تحليل أنماط التّوزّيع المكاني للمدن الأردنية
باستخدام تقنية نظم المعلومات الجغرافية
كايد أبوصبحة - دراسات، العلوم الإنسانية والاجتماعية - المجلد 41 - العدد 4 (ص 529 - 554 ) - 2014 :
الملخص
تتناول هذه الدراسة بالبحث والتحليل المدن الاردنية من حيث التوزّيع المكانيّ؛ وتحليل مواقعها الجغرافية وانتشارها؛ والأنماط الّتي تتخذها توزّعات المُدن في الأردن، والتعرف على العوامل والقوى الّتي أثرت في ظهور هذه الأنماط وتطوّرها والتّغيرات الّتي حدثت عليها، وذلك حسب نتائج آخر تعداد عام 2004.
وقد اعتمدت الدراسة المنهج الإستقرائي، مُعتمدة على الاسلوب الكمي والكارتوجرافي، مستخدمة عدة أساليب إحصائية كمية وتطبيقية وتقنية؛ للتعرف على انماط توزع المدن الاردنية مثل اساليب النزعة المركزية، ومقاييس التشتت، ومعامل جيني، واستخدمت الدراسة تقنية نظم المعلومات الجغرافية؛ لبناء نواة لقاعدة بيانات مكانية للمدن الاردنية، مستخدمة بيانات مكانية ووصفية موثقة من مصادر مختلفة.
وتمخّضت الدّراسة عن عدد من النتائج والتوصيات، تمثلت في أن المدن الأردنية لا تتوزع بشكل عشوائي بل بشكل مُركّز في مناطق محددة، ووجد الباحثان ان المدن تتاثر حجومها وتوزعها وتباعدها، بالعوامل البيئية مثل مظاهر السطح والتربة ودرجات الحرارة والأمطار وتوزع الموارد.
الكلمات المفتاحية
التحضر،أنماط التوزيع المكاني للمدن، نظم المعلومات الجغرافية
Abstract:
The phenomenon of urbanization in Jordan affected the structure of urban system of Jordan significantly, especially spatial distribution of cities.
The study tried to answer questions related to the Jordanian city distribution; nature of size distribution; spatial distribution of cities and kind of factors affecting it.
The study adapted the inductive analytical based on technique and quantitative methods.
The study used several statistical methods and quantitative application and technology to identify the characteristics of the Jordanian urban system, such as methods of central tendency; measures of dispersion; Gini coefficient.
The study used Geographic Information Systems (GIS); to build nucleus of a spatial database for the urban system in Jordan, using spatial and descriptive data from various documented sources. The program Arc Info was used to analyze the spatial and metadata.
The study used point analysis for phenomena such as: center, median, standard distance and standard directional ellipse distance, beside neighborhood index, chi Square and Robinson equation.
The most important findings of the study and recommendations were that: Jordanian cities are not randomly distributed but rather have concentrated form in specific areas.
The study also show that there is a discrepancy between cities of Jordan in terms of growth rates and patterns of their locations and functions.
Also the study specify factors influencing city distribution in Jordan, such as environmental factors: aspects of the surface, soil, temperature, rainfall and distribution of resources.
المقدمة :
تتناول هذه الدراسة بالبحث والتحليل النّظام الحضري في الأردن من حيث التوزّع المكانيّ للمدن؛ وتحليل مواقعها الجغرافية وانتشارها؛ والأنماط الّتي تتخذها توزّعات المُدن في الأردن، وتحليل العوامل والقوى الّتي أثرت في ظهور هذه الأنماط وتطوّرها والتّغي ا رت الّتي حدثت عليها.
مشكلة الدراسة وأسئلتها :
أدى ارتفاع نسبة التحضر في الاردن خلال فترة زمنية قصيرة نسبياً من 10 % في عام 1900 الى 82 % عام 2004 الى حدوث مشكلات في النظام الحضري الأردني، حيث لم يواكب هذه القفزات الكبيرة في نسب التحضر، دارسة وتحليل وتخطيط مستقبلي للنظام الحضري من حيث أحجام المدن ومواقعها ورتبها، مما أدى الى حدوث تركّز حضري في إقليم الوسط و إلى وجود سيطرة للمدينة الأولى، وإذا استمرت الوتيرة المتسارعة لزيادة نسب التحضر في الأردن، فإن النظام الحضري الأردني سيعاني من مشكلات يصعُب حلها، إن دارسة النظام الحضري الأردني وتحليله وفهمه تشكل اللبنة الأولى للتخطيط لنظام حضري متوازن وفعّال وقادر على الاستمرار في بيئة حضرية ممكنة (الأمم المتحدة، 2007) .
وتحاول الدراسة الإجابة عن الاسئلة التالية:
1- ما نمط توزّع المُدن الأردنية على مستوى الدّولة ككل؟
2- هل يختلف نمط توزّع المُدن الأردنية على مستوى أقاليم الدّولة؟
3- ما طبيعة العوامل الّتي أثّرت في التّ وزّعات المكانيّة للمُدن الأردنية؟
أهمية الدّراسة ومبرارتها :
أ- إنّ دراسة التوزع المكاني للمدن من المواضيع الحيوية الّتي نالت إهتمام كثير من الباحثين، خاصّة في مجالات التّخطيط الحضري والإقليمي وجغرافية الحضر لِما لها من أهميّة تطبيقيّة في مُعالجة كثيرٍ من المشكلاتِ الإقتصادية والإجتماعيّة والإدارية والتنظيمية.
ب - لم يحظَ النّظام الحضري في الأردن من حيث توزع المدن بدراسةٍ متعمقةٍ بإستخدام نُظم المعلومات الجّغرافية رُغم أهميّة دارسة هذا الموضوع في التّخطيط للتنمية الحضريّة في الأردن.
أهداف الدراسة :
1. الكشف عن أنماط توزّع المُدن الأردنية من حيثُ الموقع ونمط الإنتشار.
2. تحديد العوامل المؤثرة في توزع المدن الاردنية.
3. إقتراح توصيات مناسبة، فيما يتعلق بخصائصِ ومُشكلات التوزع المكاني للمدن الاردنية تكونُ عوناً لمخططي التنمية الحضريّة لوضع خِطط مبنية على أسس علميّة وواقعيّة وشموليّة.
الدراسات السابقة :
شكّلت أدبيات التّحضر ودارسة أحجام المُدن وتوزعها حيزاً كبيراً في الدّراسات والبحوث المتخصصة في مختلف أرجاء العالم (Overman and Henry, ( 2010 ، حيثُ تتبع كل من أتلنجر وآركر (Ettlinger and Archer 1987) التّغيرات في نمط التوزّع الجّغرافي للمدن الأكبر حجماً على مستوى العالم خلال القرن العشرين، والّتي تبيّن من خلال دارستهم أنّه يغلب عليها نمط التّشتت.
وقدِ اهتمت دراسة ستيدلر (2005) Stedler بتحديد أماكن ظهور المُدن ونموها بالإعتماد على بيانات مختلفة من قارّة أوروبّا، واستخدم الباحث النمذجة للتنبؤ بكيفية ظهور التكتلات الحضريّة Agglomeration في أوروبا، وقارنها بما حدث بالولايات المتحدة الأمريكية، كما كانت الكثافة الحضريّة في كل من كندا والولايات المتحدة الأمريكيّة موضوعاً لدراسةٍ أخرى وناقش (1991 ) Hall P تأثير العولمة والاقتصاد الرأسمالي على النظم الحضريّة في ثلاث مناطق، تصنف بأنها دول صناعية رأسمالية في العالم وهي: اليابان؛ أوروبا؛ الولايات المتحدة الأمريكية، واستنتج أن هناك اختلافاً بين هذه النظم سببه الرئيسي اختلاف المكان والتطور التاريخي لهذه النظم؛ إذ أن النظم الحضريّة في اوروبا واليابان كثيفة جدا مقارنة بالنظام الحضري الامريكي الذي يمتد على مساحة واسعة؛ ويمكن أخذ الساحل الشرقي للولايات المتحدة مثالاً واضحاً على كتلة حضرية ضخمة لكنها ليست كثيفة Loose Urban Area فضلاً عن تأثر هذه النظم بمدى التدخل الحكومي ومدى تطبيق اللامركزية؛ حيث تميل النظم الحضريّة في فرنسا واليابان إلى تدخل حكومي ومركزية أكبر من تلك في النظام الحضري الأمريكي وأن العولمة وانتشار الاقتصاد المعرفي له تأثير على هذه النظم من حيث أنها أوجدت شبكة متفاعلة من المدن على مستوى العالم لها ارتباطات ببعضها البعض، أكثر من ارتباطها في المدن في نفس الدولة مثل مدن: لندن ونيويورك وطوكيو والتي تعتبر مدن عالمية.
أمّا على مستوى العالم العربي، فقد درس بيومنت وآخرون (Beaumont et. al., 1988) المُدن في الشرق الأوسط، ما قبل ، الإسلام وحتى العصر الحاضر، وخصص جزءاً من كتابه لدراسة ظاهرة التّحضر خلال القرنين التاسع عشر والعشرين،من خلال التعرف على مستويات التّحضر ومعدلات النّموّ العمراني وأشكال التركّز العمراني وزيادة أعداد المُدن ونموها وتوزّعها الجّغ ا رفي وأشكال العلاقات فيما بيّنها.
وعلى الرُغم من تعدد الدّراسات الّتي تناولت المُدن الأردنّيّة خلال النصف الثاني من القرن العشرين، إلا أنّ مُعظم ما كُتب كان يتركّز على دراساتٍ إقليميّةٍ لمُدن بعينِها، مُتناولين التّركيب الدّاخلي لهذه المُدن، وهناك دراسات قليلة تناولت التّنمية الحضريّة والتّخطيط في الأردنّ ومنها؛ دراسة نصير ( 1996) وركز على موضوع العوامل البيئية وضرورة إيجاد توازن حضري -حضري وريفي– حضري وضرورة الحفاظ على الموارد الطبيعية وخاصة المياه.
فيما سعى فهد الحياري ( 1991 ) لمناقشة النمو الحضري في الأردنّ وأسبابه وانعكاساته الاجتماعية والاقتصادية وأوصت الدّراسة بضرورة مناقشة مشكلة النمو الحضري بوضع استراتيجية متكاملة وشاملة، وسياسة متعددة الأبعاد من أجل تخفيض النمو السكاني في المراكز الحضريّة وتخفيف حدة التركز والهيمنة الحضريّة، وحاول عادل بصبوص في د راسته عن اتجاهات التحضر في الأردنّ (بصبوص، 1998 ) استنادا إلى تعداد عام 1994 أن يركز الضوء على التباين الكبير بين التجمعات السكانية الحضريّة وأوصت الدّ ا رسة الإبقاء على
المعيار الإحصائي الرقمي المعتمد لدى دائرة الإحصاءات العامة الأردنّية في تعريف الحضر وهو: "أن كل تجمع حضريهو 5000 الاف نسمة فأكثر".
فيما قام الباحث الخوالدة ( 2001 ) في دراسته عن إقليم الوسط في الأردنّ بتركيز الضوء على هذا الإقليم، وتبيان الخصائص المكانية والزمانية لسكان الإقليم من حيث التوزيع والنمو والتركيب والح ا رك المكاني بين السكان في الإقليم والنشاط الاقتصادي وحالة البطالة بين سكانه، وتوصلت الدّ ا رسة إلى أن إقليم الوسط هو الإقليم المهيمن في الأردنّ بحجوم سكانه وأنشطته الاقتصادية والإدارية.
وقام Potter " وآخرون ( 2009 ) بعمل دراسة عن مدينة عمان بصفتها المدينة الدائمة النمو ،"Ever growing Amman ووصفوها بالمدينة المسيطرة ذات المركزية العالية بالخدمات الاجتماعية والصناعية التي أدّت إلى بروز مشكلات خطيرة تهدد وجودها؛ متعلقة بالأمن المائي وبالاختناقات المرورية وتؤشر الدّراسة إلى بروز مدينة عمان في بداية القرن الواحد والعشرين مركزاً جيوسياسياً مهماً عالمياً وٕاقليميا ضمن محيطها الحضري الممتد في وسط الأردنّ .
ومن الدّراسات القليلة في موضوع التّحضر على مستوى
الأردنّ وعلاقته بالتّنمية والسّياسات الأقليميّة. دراسة للدويكات (
2001 ) عن التّحضر واستراتيجيّات التّنمية الإقليميّة في
الأردن، بيّن دويكات فيها أنّ الأردن يُعاني من مُشكلة ازدياد
عدد سكان المُدن وتفريغ الرّيف، وقد توصّلت الدّراسة إلى أنّ
عدم نجاح الاستراتيجيات الحكوميّة في التّنمية الإقليميّة يعود
إلى التّركيز على تحقيق نمو اقتصادي وطني، دون التّركيز
على الاستثمار في المراكز المؤهلة لذلك، واقترحت الدّراسة
ضرورة تركيز الاستثمار في المراكز الحضريّة المتوسطةِ الحجم
لتأهيلها، وجعلها مراكز استقطاب لقوى العمل والاستثمار.
وحلل الزعبي ( 2009 )
بدراسة عن المدن الصغيرة في محافظة اربد، التوزع المكاني لهذه المدن باستخدام مربع كاي، وحدد العوامل الطبيعية والبشرية التي كان لها الأثر في تحديد حجم وتوزع المدن الصغيرة في هذا الإقليم وخلصت الدراسة إلى ضرورة تنمية هذه المدن .
وقد أكّد باحثون آخرون على أهميّة استخدام نظم
المعلومات الجغرافية في التحليل للنظم الحضريّة مثل
( 2005 , Lee and Tain, و
Nichol and Man Sing Wong,
2009 )
وناقشِ (
Day
, (
1994
الصعوبات التي تجابه من يسعون لعمل
قواعد بيانات للنظم الحضريّة وخاصة ثلاثية الأبعاد من خلال
حالة دراسية لمدينة باث.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق