التسميات

الاثنين، 24 نوفمبر 2014

فلسفة جغرافية المدن .. تلخيص لكتاب جغرافيا المدن ...

                                            تلخيص لكتاب جغرافيا المدن
الدكتور: كايد عثمان ابو صبحة
من ص 13 إلى ص 53
 19 - 02 - 2007 م
فلسفة جغرافية المدن 
1ـ طبيعة جغرافية المدن:
تمثل المدن في العصر الحاضر مراكز للقوة الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية، و أماكن السيطرة و الإبداع، وتستثمر مبالغ ضخمة من الأموال، كما تشهد نمو المدن، معدلات نمو عالية لم تشهدها من قبل. يتطلب الاقتصاد الحديث سهولة في الوصول إلى المعلومات، و بما أن التعامل مع المعلومات و تبادلها، يحتاج تجمعات اقتصادية و مباني و شبكات للمواصلات و الاتصالات و مصادر للمعلومات البشرية التي تتوافر أصلا في المدن بعامة والمدن الكبرى بخاصة، الأمر الذي دفع المؤسسات الكبرى إلى إقامة إداراتها في هذه المدن.


تنحصر المهمة الرئيسية لطالب جغرافية المدن في فهم الطرق و الأساليب أو العمليات التي عملت على تشكيل المدن وتغييرها في الماضي، و التي لا زالت تعمل على تشكيلها في الوقت الحاضر، و يحاول التصدي للعديد من الموضوعات مثل ماهية جغرافية المدن، و ميدانها و مدى ارتباطها مع العلوم الجغرافية الأخرى و مع بعض العلوم الأخرى، و تفسير التحضر التي تمر به الدول في العصر الحاضر، و التأكيد على نتائج هذه العملية، و بخاصة فيما يتعلق بحياة الناس و أنشطتهم المختلفة. 
اهتمامات جغرافية المدن:
تهتم جغرافية المدن بفهم تفرد المدن و ما ينتظم داخلها من ترتيبات و تنظيمات للخصائص الاقتصادية والاجتماعية و خصائص السكن من خلال العلاقات المكانية بين السكان من جهة و بيئاتهم من جهة أخرى. و تقدم المدن إجابات لعدة أسئلة مثل:
لماذا تنمو  بعض المدن، على الرغم، من عدم وجود إمكانيات و فرص تساعد على نموها؟ و لماذا المدن الأكبر بمعدلات أسرع، في السنوات الأخيرة، و بخاصة في الدول النامية التي تتميز بمستويات مرتفعة من الفقر؟.
لماذا تشهد بعض المدن، في العصر الحاضر، تدهورا في بيئاتها الطبيعية؟.
     تزود جغرافية المدن الطلبة بمعرفة عملية لمفاهيم موقع المدينة ووظيفتها و عملية نموها، و فهم التركيب الداخلي لها. يؤكد أسلوب البحث في جغرافية المدن على الموقع و الحيز الجغرافي و على دراسة العمليات التي تؤدي إلى وجود التوزيعات المكانية للأنشطة البشرية، حيث يشكل الاهتمام المكاني الأساس في الجغرافيا، و تضيف الخريطة بعدا إضافيا للبحث الجغرافي.
 إن جغرافية المدن تبحث في إشغال و أنماط استعمالات الأرض، و توزع السكان حسب الخصائص الاقتصادية والاجتماعية و الديموغرافية،  فالجغرافي يحاول البحث عن النمط أو الترتيب الذي تنتظم بموجبه الظاهرة الجغرافية في الحيز أو المجال الجغرافي، و يحاول الإجابة عن السؤال الكبير: لماذا تنتظم ترتيبات او تنظيمات تظهر في المدن؟ و يقوم بعملية التفسير بعد أن يقوم بوصف الظاهرة بشكل عام.
لا يمكن دراسة واقع المدن بمعزل عن دراسة التاريخ و التطور الاقتصادي- الاجتماعي و الثقافي لهذا المجتمع.
يتطلب فهم المدن بشكل ملائم، إتباع منهج مشترك مع علوم و تخصصات مختلفة مثل: علم الاجتماع و الاقتصاد و الهندسة المعمارية و التخطيط و التاريخ و الإدارة، بالإضافة للجغرافيا. تشكل جغرافية المدن إطارا لدراسة متميزة تحتل مواضيع الحيز و المسافة و الموقع و الإقليم مكانة مركزية فيها.
فالحيز أو المجال، بالنسبة للجغرافي، يعتبر عاملا مؤثرا في أنماط التطور الحضري و في طبيعة العلاقات بين فئات المجتمع المختلفة في المدن. و يعتبر الموقع مهما بالنسبة إلى للجغرافي، نظرا للاهتمام التقليدي للجغرافيا بالمكان وبالتباين المكاني للاماكن و المواقع المختلفة. تميزت جغرافية المدن بالأسلوب التحليلي الذي يشكل أساسا مهما فيها، فدراسة التباين المكاني، و تحديد التنظيمات المكانية في النظام الحضري و تفسير العلاقات المتبادلة بينها، تؤدي جميعا إلى تشكيل أقاليم وظيفية و مناطق ثانوية.    
 تمثل المدن معامل أو مختبرات، تجري فيها دراسات العديد من الميادين و العلوم الاجتماعية المختلفة، فتشترك جغرافية المدن مع علوم الاجتماع الحضري و اقتصاديات المدن و السياسة الحضرية في دراسة المدن، و تتداخل هذه العلوم مع بعضها ليحتل التخطيط الحضري موقعا مركزيا فيما بينها. و تتضح هذه العلاقة في الشكل 1.
 
      إلا أن اهتمام الجغرافي يختلف عن غيره من الباحثين، لان اهتمامه ينصب أساسا على السلوك البشري و على العمليات التي تكمن خلف أنماط الأنشطة البشرية أو خلف التنظيمات و التوزيعات المكانية للسكان و أنشطتهم في المدينة.
تحتل جغرافية المدن مكانة مركزية تلتقي فيها فروع أخرى للجغرافيا البشرية هي: الجغرافية الاقتصادية والتاريخية و الاجتماعية و السياسية،و ترتبط هذه الجغرافيات بعلوم اجتماعية أخرى. يوضح الشكل 2 هذه العلاقة.

و تتميز جغرافية المدن بما يلي:
- تمثل  التقاء لاهتمامات و مناهج العديد من العلوم الاجتماعية و الإنسانية.
- الاستخدام الواسع للأساليب الكمية، و اعتماد منهجية البحث العلمي و فحص الفرضيات
- دراسة المجموعات السكانية في المدن مع الاهتمام بالسلوك الفردي.
- الاهتمام المباشر بالمسائل الاجتماعية و عملية اتخاذ القرار. 
و تساعد هذه المزايا في تقديم المساعدة لحل مشكلات المدن الطارئة، و في تقديم أساس نظري أفضل لجغرافية المدن.
          تركز جغرافية المدن على المفاهيم التي تستخدم من اجل تفسير و إعطاء معنى للعمليات المكانية و أشكالها التي تظهر في المدن المعاصرة و بخاصة نظريات اتخاذ القرارات المعاصرة و بعض المفاهيم التي تستخدم في تفسير العمليات المكانية للأنشطة المختلفة داخل المدينة،ويهتم الجغرافيين بالطرق التي تساعد في حل المشكلات على مستويات محلية أو إقليمية، على الضغوط أو القوى التي تعمل على إحداث تغييرات في بناء المدينة.
يقع ضمن اهتمام الجغرافي فهم القوى التي أثرت على تشكيل المدن بعامة و الغربية بخاصة ، بالقوى الجاذبة والطاردة (centriptal and centrifugal forces )  فقد عملت الثورة الصناعية على جذب الأيدي العاملة من الريف للعمل في الصناعات التي تطورت في المدن، فشكلت المدن بذلك أقطاب جذب مغناطيسي للسكان من الريف، إلا أنه ما لثبت المدن و بخاصة، مراكزها أن أخذت تعاني من مشكلات الازدحام و الاكتظاظ و التلوث و العديد من المشكلات الاجتماعية، مما دفع السكان للانتقال و الحركة نحو الضواحي و المناطق الريفية. إلا أن التطور التقني الذي حدث في وسائل المواصلات، أدى إلى ظهور المراكز التجارية المتعددة في المدن، بعد أن كانت المدينة تتطور حول مركز واحد.
تزايد اهتمام جغرافية المدن بدراسة أنماط استعمالات الأرض و المناطق الاجتماعية وخصائص السكن وغيرها. 
تعريف جغرافية المدن:
يعرف برايان بيري جغرافية المدن بأنها فرع من الجغرافية البشرية تدرس المدن أنظمة ضمن النظام الحضري، هناك طريقتان تتم بواسطتهما دراسة المدن وهما :
1-  دراسة النظام الحضري (city seystem) تدرس المدن هنا على الأساس أنها تشكل المكونات التي يتكون منها النظام الحضري، وتتم بواسطة هذا الاتجاه دراسة المشكلات التي تتعلق بالتوزيع المكاني للمدن وتباعدها، ودراسة أنماط الحركة المعقدة والتيارات والعلاقات التي تربط المدن بعضها بعضا، أو دراسة التفاعل المكاني spacial intraction دراسة المواقع النسبية للمدن، يتم التركيز على التباين المكاني في الخصائص الاقتصادية والاجتماعية بين مجموعة المدن في القطر أو الإقليم التي تشكل النظام الحضري، فمن خلال مقارنة الصفوف في المصفوفة الجغرافية يتضح التباين في الخصائص المختلفة بين المدن. تتم هذه الدراسة على مستويات مختلفة : إقليمية وقومية وعالمية. الشكل يوضح المصفوفة الجغرافية للنظام الحضري والتركيب الداخلي للمدينة.
2-  دراسة التركيب الداخلي للمدينة  city as system : ينظر إلى المدينة، على أساس أنها تشكل مساحة area ، فندخل إلى داخلها لدراسة تركيبها الداخلي، حيث تتكون المدينة من عدة مناطق، وتحتل الأعمدة في المصفوفة الجغرافية وتتم هنا دراسة التوزيعات و الأنماط و التنظيمات المكانية للظاهرات و الأنشطة داخل المدينة مثل : (الكثافة السكانية ومستوى الدخل ونوع السكن واستعمالات الأرض المختلفة وأنماط الحركة ...الخ ). وتهدف هذه الدراسات إلى إبراز التباين في خاصية أو أكثر بين مدن مختلفة أو في مدينة واحدة ، في نقطة زمنية أو أكثر. 

جـ
ب
أ
                المدن
                  (أ)
الخصائص



الاقتصادية



الاجتماعية



السياسية
(أ)

جـ
ب
أ
          مناطق =  مدينة

الخصائص



الاقتصادية



الاجتماعية



السياسية
   (ب)                                                                         
 الشكل 3 :  المصفوفة الجغرافية
(أ) تمثل النظام الحضري
(ب) تمثل المدينة كنظام (التركيب الداخلي للمدينة)
 التطور الفكري لجغرافية المدن:
يمكن ملاحظة ثلاثة تقاليد جغرافية تميزت بها جغرافية المدن المعاصرة ، هي:
1-  تقليد العلاقة بين الإنسان و البيئة الطبيعية  Man Land Relationship Tradition :  تميزت به جغرافية المدن خلال الربع الأول من القرن العشرين، وكان يركز على تفاصيل معينة لمدن مختلفة، من أجل تحديد العلاقة بين المواقع الطبيعية للمدن، وأثر خصائصها الطبيعية في النشاط البشري أو السلوك الإنساني، وقد أعيد الاهتمام بهذا التقليد في عصرنا بالبيئة.
2-  تقليد التباين المكاني  Areal Differentiation Tradition : تأثرت أعمال الجغرافيين بهذا التقليد بعد سنة 1940،يتم بالتركيز على وصف التوزيعات والأنماط لاستعمالات الأرض وللخصائص الطبيعية والاجتماعية داخل المدينة، لإبراز أوجه التشابه والاختلاف بين هذه المناطق في المدينة الواحدة، أو أكثر من مدينة ، ولا زال هذا الاتجاه يعتبر الأهم في جغرافية المدن في العصر الحديث.
3-  تقليد التنظيم المكاني  spatial organization tradition : نتيجة للتطور الذي حصل في الجغرافيا بشكل عام وفي جغرافية المدن بخاصة ركز الجغرافيون على البحث عن الترتيب وتنظيم للظاهرات الجغرافية في الحيز الجغرافي ، وكان الهدف النهائي الوصول  إلى قوانين أو تعميمات بشأن الأنماط الحضرية والتركيب الداخلي للمدن، وبشأن التفاعل المكاني و العمليات و السلوك البشري في الحيز أو المجال الجغرافي.أصبح العمل في جغرافية المدن تحليليا ويتميز بالتجريد. 
تغيرت الاهتمامات الأساسية في جغرافية المدن إذ لم تعد علما نظريا، بل أصبحت علميا تطبيقيا يساعد في حل المشكلات التي تواجه المدن، وتطبيق نتائج أعمال التخطيط الحضري، وقد أخذت جغرافية المدن تهتم بمشكلات السكان الاجتماعية، والنظر للمدن على أساس أنها انعكاس لتنظيم المجتمع نفسه. 
2ـ تطور جغرافية المدن:
يقسم جمال حمدان مراحل تطور جغرافية المدن إلى ثلاث مراحل هي:
المرحلة الأولى (مرحلة النشأة): تميزت هذه المرحلة ببعض أعمال الرواد من الجغرافيين، لأن المدينة لم تكن تمثل في تلك الأثناء ظاهرة جغرافية كبرى في اللاندسكيب، فلم يكن في العالم إلا مدينة مليونية واحدة، وأول من قام بمحاولة في جغرافية المدن عام 1891 راتزل من خلال مقالة كتبها سنة 1906 فرق فيها بين الموضع و الموقع . تميزت أواخر هذه المرحلة بزيادة الاهتمام بعدة جوانب من المدن ، مثل: (الهندسة والتخطيط والاجتماع والاقتصاد والعلوم السياسية و الإدارة ...الخ) وبتطور جغرافية المدن وعلم الاجتماع في آن واحد. 
المرحلة الثانية ( المرحلة التكوينية): يمكن اعتبار الحرب الأولى النشأة والمرحلة التكوينية لجغرافية المدن، وتميزت هذه الفترة بظهور عدة دراسات تفصيلية عن كثير من المدن المهمة والغنية، وبدأ الاهتمام بالمدن المدارية في الشرق الأقصى وفي أفريقيا، و بالدراسات التفصيلية للمدن وبدراسات الربط و المقارنة ووضع قوانين عامة على نطاق عالمي أو اقليمي ، ومن الجغرافيين الذين ساهموا في جغرافية المدن خلال هذه المرحلة مارك جيفرسون ( المدن الأمريكية والبريطانية) منذ 1925 و 1917 ، وفيلر (غرب أوروبا)، تريوارثا المدن اليابانية، كما وضع كريستالر قوانين التباعد والحجم ( نظرية الأماكن المركزية central place theory ) ، مدرسة شيكاغو الاجتماعية أو ما يسمى علم الاجتماع الحضري بقيادة كل من روبرت بارك وبيرجيس ومكنزي ، التي وضعت أسس منهج " المنطقة الطبيعية " natural areas . 
المرحلة الثالثة ( مرحلة النضج): بدأت هذه المرحلة بالحرب العالمية الثانية ، وتميزت بخصائص خمس هي:
1-  بدأ استقلال جغرافية المدن عن الميادين الأخرى، كما بدأت تتبلور وجهة نظر وفلسفة مكانية واضحة وأصلية، بجهود كثير من الجغرافيين أمثال: جيفرسون و ديكنسون و بلانشار وآخرون.
2-  تطوير كثير من القوانين و النظريات مثل: نظريات الموقع والمكان المركزي والرتبة والحجم وغيرها.
3-   دخول مفاهيم جديدة لجغرافية المدن مثل: إقليم المدينة والمجال الحضري وغيرها.
4-   ظهور كتب المراجع المختصة في المادة، وهذا دليل على استقرار المادة.
5-  بروز فروع متخصصة في العلم مثلي إقليم المدينة وجغرافية الموانئ والمواصلات داخل المدن وتحليل البيئة الاجتماعية وغيرها. 
تركز الاهتمام المبكر لجغرافية المدن الأمريكية على مفهوم الموضع والموقع والتفريق بينهما وبخاصة الموقع والموضع للمدينة. تطور هذا الاهتمام الذي كان يركز على دراسة العلاقات المتبادلة بين الإنسان والبيئة الطبيعية. وشكلت دراسات الظهير والمنطقة التجارية hinterland and trade area موضوعا مبكرا آخر للدراسة في جغرافية المدن ، من أجل إبراز أوجه التشابه و الاختلاف بين هذه المنطقة والمناطق الأخرى.
وتطور اتجاه آخر للبحث في جغرافية المدن ركز على مورفولوجية المدن أو التركيب الداخلي للمدن، مثل المناطق السكنية والصناعية، وقد ساعد هذا الاتجاه في تحديد هوية الجغرافي مخططا للمدن وتعزيز العلاقة الوثيقة بين الجغرافيا والتخطيط.
ويظهر الاهتمام المعاصر بنظم المعلومات الجغرافية ارتباط الجغرافي والمخطط بعمل تحديد البيانات وتبويبها والحصول عليها من الميادين الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
وهذا وقد تأثر تطور جغرافية المدن بالمدارس الفكرية الجغرافية مثل المدرسة الموقعية والسلوكية.  
- بعض المدارس الفكرية وجغرافية المدن: 
المدرسة الواقعية وجغرافية المدن:
لقد أكسب التركيز المزدوج على دراسة التركيب الداخلي للمدن و الاهتمام بعملية التخطيط و على دراسة المنطقة التجارية في المدن وضعا متميزا لميدان جغرافية المدن ، فقد أفادت من ظهور المدرسة الموقعية في الجغرافيا من خلال التركيز على منهج التحليل الكمي لوضع أساس نظري للعلم، فتطور اهتمامان للبحث:
اهتمام ركز على دراسة المدن على أساس أنها تشكل عناصر أو مكونات للنظام الحضري وبالتالي تهتم دراسة النظام الحضري بما يلي:
1-  دراسة حجوم المدن ورتبها والعلاقة بين الحجوم و الرتب، وتدرس في هذا المجال قاعدة الرتبة والحجم ،  .rank sise rule .
2-   دراسة توزيع المدن وتباعدها، وتدرس هنا نظرية الأماكن المركزية لكريستالر  
central place theory .
3-   دراسة التفاعل المكاني بين المدن  spatial interaction ,قوانين الجاذبية.
4-   دراسة نمو المدن والنظريات الاقتصادية التي تحاول تفسير عملية النمو هذه.
وركز الاهتمام الثاني على دراسة المدن مساحات أو مناطق، بحيث يتم الدخول إلى داخلها ودراسة ما عرف بالتركيب الداخلي للمدن ، على أساس أن المدن تشكل نظما، لذلك عرف برايان بيري جغرافية المدن بأنها العلم الذي يدرس المدن كأنظمة ضمن النظام الحضري.
urban geography is the study of cities as systems within a system of cities ).
يشمل هذا التعريف المنهجين السابقين، ونتيجة للتقدم الكبير الذي حصل في العلم نتيجة لتوافر كم هائل للبيانات من خلال التعدادات ، ونتيجة للتطور الهائل في استخدام الحاسب الآلي في الآونة الأخيرة أمكن استخدام عدد كبير من المتغيرات، من تفسير للتباين المكاني بين المدن، وكذالك بين المناطق داخل المدينة الواحدة، للوصول إلى قوانين أو تعميمات ، يمكن بواسطتها فهم النظام الحضري والتركيب الداخلي للمدن. وأصبحت جغرافية المدن تشكل الواجهة الأمامية للبحث الجغرافي التحليلي. 
المدرسة السلوكية:
يعتمد فكرها على أن التوزيعات المكانية الأنشطة البشرية في الحيز الجغرافي لا توجد بشكل عفوي، وإنما هي نتيجة لقرارات اتخذها الناس سواء أكانوا أفرادا أو جماعات ، مؤسسات عامة أو خاصة ، وتركز المدرسة السلوكية على تفسير التوزيعات المكانية السابقة الذكر من خلال البحث عن الأسباب وسلوك الناس والقرارات التي تم اتخاذها دون الاهتمام بالظاهرة في حد ذاتها، وبالتالي تقدم إطارا عمليا لفهم وتفسير التركيب الداخلي للمدن.
الإتجاه البنائي STRUCTURAL APPROACH  : وضع ديفيد هارفي اتجاه أو منهج جديد لدراسة المدن، يركز هذا المنهج على الدور التنمية غير المتوازنة، ودور الاقتصاد السياسي الحضري في فهم التركيب الحضري وتغيره.   
3ـ مناهج واتجاهات في جغرافية المدن:
تطورت جغرافية المدن خلال العصر الحديث نتيجة لعدة أسباب منها:
الثورة الكمية التي شهدتها جغرافية المدن بخاصة والعلوم الاجتماعية بعامة ، وتوافر بيانات ضخمة ومعلومات عن الخصائص الاقتصادية والاجتماعية للسكان ، بالإضافة للاستخدام الواسع للحاسب الآلي، هذا وقد ساعدت الأساليب التحليلية الحديثة المستخدمة في دراسة المدن إلى وضوح في مدى الرؤية للجغرافي وتزويده بالوسائل والأساليب التي مكنته من محاكمة النظريات المتعلقة بعملية التحضر.
وتأثرت جغرافية المدن بالتغير الذي حصل في القيم والمعايير الاجتماعية في العصر الحديث، حيث تركز الاهتمام على المشكلات العملية مثل حاجات الصناعة، كما أصبح يستعان بجغرافي المدن في موضوعات كثيرة تتفاوت بين بيان الموقع المناسب لإقامة محل تجاري جديد وبين تقييم آثار إعادة رسم حدود الدوائر الانتخابية، وقد أدى التطور الذي شهدته المدن والتغير الذي حصل في طبيعة عملية التحضر، إلى ظهور اتجاهات حديثة في جغرافية المدن، وظهور موضوعات جديدة للدراسة مع زيادة الاهتمام بالتغيرات التي تحدث في المدن، مثال اهتمام جغرافي المدن بالفقر لدى السكان في المدن الأمريكية.
ظهر الاتجاه الأول خلال الخمسينات ، حيث كانت تركز جغرافية المدن على البيئة الطبيعية واعتبار ظاهرة نتيجة ملائمة الظروف الطبيعية.
أما الاتجاه الثاني فقد ساد في المراحل المبكرة من تطور جغرافية المدن ، فكان يركز على المناطق الطبيعية في المدن، التي تنشأ نشأة تلقائية وكذلك على مورفولوجية المدن أو مظهرها العام، وعلى المخطط الذي تبنى على حسبه المدن، وإبراز آثار خصائص الموقع الطبيعية في مخططات الطرق وأحياء المدينة المختلفة ومناطقها الوظيفية.
بعد الخمسينات من القرن العشرين، خرجت دراسات العمران ومورفولوجية المدن من الاهتمام العلمي وحل مكانهما منهج آخر اعتمد على فلسفة ال posivitism واعتمدت فلسفته على إثبات الحقائق والبرهنة عليها من خلال أساليب علمية مقبولة أي استخدام الأساليب الرياضية والتطبيقات الإحصائية والقوانين والنظريات في دراسة هذه العلوم.
وأعيد تحديد ميدان جغرافية المدن علما لدراسة التنظيمات المكانية الحضرية والعلاقات المكانية فيما بينها، والتركيز على بناء النظريات والنماذج وفحصها، هذا من خلال منهج تجريدي ساعد في فهمنا للمدن.
وقد أظهر ديفيد لي وهو جغرافي اجتماعي أن التجريد يبقي عدة أسئلة مهمة تتعلق بالعمليات والمعاني التي تكمن خلف عملية التجريد دون إجابات محددة، للإجابة على هذه الأسئلة ظهر منهج سلوكي خلال السبعينات يركز على دراسة أنشطة السكان وعلى عمليات اتخاذ القرار من قبل الناس سواء أكانوا أفرادا أم جماعات ، وقد أمكن اشتقاق العديد من المفاهيم والأساليب التحليلية للمنهج السلوكي من علم النفس الاجتماعي، حيث يتم التركيز على الحاجات البشرية للسكان ودوافعهم.
وظهر خلال السبعينات والثمانينات من القرن العشرين، منهج الاقتصاد السياسي الذي يركز على مضمون التغيرات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في عملية التحضر وعلى الآثار الايجابية والسلبية الناتجة عن هذه التغيرات ، التي تؤثر على سلوك الناس وعلى عملية اتخاذ القرار. وهو يعتمد على مزيج من نظريات اقتصادية و اجتماعية وسياسية ، يستحيل وجودها جميعا في نظرية واحدة، إلا أنه يمكن أخذ بعض الأفكار من كل منهج.
نلاحظ مما سبق أن جغرافية المدن تدرس المدينة من خلال التركيز على الموقع الجغرافي والسكان فبالنسبة إلى موقع المدينة أهمية كبيرة من خلال تأثيره على وظيفتها وعلى مدى حيويتها ونشاطها في الماضي والحاضر.
أما بالنسبة لسكان المدينة فيشمل دراسة مجموعة من العوامل التي تحدد هوية المدينة من خلال الحجم السكان فيها ، ومن خلال دراسة التراكيب السكانية ( العمرية والنوعية والعرقية والتعليمية والمهنية والاقتصادية).
اهتم الجغرافيون في دراساتهم بأحد الاتجاهين السابقين أو بكليهما معا، فإذا كان الاهتمام يتعلق بموقع المدينة يتم التركيز على العلاقات المتبادلة بين المدن المختلفة أو بين النظم الحضرية و الإقليمية، أما إذا كان يتعلق بالسكان فيتم التركيز على الأنماط المكانية لمستويات الدخل للمدينة أو أكثر، و أنماط حركات السكان.
ويستخدم بعض الجغرافيون الاتجاهين السابقين في دراساتهم بشكل متداخل في دراسات استعمالات الأرض وحركات السكان . تشمل جغرافية المدن موضوعات ذات طبيعة محددة في مدينة معينة أو لمجموعة محددة من سكان مدينة ما، أو تتعامل مع موضوعات واسعة تشمل الإقليم أو القطر أو العالم. 
تعريف المدينة:
قدم جمال حمدان في كتابه جغرافية المدن خمسة أسس يعتمد عليها من أجل تعريف المدينة ، وكذلك أحمد علي إسماعيل ، كما أورد عبد الرزاق عباس في كتابه مجموعة من المفاهيم التي يمكن الاعتماد عليها في تحديد مفهوم المدينة.
ويمكن تلخيص الأسس التي يعتمد عليها في تحديد مفهوم المدينة بما يلي:
1-  الأساس الإحصائي: ويعتمد على حجم السكان في المدينة وعلى كثافتها ، ويختلف حجم السكان في المدينة من قطر لآخر ( الولايات المتحدة عام 1900 ب 8000 نسمة ، أصبح بعد عام 1910 2500 نسمة). ويعاني هذا الأساس من ضعف آخر عند وجود نوويات داخل المدينة ، الإضافة لمبدأ المتغير المتصل من ناحية إحصائية، ويمكن اعتماد الكثافة السكانية أساسا آخر لتحديد مفهوم المدينة حيث تتميز المدن بكثافات سكانية أعلى من الريف، وهذا الأساس لا يخلو من نقاط ضعف أيضا لأنه توجد أكثر من نوع للكثافة السكانية في المدن ومنها ( الكثافة الخام والكثافة الصافية ). ويساعد هذا التعريف في تسهيل دراسات المقارنة ، حيث يتم توحيد الأساس بين الدول جميعا، وقد تم تقسيم المدن حسب هذا التعريف إلى :
                                                      أ‌-         مدينة صغيرة ، يبلغ حجم السكان فيها 20000 أو أكثر.
                                                   ب‌-       مدينة city ، يبلغ حجم السكان فيها 100000 أو أكثر.
                                                   ت‌-       مدينة كبيرة، يزيد حجم السكان فيها على نصف مليون نسمة.
                                                   ث‌-       مدينة مليونية ، يبلغ حجم السكان فيها مليونا أو أكثر.
                                                    ج‌-       مدينة كبرى  super city ، يبلغ حجم السكان خمسة ملايين أو أكثر. 
وبالتالي فالقرية أو المركز العمراني الريفي، هو الذي يقل حجم السكان فيه عن 20000.
2-  الأساس الإداري: تحدد المدينة بقضاء إداري ( قضائي ) يمنحها حقوقا ويفرض عليها واجبات تميزها عن الريف، ويستعمل هذا الأساس في بريطانيا والنرويج واليابان.
3-  الأساس التاريخي: تعرف المدن بأنها تتميز بتاريخ قديم ، مهما كان حجم السكان وكثافتهم ووظائفهم، إلا أن هذا لتعريف شكلي وغير موضوعي، فتبقى المدن التاريخية تحتفظ بآثارها وقلاعها وحقوقها.
4-  الأساس الشكلي أو اللاندسكيبي: تشكل المدينة حقيقة مرئية في اللاندسكيب يمكن أن نحددها بإحساساتنا الخارجية ( جمال حمدان ، 1977، ص9)، ويمكن التعرف على المدينة بمظاهرها وطبيعة طرقها ومصانعها أو مداخنها، ويعكس مظهر المدينة حجم السكان وكثافتهم، وكذلك الأساس الإداري والإحصائي، ويعتبر هذا الأساس نتيجة وليس سببا.
5-  الأساس الوظيفي ( الاقتصادي ): يتعلق بالوظائف التي يقوم بها سكان المدن، إلا أن هذا الأساس يتميز في صعوبة في تحديد الوظائف التي يقوم بها سكان المدينة. 
ويعتبر تعريف المدينة تعريفا محليا ، تعتمد كل دولة تعريفا خاصا بها، وقد يعتمد هذا التعريف أساسا واحدا أو أكثر من الأسس التي سبق ذكرها ، ويمكن وصف المدينة بشكل عام بأنها تركز لسكان يتميزون بطريقة للحياة واضحة من خلال أنماط الحياة والعمل، وتتميز المدينة باستعمالات أرض متخصصة بدرجة عالية، وتنوع كبير لمؤسسات اجتماعية واقتصادية وسياسية، وتستخدم الإمكانات والموارد في المدينة ، بحيث تبدو وكأنها آلات أو مكائن في غاية التعقيد.
وعلى الرغم من أن عملية التمييز بين الأقاليم الريفية والحضرية تعتبر بسيطة نسبيا، إلا أن عملية تحديد نقطة القطع بين المراكز الريفية والحضرية ليست سهلة، فيمكن اعتبار أن مراكز الاستقرار البشري تشكل خطا متصلا ريفيا حضريا rural urban continum بحيث تحتل أحد طرفي هذا المتصل المراكز الريفية وتقع على الطرف الثاني المدن، فكلما اتجهنا نحو المدن يزداد حجم السكان فيها وعدد الوظائف ، وتقع في المنتصف منطقة انتقالية من المراكز العمرانية تتميز بخصائص مشتركة ريفية حضرية.
وقد ظهر مفهوم مثير للاهتمام في جغرافية المدن،يتعلق بتعريف المدينة وبخاصة بحدودها الإدارية، بحيث تقع جميع مساحة المدينة داخل حدودها الإدارية والقانونية، وعرف هذا المفهوم ب true bounded ، أي تتفق الحدود الإدارية للمدينة مع حدود المنطقة الحضرية، وهناك حالة أخرى تشكل المنطقة الحضرية جزءا من حدود المدينة الإدارية، over-bounded city ، كما توجد حالة ثالثة تمتد فيها المنطقة الحضرية خارج حدود المدينة الإدارية، under-bounded city، وفي هذه الحالات الثلاث ، بشكل عام تكون حدود المدينة الإدارية ثابتة نسبيا في حين تكون المنطقة الحضرية متغيرة مكانيا، الشكل 4  يبين هذه الحالات.
 

ويعتبر البعض أن المدينة تشكل وحدة سياسية ، تشير إلى مكان يسيطر عليه نوع من لإدارة والتنظيم، وصنف آخرون المدينة إلى ثلاثة أنواع:
أ‌-   مدينة حقيقية  formal city : وتحدد من خلال مبانيها ومنشـآتها وتنتهي حدودها بانتهاء المباني والطرق والمنشآت.
ب‌- مدينة وظيفية  functional city : وتحدد هذه المدينة من خلال علاقتها مع ظهيرها أو إقليمها التابع لها.
ج- المدينة القانونية legal city : تتفق حدودها مع حدود المدينة الحقيقية، وبشكل أدق من حدود المدينة الوظيفية ويكون لها حدود معروفة ورسمية، وعادة تستخدم هذه المدينة وحدة للتحليل والدراسة، لأن البيانات تتوافر عنها.

ويعتمد تعريف المدينة على نوع الدراسة وطبيعتها، ويجب أن لا يغيب عن البال أن المدن منفصلة عن مجتمعاتها، فهي انعكاس لتنظيم المجتمع نفسه، وينظر الجغرافيون إلى المدن على أنها تشكل جزءا من نظام كلي .
يبدو مما تقدم أن تعريف المدن هو تعريف محلي اعتباري، يعتمد أسسا محلية تختلف من قطر لآخر، لذلك جاء تعريف الأمم المتحدة عام 1952 الذي يعتبر الحد الأدنى لحجم المدينة الصغيرة هو 20000 نسمة من أجل توحيد التعريف وحل المشكلة، ومنه يمكن تعريف القرية بأنه التجمع الذي يقل فيه مجموع السكان عن 20000 نسمة، مما يسهل دراسات المقارنة بين النظم الحضرية.
يعتمد تعريف المدينة أساسا على حدودها ، وهناك صعوبة في تصنيف المناطق الحضرية خارج المدن والتي يصنفها البعض بالضواحي الداخلية والخارجية، حيث يعيش جزء من السكان خارج المنطقة المبنية أو المطورة، وتحدد المدينة وضعها وحجم السكان فيها. 
لماذا ندرس المدينة:
تهتم جغرافية المدن بفهم المدينة من خلال دراسة الأنشطة الموجودة داخلها، وتفسير التنظيمات التي تنتظم حسبها الأنشطة البشرية لذلك تهتم بدراسة أنماط استعمالات الأرض والتغيرات التي تطرأ عليها ، وتهتم أيضا بدراسة الأحياء الاجتماعية المختلفة في المدن وكيفية انتظامها واختلافها من مدينة إلى أخرى، ومن فترة زمنية لأخرى، وبدراسة حركات السكان وانتقالهم داخل المدينة من أجل العمل والتسوق.
وتحتل المدينة مكانة مهمة لدى الباحثين والدارسين من عدة ميادين مثل : الهندسة والتخطيط وعلوم الاجتماع والاقتصاد والتاريخ والإدارة والصحة والجغرافية. فالجغرافي يركز على المكان والموقع الجغرافي، وعلى الاختلافات المكانية ودراسة العملية المكانية وتفسير التنظيمات والتوزيعات المكانية للأنشطة البشرية المختلفة داخل المدينة من خلال إطار بيئي، والترتيب و التنظيم الذي تنتظم بموجبه الأنشطة في المدينة، وتحظى المدن بالاهتمام للأسباب التالية:
1-  لقد أصبحت المدينة في وقتنا الحاضر ظاهرة جغرافية كبرى على سطح الأرض، حيث يسكن المدن التي يزيد عدد سكانها على 20000 حوالي 52% من مجموع السكان في العالم حاليا وهذا يدل على توجه الناس للاستقرار في المدن، مجموع سكان العالم في الوقت الحاضر أكثر من ستة بلايين نسمة، أكثر من ثلاثة آلاف مليون هم سكان المدن، مما يدعو للاهتمام بهذا العدد ودراسة المشكلات التي تواجههم ومحاولة اقتراح حلول لها .
2-  أن المدن تقدم للسكان مستوى جيدا من الحياة وتوفر لهم إمكانات لا يوفرها الريف إلا أنها تعاني من الكثير من المشكلات التي تتطلب  دراسة واقتراح حلول مناسبة لها : ( تدهور مستوى الحياة في المدن، ارتفاع معدلات البطالة وتدهور في البيئة والكثير من المشكلات الاجتماعية) .
3-  تمثل المدن مراكز قوة اقتصادية وسياسية واجتماعية في المجتمع، وتستثمر فيها مبالغ ضخمة من المال ، لتوفير البنية التحتية والإسكان. 
لذلك كله كانت الحاجة ماسة إلى توفير معلومات أكثر عن سكان المدن وعن مناطق سكنهم و أنماط أنشطتهم وما يحتاجون إليه، لأن المدن بشكل عام تشهد معدلات نمو كبيرة، في الوقت الحاضر ، وتستثمر فيها مبالغ ضخمة من رأس المال أصبحت المدن الكبرى هي الأماكن المناسبة التي ينتج فيها كم هائل من المعلومات ، بالتالي المدن الكبرى والمعلومات مفهومين يكمل لأحدهما الآخر. 
بعض المفاهيم والمصطلحات المهمة:
من المفيد تقديم مجموعة من المفاهيم الجغرافية لأنها تفسر السلوك البشري والتوزيعات المكانية للأنشطة المختلفة، ومن هذه المفاهيم: 
المســـافة:
تعتبر المسافة مهمة وأساسية لفهم أي تنظيم مكاني في الحيز الجغرافي ، حتى اعتبرت الجغرافية علم المسافة ‘ geography is a discipline in dictance‘‘ ‘‘ watson ,1955‘‘ فالمسافة سواء أكانت مطلقة أو نسبية ، تقتضي أنواعا من التيارات والحركة والاتصال بين المواقع والأنشطة المختلفة التي تعرف بالتفاعل المكاني، ساهم التقدم التقني في وسائل المواصلات في تقليل أو اختصار المسافة ، إلا أن أثرها لم يختفي تماما فيبقى أثرها واضحا وضاغطا على حركة السكان والبضائع والمعلومات.
وتكمن أهمية المسافة في الكلفة التي تتطلبها للتغلب عليها، وتؤثر في ترتيب التوزيعات المكانية للأنشطة البشرية المختلفة. 
الموقع:
يشمل الموقع الجغرافي نوعين هما : الموقع الفلكي والموقع النسبي، ويحدد الموقع الفلكي بشبكة خطوط الطول ودرجات العرض، ويقدم إجابة للسؤال أين تقع الأشياء؟، والموقع النسبي الذي يبين مواقع الظاهرات بالنسبة لظاهرات أخرى، وهنا ظهرت أهمية النسبية للمواقع ، فتمتعت بعض المواقع بما يسمى سهولة الوصول the accessibility، في حين تميزت مواقع بدرجة اقل من سهولة الوصول، بقيت منعزلة، لذا فإن سهولة الوصول لأي موقع تعتمد على مكان هذا الموقع في شبكة المواصلات والاتصالات، ويشكل مفهوم سهولة الوصول أساسا لفهم الأنماط المكانية الموقعية، وتعتبر جزءا مهما من نظريات التنظيم المكاني للحيز، مثل نظريات استعمالات الأرض. 
مفاهيم تنظيمية:
ترتبط المواقع المختلفة بعضها بغضا بواسطة أشكال عدة من أشكال التفاعل والاتصال مكونة ما يعرف بالنظم ، ويمثل النظام المكاني واحدا منها يتكون من مجموعة من المواقع ترتبط وما فيها من أنشطة وأنماط مع بعضها بعضا ، بحيث تشكل مجموعة المدن في القطر أو الإقليم نظاما حضريا معينا، كما تشكل المدينة الواحدة نظاما تتكون عناصره ومكوناته من المناطق الفرعية داخل المدينة.
ظهرت مفاهيم في اقتصاديات المدن مثل : الأثر المضاعف والتغذية الراجعة وزيادة الإنتاج، أثرت على تفسير عملية نمو المدن وعلى تفسير مواقع الأنشطة المختلفة.
وهناك مفهوم آخر مهم في التنظيم المكاني للحيز هو ما عرف بالبنية الهرمية أو السلمية للمدن URBAN hierarchy، وهي تدل على انتظام المدن في قطر ما على شكل هرم عرف بالهرم الحضري ، الذي هو انعكاس لكيفية تنظيم المجتمع لنفسه، ويمكن إضافة مفهوم آخر وهو الإقليم الوظيفي فتشكل المدن نقاطا مركزية لأقاليمها ، كما تسيطر المدن على أقاليمها أو مناطق نفوذها. ( الأقاليم الإدارية و الولايات والمقاطعات والمناطق التعليمية). 
مفاهيم سلوكية:
تعتبر دراسة السلوك البشري ظاهرة حديثة في جغرافية المدن ، وحسب الاتجاه السلوكي ، فإنه يتم التركيز على سلوك الأفراد وعلى عملية اتخاذ القرار، وليس على الظاهرة أو النشاط البشري في حد ذاته. ونتيجة لذلك دخلت الجغرافية مفاهيم وأساليب جديدة ومثيرة من علم النفس والسياسة.     

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا