التسميات

السبت، 11 أكتوبر 2014

أثر الاستدامة والتنظيم الفضائي لوحدة الجيرة في البيئة السكنية ...

  أثر الاستدامة والتنظيم الفضائي لوحدة الجيرة في البيئة السكنية
مجلة الهندسة - شباط - 2012 - المجلد 18 - العدد 2        
ساجدة كاظم الكندي - مدرس مساعد
قسم الهندسة المعمارية – جامعة بغداد
مستخلص :
  تعاني الأحياء السكنية المعاصرة من ضعف الاستدامة السكنية لبيئتها العمرانية نتيجة اعتماد  تنظيم فضائي غير كفؤ للمناطق السكنية على مستوى وحدة الجيرة ،مما ولد خصائص سلبية  أثرت على تحقيق خطط التنمية المستديمة للبيئة السكنية كونها تشكل غالبية النسيج الحضري للمدن.

   لقد غلبت المعطيات المادية ضمن مفردات العصر الحاضر على المعطيات الروحية وتأثرت البيئة السكنية بتلك المعطيات المادية، فتغير مفهوم المكان في المناطق السكنية المعاصرة من خلال هيمنة الجانب المادي (الكتلة) على الجانب المعنوي (الفضاء)، واحتلت التقنية الحديثة حيزا مهما كونها إحدى السمات الأساسية للعصر.لذا فأن تحقيق الاستدامة على المستوى الحضري للبيئة السكنية يتطلب وجود تنظيم فضائي كفء يضمن ربط الفضاء الحضري للموقع مع ما يحيط به من خدمات جديدة يمكن إضافتها فضلا عن الخدمات الأساسية التي من الضروري العمل على صيانتها وإعادة تأهيلها.ان مشكلة البحث تتمثل في ان الأحياء السكنية المعاصرة تعاني من ضعف الاستدامة السكنية لبيئتها العمرانية نتيجة عدم كفاءة التنظيم الفضائي على مستوى وحدة الجيرة ،لذا يهدف البحث  الوصول إلى آليات تنظيمية فضائية على مستوى وحدة الجيرة تحقق الاستدامة في البيئة السكنية من خلال استثمار عوامل الاستدامة للبيئة السكنية التقليدية التي يمكن توظيفها في تخطيط وتصميم الأحياء السكنية الحديثة و اعتماد استراتجيات التصميم الإنساني كأداة عملية لرفع كفاءة التنظيم الفضائي لوحدة الجيرة المستدامة . وينطلق البحث من فرضية مفادها( ان التنظيم الفضائي الكفء على مستوى وحدة الجيرة السكنية ينتج بيئة عمرانية مستدامة على مستوى الأحياء السكنية الأكبر حجما). 
                                                                                                 
The Effect of Spatial  Organization on the Sustainability of the Neighborhood Unit in the Residential Environment
Abstract:
Contemporary residential neighborhoods suffer from weak sustainability of urban residential environmentas a result of the adoption of inefficient spatial organization at the neighborhood unit level. This resulted negative characteristics which affected the achievement of sustainable development plans for the residential environment that constitute the majority of the urban fabric of cities. The physical affordances ,within the vocabulary of recent times,overcame the spiritual ones and affected the residential environment. Accordingly,the concept of space changed in contemporary residential areas through the dominance of the physical aspect (mass) on the symbolic aspect (space).The modern technology occupied an important level being one of the basic features of the era. Therefore, achieving sustainability at the urban level of the residential environment requires an efficient spatial organization which ensures the linking of urban space with the surroundings, and the new services together with the basic ones that need maintenance and rehabilitation.
The weak sustainability of the  built residential environment constitutes the main research problem. This problem results from the inefficiency of space organization at the neighborhood unit level. The research aims to establish spatial organized mechanisms at the neighborhood unit level that would achieve sustainability through the investment of sustainable factors of traditional residential environment in the planning and design of modern neighborhood,as well as the adoption of human design strategies to raise the efficiency of spatial organization.The research stems for a hypothesis that states (the efficient spatial organization at the neighborhood unit level produces a sustainable urban environment at the level of larger residential neighborhood).

  1.المقدمة           
     امـتازت البيئة  السكنية في  مدننا  التقليدية باستدامتها واستباقه للنظريات الحديثة في تحقيق التكامل البيئي والاجتماعي والاقتصادي وتلبيتها للمتطلبات الإنسانية آخذة بنظر الاعتبار التلاؤم بين الجانبين المادي والروحي ،في الوقت الذي تعاني فيه اغلب المدن المعاصرة وبالأخص المناطق السكنية من قصور في تحقيق هذا التوجه،حيث أدى التطور الحتمي إلى ظهور المشاكل في البيئة السكنية مما أدى إلى اغتراب الإنسان عن بيئته، لذا من الضروري العناية بتحسين البيئة السكنية وإضفاء الاعتبارات الإنسانية على أهداف التنمية الحضرية ضمن خطة الاستدامة.إن تحقيق الاستدامة على المستوى الحضري للبيئة السكنية يتطلب وجود تنظيم فضائي كفء يضمن ربط الفضاء الحضري للموقع مع ما يحيط به،لقد تعددت المحاولات لتقصي تأثير التشتت والتباين في التنظيم الفضائي للبيئة السكنية المعاصرة ومقارنتها مع ما تم خسرانه من التنظيم الفضائي للمناطق السكنية في المدن التقليدية وتأثير ذلك على فقدان الاستدامة في البيئة السكنية المعاصرة إلا أنه لم يتم تسليط الضوء على دور التنظيم الفضائي الكفء لوحدة الجيرة في تحقيق البيئة السكنية المستدامة،لذا تضمن البحث محورين: يتناول المحور الأول مفهوم الاستدامة،أبعادها، مبادئها ومستوياتها ولا سيما المستوى الحضري لتحديد الإطار النظري الذي يحقق الاستدامة في البيئة السكنية ،بينما يتناول المحور الثاني التنظيم الفضائي للبيئة السكنية التقليدية ومقارنته مع التنظيم الفضائي للبيئة السكنية المعاصرة للوصول إلى آليات تخطيطية وتصميمية للأحياء السكنية الحديثة،مستثمرة عوامل الاستدامة في البيئة السكنية التقليدية تحقق مفهوم الاستدامة في البيئة السكنية الحديثة بإبعادها البيئية والاجتماعية والاقتصادية .                
. 1المحورالاول الاستدامة1
.1.1مفهوم الاستدامة.1
    تعرف ( الاستدامة) على أنها  مفهوم  ينطلق من نظرية  إنسانية  تدعو  إلى الاهتمام  بمستقبل الإنسان،   ومن  ثم الحفاظ  على  البيئة  التي  تعطي الاستمرارية للإنسانية بهدف  انجاز الاستدامة البيئية  والاجتماعية و  الاقتصادية و بالتالي تعزيز الحياة بالطريقة التي تسمح  للآخرين سد احتياجاتهم في الحاضر والمستقبل . (نجيل ،2008 ص-3) كما تعرف بأنها تعامل النظم الذاتية الطبيعية (الايكولوجية) والنظم التكنولوجية والاقتصادية مع خصوصية المكان في خلق نسيج حضري أو مبنى متكيف مع بيئة المحيط(خروفة،2006، ص-6). إن فكرة الاستدامة الرئيسية قائمة على الحفاظ على التوازن وإعادة التوازن فهي منهج يهدف إلى الموازنة بين التأثيرات الاقتصادية والبيئية الآن وفي المستقبل. 
   إن الاستدامة تتطلب تحقيق توازن بين عوامل البيئة والاعتبارات الاجتماعية والاقتصادية وهذا الأمر يتحقق في تطبيقات كثيرة تمثل العمارة إحدها.
(الزبيدي 2006 ،ص-2) .                       
1. 1. 2 الاستدامة وأبعادها
  تتضمن التنمية المستدامة أبعادا متعددة،تتداخل فيما بينه ويمكن للتركيز على معالجتها إحراز تقدم ملموس في تحقيق أهداف الاستدامة ويمكن الإشارة إلى ثلاثة أبعاد حاسمة متفاعلة هي:             
·          
   .البعد البيئي والذي يهتم بتحقيق التوازن الايكولوجي والحفاظ على البيئة سواء الطبيعية منها أو المشيدة .  
·           البعد الاجتماعي والذي يهتم بتحقيق التمكين  الاجتماعي والاستقرارية لمختلف المجتمعات الإنسانية.   
                        ·     البعد الاقتصادي والذي يهتم بتحقيق التطور الاقتصادي وزيادة الإنتاجية وتحقيق  كفاءة الأداء الاقتصادي (الزبيدي ،2006، ص31 - 30 ) .
              
    ولتحديد هذه الأبعاد ضمن المفهوم التكاملي للاستدامة ظهر ما يسمى الخط الثلاثي الأساس(-T.B.L Triple Bottomline ) .  واستخدام هذا المصطلح لأول مرة "جونايكليجتون "(  John Elkington.وهو اقتصادي متخصص في البيئة،حيث تمكن من خلال هذا المصطلح من بلورة وجهة النظر التي تؤكد :"إننا لا يمكن أن نحقق استدامة بيئية أو اجتماعية أو اقتصادية بشكل منفصل،بل لابد من اخذ الأبعاد الثلاثة بنظر الاعتبار في وقت واحد لتحسين نوعية البيئة والنمو الاقتصادي مع تحقيق العدالة الاجتماعية.  
(p.75 , 1999Elkington) .
3.الاستدامة ومبادئها.1.1
  تمثل مبادئ الاستدامة الأسس الجوهرية التي تستند عليها العمارة المستدامة والتي تندرج تحت مسمياتها الرئيسية جميع التفاصيل والمجالات والتعريفات التي تتناول العمارة المستدامة .يهدف الإطار النظري لمبادئ الاستدامة إلى مساعدة المصممين للبحث عن حلول أكثر منها تزويدهم بمجموعة من الحلول الجاهزة ذلك لأن كل مشكلة تتطلب حلولا تصميمية خاصة بها نابعة من تنوع الظروف البيئية والحضارية التي تؤثر على كل مبنى تبعا لاختلاف الموقع والمناخ والمجتمع ،آخذين بنظر الاعتبار المبادئ الأساسية للاستدامة وهي.
(الزبيدي-2006- ص-79).:                                        
 أولا: مبدأ ترشيد الموارد والذي يعني بتقليل استهلاك الموارد وإعادة الاستخدام وتدوير الموارد الطبيعية الى مدخلات موارد المسكن والتي تدخل في عملية البناء .   
ثانيا:مبدأ التصميم وفق دورة حياة المبنى الذي يوفر منهجية لتحليل عملية البناء وتأثيرها على البيئة .        
ثالثا:مبدأ التصميم الإنساني والذي يركز على تحقيق بيئة مريحة صحية للإنسان من خلال تبادل التأثير بين الإنسان والبيئة الطبيعية.                                 
1.1. 4 . الاستدامة ومستويتها في العمارة
  تعددت مستويات الاستدامة في العمارة شأنها شأن بقية المجالات التنموية الأخرى،وتشير الدراسات إلى إمكانية تقسيم نظام الاستدامة في مجال العمل المعماري إلى مستويين هي.(نجيل -2008).:                            
أولا: المستوى الحضري:- الذي يتعامل مع المقياس الخاص به من خلال جوانب البيئة الفيزياوية والطبيعية إلى جانب خدمات البنى التحتية.                         
ثانيا:مستوى المبنى المنفرد.  هنا يرى Liddle   إن عملية بناء البيئة وتحقيق صيغ الاستدامة ذات صلة مباشرة بالمصمم الحضري وبمخطط المدن ،و أن تكامل العمل مابين المستويين سينتج بيئة مصممة ومتكاملة عبر مستوياتها المتدرجة من مقياس المدينة إلى الوحدة الحضرية (وحدة الجيرة)،وصولا إلى المبنى وفضاءاته المختلفة.
    ويتحدد اهتمام البحث الحالي بالاستدامة على المستوى الحضري، فالتوقعات المستقبلية لنسب النمو السكاني تضع التحدي الحضري في مقدمة المشاكل التي نواجه الدول النامية فيعين عليها زيادة قدرتها على إنتاج وإدارة قواعدها الحضارية من الهياكل الارتكازية والخدمات والسكن في ظل ظروف صعبة مع تناقص الموارد مقارنة بالحاجات .                                             
5.1.1.الاستدامة الحضرية والتصميم المستدام  
   إن الاحتياجات الوظيفية للمدن والتجمعات الحضرية  تتغير غالبا بمرور الزمن مع تغير السكان وتطور المجتمع , لذا فان من المهم في إي خطة تنمية بعيدة المدى مراعاة مشكلة تغير استخدام الفضاء وما يرافقها من اعتبارات والحل الأمثل لهذا الأمر يظهر من خلال التعامل مع الفضاءات ذات الاستخدام المتعدد التي تمتلك خصائص فضائية ومرونة عالية تؤهلها لاستيعاب مثل تلك المتغيرات لتحقيق التوافق المستمر للاحتياجات المتغيرة ونظم العمران مع متطلبات الأجيال القادمة في مواجهة احتياجاتهم. وهذا ما تهدف إليه التنمية الحضرية .(خروفة– 2006، ص-51)   كما إن المظاهر الوظيفية التي تحملها الفضاءات ضمن المنظومة الحضرية تتأثر بشكل مباشر بمستوى التنظيم الفضائي للمنظومة من حيث العلاقات الفضائية موضعياً وشمولياً، وإن من الأمور المهمة في تطبيق الاستدامة الحضرية الحفاظ على فاعلية عالية للفضاء ضمن المنظومة بحيث يكتسب الفضاء درجة عالية من المرونة تؤهله لتقبل أنماط مختلفة من صيغ الاستعمالات يتواكب من خلالها مع المحيط لخلق  بيئة حضرية مستدامة وهذا ما ذهب إليه (بورتنBarton-)-2000,p7عندما حدد مبادئ التصميم الحضري المستدام وهي:                                                  
·    زيادة الاكتفاء الذاتي.
·   تصميم وحدة الجيرة.
·  تلبية احتياجات الإنسان وتحقيق الأهداف الاجتماعية والبيئية .
· التصميم والتنظيم الفضائي الحضري المتحور حول الطاقة الفاعلة وتخطيط شبكة النقل والموصلات .
·  التنظيم الفضائي لشبكة السابلة الفضاءات المفتوحة  .
· تخطيط (شارع المستقبل) كفضاء عام حيث يمثل الاجتماعي للحي.
·   استراتيجيات المركز استخدام الطاقة والمواد.
كما ويحدد (Barton) أسس التنظيم الفضائي الحضري المستخدم بثلاث عناصر رئيسية تؤثر في تركيب أي نسيج حضري وهي:                           
·    إمكانية الوصول
accessibility
·         التقارب
  proimity
·         اندماج الوظائف
functiona mix            
 ولتحقيق التنظيم الفضائي على مستوى الاستدامة الحضرية يجب دراسة المصفوفة الحضرية لكي تتوافق مع الاحتياجات المحلية والثقافية والاجتماعية التي يحدده - Williams  كالآتي:
1) تحقيق فضاءات  حضرية متعددة للتفاعلات الإنسانية والاجتماعية وإعطاء الحيوية لوحدة الجيرة.
2)  تحقيق الارتباط والإحساس بالمكان من خلال تصميم الفضاءات .
3) التكامل مع الأنشطة وفي استعمالات الأراضي مما ينمي العائد الاجتماعي والاقتصادي والبيئي.           
4) التكامل في طرق السابلة (المشاة) .                   
5) التركيز على النقل العام مع الأخذ بنظر الاعتبار النقل الخاص .
6) التمازج والتكامل بين القيم والمبادئ التقليدية والاحتياجات المعاصرة.
7) تحقيق أهداف الاستدامة وجعلها السياسة الأمثل  المستقبلية للحياة.
(0,p8,200,Williams&Barton.)
1.1. 6 الاستدامة في البيئة السكنية
     تؤثر الخصائص الايجابية  أو السلبية للبيئة السكنية بشكل واضح على تحقيق خطط التنمية المستديمة كونها تشكل غالبية النسيج الحضري للمدن .ومن هذا المنطلق يجب العناية بتحسين البيئة السكينة خصوصا التي تتبع التنظيم الفضائي ذو النمط الشبكي الذي يعاني من نقص الفضاءات العامة والثانوية والمساحات الخضراء في التجمعات السكنية مما يقلل من حركة المشاة ويجعل تواجد السكان في الفضاءات العامة والمشتركة نادراً ,مما يؤدي إلى ضعف العلاقات الاجتماعية بين السكان ويقلل من المساحات الخضراء التي تساعد على تلطيف المناخ وتقليل تلوث الهواء.
(نجيل-2008)
   كما ينتج عن تغيير استعمال الارض من السكني إلى التجاري أو الاداري عدم الاستفادة من البنى التحتية  ومن عناصر المرافق والخدمات الأخرى لصالح السكان كما يدفع بالمدن إلى التوسع والتمدد من خلال الاستمرار في إنشاء تجمعات سكنية جديدة على الأطراف بتكاليف ناهضة لتوفير الخدمات والمرافق وايصال البنية التحتية والتوسع في نظام النقل مما يؤدي إلى زيادة استنزاف الموارد الأولية واستهلاك الموارد واستخدام الوقود وتلوث البيئة السكنية.  وهذا ما حددته مشكلة البحث في إن الأحياء السكنية المعاصرة تعاني من ضعف الاستدامة السكنية لبيئتها العمرانية نتيجة عدم كفاءة التنظيم الفضائي للمناطق السكنية على مستوى وحدة الجيرة  .
(الزبيدي-2006،ص-202).                                                   
6.1.1.1.  تحقيق الاستدامة في البيئة السكنية
1- التصميم الإنساني: هو المبدأ الثالث من مبادئ العمارة المستدامة(المشار إليه في الفقرة3.1.1) وهو الأكثر أهمية بالنسبة للتصميم المستدام بينما يتعامل كل من مبدأ ترشيد الموارد والتصميم وفق دورة حياة المبنى مع كفاءة الأداء البيئي للمبنى والحفاظ على الموارد على مدى دورة حياة المبنى والمواد.ينبع مبدأ التصميم الإنساني من أحد أهداف الاستدامة لاحترام حياة ووجود الكائنات الحية التي تحيى في نفس البيئة. أن التعمق في فهم مبدأ التصميم الإنساني يؤكد أنه يتداخل بعمق مع الحاجة للحفاظ على عناصر سلسلة النظام الايكولوجي(البيئي) الذي يمنح الإنسان القدرة على البقاء.
استراتيجيات التصميم الإنساني:  
  تهدف استراتيجيات التصميم الانساني إلى تعزيز تبادل الوجود بين العمارة والبيئة من جهة وشاغليها من جهة أخرى. يتضمن التصميم الإنساني ثلاث إستراتيجيات كل واحدة تتعامل مع أحد المجالات ذات العلاقة المباشرة بالإنسان الشاغل للمبنى المستدام، الذي يوفر بيئة داخلية ثانوية للإنسان فزيائيا ونفسيا وهي كالآتي:

(Baker&Steemer,2000,  0p4-)  :-                          
أولا:- الحفاظ على الظروف الطبيعية:- تهدف هذه الإستراتيجية إلى تقليل تأثير البيئة ضمن نظامها المحلي الايكولوجي.                                         . 
ثانيا:- راحة الإنسان:- من أهم مبادئ المبنى المستدام توفير بيئة مريحة للإنسان حيث لابد للتصميم من أن يفرز البيئة الملائمة للعيش والعمل مما يؤدي إلى رفع الكفاءة الأدائية ويقلل الضغوط.                          
ثالثا:- التصميم الحضري وتخطيط الموقع:- هدف إستراتيجية التصميم الحضري وتخطيط الموقع تحقيق اكبر استفادة من الموارد الطبيعية في الموقع كمصادر الطاقة المتجددة (الطاقة الشمسية- الرياح) ومكونات الموقع ( التضاريس الجغرافية للموقع – التكوين الايكولوجي – التربة – الماء – النباتات) في تصميم المبنى وتسقيط الكتلة مع الحفاظ على النظام الايكولوجي للموقع على مدى دورة حياة المبنى.
    إن الوسائل المرتبطة بإستراتيجية التصميم الحضري وتخطيط الموقع تحقق الاستدامة على نطاق أوسع من التصميم المستدام للمبنى أو السكن بشكل منفصل حيث يمكن لوحدة الجيرة والتجمعات السكنية والأقاليم الجغرافية الاستفادة من التنظيم الفضائي المخطط بانتظام من تقليل الحاجة للطاقة والمياه لتوفير بيئة سكنية وحضرية خالية من التلوث ومتوافقة مع الطبيعة من خلال:                         
1-النقل والمواصلات العامة:  إن تخطيط المدن أو وحدة الجيرة التي تتوافق مع البيئة يجبأن لا تتمحور تخطيطيا حول المواصلات الخاصة بل حول مبدأ المواصلات العامة وممرات المشاة وعدم التوجه نحو التخطيط الحضري الممتد لتشجيع إعادة تطوير الموقع الموجود أصلا وإعادة استخدام الأبنية المشيدة وإعادة تأهيلها لتلائم مع استخدامات جديدة وبشكل يسمح بتكامل نظم المواصلات العامة مع نظم حركة النقل الموجودة في التجمع السكني .
    فالعمارة المستدامة على مستوى التصميم الحضري لابد أن تصمم استناداً إلى مبدأ تشجيع استخدام المواصلات العامة عوضاً عن آلاف وسائل النقل الخاصة حيث أن زيادة الاعتماد على المواصلات الخاصة يؤدي إلى امتداد التجمعات الحضرية على حساب الفضاءات والمساحات الخضراء لإنشاء الطرق ومواقف السيارات مما يؤدي إلى زيادة التلوث الهواء واستنزاف الطاقة اللاحفورية  غير المتجددة (نفس المصدر السابق).                                                  
2- التطوير المتعدد الاستخدام: 
   تدعو التوجيهات الحديثة للتطوير المستدام للتجمعات السكنية إلى تطوير متعدد الاستعمال الذي يشجع على التداخل ما بين الفضاءات السكنية التجارية والإدارية والترفيهية مما يمنح الإنسان فرصة خيار السكن بالقرب من أماكن عملهم وتسوقهم مما يضفي إحساسا متزايداً بوحدة الجيرة والانتماء للمجتمع أكثر من الضواحي الاعتيادية كما أنها تخلق فعاليات لمدة أربع وعشرون ساعة .          
إن تطوير المناطق السكنية لابد أن ياخذ بنظر الاعتبار التجانس الاجتماعي كفرص العمل ,نوعية ومستوى المدارس, الخدمات الضرورية التسوق والأنشطة التجارية والأنشطة التجارية, الفعاليات الترفيهية, وكيفية الوصول إلى العمل والتي بمجملها تشكل مجتمعات مستدامة ذات اكتفاء ذاتي مما يقلل الحاجة إلى استخدام المواصلات وبالتالي التقليل من استهلاك الوقود والتلوث البيئي .
Kim&Rigdon,1998A,p.27.

3- اعتماد حركة المشاة (السابلة):
   التصميم المستدام للتجمعات السكنية بهدف إلى احترام المعايير الإنسانية والحفاظ على البيئة عند التصميم لذا لا بد من اعتماد فكرة التصميم على حركة المشاة بالدرجة الأولى ثم وسائط المواصلات الصديقة للبيئة ثم تأتي المواصلات العامة مثل الحافلات القطارات الكهربائية والسريعة والمترو أما السيارة الخاصة فتاتي الأخيرة في البيئة السكنية المستدامة التي تسعى إلى تحقيق المبادئ التالية:- كثافة سكانية عالية واستخدام متعدد للفضاءات.           
1. استغلال الفضاءات المفتوحة (الشوارع –  الحدائق –  التقاطعات )  .   
2. التكامل بين استخدام الأرض وتخطيط النقل.
  لذا فأن التوجيهات الحديثة للسكن المستدام تدعو لتبني مفهوم وحدة الجيرة المستدامة وهي تجمع سكني يعتمد في تشكيله على أبعاد الاستدامة بيئيا واجتماعيا واقتصاديا وذلك لإقامة بيئة سكنية مستدامة والتي تأخذ بنظر الاعتبار , فرص العمل ,نوعية ومستوى المدارس ,الخدمات الضرورية, التسوق , والأنشطة التجارية , الفعاليات الترفيهية وكيفية الوصول إلى أماكن العمل والتي بمجملها تشكل مجتمعات سكنية مستدامة ذات اكتفاء ذاتي.(الزبيدي-2006،ص-142 )                          
مفهوم وحدة الجيرة:-  -2
  أو المجاورة السكنية وهي نظرية أو فكرة تخطيطية تهدف إلى خلق بيئة سكنية أو صحية بمرافقها العامة وخدماتها الضرورية. وهي ليست اتجاها تخطيطا حديثا ولكنها فكرة ظهرت مع قيام الثورة الصناعية في نهاية القرن الثامن عشر وبداية التاسع عشر. وحدة الجيرة أو المجاورة السكنية منذ بدايتها وخلال مراحل تطورها اعتمدت نظريا على خلق بيئة عمرانية سليمة ذات حيز فضائي محدد وارتباط اجتماعي قوي بدون أي تفاوت أو تمييز بين قاطنيها .
    ويعتبر مركز الخدمات من العوامل التي ساعدت على تحقيق أهدافها من خلال تقوية التفاعل الاجتماعي بين ساكنين. ولقد ساعدت متقرحات تحديد مسافات السير أو الوصول بالنسبة للخدمات على تحقيق الترابط بين السكان مما أدى نجاح فكرة المجاورة في ذلك الوقت . أما التكوين العمراني للمجاورة فهو عبارة عن حيز واضح المعالم تتحد شخصيته من خلال الحدود الخارجية وتناسق التكوين العمراني الداخلي الذي يتمثل في المناطق السكنية وخدمات المجاورة.
(الجابري -1986،ص،201).   
الطروحات النظرية حول وحدة الجيرة:-
 وحدة الجيرة ظهرت كفكرة مع قيام الثورة الصناعية في نهاية القرن الثامن عشر وبداية التاسع عشر . وفي تلك المرحلة تحول العمل اليدوي إلى عمل ميكانيكي وتحولت الورش الصغيرة إلى مصانع كبيرة جذبت العمال التي استوطنت بالقرب من مناطق العمل وما صاحب ذلك من زيادة سكانية عالية قامت ثورة اجتماعية تنادي بحياة كريمة وبيئة سكنية صحية ملائمة لتلك العمالة. تم تخطيط العديد من المدن الصناعية التي اعتمد تخطيطها على فكرة وحدة الجيرة، تتكون غالبا من منطقة سكن ومنطقة للخدمات ومركز للمجاورة ونتيجة لقرب مكان العمل من السكن وارتباط السكن  بمنطقة الخدمات فقد أدت المجاورة السكنية في ذلك الحين دورها بنجاح.
(الاحبابي -2010،ص-164) . 
 ففي عام 1923  اقترح رائد التخطيط الأمريكي بيريPerry فكرة وحدة الجيرة أو المجاورة السكنية التي يحدها من الخارج شوارع  رئيسية وبالداخل شبكة شوارع فرعية توفر الهدوء والأمان وعدد سكان المجاورة (5000نسمة).                
  بعد الحرب العالمية الأولى نادى رواد التخطيط كلارنس ستين وهنري رايت بفكرة البلوك الكبير (حيث يشمل البلوك مجاورة سكنية كاملة) والبلوك عبارة عن مستطيل من الأرض تحيط بها الشوارع من جميع الجهات وطبقت هذه الفكرة عام 1927 في  أحد المشاريع في أمريكا  .                                  
  كما قام رجال الاجتماع بعمل دراسات متكاملة عن وحدة الجيرة التي هي من وجهة نظرهم  الوحدة الاجتماعية والتخطيطية الأساسية التي يتكون منها المجتمع الكبير واقترحوا أن يكون حجم هذه الوحدة ليس بالكبير إلى الدرجة التي تتحطم عندها الاتصالات والعلاقات الشخصية ولا بالصغيرة للدرجة التي تفشل معها الوحدة في تحقيق التنوع والاختلاف وأن تضم هذه الوحدة كل طبقات المجتمع بدون أي تميز أو تفاوت واعتبر رجال الاجتماع أن ما بين ( 5 – 10 آلاف  نسمة)حجم مناسب لوحدة الجيرة.                         
   وفي عام 1977 وضع المؤتمر العالمي لخبراء التخطيط والعمارة والإسكان في فرانكفورت تعبير مرادف لوحدة الجيرة ألا وهو (حيز خاص بالمشاة) يتراوح نصف قطره (400 – 500م) وفي نطاقه يمكن الحصول على الخدمات اليومية ووضعت معايير لهذا المستوى وفقا لتوصيات المؤتمر :-                      
- حجم الأسرة يتراوح بين (600- 200 أسرة) إي (3000-8000 نسمة).  
- توفير الخدمات اللازمة في الحيز ( مدرسة – دار عبادة – سوق تجاري).   
-أن يكون لهذا النطاق شخصية في إطار الحي السكني الأكبر.                    أن يحدث تنظيم فضائي بين هذه المنطقة والنسيج  العمراني للحي السكني .            وفي مرحلة البحث عن  نظرية للتحضر الجديد newurbanism( الأمة الأمريكية-العودة للذات) التي ظهرت في الربع الأخير من القرن العشرين وتتفاعل حتى الآن مع ما خلقته المرحلة السابقة من أمراض وتحديات ومشكلات اجتماعية واقتصادية وبيئية وثقافية وسياسية . وكان (Mumford أحد الملهمين للعمران الجديد الذي لخص منتصف القرن العشرين منهج التنمية في أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية بأنها التنمية ضد العمران. ظهرت حركة العمران الجديد كرد فعل على التفلطح والتمدد، يقودها مجموعة من المعماريين والمخططين والمطورين , يؤمنون بقوة وقدرة المجاورة السكنية التقليدية على استعادة المجتمعات الوظيفية والمستدامة التي تعمل لإقامة مجتمعات للمشاة بمقياس إنساني ومدخل العمرانيين الجدد متعددة لتحقيق أهدافهم .(الاحبابي-2010،ص-143 ) .
   أما استراتيجيات حركة العمران الجديد فتمثل اتجاه قوي يطالب بالعودة إلى استخدام مرتكزات نظرية وحدة الجيرة في التصميم والتخطيط العمراني ،أخذت شعبيتها تظهر بقوة خلال الثمانينات وأوائل التسعينات من القرن العشرين. وتهدف إلى إعادة تشكيل كل عناصر ومقومات التنمية العمرانية المستدامة والتخطيط العمراني سواء إعادة ترتيب المدينة من الداخل أو المساحات في الضواحي وتعتمد على الاستراتيجيات التالية:-         
- العودة إلى مفهوم ونظرية وحدة الجيرة عند تصميم وتخطيط المناطق السكنية بالمدن كبديل للتخطيط الشبكي المكرر.  
- التركيز على حركة المشاة في تصميم وتخطيط  وحدة الجيرة .                      - أن تصمم المجاورة مجموعة متنوعة ومتوازنة من المساكن والأعمال لسكانها وليس من خارجها.          
- تنوع أنماط الإسكان بالمجاورة لتضم مجموعة من المساكن بدلا من نموذج الفيلات فقط الذي يصعب الحصول عليه لارتفاع تكلفته وامتلاك سيارة أو أكثر لخدمة الأسرة للوصول إلى العمل والمدرسة والسوق والترفيه. 
- العودة للاستعمالات المختلطة للأراضي في الوظائف والأنشطة في المناطق السكنية في المدينة بدلا من فصل استعمالات الأرض.
(نفس المصدر السابق ص- 144)  .
  مما تقدم يمكن القول إن استراتيجيات العمرانيين الجدد تتطابق مع مبادئ التصميم المستدام ولاسيما مبدأ التصميم الإنساني،و هي حركة تستلهم مفاهيم التصميم الحضري عبر التاريخ ولكنها لا تهدف إلى تكرار المجتمعات القديمة بل تمزج القديم والحديث وهذا أبرز خصائصها ، وبهذا تقدم عملا ً متوازياً من خلال المحافظة على تكامل وحدة جيرة بمقياس إنساني للمشاة, بينما تقدم منتجاً سكنيا وتجارياً حديثا.         ومن خلال استعراض جميع النظريات التي تناولت وحدة الجيرة نجدها جميعا تتمحور حول تنظيمها الفضائي المتدرج مع نمط وحجم الفعالية داخل المنطقة السكنية لتقليل الجهد المبذول وتحقيق بيئة سكنية ذات اكتفاء ذاتي ملبية للمتطلبات الصحية والاجتماعية التي تحتاجها مناطقنا السكنية المعاصرة.                    .
وحدة الجيرة المعاصرة:-  ظلت وحدة الجيرة منذ نشأتها محتفظة بخصائصها ومكوناتها العمرانية كما حققت لفترات طويلة الأهداف التي صممت لها ، ولكن مع التطور السريع في الظروف الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية لم تعد أهداف قرب المسكن من أماكن العمل وتوفير الخدمات في مركز المجاورة وتحديد مسافة السير هي العناصر الحاكمة في تخطيط المناطق السكنية. فالمناطق التي صممت على فكرة وحدة الجيرة حدث لها تغير كبير في استعمالات الأرض، حيث هجرت مراكز المجاورات وأخذت الخدمات التجارية ذات الشكل الشريطي الممتد ولم يعد عنصر الزمن ومساحة الوصول من العناصر الحاكمة في تحديد أماكن الخدمات بسبب ظهور السيارة .(زينب-2009)                           
    ومن الضروري هنا طرح السؤال التالي : هل تلائم المجاورة السكنية كوحدة تخطيطية بفكرها التقليدي ظروف ومتطلبات المجتمع الحالي؟.
   إن الإجابة على هذا السؤال يتطلب التعرف على وحدة الجيرة التقليدية وتنظيمها الفضائي و مقارنته بالتنظيم الفضائي لوحدة الجيرة المعاصرة لاختيار أثر التنظيم الفضائي في تحقق مبدأ وحدة الجيرة المستدامة.                            
. المحور الثاني التنظيم الفضائي2
.1.2 التنظيم الفضائي على مستوى المدينة التقليدية:
   تقسم المدينة الإسلامية إلى مجموعة فضاءات متباينة , وهي تعكس وسائل التعبير الاجتماعي ,وتكون هوية المجتمع وهذه الفضاءات هي نتاج اجتماعي وانعكاس لكثير من الظواهر الاجتماعية والبيئية والحاجات اليومية التي يحتاجها سكان هذه المدن (إي أنه فضاء وظيفي ). فحاجات العائلة تقتضي وجود المسكن واحتواءه على العناصر الضرورية قصد توفير الراحة النفسية لمستعمليه والحاجة إلى المرور تقتضي  وجود الأزقة والطرقات ،والحاجة إلى وجود أسواق .(الاحبابي-2010- ص-116). لهذا نجد المدن التقليدية (الإسلامية ) قسمت القبائل العربية على شكل خطط كل قبيلة في خطة واحدة .وتركت لها حرية تقسيم الأراضي بينها تبعا لظروفها إمكانياتها في التعمير والإنشاء.                          
   يمثل التنظيم الفضائي ذو النمط العضوي نموذج معظم المدن التقليدية ذات النمو المتسلسل والمتطور طبيعياً مع احتياجات المجتمع بشكل تراكمي الذي يشترك ويتناغم مع أغلبية الأنظمة في تحقق فكرة التضام لأنه يمتلك خواص الايكولوجي والتنوع في مكوناته ويحافظ على التنظيم الفضائي الشمولي للمدينة وذلك بالمحافظة على الفضاءات المفتوحة ضمن المناطق الحضرية والحزام الأخضر حول المدينة .      
   فالتنظيم الفضائي العضوي غير الهندسي ينتظم حول الشوارع والأزقة في تنظيم عضوي متجانس بعيد عن الانتظام الهندسي ذي الخطوط المستقيمة والزوايا الحادة التقاطع ( كما هو الحال في الحال في المناطق السكنية المعاصرة ) ذات التنظيم الفضائي ذو النمط الشبكي . إن التضام لم يكن صدفة بل هو نتاج الظروف المناخية والدينية والاجتماعية.(السواط -2004- ص-6) .              
   يتميز التنظيم الفضائي للمدينة العضوية بالشوارع والمماشي الملتوية , ووحدات الجيرة والأفنية الواسعة نسبيا والمكشوفة والحدائق الداخلية تعمل كخزانات للهواء النقي المعتدل البرودة. لقد أثرت الظروف المناخية في تكوين التنظيم الفضائي العضوي للمدينة وذلك لحماية السابلة من حرارة الشمس وتوفير الظل المطلوب عير استخدام الشوارع الضيقة التي تنتهي بمحاذاة نهايات مغلقة والبروزات الأفقية.كما ساعدت الفضاءات الحضرية ضمن نسيج المدينة على خلق تحرك هوائي منها إلى الأزقة الملاصقة، مما أعطى التنظيم الفضائي ايجابيات مناخية شكل (1).    
   وبذلك تعتبر المدينة العربية بنسيجها التقليدي المتضام أفضل مثال على تطبيق مفهوم الاستدامة على مستوى المدينة ككل فالتنظيم الفضائي لها ومعالجات مسارات الحركة من حيث ( العرض – الطول – الشكل – التوجيه) تعتبر الاتجاه الذي يمثل المرحلة الأساسية للتكيف مع البيئة, فالتنظيم الفضائي ذو النمط المنضام ساعد على تلطيف مؤثرات المناخ القاسية والتخفيف من آثارها خاصة درجة الحرارة العالية والإشعاع الشمسي والرياح المتربة والحارة وبالتالي التخفيف من إجمالي الحمل الحراري المؤثر على واجهات الأبنية خاصة الوحدات السكنية .
(فتحي -1988- ص-73)  .              
     تعاملت العمارة التقليدية مع وحدة الجيرة كونها جزءاً من النسيج الحضري للمدينة ككل , فالتنظيم الفضائي للمدينة بشكل عضوي متضام من الكتل البنائية والمحلات السكنية التي تترابط فيما بينها بالشوارع ومسارات الحركة المتدرجة في الطول والعرض تبعا لاهميتها والمنطقة التي تؤدي إليها ودرجة خصوصيتها سواء كانت فضاءات عامة أو وحدات سكنية .فالتكيف مع البيئة المحيطة يبدأ على مستوى المدينة معتمدا التدرج بمستوى الخصوصية للموقع وفضاءاته وطبيعة البناء.أنظر الشكل(2).    
  1.1.2 التنظيم الفضائي على مستوى وحدة الجيرة  التقليدية
  تتكون المحلات السكنية من مجموعة وحدات سكنية ذات فناء وسطي متجمعة بتنظيم فضائي عضوي متشابك وتحصر بينها الشوارع ومسارات الحركة التي كانت ضيقة ومتعرجة ومحاطة بجدران شبه مصمته ومظلله والتي كانت من الأفنية الوسطية للمسكن تعمل كمنظم حراري للمحلة السكنية وللمدينة ككل لم يكن المسكن التقليدي منفردأ أو متميزا شامخا لوحده بل تجاورت مساكن الأغنياء والفقراء ضمن وحدة الجيرة دون تمايز طبقي أو اجتماعي سواء في تسقيط الوحدة السكنية او معالجتها الخارجية التميز بين مساكن الأغنياء والفقراء عبر اختلاف إحجام المساكن ومساحاتها وعدد أفنيتها مما أثر على التنظيم الفضائي فأضاف بعض الايجابيات في الأداء البيئي ضمن التصميم العام للنسيج الحضري من خلال تكوين فضاءات مختلفة في الضغط والتخلخل الهوائي ساعد على حدوث تحرك هوائي طبيعي ما بين أجزاء النسيج الحضري وفي داخل المسكن ما بين فضاءات المسكن المتعددة . المساواة بين أفراد المجتمع هي أحد أبعاد الاستدامة الاجتماعية التي تسعى لتحقيق العدالة والتمكن والتواصل الاجتماعي بين أفراد المجتمع أنظر الشكل(3).
 (الاحبابي -2010- ص-117 )                    
  يعتبر مفهوم وحدة الجيرة من أهم المفاهيم التي استند عليها تخطيط المدينة العربية وذلك تيمنا بأهمية الجار في الإسلام وضرورة الإحسان إليه.     
      وتمثل وحدة الجيرة أهم التوجهات الحديثة للمسكن المستدام التي تسعى إلى تحقيق أبعاد الاستدامة البيئية ،الاجتماعية، والاقتصادية لبناء مجتمعات مستدامة ذات اكتفاء ذاتي، وهو المبدأ الذي اعتمد عليه التنظيم الفضائي للمدينة العربية .
شكل  (3)والشكل(4)  .
    هناك العديد من المبادئ الأساسية التي استندت عليها العمارة التقليدية المتضمنة لمفهوم الاستدامة, والتي يمكن مع بعض التعديل والتحوير والتطوير أن تكون مؤشرات دالة لتصميم العمارة المستدامة المعاصرة فالتخطيط المعاصر والتنظيم الفضائي المنفصل نتيجة حركة السيارة، نتج عنه أجزاء تمتاز بالرتابة وتكرار النمط وفقدان الشعور بالمجتمع المحيط مما أنتج بيئة سكنية ذات مقياس كبير لا تشجيع الفعاليات الإنسانية والاجتماعية، إن تخطيط وتصميم الحضري لفضاءات وحدة الجيرة يعمل على حماية وترسيخ العلاقات الاجتماعية والقيم الثقافية فضلا عن الأبعاد البيئية والاقتصادية إذن التنظيم الفضائي العضوي المتضام لوحدة الجيرة يوفر فضاءات عامة وأخرى خاصة معرفة وواضحة ومحترمة, وكذلك تلبية شروط الحماية البيئية تبعا لحاجات الإنسان الاجتماعية والاقتصادية.(زينب -2009).
    ومن تحليل الرؤى السابقة يتضح للبحث العلاقة التبادلية الفاعلة للمسكن التقليدي مع البيئة المحيطة على وفق مفهوم الاستدامة, وتكامل منظوماتها البيئية والاقتصادية والاجتماعية . وكذلك مدى تجاوب التنظيم الفضائي للعمارة التقليدية مع البيئة المحلية . فالعمارة التقليدية ما تزال تحمل في طياتها مكامن الديمومة في الوقت الحاضر كما كانت منذ مئات السنين.             
    بالمقابل تواجه العمارة المعاصرة تحديات كثيرة لتثبت أنها قادرة على استيعاب متطلبات التنمية المستدامة , لذا فعلى العمارة المعاصرة إعادة استكشاف متطلبات العمارة التقليدية واختيار ما هو ملائم منها للبيئة المحلية ومزج هذه المبادئ مع التقنيات الحديثة واستخدامها في عمارتنا المعاصرة. 
2.1.2 التنظيم الفضائي لوحدة الجيرة المعاصرة ( النموذج الشبكي)
    يفترض عند إمعان النظر في التنظيم الفضائي لوحدة الجيرة المعاصرة أن تعكس  (الوظائف التي تحدث فيها(Lynch-1981-p115 ،وبدورنا لا يمكن أن نجزم أن وحدة الجيرة المعاصرة فشلت في أداء وظائفها المادية التي مثلت استجابة للمتغيرات التكوينية للإنسان والمجتمع ككل إلا إننا نرى بعض القصور في التنظيم الفضائي الذي انعكس على التواصل المكاني والأداء الحيوي والاجتماعي ضمن الشكل الحضري المعاصر من خلال:
تقسيم الأراضي والمواقع السكنية بشكل هندسي متكرر وفق شبكة التخطيط (المتعامد GridIron Pattern). فالعنصر الأساسي الذي يحدد مساقط وتوزيع الوحدات السكنية هو الشارع مما يدل على أن الاستجابة لمتطلبات حركة المركبات هي المهيمنة على التنظيم الفضائي . وعندما كان الفضاء الحضري العنصر الأساس في الإدراك الحسي للتنظيم الفضائي ضمن النسيج الحضري العضوي نجد أن الفضاء الحضري في النمط الشبكي المخطط لا يدرك من قبل الإنسان لأن نسب تخطيط النسيج معد للمركبة وليس للإنسان ،أنظر الشكل (4).(زينب-2009).     
* وهنا فقدت الركيزة الأولى من ركائز التفاعل الإنساني مع الفضاء وهو المحور الأساسي للتصميم الإنساني الذي يؤكد على تفاعل العمارة مع شاغليها وبين العمارة والبيئة. فالتنظيم الفضائي لم يبنى على أساس الوحدة القياسية الإنسانية وإنما على مقياس اكبر وأوسع كان له أثره الكبير في فقدان التفاعل الاجتماعي بين أبناء وحدة الجيرة وازدياد الانشغال بسبب الإرهاق اليومي ( وكله يرجع لوجود السيارة ) التي جعلت إمكانية الخروج والتنقل لمسافات طويلة مرهقة للجسد بعد ان كان المقياس إنسانيا ً والمسافات متقاربة . إي أصبح لدينا خلل في واحد من أهم مقاييس الاستدامة في وحدة الجيرة وهو كفاءة الفضاء للوظائف والفعاليات السكنية الحضرية , وهو أحد ركائز التصميم الإنساني الذي يؤكد على الاستخدام المتعدد للفضاء وقرب الفعاليات واعتماد النقل العام بدل الخاص لربط فعاليات وحدة الجيرة .         
*الرتابة الهندسية الصارمة والانفتاحية في الدور السكنية وظهور الشوارع العريضة ترجمة واضحة للمؤثر التقني الجديد وهذا له الأثر الكبير على النظم المجتمعية الجديدة الناتجة عن التأثير بالفكر التخطيطي الغربي من استعمال شكل هندسي واحد في تقسيم الموقع السكني وفق تخطيط شبكي في أحياء سكنية انفصلت وتصاميم تعددت وتنوعت وفق القدرة الشرائية والثقافية الحسية والمعرفية مما أدى إلى تولد شكل من أشكال العزل الاجتماعي والفردي لم يكن موجودا في المحلة التقليدية لتكون الفروقات الطبقية في الوقت الذي تدعو مبادئ وحدة الجيرة إلى التجانس الاجتماعي ,فضلا عن الإرباك البصري في التنظيم الفضائي وفقدان المكان للهوية الحيزية والتفاعل مع الفضاء الحضري وهنا نجد فقدان مقياس أخر في نجاح التنظيم الفضائي لوحدة الجيرة المعاصرة وهو العدالة والتجانس الاجتماعي والإحساس بالفضاء والتفاعل معه .
(p144-149-1981p-Lynch ) .                 
تغيير استعمالات الأرض من سكني إلى التجاري جعل من التنظيم الفضائي الحديث مثالا حيا ً لفقدان الخصوصية في تراتب وحدة الجيرة السكنية وتداخل الوظائف العامة لاستعمالات الأرض مع الخاصة السكنية معرضة البيئة السكنية إلى مشاكل جمة ممثلة بالتلوث الهوائي والضوضائي والبصري ,التجاوز على الأرصفة وأماكن مرور المشاة (والتعدي على حقهم), فقدان السلامة المرورية والازدحام ,تكاثر الجريمة,تزايد العزل الاجتماعي وفقدان الترابط بين أبناء وحدة الجيرة فضلا عن الخسائر الاقتصادية للطاقة واستعمالات الأرض والضغط على البنية التحتية إذ يمثل هذا التعامل ركنا أساسيا من إبعاد الاستدامة البيئية والاجتماعية والاقتصادية. (نفس المصدر السابق ص127) إلى جانب ذلك فإن التنظيم الفضائي الحضري للمدينة بما يخدم توفير المعالجات البيئية والاجتماعية والاقتصادية هو أحد أهم اهتمامات المخططين الحضريين في المدن المعاصرة .فعلى سبيل المثال أن السيطرة على استعمالات الأرض يؤثر ضمنياً على المناخ والذي لا يزال واحد من الصعوبات التي تجابه المخططين فيما يعرف بالمناخ الموضعي maicroclimate.                        
* لذا فالتنظيم الفضائي لوحدة الجيرة المعاصرة ذات النمط الشبكي يعبر عن حقيقة التغير الاجتماعي الذي حدث نتيجة طغيان قيم الفرد بدل الجماعة ، والتفرد في أشكال الوحدات السكنية وطرق بناءها أو نسبة البناء إلى فضاءات المفتوحة أفقد قيم التصميم المستدام ولاسيما التصميم الإنساني، فيما زاد من التباعد بين أبناء وحدة الجيرة وقلل من التفاعل الاجتماعي فيما بينهم ومعرفة تبادل الفعاليات وبالتالي قلل كفاءة التنظيم الفضائي لوحدة الجيرة واضعف من ترابط فضاءاته وخاصة بين العام والخاص، مما سبب سوء توزيع الفضاءات الخضراء والتوقيع غير الصحيح للأبنية العامة والترفيهية بسبب عدم دراسة المتطلبات الوظيفية ومقياس نجاح الشكل الحضري من كفاءة وملائمة وعدالة الخ .. شكل(5).         
.2.2 مؤشرات التنظيم الفضائي الكفوء لوحدة الجيرة  المستدامة:
    إن جوهر التحولات الحديثة في البيئة الحضرية عموما والبيئة السكنية خصوصا تكمن في فقدان التنظيم الفضائي الشمولي النابع من تعريف الأجزاء الموضوعية له حيث أن المجتمعات الإنسانية تنظم محيطها الفضائي لتشكل حضارة فضائية عن طريق هيكلة العلاقات الفضائية بين الكتلة والفضاء بصيغة مباشرة أو غير مباشرة التي قد تكون هندسية رمزية(البيئة السكنية المعاصرة)أو عضوية (البيئة السكنية التقليدية)لإنتاج وتوليد العلاقات الاجتماعية. لذا يجد البحث إن اعتماد تنظيم فضائي كفؤ على مستوى وحدة الجيرة كوحدة أساسية لتخطيط البيئة السكنية على مستوى المدينة يحقق الاستدامة بأبعادها الثلاث:البيئي الاجتماعي والاقتصادي من خلال اعتماد آليتين هما:                           
الآلية الأولى تفعيل وحدة الجيرة المستدامة:.1.2.2
  تشمل الآلية الأولى اعتماد المؤشرات الآتية لتحقيق وحدة جيرة مستدامة عند تخطيط المناطق السكنية الحديثة وهي كما يلي:
· اعتماد مفهوم وحدة الجيرة كوحدة تخطيطية أساسية عند تصميم وتخطيط المناطق السكنية في المدن بدل التخطيط الشبكي المكرر،والتي توفر مجتمع صغير يسمح بوجود العلاقات الاجتماعية وتعزيز التفاعل الاجتماعي للمجاورة ومن ثم المدينة.
· تحديد حجم لوحدة الجيرة لكي يتم اعتمادها كوحدة تخطيطية أساسية ،وهذا الحجم يجب أن لا يكون كبير إلى الدرجة التي تتحطم عندها الاتصالات والعلاقات الاجتماعية ولا صغير للدرجة التي تفشل معها الوحدة في تحقيق التنوع والاختلاف .ومن المفضل أن يتراوح عدد السكان في وحدة الجيرة المستدامة بين (500-1000) شخص( كما توصي بعض الدراسات الحديثة والنظريات).
· اعتماد وحدة الجيرة المستدامة على حركة المشاة كوسيلة نقل رئيسية ضمن التجميع الإسكاني لتقليل استخدام المواصلات وبالتالي التقليل من استهلاك الوقود والتلوث البيئي.
· اعتماد التنوع في حجم الوحدات السكنية ضمن وحدة الجيرة وكذلك اعتماد أنماط سكنية متنوعة ،يجعل من الممكن لجميع أفراد المجتمع إمكانية الحصول على وحدة سكنية فضلا عن خلق مجتمع متجانس لا يفرق بين غني وفقير.
· اعتماد نمط الاستخدام(الاستعمال)المختلط للأراضي والأنشطة العمرانية في تخطيط وحدة الجيرة المستدامة،لتوفير خدمات متكاملة ضمن وحدة الجيرة يستغني من خلالها السكان عن استخدام السيارة والاعتماد على حركة المشاة أي اعتماد مبدأ سهولة الوصول وتقارب الفعاليات  واندماج الوظائف والفعاليات شكل(6).
2.2.2  الآلية الثانية تفعيل استراتيجيات التصميم الانساني :
يمكن اعتماد استراتيجيات التصميم الإنساني كآلية عملية لرفع كفاءة التنظيم الفضائي لوحدة الجيرة المستدامة من خلال ما يلي :
 1-  الحفاظ على الظروف الطبيعية ويتم من خلال:
· اعتماد التنظيم الفضائي ذو النمط المتضام لامتلاكه الخواص الايكولوجي والتنوع في مكوناته ويحافظ على النظرة الشمولية للمدينة كجزء من الطبيعة وذلك بالمحافظة على الفضاءات المفتوحة ضمن المناطق السكنية والحضرية والحزام الأخضر حول المدينة.
· اعتماد التنظيم الفضائي المتضام لوحدة الجيرة بدل الهندسي ،الذي ينظم المناطق السكنية حول شوارع وأزقة بتنظيم فضائي متجانس بعيد عن الانتظام الهندسي ذي الخطوط المستقيمة والزوايا الحادة التقاطع.
· الترشيد والعقلانية في المباني العامة والخدمية من خلال اعتماد الاستعمال المختلط ومزج الوظائف (الفعاليات)والتقليل من التمدد العمراني للأحياء السكنية.
· التنظيم الفضائي ذو النمط المتضام أفضل مثال على تطبيق الاستدامة في وحدة الجيرة من خلال تخطيط ومعالجة مسارات الحركة من حيث (العرض-الشكل-الطول-التوجيه-وتغير الاتجاه)والتي تمثل المرحلة الأساسية للتكيف مع البيئة الطبيعية.حيث يؤدي التنظيم الفضائي المتضام الى تلطيف مؤثرات المناخ القاسية والتخفيف من آثارها خاصة درجات الحرارة العالية والإشعاع الشمسي والرياح المتربة والحارة وبالتالي التخفيف من إجمالي الحمل الحراري المؤثر على واجهات الأبنية خاصة الوحدات السكنية .
2- راحة الإنسان:
 اعتماد التنظيم الفضائي ذو النط المتضام لوحدة الجيرة المستدامة يعمل على ترسيخ العلاقات الإنسانية والاجتماعية والثقافية من خلال توفير فضاءات مختلفة ومتنوعة ،فضاءات عامة وأخرى خاصة وواضحة وأمينة باعتماد الشوارع مغلقة النهاية كما هو الحال في المدن التقليدية.                                         
كما يلبي التنظيم الفضائي المتضام شروط الحماية البيئية لحاجات الإنسان وقيمه وعلاقاته الاجتماعية، ويعطي إمكانية اعتماد الاستخدام  المختلط  للأراضي  ضمن وحدة الجيرة والذي يحقق أفضل راحة للإنسان من خلال :             
·   سهولة الوصول (للسكن-العمل-الخدمات).
· تقارب الفعاليات يقلل من الوقت الذي يقضيه الساكن في المواصلات وعلى الطرق من و إلى (المسكن-العمل –الخدمات).
·  مزج الوظائف يعمل على توفير كافة الخدمات التي يحتاجها الساكن.
3-التصميم الحضري وتخطيط الموقع:                  
1- يجد البحث إن اعتماد التنظيم الفضائي ذو النمط المتضام هو أنموذج جديد للاستدامة في التخطيط والتصميم الحضري لوحدة الجيرة السكنية،والذي لا يؤكد ثقافة المجتمع فقط من خلال الارتباط بالنسيج القديم للمنطقة ،ولكن يعبر عن التطور الحضري المستدام .وكما يرى (-Chen  -2008 أن تحقيق الحل الأمثل للتخطيط الحضري المستدام يكمن في إحياء مبادئ ومفاهيم قديمة أثبتت نجاحها مثل (المدينة المتضامة،الاستخدام المختلط للأرض وتفعيلا لتوجه لحركة المشاة) ويمكن تحقيق مبدأ التضام في التخطيط والتصميم الحضري لوحدة الجيرة المستدامة من خلال :
· التقارب في مختلف استعمالات الأرض.
·  تكامل استعمالات الأرض والتقليل الحد الأدنى من الأراضي المكشوفة.
· التجميع حول فضاءات حضرية مصغرة.
·  تحقيق أقل اختراق واقل نقاط تقاطع حركي للسيارات مع ضمان الطرق الثانوية للتجمعات المختلفة.
· تكامل الوحدات السكنية مع خدماتها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتعليمية وبتجميع هذه الخدمات يؤلف وحدة الجيرة المستدامة.
2- اعتماد التخطيط والتصميم الحضري لوحدة الجيرة على حركة النقل العام وحركة المشاة بشكل أساسي لتقليل التلوث البيئي من خلال اعتماد وسائل النقل الصديقة للبيئة وتقليل الاعتماد على النقل الخاص,فضلا عن اعتماد تنظيم فضائي كفوء لحركة المشاة وربطها بالفضاءات العامة بما يضمن تفاعل اجتماعي ايجابي يعزز الشعور بالانتماء لوحدة الجيرة  (7)و(8).        
   : الاستنتاجات  -3
    *  ترتبط الاستدامة بالتنظيم الفضائي من خلال أهدافها في تقليل مسافة الوصول والانتقال بين المنظومة (مبنى أو التجمع الحضري )،كذلك التعامل الناجح مع العلاقات المكانية للفضاءات من حيث الحركة وتدرج الوظائف لتأثرها بالمظاهر الوظيفية التي تحملها الفضاءات ضمن أي منظومة بمستوى التنظيم الفضائي لها،وضمن هذا الإطار فان تطبيقات هامة تجمع بين الاستدامة والتنظيم الفضائي منها :  
· التعامل الناجح مع العلاقة المكانية للفضاءات من حيث الحركة وتدرج الوظائف .                        
· الاقتصاد باكتشاف المحاور الأكثر أهمية ضمن المنظومة كخطوط خدمات البنى التحتية التي تتداخل مباشرة مع الفضاءات ذات الاستخدام العام وبشكل خاص على المستوى الحضري.             
· المظاهر الوظيفية التي تحملها الفضاءات ضمن التنظيم الفضائي للمنظومة من حيث العلاقات الفضائية موضعيا وشمولي  .                            
لا يمكن اعتبار البيئة السكنية مستدامة ما لم تعتمد وحدة الجيرة المستدامة كقاعدة أساسية لنظريات التخطيط السكني الحديث،لما توفره من مجتمع صغير يسمح بوجود تبادل للعلاقات الاجتماعية وتعزيز التفاعل الاجتماعي كما تحقق بيئة حضرية صحية خالية من التلوث مع توفير بعد اقتصادي من خلال تقليل استهلاك الطاقة كل هذه الأبعاد يتم تحقيقها بالتنظيم الفضائي المدروس الذي يعتمد مبادئ التصميم الإنساني الذي يعتمد الإنسان الهدف الأساس له.     
* إن الطروحات المتكاملة لنظرية وحدة الجيرة من قبل هاوردوبيري وممفرد وبورتن ووليم وحركة العمران الجديد،قدمت قاعدة غنية لمعايير تخطيط وحدة الجيرة المستدامة التي تحقق الاستدامة بإبعاده البيئية والاجتماعية والاقتصادية
هناك العديد من المبادئ الأساسية التي استندت عليها وحدة الجيرة التقليدية المتضمنة لمفهوم الاستدامة واستباقها للنظريات الحديثة في تحقيق التكامل البيئي والنفسي لخلق بيئة سكنية مستدامة تتميز بالتواصل الفكري والمادي وتلبيتها للمتطلبات العامة للإنسان كالراحة والكفاءة الوظيفة والاجتماعية لساكنيها مع ضمان استمرارية الكفاءة الأدائية مستقبلا مع الأخذ بنظر الاعتبار التلائم بين الجانبين الروحي والمادي وهذه المبادئ تتوافق مع مبادئ التصميم الإنساني.                 
*  تمثل وحدة الجيرة أهم التوجهات الحثيثة للمسكن المستدام التي تسعى لتحقيق أبعاد الاستدامة البيئية والاجتماعية والاقتصادية،لبناء كتجمعات ذات اكتفاء ذاتي.       
* ما تزال العمارة التقليدية تحمل في طياتها مكامن الديمومة في الوقت الحاضر كما كانت منذ مئات السنين .بالمقابل تواجه العمارة المعاصرة تحديات كثيرة لتثبت أنها قادرة على استيعاب متطلبات التنمية المستدامة لذا فعلى العمارة المعاصرة اكتشاف مبادئ العمارة التقليدية واختيار ما هو ملائم منها للبيئة المحلية ومزج هذه المبادئ مع التقنيات الحديثة واستخدامها في العمارة المعاصرة .          
* إن جوهر التحولات الحديثة في البيئة الحضرية عموما والبيئة السكنية خصوصا تكمن في فقدان التنظيم الفضائي الكفؤ الشمولي النابع من تعريف الجزاء الموضعية له ،وان اعتماد استراتجيات التصميم الإنساني يعد كأداة عملية لرفع كفاءة التنظيم الفضائي لوحدة الجيرة المستدامة من خلال توظيفه كآلية لتحويل المؤشرات والمعايير المستنبطة (كمسافة الوصول-الاستعمال المختلط-اعتماد حركة المشاة والنقل العام) كعوامل استدامة في التنظيم الفضائي لوحدة الجيرة لتحقيق بيئة سكنية مستدامة .
   ·  المصادر
·  المصادر باللغة العربية:
·  الجابري،مظفر،التخطيط الحضري،الجزء الأول،جامعة بغداد-وزارة التعليم العالي والبحث العلمي،الطبعة الأولى-1986.
· -الزبيدي،مها صباح،الاستدامة البيئية في تشكيل التجمعات الإسكانية في العراق،أطروحة دكتوراه ،قسم الهندسة المعمارية،كلية الهندسة-جامعة بغداد،2006.
· السواط،علي محمد،دور العزل الحراري في المباني ضمن إطار فكرة العمارة المستدامة الخضراء،ندوة العزل الحراري وأهمية تطبيقه في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية،17-21-/2004،الرياض المملكة العربية السعودية،2004.
· خروفة ،عمر حازم،الطاقة في العمارة المحلية المستدامة،أطروحة دكتوراه، قسم الهندسة المعمارية،كلية الهندسة-جامعة بغداد.
· زينب راضي عباس،أثر تشكيل الوحدات السكنية في رفع كفاءة الأداء الوظيفي للفعالية الإنسانية،المؤتمر الهندسي السادس كلية الهندسة-جامعة بغداد،بغداد-العراق5-7ابريل2007.
· الاحبابي،شيماء حميد،الاستدامة الاجتماعية في العمارة المحلية،أطروحة دكتوراه قسم الهندسة المعمارية،كلية الهندسة-جامعة بغداد 2010.    
  · فتحي،حسن،  الطاقات الطبيعية والعمارة التقليدية المؤسسة العربية للدراسات والنشر   ،ط2،جامعة الأمم المتحدة، ،طوكيو، 1988.
·  قناوي،عبدالرحيم وعصام عبدالسلام ،المجاورة السكنية النظرية –الواقع)،مؤتمر الأزهر الهندسي الدولي التاسع،القاهرة،12-14ابريل،2007.
· نجيل،كمال عبدالرزاق وشمائل محمد وجيه،استدامة المدن التقليدية بين الأمس والمعاصرة اليوم،مجلة الهندسة والتكنولوجية-الجامعة التكنولوجية،المجلد26،العدد11-2008.
·         المصادر باللغة الانكليزية
·         -Barton,Hugh-1996.Sustainable Urban Design Quarterly,issue 57-Juauary 1996,Urban Design Group.
·         Baker,Nick&Steemers,Koen,(2000),Energy and Environment in Architecture :aTechnical Design Guide , E&N Spon,London,UK.
·         -Elkington,J,(1999),Triple Bottom Line Revolution:Reporting for the Third Millennium,Australian CPA,Vol.69.p75.
·         Kim,Jong-Jin&Rigdon,Brenda (1998A)-Sustainable ArchitectureModule:Indroduction  to Sustainable Design, National Pollution Prevention Center for Higher Education,Michigan.USA.
·         Lynch,Kevi:"Atheory of Good City Form";TheMIT press,Cambridge,Massachusetts,1981.
·         –Williams,Kati,Barton,Elizabeth and JenkssMike,2000"Achieving Sustainable Urban Form".E&FN Span. 
 -

شكل (1) تجاور الوحدات السكنية وتظليل مسارات الحركة ذاتيا لتوفير بيئة مريحة للمشاة   - (المصدر-الزبيدي-2006- ص48)
                            
وحدة الجيرة وفق مفهوم          الحركة مسدودة النهاية لمنع دخول         التنظيم الفضائي للفناءات الداخلية
الاستدامة في النسيج الحضري       الغرباء والحفاظ على وحدة الجيرة      وعلاقتها بعموم النسيج الحضري  
   في المدينة العربية                      في المدينة العربية                            للتوظيف البيئي
شكل(2) وحدة الجيرة ومسارات الحركة و التنظيم الفضائي وفق مفهوم الاستدامة في المدينة العربية                                                                      المصدر:(الزبيدي،2006، ص-50)
شكل(3) يوضح نمو وحدة الجيرة التقليدية والتدرج الهرمي للتنظيم الفضائي لها- وحدة الجيرة وحدة اجتماعية تراعي

التجانس الاجتماعي بين أفراد المجتمع الواحد - في الدوسر-مدينة الدمام المصدر(الاحبابي،2010،ص- 163)
شكل (4) التنظيم الفضائي المتضام والأزقة المظللة في المدينة العربية التقليدية يساعد على تلطيف المؤثرات البيئية للمدينة (المصدر :الزبيدي-2006-ص 48)

شكل(5) يوضح التباين بين تصميم التنظيم الفضائي لوحة الجيرة التقليدية والحديثة (المعاصرة)
المصدر (الاحبابي ،2010،ص-118)
                         

3-تمثل الأماكن المفتوحة مناطق                    2-التدرج في الخصوصية ودرجة        1- تعتمد الفكرة التصميمية على
التجمع للسكان حيث تعتمد الفكرة                  الاحتوائية مابين الشارع ، الساحة         الفصل ما بين حركة السابلة و
التصميمية على حركة السابلة وخلق              ثم الميدان الذي يعتبر مركز التجمع           السيارات مع التأكيد على 
مناطق تتدرج في الاحتوائية                                   والفعاليات العامة                      المناطق السكنية         
شكل (6) قرية شيروود للطاقة في المملكة المتحدة مثال على التطوير متعدد الاستخدام لوحدة الجيرة لتحقيق مبادئ الاستدامة البيئية،الاجتماعية والاقتصادية (المصدر: الزبيدي -2006-ص141)

شكل(7) التصميم للمشاة ووسائط النقل الصديقة للبيئة في وحدة الجيرة المستدامة                   
–(المصدر:الزبيدي-2006-ص 142)                                                           
شكل (8) القرية الألفية والذي يعتمد التخطيط متعدد الاستخدام لأحياء التخطيط التقليدي بأسلوب حديث-لندن
(المصدر:الزبيدي ،2006-ص176)




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا