التسميات

الاثنين، 4 يوليو 2016

استراتيجية التنمية السياحية في العراق ...


استراتيجية التنمية السياحية في العراق

م.د. حمادي عباس حمادي 

 م.م. حيدرعبود كزار

كلية الآداب - جامعة القادسية

الخلاصة :

   لا يخفى على أحد إن التنمية السياحية تهدف إلى الإسهام في زيادة الدخل القومي الحقيقي وتوفير فرص العمل للعاطلين وتشغيل الأيدي العاملة فضلاً عن توفير العملة الصعبة وإعادة تأهيل البنى التحتية للمناطق كافة ومن هنا تكون التنمية السياحية وسيلة للتنمية الاقتصادية وبهذه المتابعة تعتمد التنمية الاقتصادية على القطاع السياحي بدرجات متفاوتة في زيادة الدخل القومي والدخل الحقيقي للفرد من خلال دفع المتغيرات السياحية في المجتمع للنمو بأسرع من معدل النمو الطبيعي أي إن التنمية السياحية تعد في هذه الحالة نمواً إرادياً مدفوعاً ، وهناك مؤشرات عديدة تنبئ عن هذا النمو في قطاع السياحة الدولية لعل في مقدمتها زيادة عدد السائحين وعدد الليالي السياحية والإنفاق السياحي والإيرادات السياحية وسوى ذلك من مؤشرات .

وتتمثل مشكلة البحث بالتساؤلات التالية :

1- ما المقومات السياحية التي يحظى بها العراق ؟

2- ما المعوقات والمشاكل التي تعترض سبيل التنمية السياحية في العراق ؟

3- ما أهم الاستراتيجيات والخطط التي تحقق تنمية النشاط السياحي في العراق ؟

   وقد تمثلت فرضية البحث في إن العراق يزخر بالعديد من الإمكانات والأنشطة السياحية المتنوعة التي إن استثمرت بشكل امثل فأنها يمكن إن تسهم في دفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية إلى الأمام، كما ويهدف البحث إلى وضع مجموعة من الاستراتيجيات البعيدة المدى والتي من شأنها تطوير القطاع السياحي بما يجعله قادراً على مواكبة التطور السريع في العلاقات السياحية الدولية وجعل العراق مقصداً سياحياً عالمياً.


المقدمة :

  شكلت السياحة عنصراً رئيساً في اقتصاديات كثير من دول العالم ، ولا سيما الدول التي تمتلك عناصر ومقومات نجاحها سواء كانت الطبيعية منها أو البشرية ، والعراق أحد تلك الدول التي تمتلك هذه العناصر إلا أنها غير مستغلة بالشكل الصحيح إلى جانب وجود مجموعة من المعوقات التي حالت دون النهوض بهذا القطاع الحيوي،وقد ازداد تدهور هذا القطاع خاصة بعد سقوط النظام في سنة 2003 وتعرض معظم المنشآت السياحية إلى النهب والخراب، لذا فإن رسم سياسة متوازنة تحاكي التطور الحاصل في دول العالم من شأنها أن تعيد لهذا القطاع نشاطه وحيويته .

مشكلة البحث :

وتتمثل بالتساؤلات الآتية وهي :

1- ما المقومات السياحية التي يحظى بها العراق ؟.

2- ما المعوقات والمشاكل التي تعترض سبيل التنمية السياحية في العراق ؟.

3- ما أهم الاستراتيجيات والخطط التي تحقق تنمية النشاط السياحي في العراق ؟.

فرضية البحث :

  إن العراق يمتلك عدد كبير من العناصر السياحية و الإمكانات التي إنْ استثمرت بشكل أمثل فإنها سوف تسهم في دعم الاقتصاد العراقي.

هدف البحث :

  يهدف البحث إلى وضع مجموعة من الخطط والاستراتيجيات بعيدة المدى التي تطور القطاع السياحي العراقي .

المبحث الأول : عناصر السياحة ومقوماتها في العراق

  ترتبط السياحة ارتباطاً وثيقاً بالبيئة الجغرافية سواء كانت هذه البيئة طبيعية أم من صنع الإنسان وبالتالي فهي تؤثر تأثيراً كبيراً في نشوء وتطور السياحة في أي منطقة أو إقليم من الأقاليم. إن المقومات الجغرافية الطبيعية تشمل الموقع الجغرافي ،معالم سطح الأرض ،المناخ ،النبات الطبيعي، الموارد المائية والطيور الحيوانات البرية . أما المقومات البشرية فهي تمثل المراقد الدينية، المواقع الأثرية والشواهد الثقافية كالنصب التاريخية، والتراث الشعبي والصناعات اليدوية، والفن المعماري ومدن المعارض والمناسبات ، مدن الملاعب والمدن الرياضية ...إلخ.

العناصر الجغرافية الطبيعية:

   هي تلك الظواهر التي تحدث على سطح الأرض دون إن يتدخل الإنسان في حدوثها ، وعليه فإن التخطيط السياحي يتطلب تفهماً عميقاً لها وإحاطة تامة بها وبخصائصها على اعتبار إنها الوعاء الذي يتضمن الناس ويشهد نشاطهم وسعيهم ويؤثر فيهم ويتأثر بهم(1). ومن هذه العناصر:

أولاً- الموقع الجغرافي:

  تبرز أهمية الموقع الجغرافي من الناحية السياحية من حيث كونه يحدد العلاقة بين الإقليم المقصود بالتنمية السياحية وبحركة السياحة الدولية في الأقاليم الأخرى، كما تبرز أيضا ًفي إيجاد ما يسمى بالمواقع الوسيطة، إذ لا يمكن أن تعد المنطقة السياحية في إقليم ما هي المستفيد فقط من السياح بل إن الفائدة تشمل أيضا المناطق التي تتوسط بين مراكز الجذب السياحي.

  يقع العراق بين دائرتي عرض (29 ْ ـ37 ْ) شمالاً، وخطي طول (48ْـ ْ38) شرقاً، أما موقعه بالنسبة للوطن العربي فهو يقع في الجزء الشمالي الشرقي ويطل على الحدود الشرقية له، كما يحتل الركن الغربي من قارة أسيا وبهذا المفهوم فان موقع العراق يعد موقعاً وسيطاً بين أقطار الخليج العربي من جهة والأقطار المطلة على البحر المتوسط من جهة أخرى، ويعد حلقة الوصل بين القارات الثلاث أسيا وأوربا وأفريقيا (العالم القديم)، وتتاخم العراق أربع دول عربية هي (الأردن، سوريا، السعودية والكويت) ودولتان غير عربيتان هما إيران وتركيا ويرتبط مع هذه الدول بعلاقات تاريخية و حضارية واقتصادية وكان لوجود طرق النقل المختلفة (البرية والبحرية والجوية) قد عززت هذه العلاقات على مر الأزمنة ،وقد شكلت هذه الدول مصدرا أساسي ومهم للسياح وخاصة أقطار الخليج العربي، إذ كان يعبر العراق ويزوره سنوياً مئات الآلاف من المواطنين العرب ذهاباً وإياباً(2).

   وبالنظر إلى الأسواق السياحية على الصعيد الدولي والتي هي حسب الموقع الجغرافي (أوربا ،الولايات المتحدة،اليابان) وعلى الصعيد العربي والإقليمي (أقطار الخليج العربي (الهند،باكستان وإيران) كما نجد إن مجموعة السياح الأوربيين الذين يزورون ايطاليا ويوغسلافيا السابقة واليونان وتركيا ثم سوريا ولبنان يشكلون أهمية للعراق إذا ما تابعت هذه الموجات مع الزمن ومدت خط سيرها إلى الهند وباكستان باعتبار أنه يمكن للعراق اجتذابها لزيارته، وكذلك بإمكان العراق اجتذاب قسم من هذه الموجات الذاهبة إلى تونس ومصر والأردن، وفي هذه الحالة ما عليه إلا التنسيق مع الأردن، أما بالنسبة لموجات السياح القادمين من أمريكا الشمالية واليابان فيمكن للعراق اجتذاب قسم منها لزيارة المواقع الأثرية فيه والتي يهتم بها السياح حول العالم.أما موجات السياح من الدول الخليجية والإسلامية هي فعلاً موضع اهتمام العراق لزيارة العتبات المقدسة في النجف وكربلاء والكاظمية أو لأغراض الاصطياف في شمال القطر(3).

  إن هذه العوامل الموقعية تخلق دوراً هاماً للعراق لينافس دول المنطقة بما يمتاز به من عوامل جذب سياحية وتنسيق التعاون مع الدول المجاورة لكي يتبادل معها المجاميع السياحية والمنفعة في الإطار السياحي الإقليمي والدولي .

ثانياً - التضاريس:

  تفرض التضاريس الأرضية تأثيرها على أنماط الاستفادة من الأرض والمصادر المتاحة فيها، وفي الدراسات الجغرافية السياحية للتضاريس الأرضية يوجه الاهتمام نحو مميزات وقوة جاذبية هذه العناصر وإمكانية استثمارها في التنمية السياحية وتشتمل التضاريس الأرضية على المرتفعات والمنخفضات والسهول الموجودة على سطح الكرة الأرضية.ويضم العراق مجموعة من التضاريس وهي:

1- المنطقة الجبلية:

  وتتصف هذه المنطقة بتنوع مناظرها الطبيعية وجمالها الخلاب والتباين الكبير في معالم سطح أرضها الطبيعية، إن هذه المنطقة التي تقدر مساحتها بـ(5%) من المساحة الكلية للعراق أو ما يعادل نحو( 23270 كم2)وتمثل أصغر وحدة طبوغرافية في القطر،وبالرغم من صغر مساحة هذه المنطقة إلا إنها من ناحية المناظر الطبيعية ومعالم سطح الأرض الطبيعية تمتاز عن غيرها من الوحدات الطبوغرافية الأخرى التي تتكون منها ارض العراق بميزات عديدة من أهمها:

أ- تتصف هذه المنطقة بارتفاع أراضيها مقارنة ببقية مناطق العراق الأخرى إذ يصل الارتفاع إلى أكثر من (3000م) في بعض القمم الجبلية، مثل قمة هلكرد في جبل حصاروست والتي هي أعلي قمة جبلية في العراق(3607م)، وهذه الصفة لها أهميتها إذ إنها من مميزات السياحة المعاصرة التي تؤثر في التوزيع الجغرافي للسياح، وهو توجه السياح نحو بيئة تتصف بتباين مظاهر السطح فيها عن بيئتهم الأصلية .

ب- تتميز معالم سطح الأرض الطبيعية داخل المنطقة الجبلية نفسها بتنوعها فالى جانب الجبال العالية توجد سهول وهضاب متباينة الارتفاع، فالسياح يفضلون التغيير في التضاريس والأماكن والخدمات، ولهذا نراهم يفضلون المناطق الجبلية .

ج- تتصف المنطقة الجبلية من العراق بشكل عام بأنها ذات مناظر خلابة وتتصف بأجوائها الهادئة بعيدة عن مناطق الضجيج وتتخللها عيون مائية كثيرة وأنهار وكثير من الشلالات مثل شلال كلي علي بك في اربيل وشلال أحمد آوه في السليمانية ،كما توجد ظواهر جيومورفولوجية جذابة وعدد من الكهوف مثل كهف كونه باوقزقايان(4). 

   إن تنوع المناظر الطبيعية الجميلة في المنطقة إلى جانب وجود الشلالات ساعدت على تركز المصايف السياحية فيها، إذ إن كثير من الأماكن في المنطقة الجبلية مؤهلة بحكم الموقع واعتدال المناخ وجمال الطبيعة لان تصبح من المصايف الجميلة التي استغل قسم منها سياحياً والأخرى تنتظر الاستغلال، وتشير كثير من تجارب الدول الأوربية إلى إن درجة تشغيل الفنادق السياحية في المناطق الجبلية تبلغ حوالي ضعف درجة تشغيل مثيلاتها في البلاجات وشواطئ البحار، ويرجع سبب ذلك إلى استغلال هذه المرافق السياحية في المناطق الجبلية صيفاً وشتاءً، إذ تستغل صيفاً لكونها تشكل مصايف جميلة في هذا الفصل وتستغل في فصل الشتاء لمزاولة رياضة التزحلق على الثلوج فضلاً عما تملكه من مناظر شتائية ساحرة وخلابة(5).

2- إقليم السهل الرسوبي :

  يزخر هذا الإقليم بمعطيات سياحية جاذبة، إذ يمتاز بانبساط أراضيه وبالتالي سهولة حركة النقل والانتقال فيه طيلة أيام السنة مما شجع لمد كافة أنماط النقل البري من طرق معبدة وخطوط حديدية فضلاً عن اختراق نهري دجلة والفرات للإقليم الأمر الذي ضاعف من قيمته السياحية وزاد من مرونة الحركة فيه، وبالتالي إمكانية الاستفادة من هذين النهرين كمسرح نقلي عن طريق استخدام وسائط النقل النهري(6). فضلاً عن ذلك يعد إقليم السهل الرسوبي من أهم المناطق التي تتواجد فيها أقدم الآثار الحضارية والتي تعد قطباً جاذباً لحركة السياحة متمثلة بآثار السومريين في أور والوركاء و نفر وايسن ولكش ومسلة حمورابي والآثار الإسلامية الخالدة في بغداد وما جاورها كالمدرسة المستنصرية وطاق كسرى في المدائن والحضر وملوية سامراء وغيرها.

   ويحتضن هذا الإقليم مراقد دينية مقدسة ومقامات لأولياء ورجال دين منتشرة في معظم جهاته تقريباً، من أشهرها المراقد الموجودة في النجف وكربلاء والكاظمية وسامراء وجامع أبو حنيفة والكيلاني، فضلاً عن وجود العديد من الكنائس والأديرة التابعة للطوائف المسيحية المختلفة. كما يشتهر الإقليم بمجموعة كبيرة من الصناعات الشعبية والفلكلورية مثل صياغة الذهب والفضة والنقش على النحاس وصناعة البسط ومجموعة من الصناعات الفخارية المتمثلة بصناعة الزير( الحب) والأواني الفخارية، فضلاً عن صناعة الخوص كالحصران والمراوح وغيرها (7). وهناك أيضا المراكز الحضارية الرئيسة في الإقليم والتي تعد سجلاً حضارياً ناطقاً كما في بغداد بابل وبقية مراكز المحافظات الواقعة على نهري دجلة والفرات.

   وفي جنوب الإقليم بين البصرة والعمارة والناصرية تنتشر الاهوار التي اشتهرت بمميزات بيئية فريدة فهي تعد من أبرز نطاقات الأراضي الرطبة وهي تزخر بكل أشكال التنوع البيولوجي، وقد أتاح ثراءها الطبيعي وموقعها الجغرافي أن تكون استراحة أو نقطة عبور لملايين الطيور المهاجرة من روسيا حتى جنوب إفريقيا، ثم إنها منطقة توالد لأنواع كثيرة من أسماك الخليج العربي ،وقد صنفها برنامج الأمم المتحدة للبيئة كأحد أهم مراكز التنوع الإحيائي في العالم (8) .

3- إقليم الهضبة الغربية :

  يشغل هذا الإقليم مساحة تقدر بحوالي (6%) من مجموع مساحة العراق أي حوالي (270) ألف كم2، وتضم هذه المنطقة الصحراوية عدد من البحيرات مثل بحيرة الرزازة والحبانية والثرثار، كما تقع فيها مجموعة من المواقع الأثرية مثل قصر الأخيضر،ويخدم هذه المنطقة خط حديدي يربط العاصمة بغداد مع الحدود العراقية السورية فضلاً عن وجود طريقين دوليين رئيسيين أحدهما يتجه إلى الرطبة ومنها إلى الأردن وإلى السواحل الشرقية للبحر المتوسط، والثاني يتجه بموازاة نهر الفرات لينتهي عند القائم ويستمر داخل الأراضي السورية عبر إقليم الجزيرة ومنها إلى شمال وغرب سوريا(9).

  ومن أبرز ميزات هذا الإقليم هو أنه يضم الأراضي الصحراوية المناسبة لنشاطات الفروسية وصيد الحيوانات وهي من العناصر التي يهواها بعض السياح وبشكل يؤدي إلى إن يمضوا أكثر من ليلة في هذه الأراضي الواسعة بمساحتها وصفاء سمائها ليلاً.

ثالثاًـ المناخ:

  يعد المناخ أحد المقومات الجغرافية الطبيعية وعاملاً مهماً من العوامل المؤثرة في نشوء وتطور السياحة وتبرز أهمية هذا العامل في كونه يحدد إمكانية الاستفادة من المصادر السياحية سواء كانت طبيعية أم من صنع الإنسان ،ففي ظل الأحوال الجوية المناسبة فقط يمكن استغلال المصادر الطبيعية والاصطناعية من قبل السياح (كالجبال والبحيرات والبحار والشواطئ والمناظر الطبيعية والغابات والمواقع الأثرية والثقافية والعمرانية )هذا من جهة ومن جهة أخرى تعد الأحوال الجوية والمناخية نفسها من الشمس المشرقة والهواء النقي ودرجات الحرارة المعتدلة من العوامل المفضلة للتنمية السياحية .

   تحتل المنطقة الجبلية المكانة الأولى في العراق لأغراض السياحة الشتوية المتمثلة بالفعاليات المرتكزة على تساقط الثلج وهذه الفعاليات تشكل في مظهرها الحالة الفريدة لمناخ العراق ،لأن مثل هذا المظهر والنشاط في دول أوربا وأمريكا وروسيا مثلاً أمراً اعتيادياً لمواقع بلادهم في عروض عليا تسمح بتساقط الثلوج فترة زمنية طويلة قد يكون معها الشتاء عامل الضيق المناخي وانحسار للنشاط البشري،وبنفس القدر كانت أهمية هذه المنطقة في فصل الصيف إذ تشكل المنطقة بعمومها مصيفاً ومنتجعاً إن لم يكن على المستوى العالمي والعربي فهو على المستوى المحلي، وهذه الحقيقة لها أهميتها الكبرى من حيث إن التطوير سوف يركز على موقع يوفر حالتين متناقضتين متكاملتين لصناعة واحدة وهذا له أهميته أيضاً في حسابات الزمن والكلفة (10).

  أما في وسط وجنوب العراق فبسبب ارتفاع درجات الحرارة بصورة كبيرة والتي تصل في شهر تموز إلى أكثر من (45مْ) فقد حالت دون قيام النشاط السياحي في هذا الفصل، وفي فصل الشتاء تشكل منطقة جنوب العراق إقليماً مثالياً خاصة إذا كان الهدف من السياحة هو الاستمتاع بالدفء، وعموماً فأنه لا ينبغي النظر في تقويم المناخ السياحي من وجهة نظر أوربية سويدية مثلاً، إذ لا يتحمل السائح السويدي معدلات حرارة تموز وأب، ولا من وجهة نظر أمريكية أو روسية ونحوها ليس ذلك فقط من عدم التوقع بأن الشخص الذي يسكن نيويورك أو موسكو يفكر في قضاء إجازة الصيف في العراق وإنما من المنطق السليم بأن نجاح السياحة هو أولاً في سوقها المحلي وهو العراق وبالقدر الذي تكون فيه الإمكانات المحلية توفر المستوى العالمي المقبول(11).

رابعاً- الموارد المائية :

   تعد دراسة الموارد المائية ذات أهمية كبيرة في المجالات السياحية لما لهذه الموارد من أهمية في تحقيق التنمية السياحية إذ يبحث السائح دائماً عن الماء العذب لمواجهة الاحتياجات المتعددة، على إن نصف الماء في المرافق السياحية يعد أمراً غير عادي، ومن البديهي إن مياه الشرب تأتي في المقام الأول من الأهمية إلا أن كميتها اليومية التي تقدر بحوالي لترين تعد قليلة بالمقارنة مع ما يستهلكه السائح منها في الاستعمالات الأخرى والتي تقدر بحوالي (300) لتر يومياً(12).

   وتشمل الموارد المائية جميع أشكال مصادر المياه كالأمطار والثلوج والمياه الجوفية ثم المياه السطحية (الأنهار والبحيرات) وتعد الأمطار المورد الأساسي للماء في المنطقة الشمالية من العراق خلال فصل الشتاء، وتعد المياه الجوفية المصدر الرئيسي لسكان المنطقة الشمالية صيفاً والأجزاء الصحراوية صيفاً وشتاءاً، بينما تعد المياه السطحية المورد الأساسي لأغلب أراضي السهل الرسوبي وسكانه(13). 

  وتتكون المصادر المائية السطحية في العراق بصورة رئيسة من مياه نهري دجلة والفرات وروافدهما، ويمكن تصنيف الموارد المائية في العراق إلى :-

1- الأنهار

  وتتمثل بنهري دجلة والفرات وروافدهما، وتزداد أهميتها بسبب غزارة مياهها خاصة في المنطقة الجبلية من العراق، إذ يصل معدل تصريف نهري دجلة والفرات عند دخولهما الأراضي العراقية حوالي (1515)م3/ثا أي بتصريف سنوي قدره(7ر47) مليار م3 .

  يقع حوض الفرات بين دائرتي عرض( 3ْ0 - 3ْ0. 40 َ) شمالاً ويتكون من التقاء رافدين رئيسين هما مراد صو وفرات صو ،وهناك مجموعة من وديان المسيلات المائية التي تغذي نهر الفرات شرق مدينة ايكر، أما بالنسبة لحوض نهر دجلة فهو يقع بين دائرتي عرض(3ْ9-3ْ0) وخطي طول (39 ْـ 4ْ5.5َ1) شرقاً وتغطي مساحة قدرها (47615) كم2 منها (57614)كمتقع في تركيا أي بنسبة( 2ر12%) و(253000)كم2 في العراق أي بنسبة ( 6.53%)والباقي في إيران(14). إن هذه الأنهار صالحة للسباحة في فصل الصيف فضلاً عن إنها تحتوي على ثروة سمكية كبيرة

2- البحيرات :

   وتشمل البحيرات الطبيعية والاصطناعية التي تكونت نتيجة لإنشاء السدود والخزانات فضلاً عن وجود الاهوار والمستنقعات في جنوب العراق، ومن أبرز هذه البحيرات والاهوار بحيرة دوكان ودربندخان والحبانية والثرثار وساوه واهوار أبو دبس والحمار والجبايش وهور الدلمج وغيرها.

  إن هذه البحيرات تشكل مواقع ذات أهمية بالغة لكثير من المؤسسات الترفيهية والفندقية والخدمات السياحية التي ترتبط بها، وقد أنشئت حول العديد منها مدن سياحية مثل المدينة السياحية في الحبانية و دوكان ومشروع إنشاء المدينة السياحية في دربندخان.وبالرغم من إن شواطئ العديد من هذه البحيرات تفتقر إلى البلاجات والرمال الناعمة، إلا إنه يمكن معالجة هذا النقص عن طريق إنشاء البلاجات الاصطناعية ونقل الرمال إليها من مناطق أخرى وهو تدبير شائع حتى في أشهر البلاجات العالمية كتلك التي تنتشر في الريفيرا الفرنسية والساحل الايطالي، وتحتوي هذه البحيرات أيضا على ثروة سمكية وفيرة وتعد أسماك الشبوط من أهم أصنافها والتي هي الأخرى يمكن أن تكون عامل جذب سياحي لا سيما لمزاولة هواية صيد الأسماك من قبل السياح.

3- المياه الجوفية :

تقسم المياه الجوفية في العراق على أساس التحليل الكيمياوي إلى صنفين هما :

أ- المياه الجوفية العذبة وتحتوي مثل هذه المياه على نسب معتدلة من البيكاربونات القاعدية ولهذا يمكن استخدامها مباشرة لأغراض الري والاستخدامات الصناعية وحتى الأغراض المنزلية ومن أمثلتها المياه الجوفية الموجودة في المدن والمصايف المنتشرة في المنطقة الجبلية أمثال مصيف شقلاوة وسرسنك وسولاف وسرجنار، وتظهر هذه المياه على شكل ينابيع وعيون طبيعية، وقد أصبحت المحور الأساسي للحياة البشرية إلى درجة أن وجود هذه الينابيع هو الذي يحدد مواطن السكن البشرية في اغلب الجهات كما في واحات عين تمر(شثاثة)وكبيسة في منطقة الهضبة الغربية.

ب- المياه الجوفية المالحة والتي تحتوي على نسبة عالية من ايونات الأملاح وهي بدورها تقسم إلى قسمين، معتدلة الملوحة كالتي في محافظة كركوك ونينوى ومنطقة الجزيرة، ومياه جوفية شديدة الملوحة كالمياه الموجودة في منطقة السهل الرسوبي(15) . 

4- المياه المعدنية: وهي المياه الجوفية التي تتصف بصفات كيماوية خاصة وهي غالباً ما تستخدم لأغراض طبية وعلاجية ولهذا فهي مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالسياحة العلاجية، ومن أهم الينابيع والآبار المعدنية المشهورة عين حمام العليل والزهرة والقديس في محافظة نينوى ، وعين بريذة وبني خيلان في محافظة السليمانية وشيخان في اربيل . إن العيون المعدنية تختلف فيما بينها من حيث أهميتها للسياحة العلاجية فهناك بعض العيون المعدنية لها مميزات علاجية جيدة أنشئت حولها مصحات ذات شهرة عالمية وتزار من قبل عدد كبير من السياح أمثال سان موريس في سويسرا وفيسبادن في ألمانيا(16). 

  ومن المؤسف إن الدراسات العلمية لهذه العيون المعدنية وطبيعية مياهها ومدى صلاحيتها للأغراض العلاجية في العراق تعد قليلة الأمر الذي أدى إلى عدم استغلالها بشكل جيد. إن دراسة مياه هذه العيون وتحديد خواصها الطبيعية وقابليتها العلاجية وإنشاء المصحات حولها تؤدي بلا شك إلى نشوء وتطور أحد الفروع السياحية المهمة المتمثلة بالسياحة العلاجية .

5- الشلالات والمساقط المائية : إن وجود الشلالات والمساقط المائية في أية منطقة تعد ذات قيمة سياحية عالية ،وتظهر في المنطقة الجبلية المساقط المائية التالية :

أ- شلال كلي علي بك على نهر راوندوز أحد روافد نهر الزاب الكبير .

ب- شلالات بيخال على نهر روباري كوجك أحد روافد الزاب الكبير.

ج- شلالات اينشكي في مصيف سرسنك .

د- شلالات منطقة الموصل على نهر الخوصر(17).

   ويرتبط وجود عدد من المؤسسات السياحية والمصايف بوجود هذه الشلالات، إذ أنشيء مصيف كلي علي بك قرب الشلال الذي يحمل الاسم ذاته، وكذلك الحال بالنسبة لمصيف بيخال ومصيف سرسنك . وتحتاج هذه المساقط والشلالات إلى عمليات تطوير لكي تكون مؤهلة لاستقبال السياح وتصبح عناصر جذب سياحي رئيسة في المنطقة وبخاصة شلالات كلي علي بك وبيخال .

خامساًـ الطيور والحيوانات البرية :

  تحظى الطيور والحيوانات البرية وكذلك الأسماك الموجودة في مياه الأنهار والبحيرات باهتمام السياح وتشكل إحدى المقومات الجغرافية الطبيعية المؤثرة في السياحة، إن الانتشار الكبير لها تسمح للسياح بمزاولة هواية الصيد أما الأنواع النادرة منها فتحظى باهتمام الباحثين والعلماء، إن كثيرا ًمن الدول بدأت توجه عناية كبيرة للحيوانات والطيور النادرة واعتمدت الوسائل الكفيلة بالمحافظة عليها وقامت بجمعها في محميات خاصة كتلك الموجودة في كينيا وتنزانيا .

  ويزخر العراق بأنواع مختلفة من الطيور والحيوانات البرية وتكاد تنعدم فيه الحيوانات المفترسة والخطرة على الإنسان، إلا أنه يلاحظ قلة الدراسات المتعلقة بعددها وتصنيفها وتحديد أماكن تواجدها أو جمعها في محميات خاصة يمكن أن تكون مراكز جذب سياحية جيدة ،ليس هذا فحسب بل إن كثير من هذه الحيوانات قد انقرضت وقسم منها معرضة للانقراض وهو ما أشارت إليه العديد من الدراسات الحديثة .

ويمكن تصنيف الطيور الموجودة في العراق إلى :

1-الطيور الدائمة ومن أهمها الخضيري ودجاج الماء والأوز العراقي ونعيج الماء،وهذه تنتشر في مناطق الاهوار في جنوب العراق(18)، أما القبج والدراج والحمام البري والسوسك فتنتشر في المنطقة الجبلية في شمال العراق .

2-الطيور المهاجرة مثل القطاة ،الزرزور، الصقر وغيرها(19).

  أما أهم الحيوانات البرية الدب، الماعز البري، الثعالب، الذئاب، الغزال، الأرانب، الخنزير البري، النمر المرقط، كلب الماء، السنجاب، الضبع والدعلج وغيرها، ومن هذا الاستعراض الموجز للطيور والحيوانات البرية يتضح أن العراق يمتلك ثروة جيدة، والتي إن استغلت بشكل صحيح ووضعت القوانين التي تحد وتنظم من عمليات الصيد الجائر فإنها ستصبح عامل جذب سياحي مهم بالنسبة للعراق.

سادساً-النبات الطبيعي :

يؤثر النبات الطبيعي في النشاط السياحي في اتجاهين هما :

أ- كونها مناظر طبيعية جميلة تجذب أنظار السياح ،فالإنسان يميل بطبيعته نحو المناطق الخضراء وهو عند المفاضلة يختار المناطق التي تمتاز بجمال الطبيعة وكثرة الطيور والحيوانات ويبتعد عن المناطق المجدبة، وإذا ما استعرضنا المناطق السياحية في العالم نجد إن الكثير من السياح يتوجهون حيث يوجد المظهر الأرضي الأخضر .

ب- تشكل متنزهات طبيعية يؤمها السياح للتمتع بجمالية البيئة .

  ويمكن أن نلاحظ ذلك في شمال العراق حيث تنتشر الغابات وأشجار الفاكهة فيها بشكل كبير مما شكل عامل جذب سياحي مهم . كما يمكن أن تشكل بساتين النخيل والغابات في جنوب العراق وخاصة تلك الموجودة على ضفاف شط العرب والتي تعد من أجمل المناطق في العالم ،أن تخدم الجانب السياحي بقدر ما تخدم الجانب الزراعي ،فأغلب السياح يبحثون عن شيء جديد لمشاهدته وزيارته ،وقد أصبحت المناطق الساحلية والبحار أماكن مألوفة وليس فيها من جديد تستطيع أن تقدمه للسائح ،بينما مناطق نخيل شط العرب هي أماكن فريدة من نوعها . إن إنشاء قرى سياحية وسط هذه البساتين سيجلب الكثير من السياح ليعيشوا هذه التجربة الفريدة(20).

العناصر الجغرافية البشرية:

وتشمل على وجه التحديد :

1-المزارات الدينية : وتشمل الأضرحة والأماكن الدينية ومقامات الأولياء والصالحين وأي شيء يتعلق بالتراث الديني لدولة ما، كما تشمل الأديرة والكنائس، إذ تعد أماكن لإشباع الحاجات النفسية والروحية والاجتماعية للسياح. وتمارس السياحة الدينية بوصفها نمطاً من أنماط السياحة التي تمارس إلى جانب ممارسة النشاطات والطقوس الدينية، ويمتاز هذا النمط باستمراريته وعدم تأثره بالعوارض المناخية أو مستوى المعيشة على نحو كبير، إلا أن كثافة الطلب تتركز في المناسبات الدينية المهمة ،أي التفاوت في حجم الطلب مع حقيقة استمراريته طوال العام ، وشموله لشرائح المجتمع كافة(21).

  وتعد السياحة الدينية في العراق أحد أهم الأنماط السياحية بالنسبة للسياحة الداخلية والخارجية على حد سواء ،وذلك بسبب تعدد مراكز الزيارة المهمة لكافة الأديان السماوية والطوائف، ولعل أهم مواقع السياحة الدينية في العراق يتمثل في المراكز الدينية الإسلامية وأهمها :

أ- الروضة الحيدرية في النجف الأشرف .

ب- الروضة الحسينية والعباسية في كربلاء.

ج- الروضة الكاظمية والحضرة القادرية وجامع ومرقد الإمام الأعظم في بغداد.

د- الروضة العسكرية في سامراء، ومرقد سيد محمد في بلد وغيرها من المراقد المنتشرة في كافة أرجاء العراق .

  فضلاً عن بعض الأماكن الدينية المسيحية القديمة مثل كنيسة مريم العذراء في بغداد ودير مارمتي ودير ماربنهاي محافظة نينوى .

  وتعد الدول الإسلامية إحدى أهم مصادر السياحة الدينية الخارجية، ومن هذه الدول(الهند، باكستان، إيران وتركيا) وتتركز زيارة الأتراك خلال موسم الحج لوقوع العراق على خط النقل البري بين تركيا والمملكة العربية السعودية .

2- المناطق الأثرية والتاريخية :

   وهي بقايا وأطلال الحضارات السابقة التي تم العثور عليها عن طريق الحفريات والتنقيب، إذ تعد هذه الآثار تراثاً لحضارات وامتداداً للتطور والمعرفة الإنسانية، ويزخر العراق بكم هائل من هذه الآثار وقد ورث تراثا حضارياً كبيراً يعود إلى مختلف العصور التاريخية، إذ تشير الدلائل الأثرية إلى وجود ما يقارب نحو (10)آلاف موقع أثري موزعة على عموم أنحاء البلاد(22)، لعل من أبرزها الآثار البابلية والسومرية والآشورية في بابل ونفر وأور واريدو والوركاء والنمرود، وكذلك آثار المدائن وعقرقوف وتل حرمل في بغداد، كما تضم الآثار العربية الإسلامية مثل مدينة الحضر العربية وجامع الخلفاء وخان مرجان ومدرسة جامع مرجان إلى جانب المدرسة المستنصرية والقصر العباسي في بغداد

  إن مشكلة الآثار العراقية لم تبلغ على مر تاريخها بحالة كالتي حصلت بعد سقوط النظام في 9 نيسان من عام 2003، فقد حدثت عمليات السطو المنظم والنهب على موجودات المتحف العراقي والتي تقدر بآلاف اللقى والقطع الأثرية، وقد أعلنت المصادر في إدارة المتحف العراقي عن فقدان (15)ألف قطعة لم يسترجع منها إلا(4)آلاف قطعة بعضها ما زالت وديعة هنا وهناك في بلدان العالم وهي بحاجة إلى وقفة جادة لاستعادتها .

3- الحرف اليدوية والتراثية:

   وهي نقل لتراث وعادات وتقاليد الشعوب على شكل مادي لجذب أعداد من السياح سواء أكان ذلك من داخل البلد أم من خارجه، إذ يتجه هؤلاء لاقتناء منتجات الحرف اليدوية وغيرها من الصناعات الشعبية ذات القيمة الفنية والتراثية(23). 

    ويشتهر العراق بالعديد من الصناعات الشعبية التي تلقى رواجاً لدى السياح ومنها:

أ- صناعة الفخار، ويعد الطين مادته الأساسية ومن أهم المنتجات الحب، الجرار، السنديان والمزهرية وغيرها .

ب- صناعة المنسوجات اليدوية والحياكة كالسجاد والبسط والوسائد وعليها نقوش وزخارف متعددة .

ج- صناعة سعف النخيل، ومنها صناعة الخصاف، الحصران، السلال، المراوح اليدوية، المكانس، الآسرة، والكراسي والأقفاص .

د- صياغة الذهب وهي منتشرة في عموم محافظات القطر وتختص بصياغة الأقراط والأساور والقلائد والدبابيس .

هـ - صناعة الصفر (النحاس) وتوجد في بغداد أسواق متخصصة في طرق النحاس وصناعته، ومن هذه الأسواق سوق (الصفافير) وهي ما تزال تمارس بطريقتها الشعبية المألوفة وهي سر أهميتها وقيمتها وتختص بصناعة الأدوات المنزلية وأدوات الزينة والسلع التذكارية المختلفة.

وهناك مجموعة من العناصر التكميلية للسياحة في العراق ومنها :

1- المسارح والسينمات : وتوجد في العراق مجموعة كبيرة من المسارح والسينمات المنتشرة في عموم أرجاء البلاد ومنها على سبيل المثال المسرح الوطني الذي يتسع لـ(1000) شخص وتقدم فيه المسرحيات والحفلات الموسيقية والغنائية والأفلام السينمائية، كما يحتوي على صالتي سينما وبقية الوسائل الفنية والخدمية الأخرى .

2- المتاحف : ومنها المتحف العراقي والذي يضم آثار الأقوام التي سكنت وادي الرافدين منذ العصور السحيقة في القدم وحتى العهود العربية والإسلامية وقد نظمت الآثار في قاعات المتحف تبعاً للتسلسل الزمني لهذه الحضارات وكانت لهذا المتحف مكتبة زاخرة بمواضيع التاريخ القديم ومختلف الحضارات إلى جانب شتى فنون المعرفة وبمختلف اللغات . ومن المتاحف الأخرى متحف الأزياء والمأثورات الشعبية والمتحف البغدادي والمتحف الحربي والمتحف الوطني للفن الحديث ومتحف الفنانين العراقيين الرواد ومتحف التاريخ الطبيعي، فضلاً عن المتاحف المنتشرة في المحافظات والتي تحتوي على بقايا الآثار والقطع الأثرية للأقوام التي سكنت تلك المناطق(24). 

3- الملاعب والقاعات الرياضية والمسابح: تنتشر في العراق مجموعة كبيرة من الملاعب والنوادي الرياضية والمسابح، وتتركز أغلبها في العاصمة بغداد، لعل من أبرزها ملعب الشعب الدولي وملعب الكشافة ونادي الصيد والفروسية العراقي ونادي الأعظمية والسعدون، فضلاً عن مسبح الأعظمية والزوراء الأولمبي والشعب الدولي .

4- الفنادق والمطاعم السياحية : تتوزع في بغداد والمحافظات مجموعة من الفنادق والمطاعم السياحية التي كانت تابعة للمؤسسة العامة للسياحة وبمختلف الدرجات ومنها فندق المنصور ميليا وفندق بابل وعشتار شيراتون والسدير وفلسطين ميرديان، ومن أهم المطاعم السياحية مطعم خان مرجان ومطعم الشموع فضلاً عن المطاعم المنتشرة في شارع أبو نؤاس وشارع السعدون والمشهورة بالسمك المسكوف(25).

المبحث الثاني : معوقات التنمية السياحية في العراق

   على الرغم من توافر الكثير من مقومات السياحة في العراق سواء أكانت الطبيعية منها أم البشرية ،إلا أن هذه المقومات لم تستثمر بشكل ينهض ويرقى بها إلى المستوى المطلوب، ولعل ذلك يعود إلى أسباب عدة منها :

1-عدم استقرار الأوضاع الأمنية، فبعد سقوط النظام في نيسان من عام 2003 نشأت أوضاعاً أمنية استثنائية غير مشجعة البتة على قيام السياح بزيارة العراق، فمن المعروف أن الطلب السياحي يعد حساساً جداً بالظروف السياسية والأمنية ومرهوناً بها، فكلما تحقق الاستقرار السياسي والأمني سواء في البلدان المصدرة للسياح أم المستقبلة لهم كلما زاد الطلب السياحي والعكس صحيح . إن توفر الجانب الأمني الشخصي للسياح واستتباب الوضع الأمني بشكل عام ذو أهمية بالغة إلى جانب توفر عناصر الجذب السياحي الأخرى، وفي حالة عدم توفر الاستقرار الأمني فإن هذا يؤدي إلى نفور السياح عن هذه المناطق والبحث عن مناطق جديدة أكثر أماناً واستقراراً( 26) .

2- قصور وعدم انتظام طرق النقل البري والجوي والبحري، وضعف ارتباط هذه الطرق بمواقع الجذب السياحي، فضلاً عن تخلف وسائط النقل، فأغلبها قديمة وغير مكيفة ولا تحتوي على وسائل الراحة التي ينشدها السياح.

3- تواضع خطط الترويج والتسويق السياحي وقصور الاعتمادات الحكومية المخصصة للتسويق والبحوث والإحصاءات، فلا يمكن تحقيق تنمية سياحية ما لم يرافقها عملية ترويجية نشطة،فمثلاً احتلت أسبانيا المرتبة الأولى في العالم بالإنفاق على الترويج السياحي، إذ أنفقت في عام 1997 مبلغ(71) مليون دولار وزارها بالمقابل( 43 ) مليون سائح أنفقوا(26ر6) مليار دولار وهذا يعني إن اسبانيا تنفق (1ر65)دولار على عملية الترويج لترغيب كل سائح واحد ،ولقد دلت الإحصاءات إن ما أنفقه السائح باسبانيا يعادل (614) دولار وبالتالي فإن كل دولار انفق على التنشيط والترويج في اسبانيا أنتج عائد يساوي (372) دولار(27) .

4- انخفاض وتدني مستوى النظافة العامة في المدن والمراقد الدينية والأماكن الترفيهية، وعدم كفاءة دورات المياه وأنظمة معالجة النفايات في إطار انخفاض الوعي السياحي.

5- تقليدية البرامج السياحية وعدم وجودها أصلا ًمما يقف حائلا ًدون إطالة مدة إقامة السائح في العراق، فلا يمكن للسياحة أن تنجح بدون برامج معينة يتمتع بها السائح، وهذه البرامج تشمل مثلا ًالحجز المسبق للسائح في الفنادق أو عند وصوله البلد المعني ،فضلاً عن الخدمات الإرشادية وبرامج زيارة المناطق والأماكن الأثرية والتاريخية وأماكن الترفيه والمصحات العلاجية والمحلات التجارية والاسواق والمتنزهات .

6- الإهمال الواضح للمناطق الأثرية وتحول معظمها إلى قواعد وثكنات عسكرية أمريكية ولا سيما أثار بابل، والتي لحق بها الدمار بشكل كبير، وهناك تقصير في أعمال الصيانة والترميم وإعادة البناء وإرجاء الكثير من أعمال التنقيب إلى أجل غير مسمى، فضلاً عن عدم وجود نظام مبرمج لزيارة وزيادة جذب السائحين لهذه المواقع .

7- عدم كفاية القوانين الردعية ووسائل الحد من تهريب الآثار والقطع الأثرية أو استرجاعها مما ساهم في تفاقم المشكلة وتقويض معالم السياحة .

8- ارتفاع أجور النقل جوا ً للوافد إلى العراق على متن طائرات الخطوط الجوية الأجنبية والتي تتقاضى (25%) من ثمن التذكرة إضافية كرسوم تأمين على الطائرات القادمة من دول العالم تحسباً للمخاطر المحتملة التي تصيب الطائرة في العراق، ومما تجدر إليه إن سعر تذكرة السفر من بغداد إلى عمان جواً يبلغ (600) دولار ذهاباً وإياباً، فيما تحددها الخطوط الجوية الأردنية بـ(822)دولار للرحلة من عمان إلى بغداد ذهاباً وإياباً.

9- تركز معظم المنشآت السياحية والترويحية في العاصمة بغداد مثل مدينة الألعاب والجزيرة السياحية وحديقة الحيوانات والمطاعم والفنادق السياحية، وهذا التركيز يزيد من عبء استعمالات الأراضي في بغداد وما ينتج عنها من ضغط على المرافق الأساسية وتفاقم المشاكل المرورية على الطرق، فضلاً عن الآثار السلبية من تلوث وضجيج وهي أمور تسبب للسائح نوعاً من الضيق وعدم الارتياح وتؤدي إلى ضياع كثير من وقته.

10- لا يحظى قطاع السياحة كقطاع مهم من قطاعات التنمية الاقتصادية والاجتماعية بما يستحقه من أولوية واهتمام ودعم، فعلى الرغم من وجود وزارة للسياحة والآثار إلا إن دورها غير فعال ولا تتولى عملية التخطيط والتنسيق والإشراف على الأفواج السياحية التي تقصد العراق لأغراض الزيارة، فضلاً عن ذلك فإن غياب التنسيق بين الوزارة ومديرتي الوقف السني والشيعي حالت دون وضع خطط تنموية مستقبلية تخدم القطاع السياحي العراقي ولا سيما السياحة الدينية .

11- انعدام الاستثمارات المحلية والإقليمية والدولية في كافة مجالات الاستثمار السياحي، سواء في مجال الإيواء السياحي (الفنادق والدور السياحية )أو في مجال تطوير المزارات الدينية، أو في مجال إنعاش الاهوار في جنوب العراق أو استغلال المناطق الصحراوية، إن عملية جذب هذه الاستثمارات تحتاج وبشكل كبير لعملية الترويج وجذب الفرص الاستثمارية السياحية ذات الجدوى الاقتصادية وتسويقها لغرض تشجيع المستثمرين من الإفراد والشركات والمؤسسات للإقبال عليها وتنفيذها(28).

12- ضعف وتدني التخصيصات المالية اللازمة لتنمية القطاع السياحي وضمان استمراريته بحيوية، إذ لا يحظى هذا القطاع إلا بالنزر القليل من التخصيصات قياساً بالقطاعات التنموية الأخرى .

13- ضعف الطاقة الإيوائية، إذ لا يوجد في العراق سوى (5) فنادق من الدرجة الممتازة (29)، إذ لا تزال هذه الفنادق ذات تجهيزات قديمة وبائسة قياساً بالفنادق الموجودة بالدول الأخرى، كما إن أغلب هذه الفنادق خاصة الموجودة في بغداد قد تعرضت لأعمال السلب والنهب وبعضها أصبح حكراً على قوات الاحتلال حصراً .

14- النقص الكبير في الكوادر المؤهلة والمدربة ذات التخصص في مجال السياحة والفندقة، فالعراق يفتقر إلى الأيدي العاملة الفنية والخبيرة التي تعمل في مختلف المجالات السياحية، فعلى سبيل المثال هناك نقص في عدد الأشخاص الذين يقومون بالأعمال الخدمية في الفنادق والأماكن والمحلات التي يزورها ويتردد عليها السياح، وكذلك بالنسبة للمرشدين السياحيين الذين يرافقون السياح في تجوالهم وإرشادهم إلى مختلف المناطق والأماكن السياحية(30) .

15- ضعف أداء الإعلام السياحي، فعملية التوعية السياحية لدى المواطنين ما تزال متخلفة، وذلك يرجع إلى غياب الإعلام السياحي أصلاً وفقدانه لعناصر الانتشار والجذب والإقناع، وتتمثل هذه العناصر بالبوسترات والملصقات والكتب والمطبوعات والبرامج والحملات الإعلانية السياحية، فضلاً عن ذلك فإن افتقار وسائل الإعلام المقرؤة والمسموعة والمرئية إلى برامج سياحية متخصصة وهادفة أثر بشكل سلبي على عملية التوعية، كما إن عدم وجود تنسيق مشترك وبرامج موحدة للجهات الإعلامية في الوزارات المرتبطة بالنشاط السياحي لا يعطي للإعلام السياحي فاعليته المطلوبة(31). 

16- الفساد الإداري والمالي وضعف الإصلاح الإداري واستفحال ظاهرة الحزبية الضيقة وسوء استخدام الموارد المالية وهدرها، كانت من العوامل الأساسية في تهميش التنمية السياحية وإحباط أي مشروع تنموي سياحي .

المبحث الثالث : تخطيط التنمية السياحية

  رغم تأكيد الحكومة في السنوات الأربع الأخيرة على الاهتمام بتطوير وتدعيم قطاع السياحة إلا إن المؤشرات الإحصائية والنتائج العملية لهذه التوجهات ما زالت سلبية ولا تعكس تقدماً جوهرياً في هذا القطاع، فأرقام عائدات السياحة ما زالت ضعيفة إذا ما قورنت بإمكانات العراق السياحية، وفي الوقت نفسه لم تطبق الدولة بعد البرامج والمفاهيم السليمة والمتطورة الخاصة بالعملية التسويقية والدعائية والترويحية للمناطق السياحية العراقية.

  إن غياب التخطيط السياحي السليم أدى إلى تدهور النشاط السياحي،لذ ا فان وضع الخطط السياحية البعيدة المدى والكيفية التي تنهض بها من شأنه أن يرفع من شأن السياحة وإن إعداد أية خطة سياحية يتطلب أن تقوم على ثلاثة عناصر هي:

1- منح الأولوية لقطاع السياحة واعتباره إستراتيجية اقتصادية تعمل على إصلاح الاقتصاد العراقي واستيعاب القوى البشرية العاملة.

2- متابعة الأسواق المنافسة مع الأخذ بنظر الاعتبار موضوع المحافظة على البيئة وكذلك رفع مستوى الخدمات.

3- مواجهة العراقيل والصعوبات كافة التي تعيق نمو وازدهار السياحة في العراق .

أولاً: استغلال العناصر الطبيعية في النشاط السياحي :

  إن وجود التنوع الكبير للعناصر الطبيعية الأساسية لقيام السياحة في العراق يجعل من الضروري أن تكون هناك مجموعة من الإجراءات والخطط التي تأخذ بنظر الاعتبار الارتباط الوثيق بين العناصر السياحية وأعداد السياح والتوسعات المستقبلية للمنشآت السياحية القائمة والمقرر بنائها، لذا فإن تخطيط أي عنصر يجب أن يكون مرتبطاً مع بقية العناصر الأخرى وليس في معزل عنها، فمثلا عند وضع خطة لتطوير الاهوار في جنوب العراق فإن ذلك يتطلب أن تكون الخطة تشمل أيضا ما موجود من مناطق أثرية ومراقد دينية في نفس الموقع، وتجنب الاعتماد على عنصر واحد فقط .

1-الموقع الجغرافي: إن طبيعية الموقع الجغرافي للعراق أعطته فرصة لاستغلاله في جذب السياح العرب والأجانب، فما زال العراق بموقعه يمثل حلقة الوصل بين الحضارات المختلفة وشكلت سياحة الترانزيت فيما مضى مورداً أساسياً من موارد الاقتصاد العراقي، إن مدى نجاح العراق في استقطاب إعداد كبيرة من السياح وخاصة من الأسواق السياحية الرئيسة والمتمثلة بدول الخليج العربي يتوقف على أسس عدة وهي:

أ- إنشاء مجموعة من المطارات الدولية الحديثة في بغداد والمحافظات وتطوير ما موجود منها مثل مطار بغداد الدولي والتي تستطيع استقبال جميع أنواع الطائرات وتجهيزها بكافة الخدمات من قاعات الانتظار والمطاعم والكازينوهات وغيرها.

ب- قيام الدولة بإنشاء شركات للنقل الجوي ودعم أسعار التذاكر فيها وبما يتلاءم مع الإمكانية المادية لشريحة واسعة من السياح.

ج- تطوير موانئ العراق البحرية مثل ميناء الفاو والبصرة وخور العمية وإقامة موانئ جديدة قادرة على استقبال السفن السياحية والتجارية العملاقة، وإقامة عدد من الفنادق السياحية والمطاعم ودور الإستراحة فيها.

د- تطوير المعابر الحدودية مثل معبر الوليد والشلامجة ومهران وتسهيل إجراءات العبور ومنح التأشيرات للسياح وتوزيع المنشورات والأدلة السياحية مجاناً.

2- التضاريس: إن تنوع المظاهر التضاريسية في العراق وفرت الأرضية المناسبة لقيام النشاط السياحي بمختلف أنواعه، فمثلا ًتشكل المنطقة الجبلية مقصداً سياحياً رئيسا للكثير من السياح وسجلت السنوات الأخيرة نمواً واضحاً في إعداد السياح، ففي سنة 1973 كان عددهم قد وصل إلى (50000) سائح ،والى ًثلاثة ملايين سائح في عام 2000، ومن المتوقع إن يصل العدد إلى أكثر من (5 ملايين) خلال السنوات القادمة، لذا ومن اجل زيادة أعداد السياح كان من الضروري العمل على :

1- تطوير البنى التحتية من خلال شق الطرق والإنفاق داخل الجبال وربط المنطقة بخطوط السكك الحديد الداخلية ومع البلدان المجاورة كإيران وتركيا وإنشاء عدد من المطارات الدولية في الموصل والسليمانية مثلاً،وإقامة الفنادق السياحية ذات الدرجات الممتازة والمحلات والمجمعات التجارية والترفيهية.

2- توفير العديد من التسهيلات السياحية وخاصة للسياح الخليجيين لكونهم معروفين بطول الإقامة وكثرة الإنفاق والأقل تأثراً بالشائعات والظروف الاستثنائية، ومن هذه التسهيلات تبسيط معاملات الدخول على الحدود والسماح بانتقال رجال الأعمال والمجموعات السياحية العربية دون الحاجة إلى الحصول على التأشيرات وغيرها.

3- تشجيع مشاريع التشجير وزراعة الغابات وإعلان المناطق البرية كمحميات طبيعية وتربية الحيوانات فيها وإقامة البحيرات الاصطناعية وخاصة في منطقة هجران مثلا، وإحياء الفعاليات الفلكلورية والتي تتضمن الصناعات الشعبية والحرف اليدوية.

4- تنظيم الزيارات للوفود والضيوف إلى المراكز السياحية والمصايف، واستخدام الوسائل العلمية الحديثة للترويج السياحي كاستخدام الانترنيت والوسائل الدعائية والإعلامية

  أما بالنسبة لإقليم السهل الرسوبي فهو وبسبب احتوائه للكثير من المقومات والعناصر السياحية الطبيعية والبشرية ولكونه من أكثر المناطق التي تأثرت بالحروب والأزمات الاقتصادية التي واجهت العراق أبان النظام السابق، والإهمال المتعمد للمراقد الدينية وهي بدورها أثرت وبشكل كبير على السياحة وخاصة الدينية منها،كما إن عمليات تجفيف الاهوار أدت إلى استنزاف أهم الثروات في هذه المنطقة وإحداث تغيرات في النظام البيئي فيها،إذ أعلنها برنامج الأمم المتحدة للبيئة إحدى أكبر الكوارث البيئية على مر العصور، ولا تقل فداحة عن كارثة جفاف بحر آرال أو تدهور غابات الامزون، إن دفع عملية التنمية السياحية في هذا الإقليم يتطلب :

1- وضع سياسة مستقبلية قادرة على جذب الاستثمارات لتلك المنطقة وبما يوفر الخدمات الأساسية فيها ومشروعات رأس المال الاجتماعي بصفة عامة(كهرباء،ماء،صرف صحي ،أمن،تعليم) .

2- استحداث قطاع للنقل السياحي بكافة أنواعه البحري والبري والجوي فتحقيق الكفاءة لقطاع النقل يعد حجر الزاوية في التنمية السياحية الناجحة(32 )،وربط مناطق الإقليم بطرق نقل سريعة وحديثة .

3- العمل على بناء المرافق السياحية الضرورية وتوزيعها بشكل عادل بين المحافظات،ونشر الوعي السياحي بين المواطنين.

4- إنشاء مراكز للدراسات والبحوث في منطقة الاهوار، مهمتها إعداد مشاريع بحثية وتنموية لإعادة تأهيل المنطقة والحد من عمليات إلقاء المخلفات والنفايات الصناعية والأسمدة الزراعية دون معالجة ،والمحافظة على التنوع البيئي فيها، خاصة بعد تعرض أكثر من (40) نوعاً من طيورها وعدد غير محدود من أسماكها لخطر الانقراض.

   ويشكل إقليم الهضبة الغربية المظهر الثالث من تضاريس العراق ،وتبرز أهميته في احتوائه على مجموعة من الواحات والبحيرات وتكون أراضيه في اغلبها صحراوية قادرة على تنشيط السياحة الصحراوية التي تلقى رواجاً كبيراً بين السياح الأجانب، وهو من الاتجاهات الحديثة التي برزت في العديد من دول العالم وخاصة الدول العربية التي تشكل الصحراء جزءاً من أراضيها مثل تونس ومصر والمغرب وتعد دولة الإمارات الرائدة في هذا المجال فقد حولت موقعاً في وسط الصحراء إلى منتجع سياحي وعلى مساحة (26)كم2، إذ يقدمون فيه للسياح أعلى مستوى ممكن من الخدمة وممارسة بعض الرياضات مثل ركوب الخيل واستخدام الدراجات الرباعية الدفع وصيد الحيوانات البرية باستخدام الصقور(33)، إن هذه التجربة يمكن الاستفادة منها وتطبيقها في الإقليم وتوفير مستلزمات نجاحها

3- المناخ: إن الخلاصة التي يمكن اعتمادها لتقويم مناخ العراق ومدى ملائمته للأغراض السياحية قد برزت في نواحي عدة ومنها (34) .

أ- صلاحية المنطقة الجبلية من العراق للسياحة في فصل الشتاء او الصيف ،ففي فصل الشتاء يمكن ممارسة الرياضات الشتوية والمرتكزة على تساقط الثلوج ومنها رياضة التزحلق على الجليد وتسلق الجبال، أما في فصل الصيف فهي تشكل وجهة لكثير من السياح خاصة من داخل العراق لقضاء فصل الصيف الحار، حيث تكثر فيها المصايف والمنتجعات السياحية.

ب- صلاحية منطقتي السهل الرسوبي والهضبة الغربية للسياحة في فصل الشتاء ،لكونهما يمثلان إقليمان مثاليان لإنشاء المشاتي وما يترتب على ذلك من إقامة العديد من المرافق والمنشآت السياحية التي يرغب بها السياح، خاصة إذا ما علمنا إن هذه المناطق لا سيما الاهوار والمناطق الصحراوية كانت مقصداً سياحياً مهماً لكثير من السياح.

ج- في فصلي الربيع والخريف ،وعلى الرغم من قصرهما فهما يساعدان على تنمية السياحة في أي موقع داخل البلد، ويمثلان فترة مناسبة لممارسة الأنشطة السياحية المتنوعة.

4- الموارد المائية : إن الطلب العالمي والعربي والمحلي على مناطق السياحة المائية في تزايد مستمر، إذ بلغت إعداد السياح الذين يسافرون إلى مناطق السياحة المائية بدافع قضاء إجازاتهم السنوية إلى (90%) وذلك لإغراض التمتع بمزاولة الألعاب والسباحة والتعرض لأشعة الشمس والبلاجات و(5%) بدوافع ثقافية و(5%)لإغراض العلاج الطبيعي والنواحي الأخرى، وعلى الرغم من وفرة الموارد المائية في العراق إلا إنها لم تستغل بعد بما يخدم التنمية السياحية ،إن تنوع هذه الموارد قد جعل بالإمكان تطوير واستحداث أكثر من نوع من السياحة المائية ،فبالنسبة للأنهار وتفرعاتها يمكن الاستفادة منها في :

أ- لتنشيط السياحة الداخلية القصيرة المدى (عطلة نهاية الأسبوع ) داخل المدن إذ ستتاح فرصة لإقامة عدد من المنشآت السياحية .

ب- الاستفادة من الأنهار لتطوير النقل المائي ومنه النقل السياحي المرتبط بالنزهات داخل المدن، كما يمكن الاستفادة من الثروة السمكية الموجودة فيها في تنظيم سباقات صيد الأسماك(35). 

  والمطلوب هو وضع خطط للسنوات العشر القادمة وتخصص لها من ميزانية الدولة نسبة لا تقل عن (5%)، تشمل الخطة بناء سدود لجميع الأنهر الكبيرة والصغيرة مهمتها الحفاظ على منسوب المياه لغرض حركة الزوارق واليخوت والقوارب ما بين أجزاء الأنهر التي تفصلها السدود، وقد طبق ذلك على نهر التايمز الذي يخترق العاصمة البريطانية لندن .

  أما بالنسبة للبحيرات فعلى الرغم من اختلاف التوزيع الجغرافي لهذه البحيرات واختلاف خصائصها الفيزياوية والكيماوية، فهي في مجملها في حاجة إلى دراسة الجوانب التالية ورسم الخطط التطويرية في ضوء تلك المعطيات وهي:

أ- المحافظة على بقاء مياه هذه البحيرات خالية من التلوث، وتطوير الفعاليات القائمة على الماء أو الشاطئ وتوفير المعدات والأجهزة الخاصة بممارستها.

ب- الاهتمام بتشجير سواحل البحيرات وعمل الأحزمة الخضراء حولها، وتأسيس الأندية التي تعني بتنظيم المسابقات والأنشطة الرياضية المائية.

جـ - بناء مطاعم خاصة بالأكلات العراقية والشرقية والغربية، وأخرى لبيع الأسماك وتقديمها بالطريقة العراقية المعروفة بـ(السمك المسكوف).

د- تقييم عناصر الجو المختلفة وما يمكن إن يقدمه الموقع لإنشاء فنادق أو بيوت سياحية ومطاعم(36) .

    أما المياه الجوفية ومياه العيون والينابيع، فتزداد أهميتها في المناطق الصحراوية وخاصة للسكان المحليين وأصبحت أساساً للحياة الاقتصادية فيها ونشأت حولها عدد من المدن مثل عين تمر وكبيسة، واستخدمت بعضها للأغراض العلاجية الجلدية والمفاصل والروماتيزم مثل ينبوع السيالة والمعمورة في هيت وحمام العليل في الموصل ،وقد شهدت تلك المناطق إقبالاً كبيراً للسياح لأغراض السياحة العلاجية والتمتع بجمالها الطبيعي ، إن تطوير تلك الينابيع والعيون يتطلب القيام بجملة من الدراسات حول نوعية وخصائص المياه الموجودة فيها وإمكانية إقامة المصحات العلاجية وتوظيفها بما يخدم الجانب السياحي في العراق .

   والشيء نفسه يمكن أن يقال على المساقط المائية والشلالات، فهي في حاجة ماسة إلى الكثير من أعمال التطوير نظراً لقدم منشآتها القائمة ومحدودية طاقتها الفندقية بحيث لا تستوعب إعداد السياح القادمين من مناطق مختلفة، إن تحويل هذه الشلالات إلى عنصر جذب سياحي بارز يتطلب إدخال الوسائل التقنية الحديثة ورسم البرامج السياحية وتنظيم الرحلات خاصة في مواسم السياحية المعروفة .

5- الطيور والحيوانات البرية : لقد كثفت الكثير من الدول جهودها للحفاظ على الحياة البرية من خلال إنشاء محميات طبيعية تضم الحيوانات النادرة والمهددة بالانقراض وتخصيص مساحات واسعة من أراضيها لهذا الغرض ومنها دولة كينيا التي أنشئت وعلى مساحة تقدر بـ(300) هكتار، حديقة كينيا الوطني ، إن التنوع الإحيائي الموجود حالياً في العراق وخاصة في منطقة الاهوار مهدد بالانهيار ما لم تكون هناك خطوة جادة من قبل الحكومة والجهات المعنية ولا سيما وزارة البيئة للمحافظة على هذه الأنواع وقد تعرض معظمها إلى الانقراض بسبب التلوث الكبير الذي تشهده الاهوار والأنهار من جراء إلقاء النفايات الصناعية والمياه الثقيلة .

  إن إعلان منطقة الاهوار كمحمية طبيعية تخضع للقوانين الدولية كفيل بحمايتها من التجاوزات الحاصلة ويحافظ على الكائنات الحية التي توجد فيها، إلى جانب كونها مقصداً سياحياً رئيساً ليس في العراق وحده وإنما في الشرق الأوسط بأجمعه.

6- الغطاء النباتي : يمد الغطاء النباتي سواء الطبيعي منه أو الزراعي القطاع السياحي بجانب كبير من متطلباته من السلع الزراعية، فقد قدر إن نسبة إنفاق السائح على الأطعمة والمشروبات تتعدى (32 %) من إجمالي إنفاق السائح في القطر المضيف(37 )، فضلاً عن ما يوفره من جانب جمالي وتلطيف درجة الحرارة ومصدات للرياح والتخلص من الغبار والأتربة، ووفقاً لهذه الأهمية فإن إقامة الأحزمة الخضراء حول المدن والمناطق السياحية وإنشاء الحدائق العامة والمتنزهات وإدخال التقنيات الحديثة في زراعة المحاصيل الغذائية أمر من شأنه إن يشجع النشاط السياحي و يوفر النقص الحاصل والطلب المتزايد على المنتجات الزراعية ويسهم في توسيع السوق أمامها وتشجيعها على زيادة الإنتاج

ثانياً : استغلال العناصر البشرية في النشاط السياحي

تطوير السياحة الدينية :

  تعد المزارات الدينية الإسلامية الرئيسة في كربلاء والنجف وسامراء والكاظمية من أكثر الأماكن الدينية الجاذبة للسياح، لذا فإن تطوير تلك المزارات يجب أن يتلاءم وقدسيتها إلى جانب النسيج الحضري التقليدي، وقد جرت عدة عمليات تطوير عليها ولكنها كانت محدودة واقتصرت على صيانة وترميم بعض مرافقها دون التوسع في بناء أو استحداث أخرى جديدة ودون أن تراعي الطلب المتزايد على السياحة الدينية .

  ولغرض تفعيل النشاط السياحي الديني وإعطائه الحيز والموقع الملائم ،لابد من تأسيس شركة متخصصة بهذا الجانب تعمل على تهيئة الظروف المناسبة والملائمة لاستثمار جميع عناصر السياحة الدينية في القطر، واستئجار الفنادق والحافلات والسيارات لخدمة الزوار والتعاقد مع الجهات العراقية وغير العراقية فيما يتعلق باستقبال الوفود وتفويجها وتنظيم البرامج السياحية وتأمين الراحة لهم، كما تتولى مهمة الترويج من خلال وسائل الإعلام المختلفة داخل القطر وخارجه(38 ).

  وقد عانت هذه المزارات من إهمال كبير أبان النظام السابق خاصة بعد الانتفاضة الشعبانية وتعرض المراقد الدينية في كربلاء والنجف إلى القصف والتدمير،كما تعرضت بعض المراقد بعد سقوط النظام للتفجير والتهديم وخاصة مرقد الأماميين العسكريين في سامراء ومعظم المراقد الموجود في محافظة ديالى، وبالنظر إلى واقع الحركة السياحية في المدن المقدسة، نجد إن حركة الزائرين تشتد في أيام الجمع والزيارات الموسمية الخاصة أو في المناسبات الدينية والاجتماعية ، ويأتي الزائرون من داخل تلك المدن ومن المحافظات المجاورة فضلاً عن الوفود الزائرة من الدول العربية والإسلامية ومنهم طائفة البهرة من الهند وباكستان وأفغانستان ،وقد تباينت أعدادهم بسبب الظروف الاستثنائية التي مر بها العراق حيث جاء منهم في سنة 2002 م بحدود (5000) زائر وكذلك الزوار الإيرانيين حيث ازدادت أعدادهم بشكل كبير وملحوظ خاصة في الفترة التي تلت عام 2000 إذ وصلت مابين (2000 -3000) زائر أسبوعياً، ولكن بعد سقوط النظام البائد حدثت زيادة مفاجئة وكبيرة لتصل في عام 2004 إلى نحو 7000 زائر كل ثلاثة أيام (39). 

  إن الإسراع في بناء هذه المراقد أصبح من الضرورات الملحة لما تمثله من أهمية بالنسبة لكثير من المسلمين ليس في العراق فحسب وإنما لدول إسلامية أخرى ،فضلاً عن ذلك فهي تفتقر إلى عدد من الخدمات التي يحتاجها الزائر ولاسيما دورات المياه الصحية وأماكن الوضوء،وتوفير الفنادق السياحية من الدرجة الأولى، فأغلب الفنادق الموجودة في الكاظمية مثلاً التي تخدم السياحة الدينية والبالغة (16) فندق تصنف إلى الدرجة الثالثة والرابعة، أما البقية فهي فنادق شعبية لا تملك درجة تصنيفية ومتواضعة جداً وتفتقر إلى الشروط الصحية، وهي تستقبل النزلاء العراقيين فقط ولا تقدم أية خدمات عدا خدمات الإيواء وهذا مؤشر يؤكد تدني مستوى هذه الفنادق وافتقارها إلى المواصفات الفندقية العالمية(40)، و يمكن إرجاع ذلك إلى تدني المستوى الأمني في العاصمة بغداد وارتفاع أعداد القتلى والجرحى نتيجة الأعمال الإرهابية التي تطال الأبرياء من أبناء الشعب العراقي .

  إن استقرار الوضع الأمني في المحافظات الجنوبية قد انعكس على حركة البناء والاعمار فيها، ففي محافظة النجف حدثت بعض التغيرات في المخطط الأساس بشكل يخدم السياح فهناك مشروع في الجانب الأيمن خلف مرقد الإمام علي (عليه السلام) يشمل (16) فندقاً سياحياً من الدرجة الأولى مع مضيف يعرف بـ(مضيف الإمام علي) مع ساحة كبيرة لوقوف السيارات، أما في الجانب الأيسر فهناك أيضاً (16) فندق سياحي مع مجمع خدمي متكامل، وكذلك سيتم إنشاء (14) فندقاً سياحياً مع قاعتين للمناسبات والمؤتمرات ورجال الأعمال، ولأجل التقليل من كثافة المرور وشدة الازدحام المروري خارج وداخل المدينة ولتقليل الحوادث المرورية التي تنتج عن مثل هذا الازدحام هناك خطة لفتح طرق رئيسة وفرعية تؤدي إلى المرقد الشريف بأقرب مسافة ممكنة فضلاً عن استخدام الطرق الحلقية لتلافي الدخول إلى مركز المدينة ومنها طريق( كربلاء ـ النجف )والطريق الثاني (نجف ـ ديوانية) (41)، إن أنشاء هذه المشاريع حققت نجاحات محدودة ولا تزال أيام الزيارات تشهد اختناقات شديدة وازدحام مروري واسع، كما تعاني مرآئب نقل الركاب من قلة توفر وسائل النقل وعدم كفايتها لنقل الأعداد الكبيرة التي تصل في اغلب الزيارات إلى ملايين الزوار، ومن أجل التغلب على هذه المشاكل فإن السعي إلى إنشاء مترو للأنفاق يربط المدن المقدسة مع المحافظات المجاورة أو ربطها بواسطة شبكة من سكك الحديد الحديثة فان ذلك من شانه إن يقلل من الازدحام ويوفر الجو الملائم لأداء طقوس الزيارة لكل الزوار

تطوير المناطق الأثرية :

   بالنظر لما تمر به الآثار العراقية اليوم من عمليات تخريب مقصودة تستهدف طمس حضارة العراق التي امتدت لسبعة ألاف سنة، فهي اليوم بأمس الحاجة إلى سن قانون يحميها من عمليات السرقة المتواصلة واستعادة ما تم إخراجه من العراق بطرق غير شرعية ومنها قانون الآثار والتراث رقم (55) لسنة 2002 م الذي تم إيقاف العمل به بعد سقوط النظام السابق، كما إن توقف أعمال الصيانة للآثار قد أدت وبشكل كبير إلى زوال الكثير من معالمها البارزة، فقد أشارت إحدى الدراسات إلى إن معظم المدن التاريخية في العالم العربي قد فقدت أكثر من (70%) من نسيجها التاريخي خلال العقود الخمسة الأخيرة من القرن المنصرم، وبالتأكيد فإن إعادة بناء ما تهدم من هذه الآثار وفقاً للمخططات الأصلية لها واستخدام مواد البناء ذاتها التي استخدمت سابقاً سيكون لها دور في عودة الحياة إليها وقدرتها على الجذب السياحي .

   أما بالنسبة للمشاريع السياحية في هذه المواقع فهي في حاجة إلى ربطها بطرق نقل معبدة قادرة على الوصول إلى أبعد نقطة فيها ،فأغلبها تقع في مناطق نائية وبعيدة عن المراكز الحضرية والمدن وطرق المواصلات، فضلاً عن تشجيرها بأنواع مختلفة من الأشجار وإقامة متحف تاريخي عند المدن التاريخية المهمة مثل مدينة بابل وأشور ونفر، وإنشاء متاجر لبيع التحف الأثرية والهدايا التذكارية وتنظيم المهرجانات والاحتفالات بشكل دوري مثل المهرجانات التي كانت تقام سابقاً ومنها مهرجان بابل الدولي واستحداث أخرى جديدة مثل مهرجان نفر أو الوركاء وغيرها .

تنمية الصناعات اليدوية :

   وهي تمثل رافداً مهماً من روافد الاقتصاد الوطني لكونها تمثل تراث الأمة ومراحل تطورها الفكري والعمراني،ولغرض تنميتها وتطويرها فهي بحاجة إلى :

أ- تشجيع هذه الصناعات من قبل الدولة والقطاع الخاص وتوفير المواد الأولية والورش الصناعية وشمولهم بالتخفيضات أو الإعفاءات الضريبية .

ب- إقامة مهرجانات فنية وفلكلورية لتعريف العالم بتاريخ العراق العريق وبشكل سنوي .

ج- إجراء حملات تسويقية لهذه المنتجات بغية تداولها داخل العراق وخارجه .

الاستنتاجات :

1- يزخر العراق بإمكانات ومقومات سياحية قلما توجد في دولة من دول العالم، وتتميز بتنوعها وأصالتها وتوزيعها الجغرافي الفريد، ولكنها وبسبب مجموعة من المعوقات لم تستثمر بشكل صحيح واقتصادي .

2- فقدت السياحة أهم عنصر من عناصر ديمومتها ونجاحها وهو الاستقرار الأمني والسياسي، فبعد سقوط النظام السابق أحجم كثير من السياح عن الدخول إلى العراق بسبب سوء الوضع الأمني وتصاعد وتيرة عمليات القتل والخطف والتفجير، ولم تدخل أية مجموعات سياحية باستثناء زوار المراقد الدينية المقدسة وخاصة المزارات الدينية في كربلاء والنجف والكاظمية عبر المنافذ والمناطق الجنوبية من البلاد.

3- إغفال كبير من قبل الحكومة للدور الكبير الذي يمكن إن تضطلع به السياحة في تنمية وتحسين الاقتصاد العراقي، فقد حققت السياحة مثلاً عوائد مالية كبيرة في دولة الإمارات العربية المتحدة ووصلت إلى حوالي (5) مليار دولار في عام 2000 والى دخول (5) ملايين سائح إليها من مختلف دول العالم.

4- هناك نقص كبير وواضح في عدد الفنادق السياحية من الدرجة الممتازة فقد وصل عددها إلى (5) فنادق فقط وهي متركزة في العاصمة بغداد، فضلاً عن المنشآت السياحية الأخرى والمرافق الخدمية المهمة التي يحتاجها السياح في حلهم و ترحالهم، كما إن الموجود من خدمات البنية التحتية من طرق وشبكات الماء الصافي وخطوط نقل الطاقة الكهربائية لا يفي بالغرض.

5- ضعف دور وزارة السياحة والآثار في التخطيط للمشاريع السياحية أو رسم سياسة سياحية بعيدة المدى تعتمد على آخر التطورات الحاصلة في هذا الميدان ، والشيء نفسه ينطبق على هيئات السياحة المنتشرة في المحافظات فبعضها يفتقر إلى الكوادر الفنية والإدارية المؤهلة وبعضها الآخر يفتقر إلى مكان مناسب لممارسة أعماله المختلفة .

6- النقص الشديد في الكوادر المدربة لإدارة المنشآت السياحية ، من مرشدين سياحيين وإداريين وفنيين وعمال خدمة، فالعمل في المجال السياحي يتطلب خبرة ومهارة كما إن التعامل مع السياح في أسلوب مقبول ومرضي وخلق البيئة السياحية هي من العناصر المهمة في تطوير النشاط السياحي .

7- انعدام عمليات الترويج والإعلام والتوعية السياحية لما موجود في العراق من إمكانات سياحية كبيرة، فلم تتوفر المستلزمات الأساسية التي يتوقف عليها نجاح الإعلام السياحي في أداء المهمات المنوطة به وفي مقدمتها توفر رأس المال وتوظيفه بما يخدم خطط التنمية السياحية والإنسان الذي يعد من أبرز مستلزمات تنفيذ خطط الإعلام السياحي.

8- ليس هناك دور للقطاع الخاص في عملية الاستثمار في المجالات السياحية المتنوعة، فما زال القطاع الخاص في العراق يتخوف من الاستثمار في هذا المجال، وتقتصر نشاطاته على الأعمال التجارية والزراعية وغيرها.

9- قلة الميزانية المخصصة من قبل الحكومة لوزارة السياحة والآثار، فالنهوض بهذا القطاع يحتاج إلى تخصيصات مالية كبيرة جداً تصل إلى أكثر من (5) مليارات دولار حسب آخر دراسة قامت بها وزارة التخطيط ، نظراً لما أصاب هذا القطاع من أضرار جسيمة خلال السنوات الستة عشر الماضية .

10- انعدام الاستثمارات المحلية والأجنبية وعدم وجود قانون ينظم عمليات جذب فرص الاستثمار السياحي، ولم يتم تخصيص قطع أراضي لإقامة مشاريع استثمارية عليها خاصة في المحافظات الجنوبية التي يمكن أن تعتبر ظروف ومناخ الاستثمار فيها مستقرة وجيدة لأن تلك المناطق تتمتع نسبياً باستقرار أمني.

11- عدم تأثر السياحة الدينية بالظروف الأمنية والسياسية التي حدثت في العراق بشكل كبير، فقد أبرمت الحكومة عدة اتفاقيات مع الجانب الإيراني لتسهيل مهمة دخول الزوار الإيرانيين إلى العراق وبمعدل (1500) زائر يومياً ،فضلاً عن الزوار القادمين من الدول الأخرى ولا سيما الهند وباكستان والبحرين ولبنان .

التوصيات :

1- إعداد الدراسات والبحوث وعقد المؤتمرات والندوات التي تعنى بالتعريف بالآثار الايجابية للسياحة ،وبالإمكانات السياحية التي يمتلكها العراق، وتدعيم مسارات التنمية في المجالات المختلفة والعمل على إصدار قانون جديد للاستثمار السياحي الذي يتم بموجبه منح جميع التسهيلات المالية والمصرفية للشركات الاستثمارية، وتنظيم المعارض للمشاريع الاستثمارية التي تشارك فيها كبرى الشركات العالمية المتخصصة ذات العلاقة للترويج لمشروعاتها،وتأجير الأراضي لأغراض سياحية عن طريق المساطحة لمدة لا تقل عن (25) سنة .

2- تبسيط إجراءات تأشيرات الدخول والتفكير بإصدار (فيزا) عربية لعدة بلدان عربية ،والسماح لرجال الأعمال والمجوعات السياحية بالدخول إلى العراق دون الحاجة للحصول على تأشيرات مع ضرورة إلغاء القيود على انتقال السيارات عبر الحدود وإنشاء تعريفات سفر تشجيعية للنقل الجوي وذلك في أوقات الركود والعمل على تفويج الزوار والوافدين وكذلك فتح الأجواء للرحلات العارضة والخاصة.

3- ربط العراق مع دول الجوار بخطوط نقل حديثة وسريعة وخطوط سكك حديدية والطرق البحرية ،فليس بإمكان غالبية السياح تحمل تكاليف السفر بالجو مع إعادة دراسة التشريعات التي تحكم هذه الخدمات .

4- اتخاذ الإجراءات اللازمة لصيانة المواقع الأثرية والتاريخية وحمايتها من أعمال السرقة والتخريب وتفعيل قانون الآثار والتراث رقم (55) لسنة 2002 للحد من سرقة الآثار والتجاوز عليها، وضرورة ربط هذه المواقع بطرق النقل المختلفة وتزيينها بلافتات إرشادية وتعريفية خاصة بها .

5- ضرورة الاهتمام بالمزارات الدينية لجميع الطوائف والحفاظ على قدسيتها وإنشاء فنادق خاصة بالسياحة الدينية والبحث باستمرار عن أسواق سياحية جديدة كالانفتاح على دول العالم الإسلامي وتسهيل عمليات الدخول لهم وتشجيع الطلب على السياحة الدينية من خلال تخفيض أسعار الإيواء للأطفال والأحداث وأجور المرافقين ،فضلاً عن إقامة برامج ترويحية في مواسم الكساد بما لا يتعارض مع أغراض السياحة الدينية.

6- التنويع بالأنماط السياحية وتجنب الاعتماد على نمط معين كالسياحة الأثرية والدينية مثلاً وحتى على بلد واحد كسوق ومصدر للسياح،فضلاً عن رفع شعار السياحة النظيفة والتي تحاول الابتعاد عن المظاهر التي تتعارض مع التعاليم الدينية والعادات والتقاليد العربية الأصلية ومنها سياحة الجنس التي أخذت بالانتشار في أوربا و دول جنوب شرق أسيا .

7- تكليف وسائل الإعلام المحلية والعربية والعالمية بتبادل البرامج السياحية تشجيعاً للسياح بزيارة العراق واستخدام التقنيات الحديثة والوسائل الدعائية والإعلامية المتطورة والانترنيت في خدمة النشاط السياحي والترويج له وطبع دليل سياحي خاص بالمواقع السياحية العراقية والبوسترات والملصقات والكتب المجانية وتوزيعها للسياح عند دخولهم الحدود .

8- اعتماد المعطيات والأرقام وأصول التسويق قبل إصدار أية قرارات تهم القطاع السياحي الذي من شانه أن يقلل من الأضرار التي يمكن أن تنجم تحت أية ظروف .

9- التخفيف عن كاهل القطاع السياحي من الضرائب التي تفرضها الحكومة إلا في حدود المعقول أو عند الضرورة .

10- إنشاء شركة سياحية كبرى تكون قادرة على دراسة واقع السياحة في العراق وتعمل ضمن خطة متكاملة لتوجيه السياحة والترويج لها في الوطن العربي والعالم لتشجيع المواطنين العرب والأجانب على تنمية السياحة العراقية وتؤدي بالتالي إلى خلق التشابك والتفاعل المطلوبين بين الشعب العراقي والسياح، وتكون قادرة على تلبية احتياجات النقل السياحي المتطور ليحاكي الشركات الكبرى في العالم.

11- إعادة بناء معهد بغداد للسياحة والفندقة وتخريج كوادر لها القدرة على إدارة المنشآت السياحية والتعامل بشكل حضاري مع السياح على اختلاف أذواقهم ومشاربهم .

12- دعم الصناعات الشعبية واليدوية وصناعة التحف والهدايا التذكارية وتشجيعها وبيعها في المواقع الدينية والأثرية بوصفها تمثل جانب من تراث الأمة وتاريخها العريق.

13- توفير السبل للنهوض بالسياحة الداخلية فهي إلى جانب كونها وسيلة مهمة لتوفير الأجواء الملائمة للمواطنين لقضاء أوقات فراغهم وبالأشكال المختلفة للراحة والاستجمام والترويح، وكذلك إسهامها في دعم الاقتصاد القومي من خلال عدالة توزيع الدخل القومي على مختلف المناطق في الدولة ورفع المستوى لمعاشي والثقافي والحضاري للمواطنين وزيادة نمو العلاقات الاجتماعية وإذكاء الشعور الوطني فضلاً عن تنمية الهوايات والحرف اليدوية .

14- استخدام تقنيات الاستشعار عن بعد ونظم المعلومات الجغرافية (G.I.S) في تحديد المواقع السياحية المناسبة وذلك يتطلب :

أ- بناء قاعدة معلومات عن السياحة وأنواعها في العراق .

ب- بناء قاعدة معلومات عن المقومات الطبيعية والبشرية وتوزيعها الجغرافي في العراق.

المصادر والهوامش

1- قيس رؤوف عبد الله،مثنى طه الحوري،دور المصادر الطبيعية في نشوء وتطور السياحة ،مجلة الإدارة والاقتصاد،العدد7،السنة السادسة ،الجامعة المستنصرية،بغداد،1982،ص101 .

2- المصدر نفسه،ص104 .

3- رعد العاني ،الوجيز في الجغرافية السياحية وسياحة المخيمات،دار حامد للنشر والتوزيع،عمان ،2005،ص40.

4- آزاد محمد أمين ،المقومات الجغرافية لنشوء وتطور السياحة في المنطقة الجبلية من العراق،مجلة كلية التربية،العدد2،مديرية دار الكتب ،جامعة البصرة ، البصرة 1979،ص51.

5- المصدر نفسه،ص53 .

6- صلاح حميد الجنابي،سعدي مهدي غالب،جغرافية العراق الإقليمية مطبعة جامعة الموصل،الموصل ،1992،ص499.

7- المصدر نفسه.

8- شبكة الانترنيت،وحيد محمد مفضل،اهوار العراق،2004 ،ص2 .

com. www. eco

9- صلاح حميد الجنابي،سعدي علي غالب،مصدر سابق،ص503 .
10-عادل سعيد الراوي،إمكانات العراق السياحية في المادة الخام الطبيعية (المناخ)،مجلة الجمعية الجغرافية العراقية ،العدد26،مطبعة العاني،بغداد،1991،ص215 .

11- المصدر نفسه.

12- كاظم موسى محمد،دور الموارد المائية في التنمية السياحية ،مجلة الجمعية الجغرافية العراقية، العدد47، 2001،ص320 .

13- مهدي الصحاف ،الموارد المائية في العراق وصيانتها من التلوث،دار الحرية للطباعة،بغداد،1976،ص57 .

14- المصدر نفسه ص58.

15- كاظم موسى الطائي،أثر الموارد السطحية في عملية التنمية في العراق،مجلة كلية المعلمين ،العدد30 ،جامعة الموصل،2001، ص ص 36 -42 .

16-مهدي الصحاف،مصدر سابق،ص ص216-217.

17-آزاد محمد أمين،مصدر سابق،ص66 .

18-كاظم موسى محمد،دور الموارد المائية في التنمية السياحية ،مصدر سابق،ص327 .

19-آزاد محمد أمين،مصدر سابق،ص ص66-67 .

20-نعمان دهش العقيلي، الجغرافية السياحية لمنطقة الصحين ،مطبعة العاني ، بغداد،1980،ص64.

21-شفيق مهدي،الطيور المائية في العراق والوطن العربي،مطبعة دار الرشيد،بغداد، 1982 ،ص148 .

22-شبكة الانترنيت،حامد هادي صالح،المدينة السياحية في البصرة ،2003 ، ص3 .

www.totalise.co.uk.2003.p.3 

23- حنان حسين دريول،السياحة الدينية في بغداد،رسالة ماجستير غير منشورة،مقدمة إلى كلية الآداب ،جامعة بغداد،2002 ،ص26 .

24- أحمد سوسة ،حضارة العرب ومراحل تطورها عبر العصور ، دار الحرية للطباعة، بغداد،1979 ،ص35 .

25- المركز الفلكلوري في وزارة الإعلام،مجلة التراث الشعبي ،العدد2 ، السنة الثالثة ،دار الحرية للطباعة ،بغداد،1971،ص65 .

26- المؤسسة العامة للسياحة ،العراق دليل سياحي،مطبعة لوبيانا ، يوغسلافيا ، 1982 ،ص ص40 -42 .

27- المصدر نفسه.

28-عبد الله عبدي جامع،التطور الحضري وأثره في تنمية الطلب السياحي،رسالة ماجستير غير منشورة ،كلية الإدارة والاقتصاد،الجامعة المستنصرية ،بغداد ، 2001،ص75 .

29- شبكة الانترنيت،الترويج السياحي،2001 ،ص3 .

www.islamictoursim.com 

30 ـ أكرم زينل الصالحي ،السكان والعمل في النشاط السياحي وخاصة السياحة الدينية في العراق وآثاره الجغرافية،مجلة الجمعية الجغرافية العراقية،العدد49 ، 2002 ،ص 168 .

31- مظفر مندوب،الإعلام السياحي في العراق وسائله وأساليب تطبيقه ، مجلة الجمعية الجغرافية العراقية ،العدد50، 2002،ص148

32- نبيل الروبي،التخطيط السياحي،مؤسسة الثقافة الجامعة ، الإسكندرية ، 1987،ص.143

33- شبكة الانترنيت،جريدة البيان،السياحة الصحراوية في دبي

www.albayan.com.2005.p.1 

34-ـ عادل سعيد الراوي، مصدر سابق، ص215 .

35- رعد العاني ،مصدر سابق،ص38.

36- سعد إبراهيم حمد المشهداني،تطوير واقع السياحة على شاطئ الثرثار، رسالة ماجستير غير منشورة ،كلية الإدارة والاقتصاد،الجامعة المستنصرية، 2002 ، ص128 .

37- عبد الله عبدي جامع،مصدر سابق،ص 8 .

38 - حنان حسن دريول ،مصدر سابق،ص120 .

39 - نسرين عواد جصاني،تطور السياحة الدينية في مدينة النجف، مجلة البحوث الجغرافية ،العدد 5 ،دار ضياء للطباعة والنشر ، النجف ،2004 ، ص40

40 -حنان حسين دريول،مصدر سابق،ص135.

41 - نسرين عواد جصاني،مصدر سابق،ص341.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا