دارسة تؤكد صلاحية وادي فاطمة كخزان استراتيجي للمياه لمنطقة مكة المكرمة
أكدت دارسة لهيئة المساحة الجيولوجية السعودية على صلاحية وادي فاطمة كخزان استراتيجي للمياه لمنطقة مكة المكرمة.
وقد قامت الهيئة بأجراء دراسة بهدف البحث عن تكوين جيولوجي ذو ظروف تركيبية مناسبة لاحتواء كميات من المياه الصالحة للشرب تستخدم في أوقات الطوارئ لتغذية مكة المكرمة وجدة لمدة ثلاثة شهور في ظل عدم وجود أي مصدر للمياه من خلال دراسة المصادر المائية المتواجدة في المنطقة وهي عبارة عن أودية نعمان وفاطمة وخليص وعسفان وملكان لبحث مدى إمكانية مساهمة كل منها في توفير الكمية المطلوبة من المياه. وتركز البحث على وادي فاطمة لتحديد إمكانية مساهمته في مشروع الخزن الاستراتيجي.
وجرى تحديد 70 لتراً من المياه للفرد باليوم الواحد كأساس للدراسة بحيث ينبغي توفير مياه تغطي احتياج 1.5 مليون نسمة في مكة و2.5 مليون نسمة في جدة أي توفير ما يعادل 280 إلف متر مكعب من المياه يوميا. وقد توصل فريق بحثي مكون من صالح السفري وصالح الغامدي ووهيب الآشي ووائل البردى من قسم جيولوجيا المياه بالهيئة إلي اعتبار وادي فاطمة مصدراً استراتيجياً لمكة المكرمة، مشترطين تنفيذ برنامج لمتابعة الوضع المائي من خلال حفر آبار مراقبة لمنسوب المياه الجوفية باستمرار على طول الوادي خصوصا المنطقة الأولى التي تشمل وادي السيل الكبير ووادي الشامية ووادي اليمانية ووادي بني عمير ووادي حوراة، وتقع جميعها في أعلى سد وادي فاطمة بالإضافة إلي وادي علاف الذي يقع أسفل السد.
وأوصت الدارسة التي أعدها الباحثون على ضرورة أجراء بعض التحاليل الكيمائية من فترة إلي أخرى.
وشدد الباحثون بضرورة تنفيذ خطة لضخ وتشغيل الوادي مع إلزام كافة الجهات المستعملة للوادي بها للحد من الاستنزاف الجائر للمياه الجوفية والحد من كميات المياه التي تنقل بالصهاريج إلى خارج الوادي خاصة من المنطقة الأولى التي تتميز بوفرة المياه وجودة نوعيتها.
ودعا الباحثون الجهات المسؤولة إلى منح الفرصة للمستثمرين القادرين على استغلال المياه المتواجدة في المنطقة الثانية التي تشمل أسفل وادي فاطمة باتجاه البحر الأحمر وتتميز هذه المنطقة بقلة المياه ورداءة نوعيتها لتوفير حجم الطلب على المياه بواسطة الصهاريج وذلك عبر السماح لهم بتركيب وحدات أعذاب تتناسب وجودة المياه المطلوبة. وطالب الباحثون الجهات المسئولة عن الوادي بتركيب عدادات لقياس كمية المياه المستخرجة من البئر لأغراض الزراعة مع مراعاة اعتماد أنظمة ري حديثة تؤدي إلي الاقتصاد في كميات المياه وعدم السماح بالحفر العشوائي للآبار ومعالجة التجاوزات الحاصلة حاليا وكذلك عدم السماح بإنشاء أي مشاريع قد تلوث المياه الجوفية خصوصا في مناطق التغذية للوادي وإلزام جميع أصحاب المشاريع المقامة حاليا باتخاذ الإجراءات الكفيلة بالحفاظ على نوعية المياه.
وتوصل الباحثون من خلال الجولات الميدانية والدراسات الحقلية التي أجريت على الوادي خصوصا المنطقة الأولى التي تركزت معظم الدراسات إلى وجود كميات وفيرة ونوعيات جيده من المياه مقدرين حجم المحزون المائي الجوفي في المنطقة الأولى بما يقارب 42 مليون متر مكعب.
وأوضحت الدارسة أهمية وادي فاطمة كمصدر استراتيجي للمياه في المنطقة فبالنظر إلى عدد سكان جده ومكة نجد أنهم 4 مليون نسمة ومن خلال مبدأ اعتماد إدارة الأزمة فقد تم تحديد حصة الفرد من المياه بـ 70 لتر في اليوم خلال الطوارئ أو توقف التحلية عن إمداد المدن الرئيسية بالمياه وبحساب كمية المياه المستخرجة حاليا عن طريق الزارعة والصهاريج نجد أن الكمية قد تكفي 1.400.000 مليون نسمة يوميا وهو ما يعادل 35% من احتياج المنطقة وهذه الكمية يمكن مضاعفتها في حالة إيقاف الاستنزاف الشديد للمياه من اجل البيع والقيام بتحديد كميات المياه المستخرجة من الآبار المستخدمة للزراعة حيث سيرتفع منسوب المياه الجوفية تدريجيا مم يعطي فرصة اكبر لزيادة حجم السمك المشبع في الوادي وبالتالي زيادة الإنتاجية حين الحاجة إليها.
واعتبرت الدراسة التي شملت حصر 450بئر وجمع 150 عينة مياه أجريت عليها التحاليل الكيماوية أن استهلاك المياه من اجل البيع والزارعة هما المستهلكان للمياه الجوفية من وادي فاطمة حيث أصبح منظر صهاريج المياه هو السمة المميزة للوادي في ظل الأعداد من هذه الصهاريج التي تنقل المياه إلي خارج الوادي أما إلي جدة أو إلي مكة وذلك لسد العجز الناتج عن التحلية بالإضافة إلي استخدام هذه المياه للاغراض الصناعية حيث يذهب معظم هذه المياه وبالذات في جدة حيث تعتمد المصانع كليا على هذا المصدر. ولتحديد كمية المستخرجة من وادي فاطمة فقد تم قياس التدفق لكل بئر وحصر ساعات العمل لكل منها بالإضافة لتحديد كميات المياه التي تنقل بواسطة صهاريج المياه إلى خارج الوادي ومن خلال هذه العملية تم تحديد كمية المياه المستخرجة من الوادي يوميا ب 140 ألف متر مكعب، يتم استهلاك ما يعادل 53 ألف متر مكعب يوميا للأغراض الزراعية بينما يتم نقل 67ألف متر مكعب يوميا إلي خارج الوادي عن طريق بيع المياه بأسعار زهيدة جدا لا تتناسب وقيمة المصدر الحيوي بالإضافة إلى حقول آبار المياه التابعة لمصلحة المياه والصرف الصحي ومشاريع مياه منطقة مكة المكرمة والتي تضخ حوالي 26 ألف متر مكعب يوميا. وتتركز مناطق السحب في المنطقة الأولي من الوادي وبالتحديد في وادي عمير حيث تتداخل مخاريط الانخفاض في المنطقة منذرة باستنزاف هذا المصدر الهام والاستراتيجي خاصة وأن هذه المنطقة تقع أعلى منطقة سد الوادي التي تتركز فيها حقول آبار المياه التي تغذي مكة المكرمة وجدة.
يذكر أن وادي فاطمة يقع ضمن الحدود الإدارية لمنطقة مكة المكرمة حيث توجد مناطق التغذية للوادي بالقرب من محافظة الطائف مرورا بجوار مدينة مكة المكرمة مخترقا عددا من المحافظات والمراكز مثل الجموم وصولا إلي محافظة جدة على ساحل البحر الأحمر ويمتد الوادي بطول 250 كم من مرتفعات الطائف إلي ساحل البحر الأحمر وتبلغ مساحة الحوض المائي للوادي 4050 كم مربع ويوجد في الوادي سد سطحي يقع في منتصفه بسعة 20 ألف متر مكعب بالإضافة إلي سد صغير يدعى سد وادي قرون.
ويتكون من عدد من الأفرع الرئيسية مثل وادي السيل الكبير بالإضافة إلى واديي الشامية واليمانية اللذان يلتقيان ليكونا وادي بني عمير الذي يلتقي بدوره بوادي حوارة ليكونا المجرى الرئيسي لوادي فاطمة.
ويحتوي الوادي على عدد من العيون مثل عين الزيمة وعين سولة ضمن وادي اليمانية وعين المضيق في وادي الشامية وتتأثر إنتاجية العيون بتغير كمية الأمطار والسيول التي تهطل على المنطقة ويتم تجميع هذه العيون عن طريق مصلحة المياه في خزانات ثم تضخ إلي مكة المكرمة لاستخدامها مع مياه التحلية لإمداد مكة المكرمة بالمياه وتوجد بعض الجداول التي تحتوي على المياه مثل وادي الشامية وأعلى وادي حوارة حيث تسل على السطح مكونة بعض الجداول وهي تتأثر أيضا بمواسم الأمطار والسيول. ويوجد في الوادي حقلين لإمداد مكة وجدة ببعض المياه الجوفية كما تدير إدارة مشاريع المياه بالمنطقة حقل آبار آخر يقع خلف سد وادي فاطمة مباشرة كان يستخدم لإمداد جدة بالمياه الجوفية، أما الآن فهو يقتصر فقط على مد وادي محافظة الجموم بالمياه الصالحة للشرب.
| جريدة الشرق الأوسط - الدمام: «الشرق الأوسط» السبـت 14 شعبـان 1426 هـ 17 سبتمبر 2005 العدد 9790 . |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق