التسميات

الجمعة، 22 أغسطس 2014

محاضرات في جغرافية الزراعة .. المحاضرة الثانية ...

المحاضرة الثانية

مناهج ووسائل وأساليب البحث
في جغرافية الزراعة
         مناهج دراسة جغرافية الزراعة
         أساليب البحث في جغرافية الزراعة

مناهج دراسة جغرافية الزراعة

من المعلوم أن مناهج الجغرافيا قد تأثرت على مدار التاريخ ، ففي المرحلة التي ساد فيها الجانب الوصفي كانت مناهج الجغرافيا تسير بنفس الأسلوب الذي سار عليه المفهوم العام للجغرافيا .فعلى سبيل المثال كان المنهج الجغرافي المتبع لدى الإغريق والعرب هو المنهج العام ، الذي تميزت به كتبهم عن وصف الأرض وأبعادها كاسم المصنفات العربية التي أطلق عليها ”المسالك والممالك“ أو ما عرفت بتقويم البلدان وكتب الرحالة أمثال ابن جبير وابن بطوطة وغيرهم.

إلا أن طبيعة تطور هذا العلم أدت إلى توجيه النقد لهذا المنهج خاصة عندما أصبح فيه علم الجغرافيا عاجزا عن مسايرة العلوم الأخرى وهذا بدوره خلق فرصة إلى إعادة النظر في مناهج الجغرافيا وبالتالي التأكيد على المناهج
التي من شأنها مسايرة العلوم الأخرى ومتابعة التطورات التي طرأت على الحياة حيث أصبحت عملية الوصف العام لا تفي بالغرض تماما.
          لقد أدى هذا الوضع إلى اتخاذ و تبني مناهج وأساليب جديدة منذ أوائل القرن الـــ 19م تمثل في تنسيق المعلومات وترتيبها وتصنيفها كإسهامات تقدم بها العلماء آنذاك مثل الفيلسوف الألماني ايمانويل كانت (Emmanuel Kant) وغيره من العلماء .
         و من بين أهم الاتجاهات التي ظهرت في علم الجغرافيا ومناهجها المنهج الكمي في التحليل بدلا عن الوصف العام إلى جانب المنهج التطبيقي العلمي بدلا من المنهج النظري.
تأتي جغرافية الزراعة في مقدمة فروع الجغرافيا العامة التي تتلاءم دراستها مع الجانب التحليلي والتطبيقي، نتيجة لتدخل الظروف الطبيعية في النتائج المترتبة عليها. لهذا جاءت الدراسات الزراعية الحديثة معتمدة على الجانب التحليلي أكثر من الجانب الوصفي لأنه عن طريق التحليل واستخدام الاحصاء يمكن ابراز تأثير الظواهر الطبيعية والبشرية وبيان أثر كل منهما ومعالجة الأسباب الناتجة عن كل أثر في الظواهر المختلفة.
فعلى سبيل المثال لا الحصر، نلاحظ أن تركز الانتاج الزراعي في منطقة واختفائه في منطقة أخرى ، ناتج من عوامل وتغيرات في توزيع الانتاج.
تعالج جغرافية الزراعة موضوعات عديدة ، يتميز مجالها بالاتساع مما يتيح للباحث طرقا متنوعة للدراسة وفق ما يتراءى له. فقد يميل بعض الباحثين الى التركيز على سمات الاقاليم الزراعية للتمييز بينها وقد يعمد البعض الاخر الى الاهتمام بالمحاصيل الزراعية أو الحرف.
إن اختلاف طرق الدراسة بين الباحثين والتركيز في معالجة جوانب معينة يعرف بمناهج البحث. يكاد يتفق جميع البحثين على أن هناك عدة مناهج للبحث والدراسة في جغرافية الزراعة، وهي :
   1- المنهج الموضوعي              2- المنهج الاقليمي
   3- المنهج الاصولي                 4- المنهج الوظيفي
1-    المنهج الموضوعي
لهذا المنهج طريقتان متبعتان:- إما اختيار محصول زراعي ما يدرسه الباحث أو يدرس النواحي الاقتصادية المرتبطة بهذا المحصول في منطقة معينة.
فالطريقة الأولى في الدراسة هو باختيار محصول معين كالأرز مثلا حيث يتم دراسة طبيعة هذا المحصول والشروط الطبيعية لنموه، كمية الانتاج ومناطق التسويق المحلية والخارجية الى جانب اهميته في التجارة الدولية.
أما الطريقة الثانية في الدراسة فهي ترتبط بمحصول ما في منطقة معينة مثال ذلك نطاق الذرة في الولايات المتحدة الامريكية، نجد أن الباحث هنا يدرس الذرة بنفس الطريقة المتبعة سابقا ثم يضيف الى هذه الدراسة النشاط الاقتصادي المتعلق بزراعة هذا المحصول،  أي انه يدرس استخدام الذرة في تربية الحيوان، ثم يتعرض الباحث الى صناعة اللحوم وأهميتها في
التجارة الدولية . ويضيف الى هذا كله المحاصيل الفرعية التي تنمو الى جانب الذرة مثل محصول القمح.
ويجمل (شو) هذا المنهج في الإجابة على الأسئلة التالية:
1.     أين يمكن أن تنتج الغلة وتسوق وتستهلك؟
2.     أين تنتج فعلا وتسوق وتستهلك؟
3.     كيف تنتج وتسوق وتستهلك؟
ويعد هذا المنهج أكثر مناهج الدراسة في جغرافية الزراعة استخداما وذلك لوضوح تقسيماته وسهولتها.
2. المنهج الإقليمي
يتضمن هذا المنهج تقسيم سطح الارض أو قارة من القارات أو دولة ما الى أقاليم زراعية، وعند تقسيم دولة ما الى أقاليم زراعية فإن الباحث يرسم الحدود التي تفصل اقليم وآخر، فقد تكون هذه الحدود مناخية أو نباتية أو حدودا تتصل بمظاهر السطح. فمثلا عندما يتم تقسيم المملكة الى أقاليم زراعية فإننا نجد أن الاودية ومجاريها تكون اقليما والمناطق الصحراوية تكون اقليما آخرا والواحات الزراعية تكون اقليما ثالثا والمناطق الجبلية هي الأخرى تكون اقليما رابعا ثم يتم دراسة الانتاج الزراعي في كل اقليم من الاقاليم.
كما يمكن أن تدرس الاقاليم الرئيسة في العالم مثل الاقاليم المناخية كالإقليم المداري المطير أو المعتدل أو قارة من قارات العالم
يتميز المنهج الإقليمي عن غيره من المناهج أنه يعطي صورة واضحة عن النشاط الزراعي في الإقليم الواحد والأنماط المختلفة لهذا النشاط، ودور الانسان في استغلال هذا الإقليم داخل نطاق جغرافي محدد. اضافة لذلك يعطي صورة مفضلة عن مدى التنوع الزراعي داخل الاقليم.
وبالرغم من ذلك ، فإن الاعتماد على المنهج الإقليمي لا يخلو من عيوب من أبرزها :
1.     صعوبة تقسيم العالم إلى أقاليم زراعية.
2.     اختلاف الاسس الطبيعية والبشرية التي يعتمد عليها هذا التقسيم.
3.     أن تقسيم العالم الى اقاليم زراعية كبرى يتماشى مع الاقاليم المناخية الرئيسة في العالم، ذلك لان هنالك محاصيل زراعية تتعدى زراعتها الاقليم الواحد.
3-المنهج الأصولي
يهتم هذا المنهج بدراسة الاصول الرئيسة التي تؤثر في الانتاج وأولها : معرفة أثر العوامل الطبيعية ( موقع، تكوين جيولوجي، تضاريس، مناخ، تربة، مياه). في رسم حدود المكان الذي يمكن للإنسان أن يعيش ويزاول نشاطه في نطاقه.
تتركز الدراسة تبعا لهذا المنهج على العوامل الجغرافية التي تؤثر في النشاط الزراعي والتي من بينها:
1.     العوامل الطبيعية( سبق الاشارة اليها).
2.     العوامل البشرية: خاصة الكثافة السكانية والتوزيع الجغرافي للسكان ومستواهم الحضاري وهي بلا شك عوامل تلعب دورا مباشرا في تحديد نوعية الانتاج الزراعي وكميته في اقليم دون غيرها حتى ولو تشابهت          البيئات الطبيعية.
4-المنهج الوظيفي
يعد أحدث مناهج الدراسة في الجغرافيا الزراعية، ويهدف الى تحليل التركيب الوظيفي للنشاط الزراعي السائد مع الاخذ في الاعتبار التطور التاريخي للإنتاج الزراعي واستهلاكه في مختلف مناطق العالم بما في ذلك العامل البشري المؤثر في ذلك الانتاج.
نلاحظ في المجتمعات الزراعية الاولية أن الزراعة والاستهلاك تكون في أدنى مستوياتها، ويزداد التشابك بين وظائف الانتاج بتزايد التقدم والتطور في الزراعة ليصل الى اقصاه في انماط زراعية كالزراعة العلمية والتجارية التي يتخصص ويتوجه انتاجها الى الاسواق العالمية.
لابد عند استخدام المنهج الوظيفي في دراسة الجغرافيا الزراعية  أن نأخذ في الاعتبار ما يلي:
1.     مستوى المزرعة الفردية: وهنا تُدرَس المزرعة كوحدة انتاجيه، وتتناول دراستها وحدات التشغيل والإنتاج واليد العاملة فيها وأدوات الانتاج التقليدية أو الالية.
2.     الاسواق المحلية للإنتاج الزراعي: وهي المناطق التي يمتد اليها نطاق استهلاك المدينة من الانتاج الزراعي وتحديد الظهير الزراعي للمدن التي تحدده عدة أسس منها: العلاقة بين الانسان والأرض، حجم الحيازات الزراعية، وأنماط استغلال الارض الزراعية.
3.     تحديد دور الإنتاج الزراعي في الانتاج القومي : ويتوقف دور الانتاج الزراعي على كثير من الامور الهامة منها: مستوى المزرعة والموارد الطبيعية والبشرية، والأنشطة ذات العلاقة بالإنتاج الزراعي.
4.     دراسة التجارة الدولية للمنتجات الزراعية: وهذه بطبيعة الحال تأتي عندما يحقق المجتمع فائضا في الانتاج الزراعي يزيد عن حاجة السوق المحلية فإنه يسعى الى تصدير المنتجات الزراعية ازائدة عن احتياجاته الاستهلاكية الى الاسواق الخارجية. لذلك فإن وظيفة الانتاج هنا تزداد تعقيدا لعلاقتها بالعديد من العوامل الخارجية التي تتحكم بالأسعار الدولية وآلية العرض والطلب في الاسواق العالمية.
أساليب البحث في جغرافية الزراعة
تهدف دراسة المناهج في جغرافية الزراعة الى تسليط الضوء على بعض الأساليب الكمية التي تستخدم أثناء دراسة الجغرافيا الزراعية.
ومن هذه الأساليب :
1- متوسط انتاجية الوحدة المساحية من المحصول الزراعي. والتي تتم عن طريق قسمة كية الانتاج على مساحة الارض المزروعة.
2- معامل التوطّن: ويهدف الى قياس الدرجة التي تحدد نصيب وحدة مكانية معينة من النشاط الزراعي والذي يعد بدوره احد الاسس الهامة التي يمكن أن يعتمدها التخطيط الاقليمي في توزيع أي نشاط اقتصادي وتوطّنه في اقليم أو منطقة ما. ويتم قياس درجة التوطّن بالطرق التالية:
o       حساب النسبة المئوية للعاملين بالزراعة الى جملة العاملين في كل الأنشطة الاقتصادية على مستوى الدولة :       
       العاملون بالزراعة
 = ---------------------------------------------× 100
      العاملون في كل الأنشطة الاقتصادية
o       يمكن استخدام معامل التوطن في ابراز الأهمية النسبية لأي محصول زراعي بمقارنة نسبة مساحة المحصول من إجمالي المساحة المزروعة في الإقليم  :                                                                   مساحة المحصول في الاقليم
           =  -------------------------------------------------
            مساحة الأراضي الزراعية في نفس الإقليم
o       درجة استغلال الاراضي الزراعية تأخذ المعادلة التالية:
                                                        المساحة  المحصولية
                                                    = -----------------------------------
                                                            المساحة الزراعية
o       نسبة الاراضي الزراعية المنتجة نستخدم المعادلة التالية:
                                             مساحة الاراضي المحصودة
                                       =  -----------------------------------
                                            مساحة الاراضي المزروعة
o       معامل التباين.
o       معامل الارتباط.
ينبغي الاشارة الى أن تعدد مناهج الدراسة والبحث في جغرافية الزراعة نظرا لتعدد الموضوعات التي يتم تناولها سواء تمت دراستها على أساس اقليمي أو حرفي أو محصولي أو على اساس تحليل العوامل الجغرافية المؤثرة في الانتاج الزراعي يعد بدون شك عاملا مشجعا لكثير من الجغرافيين والباحثين على تحديد لمناهج الدراسة فيها وفقا لطبيعة الموضوع ذاته.

منتدى جامعة الملك فيصل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا