مدينة أدرار وفق السياق الحضري الجديد
نحو إعادة تنظيم المجال الجهوي
للأقاليم الصحراوية الجنوبية الغربية للجزائر
بدرالدين يوسفي - أستاذ باحث، جامعة وهران، مخبر المجالات الجغرافية والتهيئة الإقليمية، باحث متعاقد: -CRASC Oran - مجلة إنسانيات : مجلة جزائرية في الأنثروبولوجية والعلوم الاجتماعية :
تعد مدينة أدرار من المدن الجزائرية الصحراوية الأكثر ديناميكية خلال العشريات الأخيرة حيث عرفت تحولات وظيفية واجتماعية جوهرية. فمر عدد سكانها من 4.468 ساكن سنة 1966 إلى 60.039 ساكن سنة 2008[1]. من الناحية الوظيفية، طورت المدينة شبكاتها التبادلية مع القصور المحلية والأقاليم الصحراوية بعدما دعمت بسلسلة من التجهيزات الخدماتية من الدرجة العليا والنشاطات التجارية، مفرزة بذلك ميكانيزمات معقدة للتبادلات الاقتصادية والحركات البشرية. سمحت هذه الحركية للمدينة بالاندماج في حقل الاقتصاد الوطني، ولكن أثرت في نفس الوقت على نوعية الروابط الاجتماعية التقليدية للساكنة المحلية.
بالفعل، فقد خلقت أدرار لنفسها وظائف جديدة سمحت لها بتطوير شبكاتها الخدماتية، التجارية والتنقلية واستعادت علاقاتها ليس فقط مع المجالات الصحراوية[2] بل أيضا مع مدن الشمال الجزائري، محاولة إيجاد مكانة حضرية ضمن التنظيم الترابي الجهوي والوطني. وتنفرد مدينة أدرار بخصوصية وسطها الاجتماعي[3] الذي تؤطره الشبكات المرابطية[4] التي تؤثر بصورة واضحة على الممارسات الدينية، الاقتصادية والاجتماعية. سنحاول من خلال هذا البحث فهم كيف أسست الشبكات الخدماتية والتجارية الجديدة للتنظيم الإقليمي (الترابي) الحالي لمدينة أدرار وكيف سمح لها ذلك، ليس فقط بالاندماج في الشبكة الحضرية الوطنية وإنما بالتمهيد لدور جهوي في الصحراء مستقبلا، في ظل الاملاءات السياسية والاقتصادية الجديدة؟ وهل احتفظت المدينة بشبكاتها القديمة؟ كيف أثرت هذه الحركية على المجتمع المحلي؟
1. شبكة حضرية مختلة للجهة الجنوبية الغربية
على الرغم من كون منطقة الجنوب الغربي الجزائري محورا هاما لمرور القافلات التجارية في القرون السابقة بين بلاد السودان (غرب إفريقيا) و بلاد المغرب، إلا أن التجمعات العمرانية ظلت مجرد مراكز عبور، لم ترق إلى مستوى مدن موانئ الصحراء مثل سجلماسة. والدليل على ذلك أن الشبكة العمرانية موجهة في اتجاه المحاور التجارية (شمال، جنوب). لكن، يسجل التاريخ بروز مدينتين كان لهما الشأن في هيكلة المجال في القسم الغربي للصحراء الجزائرية وهما: تمنطيط في التوات وتميمون في القورارة. هذا بالإضافة إلى مدن تقلّ أهمية كعين صالح في التيدكلت والقنادسة في الساورة. إن الأولى، فقد تراجع دورها منذ اندلاع فتنة اليهود في القرن الخامس عشر، إذ برزت مراكز أخرى للقوافل والتبادلات في التوات كبودة. أما الثانية فقد واصلت نشاطها التجاري مع القوافل التجارية لغاية مطلع القرن السابق، هذا على الرغم من تراجع حجم تلك التبادلات واقتصارها على تجارة الرقيق وبعض المنتوجات الفلاحية للواحات المجاورة، حيث كانت تميمون مركزا للتسويق نحو بلاد السودان ومركزا للتبادلات مع البدو الرحل وخاصة أولاد سيدي الشيخ والشعانبة.
و أسست الحقبة الاستعمارية لتطور الشبكة الحضرية الحالية بتشكل الأنوية العمرانية الأولى على خلفية إقامة شبكة من الأبراج والثكنات العسكرية في أهم الواحات التي تطورت إلى مراكز للقيادة العسكرية لأقاليم الجنوب (1902) هذا من جهة. و من جهة أخرى، شهدت أهم هذه المراكز عمليات لاستقرار البدو الرحل وخاصة ذوي منيع بناوحي الساورة، الرقيبات بتندوف، بعض فرق من قبائل الشعانبة في القورارة والتوات والزوى (اولاد الشيخ) في القورارة و التيدكلت. كما عرفت القطاعات غير الفلاحية تطور بعض النشاطات في القطاع الثاني الخاص بالمناجم مثل الفحم ببشار وبداية عمليات التنقيب على البترول منذ سنة 1947. إذ سمح اكتشاف النفط في الجنوب الشرقي لعدد كبير من سكان الواحات بالالتحاق بحقول تلك المناطق (جون بيسون، 1960). و لم يغيّر تطور ورشات الشغل فحسب المعطيات الاقتصادية المحلية بل أثر على الروابط الاجتماعية بين مختلف مركبات المجتمع المحلي، على اثر الاستقلال المالي للفئة الشغيلة في قطاع الفلاحة سابقا (الحراثين) واندفاعها نحو هذه القطاعات، وهي مرحلة رئيسية في بداية تحررها من الممارسات السلطوية للنبلاء.
و اتخذ قصر أدرار، أحد أهم قصور واحة تيمي بالتوات، مقرا لممارسة السلطة العسكرية الاستعمارية، وهذا بإقامة ثكنة بمحاذاة القصر وتأسيس النواة الأولى لقرية حسب مفاهيم التعمير الأوروبي، أي وفق مخطط شطرنجي فيما بين 1925 و1960. ويتكون المركز الجديد من التجزئة السكنية ومجموعة من المرافق مثل المجموعة المدرسية للبناة، سوق الفندق (الدينار فيما بعد) ، نزل جميلة (في موضع نزل التوات حاليا)، المستشفى بين سنوات 1940 و1949. سمح ذلك بظهور حي تجاري (الحطابة) يسكنه أغلبية من الشعانبة[5] وبعض أهالي المزاب. و امتهن هؤلاء التجارة نظرا لعلاقاتهم الممتدة من غرداية، الجلفة، إلى البيض (أولاد سيدي الشيخ). دعمت أدرار بمطار عسكري ينظم رحلات مدنية وطريق غير معبد إلى بشار. وهكذا مر المركز الجديد بأدرار من 500 ساكن في سنة 1908، الى 2.500 ساكن سنة 1958 بـ 100 أوروبي.
وظلت أدرار في الفترة الاستعمارية، مقر لصف دائرة لم تحظ سوى ببعض التجهيزات ذات المستوى الأولي حيث خضعت لنفوذ وإشعاع مدينة بشار (450 كلم شمالا) التي كانت تركز الوظائف الإدارية لكونها مقر الإقليم الإداري للساورة (الجنوب الغربي) وقدر عدد سكانها سنة 1958 ب 24.000 ساكن. كما احتكرت بشار تجارة الجملة حيث كانت نقطة التوزيع نحو المناطق الجنوبية الغربية مدعمة بشبكة مواصلات متطورة (سكة الحديدية وهران-بشار، طريق معبد بين وهران وبشار ابتداء من سنة 1958 ورحلات جوية وطنية ودولية (مرسيليا، باريس: عبر وهران). وحظيت بشار بهذه المكانة لأنها كانت مدينة للأوروبين قبل أن تكون مدينة الأهالي. فتجاوز معدل التحضر سنة 1954 في الساورة 57 % بشارب 24.000 والقنادسة بـ 7500 ساكن، في حين لم يبلغ في التوات سوى 6%، في القورارة قدر ب 10 % (3.000 ساكن في تميمون)، و في التيدكلت بلغ 24 % (4700 ساكن في عين صالح). اتسمت الشبكة الحضرية بعد الاستقلال، في المناطق الجنوبية الغربية للجزائر بعدم الاتزان، على الرغم من تطور عدد من التجمعات العمرانية إلى مدن حقيقية في العشريات الأخيرة ، لا سيما في إقليم التوات، القورارة والتيدكلت. واصلت بشار سيطرتها على المجال الجنوبي الغربي لكونها المدينة الوحيدة بأكثر من 40.000 ساكن سنة 1966، ولم يتجاوز حجم المدن الأخرى 5.000 ساكن بأدرار وتميمون. أما على المستوى الصحراوي، فاحتلت بشار المكانة الثالثة، في حين احتلت أدرار المكانة 29 ضمن تصنيف شمل 64 تجمعاً حضرياً صحراوياً.
و قد بدأت ابتداء من سنة 1977، ملامح مدينة أدرار تتجلى ديمغرافيا ووظيفيا منذ ترقيتها إداريا إلى صف مقر ولاية منذ سنة 1974 وترقية شبكة المسالك إلى طرق وطنية في إطار البرنامج الخاص لمناطق الجنوبية ابتداء من سنة 1966، فقفز معدل التحضر بالولاية إلى 16.9 %. ويعكس معدل النمو الديمغرافي في هذه الفترة الذي قدر ب 4.5 %، هذه الديناميكية على الرغم من أن عدد سكانها لم يتجاوز 7.500 ساكن فقط، وصنفت بذلك في المركز الثالث جهويا بعد بشار ب 52.000 ساكن وعبادلة بـ 9.000 ساكن. لم يتجل أثر هذا التحول إلا في العشريات الأخيرة حيث مرت أدرار إلى 28.000 ساكن سنة 1987 بنسبة نمو 4.1 % ومعدل ولائي للتحضر 30.5%. وبهذا انفصلت عن مجموعة المدن الصغرى لتخترق صف المدن المتوسطة، كما اجتازت بشار 100.000 ساكن، وعرفت مدينة تميمون و أولف تطوراً سكانياً هاماً حيث اجتازت 10.000 ساكن بمعدل نمو 5.3% و4.8% على الترتيب. ويأتي في الصف 5.000-10.000 ساكن مجموعة من المدن مثل بني ونيف القنادسة وبني عباس. بينما تم إدراج رقان وبرج باجي مختار في صف التجمعات الشبه الريفية على الرغم من نموهما السريع المقدر ب 10%، كما صنفت للمرة الأولى في هذا الصف طالمين في القورارة وتيط في تيديكلت واقلي في الساورة. أما على المستوى الصحراوي، فاحتلت بشار المرتبة الثانية وأدرار المرتبة 16 ضمن تصنيف شمل 62 تجمعاً حضرياً صحراوياً و38 تجمعاً شبه ريفيا. بينما تميزت السنوات الموالية بتواصل ظهور التجمعات الشبه الريفية في التوات مثل تمنطيط وتيلولين، أكدت بشار وأدرار على مكانتهما على المستوى الجهوي بمعدل نمو 3.6% للأولى و2.04 % للثانية ليصبح عدد سكانهما 42.000 و134.000 ساكن سنة 1998 على التوالي. في حين، تراجعت مكانة المدن الصغيرة في الساورة على المستوى الجهوي والصحراوي، حيث لم تتعد معدلات نموها 2%، وسجلت التجمعات العمرانية في القورارة، التوات والتيدكلت معدلات بين 2 و3%، حيث تجاوزت تميمون 17.000 ساكن وأولف 15.000 ساكن. وأخيرا حافظت البنية الحضرية على نفس الحالة سنة 2008، مع اقتراب دخول أدرار إلى صف المدن الكبرى ب 66.000 ساكن وبشارب165.000 ساكن، فحين تجاوزت تميمون وأولف 20.000 ساكن، بينما احتلت برج باجي مختار المرتبة الرابعة ب 16.000 ساكن.2
2. الحركات السكانية: علاقات كثيفة مع بشار ووهران وباقي الأقاليم الجنوبية
تعكس الحركات السكانية المسجلة بين 1987 و 1998 بين أدرار والولايات الأخرى (خريطة رقم 02 ورقم 03) تطور الدور الوظيفي لهذه المدينة، وتحولها لمركز يتميز بقدرة اجتذاب السكان ليس فقط من الولايات الجنوبية بل الشمالية أيضا، وهذا على الرغم من كون معدل رصيد الهجرة بها طردي. و بالفعل، يمكن ملاحظة إقبال العديد من الأشخاص على الإقامة بأدرار، وهذا نظرا لوجود ديناميكية حضرية مهمة منذ العشريات الأخيرة، عن طريق توفر مناصب شغل جديدة في قطاع الخدمات (العمومية والخاصة) والنشاطات التجارية. كما شجع نمو حظيرة السكن بأدرار الكثير من شباب المدن الكبرى التي تعاني من مشكل السكن بالإقامة بهذه المدينة حيث حفزت الإطارات بعلاوات خاصة ومساكن وظيفية. أدت هذه الحركية إلى تغيير التركيبة الاجتماعية لمدينة أدرار، تنوعها وانفتاحها على الأقاليم الأخرى. أما بالنسبة لفقدان أدرار لبعض سكانها فيفسر ذلك بتواصل تيارات هجرة السكان المحليين التي بدأت منذ الفترة الاستعمارية كما أشار لذاك (جون بيسون، 1960) وخاصة هجرة الحراثين نحو بيئة متحررة من رواسب ممارسة الرقيق. كما تندرج ضمن تلك العلاقات الطردية حركات عكسية (عودة) لبعض الأفراد الوافديين على أدرار نحو مناطقهم الأصلية.
وتتميز هذه الحركات بكثافتها بين أدرار وبشار و بين أدرار ووهران بأكثر من 1000 شخص (الاتجاهين معا)، حيث رصيد الهجرة هو لصالح أدرار في الحالة الأولى و لصالح وهران في الحالة الثانية. ويمكن رد ذلك لإشعاع أكبر مدينتين (وهران في الشمال الغربي و بشار في الجنوب الغربي) على الأقاليم الجنوبية الغربية. برزت معالم هذه العلاقات الوظيفية منذ الفترة الاستعمارية حيث سجلت أولى الهجرات من التوات نحو وهران، وبدرجة أقل نحو بشار. كما يمكن تفسير الهجرات من بشار إلى أدرار بممارسة هذه الأخيرة لنفوذ على مستوى البلديات الجنوبية لاقليم الساورة مثل كرزاز، أولاد خذير، كسابي حيث تتداخل الشبكات الوظيفية، الاجتماعية والثقافية التي تربط التوات بهذه المناطق.
ويأتي في الصف الثاني محور غرداية، تمنراست، ورقلة، الشلف والعاصمة بحوالي 500 شخص (الاتجاهين معا). وتتميز أدرار من خلال هذه الحركات بطرد سكاني ماعدا في حالة العاصمة ، حيث برز نوع جديد من الهجرات، تتعلق بحركة الإطارات والموظفين والتجار الشباب. وكانت فرص توفر السكن و الارتقاء المهني والمادي حافزا لهؤلاء. كما يمكن ملاحظة وجود علاقة طاردة مع ولايات الجنوب مثل تمنراست، غرداية وورقلة. وهي تفسر في حالة تمنراست بكثافة العلاقات التجارية والاجتماعية الثقافية بين التوات والتيدكلت (عين صالح) يؤطرها وجود ساكنة من التوارق بأدرار. أما في حالة غرداية، فترجع العلاقات لوجود عدد كبير من الشعانبة والمزابيين بأدرار منذ الفترة الاستعمارية، كما لا يمكن تجاهل الدينامكية الحضرية لغرداية التي كان لها الشأن في اجتذاب عدد من سكان أدرار. أما بالنسبة لتيارات الهجرة نحو ورقلة، فهي تعود لوجود مناجم المحروقات إضافة لعلاقات قديمة تربط بين التوات، "القورارة" وتونس مرورا بهذا القصر.
وأخيرا في الصف الثالث تتميز أدرار بعلاقات طاردة نحو سكيكدة نظرا لوجود قطب صناعي في المحروقات بهذه الجهة. و في الصف نفسه تنفرد أدرار بعلاقات سكانية جاذبة مع الاغواط .
أما عن الإقبال الملاحظ للأجانب نحو أدرار، فيعود إلى تطور الهجرات من بلدان الساحل نحو بلاد المغرب وخاصة المناطق الصحراوية كما أشار لذلك (علي بن سعد، 2009). وترتكز هذه التحركات على شبكة العلاقات الاجتماعية بفضل وجود ساكنة من بلاد الساحل في أدرار منذ السبعينيات بسبب الاضطرابات السياسية بمالي و الجفاف الذي ضرب المنطقة. كما يمكن الإشارة إلى أن أدرار محور هام في حركة الهجرة السرية نحو أوروبا مرورا بمدينة مغنية على الحدود الجزائرية المغربية، ومن ثم المغرب فاسبانيا عن طريق سبتة ومليلية.
3. مجالات نفوذ المؤسسات الدينية: مكانة مميزة لزاوية الشيخ محمد بالكبير
لم تتراجع وتيرة تطور الزاوية الكبيرة لمدينة أدرار منذ تأسيسها[6] سنة 1950 من طرف زعيمها الروحي الشيخ محمد بالكبير، حيث يقدر عدد الطلبة المكونين في هذه الزاوية منذ ذلك بحوالي 20.000 طالب أي ما يعادل 1.000 طالب متخرج كل سنة في العشريتين الأخيرتين. وقد تم تدعيم هذه المؤسسة الدينية بمقر عصري في السنوات الأخيرة، حيث مون ماليا هذا الانجاز عن طريق تبرعات أتباع الطريقة والزاوية. تتكون هذه المنشأة الجديدة من قاعات الصلاة، التعليم، المحاضرات، مكتبة، غرف للنوم ومطعم.
و على المستوى المجالي، يلاحظ أن حركة طلبة الزاوية لا تخص فقط التوات و القورارة بالجنوب الجزائري ولكن تمتد إلى بعض المناطق الشمالية بالإضافة إلى دول الصحراء المجاورة (مالي، النيجر، موريتانيا وليبيا). ويحض الشمال الغربي بنسبة هامة بحيث قدر عدد الطلبة الوافدين منه بحوالي 25%، حيث تعد تلمسان أول منطقة انطلاق الطلبة نحو الزاوية الكبيرة لأدرار. ويعود تاريخ العلاقات الدينية والعلمية بين التوات وتلمسان إلى الحركة المرابطية التي ظهرت في المغرب العربي منذ القرون الوسطى. واستطاعت تلمسان أن تجدد علاقاتها المرابطية مع هذه الأقاليم بفضل شيخ الزاوية سيدي محمد بالكبير، الذي أقام ودرس بمدينة تلمسان (نظرا لسمعة مدارسها الدينية)، وحافظ على علاقاته الاجتماعية هناك مع مرجعياته العلمية بل تطور ذلك لمصاهرات عائلية. وتأتي مدينة معسكر في المرتبة الموالية، حيث يحتل التعليم الديني مكانة هامة عند الساكنة المحلية، و يعود ذلك لوجود عدد كبير من الأشراف الذين يحتفظون بعلاقات اجتماعية عن طريق الشبكات المرابطية مع تلمسان والجنوب الغربي الجزائري. بينما تشكل كل من مدينة وهران ومستغانم أقطاب علمية دينية، تساهم في الحركة الدينية على المستوى الغربي و الجنوب الغربي، نظرا لوجود عدد كبير من الزوايا في هذه المناطق. وأخيرا، نسجت مناطق السهول العليا علاقات مرابطية متميزة مع مدينة أدرار على الرغم من وجود عدد كبير من الزوايا بهذه المناطق، وهذا إن دل على شيء إنما يدل على مدى قوة استقطاب زاوية الشيخ محمد بالكبير و لاسيما بمناطق البيض و الجلفة.
أما على المستوى المحلي، فقد بلغ إشعاع الزاوية جل قصور وبلديات إقليم التوات ما عدا رقان التي تتمتع بزاوية كبيرة (زاوية رقاني)[7]. وتتميز بودة بحكم كونها المنطقة الأصلية للشيخ بكثافة طلابها بالزاوية، إضافة إلى تيمي التي تعد مجال امتداد لمجمعة أدرار، المتكونة من عدد كبير من القصور. وأخيرا أصبحت زاوية كونتة جزءا من هذا المجال الديني بعدما كانت تشكل قطبا دينيا كبيرا مستقلا في حد ذاته. وتمثل مدينتا تيميمون وشروين أولى المناطق من حيث الوفود من إقليم القورارة على الزاوية الكبيرة لأدرار التي تعتبر تيميمون أولى وجهة للشيخ مؤسس الزاوية بعد عودته من رحلته العلمية من تلمسان سنة 1943، حيث أسس مدرسة قرآنية بطلب من شرفاء المدينة[8]، بينما يحافظ أهل شروين على تلك العلاقة منذ تلك الفترة. ساهمت شخصية الشيخ بطريقة مباشرة في إعطاء الزاوية هذا البعد بفضل علمه وكراماته(كما يعتقد أتباع الطريقة)، ومن خلال شبكة علاقاته الاجتماعية والعلمية التي طورها خلال رحلاته العلمية[9].
ولا يزال هذا الإشعاع متواصلا لحد الآن بعد وفاته، حيث استطاع أتباع الطريقة المحافظة على هذه العلاقات، بفضل ثقل و وزن هذه المؤسسة الدينية التي تحتفظ بخطاب ديني يدور حول شخصية مؤسسها وشيخها الروحي، حتى كاد أن يبلغ مكانة ''المقدس''.
4. المؤسسات العمومية الخدماتية الحديثة: تكوين مجالات نفوذ جديدة منافسة للزاوية
سمحت الترقية الإدارية الجديدة لمدينة أدرار إلى صف مقر ولاية باستحداث مراكز استقطاب جديدة عبر التجهيزات العمومية الخدماتية (التعليمية والصحية)، وخلق مجالات نفوذ وفق منطق جغرافي يتطلع لتحقيق أبعاد سياسية و إدارية. سحب ذلك الفعل من الزوايا جزءا من سلطاتها بعدما كانت المؤسسة الوحيدة النافذة مجاليا واجتماعيا.
1.4. مستشفى أدرار: دور مجالي واجتماعي جديد على المستوى المحلي
رأى مستشفى أدرار النور منذ الفترة الاستعمارية، وتم تحديثه بعد الاستقلال في إطار تطبيق سلم التجهيز[10]. ويتألف هذا التجهيز من 330 سريرًا، موزعين على الاختصاصات التالية: الجراحة العامة، الأشعة، التخدير، أمراض النساء، القلب، العيون، العظام، الأطفال، الأمراض المعدية، الأعصاب، الأنف والحنجرة، الجلد، المسالك البولية و التنفسية. كما يضم المستشفى 441 مستخدما طبيا: منهم 71 طبيبًا عامًا و19 طبيبًا اختصاصيًا و395 مستخدمًا شبه طبي، إضافة إلى 160 مستخدمًا إداريًا.
أعطت سياسة الدولة لتزويد المناطق الجنوبية بالأطباء المتخصصين ثمارها، إثر تطبيق مبدأ الخدمة المدنية على الأطباء الشباب المتخرجين من الجامعات، فأصبح يتكون هذا الطاقم من أطباء جزائريين[11]، بعد ما كان جل الأطباء أجانب في بداية التسعينيات[12]. انعكس ذلك بتطور نوعية الخدمات الطبية، والتغطية الجغرافية لهذه المنشأة.
ويبين الأصل الجغرافي لمرضى مستشفى أدرار، أن مجال إشعاع هذه المؤسسة لا يتجاوز الحدود الإدارية للولاية، وفق ما تمليه الخريطة الصحية التي تقسم إقليم الولاية إلى ثلاث قطاعات صحية، كل قطاع مزود بمستشفى[13]. ويعود أصل أغلب المرضى إلى بلديات إقليم توات، وجزء من إقليم القورارة. ويلاحظ وجود تدفقات كبيرة من تيميمون ورقان، خاصة فيما يخص الحالات المستعصية التي يتم نقلها إلى مستشفى أدرار، أضف إلى ذلك عدم وجود جل الاختصاصات بتلك المؤسسات.
يغطي قطاع أدرار بلديات شمال اقليم توات، بينما يغطي قطاع رقان الجزء الجنوبي للتوات والجزء الغربي من تيدكلت، وأخيرا يقدم قطاع تيميمون خدمات طبية لبلديات إقليم قورارة.
2.4. الجامعة الإفريقية لأدرار: اختراق مجالات نفوذ جديدة
أحدثت دمقرطة وعصرنة التعليم في الجزائر تغييرات كبرى في التنظيم الاجتماعي للمجتمع الصحراوي، وخاصة فيما يتعلق بالبنية الاجتماعية المهنية ودور الزوايا. و وضع تجهيز مختلف التجمعات العمرانية في الأقاليم الصحراوية بمؤسسات تعليمية حكومية المؤسسات المرابطية في أزمة، بعدما كانت هذه تحتكر التعليم لفترات طويلة. وقد انتشرت المؤسسات التعليمية العامة في أهم رقع نفوذ الزوايا و تم تسجيل عزوف تدريجي عن التعليم التقليدي نتيجة دمقرطة وإلزامية التعليم في الجزائر. يقتصر التعليم التقليدي عموما على التعليم الديني واللغوي ويتوقف قبول متابعة الدراسة بالزوايا على قبول شيخ الزاوية. في حين، حظي التعليم الحديث المفتوح على كل العلوم، بإقبال شديد في تلك المناطق لكونه يجسد مشاريع وطموحات حديثة للشباب وعائلاتهم. لقي ذلك استحسان كبير عند فئة الحراثين كما لاحظنا ذلك ميدانيا، الذين يحرصون أكثر من غيرهم على متابعة التعليم المؤسساتي لكونه يجسد القناة الفعالة للحصول على مناصب عليا من شأنها أن ترتقي بهذه الفئة داخل المجتمع المحلي.
و في ظل هذه التطورات، حرصت زاوية الشيخ محمد بالكبير على الحفاظ على مكانتها و سمعتها بوصفها مدرسة كبيرة راقية، من خلال مشروع ضخم تجسد في إقامة معهد للدراسات العليا الإسلامية، مستوحى من النموذج الأزهري بمصر. لم يحظ هذا المشروع بموافقة السلطات المركزية إلا في بداية التسعينات حيث أوكلت له مهام تكوين الأئمة، غير أنه لم يتعد كونه معهد إسلامي صغير، و لم تمنح فيه صلاحيات التسيير للشيخ بالكبير الذي أصبح مجرد عضو بالمجلس العلمي، اذ عينت الإدارة لهذه المهام ممثل مباشر لها لتسيير هذا المعهد. في حين، تخلى الشيخ عن هذا المنصب على إثر خلافات عديدة مع مدير المعهد، متفرغا لزاويته. وتعد هذه الخطوة، اللبنة الأولى لتأسيس مؤسسة علمية أكاديمية بمدينة أدرار، أسفرت بعد ذلك على تجسيد مشروع الجامعة سنة 2001م، التي أصبحت تتكون حاليا من ثلاث كليات: كلية العلوم الاجتماعية و الإسلامية، كلية الآداب و العلوم الإنسانية، كلية العلوم الهندسية، قدر عدد طلابها بـ4900 طالب يؤطرهم 178 أستاذًا هذا من جهة. و من جهة أخرى، يظهر أن نفوذ الزاوية محدود في الجامعة ليس فقط لتراجع عدد طلبة العلوم الإسلامية في السنوات الأخيرة لصالح شعب العلوم الإنسانية القانونية و التقنية، ولكن لكون أغلب الأساتذة والمستخدمين المؤهلين مستقدمين من مناطق واقعة خارج مجال نفوذ الزاوية[14].
و يتركز مجال نفوذ هذه المؤسسة حسب الأصل الجغرافي لطلبة الجامعة على الأقاليم الصحراوية و بالأخص إقليم ولاية أدرار. كما يصل إشعاع هذه الجامعة مناطق السهول العليا الغربية ( البيض، النعامة، سعيدة) وهذا على الرغم من عائق المسافة حيث يعكس هذا التوزيع الجغرافي إرادة بعض الطلبة بالالتحاق بجامعة أدرار نتيجة لوجود علاقات اجتماعية تربط بين هذه المناطق التي تعود للحركات المرابطية أحيانا. ولكن نعتقد أن هذا النفوذ المجالي توجهه الخريطة الجامعية التي تعدها وزارة التعليم العالي.
5. شبكات تجارية جديدة: الاتجاه نحو الاندماج في الاقتصاد الوطني والجهوي
إذا كانت مدينة أدرار تعاني من نقص رهيب في النشاطات الصناعية، فهي تتمتع ببنية تجارية في تطور مستمر، مدعمة بالعوامل التالية:
- القرب من الحدود الصحراوية التي يصعب على دول المنطقة مراقبتها.
- وجود ساكنة ريفية كثيفة في الأقاليم المجاورة مثل التوات، و القورارة والتيدكلت، موزعة على العديد من القصور.
- غياب مدينة من نفس الحجم على امتداد بعد 500 كلم.
- وجود كثلة أجور ذات دخل مرتفع مقارنة بشمال البلاد.
يتضح من خلال تحليل البنية التجارية والأصول الجغرافية لتجار مدينة أدرار[15]، بروز تجارة الجملة في السنوات الأخيرة، وقدوم فئة كبيرة من التجار الشباب من شمال الجزائر. تدل هذه المعطيات على تنامي الدور الجهوي لهذا المركز الحضري وتطور التبادلات التجارية في الإقليم الصحراوي. كيف لا وقد بلغ عدد تجار الجملة 520 تاجرًا، في حين قدر عدد تجار التجزئة ب 3075 تاجر. تتركز طبيعة هذه النشاطات بالنسبة لتجارة الجملة على التجارة الغذائية، تجارة مواد البناء، الخردوات والملابس، أما بالنسبة لتجارة التجزئة فتتميز بظهور التجارة الناذرة مثل الصياغة، المجوهرات، الاثاث...الخ، أضف إلى ذلك التطور الكبير في تجارة الملابس هذا من جهة. و من جهة أخرى، يعكس التوزيع الجغرافي للتجار حسب نشاطاتهم وأصولهم الجغرافية وجود حلقات تجارية مغلقة متخصصة. والأمثلة على ذلك عديدة، حيث يحتكر التجار القبائل التجارة الغذائية، المطاعم و المقاهي، بينما يختص التجار القادمين من سطيف في شعبة مواد البناء، التجهيزات الالكترومنزلية و التأثيث، في حين يلاحظ وجود مكثف لتجار المزاب في تجارة الخردوات و الطلاء، أما بالنسبة لتجارة الملابس ومواد التجميل و التكنولوجيات الجديدة فهي من اختصاص التجار القادمين من منطقة الجزائر العاصمة ومن منطقة وهران، بينما يختص التجار المحلّيون في التجارة الموجهة نحو المناطق الحدودية.
ساهمت هذه الحلقات التجارية في ربط مدينة أدرار بشبكة التبادلات الوطنية عبر محاور تجارية كبرى متخصصة، باتجاه التجمعات الحضرية الكبرى بشمال البلاد. ولا تتطابق هذه المحاور مع مجالات نفوذ الزاوية، أي أن البنية التجارية لمدينة أدرار تشكلت بدون الاستعانة بالشبكات المرابطية. وهكذا فقد نشأت تبادلات تجارية منتظمة بين ولاية أدرار و شمال الجزائر. فيختص محور وهران-أدرار في تجارة الألبسة ومواد التجميل. أما المحور الثاني فهو يربط أدرار بغرداية و العاصمة و هو المحور الأكثر حركية، حيث تتنوع به التبادلات التجارية من خردوات إلى مواد غذائية فالتجهيزات التكنولوجية الدقيقة (الهواتف النقالة...). ويربط أخيرا المحور الشرقي أدرار بمدينة سطيف و يختص بتجارة قطع الغيار و التجهيزات المنزلية. و على صعيد أخر، تأتي بعض التبادلات التجارية غير منتظمة في المرتبة الثانية، وهي تربط أدرار ببعض المدن مثل سعيدة، معسكر، بسكرة والواد فيما يخص تسويق واستيراد بعض المواد الزراعية.
أما فيما يخص تبادلات مدينة أدرار مع الأقاليم الجنوبية[16] فهي تتجاوز الحدود، حيث تتوزع على محورين هامين: تمنراست وبرج باجي مختار حيث قدر عدد التجار في الاستيراد والتصدير ب 39 تاجرًا[17]. و تخص هذه التجارة المواشي، المواد الزراعية مثل التمور و الحنة التي تنتج محليا والمواد الغذائية.
وتتركز هذه العلاقات على حلقة أدرار - زاوية كونتة- رقان. أما الأولى فتشكل مركز إشعاع نحو العديد من القصور المجاورة، إضافة إلى وجود شبكات تجارية تمتد إلى بلاد الساحل تؤطرها العلاقات الاجتماعية لقبيلة الكونتة التي تغطي جزءا كبيرًا في بلاد الساحل. أما الثانية، فتعتبر مفترق الطرق نحو تمنراست و برج باجي مختار، وهي نقطة عبور حول دول الساحل خاصة مدينة قاو بمالي.
6. الطريق الصحراوي: نحو آفاق جديدة للتبادلات
إذا كان مشروع الطريق الصحراوي مشروعا وطنيا نجح في فك العزلة على المناطق الصحراوية، ففقد فشلت مؤسسة العمومية لنقل المسافرين التي كانت تحتكر قطاع النقل آنذاك في تجسيد ذلك الطموح[18]. ولم تتجل مظاهر الاندماج الترابي الفعلي إلا بعد ظهور قانون 17/88 المؤرخ بشهر ماي سنة 1988، الذي حرر قطاع النقل من الاحتكار لحساب المؤسسات المصغرة[19]. سمح ذلك بترقية الحركات اليومية في الصحراء الجزائرية بعدما تم تطوير شبكة النقل البري، عدد الرحلات ونوعية المركبات.
و بالفعل، فإن الخطوط التي تربط أدرار بالمدن الصحراوية مثل بشار، غرداية، تمنراست، حاسي مسعود وورقلة تعكس كثافة العلاقات الاجتماعية والوظيفية بين هذه المناطق (انظر الخريطة). إذا كانت بشار تأتي في مقدمة هذه المدن، ذلك لأنها تمارس نفوذًا جهويًا على أدرار من خلال بعض المؤسسات العمومية التي اتخذت منها مركزا جهويا (مثل البنوك)، أضف إلى ذلك وجود هجرات كثيفة بين المدينتين[20]. أما بالنسبة لشدة التنقلات نحو غرداية، فتفسر بالخصوصية التجارية لهذه الأخيرة، إضافة لكونها تمثل نقطة عبور نحو الشمال الشرقي ووسط البلاد. وفيما يخص كثافة التنقلات حول محور حاسي مسعود و ورقلة حيث تتركز أكبر الحقول البترولية والغازية بالصحراء الجزائرية، فهي تفسر بحركة مستخدمي قطاع المحروقات وبالتنقل باتجاه الدول المجاورة (ليبيا، تونس). وأخيرا يعد محور تمنراست محورا استراتيجيا للعبور نحو دول الساحل، يعبر من خلاله كل سكان الأقاليم الجنوبية الغربية المتجهين نحو تلك المناطق، كما يمكن تفسير تلك التنقلات بوجود جالية كبيرة ذات أصول صحراوية- ساحلية بأدرار( حي بني وسكت)[21].
أما بالنسبة للتنقلات بين الريف و المدينة، فهي تتميز بتحركات كثيفة بين أدرار والقصور المجاورة (أنظر الخريطة). ويظهر جليا أثار الطريق الوطني رقم 06 في ترقية النقل على امتداد إقليم الولاية، وخاصة داخل التوات عن طريق حظيرة تتكون من 269 عربة بمعدل 25 مقعدًا لكل عربة. يرتكز هذا النوع من النقل على المؤسسات المصغرة التي تستعمل العربات المهيأة. كما سمح تطور الانسيابية للقصوريين بالاندماج في الاقتصاد الحضري، عن طريق التشغيل في قطاعات البناء، التجارة والإدارة، بحيث يتم هذا الاندماج بدون تغيير الإقامة نظرا لتحسن خدمات النقل. فأختزل القصر في مخيلة القصوري في صورة حي سكني محيطي، وامتدت حدود المجال المعيشي الى خارج المجال المسكون، ليشمل المدينة حيث تتقاطع العديد من الثقافات وتتسارع فيها التحولات الاجتماعية. فهل من شأن ذلك أن يسارع في تحول القصور؟
الخاتمة
تحولت أدرار من واحة عبور في العصور السابقة إلى مدينة بمعنى الكلمة في السنوات الأخيرة، إلى أن أصبحت مدينة تتمتع بديناميكية حضرية تحركها شبكات خدماتية وتجارية جديدة. وقد أضفى تطور النقل البري حركية غير عادية على هذه المدينة، ودمجها في شبكة التبادلات الوطنية. كما ساهم تحرير النقل منذ سنة 1988 (من احتكار المؤسسات العمومية) في ترقية مجالات نفوذ مدينة أدرار، الأمر الذي سمح ببروز حجم هائل للتنقلات داخل الأقاليم الصحراوية باتجاه القصور المحاورة لأقاليم التوات، القورارة، الساورة السفلى والتيدكلت من جهة وباتجاه مدن الصحراء (بشار، غرداية، تمنراست و ورقلة) و من جهة أخرى، ساهمت التجهيزات ذات المستوى العالي مثل الجامعة والمستشفى في تطور النفوذ المجالي لمدينة أدرار على المستوى الصحراوي، مفرزة من الناحية الاجتماعية فئات اجتماعية مهنية جديدة، تتكون من إطارات شابة انتقلت من شمال البلاد، وتتمتع بدور قيادي على المستوى المحلي. كما تدعم الدور الجهوي والبنية الاجتماعية المهنية للمدينة بقدوم تجار شباب من شمال البلاد، كان لهم الفضل في نسج علاقات تجارية جديدة مستقلة عن نفوذ الحركة المرابطية على عكس ما تتسم به الحركات التجارية في دول الساحل. تتركز هذه العلاقات مع المدن المتروبولية الواقعة شمال الجزائر مثل وهران، العاصمة وسطيف.
في الأخير يمكن القول أن مدينة أدرار أصبحت مجالا مفتوحا نحو تحديات أخرى جديدة، تتجاوز التنظيم الاجتماعي التقليدي، تنسج فيه صيغ جديدة للروابط الاجتماعية والاقتصادية، على إثر ظهور فئات اجتماعية مهنية قيادية، أسهمت ديمقراطية التعليم بشكل كبير في إبراز معالمه بعدما كان النبلاء والمؤسسات التقليدية يهيمنون على الوسط المحلي. ويظهر أن هامش السلطة المرابطية في المجال الحضري الصحراوي قد تقلص جزئيا بعد بروز تركيبة اجتماعية جديدة للمجتمع الصحراوي.
المراجع باللغة الفرنسية
كتب
Bendjelid, A. ; Brûlé, J.C. et Fontaine, J., Aménageur et aménagés en Algérie, Paris, L’Harmattan, 2004.
Bensaâd, A. (Dir.), Le Maghreb à l'épreuve des migrations subsahariennes, immigration sur émigrant, Paris, Karthala, 2009.
Bisson, J., Le Sahara : mythes et réalités d’un désert convoité, Paris, L’Harmattan, 2003, 479p.
Blin, L., L’Algérie du Sahara au Sahel, Paris, L’Harmattan, 1990, 502p.
Boesen, E. et Marfaing, L. (Dir.), Les nouveaux urbains dans l’espace Sahara-Sahel, une cosmopolite par le bas, Paris, Karthala, 2007.
Brachet, J., Migrations transsahariennes, vers un désert cosmopolite et morcelé (Niger), E. du croquant, Bellecombe-en-bauges, 2009.
Capot-Rey, R., La Sahara français, Presses Universitaires (collection Pays outre Mer), 1953, 464 pages.
Faradj, M.F., Le Touat à travers le 18ème et le 19ème siècle, Alger, ENA, Ouvrage en langue arabe.
Marouf, N., Lecture de l’espace oasien, Paris, Sindbad, 1980,286p.
Prenant, A. et Semmoud, B., Maghreb et Moyen-Orient : espaces et sociétés, Paris, Ellipses, 1997.
Cote, M. (Dir.), La ville et le désert, le Bas Sahara algérien, Aix-en-Provence, Karthala, Paris, IREMAM, 2005.
Troin, J.F. (Dir.), Le Grand Maghreb, Paris, Armand Colin, 2006.
مقالات علمية
Bataillon, C. (dir.), Recherches sur la zone aride, Nomades et nomadisme au Sahara, Paris, UNESCO, 1963.
Bisson, J., Evolution récente des oasis du Gourara (1952-1959), extrait de travaux de l’Institut de Recherches Sahariennes, 1960.
Bisson, J., Précision sur le Gourara, extrait de travaux de l’Institut de Recherches Sahariennes Tome XXII, 1963.
Bisson, J., Ksour du Gourara et du Tafilelt, de l’ouverture de la société oasienne à la fermeture de la maison, Ed.CNRS, In Annuaire de l’Afrique du Nord, Tome XXV, 1986.
Béteille, R., « une nouvelle approche géographique des faits migrant : champs, relations, espaces relationnels », in Espace géographique, n°3, Paris, 1981, pp.187-197.
Chantal, B. ; Maryse, J. ; Carole, R., « La mobilité géographique et la promotion professionnelle des salariés : Une analyse par aire urbaine », in Economie et statistiques, N° 326, 2000, pp.53-68.
Cote, M., « Dynamique urbaine au Sahara », in Insaniyat, N°05, Oran, CRASC, 1998, pp.85-92.
Courgeau, D. ; Lelièvre, E. et Wolber, O., « Reconstruire des trajectoires de mobilité résidentielle, Elément d’une analyse biographique des données de l’EDP », in Economie et statistiques, N° 316-317, 1998, pp.163-173.
Fontaine, J., « Infrastructure et oasis-relais migratoires au Sahara Algérien », in Annales de Géographie, N° 644, V 114, 2005, pp. 437-448.
Fontaine, J., (coord.), « Sociétés sahariennes, entre mythe et développement », Besançon-Tours, Cahiers del’Université ouverte, Cahiers d’URBAMA, 1996, 151 p.
Grague, G., « Des lieux de travail de plus en plus variables et temporaires », in économie et statistique, N° 369-370, 2003, pp.191-212.
Jonchay, Yvan., « L'infrastructure de départ du Sahara et de l'Organisation Commune des Régions Sahariennes (O.C.R.S.) », in Revue de géographie de Lyon, Vol. 32 n°4, 1957, pp. 277-292.
Pauron, A., « La mobilité des agents titulaire de l’Etat », in Economie et statistiques, N° 369-370, 2003, pp.93-111.
Raynaud, P., « L’emploi public est tiré par la fonction publique territoriale », in Economie et statistiques, N° 369-370, 2003, pp.75-92.
Pliez, O., « Vieux réseaux et nouvelles circulations entre les deux rives du Sahara », in Revue géographique des pays méditerranéens, tome 99, 2002, pp. 31-40.
Kouzmine, Yaël ; Fontaine, Jacques ; Yousfi, Badreddine et Tayeb, Otmane, Etapes de la structuration d'un désert : l'espace saharien algérien entre convoitises économiques, projets politiques et aménagement du territoire, In Annales de géographie n° 670 (6/2009), Varia, Décembre 2009 (pp. 91-117).
رسائل ومذكرات
Bellaoui, M., 2003, le rôle de transport dans l’organisation spatiale de la wilaya d’Adrar. Mémoire d’ingénieur, en géographie, Université d’Oran. Mémoire en langue arabe, 2003.
Bisson, J., Le Gourara, étude de géographie humaine, Mémoire n°3, Université d’Alger, Institut de Recherches Sahariennes, 1957, 221p.
Bendaba, A.K., Mutations fonctionnelles du centre ville d’Adar. Mémoire d’ingénieur, géographie, Université d’Oran. Mémoire en langue arabe, 2003.
Foundou, G.A., Etude des nouvelles extensions de la ville d’Adrar. Mémoire d’ingénieur, géographie, Université d’Oran, Mémoire en langue arabe, 2005.
Hamidi, A.K., Mutation d’un quartier périphérique d’une ville moyenne en centre d’animation. Debdaba à Bechar. Mémoire de magister, géographie, Université d’Oran, 2006.
Moulay, L. et Bahnini, A., Le rôle territorial de la ville d’Adrar à travers les équipements et les activités commerciales. Mémoire d’ingénieur, géographie, Université d’Oran. Mémoire en langue arabe, 2005.
Karoumi, B., Tentative de délimitation du territoire fonctionnel de la ville d’Adrar. Mémoire d’ingénieur, géographie, Université d’Oran. Mémoire en langue arabe, 1999.
Kouzmine, Y., Dynamiques et mutations territoriales du Sahara algérien vers de nouvelles approches fondées sur l'observation. Thèse de doctorat en géographie, Université de Franche Comté, Besançon, 2007.
تقارير ودراسات
Annuaire statistique de la wilaya d’Adrar, 2009 (D.P.A.T. de la wilaya d’Adrar).
P.D.A.U. du groupement de la commune d’Adrar et de Timmi (Révision), 2009 (D.U.C. de la wilaya d’Adrar).
Plan de transport de la wilaya d’Adrar, 2005 (Direction des Transports de la Wilaya d’Adrar).
Atlas régional des départements sahariens, Avril 1960, Etat Major Interarmées.
الهوامش
[1]الديوان الوطني للإحصائيات (التعداد الإجمالي للسكن والسكان، 2008).
[2] انقطعت تلك الحركية منذ تراجع التجارة الصحراوية، وبعد ذلك بفعل ترسيم الحدود في الفترة الاستعمارية.
[3] يتعلق الأمر بمجتمع مهيكل حسب طبقات اجتماعية: الأشراف وتعود أنسابهم إلى عائلة الرسول الكريم (ص)، المرابطين وهم من ذرية الأولياء الصالحين ورجال الدين، الأحرار وهم كل من ينتمي إلى القبائل العربية والبربرية، الحراثين وهم الذين يشكلون اليد العاملة (الرقيق سابقا) المنحدرة من أصول أخرى.
[4] أهم زاوية في المنطقة هي زاوية الشيخ سيدي محمد بالكبير.
[5] تم استقدام أولى مجموعات الشعانبة ضمن الوحدات العسكرية الصحراوية الفرنسية (Capot Rey R., 1953).
[6] تتبع الزاوية الطريقة الموساوية الكرزازية.
[7] يظهر ان وجود زاوية عريقة في رقان معروفة بشيوخها لم يسمح بتطور نفوذ زاوية أدرار بالشكل الذي هو عليه في المناطق المجاورة الأخرى.
[8] غادر الشيخ تميمون سنة 1948 بعدما غلق الاستعمار مدرسته حيث اتهم أحد مؤسسي الزاوية باستعمال العنف باتجاه طلبته، لكن الدافع الرئيسي سياسي ويتعلق بموقف الاستقلالي للشيخ باتجاه الاستعمار.
[9] نسج الشيخ محمد بالكبير علاقات صداقة مع عدة شيوخ زوايا مثل الشيخ بلقايد، بوفلجة، بن داود...الخ.
[10] ويظهر جليا أن هذا التجهيز سمح بالإضافة لممارسة نفوذ مجالي على المستوى المحلي بتشكيل فئات اجتماعية مهنية جديدة، لها مكانة خاصة وتحظى باحترام كبير من طرف الساكنة المحلية. ساهم تطور فئة الإطارات الشابة والطبية خاصة في ارباك الرؤية التقليدية للبنية الاجتماعية المتركزة حول مفهوم الأنساب. وما يعقد الأمر أكثر ليس فقط منافسة الإطارات المستقدمة من شمال البلاد لنفوذ النبلاء المحليين وإنما هو تنامي عدد الإطارات المنتمية للطبقات المسيطر عليها سابقا، ونقصد فئة الحراثين. أدت هذه الوضعية لطرح جدال اجتماعي في الوسط المحلي، مخلفا حالات من الفتور في الروابط الاجتماعية بين مختلف الشرائح الاجتماعية. ولم يتمكن المجتمع الصحراوي من التخلص بسهولة من رواسب التنظيم التقليدي، على الرغم من أن التعليم المجاني والتعليم العالي سيساهمان في قلب هذه الأفكار كما سنتناوله لاحقا.
[11] حيث يقترح خلق مستشفى بسعة 120 سريرًا وعيادة متعددة الخدمات في كل مركز ولاية.
[12] بلغ عدد الأطباء الاختصاصيون الأجانب 15 طبيبا من اليابان، من أصل 17 طبيب اختصاصي سنة 1990.
[13] بلغ عدد الأطباء 90 منهم 19 طبيبا مختصا سنة 2006
[14] أمام هذا الوضع أصبح طلاب الزوايا يلتحقون بالجامعات من خلال التعليم المتواصل.
[15] تحقيق ميداني سنة 2008 مس 200 تاجر.
[16] لا يخضع اقليم القورارة الى النفوذ التجاري لمدينة أدرار. يفسر أن لتيميمون شبكات تجارية داخل هذا الاقليم، مستقلة عن أدرار.
[17] أضف إلى ذلك التبادلات غير المصرح بها. وتتم التجارة الدولية في بلاد الساحل عن طريق المقايضة.
[18] تم خلق المؤسسة الوطنية لنقل المسافرين (SNTV) سنة 1971 و عرفت هذه المؤسسة مشاكل كبيرة مالية أعاقت تحسن الخدمة حيث كانت تعاني حضريتها من الأعطاب المتكررة.
[19] تدعمت هذه المؤسسات بتمويل الوكالة الوطنية لدعم وتشغيل الشباب، وهو جهاز حكومي يرافق الشباب المقاول في خلق مؤسسات اقتصادية.
[20] الديوان الوطني للإحصائيات، 2001. حركات السكان بين 1987 و1998.
[21] ساهمت الظروف السياسية والطبيعية في منطقة الساحل منذ سنوات السبعينات في تدفق العديد العائلات الصحراوية- الساحلية على مدينة أدرار، وهي تتمركز بحي بني واسكت.
الكاتب
ملخّص باللّغة العربية
مدينة أدرار وفق السياق الحضري الجديد: نحو إعادة تنظيم المجال الجهوي للأقاليم الصحراوية الجنوبية الغربية للجزائر
أثرت الترقية الإدارية لبعض التجمعات السكانية في الصحراء الجزائرية على العلاقات المجالية التقليدية المبنية على أساس التبادلات الاقتصادية و الثقافية الموروثة منذ قرون سابقة، على اثر ظهور العديد من النشاطات الخدماتية والتجارية الجديدة في التجمعات المرقاة. و قد أدى ذلك إلى قلب منطق التبادلات الاقتصادية والحركات البشرية على المستوى المحلي، الوطني و حتى الجهوي- الدولي لهذه المناطق من جهة، وإلى تحولات في المجتمع المحلي من جهة أخرى. وتمثل مدينة أدرار التي اكتسبت العديد من الوظائف الخدماتية والتجارية نموذجا حيا لتلك التحولات، سمحت لها بالاندماج في الشبكة الحضرية الوطنية.
و أدت برمجة العديد من التجهيزات ذات المستوى العالي مثل الجامعة والمستشفى إلى تطور مجالات نفوذ مدينة أدرار على مستوى الأقاليم الصحراوية المجاورة، مدرجة إياها في شبكة الخدمات الجامعية والصحية الوطنية. فخص إشعاع الجامعة جل تلك الأقاليم إضافة إلى مناطق السهول العليا الغربية، بينما لم تتعد مجالات نفوذ المستشفى حدود الأقاليم المحلية لتوات وقورارة، وبدرجة أقل تيدكلت. وتعكس شبكة النقل كثافة تلك التبادلات مع المناطق الصحراوية مثل بشار، غرداية وتمنراست.
و من الناحية الاقتصادية، سمح التطور الوظيفي لمدينة أدرار وتطور شبكة النقل ببروز فئة جديدة من التجار الشباب القادمين من شمال البلاد، وفق منطق حلقات مهنية تشترك في أصولها الجغرافية . أفرزت هذه الحلقات محاور تجارية متخصصة، سمحت للمدينة بتوسيع شبكاتها التجارية واندماجها بشبكة التبادلات الوطنية.
و من الناحية الاجتماعية، خلقت هذه الدينامكية فئات اجتماعية قيادية جديدة في وسط المجتمع المحلي، وهي تتشكل من الإطارات المستقدمة من شمال البلاد لإدارة الشؤون المحلية، أمام تراجع هامش نفوذ طبقة النبلاء ( الشرفاء والمرابطين) وتطور تدريجي لفئة الحراثين، وفق ما أملته التحولات الحديثة، محدثة إرباكا في البنية الاجتماعية التقليدية. كما تراجع تدريجيا حقل تأثير الزاويا التي كانت تعتبر الفاعل الرئيسي في تنظيم العلاقات الاجتماعية والاقتصادية، لما لها من نفوذ ديني على السكان المحليين، مقابل تنامى دور السلطة الإدارية في تنظيم وهيكلة الخدمات الاجتماعية-الاقتصادية.
الكلمات المفتاحية: صحراء – استقطاب - مجالات نفوذ – تبادلات - أدرار.
ملخّص باللّغة الفرنسية
La ville d’Adrar dans un nouveau contexte urbain : vers une réorganisation de l’espace régional des territoires sahariens du Sud-ouest de l’Algérie
Conjuguée par de nouvelles logiques politiques et économiques durant les dernières décennies, l’urbanisation de certaines localités du Sahara algérien avait accéléré la réorganisation de l’espace régional saharien, bouleversant le fonctionnement traditionnel de ces espaces. Ceci entraîna une rupture des réseaux séculaires remplacés par de nouveaux réseaux politiques et économiques tissés par de nouveaux acteurs.
D’un ancien ksar dans l’oasis de Timi dans le Touat, Adrar est devenue une ville qui s’impose aujourd’hui comme une vraie ville négociant sa place dans la réorganisation spatiale dans le Sud-ouest algérien. Ainsi, Adrar développe des mécanismes nécessaires pour jouer un nouveau rôle régional, d’abord par la mise en place d’une série d’équipements de rang supérieur tels que l’université et l’hôpital, puis par la genèse de nouvelles activités commerciales et de services ; ces actions lui ont permis de s’intégrer dans le réseau urbain national et d’élargir ses aires d’influences. Cette dynamique a produit des flux formés d’une mobilité saharienne à caractère temporaire d’une part, et d’une mobilité à caractère résidentiel d’autre part. Le premier type de mobilité est encadré par un réseau de transport qui s’est développé dans les dernières années, primo en direction des ksour du Touat et du Gourara, du Tidikelt et plus ou moins de la Saoura supérieure, secundo en direction des villes sahariennes telles que Bechar, Ghardaïa et Tamanrasset, tertio vers les villes du Nord telles qu’Oran et Alger. Le deuxième type de mobilité est le résultat de l’évolution fonctionnelle de la ville d’Adrar produite par des politiques successives de développement, dans lesquelles il était question d’appeler de nouvelles compétences qu’elles soient intellectuelles (médecins, enseignants…), techniques (techniciens, comptables…) ou manuelles (maçons, électriciens…), indisponibles localement et indispensables pour accompagner cette dynamique urbaine. Par ailleurs, cette dynamique avait stimulé la formation d’une nouvelle catégorie de commerçants venus du Nord algérien, constituée selon un modèle segmentaire qui s’articule sur les origines géographiques et la nature des activités commerciales, créant ainsi des axes commerciaux spécialisés vers certaines villes du pays comme Sétif, Oran, Alger et Ghardaïa. D’autre part, ceci avait permis à la ville d’Adrar de s’insérer dans le réseau d’échange économique national.
Enfin, la genèse de nouvelles classes socioprofessionnelles constituées de cadres et de commerçants non originaires d’Adrar a contribué à la recomposition des rapports au sein de la société locale qui a du mal à surpasser son modèle hiérarchique. En effet, cette nouvelle situation a créé une nouvelle élite, redéfinissant ainsi la notion des rangs sociaux. Conséquemment, ceci a induit à des crispations dans la société locale dus aux brouilles autour de la nouvelle place de l’ancienne notabilité (chorfa et merabtine) devant l’émancipation des harratine (descendants d’anciens esclaves) rejoignant la nouvelle élite. Quant à la zaouïa, de par de son importance religieuse et historique, elle ne constitue plus le seul acteur influant comme c’en était le cas autrefois ; elle cède sa place aux organisations administratives pour les services sociales et économiques.
Mots clés: Sahara - attraction - aire d’influence - échanges - Adrar.
ملخّص باللّغة الإنجليزية
The town of Adrar in a new urban context: Towards regional space reorganization for Saharan territories of south western Algeria
From a former ksour in the Touat Timi oasis, Adrar has become a town which imposes itself as a real town, negotiating its place in the spatial reorganization of the Algerian south west. Thus it has developed the necessary mechanisms to secure a new regional role first by putting a series of superior equipment in place such as university and hospital, then forming new commercial activities and services. This enabled it to integrate the national urban network and to widen its spheres of influence. This dynamism has produced a Saharan mobility of a temporary nature on the one hand, within a transport network frame, which developed during the last few years in the direction of the surrounding ksour and Saharan towns, and on the other hand a residential mobility produced by development policies to call upon new skills unavailable locally and essential to develop this urban dynamism. This mobility formed a new socio professional category, made up of staff and traders not originally from Adrar, changing the relationships within the local society. In fact this mutation not only disturbed the local socio hierarchical model but imposed a new definition for the notion of social rank in the Saharan town.
Keywords: Sahara - staff - spheres of influence - exchange - mutation.
ملخّص باللّغة الإسبانية
La ciudad de Adrar en un nuevo contexto urbano : hacia una reorganización del espacio regional de los territorios saharianos del Sur Oeste de Argelia
Conjugado por nuevas lógicas políticas y económicas durante los últimos decenios, la urbanización de algunas localidades del Sahara argelino había acelerado la reorganización del espacio regional sahariano, trastornando el funcionamiento tradicional de esos espacios. Lo que se traduce por una ruptura de las redes seculares substituidas por nuevas redes políticas y económicas tejidas por nuevos actores.
De un antiguo Ksar en el oasis de Timi en el Touat, Adrar es una ciudad que se impone hoy día como una verdadera ciudad negociando su sitio en la reorganización espacial en el Sur oeste argelino. Así, Adrar desarrolla mecanismos necesarios para tener un nuevo papel regional, primero por la puesta en sitio de una serie de equipamientos de rangos superiores tales como la universidad y el hospital, luego por la génesis de nuevas actividades comerciales y de servicios, lo que le permitió integrarse en la red urbana nacional y amplificar sus espacios de influencias. Esta dinámica ha producido flujos formados de una movilidad sahariana a carácter temporal de una parte y de una movilidad a carácter residencial por otra parte. El primer tipo de movilidad es caracterizado por una red de transporte que se ha desarrollado en los últimos años, primo en dirección de ksour du Touat y de Gourara, del Tidikelt y màs o menos por la Saoura superior, segundo en dirección de las ciudades saharianas tales como Bechar, Ghardaïa et Tamanrasset, tercio hacia las ciudades del Norte como Oran y Argel.
El segundo tipo de movilidad es el resultado de la evolución funcional de la ciudad de Adrar producida por políticas sucesivas de desarrollo en el cual se trataba de llamar a nuevas competencias, sean intelectuales (médicos, docentes….), técnicas (técnicos, contadores….) o manuales (albañiles, electricistas…) indispuestos localmente e imprescindibles para acompañar esta dinámica urbana. Ahora, esta dinámica había estimulado la formación de una nueva categoría de comerciantes llegados del norte argelino, constituida según un modelo segmentario que se articula sobre los orígenes geográficos y la naturaleza de las actividades comerciales, creando así ejes comerciales especializados hacia ciertas ciudades del país como Sétif, Oran, Alger et Ghardaïa. Por lo cual, esto había permitido a la ciudad de Adrar de insertarse en la red de intercambio económico nacional.
Por fin, la génesis de nuevas clases socio profesionales constituidas de categorías superiores y de comerciantes no originarios de Adrar ha contribuido a la composición de relaciones en el seno de la sociedad local que tiene dificultad a sobrepasar su modelo hierar quico.
En efecto esta nueva situación ha creado una nueva élite, volviendo así a definir de nuevo la noción de rangos sociales. Por lo cual, eso ha inducido a crispaciones en la sociedad local, debidas a desavenencias alrededor de la nueva plaza de la antigua notabilidad (chorfa et merabtine), frente a la emancipación de los haratine (descendientes de antiguos esclavos) juntándose así a la nueva élite.
En cuanto a la zaouia, además de su importancia religiosa e histórica, ya no constituye el único actor influyendo como el caso antaño y deja sitio a las organizaciones administrativas para los servicios sociales y económicos.
Palabras claves: Sahara - atracción de influencias - intercambios - mutación - Adrar.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق