التسميات

الأحد، 21 سبتمبر 2014

الجغرافيا التطبيقية : ما لها وما عليها ...

الجغرافيا التطبيقية : ما لها وما عليها
أ.د. مضر خليل عمر وحدة الأبحاث المكانية – جامعة ديالى.

 المقدمة :

     أدت الحربين العالميتين الأولى والثانية في القرن الماضي إلى تغيير جذري في تركيبة العالم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية ، مما انعكس على التعليم و العلم بشكل مباشر وغير مباشر . وقد كتب الكثير عن هذا ، حيث لم يبق ميدان أو مجال حياتي لم يمسه التغيير أو يبحث ويدرس بعمق من قبل الجامعيين والباحثين من المؤسسات المعنية الأخرى . نتيجة ذلك انتقلت العلوم جميعها نقلة نوعية من حالة ركود (نسبي) إلى حركة متسارعة الخطى للأخذ بكل جديد والتنافس فيما بينها لتطوير تقنيات بحثية تساعدها في تحقيق الأهداف الإستراتيجية للعلم و الأهداف المرحلية التي حددتها لنفسها كتخصص معرفي وبهدف توسيع ميادين العمل التخصصي و مجالاته . تطلب هذا تبني تقنيات جديدة ، واستحداث أخرى تلبي المتطلبات  و الأهداف الجديدة . وباعتماد تقنيات حديثة و أهدافا جديدة فقد تغير المنظور البحثي و كذا الإطار الفكري له حيث تفتحت مجالات رحبة جديدة كانت تعد بعيدة عن الاختصاص بمنظوره التقليدي . لقد أعيد اكتشاف العالم فتشكلت علوما جديدة ، تختلف بدرجات متفاوتة عن تلك التي نشأت في رحمها .


    ولكن ، ورغم كل التطورات التي حصلت في جميع العلوم بدون استثناء ، ورغم الانتقالات النوعية والطفرات الضفدعية فقد بقيت الفيزياء فيزياء ، وعلم الاقتصاد بقي علم الاقتصاد لا اختلاف حوله ، وكذا حال معظم العلوم ، عند عامة الناس وفي نظر المختصين بها في الوقت نفسه . أما الجغرافيا فقد أثارت زوبعة من الجدل الحاد ، بين المختصين بها من جهة ، وبينهم و الآخرين من جهة ثانية . فلماذا اختلفت الجغرافيا عن سائر العلوم في هذا اللبس والغموض ؟ لماذا اختلف الجغرافيون في تعريف الجغرافيا وتحديد ماهيتها و هويتها ؟ وكيف انعكس هذا على فهم عامة الناس لذلك ؟ هذا ما أريد توضيحه في هذا المقال .

 مشكلة الجغرافيا

    معظم العلوم بدأت بقصد المعرفة المجردة علوم صرفة Pure أو أساسية Basic ، وقسما منها عد ترفا فكريا حينها لا يرغب فيها إلا الخاصة من المجتمع ، أما الجغرافيا فإنها على النقيض بدأت عامة ، تطبيقية لأنها تعنى بالبيئة التي يعيش بها الإنسان وينشط . الجميع بحاجة الى معرفة هذه البيئة (ولكن بدرجات متفاوتة) لكي ينظموا سلوكياتهم المكانية فيها ويتخذوا قراراتهم الشخصية بدراية و ثقة . فالرسوم التي اكتشفت في كهوف الإنسان القديم تؤكد ان معرفة البيئة المحيطة بالإنسان ، حيث تتوفر المياه و الحيوانات والثمار كانت هدف الجميع ، وان طريقة صيد الحيوانات الضخمة والمفترسة كان يخطط لها مسبقا واستنادا الى مرتسم مكاني منحوت على جدار الكهف ، وكذلك تنظيم ملكيات الأرض و طرائق استغلالها قد وثقت بخرائط في العهد البابلي و دول المدن . و استمر حال المعرفة الجغرافية (استيعاب كيفية انتظام الأشياء في فضاء المكان وعلاقتها ببعض لتشكل نظاما حياتيا) وسيلة مهمة وفاعلة في تنظيم الحياة اليومية للفرد وللمجتمع ، ولاتخاذ القرارات الكبرى في الانتقال والحركة والعمل  و الغزو و التوسع و التجارة ، وبدون استثناء من بدء الحضارة الإنسانية ليومنا هذا رغم تغير المذاهب الفكرية والفلسفية عبر العصور : بابلي ، فينقي ، روماني ، عصور وسطى ، حديث  و غزو الفضاء واستثمار تقنيات الاستشعار عن بعد . ولا ننس دور الإسلام وما كان ينشر حينها من منشورات و معارف تفيد الحجيج من مختلف أصقاع العالم وفي تنظيم الخراج وشئون الدولة الاقتصادية والسياسية والإدارية .

    بدأت العلوم واستمر تصنيفها ذاته دون جدال ، فالعلوم الطبيعية طبيعية لا غبار عليها ، و كذا العلوم الإنسانية و اللسانيات ، ولكن الجغرافيا هناك اختلاف بين مريديها في ضمها لصنف محدد من صنوف العلم : طبيعية أم اجتماعية أم بيئية أم مكانية . وفي الواقع ان تميزها راجع الى هذا ، فهي طبيعية لأنها تدرس الأرض التي يعيش عليها الإنسان ، و اجتماعية لأنها تدرس المجتمع البشري ، والبيئات التي شكلها تفاعل الإنسان مع الطبيعة ، وهي مكانية لأن المكان يمثل العمود الفقري لدراساتها واهتماماتها . أنها تدرس الكرة الأرضية كمكان يعيش عليه الإنسان . فالإنسان هو الهدف القريب والبعيد في الدراسات الجغرافية سواء أكانت مادة الدراسة طبيعية أم بشرية أم بيئية . أما العلوم الأخرى فقد توجهت لخدمة المجتمع بانتقالها من الحالة الصرفة الى التطبيق العملي للمعرفة والخبرة المهنية التخصصية . الجغرافيا سبقتها في المنظور والتطبيق ، ولكنها تخلفت بعض الشيء في التقنيات الذاتية و الإطار الفلسفي للبحث العلمي ، وفي الدول النامية على وجه الخصوص .  

   يستخلص من ذلك ان الجغرافيا دون سواها بدأت تطبيقية ، مجتمعية ، ترتبط بصناعة القرارات الفردية و المجتمعية كما تتعلق بالقرارات الكبرى للسلطة ، و على مختلف الأصعدة والمستويات . ولأنها مجتمعية (للعامة قبل الخاصة) فقد نظر لها كمعرفة أكثر مما هي علم ، وعلم دون سواه من العلوم لأن رجال العلوم الأخرى من المقربين للسلطات العليا كانت وما زالت بيدهم ناصية (العلم) وهم سدنته . من هنا بدأت المشكلة ، وهنا تكمن العبرات كما يقال . فالجغرافيا هي العلم الوحيد الذي طبق منذ الأزل مبدأ (العلم للحياة) ، في وقت كانت العلوم الأخرى تعتمد مبدأ (العلم للعلم) . وجاءت الضربة القاضية عندما حصر (الجغرافيون) اهتمامهم و نشاطهم بقاعات الدرس ، فأصبح (علم الجغرافيا) معرفة تعليمية متقوقعة في غرف بأربع جدران ، والمطلوب من طلبته حفظ مادته لغرض أداء الامتحان ونيل شهادة (علمية) تفيدهم في تدريس مادة الجغرافيا حصرا .

الجغرافيا التطبيقية

 مفهوم التطبيق

    بهدف توضيح مفهوم التطبيق ، من الضروري التساؤل ماذا نطبق ؟ ولماذا نطبق ؟ يطبق المرء عادة فكرة أو منهجا أو قاعدة أو قانونا ، ولكل من هذه التطبيقات أهداف معلنة وغير معلنة . في الحقل العلمي نطبق لنتحقق من صواب الفكرة أو المنهج أو لنختبر صواب فرضية ما . بمعنى ان التطبيق في صلب العلم وطبيعته ، لأن العلم مبني على افتراضات تتطلب التحقق من صوابها من عدمه ، و صوابها المتكرر زمانيا ومكانيا يوصلها الى مرحلة التعميم ، و بقياس درجة التعميم والعوامل المؤثرة تسن القواعد ، التي قد تصاغ رياضيا لاحقا لتكون قوانين . والقوانين بدورها تمثل أعمدة ترتكز عليها النظريات . والنظريات هدف العلوم جميعا . يضاف الى ذلك ، لكل فرع من فروع العلم منهجه البحثي في التقصي للوصول الى (الحقيقة المنشودة) ، والمنهج خاضع للتطبيق إضافة الى كونه سبيل من سبل الوصول الى الهدف من التقصي العلمي . بعبارة أدق ، لا علم بدون تطبيق . ولكن ، المقصود هنا تطبيق المعرفة العلمية والخبرة المهنية (التخصصية) في الحياة اليومية لتحقيق هدف عام .

    وقد صاحب ظهور مفهوم التطبيق بروز مفاهيم واتجاهات فكرية عززته و حفزت الباحثين لسلوكه كمنهج ، مثل : المعرفة المفيدة Useful Knowledge ، وفي التخطيط ساد مفهوم القيام بالمسح الميداني قبل أي إجراء Survey before action ، ومنحى بحوث موجهة لدراسة المشاكل Problem oriented research ومن ثم تبعتها بحوث لاتخاذ إجراءات Action oriented research . وجميع هذه المناحي Approaches تؤكد على أن المعرفة العلمية (على اختلاف أنواعها ومستوياتها) مصدر قوة للفرد والمجتمع ، وان على صانعي القرارات ، ومنفذيها الإفادة منها ومن الخبراء فيها . ولكن لماذا برز مفهوم التطبيق في الجغرافيا بمعناه المعروف حاليا ؟ وكيف تطور ؟  .

التطورات الحديثة في الجغرافيا
 الفترة  النوع والمدة سماتها 

الأول التطبيقية  – أواخر القرن التاسع عشر   حقل معرفي تطبيقي لمواجهة مشاكل سياسية وعسكرية ، وباهتمامات تجارية في دولة بروسيا .
 الأساسية – بداية القرن العشرين استندت على فلسفة الجمع بين الظواهر الطبيعية والبشرية ، مركزة على مفهوم الإقليم والتركيب الإقليمي .

الثانية التطبيقية – بين الحربين العالميتين تطلب الوضع السياسي والاقتصادي ان تبرهن الجغرافيا فائدتها في مجال استعمالات الأرض و التخطيط .
الأساسية – ما بعد 1945    رفض الإيديولوجيات والإقليميات وإحلال العلوم المكانية بدلا عنها ، ظهور الثورة الكمية و تخطي المنحى الشمولي ، وتكون ميادين وفروع جديدة ضمن الاختصاص العام .
 الثالثة التطبيقية – أواسط الثمانينات توسع الاهتمام بالأبحاث وفائدتها ، في الجوانب الاجتماعية – الاقتصادية – البيئية . اشتغال الجغرافيون في القطاعات الحكومية والأهلية .

   تبلور الجغرافيا التطبيقية كمنحى وليس كفرع جغرافي ، تجاوز الحدود الفاصلة بين الطبيعي والبشري والتركيز على العلاقة الجدلية بين الأبحاث الأساسية والتطبيقية ، إقرار دور الوكالات البشرية والقيم في البحث العلمي و التغيرات البيئية والحاجة الى نظرة نقية للعالم .
 الأساسية - ؟ تتسم بالمضاربات والعودة بعمق الى الفلسفة الشمولية عاكسة الاهتمام المتنامي للمسائل البيئية والمنظور التطبيقي في الجغرافيا .

 منظومة البحث في الجغرافيا التطبيقية

 المرحلة مفرداتها

 مرحلة الوصف : تحديد المشكلة و ما يتعلق بها جمع البيانات و تحديد التقنيات ، المسوحات و الاستبانة ، تحديد مجتمع الدراسة ، الإحصاءات المنشورة ، الاستشعار عن بعد .

 مرحلة التفسير : التحليل لتوفير استيعاب للحال الراهن وما سيكون عليه الحال في المستقبل تقنيات تحليلية ، تصنيف البيانات ، استكشاف العلاقات بين المتغيرات ، تحليل الأنماط ، التوقع للمستقبل و النمذجة .
مرحلة التقييم : تطوير بدائل من الإجراءات ، تقييم خصائص البدائل.

تقنيات مقارنة : اختبار درجة التوافق بين الأهداف ، تقييم خصائص البدائل المحتملة .

مرحلة وصف العلاج : تقديم مقترحات سياسية وبرامج لمتخذي القرارات تقنيات الاتصالات ، تقديم توصيات لصالح المجاميع ذات الصلة بما فيها صانعي القرارات والمهنيين والعامة ((تقنيات مجدولة ورسوم و خرائط)) .

مرحلة تضمين القرارات : منظمات وتعاونيات لتعزيز الإجراءات السياسية والبرامج تقنيات لوجستية لتسهيل عمليات السياسات والبرامج (السيطرة على التنمية ، حوافز ، تحديد مناطق القيام بفعل معين ، معارض إعلامية ، مبادرات للسلطة المحلية ، توفير خبراء للمجتمع المحلي .( 

مرحلة المراقبة : تقييم مدى نجاح أو فشل الإجراءات المتخذة .   

تقنيات إدارة المعلومات ، بنك معلومات محدث دوريا عن تأثير السياسات والبرامج وعلاقتها بالأهداف ، نظم معلومات جغرافية

 ميادين البحث في الجغرافيا التطبيقية    

 -  تشترك العلوم في تقصي : ما هو ، وما يجب ان يكون عليه استخدام الإنسان للأرض ؟.
 -  حدد Golledge & Graf عام 2002 ، عشر أسئلة تعنى الجغرافيا التطبيقية بتقصي الإجابة عنها :

1)  -  ما الذي يجعل الأماكن و المظهر الأرضي مختلفا من مكان لآخر ؟ وما أهمية ذلك ؟.
2) -   هل هناك حاجة حقيقية للإنسان ليميز الفضاءات من خلال حدود افتراضية او حقيقية ؟ (رسم حدود المناطق والأقاليم) (الإبعاد الأفقية).
 3) كيف نرسم حدود فضاء المكان ؟ (البعد العمودي للمكان) .
 4)لماذا ينتقل الناس من مكان لآخر ؟ وكذلك الموارد و الأفكار ؟ .
 5)كيف حدثت التغيرات على الأرض جراء أفعال الإنسان ونشاطاته ؟ .
 6)ما دور النظم الافتراضية في عملية التعلم عن العالم ؟ .
 7) كيف نقيس ما لا يقاس ؟ .
 8) ما دور الخبرة الجغرافية في تطور الحضارة الإنسانية ؟ وما الدور الذي يمكن ان تلعبه لتوقع المستقبل ؟ .
 9)لماذا تتغير حالة الاستدامة (و الوهن) من مكان لآخر عبر الزمن ؟ و كيف ؟ .
 10)ما هي طبيعة التفكير المكاني ؟ والتعليل المكاني ؟ و إمكانات المكان ؟ 

 - يعرض كتاب الجغرافيا التطبيقية : مبادئ و ممارسة ، المشار إليه في المصادر ، الى مجموعة من الموضوعات التي تغطي ميادين الجغرافيا التطبيقية مادة دراسية و بحثية مبوبة إلى أربع أبواب ، هي :- 

الباب الأول : المخاطر الطبيعية والبيئية ، وفيه :-
 -الدفء العالمي .
- الأمطار الحامضية.
- التطرفات المناخية.
 -الزلازل والبراكين.
 - انزلاقات الأرض و زحف التربة.
- الفيضانات.
 -تراجع السواحل وتآكلها.
 -المشكلات الطبيعية في البيئات الحضرية الباب الثاني : التغيرات البيئية وإدارتها ، وفيه :- 
- نوعية المياه و تلوثها.
 -الري .
- التصحر.
 - قطع الغابات.
 -إدامة التنوع الحيوي .
- تقييم المظهر الأرضي.
 -تقييم التأثيرات البيئية .
- إدارة الترويح الريفي .
- كثافة الزراعة الأوربية والتخفيف منها.
 -صيانة الأراضي الرطبة .
- تعارض استعمالات الأرض في الحافات الريفية – الحضرية .
- السياحة المستدامة .
- صيانة المظهر الأرضي

 الباب الثالث : تحديات البيئة البشرية ، وفيه :-
 -التحضر والارتداد عنه .
- مشاكل الحدود.
 -الفضاءات السياسية وتمثيلها في الدولة.
 -مشاكل السكن في العالم المتقدم.
 -جغرافية الفقر والحرمان.
 -العزل الاجتماعي والتمييز العنصري.
 -التباين الاجتماعي – المكاني في الصحة.
 -الجريمة والخوف منها .
- تحليل مواقع تجارة المفرد.
- النقل الحضري ومشكلات المرور.
- النقل وسهولة الوصول للريف .
 -تسويق المدن كأداة تخطيطية.
 -المساكن قليلة الكلفة في العالم الثالث.
 -نشاطات القطاعات غير النسقية في مدن العالم الثالث.
 -أمراض العصر والفقر والتهميش في العالم الثالث 

الباب الرابع : تقنيات التحليل المكاني ، وفيه :- 
- نظم المعلومات الجغرافية والاستشعار عن بعد و مشاكل التغيرات البيئية .
- علم الخرائط : من التقليدي الى الالكتروني و ما بعده.
 -مواقع بيع المفرد و التسوق و التركيب الجغرافي – الديموغرافي.
 -نظم التوقيع العالمية كأداة ميدانية عملية : تطبيقات في البيئات الجبلية.
- التجسيد الحاسوبي ونمذجة التركيب الحضري و التنمية .

 أما كتاب الجغرافيا التطبيقية لبيلي و كبسون Bailly & Gibson فقد ناقش حالات دراسية بعد ان عرض فكريا الموضوعات الآتية :- 
- إدارة الجغرافيا .
- مبادئ الجغرافيا التطبيقية وممارستها.
 -الأسس التاريخية للجغرافيا التطبيقية .
- الجغرافيا السياسية والسياسة العامة وتحليل السياسة .
- دور علم المعلومات الجغرافية في الجغرافيا التطبيقية.
 -نظرية الأساس الاقتصادي والجغرافيا التطبيقية. 
- مواقع بيع المفرد وخيارات المستهلك وسلوكه 
- الجغرافيا التطبيقية في غرب وجنوب أوربا .
- الجغرافيا التطبيقية في وسط أوربا .  
- الجغرافيا التطبيقية في أمريكا في القرن العشرين.

    لقطات معلوماتية قبل الخوض في تعريف الجغرافيا التطبيقية ، وتحديد مجالاتها ، استعرض بعجالة ابرز ما قيل عنها بتتابع تاريخي ، قد يغني هذا عن الكثير من الكلام
- في عام 1899 القى A.J. Herbertson محاضرة في ملتقى للجمعية الجغرافية في مانشستر معرفا الجغرافيا التطبيقية بأنها طريقة خاصة للنظر الى الجغرافيا
- وفي عام 1910 أشار هربرتسن الى دور الجغرافيا في رسم خرائط الأقاليم و القيم الاقتصادية
- وفي عام 1915 ربط Geddes بينها والتخطيط مؤشرا بداية ظهور مفاهيم لدراسة الأماكن والمناطق وتحديد مشاكلها .
- وفي عام 1930 قاد Daysh موجة اعتماد الأبحاث الجغرافية لمعالجة مشاكل المناطق الأكثر تضررا من الحرب ومن الأزمة الاقتصادية .  
- تبعه ارثر سمايلز في ترسيم حدود السلطات المحلية و تحديد الأقاليم الوظيفية للمدن و دور البرلمانات الإقليمية في معالجة المشكلات المحلية
- وفي عام 1946 حدد Derby هدفه من تدريس الجغرافيا بمساعدة طلبته لتعلم قراءة صحف الصباح باستيعاب عميق وفهم وتمتع لما يروه عند تجوالهم مساء وفي عطل نهاية الاسبوع .  
- وفي العام نفسه قاد Stamp المسح الميداني لاستعمالات الأرض و إمكانات استثمارها بصورة أفضل لإغراض التخطيط . ثم ألف كتابه المشهور Applied Geography الذي عرض فيه تجربته في مسح استعمالات الارض ومهد للجغرافيين ولوج باب التخطيط الحضري والإقليمي
- في عام 1964 استحدثت لجنة في الاتحاد العالمي للجغرافيين خاصة بالجغرافيا التطبيقية
- وفي عام 1972 ناقشت اللجنة مفردات مادة الجغرافيا التطبيقية التي اقر تدريسها في عدد من الجامعات . وحدد المجلس موضوعاتها بالاتي :- 
مشاكل إدارة الموارد الطبيعية في الدول النامية .
التخطيط الحضري.
التنبؤ بتأثيرات التكنولوجيا و برامج التنمية.
مشاكل توفير المياه و التلوث البيئي.
استكشاف مناهج بحثية جديدة تستخدم الحاسوب في جميع ميادين الجغرافيا التطبيقية.

- وفي السبعينات كتب فريمان كتابه عن الجغرافيا والتخطيط ، وفي الواقع انه عن الجغرافيا التطبيقية ، أو دور الجغرافيا في العملية التخطيطية
 - وفي السبعينات كانت كورسات الماجستير في الجغرافيا التطبيقية معروفة ، ومنها جامعة نيوكاسل ابون تاين ، و مواد الكورس شملت :-
- نظريات التخطيط الحضري .
- سياسات إقليمية .
 - أزمة مركز المدينة .
- مشكلات بيئية.
 - تقييم استعمالات الأرض .     
- تخطيط النقل وسياساته.
 -وفي عام 1989 حدد Hornbeck مكان الجغرافيا التطبيقية خارج قاعات الدرس لأنها معنية بمشاكل العالم الحقيقية
- وفي العام نفسه أشار Hart بأنها تركيب للمعرفة الجغرافية ومبادئها هدفها خدمة حاجات الزبون (طالب خدمة) ، عادة رجال الأعمال او الوكالات الحكومية
- وقبل ذلك بعام ذكر Sant بان الجغرافيا التطبيقية هي استخدام للمعرفة الجغرافية للمساعدة للوصول الى قرارات تتعلق بالموارد الطبيعية في العالم
- في عام 1984 وجه سؤال الى بيتر كولد عن طبيعة عمله ، فأجاب بأنه جغرافي ، وعادت السائلة فقال : وماذا يعمل الجغرافي ؟ قاده هذا السؤال الى تأليف كتاب تحت عنوان The Geographer at Work ترجم للعربية بعنوان (الجغرافي خارج قاعات التدريس) ، عرض فيه المهن التي مارسها الجغرافيون بنجاح خارج المؤسسات التعليمية مستفيدين من معرفتهم الجغرافية وخبراتهم البحثية .
ضم الكتاب (28) فصلا توزعت على ثمانية أبواب هي :- 
- الانفجار الجغرافي .
- نظريات : دقيق و واسع .
- ثلاث سيوف مزدوجة الحد .
- ثورة جغرافية في الخرائط .
- الجغرافي بين التدريس وتقديم يد المساعدة للآخرين .
-تمحيص ما نفكر به .
- الجغرافيا في المستقبل  .
- وفي عام 1998 عقدت جمعية الجغرافيين البريطانيين IBG مؤتمرها السنوي عن الجغرافيا التطبيقية
- وفي تشرين اول 2010 عقد المؤتمر السنوي (33) لمجموعة الجغرافيا التطبيقية في جمعية الجغرافيين الأمريكان AAG . 
- وفي 5 – 6 \ تشرين ثاني \ 2010 مؤتمر عالمي في زغرب عن الجغرافيا التطبيقية ، حددت موضوعاته بالاتي :- 
العلاقة بين النظرية والتطبيق في الجغرافيا.
الجغرافيا الطبيعية التطبيقية و التحليل البيئي- الجغرافي .
حماية الموارد الطبيعية وإدارتها.
إدارة المخاطر الطبيعية .
التحليل المكاني- الاجتماعي- الاقتصادي.
التخطيط المكاني و الإقليمي .
تقييم المظهر الأرضي الحضاري و حمايته .
الإدراك المكاني والهجرة : واستخداماته في الاستراتيجيات السياسية والاجتماعية والاقتصادية .
نظم المعلومات الجغرافية التطبيقية وتقنيات المعلومات الجغرافية الاخرى.
مناهج الجغرافيا والجغرافيا التطبيقية .

    لقد خدم الجغرافيون وطنهم بعلمهم المكاني في الحرب والسلم ، وكانوا فاعلين في الاثنين ، وكانوا عونا حقيقيا للقيادة السياسية – العسكرية ، والقيادة الاقتصادية – الاجتماعية . ولولا المنحى التطبيقي في الجغرافيا لما اكتشفت ميادين جديدة التي أصبحت منبرا للجغرافيين مثل تجارة المفرد ، الخدمات الطبية ، الخدمات التعليمية ، السيطرة على التنمية وتوجيهها ، التخطيط المكاني ، الإقليم والإقليمية ، التلوث والسيطرة عليه ، السياحة ، إدارة المدينة والأقاليم ، والعديد من الميادين والموضوعات التي أضحت تخصصات جغرافية دقيقة بين عشية وضحاها .

   وباعتماد المنحى التطبيقي تداخلت الجغرافيا مع العلوم الأخرى (بعد أن كانت على تماس خجول معها) وأخذت منها وأضافت إليها ، و تبنت تقنيات لم تكن تعتمدها من قبل ، وأضافت إليها سمة التطبيق المكاني الذي أوصل إلى بروز ما يعرف بالإحصاء المكاني ، والتقنيات المكانية ، والمنظور المكاني ، والتحليل المكاني ، والمنهج الجغرافي ، وغيرها .  لقد تغيرت الجغرافيا كثيرا بسلوكها المنحى التطبيقي ، لقد أصبحت شيئا جديدا آخر غير ما كانت عليه . لقد أصبحت عصرية تتماشى مع متطلبات السوق وحاجة المستهلك (المواطن) . لقد أضحت عملية واقعية يحتاجها المرء يوميا ، سواء أكان جغرافيا أم لا ، بدراية أم لا . فجميع قرارات الإنسان الشخصية و العامة ذات بعد مكاني ، وبدون هذا البعد تبقى القرارات في فراغ اللاتطبيق واللاموضوعية . تبقى خيالات تتبخر مع الدخان لا تمس ارض الواقع .

    والآن ، ما هي الجغرافيا التطبيقية ؟ إنها الجغرافيا بحقيقتها الحياتية . هي الإفادة من الجغرافية كمعرفة ، والخبرة العلمية في التعامل مع المكان لرسم خطط الاستثمار الأفضل له . إنها معنية بالمشكلات التي تواجه المجتمع البشري ، الطبيعية والبشرية . لذا فهي العين المضافة لصانعي القرارات ، وصائغي السياسات التي تحكم العالم بمختلف مستوياته .  منظورها الربط الجدلي بين عناصر البيئة الطبيعية والبيئة البشرية ، هدفها ديمومة حياة مستقرة للبشر على سطح كوكب الأرض . هي ليست فرعا من فروع شجرة الجغرافيا الوارفة الظلال . انها منهج بحثي و منظور عملي للواقع المعاش . انها رداء فضفاض تلبسه المعرفة الجغرافية و عصاة تتكئ عليها الخبرة العلمية الجغرافية عند مسيرتها في خدمة الإنسانية . إنها الجغرافيا بزيها القديم – الحديث المتجدد دوما

المصادر والمراجع:

- بيتر كولد ، 1997 ، الجغرافي خارج قاعات التدريس ، ترجمة أ.د. عبد علي الخفاف و أ.د. مضر خليل العمر ، دار الكندي ، إربد – الأردن .  

- A. Bailly & L. J. Gibson (eds.) 2004 , Applied Geography : A World Perspective , Kluwer Academic Publishers , Netherlands .

- M. Pacione (ed.), 1999 , Applied Geography : Principles and Practice , Routledge , London .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا