا الاستعمال الترفيهي (المناطق الخضراء).
8 - يعد معدل نصيب الفرد في مدينة عرعر من مساحة استعمالات الأرض المختلفة معدلا معتدلا (116.7م2) إذا ما قورن بغيره من المعدلات في المدن الأخرى.
9 - يصل إجمالي مساحة المدينة (النطاق العمراني) إلى (48.25 كم2) منها (16.55 كم2) مستعملـة فعلا (34.3%) و (20.45 كم2) مخططــة لمختلـف الاستعمالات مستقبلا (42.4%) و(11.25كم2) لم يتم تخطيطها (23.3%).
4:2 التوصيات: يرى الباحث أن التوصيات الآتية يمكن أن تسهم في رفع كفاءة المركب الحضري لهذه المدينة الناشئة، ونمو التركيب الداخلي لها بشكل سليم وبالتالي تحسين نوعية الحياة لسكانها
 (quality of life): -1ضرورة متابعة نمو المدينة بدقة متناهية، وعدم التهاون في المخالفات التي من شأنها الإخلال في توازن التخطيط الحضري السليم للمدينة، وتقع هذه المهمة على عاتق بلدية منطقة الحدود الشمالية، خاصة وأن هذه المدينة ما تزال في بدايات نموها مكانيا وسكانيا، قبل أن تتضخّم وتكثر مشاكل التركيب الداخلي فيها ويصعب علاجها بعد ذلك.
2 - الإسراع في إنهاء المشاريع الحيوية العامة والتي من شأنها الإسهام في إيجاد بيئة حضرية نظيفة (urban ecology) للمدينة، وأهم هذه المشاريع:
أ - مشروع المنطقة الصناعية الجديدة في الجزء الغربي من المدينة، ونقل مكونات المنطقة الصناعية القديمة الواقعة بين أحياء الناصرية والريان والمساعدية الشرقية، والورش الصناعية المنتشرة في مختلف أحياء المدينة.
ب - شبكة الصرف الصحي وصرف مياه الأمطار لمجاري أودية بدنة وعرعر التي تخترق المدينة شمالا وجنوبا.
جـ - الحدائق والمناطق الخضراء كما أشار إليها مخطط النطاق العمراني خاصة في أحياء الناصرية والفيصلية المزدحمين بالسكان.
د - مكب النفايات الذي يقع في شمال المدينة واستعمال أفضل أساليب الطمر الصحي.
3 - تنمية محاور الطرق الدولية التي تخترق المدينة بعدّها محاور تجارية للتخفيف من الازدحام عن قلب المدينة.
4 - إقامة سدين مائيين متوسطي الحجم: أحدهما على وادي عرعر شرق كلية المعلمين بـ (2 كم)، والآخر على وادي بدنة جنوب الطريق الدولي، بالقرب من مزرعة أبا الخيل، وذلك لدرء خطر الفيضانات عن المدينة، واستغلال هذه المياه لري أشجار الشوارع وإقامة الاستراحات السياحية على جوانب هذه السدود، علاوة على أهميتها المناخية في تلطيف أجواء المدينة.
5 - رفع الأداء الوظيفي للخدمات الصحية في المدينة، وذلك بزيادة عدد الأسرّة في المستشفى الحالي ليصبح ضمن المعيار المعتمد (2.5 سرير/1000 نسمة) وبذلك يحتاج المستشفى إلى (80) سريرا إضافيا، وحسب المعايير فإن المدينة تحتاج إلى مستشفى متخصص.
6 - رفع مستوى الأداء الوظيفي للخدمات التعليمية، وذلك بالتخلص من المباني المستأجرة للمدارس (الذكور والإناث)، وتوزيع هذه المدارس حسب الكثافة السكانية للأحياء مع مراعاة الكفاءة المكانية في ذلك.
7 - وضع حد لانتشار ظاهرة أكواخ الصفيح المتاخمة للأطراف الشمالية والشمالية الغربية من المدينة؛ لأن انتشار مثل هذه الظاهرة بالقرب من المدن يشوّه التركيب الحضري لها، ويشكل بؤرة خطيرة على الحياتين الاقتصادية والاجتماعية لمثل هذه المدن.
8 - التقليل من حدّة اختلال الموازنة الحرارية في المدينة، وذلك بتوجيه تخطيط شوارعها الرئيسية لتصبح شمالية جنوبية مشكلة ممرات طبيعية للرياح الشمالية الملطفة للجو صيفا، وتشجيع ظاهرة التشجير في المدينة.
9 - توجيه نمو المدينة مع محاور الطرق الدولية واستغلال الأرض الواقعة بين حي الناصرية ومطار بدنة، والتي تبلغ مساحتها (30 كم2) تقريبا، وتعد من أفضل المناطق لتوسّع المدينة.

للقراءة والتحميل  اضغط هنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا