موقع الجولان - نبيه عويدات
الموقع والتضاريس
الجولان هضبة بازلتية تمتد بشكل منحدر من جبل الشيخ في الشمال وحتى بحيرة طبريا ونهر اليرموك في الجنوب. يقع الجولان في الجنوب الغربي لسوريا وتبلغ مساحته 1860كم2. يقع منه تحت الاحتلال ما مساحته 1200كم2.
يحد الجولان من الشمال سلسلة جبال حرمون (جبل الشيخ) التي تفصله عن لبنان، من الغرب نهر الأردن (الذي يفصله عن سهل الحولة) وغور الأردن وبحيرة طبريا، من الجنوب غور الأردن ووادي اليرموك (الذي يفصله عن شمالي الأردن- جبال عجلون)، ومن الشرق وادي الرقاد وسهل حوران. وهو ينحدر من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب انحداراً تدريجياً، إذ يصل ارتفاعه في أقصى الشمال، عند قرية مسعدة، إلى حوالي 950م عن سطح البحر، بينما ينخفض في الجنوب على شاطئ بحيرة طبريا (سهل البطيحة) إلى قرابة 200م تحت سطح البحر، بينما يصل ارتفاع جبل الشيخ الذي يحده من الشمال إلى 2814م عن سطح البحر، وذلك في أعلى قمة له وتسمى "قصر شبيب". ويمتد الجولان بشكل طولي من الشمال إلى الجنوب، فيبلغ طوله قرابة 80كم، أما عرضه فحوالي 30كم.
خارطة تبين موقع الجولان جنوبي غربي سوريا
جغرافياً يجب الفصل بين جبل الشيخ والجولان، مع أنه سياسياً معتبر قسماً من الجولان نظراً لوقوعه تحت الاحتلال. فجبل الشيخ هو منطقة جبلية وعرة ذات صخور كلسية. أما الجولان فيتكون من سهول واسعة ذات صخور بازلتية. ويفصل بين جبل الشيخ والجولان وادي سعار الذي يمتد من جنوبي مجدل شمس في الشرق إلى بانياس في الغرب. وكما ذكر فإن الجولان يتميز بسهوله الواسعة، ولكنها مع ذلك سهول منحدرة وتبرز عليها تلال بركانية تتراوح ارتفاعاتها بين 30 و 300م عن السهل المحيط بها، وكذلك حفر بركانية مختلفة الكبر، أكبرها بحيرة مسعدة (بركة رام)، وبعض التلال أهمها "تل وردة" قرب قرية بقعاثا، الذي يبلغ ارتفاعه قرابة 1226م عن سطح البحر.
المناخ
|
جبل الشيخ تغطيه الثلوج
|
|
شاطئ بحيرة طبريا - مركز استجمام صيفاً وشتاء
|
يغلب على الجولان مناخ البحر الأبيض المتوسط، نظراً لقربه من البحر المتوسط (حوالي 50كم)، ولكن قربه من الجانب الآخر من بادية الشام يجعل طقسه متغيراً، تبعاً للبعد عن كل منهما وتبعاً لارتفاع هذا المكان عن سطح البحر. ولهذا يمكن ملاحظة الفرق بدرجات الحرارة بين موقع وآخر من الجولان. ففي الغرب الطقس حار أكثر منه في الشرق، والشيء نفسه بالنسبة للجنوب والشمال حيث يزداد الارتفاع تدريجياً عن سطح البحر. ويمكن القول أن كل 100م ارتفاع تخفض درجة الحرارة بمعدل 0.68 درجة على مقياس سلسيوس من ناحية المعدل السنوي لدرجات الحرارة. تبلغ درجات الحرارة ذروتها في شهر آب، فتصل في الجنوب إلى 37 درجة وفي الشمال إلى 25 درجة، أما أدناها فيختلف في الجنوب عنه في الشمال، حيث أدنى درجات الحرارة في الجنوب تسجل في شهر كانون أول، وتصل إلى 18 درجة في المعدل، بينما في الشمال تسجل في شهر شباط وتصل إلى ما دون الصفر.
تمتد فترة الأمطار في الجولان إلى 9 أشهر، فتبدأ اعتباراً من شهر أيلول وتمتد حتى شهر أيار، مع العلم أن 70% من الهطول يتساقط بين شهري كانون أول وشباط. وتختلف كميات الأمطار حسب ارتفاع المنطقة عن سطح البحر، فيمكن تقسيم الجولان تبعاً إلى 3 مناطق: المنطقة الجنوبية بمعدل 400-600 ملم سنوياً، المنطقة الوسطى 700-900 ملم سنوياً، والمنطقة الشمالية 1000-1300 ملم سنوياً، أما في جبل الشيخ فتصل كميات الهطول إلى 1600 ملم سنوياً.
يعتبر هواء الجولان جافاً بشكل عام، وتنخفض الرطوبة ويزداد الهواء جفافاً كلما اتجهنا باتجاه الشمال وكلما ازداد الارتفاع عن سطح البحر. ويكون الهواء في أشهر آب- كانون ثاني الأكثر رطوبة على مدار السنة، بينما في أشهر أيلول وتشرين أول وحزيران يكون الهواء الأكثر جفافاً.
جيولوجيا الجولان
الصخور الأساسية المنتشرة على سطح الجولان هي الصخور البازلتية، وهي ناتجة عن انفجارات بركانية. ويبين علم طبقات الأرض تكون الجولان على النحو التالي:
- الفترة "الكارتيكونية" (قبل 65-135 مليون عام) تكون الجولان من صخور كلسية وخاصة في منطقة جبل الشيخ. - فترة الـ "آوكن" (قبل 44-50 مليون عام) الصخور الأقدم الموجودة في جنوبي الجولان بدأت بالتشكل، وذلك في الزمن الذي غمرت فيه أرض فلسطين بالمياه، فتشكلت عندها صخور كلسية وبدأت ترتفع أرض هضبة الجولان وشرقي نهر الأردن وتنحسر المياه إلى الغرب.
- فترة الـ "الأوكن المتأخرة" (قبل 35 مليون عام) مرة ثانية تغمر المياه الجولان، ولكن هذه المرة المياه تأتي على ما يبدو من منطقة الخليج العربي. ففي طبقات الأرض التي تعود لتلك الفترة تظهر أشكال صخرية من الكلس المائل للصفار، بالإضافة إلى أصداف وبقايا كائنات بحرية أخرى.
- فترة الـ "ميوكن" (قبل 25 مليون عام) مرة أخرى ارتفعت أرض الجولان وانحسرت المياه، وأدت وديان عملاقة إلى جرف كميات كبيرة من التربة شكلت طبقتين أساسيتين من التراب: طبقة أولى تتكون من تربة صفراء مفتتة تنتشر على الغالب في جنوبي الجولان (منطقة بحيرة طبريا)، وطبقة ثانية تنتشر في معظم الجولان وتصل سماكتها إلى 250م، وتختلف تركيبتها من منطقة إلى أخرى.
- فترة الـ "بلويكان" (قبل 5 مليون عام فقط) تشكل لسان بحري امتد من منطقة حيفا ليغمر قسماً من الجولان. وتبين طبقات الأرض التي تعود إلى تلك الفترة إلى وجود صخور كلسية بيضاء وأصداف وبقايا تدل على وجود بحيرات وأنهر ذات مياح غير مالحة.
قبل 4 مليون عام حدثت الإنفجارات البركانية الأولى في الجولان، وذلك في المنطقة الجنوبية منه، ثم امتدت تدريجياً إلى الشمال والشرق. وقد كانت وتيرة هذه الانفجارات متغيرة، فأحيانا فصلت بينها أيام معدودة وأحياناً أخرى مئات آلاف السنين. وتدل الاختبارات لإشعاعية التي أجريت لكائنات دفنت تحت الححم البركانية، أن آخر انفجار بركاني حصل قبل 4000 عام، في شمالي شرقي الجولان (في القسم غير المحتل من الجولان). ويعتبر الجولان اليوم منطقة بركانية "نائمة" معرضة للإنفجار في يوم من الأيام.
يمكن تقسيم تربة الجولان وصخوره البركانية إلى نوعين:
أ. التربة والصخور البازلتية العادية التي تغطي معظم الجولان، والتي تشكلت من تسرب اللافا السائلة من الانفجارات البركانية بعد أن بردت حرارتها وتفتتت.
ب. التربة والصخور التي تشكلت من اللافا التي قذفتها البراكين بقوة في السماء، فبردت حرارتها وتساقطت على الأرض على شكل صخور متعددة الأحجام، من الرماد وحتى صخور بقطر متر واحد. من هذه الصخور تتشكل التلال البركانية المنتشرة في الجولان.
بعض الظواهر الطبيعية التي تشكلت نتيجة البراكين:
|
"الجوبة" غربي مسعدة
|
|
بحيرة مسعدة
|
|
بحيرة المسدسات
|
- الحفر البركانية الصغيرة والتي يطلق على الواحدة منها اسم الـ "جوبه" والتي يتراوح قطر الواحدة منها بين 5-40م، والتي تشكلت نتيجة الانفجارات التي رافقت البراكين، ولعل أشهرها "الجوبة الكبيرة" قرب تل الأحمر جنوبي غربي قرية مسعدة.
- بحيرة مسعدة- وهي بحيرة تقع في فوهة بركان يبلغ قطرها 600م وعمقها 9 أمتار. تقع على ارتفاع 940م عن سطح البحر في أقصى شمالي الجولان بين مجدل شمس ومسعدة.
- المغناطيسية المعكوسة- في فترة ثورة هذه البراكين كانت قطبية الأرض المغناطيسية معكوسة، أي باتجاه الجنوب، فحافظت بعض الكتل الصخرية الكبيرة على قطبيتها المعكوسة هذه، وهكذا فإن اتجاه البوصلة في محيطها القريب يشير إلى الجنوب وليس إلى الشمال.
- ظاهرة المسدسات (صخور متكسرة مسدسة الزوايا) وهي موجودة في بحيرة يطلق عليها اسم "بحيرة المسدسات". تقع بحيرة المسدسات وسط الجولان بين "قصرين" و"اليعربية" (اليهودية).
- كثرة الشلالات- نتيجة الاختلاف في قساوة طبقات اللافا المتعددة تشكلت العديد من الشلالات على طول الجولان.
الحيوان في الجولان
الجولان مكان غني بالكائنات الحية. ويمكن تقسيم هذه الحيوانات والكائنات الحية حسب مصدرها إلى 3 أقسام:
1. الحيوانات المنتشرة على شواطئ البحر المتوسط. 2. الحيوانات القادمة من الجزيرة العربية. 3. الحيوانات القادمة من المنطقة الأورو- سيبيرية.
بالإضافة إلى بعض الحيوانات القادمة من المناطق الاستوائية في إفريقيا وآسيا.
الثديات: انقرضت الثديات الكبيرة المفترسة من الجولان. ويحكى أن آخر "دب سوري" عاش في المنطقة تم اصطياده في العام 1917، ولكنه ما زالت هناك بعض الذئاب والضباع والتي حيكت حولها العديد من الخرافات الشعبية قديماً. ولكن هذه الحيوانات أيضاً بأعداد قليلة جداً يهددها خطر الانقراض.
أما أهم الحيوانات المفترسة الصغيرة المتواجدة بكثرة اليوم في الجولان فهي الثعالب، السمور، القط البري، قط المستنقعات، قط الصحراء، النسناس.
ومن الثديات البرية الموجودة بكثرة في الجولان: الغزلان (أكثر من 1000 غزال موجودة حالياً في الجولان)، الخنازير البرية، بالإضافة إلى القوارض المنتشرة بكثرة.
الطيور: أهم الطيور الموجودة في الجولان هو النسر الموجود بكثرة عند منطقتي "جملا" و"وادي اليموك". بالإضافة إلى النسر هناك الصقور، والباز، هذا بالإضافة إلى طيور أخرى منتشرة بكثرة مثل الدوري والسنونو والحجل والحمام وأنواع عديدة غيرها.
الزواحف: في الجولان أكثر من 30 نوع من الزواحف منها الأفاعي والسحليات. وأشهرها "صِل جبل الشيخ" كما يسميها السكان المحليون وهي أفعى ذات سم شديد الفعالية وخطير.
الغطاء النباتي للجولان
يزخر الجولان بأكثر من 1000 نوع من النباتات والأشجار، وذلك ناتج عن المناخ المناسب ومياه الأمطار الوفيرة. غطت الغابات والأحراش قديماً قسماً كبيراً من مساحة الجولان، ولكن استخدام الأشجار كمصدر للطاقة أدى إلى قطع معظم هذه الأحراش من قبل الإنسان. ومع هذا بقيت هناك عدة أحراش مهمة منها:
حرش مسعدة: أو "حمى مسعدة" ويقع شمالي الجولان غربي قرية مسعدة الذي سمي على اسمها، يرتفع 1000م عن سطح البحر، وتسقط عليه حوالي 1000ملم من الأمطار سنوياً. تبين الدلائل أن الحرش كان كثيفاً جداً قبل حوالي 100 عام وأكبر من مساحته الحالية. إلا أنه في الفترة التي تلت ذلك تعرض للتقطيع لاستخدام شجره للتدفئة وصنع الفحم من جهة، ولاستخدام الأرض الخصبة للأغراض الزراعية من جهة أخرى، وهذا ما أدى إلى فقدان مساحات كبيرة منه. في بداية الخمسينات منعت الحكومة السورية قطع الأشجار فيه وأقامت عليه حراسة، وتعرض المخالفون لغرامات مالية وللسجن، الأمر الذي أدى إلى إعادة نمو الأشجار في قسم لا بأس به من الحرش الأصلي. ولكننا لا نزال نرى حتى اليوم بقعاً جرداء كانت تستخدم كمفاحم على ما يبدو.
الغالبية العظمى من أشجار الحرش هي السنديان (حوالي 80% منه) بالإضافة إلى أشجار السرو والصنوبر. يبلغ ارتفاع الأشجار في الحرش حتى 7 أمتار.
حرش الجويزة: يقع قرب قرية الجويزة المدمّرة، 7كم جنوبي القنيطرة، معظم أشجاره هي السنديان.
حرش اليهودية: يسمى على اسم قرية اليهودية (اليعربية) القائمة في المنطقة، ويمتد على مساحة 20كم مربع في منطقة ترتفع 300م عن سطح البحر. كل أشجار الحرش تقريباً هي من السنديان ويصل ارتفاعها حتى 8 أمتار. تكثر الأعشاب تحت أشجاره ولذا يستخدم الحرش كمنطقة مراعي للماشية.
حرش الياقوصة: ويقع عند قرية الياقوصة المدمرة (جنوبي الجولان) ويشبه إلى حد كبير حرش اليهودية. يمتد الحرش على مساحة 4كم مربع. بالإضافة إلى أشجار السنديان تنمو فيه أشجار الخروب والبلوط والبتولا.
تعتبر فترة الإزهار في الجولان من أجمل ما قد يراه الإنسان في الطبيعة، وذلك لكثرة النباتات المتنوعة والأزهار التي تنبت به، ولطول فصل الربيع فيه، الذي يمتد غعتباراً من شهر شباط في الجنوب وحتى حزيران في جبل الشيخ. من أشهر أزهاره شقائق النعمان، وأزهار نادرة وجميلة جداً مثل السوسن.
تكثر في الجولان النباتات التي استخدمها السكان المحليون للأكل منذ القدم، وأشهرها الشومر والعكوب والخبيزه وأنواع أخرى.
|
|
|
|
|
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق