العوامل الاجتماعية المؤثرة في ارتكاب الجريمة
دراسة ميدانية لأثر العوامل الاجتماعية التي تؤدي إلى ارتكاب الجريمة
في مدينة الرمادي
م.م. نوري سعدون عبد الله
جامعة الأنبار - كلية الآداب
قسم علم الاجتماع
المقدمة
الجريمة ظاهرة اجتماعية وخلقية وسياسية واقتصادية قبل ان تكون حالة قانونية. وانطلاقاً من هذا المفهوم نرى أنها عبارة عن تعبير للموازنة بين صراع القيم الاجتماعية والضغوط المختلفة من قبل المجتمع. فالإجرام نتيجة لحالة الصراع بين الفرد والمجتمع. وقد كان مفهوم الجريمة قديماً يعزى إلى نفس المجرم الشريرة وأن الانتقام هو الأساس في رد فعل السلوك الإجرامي(1).
وليس وجه العجب في الجريمة أنها موغلة في القدم، فتلك حقيقة رواها لنا التاريخ فيما روى، بل إن الكتب السماوية تعود بالجريمة إلى عهود اشد سحقاً وأبعد تحورا مما بلغه التاريخ. فهي تحكي لنا أن الإنسان لم يكد يعمر الأرض بعدما اخرج من الجنة حتى قدم للشر قربانا، فسفح دم أخيه ظلما وعدوانا وكان مصرع هابيل على يد قابيل أول مأساة إنسانية على وجه الأرض، إنما وجه العجب فيما يردده بعض الباحثين عن ثبات نسبة الإجرام وهم يعنون بذلك إن كل جماعة من الناس يؤدي للجريمة ضريبة ذات نسبة ثابتة. وان اختلف الباحثون في هذا الأمر فإنهم يتفقون جميعاً على إن الجريمة ظاهرة اجتماعية رافقت المجتمع البشري منذ نشأته(2).
فالجريمة من وجه نظر الاجتماعيين تعد سلوكاً مغايراً للأعراف الاجتماعية المتعارف عليها في المجتمع والأعراف الاجتماعية عبارة عن ضغوط وضوابط تقيد سلوك الفرد، فالجريمة هنا بمفهومها العام هي الأفعال تضر الفرد والمجتمع معا، لذلك تصدى المجتمع لها فسن القوانين الجنائية وحددت العقوبات للمخالفين وكذلك وضع عقوبات اجتماعية للمخالفين لأعرافها وقيمها المتعارف عليها واوجب إضرامها والامتثال إليها(3).
أما من الناحية القانونية فهي كل فعل مخالف لأحكام قانون العقوبات باعتباره هو الذي يتضمن الأفعال المحرمة ويحدد مقدار عقوبتها ولما كانت الجريمة بطبيعتها عملا ضارا بالمجتمع لذا شرعت الهيئة الاجتماعية عقابا على مرتكبيها(4).
وللعوامل الاجتماعية علاقة وثيقة في ارتكاب وحدوث الجريمة حيث تتمثل في مجموعة الظروف التي تحيط بشخص معين تميزه عن غيره فيخرج منها تبعا لذلك سائر الظروف العامة التي تحيط بهذا الشخص وغيره من سواء الناس والظروف الاجتماعية هنا تقتصر مجموعة من العلاقات التي تنشأ بين الشخص وبين فئات معينة من الناس يختلط بهم اختلاطا وثيقا وترتبط حياته بحياتهم لفترة طويلة من الزمن وهؤلاء هم أفراد أسرته ومجتمعه ومدرسته والأصحاب والأصدقاء الذين يختارهم وقد دلت التجارب قديما وحديثا على ان سلوك الفرد يتأثر إلى حد بعيد بسلوك من حوله وبالأخص المقربين إليه ولما كانت الجريمة سلوكا يدينه القانون فان أقدم الفرد عليه أو إحجامه عنه مردود في جانب كبير منه إلى طبيعة الظروف الاجتماعية التي تميز مجتمعه الصغير عن غيره من المجتمعات سواه.
وتعتبر الأسرة من أقوى العوامل الخارجية التي تؤثر في تكوين شخصية الفرد وتتحكم في سلوكه وتوجيهه ففيها يمارس تجاربه الأولى ومنها يستمد خبراته وعنها يقتبس العادات والتقاليد ويعرف معنى الخطأ والصواب ومن أهم مظاهر تفكك الأسرة هو التفكك المادي الذي يراد به غياب احد الوالدين أو كليهما معا في نطاق الأسرة، وتؤكد الإحصاءات ان الصلة وطيدة بين التفكك الأسري المادي وبين ارتكاب الجريمة.
فقد أثبتت الإحصاءات الفرنسية أن (40%) من المجرمين العاديين، وأن (75%) من المجرمين العائدين ينتمون إلى اسر مفككة، وأثبتت دراسة قام بها احد الباحثين الألمان إن معظم الأحداث الجائحين ينتمون إلى اسر مفككة، وفي الولايات المتحدة دلت الإحصاءات إن (67%) من المجرمين ينتمون إلى اسر مفككة.
إما التفكك المعنوي لأسرة فقد أكدت الإحصاءات في مصر في احد الدراسات تبين أن (61,5%) من الأحداث الجانحين كانت علاقاتهم مع آباءهم سيئة وان (65%) منهم كان الخلاف يسودهم في العلاقة بينهم وبين والديهم.
كذلك أثبتت إحصائيات أجريت في المانيا ان (63%) من الأحداث الجانحين الذكور كانت العلاقة بين آباءهم سيئة وان (82%) من الفتيات الجانحات ينتمون إلى عائلات يسودها الخلاف وعدم التفاهم(5).
إن البحث يتكون من بابين رئيسين هما: باب الدراسة النظرية وباب الدراسة الميدانية اللذان يتكونان كلٌ منهما من فصلين، وعدد من المباحث وقد رتبتها ترتيبا نظامياً وعقليا يتفق مع مضمون المادة وأهدافها العلمية. يحتوي باب الدراسة النظرية على مبحثين مترابطين ومتكاملين تناول المبحث الأول الإطار العام لمشكلة البحث والمصطلحات والمفاهيم الخاصة بالبحث، أما المبحث الثاني فقد تناول دراسات سابقة مماثلة عراقية وعربية، وكذلك شمل العوامل الاجتماعية للجريمة.
أما باب الدراسة الميدانية فيتكون من مبحثين هي المبحث الثالث والذي يدرس الإطار المنهجي للبحث والفرضيات المطلوب اختيارها ويتضمن منهج البحث وتصميم العينة الإحصائية ومجالات البحث وأدواته، أما المبحث الرابع فيحمل عنوان البيانات الأولية لوحدات العينة التي تتمثل في (الجنس، العمر، الحالة الزوجية، محل الإقامة، الدخل، المهنة، التحصيل الدراسي). وكذلك أسباب ارتكاب الجريمة التي تناولنا فيها (تفكك العلاقات العائلية، ضعف العامل المادي، المستوى العلمي، الصحبة السيئة، المنطقة السكنية، أوقات الفراغ، السلوك الإجرامي، الألعاب الالكترونية، ضعف وسائل الضبط، البطالة). وفي نهاية البحث تناولنا النتائج والتوصيات.
الباب الأول : الدراسة النظرية
المبحث الأول/ الإطار العام لمشكلة البحث والمصطلحات والمفاهيم الخاصة بالبحث
1. مشكلة البحث: الجريمة ظاهرة اجتماعية قديمة مستمرة رافقت المجتمع البشري منذ نشوئه وما زالت مترافقة بأشكال وصور شتى وستبقى ما دام في النفس البشرية طموح وميل وهوى وقدر من الفجور وما دام هناك شيطان يوسوس للنفس الأمارة بالسوء ويشجعها أو يغريها على اقتراف الإثم فان الجريمة تبقى قائمة قال تعالى: )وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا* فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا((6).
فظاهرة الجريمة خطيرة على كل المجتمعات بكل أبعادها وآثارها هي ظاهرة لا يخلو منها أي مجتمع لذا نالت هذه الظاهرة اهتمام الباحثين والعلماء من مختلف الاختصاصات ولكن اغلب هذه الدراسات والاهتمامات كانت تتمحور حول دراسة أسباب ودوافع الجريمة محاولة منهم لفهم ومعرفة الجريمة والوقوف على حقيقتها. وعلى الرغم من الدور المهم الذي تؤديه الدراسات ذات العلاقة في البحث إلى الأسباب المؤدية إلى الجريمة والسلوك الإجرامي في وضع آليات معينة للوقاية من الجريمة ومكافحتها إلا ان هذا النوع من الدراسات اشبع بحثاً بحيث بات في حكم القول، ان الجهود كثيرة قد استنزفت من دون الوصول إلى نتائج حاسمة وهذا ما دفع الأستاذ (ركلس) ان يقترح (ترك البحث في أسباب الجريمة لأنها عميقة ولا تؤدي إلى أية نتيجة مقنعة ويرى ان الجهود ينبغي ان تتوجه إلى إيجاد حلول لمشكلة الجريمة)(7).
2. أهمية البحث: ان أهمية الدراسة تتضح من خلال كونها محاولة مضافة إلى المحاولات القليلة الأخرى للدراسة وتشخيص المسببات الحقيقية لحدوث الجريمة وفضلاً عن ذلك فان هذه الدراسة تمثل محاولة لإسهام بإضافات معرفية أخرى في حدود هذا الموضوع ومن هنا تتضح فائدة وجدوى هذه الدراسة وأهميتها في هذه المرحلة التي تشهد تغييرا سريعا يصعب التحكم في مساره أحيانا، لذا وجب علينا الوقوف وبشكل دقيق على كل أسباب وخصائص هذا النوع من السلوك محاولين السيطرة عليه وتوجيهه.
3. أهداف البحث: ان المجتمع يتحمل إلى حد ما المسؤولية في استفحال الظاهرة الإجرامية وذلك عندما يتخلى أفراده عن القيام بواجباتهم وان أهداف هذه الدراسة تكمن في النقاط التالية:
1. معرفة السلوك الإجرامي وأبعاده الاجتماعية والاقتصادية والقانونية والشرعية.
2. التعرف على العوامل الاجتماعية المؤدية إلى الجريمة ودور هذه العوامل في دفع الفرد إلى ارتكاب الجريمة والعود إلى ارتكابها.
3. معرفة أي العوامل الأكثر فاعلية في ارتكاب الجريمة وان هذه العوامل تعتبر الواحدة مكملة إلى الثانية من الناحية الاجتماعية وبالنسبة للمجتمع بوجه خاص؟
المفاهيم والمصطلحات العلمية
1. الجريمة: ظاهرة اجتماعية سلبية تعبر عن خلل وارتباك وبعثرة العلاقات الاجتماعية وبالسلوك الاجتماعي وتجسد طبيعة التناقضات في المتغيرات الموضوعية والذاتية المؤثرة في بيئة الإنسان وحياته الاجتماعية وتشخص ماهية المشكلات الإنسانية التي يعاني منهما الفرد والجماعة على حد سواء(8).
فالجريمة من الناحية القانونية: هي كل عمل مخالف لأحكام قانون العقوبات، فهي عمل لا أخلاقي تنفر منه النفوس(9).
ومن جهة النظر النفسية فهي سلوك متعمد وغير مشروع يصدر عن مصادر نفسية وهي الكبت والاضطراب الداخلي لإشباع احتياجات تدفع الفاعل نحو السلوك المنحرف وتماديه في ارتكاب الجريمة.
أما من وجهة النظر الاجتماعية فقد برزت اتجاهات عديدة فالأول يرى ان الجريمة هي جمع أنماط السلوك المضاد للمجتمع أي الضرر بالمصلحة الاجتماعية، أما الثاني فيركز على الضبط الاجتماعي وما يتضمنه من معايير تحكم السلوك، أما الثالث فيتمثل في محاولة إيجاد صياغة تعريف الجريمة ويشمل جمع الأفعال الإجرامية والأفعال الخارجة عن المعايير الاجتماعية التي تخضع للعقاب(10).
أما من وجهة نظر العلماء فلهم تعاريف أخرى فعالم الاجتماع الفرنسي (إميل دور كهاريم) يعرف الجريمة على أنها ظاهرة طبيعية تمثل الضريبة التي يدفعها المجتمع ويتحمل الفرد آثارها.
ويعتقد (سذرلاند) ان الجريمة سلوك تحرمه الدولة لضرره بها ويمكن ان ترد عليه بعقوبة، أما العالم (وليم بونجيه) فيرى ان الجريمة هي فعل يقترف داخل جماعة من الناس تشكل وحدة اجتماعية وتضر بمصلحة المجتمع ويعاقب عليه بعقوبة اشد قسوة من مجرد رفضها القانوني(11).
أما العالم (تارد) فيقول عن الجريمة أنها تتكون من الظواهر الاجتماعية الأخرى وتتأصل في المجتمع عن طريق (التقليد والمحاكاة) فلهذين العاملين أهمية كبرى في المجتمعات من حيث ممارسة العادات والتقاليد عن طريق عاملين (التقليد والمحاكاة).
عرف العالم (كارفو) الجريمة على أنها: عمل ضار وبذات الوقت يجرح المشاعر التي اتفق على تسميتها بالمشاعر الأدبية لجموع الناس(12).
ولكي تأخذ الجريمة الصفة الإجرامية فلابد هنا ان تتضمن بعض الخصائص التي توضحها عن المشكلات الاجتماعية الأخرى ومن هذه الخصائص انه يجب ان يحدث سلوك الجريمة أو السلوك المرتكب ضرر للصالح العام وبصورة فعلية لكن التفكير في ارتكاب الضرر لا يكفي وحده لأنه يشكل جريمة فالنية في ارتكاب الجريمة والتفكير بها عن دون ارتكاب الفعل الحقيقي لا يؤخذ به قانونياً.
أما الخاصية الثانية فهي يجب ان يكون هذا الضرر محرماً قانونياً ومعرفاً في قانون العقوبات ووجوب توافر القصد الجنائي أي الشخص الذي يرتكب الفعل الضار حرمه القانون وهو ممتلك حرية الإرادة. فيجب هنا ان يتوافق القصد الجنائي والتصرف الإجرامي، ومن خواصها أيضا ان تتوفر العلاقة السببية في الضرر المحرم قانونا وسوء التصرف ويجب ان يحدد العقاب في الجريمة وينص عليها قانونا وتفصل، هذه الخصائص المختلفة للجريمة ترتبط جميعا بطبيعة السلوك الذي يمكن ان يطلق عليه اسم (الجريمة) أما العقوبات المفروضة فالقاضي هو الذي يحددها بموجب القانون اخذ بنظر الاعتبار ظروف الجريمة وطريقة ارتكابها(13).
ومن الاتجاهات التي فسرت الجريمة هو الاتجاه النفسي الذي كان يمتاز بمدخل فردي، أي تأكيده على نوازع الفرد وميوله وتكوينه النفسي من دون ان يراعي الظروف الاجتماعية، إضافة إلى ان الكثير من الأفعال النفسية التي تعد منحرفة من الوجهة السيكولوجية قد لا تمثل الجريمة بحد ذاتها.
إن الجريمة بالمعنى النفسي هي أي فعل أو سلوك يمثل انتهاكا خطيرا لقواعد السلوك الاجتماعي المعبر عنه بالقانون الجنائي والتي تحدد لها الشرع عقاباً يتناسب مع خطورتها، وان التعريف الإجرائي والذي يتناسب مع الدراسة هي أنها " أي فعل أو أي حدث يرتكبه الفرد ويتعارض مع ما يسود المجتمع من قوانين وأعراف وقيم التي تحدث التغيرات في المجتمع ومؤسساته المختلفة التي تؤدي إلى ظهور العديد من المشكلات والجريمة هي إحدى هذه المشكلات"(14).
فيما بعد فقد ظهرت وسائل للحد من الجريمة في المجتمع الحديث وقد اتخذها القانون الجنائي والتي خصها بعض العلماء بقولهم هي " العدالة في تطبيق القانون هو السبيل الاوفق في الحد من الجريمة".
حيث أن هذه الأسس أصبحت من أهم خصائص القانون الجنائي فقد خصها العالم (سندر لاند) بقوله: "إن القانون الجنائي يجب ان يحمل صفة (المساواة، التخصص، العقوبة، الجزائية) أي ان العقاب يجب ان يحدد لكل نوع من أنواع الجرائم وان يتساوى الجميع أمام القانون وان تتحقق العدالة فيه وانه لا جريمة بدون عقاب".
أما العلماء الذين اهتموا بالإصلاح قبل العقوبة هو العالم (بكاريا) الذي يعتبر بان معيار كل إصلاح هو تحقيق اكبر قدر ممكن من السعادة والرفاهية لأكبر عدد من الناس ثم مقولته المشهورة " بان العقاب يجب ان يكون محدد يحدي العدالة والمصلحة الاجتماعية ومن الظلم ان يتعدى العقاب هذه الضرورة لنهاية المجتمع".
هنا العقاب يجب ان يكون رادعاً وليس انتقامي وهذه الفكرة قد يتبناها المعنييون بإصلاح المجرم وعلاجه، وان اغلب المؤتمرات والندوات كانت تنادي في ذلك الوقت بمنع العقوبة الانتقامية القاسية وتحاول جعلها رادعة وعلاجية وهذه ليست رحمة وشفقة بالمجرم بل تخليص المجرم من (العود) إلى ارتكاب الأفعال الإجرامية(15).
وهناك عدة مدارس تناولت موضوع الجريمة كلا حالته حسب اختصاصها وحسب مفاهيمها، فمن هذه المدارس هي: المدرسة الاجتماعية، النفسية، الايكولوجية، الاكنيلكية، الجغرافية وغيرها من المدارس التي تناولت هذا الموضوع وسوف نتطرق هنا إلى واحدة من هذه المدارس هي (المدرسة الاجتماعية) التي تعتبر من أهم المدارس التي أكدت على أهمية العوامل الاجتماعية ونادت بان المجرم هو نتاج وحصيلة المجتمع، وأصحاب هذه المدرسة اعتقدوا ان الجريمة والجنوح ما هما إلا نتاج للعوامل الاجتماعية فالفكرة الكلاسيكية نادت بمبدأ الإرادة الحرة واكتساب اللذة ناقشها أصحاب الفكرة الوضعية فقد كانت نقطة النقاش هي اكتساب اللذة مشترك مع كل أفراد الهيئة الاجتماعية، إذن فلماذا يكتسب بعض الأفراد ملذاتهم بالطرق المشروعة والقسم الآخر يكتسبها بالطرق غير المشروعة والقسم الآخر يكتسبها بالطرق غير المشروعة والمخالفة للقوانين؟
فالجواب هنا ان جماعة الفكرة الوضعية تقول ان الظروف المحيطة بالفرد التي لا يمكن ان يتحملها بعضهم يلجئون إلى سلك الطرق التي حرمها القانون، ومن أفكار العلامة (فرويد) ان الإنسان يولد وعنده استعداد بان يزيد حالة اللذة ويقلل من حالة الألم، فالمجرمين الذين تحيط بهم الظروف السيئة وتسبب لهم بعض الانحرافات النفسية لا يمكنهم ان يتأخروا في اكتساب ذاتهم لذلك يلجئون إلى الجريمة(16).
الخلفية التاريخية لتطور المجتمعات في العراق والمجتمعات الحديثة الأخرى منذ الخمسينيات من القرن العشرين: نلاحظ ان الجريمة كأي ظاهرة اجتماعية بدأت تستفعل في المجتمع العراقي نتيجة تهيؤ العوامل التي تستند إليها الجريمة وتنمو الجريمة كما ونوعا وتتطور أساليبها من شكل لآخر بتطور المجتمع وتعقده وتشيعه بالأساليب المنحرفة والخارجة عن القوانين، وان تحول المجتمع زراعي تقليدي إلى شبه صناعي منذ الخمسينيات من القرن العشرين وانتقال المجتمع من طور الزراعة إلى طور الصناعة والتصنيع أدى هذا الانتقال إلى زيادة معدلات الجريمة في المجتمع العراقي.
ويعد التنوع الثقافي الحضاري في المدن الحديثة والصناعية من الأسباب التاريخية لارتفاع حجم الجريمة فالمدينة تحتوي على عناصر سكانية مختلفة فهذا الاختلاف يؤدي إلى التفكك وعدم وجود التضامن الاجتماعي الذي يؤدي أيضا إلى العزلة الاجتماعية التي تدفع الفرد إلى القيام بأعمال سلوكية منحرفة ولاسيما إلى ان علاقته في المجتمع الحضري تكون رسمية وسطحية إلى حد ما في تلك المجتمعات مما يدفعه إلى فعل الجريمة.
من جانب آخر فان انتماء الفرد إلى أكثر من جماعة مؤسسة تجعله يعيش لكن وطأة الضغوط المتنافرة لهذه الجماعات (كالأسرة، والمدرسة، ووسائل الإعلام). حيث ان هذه الجماعات تريد منه مطاليب قد تثقل كاهله ولا يستطيع ان يلبيها على النحو الصحيح فيؤدي ذلك إلى تصدع في شخصيته مما يدفعه إلى الانحراف والجريمة.
2. السلوك الإجرامي: هناك العديد من النظريات التي تناولت تفسير هذا السلوك المعقد والحقيقة تشير ان غالبية علماء الإجرام لا ينكرون ان علم الإجرام لا زال قاصراً عن تقديم نظرية علمية كاملة في مجال السياسة وظل مطلب السياسة شغل العلماء الشاغل، وما زال علماء الجريمة المعصرون يحاولون العثور على تفسير نظري كامل لسبب السلوك الإجرامي(17).
فهو سلوك بشري يشترك مع السلوك الغير إجرامي في كثير من الأشياء وعلى هذا فيجب ان يفسر ضمن الإطار العام الذي يستخدم في تفسير السلوك البشري العام. فقد ظهر كثير من الالتباس فيما يخص السلوك الإجرامي ويرجع ذلك إلى فشل الباحثين بتعريف وتحديد وضبط مستويات أو درجات التفسير، وهنا يشمل هذا التحليل انه يمكن نقد علماء الإجرام في تفسير السلوك الإجرامي في مستوى من مستوياته بعيدا عن سبب حدوثه فالفقر مثلا ظرف من الظروف التي تساعد على تطور السلوك الإجرامي بسرعة ولكن ذلك درجة من درجات التفسير المتعلق في تطور السلوك الإجرامي ولكنه ليس العامل المسبب لحدوث السلوك الإجرامي، فمن المستطاع وضع نظرية اجتماعية للسلوك الإجرامي من وجهة نظر الجماعة المحلية المجتمع أو أي جماعة أخرى(18).
فنتيجة للبحوث والدراسات العلمية الخاصة بالجريمة والمجرمين والتي استندت على السلوك الإجرامي فقد توصل العلماء في بحوثهم في هذا المجال إلى ان هناك عوامل عديدة لها دور في إحداث السلوك الإجرامي سوف نتطرق في هذا المجال إلى ثلاثة من هذه العوامل:
1. دور التربية والتعليم في السلوك الإجرامي (التحصيل العلمي): لا تنحصر الجرائم التي يعاقب عليها قانون العقوبات بالأفراد الذين تكون مستوياتهم الثقافية والعلمية متدنية ومنخفضة بل تتجاوز هؤلاء إلى المثقفين والمؤهلين ثقافياً وعلمياً، والجرائم التي يرتكبها المعنيون والمثقفون تسمى بجرائم (ذوي الياقات البيض) التي لا تظهر في كل مكان، حيث تعتبر من اشد الجرائم وأخطرها وتعتبر اخطر من الجرائم الاعتيادية، التي يعاقب عليها القانون لأنها ترتكب بطريقة ذكية ومدروسة وتجلب الضرر لعدد كبير من المواطنين وتعرض سلامة وامن المجتمع للخطر وتزعزع ثقة المواطنين بأصحاب الوظائف والمهن.
2. دور العوامل الاقتصادية في السلوك الإجرامي: تعتبر العوامل الاقتصادية من أهم العوامل المسؤولة عن السلوك الإجرامي في المجتمع ذلك ان ظاهرة الجريمة لا يمكن فصلها بأي حال من الأحوال عن الظروف الاقتصادية التي يمر بها المجتمع فالجرائم ما هي إلا ردود فعل للأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الأفراد والجماعات، وكما ان دور الجريمة تزداد في فترات الهبوط والكساد الاقتصادي وفي فترات التحولات الاقتصادية السريعة التي يشهدها المجتمع(19).
3. دور التحضر والتصنيع في السلوك الإجرامي: حيث تكثر الجرائم في البيئات الحضرية والصناعية وتقل أو تنعدم في البيئات الريفية والقروية، نظرا لتعقد الحياة في المجتمع الحضري والصناعي وبساطتها في المجتمع الريفي والقروي، لهذا يعتقد الإجرام بان الوسط الاجتماعي المعقد والمركب كالوسط الصناعي مثلا الذي يعتبر سببا من أسباب الجريمة والجنوح، فالمجتمع الحضري الصناعي قد يخلق الشخصية الإجرامية ويوفر الظروف الموضوعية والذاتية التي تنمو وتترعرع فيها الشخصية الإجرامية ويعطي التفسيرات العلمية والمبررات العقلانية لظهور الجريمة وانتشارها وبلورتها في المجتمع الصناعي(20).
لذلك ظهرت اتجاهات عديدة لتفسير السلوك الإجرامي قسمت هذه التغيرات والاتجاهات هي:
1. الاتجاه الفردي للسلوك الإجرامي: وهو الذي يرد أسباب الجريمة إلى الفرد المجرم نفسه ويتفرع إلى قسمين:
أ. اتجاه فردي بايولوجي.
ب. اتجاه فردي نفسي.
2. الاتجاه الاجتماعي في تفسير السلوك الإجرامي: وهو الذي يعزي ظاهرة الجريمة إلى عوامل ترجع إلى ظروف البيئة الاجتماعية المباشرة والعامة والتي تباشر تأثيرها على الفرد.
3. الاتجاه التكاملي في تفسير السلوك الإجرامي: وهو الذي يرد الجريمة إلى عوامل متكاملة وقوى متفاعلة مع بعضها ويرجع بعضها إلى الفرد نفسه (عضويا، نفسيا) وبعضها الآخر يرجع إلى ظروف الفرد في البيئة التي يعيش فيها(21).
بعد ذلك ظهرت العديد متن النظريات والمذاهب التي فسرت السلوك الإجرامي تفسيرا تقليدا وواقعيا وعلميا فمن هذه المذاهب التي فسرت السلوك الإجرامي:
1- المذهب التقليدي: حيث كان شائعاً بين المعنيين بالعلوم الجنائية ابتداء من القرن الثامن عشر وكان مؤيديه متأثرين بمذهب الفلاسفة الروحانيون بصوره وتعاليمه وقد تأثروا أكثر بالفيلسوف الفرنسي (اوكست كونت) وكما أننا في صدد الجريمة ومرتكبيها فالقيام بالفعل الغير قانوني وغير سليم يعني ارتكاب جريمة والعمل الصواب هو السلوك الطبيعي والابتعاد عن الأفعال الإجرامية، إذن الشخص أمامه طريقان هما طريق الخير وهو الصواب وطريق الشر وهو الخطأ الإجرامي، فعلى الإنسان هنا ان يسير في الطريق الأول ويبتعد عن الطريق الثاني مادام مدركا لقواه العقلية ويعرف ان يميز بين الصح والخطأ، فإذا ارتكب الجريمة حقت عليه المسؤولية الجنائية فالفرضية هنا تقول: " انه ارتكبها بمحض إرادته الحرة وانه أدرك نتائجها لذا فكان النداء بفرض العقوبة القاسية والمشددة على المجرم"(22).
2- المذهب الوضعي أو الواقعي: حيث كانت ميول الوضعيون تتجه إلى التركيز على خصائص السلوك الإجرامي نفسه من النظر إلى صفة القانون الجنائي فقد وجدوا انه من الصعب الوصول إلى عمق السلوك الإجرامي من الناحية القانونية، فالقانون يصف أنواع من السلوك الإجرامي بصورة تكتيكية حققته من دون الاهتمام بالأسباب التي أدت إلى هذا السلوك، فالعالم (مانهايم) ارتأى إلى وجوب دراسة كل سلوك غير اجتماعي سواء كان محرما قانونيا أو غير محرم وذلك بحسب رأي العالم (سندرلاند) الذي قال بان السلوك الإجرامي فعل مضر بالهيئة الاجتماعية ومن هنا كان يسعى إلى إدانة ذوي الياقات البيض في بعض أنماطهم السلوكية أما العالم (سيلين) فقد وصف الجريمة بأنها سلوك مخالف للمعايير الجماعية.
فالجريمة في نظر الوضعيون هي ظاهرة اجتماعية كيفية الظواهر التي تسير عليها ظواهر الحياة المختلفة التي ترجع إلى عوامل مختلفة اجتماعية وطبيعية وسياسية وغيرها من العوامل.
فيرى البعض ان السلوك الإجرامي سلوك مكتسب ويتم اكتسابه عن طريق التفاعل مع أشخاص آخرين خلال عملية الاتصال وهذا الاتصال قد يكون شفهيا أو عن طريق الرموز والإشارات كما يحدث في عملية تعلم السلوك الإجرامي خلال مخالطة الجماعات التي تقوم بين أفرادها علاقات وثيقة(23).
رابعاً: القيم الاجتماعية: عبارة عن مجموعة من الأفكار تكون فيما بينها جهازا شبه مقنن (ثابت) يستخدمه الإنسان في قياس وتقدير المواقف الاجتماعية وتمثل القيم الاجتماعية ركنا أساسيا في تكوين العلاقات البشرية إذ ان القيمة هي التي تنتج السلوك الاجتماعي، وهذا السلوك هو الذي يؤدي إلى تكوين شبكة العلاقات البشرية التي بلورتها تؤثر مرة أخرى على تكوين قيم أخرى وتطورها. وان للقيم الاجتماعية علاقة وثيقة مع سلوك الأفراد وان هذه العلاقات تكون دائرية شبه مغلقة لا تحدث إلا في الجماعات المنظمة المتمايزة في التركيب. إذ ان عملية التفاعل المنظم هي التي تكون العلاقات البشرية او الاجتماعية، وعندما تكون هذه العلاقات تكون هي الأساس الذي ينظم تفاعل الفرد مع المواقف المختلفة، بما في ذلك مواقف المفاضلة والاختيار التي تنتج عنها القيمة الجديدة والتي تساعد على تطوير القيمة الثابتة النسبية.
فأعضاء الجماعة يميلون إلى التقيد بمجموعة من القيم الاجتماعية تناسب الغرض من تكوين الجماعة كما يميلون إلى بذل نوع من الضغط الاجتماعي على من يخالف هذه القيم وبالتالي فان تفاعل الأفراد الذي يكون العلاقات الاجتماعية أو البشرية يصبح خاضعا لهذه القيم التي يحميها ويؤكدها الضغط الذي يبذله أفراد الجماعة.
وان لكل مجتمع من المجتمعات قيمة الخاصة به ولكن هناك قيم عامة توجد في الغالبية العظمى من بلدان العالم وتعتبرها كافة إلا مقيما بشكل أو بآخر قد تكون قيما بؤرية هامة أي يدور حولها نظام المجتمع. وقد تكون قيم في مجال العموميات الثقافية إذ ان الأكثرية وليس الجميع في المجتمع يقدرون هذه القيم(24).
وتعتبر القيم معتقدات مصدرها الثقافة هذه المعتقدات قد تكون معتقدات وصفية (خاطئة أو صحيحة) وقد تكون معتقدات تقويمية أي يتم على أساسها الحكم على موضوع معين على انه حسن أو سيء. ومعتقدات ناهية أي تضبط سلوك الأفراد في المجتمع وتنهاهم عن أعمال غير ذات قيمة أو أنها تضاد القيمة المطلوبة. والقيمة معتقد أصله الشيء المرغوب أو المفضل فالقيمة تفصح عن نفسها في أنماط التفضل والاختيار بين البدائل المتاحة بمعنى أننا نمارس سلوكا معينا نابعا من ثقافتنا وقيمنا ونحن راضون عن هذا السلوك.
وتقسم القيم بالاستمرار النسبي، فلا يمكن القول بان القيم مستمرة وأبدية غير متغيرة ولا متطورة. بل ان بقاءها نسبي، وهذا لا يعني أنها دائمة التغير والتبدل والاصناع المجتمع. فهي استمرارية إلى ان يتضح ان ممارستها يمكن ان تتحول لظهور ظروف جديدة أو لتغلب قيمة على أخرى وهذا الموضوع شائك، وهنا يمكن القول ان القيمة كمفهوم ومحتوى ثابتة، ولكن الذي يتغير هو الشكل والممارسة والوسيلة والطريقة، وهذا التغيير مرهون بتغير المجتمع وهنا يظهر صراع القيم(25).
رابعاً: الضبط الاجتماعي: يعد موضوع الضبط الاجتماعي من بين الميادين المختلفة التي تناولها علماء الاجتماع عندما تعرضوا إلى طبيعة وأشكال الظواهر وأنماط الأفعال والسلوك والضروب الاجتماعية الأخرى التي يمكن إخضاعها للبحث والدراسة تحت هذا الميدان المعرفي والعلمي.
ويرجع تاريخ بلورة هذا المفهوم كحقل مستقل عن حقول علم الاجتماع إلى القرن التاسع عشر عندما نال شعبية بعد نشر كتاب عالم الاجتماع الأمريكي (روس) تحت عنوان الضبط الاجتماعي كما استخدم هذا الاصطلاح رجال القانون من المحاميين عندما تبناه العلامة (باوند) في إشارتهم إلى عملية المطابقة بين الفرد وبين النظام الاجتماعي.
واستخدم اصطلاح الضبط الاجتماعي في أدبيات علماء الاجتماع ولاسيما في إشارتهم إلى عملية الانتظام والأنساق بين الفرد وبين النسق القيمي والمعياري الذي يسود مجتمع من المجتمعات، ووضحوا ان عملية عدم الانتظام تخلق توترات وصراعات سواء بين الأفراد أو الجماعات.
فالضبط الاجتماعي من وجهة نظر علم الاجتماع هو عملية الاتصال والتواصل بين ما هو مغروس من ارث اجتماعي في طبيعة النظام الاجتماعي وبين الجماعات الاجتماعية لأجل تحقيق الاستقرار للانسجام في الحياة الاجتماعية.
والضبط الاجتماعي اصطلاح جمعي يشير إلى الأفراد الذين يدخلون في عمليات مخططة وغير المخططة التي بواسطتها يلقن الأفراد عملية الإقناع أو الإجبار لأجل تحقيق المطابقة بينهم وبين ما هو مستخدم من قيم في الحياة الاجتماعية فالضبط الاجتماعي هو الآليات التي يمارس المجتمع سيطرته على مكون الأفراد، وإدخال المطابقة للمعايير والقيم بين الأفراد وثقافة المجتمع(26).
ومن علماء الاجتماع الذين فسروا الضبط الاجتماعي (اميل دوركهايم) الذي حاول ان يفسر الضوابط الاجتماعية بالعوامل الخارجية وركز في أعماله على المعايير الاجتماعية التي تدخل على الأفراد من الخارج وتصبح حقيقة داخلية يعيشها الفرد اجتماعيا، فالضبط بالنسبة إلى (دوركهايم) هو ضرب من ضروب الإلزام الأخلاقي وعلى الفرد ان يطيع القواعد الاجتماعية، ويقبلها طواعية لتصبح واجبا من الواجبات المفروضة عليه أكثر من كونها ضغوطا خارجية وتشكل هذه الطلبات من المجتمع نمطا أخلاقيا لأفراد وعناصر أساسية لشخصياتهم.
أما (جورج هريت ميد) وكذلك (سيجموند فرويد) فقد وسعوا مفهوم الاستدخال للمعايير الاجتماعية، وناقش (جورج هريت ميد) تصور (الذات الاجتماعية) (والانا) معتقدا ان هذا التصور ينمو خلال التجارب الاجتماعية. ومن خلاله يصبح داخليا يقود الفرد إلى تشكيل عموميات نحو الآخرين في هذا السلوك فان توقعات الآخرين في المجتمع تشكل خاصية مشاعر الأفراد فالتكوين لهذه المشاعر هو مجتمعي وليس فردياً.
أما (فرويد) فهو يشبه (ميد) إلى حد كبير في نظرته إلى تكوين الذات العليا وكذلك (بيجه) إذ يرى ان استدخال المعايير المجتمعية تتضمن ضوابط للحوافز وذلك من خلال دمج التوقعات عن الآخرين في البناء النفسي أما (بيجه) في تناوله لعملية الاستدخال للمعايير فينطلق من عملية الحكم الأخلاقي للطفل من حيث ان الاستقلال لأحكام الأخلاقية تبين عنده عندما تبدأ عملية التعون في العلاقات الاجتماعية بينه وبين الآخرين، وعندما تبدأ عملية الاستدخال هذه على أساس سلطوي أي سلطة الآباء على الأطفال فقد تقود هذه العملية إلى المطابقة في العلاقات الاجتماعية، وان عدم المطابقة قد يظهر عندما يكون هناك تباين معياري داخل المجتمع. فنموذج الأخلاق الفردية تتأتى من نماذج البناء الاجتماعي التي بواسطتها يضم الفرد إلى هذه العملية(27).
المبحث الثاني/ دراسات سابقة
دراسات سابقة مماثلة عراقية وعربية
تمهيد:
تهتم أغلب البحوث الاجتماعية بالدراسات الاجتماعية السابقة فهي تزود الباحث بمعلومات مهمة عن الدراسات النظرية والميدانية التي قام بها العلماء والمتخصصون والمشابهة لموضوع البحث وذات علاقة وثيقة به لكي يستفاد منها الباحث في تحديد الإطار النظري التي تعتمد عليها فصول الدراسة ومباحثها، فهي تكون مكملة للنتائج الأساسية التي توصلت إليها الدراسات السابقة ويمكن ان تشكل إضافة لها، كذلك يرجع إليها الباحثون والمتخصصون في الحقل الدراسي للموضوع وهناك أهمية أخرى للدراسات السابقة حيث أنها توجه الباحث في إعداد دراسته وصياغتها بشكل صحيح وتام، وسوف أتناول في هذا المبحث دراستين تكون لها علاقة بموضوع دراستنا، ومن أهم هذه الدراسات ما يأتي:
أولاً: الدراسة العراقية.
دراسة الدكتور إحسان محمد الحسن الموسومة بـ"دور التصنيع في السلوك الإجرامي". ان هذه الدراسة النظرية تسلط الضوء على العلاقة بين التصنيع وارتكاب السلوك الإجرامي، فهي تؤكد على ان الجرائم تكثر في البيئات الصناعية وتقل أو تنعدم في البيئات الريفية أو القروية نظرا لتعقد طبيعة الحياة في المجتمع الصناعي وبساطتها وسهولتها في المجتمع الريفي والقروي، وان الوسط الاجتماعي المركب والمعقد كالوسط الصناعي مثلا يعد سببا من أسباب الجنوح والجريمة وتظهر الجرائم في المجتمعات الصناعية، كما تبين الدراسة، لان البيئة الصناعية تشجع على الفردية وتؤمن بأهمية تحرر الفرد من الجماعات التقليدية لكن الطاعة والولاء لها في مجتمع ما قبل التصنيع. كما أنها تشجع الفرد على الاستقلال والاعتماد الكلي على النفس لذا فان علاقته بالجماعات المرجعية تضعف وتتحول إلى علاقات رسمية مبنية على مبدأ التعاقد والمنفعة.
كما تكثر مظاهر الجريمة والانحراف في البيئات الصناعية نتيجة استفحال المشكلات الاجتماعية في تلك البيئات. تتجسد المشكلات الاجتماعية في تلك البيئات أو المدن الصناعية في تفسخ العائلة والطلاق وجنوح الأحداث والأحياء المتخلفة والإدمان الكحولي والتفسخ الاجتماعي. هذه المشكلات تحرض الأفراد الذين يقعون في شباكها على ارتكاب أنواع الجرائم.
أما السبب الثاني فهو كثرة العناصر السكانية والفئات الاثنولوجية القومية التي تتكون منهما المدينة الصناعية، ان المدينة الصناعية نتيجة لخاصيتها لأيدي العاملة تستقطب أنواع العناصر والفئات السكانية والأقليات الاثنولوجية والقوميات الأجنبية، هذه الكثرة التعددية تجعلان الأفراد والجماعات تنقسم على نفسها إذ تتضارب مصالحها وأهدافها، لذا فان إخفاق الفرد في تحقيق هدفه لا يتردد عن القيام بالسلوك الإجرامي ضد الآخرين انتقاما منهم(29).
وأيضا من أسباب زيادة معدلات الجرائم في المجتمع الصناعي هو ضعف وسائل الضبط الاجتماعي التي يتلقاها الفرد من عائلته ومن بقية الجماعات المرجعية الأخرى التي ينتمي إليها، ووسائل الضبط الاجتماعي الداخلية التي تتعرض للضعف والهشاشة هي الضمير والوجدان والأخلاق القيم والعادات والتقاليد والدين والرأي العام، ان ضعف هذه الوسائل يعود إلى قصور في تنشئة الفرد الاجتماعية وسيطرة المبادل المادية والمنفعة والمصلحية على المبادئ القيمة والمثالية والروحية، وعندما لا تتمكن وسائل الضبط الاجتماعي الداخلية في توجيه سلوك الفرد وهدايته فانه سرعان ما يستسلم إلى أهوائه الذاتية ونوازعه الشهوانية ودوافعه الفطرية والغريزية التي تجعله يسير في درب الانحراف والجريمة.
وأخيرا تزداد معدلات الجرائم في المجتمع الصناعي لان هذا المجتمع يوفر المناخ الايجابي للمجرمين المحترفين وللشلل والعصابات الإجرامية ويؤدي إلى ظهور الجرائم المنظمة ولاسيما الجرائم الاقتصادية وجرائم المهنيين التي ترتكب يوميا بحق القانطين من أبناء المدينة الصناعية. ان المدينة الصناعية يكثر فيها المجرمون ويتأثر الأشخاص الأسوياء عندما يكونوا على اتصال معهم وعندما يحتك السوي بالمجرم المحترف فانه سرعان ما يتأثر ويكتسب منه فنونه وخبراته وتجاربه الإجرامية ويأخذ منه أخلاقه وقيمه ومقاييسه المنحرفة ويتحلى بها حتى تصبح جزء لا يتجزا من ذاتيته الشخصية، وبعد وهلة من الزمن تسيطر القيم الإجرامية والمنحرفة على شخصية الفرد حتى تصبح قيما سوية عنده وهنا يبدأ الفرد بارتكاب أنواع الجرائم والمخالفات بحق المجتمع معتقدا بأنها أعمال سوية لا خلل فيها.
من ما ذكر نستنتج ان المدينة الصناعية هي بيئة ملائمة لظهور الجريمة وانتشارها(30).
ثانياً: الدراسات العربية.
السرقة عند الأحداث: تركزت هذه الدراسة على معرفة الظروف الاجتماعية للحدث السارق وموقف أولياء أمورهم من جرائهم، وذلك من خلال التحليل الإحصائي للبيانات المجمعة عن (598) حدثا من الذكور والإناث الذين اتهموا بالسرقة خلال فترة (من 2 يوليو 1957- 2يوليو 1958) بمدينة القاهرة وتوصلت هذه الدراسة المسحية إلى النتائج التالية:
1. ان السرقة أكثر شيوعا عن الذكور من الإناث بسبب طبيعة دور المرأة في المجتمع، حيث بلغت نسبة الذكور (89%) مقابل (11%) من الإناث.
2. ان (69,3%) من السراق تقع أعمارهم بين سن (12- 15) وان سن (14) توجد فيه اكبر نسبة من الأحداث السراق.
3. أبرزت الدراسة اثر الرفاق أو الصحبة كعامل مساعد على السلوك الجانح وتبين ان نحو (42,3%) منهم كانوا يرافقون أصدقاء اكبر منهم سنا.
4. تبين ان (56,9%) من الأحداث يقضون أوقات فراغهم في الشارع أو الحارة، وما تبقى من نشاطات أخرى غير مجدية، وبالنسبة لممارسة بعض العادات الترويجية المنحرفة فقد ظهر ان (11,5%) منهم كانوا يدخنون السكائر وان حوالي (14,1%) منهم كانوا يمارسون لعب القمار.
5. بلغ عدد الأحداث الذين لم يتعلموا في المدرسة قط (60%) وان نحو (28,3%) منهم لم يتعد تعليمهم المرحلة الابتدائية، وان الأمية المتفشية بين آبائهم بنسبة(42,5%) ونسبة الأمهات الأميات نحو (53%).
6. اتضح ان نحو (34,5%) من أحداث لا يعملون بضمنهم نحو (125%) تلميذا أما البقية فإنهم يعملون في أعمال لا تتناسب وقابليتهم وبأجور متدنية وبعضهم لا يحصل على الأجر(31).
7. بلغ متوسط عدد الأبناء في الأسرة نحو (4,4%).
8. ان اغلب الأحداث لم يتلقوا التربية، سليمة فقد وجد ان (55,6%) من الآباء و(61,5%) من الأمهات اعتمدوا أساليب خاطئة في تربية أبنائهم، تراوحت بين اللين والقسوة والإهمال.
9. بين ان (10,7%) من العلاقات الزوجية لآباء الجانحين قد انتهت بالطلاق و(7,2%) بوفاة الأب و(8,6%) بوفاة الأم وان أكثر من (6,2%) من الآباء متزوجين بأكثر من زوجة.
10. ظهر ان الحالة الاقتصادية لأسر الأحداث الجانحين في مستوى منخفض جدا حيث بلغ متوسط مجموع الدخل الشهري لها (12,8%) جنيه شهرياً، وان (64,3%) من الأسر ليس لديها ادخار وتعيش حالة كفاف وتسكن (46%) منها في غرفة واحدة أو في مساكن تفتقد إلى الشروط الصحية وتقع بالقرب من المؤسسات الصناعية والأسواق التجارية(32).
المبحث الثالث/ العوامل الاجتماعية للجريمة
تمهيد:
العوامل الاجتماعية هي مجموعة من الظروف التي تحيط بشخص معين وتميزه عن غيره فيخرج منها تبعا لذلك سائر الظروف العامة التي تحيط بهذا الشخص وغيره من سواء الناس، بهذا المعنى تقتصر الظروف الاجتماعية هنا على مجموعة من العلاقات التي تنشأ بين الشخص وبين فئات معينة من الناس يختلط بهم اختلاطا وثيقاً سواء كانوا أفراد أسرته أو مجتمعه أو مدرسته أو الأصحاب والأصدقاء الذين يختارهم.
1. الأسرة: هي المؤسسة التربوية الأولى التي تتلقى المخلوق البشري منذ ان يفتح عينه على النور، فهي الوعاء الذي يشكل داخلها شخصية الطفل تشكيلا فرديا واجتماعيا كما أنها المكان الأنسب الذي تصرح فيه الأفكار الآباء والكبار ليطلقها الصغار وعلى مر الأيام فتنشئهم في الحياة(33).
فالأسرة عبارة عن جماعة من الأفراد تربطهم بروابط قوية تاريخية من صلات الزواج، الدم والتبني، وهذه الجماعة تعيش في دار واحدة وتربط أعضاءها الأب، الأم، الابن، وغيرها من العلاقات الاجتماعية متماسكة في أساسها للمصالح والأهداف المشتركة. وتلعب الأسرة الدور القيادي في تهيئة وإعداد الطفل لمجابهة الأمور الاجتماعية المعقدة وتدريبه على إشغال الأدوار الاجتماعية المناسبة التي تستطيع من خلالها تقديم الخدمات التي يحتاجها المجتمع(34).
ولقد تقلصت وظيفة الأسرة في الوقت الحاضر وتحولت بعض وظائفها إلى مؤسسات وغيرها نتيجة لاتساع المعرفة وتنوع المفاهيم وتعدد الوسائل والطرق وهذا أدى إلى عدم استطاعة الأسرة القيام بكل وظائفها وذلك لإمكانياتها المحددة ولتعدد الاختصاصات وظهور العلوم المختلفة والمعارف الجديدة ومتطلبات الحياة الكثيرة والتي لا تستطيع أي مؤسسة الإلمام بها جميعاً(35).
لقد كانت الأسرة قديما تكفي نفسها بنفسها في مختلف الأنشطة الاقتصادية والدينية والاجتماعية والتربوية والترفيهية وبدأت الأنشطة تتقلص شيئا فشيء وينتقل بعضها إلى مؤسسات أخرى كالقبيلة أو الدولة، فمن وظائف الأسرة هي التربية الجسمية والصحية التي من خلالها تقوم الأسرة برعاية وعناية أطفالها وتربيتهم تربية جسمية وصحية وذلك بتقديم المأكل والمشرب والغذاء الصحي والنفسي لتنمية أجسامهم وإيجاد المبادئ لهم وتوفير وسائل الراحة، وعلى الوالدين تزويد أبنائهم بالثقافة التي تلائم العصر الذي يعيشون فيه ومن واجب الوالدين كذلك ان يتجاوبوا مع أبنائهم ويفتحوا لهم صدورهم لسماع مشكلاتهم وتعاونهم معهم على حلها وتفهمها.
فيعتقد معظم علماء الاجتماع ان الأسرة من أقدم المؤسسات الاجتماعية وأول خلية أساسية يتكون منها البناء الاجتماعي وعندما تتعرض الأسرة إلى أي خلل في البناء الاجتماعي فقد تؤثر على بقية المؤسسات الاجتماعية وتتعرض الأسرة إلى الانحلال في بعض المجتمعات واهم أشكال هذا الانحلال هو الانحلال الأسري التي ترجع ظاهرة إلى تأثير القيم الجديدة عليها ومن هذه المظاهر على ملئ أوقات الفراغ والتسلية والقيم التربوية الحديثة والاجتماعية التي لها تأثير كبير على الأسرة، وهناك ميول فردية وتوجهات موجودة عند الشخص والاتصال بالعالم الخارجي والتعرف على ما هو جديد من قيم كالميول الفردية نحو السعادة والرغبة في الضمان الاجتماعي والاقتصادي ومعرفة التمايز الاجتماعي وأشكاله لظهور الانحلال الأسري عندما تدخل تعديلات في مواقف وإدخال ومواقف غير موجودة سابقا(36).
فالأسرة من وجهة نظر المفكرين الاجتماعيين فقد اهتموا بها منذ أقدم العصور وذلك للوقوف على طبيعة بنائها ووظائفها والمشاكل التي تواجهها محاولة منهم إصلاح المعتل من شؤونها ولأنها اصغر وأدق جهاز في المجتمع ولا يمكن ان تستقيم شؤون المجتمع وتتخلص من مظاهر الانحلال والتصدع إلا إذا استقر البناء الاجتماعي العائلي وفق قواعد وضوابط تنضم سير شؤون هذه المنظمة. ولم تكن الدراسات التي قام بها المفكرين قائمة على البحوث التجريبية والتحليلية بقدر ما كانت فلسفية وشخصية في معظمها لذا نجد البعض في هذه الدراسات هي اقرب إلى حقل الفلسفة وبعيدة في بعض الأحيان عن الاجتماع العائلي، فمن المفكرين الذين اهتموا بدراسة الأسرة وأعطوا آراء وأفكار مهمة هم (أفلاطون، ارسطو، اوكست كونت....) الخ من العلماء المفكرين الذين كان لهم دور كبير في تنظيم حياة الأسرة في الوقت الحاضر مراكز تنظيم التي تعتبر ظاهرة حديثة العهد حيث كانت تقوم بتعاون من وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية وجمعية تنظيم الأسرة(37).
فقد كان هدف الأسرة الرئيسي العناية بالأمومة وتحديد النسل وفقا للظروف الاجتماعية والاقتصادية وبالشكل الذي تتلائم مع عملية التنمية الاجتماعية والاقتصادية في المجتمعات فمن هذه المراكز هي مراكز رعاية الأحداث الجانحين والإصلاحيات الذي ازداد بدرجة كبيرة منذ السنوات الأخيرة حيث تعمل هذه المراكز بمفهوم تربوي إصلاحي حيث يسعى إلى تأهيل الحدث والجانحين اجتماعيا وثقافيا واقتصاديا وإصلاحه ليصبح عضوا فعالا صالحا في خدمة المجتمع وتعتبر هذه التجربة من التجارب الإصلاحية البناءة الرائدة في المجتمعات النامية سواء كان من حيث الأساليب التربوية والنفسية والإصلاحية أم من حيث المباني التي يقيم بها المنحرفين والجانحين(38).
وعلى ضوء أهمية موقع الأسرة ووظائفها الاجتماعية ودورها الحيوي في تنشئة الفرد، فإننا نستطيع ان ندرك الآثار المترتبة على التحليل الذي يصيب بناء الأسرة ووظائفها في مجال الضبط الاجتماعي وانعكاساتها الخطيرة على مستقبل الفرد واستقراره النفسي والاجتماعي ويظهر بوادر الانحلال الوظيفي الأسري من مصدرين أولهما التفكك الأسري وثانيهما عدم انجاز الأسرة لوظائفها الأساسية(39).
2. المدرسة والتعليم: ان المهام والواجبات التي تضطلع بها المدرسة يمكن ان تجعل منها مؤسسة وقائية تحمي من خلالها الطفل أو الشاب من ضمنها المدرسة مهمتها التربوية والتعليمية على أكمل وجه، وتتمثل الوظيفة الأساسية للتعليم في توصيل المعارف والمهارات لأشخاص في تدعيم الاتجاهات والقيم المرغوبة. والنظام التعليمي الذي يواجه الماضي عندما ينقل التراث الثقافي إلى الطلاب ويواجه المستقبل عندما يهتم بتطوير خبرات الطلاب ومهاراتهم وسلوكهم الاجتماعي واهم هدف لها هو ان يضع الفرد في وضع يتسم بالثقة والضبط العقلاني الذاتي(40).
وبجانب التعليم والتدريس التي تقوم به المؤسسة التربوية فإنها تقوم بإعداد الشباب من الناحية الشخصية أيضا بالرغم من تأكد عدد كبير من الباحثين على دور العائلة في بلورة شخصية الفرد وتكوين طبيعته الأصلية وهذا واضح في آراء العالم (براوت) في كتابه الأمراض وكذلك فوليوم الاجتماعية إلا ان هؤلاء الباحثين لم يهملوا المؤسسات الأخرى التي لها دور في تكوين وبلورة شخصية الشباب(41).
فقد تقوم المدرسة في تكوين وتهذيب سلوك الأفراد وفي تكوين وتظم الكائن الإنساني بصورة صحيحة ووقائية من المخاطر التي تشتت أفكاره وإرادته وتسبب الضعف في شخصيته. كما تساعد على زيادة وعي الأفراد واستثمارهم للموارد المتاحة وتعميق إدراكهم ودورهم في المسؤولية تجاه الجماعة التي ينتمون إليها وعلى هذا الأساس فإنها تغرس منظومة من القيم الأخلاقية والسلوكية(42).
وللمدرسة نظام معين في العملية التربوية لذا لابد من تقديم رعاية مناسبة إلى التلاميذ والشباب في هذه المرحلة لكي يستطيعوا مواصلة العملية التربوية وغالبا ما يرجح زيادة تسرب الأطفال من المدارس إلى إهمال طرق الرعاية في هذه المدارس وعدم فهم المدرسين لطلابهم وسوء المعاملة من قبل المدرسين والمعلمين في بعض الأحيان.
فالعراق من بين الدول النامية التي بدأت تدرك خطورة هذه المرحلة فقد شكلت منظمات مهنية تهتم بشؤون الطلبة وهي المنظمة الطلابية التي بدأت تهتم وتركز على شؤون الطلبة وساعدت الشباب الذين هم بحاجة إلى المساعدة من الناحية المادية والمعنوية فقد سعت إلى حل المشاكل الشبابية وتنظيم الوسائل الترفيهية للشباب.
واهتمت أيضا بنشاطات وفعاليات وطموحات الشباب ومحاولة تنميتها والاستفادة من هذه المواهب(43).
إن دور المدرسة في إحداث السلوك الإجرامي يتبين في قول العالم (فكتور هيجو) "ان كل مدرسة تفتح بقابلها سجن مغلق" ولكن هذا لا يمنع ان يكون للتعليم أثره العكسي في زيادة معدلات الجريمة، صحيح ان التعليم كثير ما يقضي على أنواع من الجرائم بقضائه على ما يصحب الجهل من الإيمان بخرافات مختلفة من وجهة نظر الفرد تصدر عنها الجريمة بما يفتحه من سبل جديدة لارتزاق كانت مغلقة في وجه الفرد، وبما قد يعطيه من مكانة اجتماعية ربما يحاول المتعلم الحرص عليها وبما قد يبذله المتعلم من وقت وجهد في الدراسة ربما كان سيضيفان من المفاسد والشرور إلا ان انتشار التعليم على نطاق واسع قد أضفى على إجرام العصر إذ حوله من إجرام عنف وعدوان على الأشخاص إلى إجرام مدروس بمنطق وذكاء.
مع ذلك فان هناك مسألة ليست محل نزاع وهي ان التعليم يصقل الشخصية ومعها الميول الإجرامية ان وجدت وهذا يؤدي إلى تخفيف حدة بعض الجرائم المرتبطة بالأمية والجهل مثل الاعتداد على الأشخاص والسرقة ويحولها نحو أنواع أخرى من الإجرام المنتظم والمتمدن مثل النصب والتزوير والاختلاس، ونحو وسائل أكثر أحكاما مثل القتل بالسموم والأسلحة المتقدمة التي لا تحدث صوتا وفي النهاية إلى الرسائل أكثر مهارة من غيرها(44).
حيث تعتبر المدرسة من أهم عوامل البيئة الخارجية للصغير والحدث فمن أهم العوامل المؤثرة في سلوك الأحداث في المدرسة هي علاقة المدرسين بالطلاب ونوع البرامج الدراسية والترفيهية وقرب وبعد المدرسة عن محل سكن الطالب وبيئة المدرسة وموقع المدرسة ايكولوجيا (ريف أو مدينة) وهذه بعض العوامل المدرسية وهناك بعض العوامل في البيئة الخارجية كالتغيرات المختلفة التي تحدث في المجتمع (سياسية، أو طبيعية (عوارض أو فيضانات أو زلازل)) اجتماعية (الهجرة من الريف إلى المدينة) والحروب والثورات وغيرها من العوامل التي لها اثر مباشر وغير مباشر على سلوك الحدث والتي تدفع به إلى الجنوح(45).
3. الصحبة السيئة: إن من أهم أسباب المهمة التي تدفع الفرد إلى ارتكاب الأفعال السلوكية الإجرامية اختلاطه وتجاوبه وتفاعله مع رفاق السوء لاسيما رفاق المنطقة السكنية ورفاق المدرسة من المنحرفين والأشرار فالفرد يتأثر بسرعة بأصدقائه ورفاقه الذين لا يختلفون عنه بمزايا العمر والثقافة والميول والاتجاهات والأذواق حيث انه يتأثر برفاقه أكثر مما يتأثر بابيه أو أمه أو مدرسته. وعندما تكون الخصائل وتستحكم به تتجه إلى الاختلاط والتفاعل بحيث تجعله شاذ ومنحرف في أفكاره وممارسته اليومية وهنا لا تستطيع العائلة ولا أية مؤسسة أخرى في المجتمع من إصلاحه وتقويم أخلاقه المنحرفة وممارسته الخاطئة وأمر كهذا يؤدي إلى أخطار التفكك والتصدع بحيث لا تستطيع العائلة هنا القيام بوظائفها ومهامها تجاه الفرد والمجتمع(46).
إذن الرفاق يعملون على إشباع ميول الحدث ورغباته وتأكيد وجوده ضمن الجماعة، كما تساعده الجماعة على إقامة علاقات اجتماعية قوية مع من هم في سنه، حيث ان رفاق اللعب لهم دور كبير في التأثير بشخصية الحدث فلعب من المفاهيم التي كانت سائدة عنه انه نشاط يقصد به الاستمتاع بقضاء أوقات الفراغ وقد تبلورت هذه المفاهيم فلم تعد مجرد طريقة لتمضية الوقت، فقد أصبح ينظر إليه كجزء من العمليات التربوية التي ترمي إلى الحد من خطر السلوك الإجرامي لدى الحدث ويقول العالم (بياجيه) في ذلك (ان اللعب عملية تمثل العمل على تحويل المعلومات الواردة لتلائم حاجات الفرد فاللعب والتقليد والمحاكاة جزء لا يتجزأ من النمو العقلي والذكاء)(47).
ولقد درس الكثير من علماء الإجرام تأثير الجماعات المنحرفة السلوك على الأشخاص أو الشباب الذين يتصلون بها أو يصاحبونها لاسيما إذا كان عند هؤلاء الأفراد استعدادا نفسياً للإسهام في السلوك الانحرافي، وكل فرد في المجتمع معرض للسقوط في الجريمة إذا اتخذ أصدقائه من الأفراد الذين ينتمون إلى مثل هذه الجماعات، ولكن الأبحاث دلت على ان استجابة الفرد لمثل هذه الجماعات تتوقف إلى حد كبير على شخصية المستجيب ومقدار تأثيره في الآخرين وعلى تنشئته الاجتماعية ومقدار رقابة الأسرة على سلوكه وأخلاقه(48).
وعلى هذا فإن الرفقة السيئة تحطم أو تضعف الروادع تحت تأثير المثل المستمرة من رفاق السوء هذه المثل التي تنتقل بعدوى الإيحاء والحث والتقليد وبما يبثه المجتمع من اطمئنان في النفوس، كما تعمل الرفقة السيئة على تعريف الشاب بالعادات السيئة كالإدمان على الخمر وتعاطي المخدرات والمقامرة والرهان وغيرها من الأمور السيئة التي تجلبها رفقة السوء(49).
ومن علماء الإجرام الذين اهتموا بدراسة اثر الصحبة في ارتكاب الفرد للسلوك الإجرامي العالم (سذرلاند) الذي وضع نظرية (الاختلاط المغاير) وينطلق سذرلاند في نظريته هذه من فرضية أساسية مفادها ان السلوك الإجرامي سلوك مكتسب غير موروث يتعلمه الفرد من خلال اختلاطه بأفراد آخرين وذلك لعملية التواصل أو التفاعل الاجتماعي بين الأفراد الذين ينتمون إلى الجماعة الواحدة في المجتمع الواحد، وان مثل هذا الاتصال لا يتم إلا بين الأشخاص على درجة متينة من الصلة الشخصية أو على درجة واضحة من الصداقة والزمالة، وهذا يعني ان يكون بين هؤلاء الأفراد وعلاقات أولية مباشرة ويرى ابراهمسن ان بعض الشباب يرتكبون جرائم تحت ضغط وظروف معينة أو نتيجة لشعورهم بحاجة معينة تدفعهم إلى ارتكاب الجريمة ومن هؤلاء المجرم بالمخالطة الذي يقع ضحية الرفقة السيئة التي تدفعه إلى التقليد في ارتكاب أنماط سلوكية إجرامية(50).
4. البيئة السكنية: ان اغلب الدراسات الاجتماعية التي اهتمت بموضوع الجريمة والجنوح تؤكد على أهمية البيئة السكنية بوصفها عملا مساعدا في عملية الإجرام فالمسكن الذي يؤطنه الشخص له دور في هذا المجال ونعني بالمسكن من الناحية المورفولوجية الخصائص المعيارية والشكلية التي تشكل بنية الوحدة السكنية لأسرة، كما ان المسكن ذاته من حيث ضيقه أو اتساعه ومن حيث فخامته وتهويته ومن حيث مرافقه ومن حيث ارتفاعه أو انخفاضه ومن حيث قدمه أو حداثته والى ذلك من الخصائص الذاتية للمسكن التي تلعب دور واضح في مجال تماسك جماعة الأسرة أو تفككها في شكل الترويح الغالب(51).
لذا فالإنسان يكتسب قيمه الشخصية ويكتسب عادته وسلوكه من الجماعات التي يعيش بقربها لان تأثيرها يرجع بالأساس إلى طبيعة الإنسان بكونه كائن اجتماعي يعتمد في حياته على الجماعة في إشباع حاجاته وعن طريقها يكتسب مهارته وخبرته، لأنه بطبيعتها لا يمكن من الاستغناء عنها ووجوده يتوقف عليها وتأثير الجماعة على نحوه أمر يفرضه الواقع والجماعة، فمن هنا يتضح ان البيئة لها دور واثر على الفرد من نحوه وتطوره ورعايته فمنها ينقل العادات والتقاليد وعنها يأخذ الكثير من الانطباعات والميول سواء كانت هذا المسكن مريح أم غير مريح فهو يتأثر به بكل الحالات، فالبيئة بمعناها العام هي مدرسة طبيعة لا حدود لها لذلك كان لزاما عليه ان يسعى لان يكيف نفسه لها(52).
ويرى (جس تايلر) ان الجريمة المنظمة والعصابات يكون مصدرها الأحياء المختلفة، وفضلا عن توافر العوامل المساعدة لنشوء مثل هذه المنظمات الإجرامية، فان المنتمين إليها يعتقدون ان المجتمع ساهم بشكل أو بآخر في جعل أحياؤهم متخلفة وفي كونهم فقراء لذا فإنهم ينتقمون من المجتمع بتكوين هذه العصابات التي تقوم بارتكاب مختلف أنواع الجرائم خارج مناطق سكناهم(53).
فالبيئة السكنية لها اثر واضح في ظهور الجريمة لدى الفرد لأنها تكون مرتبطة بمجموعة من العوامل والمؤثرات المادية والبيئية المحيطة بالفرد من سكنه والذي له أثره جسماني ونفسي وبالتالي في طريقة سلوكه مع الأفراد المحيطين به.
5. البيئة الترويحية وأوقات الفراغ: البيئة الترويحية هي البيئة التي يقضي فيها الشخص معظم أوقات فراغه وذلك بممارسته بنشاط معين يبعث في روحه البهجة والسرور كالذهاب إلى الحدائق والمتنزهات الموجودة والتي تكون قريبة في محل سكناه أما مفهوم الترويح من الناحية العلمية فهو: نشاط اختياري يقوم به الفرد أثناء وقت الفراغ وان دوافعه الأولية هي الرضا والسرور والبهجة الناتجة من هذا النشاط والترويح الذي يتعلق بألوان الأنشطة التي يقوم بها الفرد والتي يمارسها خارج ساعات عمله حيث ان الفرد اختار بضعة أنشطة لممارستها طوعا نتيجة لرغبة داخلية دافعة فالترويح نشاط اختياري يحدث ويمارس في وقت الفراغ وينتج عنه شعور أو إحساس ذاتي بالغبطة أو السرور والراحة والرضا النفسي.
أما وقت الفراغ فهو وقت الحر المتيسر للفرد والذي من خلاله يستطيع ممارسة أنشطة الفراغ الذي يختارها والتي تتلائم مع أذواقه واتجاهات وموضوعاته وأهدافه ومصالحه، أما في وقت الحاضر أصبح مقدار الوقت ليس مجرد دقائق أو ساعات أو أيام عند الفرد والتي يصرفها ويمضيها كما يشاء وإنما هو الوقت المهم الذي ينبغي تخطيطه وبرمجته واستثماره بطريقة تساعد على تنمية الفرد وتطوير قدراته الفكرية والجسمانية والإبداعية(54).
وقد اهتمت النظرية الاجتماعية المعاصرة بمسألة الفراغ وكيفية استثماره وذلك لما لها من أهمية في تطوير الإنسان وزيادة طاقاته الإنتاجية ودفع عجل المجتمع إلى التقدم والنهوض بحيث يستطيع تحقيق أهدافه المصيرية وطموحاته المشروعة، وذلك لكي يستثمر الشاب أو الشابة وقت الفراغ بالأشياء المفيدة حتى لا ينصرف في تيار الجريمة والسلوك المنحرف الذي يدفع إلى ممارسة الأفعال المشينة والمسيئة بحق الأفراد والمجتمع بصورة عامة حيث تدرس النظرية نشوء ونمو وتوزيع أوقات الفراغ للفئات والجماعات الاجتماعية والمهنية التي يتكون منها المجتمع إضافة إلى اهتمامها بمسائل تنظيم الفراغ والاستفادة منه في سد الحاجات والنجاح وطموحات الشباب في الشيء السليم والمفيد للمجتمع(55).
كما أن سياسة الفراغ في المجتمع المتحضر تعتمد على مبدأ إنساني الذي يطمح بتحويل وقت الفراغ إلى وقت الترويح يستفاد منه الإنسان وتستخدمه في تطوير قدراته وإمكانياته الجسمانية والعقلية والمهنية ووقت الفراغ في المجتمع يتيح أمام الإنسان الاحتمالات والإمكانيات التي من شانها ان تنمي الشخصية طالما انه يستهدف ترسيخ التربية الإنسانية الفاضلة والتنمية الروحية عند الأفراد والجماعات، فانغماس الإنسان في مجال العمل وعدم مشاركته في نشاطات الفراغ لابد ان يقتل عنده آجلا أم عاجلا روح العمل المبدع الذي يستفيد منه المجتمع مما يجعله عرضة لارتكاب الجريمة واندفاعه نحو السلوك المنحرف(56).
إن من المشكلات الاجتماعية التي ظهرت في المجتمعات في الوقت الحاضر هي مشكلة الإدمان على المخدرات التي تعتبر آفة من آفات أوقات الفراغ حيث كانت اقل انتشارا من الخمر في بلادنا إلا أنها اشد منها فتكا والمدمن على المخدرات سيصاب بانحلال عقلي وخلقي وجسمي فيضعف نشاطه وتقل حيويته وينحط مستواه الاجتماعي فيهمل أسرته وعمله وسائر حياته كما يصبح قلق المزاج وضعيف الذاكرة والإدمان على المخدرات له صلة وثيقة بالإجرام إذ أنها تشل المراكز العليا للدماغ وتطلق الغرائز على حالتها البدائية بحيث يصبح الفرد عاجزاً عن ضبط نفسه وعن التميز بين الخير والشر، وهناك نقطة مهمة ينبغي الإشارة إليها وهي ليس كل نشاط ترفيهي هو ايجابي وإنما قد يتحول إلى نشاط سلبي إذا أسيء استغلاله وخير مثال على ذلك العاب التسلية الالكترونية (الاتاري) وهو فضلا عن فوائده التربوية والنفسية والتقنية إلا أنها لا تخلو من بعض السلبيات، إذ يمكن ان يكون بداية الانحراف وتعلم السلوك الإجرامي إذا ما أدمن على ممارسة اللعب.
وبهذا يظهر ان طبيعة النشاط الترويحي الذي يقضيه الشخص له علاقة مباشرة أو غير مباشرة في اتجاهه نحو الجريمة مما يحتم على المجتمع ممثلا في هيئاته الاجتماعية والرياضية ان يشرف على تنظيم أوقات الفراغ لشرائح الشباب المختلفة وتوجههم إلى حسن استغلاله وحين يعمل ذلك فيه يهيئ لنفسه الحماية الأزمة ضد الشرور والآفات الاجتماعية ومنها الجريمة(57).
6. بيئة العمل: ان بيئة العمل هي الوسط أو المجتمع الذي ينتقل إليه الفرد لمزاولة مهنة أو حرفة أو وظيفة، وقد يتكيف الفرد لهذا المجتمع أو الوسط وقد يواجه إخفاقاً أو فشلاً في التكيف مع هذا الوسط أو المجتمع مما يترتب عليه تأثير ايجابي أو سلبي على نفسية الفرد وعقليته الاجتماعية.
ويحصل تكيف الشخص مع بيئة العمل عندما يحصل على عمل مناسب يكون ملائماً لقدراته الجسمية والعقلية ومنسجماً مع رغباته الشخصية التي حققها من خلال اجتيازه للمرحلة الدراسة التي أهلته للحصول على العمل المناسب له، مما يساعده على انجازه بإتقان وتطويره وتحسينه فيفوز بتقدير رؤسائه وزملائه في العمل.
وقد تدفع عوامل عديدة بالأشخاص إلى ممارسة الأعمال غير المناسبة منها ضغط الحاجة الاقتصادية للأسرة، إذ ان المستوى المعاشي الواطئ والدخل المنخفض غالباً ما يؤدي إلى عدم استطاعة الوالدين الاستمرار في الإنفاق على أبنائهم لإكمال تعليمهم، فأرباب الأسر الفقيرة يفضلون غالباً اشتغال أبنائهم على استمرارهم في الدراسة، لان ذلك الاستمرار غالباً ما يؤدي إلى اقتطاع جزء ليس باليسير من دخل الأسرة(58).
وبيئة العمل كغيرها من البيئات الاجتماعية تهيء الفرصة للأشخاص لإقامة علاقات اجتماعية مع العاملين أثناء الذهاب إلى العمل أو العودة منه أو في أثناء العمل أو في أوقات الراحة فتتأثر سلوكيات الأشخاص وبالذات الشباب ايجابياً أو سلبياً تبعاً لسلوكيات أصدقائه في العمل، كما ان ظروف العمل قد تفرض على الشباب الصلة بأفراد لا خيار له في انتقائهم أو ان بعض الأعمال تفرض على من يمارسها التعرف والاحتكاك بأنماط كثيرة من الناس كالعمل في الأماكن العامة أو المقاهي وتجارة الأرصفة وغيرها تتيح لمن يعمل فيها ولاسيما الأحداث والشباب في تعلم السلوك الإجرامي.
ومن زاوية أخرى فإن أساليب بعض المهن قد تدفع أحياناً ممارسيها إلى احتراف السلوك الإجرامي فمثلاً التعامل مع بيوت الدعارة والحانات والملاهي الليلية الموبوءة يكون جواً مناسباً لأعمال انحرافية غير مشروعة كتعاطي المخدرات(59).
7. ضعف التربية الدينية: ان للجانب الديني الأثر الفاعل في تدعيم الأمن الاجتماعي داخل المجتمع ومحاربة الظواهر الانحرافية التي قد تطرأ على نفوس الناس وعلاجها من اجل الوقاية منها. ودور الدين يفوق دور أية مؤسسة تربوية وقانونية كونه يخاطب الضمير الإنساني الذي هو مركز الثقل في توازن الطباع البشرية وتربيتها على حب الخير والحق والجمال.
في حين تعجز الإبداعات الإنسانية بعلومها وأنظمتها وفلسفتها ان تنفذ إلى الضمير الإنساني ويقتصر دورها فقط في التحكم بالحياة الظاهرة للإنسان فتسن له الطريق، وتراقب سيره عليه وتردعه بالعقوبة الشديدة إذا حاد عنه(60).
وأشار بعض علماء الإجرام إلى أهمية الدين في وقاية المجتمع من السلوك الإجرامي وفي هذا الصدد يرى العالم (دي بيتس Depets) ان ضعف الوازع الديني هو العامل الرئيس المؤدي إلى هذه الزيادة المفزعة في الإجرام.
أما العلامة (كراوس Kraues) فقد وضح رأيه في العبارة الآتية " ان الابتعاد المتزايد عن الله الذي يحتاج أكثر فأكثر طبقات كثيرة من الناس وكذلك النظرة اللادبية إلى الحياة والعالم التي هي نتيجة للابتعاد عن الله تكون الأرضية الخصبة التي تزدهر فيها الرذيلة والجريمة وان الروح الأدبية الصحيحة غير ممكنة بلا دين".
ومن هنا يتضح لنا ان للدين الأثر الفاعل في تقويم النفس البشرية نحو ما هو صحيح حيث ان الدين ينهي عن كل ما هو فاحش وغير مرضي لله وللناس جميعاً. وان الدين الإسلامي بطبيعته الحال ينهي عن أي عمل لا يرضي الله والناس وينهي عن القيام بالجرائم التي لها مساس بحياة الأفراد(61).
الباب الثاني : الدراسة الميدانية
المبحث الرابع : الإطار المنهجي للبحث
التمهيد:
تكمن أهمية هذا المبحث في المنهج العلمي الذي يساعد على توضيح الكثير من الظواهر الاجتماعية الخاصة بموضوع الدراسة وفهمها فيما يساعدنا على معرفة صحة الفرضيات المطلوبة اختبارها لذلك يعد استخدام الوسائل العلمية في البحث الاجتماعي ضرورة لا يمكن الاستغناء عنها ولاسيما ان استخدام هذه الطرق والوسائل لتحديد الظواهر الاجتماعية ودراستها.
أولاً: منهجية البحث: يشير مفهوم المنهج إلى كيفية أو الطريقة التي يتبعها الباحث في دراسة المشكلة وموضوع البحث وقد استخدمنا في دراستنا منهجين هما:
1. المنهج المقارن: يستخدم المنهج المقارن في البحوث الاجتماعية لمقارنة الظواهر الاجتماعية في مجتمع واحد في حقب تاريخية، كما يقارن هذا المنهج الظواهر والمؤسسات في مجتمعات مختلفة مهما تكن درجة تقدمها الاجتماعي والتاريخي، وعند المقارنة تتمكن من رسم وتحديد القوانين الكونية التي تفسر طبيعة الظاهرة أو المؤسسة لان الدراسة تمت عملية تحليلها وفق المنهج المقارن هذا المنهج الذي لا يقارن الأحداث والظواهر في حقب تاريخية مختلفة في مجتمع واحد فحسب وإنما يقارن الأحداث والظواهر في مجتمعات مختلفة وفي فترات زمنية مختلفة(62). وقد اعتمدنا هذا المنهج لمقارنة نتائج دراستنا الحالية نتائج الدراسات السابقة في مجتمع قبل الدراسة وفي مجتمعات عربية وأجنبية.
2. منهج المسح الاجتماعي: المنهج الآخر المستخدم في بحثنا الحالي هو منهج المسح الميداني الذي يعتبر طريقة مهمة للبحث الاجتماعي العلمي ذلك أنها تزود الباحث بمعلومات أصلية ليست معروفة للباحثين الآخرين، وطريقة المسح الاجتماعي كما يعرفها (هايسون) عبارة عن مجهود تعاوني يتيح الطريقة العلمية لدراسة المشاكل الاجتماعية القائمة التي تقع ضمن حدود جغرافية معينة ومعالجتها. كما تميز هذا المجهود بانتشار حقائقه واستنتاجات وتوصياته حتى يمكن ان تكون معلومات عامة للمجتمع المحلي وقوة من اجل عمل منسق مثمر ويرى (موريس) انه عبارة عن طريقة من طرق التحليل والتفسير على نحو علمي منظم من اجل الوصول إلى أغراض محددة لوضعية اجتماعية أو سكان معينين(63).
ثانياً: مجالات البحث:
1. المجال المكاني: تم تحديد مديرية شرطة الانبار (المراكز) مجالا مكانياً لأنها تظم مجموعة من الموقوفين.
2. المجال البشري: حدد المجال البشري لبعض من الموقوفين الذين ارتكبوا الجرائم.
3. المجال الزمني: ونقصد به السقف الزمني أو الوقت الذي استغرقه الباحث في كتابة البحث والمجال الزمني للدراسة امتد من (25/12/2009) إلى (20/7/2010).
ثالثاً: أدوات البحث: نعني بمفهوم الأداة هو الوسيلة التي تستخدم في البحث سواء كانت تلك الوسائل متعلقة بجمع البيانات أو بعمليات التصنيف والجدولة. وعلى ضوء ذلك اعتمدنا في جمع البيانات على الوسيلتين الآتيتين:
1. استمارة الاستبيان: ان المقصود بالاستبانة هي أداة تتضمن مجموعة من الأسئلة أو الجمل الجدية التي تتطلب الإجابة عنها بطريقة يحددها الباحث حسب أغراض البحث فقد تكون الإجابة مفتوحة أو يتم اختيار الإجابة أو تحديد موقع الإجابة على مقياس متدرج.
وتعد استمارة الاستبيان بمثابة لأداة نمو الوسيلة التي يتصل بها الباحث بالمبحوث، وتقسم إلى قسمين أساسين: هما قسم يتضمن البيانات الأولية التي تخص المبحوثين كالجنس، والعمر. والقسم الثاني يتجزأ إلى عدة محاور تتناسب مع موضوع البحث(64).
2. الوسائل الإحصائية: بعد تفريغ البيانات في جداول إحصائية قام الباحث بتحليل تلك الجداول مستعينا بالوسيلة الإحصائية الآتية:
النسبة المئوية/ وقانون استخراج النسبة المئوية على النحو التالي:
[IMG]file:///C:\DOCUME~1\ADELAM~1\LOCALS~1\Temp\msohtmlclip1\01 \clip_image002.gif[/IMG]
المبحث الخامس: البيانات الأولية لوحدات العينة وأسباب ارتكاب الجريمة
تمهيد:
سنحاول في هذا الفصل توضيح البيانات الأساسية عن عينة البحث، لما لهذه البيانات من أهمية في إعطاء صورة واضحة وفهم تام عن موضوع الجريمة، إذ تتضمن هذه الخصائص الظروف الاجتماعية والتربوية المؤثرة في آراء ومواقف وقيم وسلوكيات وحدات العينة. وتضم البيانات الاجتماعية متغيرات الجنس والعمر والحالة الزوجية ومحل الإقامة كونها تشكل الأطر المرجعية لتوجهات وسلوكيات الأفراد إزاء الظروف والمواقف المختلفة.
1. الجنس: يعد الجنس احد العوامل الأساسية في ارتكاب الجرائم حيث تكون للقدرة الجسدية دور في مساعدة الجاني في ارتكاب جرمه. لقد تبين لنا من جنس المبحوثين التالي:
جدول رقم (1) يوضح جنس المبحوثين
الجنس التكرار النسبة المئوية
ذكور 58 96,60%
إناث 2 3,40%
المجموع 60 100
تشير بيانات الجدول بان 96,60% من المبحوثيين هم من الذكور وان نسبة الإناث لا تتجاوز 3,40% ويعود السبب في ذلك ان مجتمعنا العراقي يعتبر من المجتمعات المحافظة وان المرأة لا تجرأ كل الجرأة على ارتكاب الجريمة وبصورة قليلة.
2. العمر: تختلف الأحوال الجسمية والنفسية للفرد باختلاف سنه ولكل مرحلة من المراحل العمرية خصائص جسمية ونفسية كثيرا ما تكون عوامل لتكوين سلوك إجرامي كامن لدى الفرد وتؤثر بالتالي فيما ينشأ من هذا التكوين من إجرام، وهذا وقد تناول علماء الإجرام والاجتماع الجنائي سن المجرم بوصفه تصنيفا لفئات المجرمين المختلفة كما بحثوا تأثير السن في السلوك الإجرامي بشكل عام.
جدول رقم (2) يوضح أعمار المبحوثيين
الفئة العمرية بالسنة التكرار النسبة المئوية
18- 25 17 28,3
26- 33 25 41,6
34- 41 15 25
42- 49 3 5
المجموع 60 100
تشير البيانات في الجدول ان أعلى نسبة للذين تقع أعمارهم في الفئة العمرية (26- 33) سنة حيث بلغت 41,6% وتلتها وبنسبة 28,3% للفئة العمرية (18- 25) سنة ثم جاء الذين يقعون في الفئة العمرية (34- 41) سنة بالمرتبة الثالثة حيث بلغت نسبتهم 25% أما الذين يقعون في الفئة العمرية (42- 49) سنة فقد بلغت نسبتهم 5%، علماً ان أعمار النساء تراوحت بين 26- 33 سنة. نستنتج مما سبق ان اغلب أفراد العينة هم من الشباب حيث يكونون أكثر استعدادا للانحراف من كبار السن.
3. الحالة الزوجية: إن لحالة الفرد الزوجية دلالة مهمة في علاقتها بالجريمة وهذا يعني ان العزاب قد يكونون أكثر اندفاعا واستعدادا للانحراف وارتكاب الجرائم بينما نجد العكس عند المتزوجين الذين قد يحد الزواج في كثير من الأحيان من طيشهم أو تهورهم في مواجهة مشاكل الحياة وانشغالهم في تدبير وسائل العيش لهم ولأسرهم.
جدول رقم (3) يوضح الحالة الزوجية للمبحوثيين
الحالة الزوجية التكرار النسبة المئوية
متزوج 19 31,6
أعزب 25 41,6
مطلق 11 18,3
أرمل 5 8,3
المجموع 60 100
تشير البيانات ان أكثر المبحوثيين هم من العزاب حيث بلغت نسبتهم 41,6% ثم تلتها 31,6% من المتزوجين وكانت نسبة المطلقين 18,3% في حين كانت اقل نسبة الأرامل حيث بلغت 8,3% وهذا يؤكد لنا مدى تأثير الحالة الاجتماعية حيث يكون العزاب أكثر ميلا للسلوك الإجرامي.
4. محل الإقامة: تأتي أهمية محل الإقامة للمبحوثين من كونه يمثل الميدان الاجتماعي الذي يسهم إلى حد بعيد في تكوين قيمهم وأنماطهم السلوكية وعلاقاتهم الاجتماعية في ظل الإطار الثقافي الذي يسهم وتحدده بيئتهم التي ينتمون إليها.
جدول رقم (4) يوضح محل الإقامة للمبحوثين
محل الإقامة التكرار النسبة المئوية
حضر 39 65
ريف 21 35
المجموع 60 100
تشير بيانات الجدول إلى ان نسبة 65% من المبحوثين كانت محل إقامتهم في الحضر مقابل 35% من المبحوثيين كانوا يقيمون في الريف. نستنتج مما تقدم ان الجريمة هي حضرية أكثر مما هي ريفية.
5. الدخل: يعتبر الدخل من مقومات الحياة حيث يعتمد عليه الأفراد كليا من اجل تلبية الحاجات الضرورية كلما يقل الدخل عن مستوى سد الحاجات الضرورية أو مستوى الكفاف كلما زادت الأعباء المادية للفرد مما يؤدي بالفرد إلى إتباع طرق غير مشروعة كارتكاب الجرائم وغيرها.
جدول رقم (5) يوضح دخل المبحوثيين
الدخل التكرار النسبة المئوية
يفيض عن الحاجة 3 5
يقل عن الحاجة 38 63,3
يسد الحاجة 19 31,7
المجموع 60 100
تشير بيانات جدول رقم (5) إلى ان أكثر المبحوثيين هم يقل دخلهم عن الحاجة حيث بلغت نسبتهم 63,3% أما الذين يسد دخلهم الحاجة فقد بلغت نسبتهم 31,7% في حين كانت نسبة 5% من المبحوثيين يفيض دخلهم عن الحاجة. ونستنتج مما سبق بان للدخل أثرا في السلوك الإجرامي حيث ان انخفاضه يؤدي بشكل وبآخر إلى الانحراف في السلوك الإنساني وهذا مما يؤدي إلى ارتكاب الفعل الجرمي.
6. المهنة: يعرف علماء الاقتصاد المهنة بالعمل العقلي أو العضلي الذي يزاوله الفرد لقاء راتب أو اجر محدد. لذلك تلعب المهنة دور مهم في حياة الأفراد وان نوع العمل الذي يمارسه الإنسان يحدد طريقه قضاء وقت الفراغ لدى الفرد.
جدول رقم (6) يوضح مهن المبحوثيين
المهنة التكرار النسبة المئوية
عاطل 39 65
بائع متجول 6 10
أعمال حرة 15 25
المجموع 60 100
تشير بيانات الجدول ان أكثر المبحوثيين هم من العاطلين عن العمل حيث بلغت نسبهم 65% في حين كانت نسبة الذين كانوا يعملون أعمال حرة 25% في حين كان نسبة الباعة المتجولين 10% ان وجود هذه النسبة الكبيرة من الشباب العطل عن العمل يزيد من حجم الفقر ويجعل من مناطق سكنى الفقراء أماكن لانتشار الجرائم والانحرافات السلوكية.
7. التحصيل الدراسي: تباينت الآراء في اثر التعليم في السلوك الإجرامي، حيث أكد البعض على ان المستويات التعليمية المتدنية للفرد تساعد على ظهور الأفعال السلوكية المنحرفة باعتبار ان التعليم والثقافة تشكل بعد ذاتها ضابطا مهما من ضوابط السلوك إضافة إلى ما توفر من وعي عازل ضد الجريمة ويقول في هذا الصدد العالم الفرنسي (فيكتور هيجو) "فانك إذا فتحت مدرسة كأنك قد غلقت سجنا".
جدول رقم (7) يوضح التحصيل الدراسي للمبحوثيين
التحصيل الدراسي التكرار النسبة المئوية
أمي 3 5
ابتدائية 30 50
متوسطة 18 30
إعدادية 9 15
المجموع 60 100
تشير بيانات الجدول ان نصف العينة هم من حملة الشهادة الابتدائية حيث بلغت نسبهم 50% تلته وبنسبة 30% من حملة شهادة المتوسطة وجاءت نسبة 15% من حملة شهادة الإعدادية أما الأمية فقد شكلت 5% وهذا يؤكد لنا ما ذهبنا إليه من اثر التعليم في السلوك الإجرامي حيث يعد بمثابة عامل ضبط للحد من الجريمة.
المبحث السادس: أسباب ارتكاب الجريمة
قد يكون السبب نتيجة لعامل واحد أو نتيجة لمجموعة من العوامل وتمثل هذه العوامل حلقات أو مراحل في التسلسل السببي حيث ترتبط هذه العوامل بالسلوك الإجرامي وبالرابطة السببية أي السبب الذي أدى إلى السلوك الإجرامي، كما ان السلوك الإجرامي لا يمكن ان يكون ثمرة عامل أو سبب واحد محسب سواء كان هذا العامل فردي أو جماعي وإنما هو نتيجة تظافر عوامل فردية واجتماعية أدت إلى السلوك الإجرامي. وبناء على ما تقدم فان هنالك مجموعة من الأسباب حسب ما أشارتها عينة البحث ومن أبرزها:
1. تفكك العلاقات العائلية: حيث تؤثر العلاقات التي تربط المبحوثيين بعوائلهم سلبا أم إيجابا على الإقدام للفعل الإجرامي، ومن خلال بيانات الجدول التالي يتضح ذلك.
جدول رقم (8) يوضح علاقة المبحوثيين بعوائلهم
تفكك العلاقات العائلية التكرار النسبة المئوية
نعم 42 70
لا 18 30
المجموع 60 100
نستنتج من هذا ان نسبة 70% من المبحوثيين كانت علاقتهم سيئة تليها نسبة الذين تكون علاقتهم اعتيادية مع عوائلهم 30%، وهذه النسبة العالية التي تكون علاقتهم سيئة مع عوائلهم تعتبر من العوائل الدافعة للجريمة. حيث ان تفكك العلاقات العائلية داخل الأسرة الواحدة يؤدي إلى ارتكاب العديد من الجرائم وهذا واضح من الجدول.
2. ضعف العامل المادي: يعتبر العامل المادي من أهم المؤثرات على عوامل المبحوثيين لان انخفاض دخولهم الشهرية أو انعدامها في بعض الحالات يؤدي إلى عدم قدرته إلى سد حاجاتهم الضرورية التي تدفع بالأبناء وفي بعض الأحيان الآباء إلى ارتكاب الجرائم من اجل إشباع حاجاتهم الضرورية.
جدول رقم (9) يوضح ضعف الحالة المادية لعوائل المبحوثيين
ضعف الحالة المادية التكرار النسبة المئوية
نعم 50 83,3
لا 10 16,6
المجموع 60 100
نستنتج من هذا ان نسبة الذين أجابوا بان ضعف الحالة المادية ذات تأثير على حياتهم كانت 83,3% مقابل 16,6% من الذين أجابوا بان ليس للحالة المادية تأثير على حياتهم. وهذا يعني ان للحالة المادية ذات تأثير مباشر في ارتكاب الجرائم.
3. تدني المستوى العلمي: حيث ان لمستوى الفرد العلمي سواء كان متدني أم جيد اثر في ارتكابه للجريمة. وهذا واضح من الجدول الآتي:
جدول رقم (10) يوضح تدني المستوى العلمي للمبحوثيين
المستوى العلمي التكرار النسبة المئوية
نعم 50 83,3
لا 10 16,6
المجموع 60 100
نستنتج من هنا ان نسبة الذين كانت مستوياتهم العلمية متدنية كانت 83,3% بينما نسبة الذين كانت إجاباتهم ان ليس للمستوى العلمي للفرد دور فكانت 16,6% حالة تأثير واضح في الجريمة.
4. الصحبة السيئة: التي تعتبر أكثر العوامل تأثيرا على الأشخاص حيث تلعب دور كبير في بعض الأحيان في حدوث الجرائم.
جدول رقم (11) يوضح دور الصحبة في الجريمة
الصحبة السيئة التكرار النسبة المئوية
نعم 48 80
لا 12 20
المجموع 60 100
نستنتج من هذا ان اغلب أفراد العينة أكدوا ان للصحبة السيئة تأثير قوي على الأفراد وكانت نسبتهم 80% بينما كانت نسبة الذين أجابوا بان ليس لها تأثير فكانت 20%. ومن هنا يتضح ان للصحبة السيئة اثر في ارتكاب الجريمة.
5. المنطقة السكنية: ان وجود الأفراد المبحوثيين في المناطق التي تساعد على اكتساب السلوك الإجرامي وقد يكون الاحتكاك بالمجرمين سهل والجدول التالي يوضح ذلك.
جدول رقم (12) يوضح دور المنطقة السكنية في الجريمة
المنطقة السكنية التكرار النسبة المئوية
نعم 45 75
لا 15 25
المجموع 60 100
نستنتج ان اغلب أفراد العينة هم من الذين أجابوا بان للمنطقة السكنية تأثير في اكتساب السلوك الإجرامي وكانت نسبتهم 75% بينما كانت نسبة الذين أجابوا بـ(لا) فكانت نسبتهم 25%.
6. طبيعة السكن: ان لطبيعة سكن الفرد سواء كان السكن الذي يقطن فيه (ملك أو إيجار) اثر واضح في بعض الأحيان في ارتكاب السلوك الإجرامي.
جدول رقم (13) يوضح دور طبيعة السكن في الجريمة
المنطقة السكنية التكرار النسبة المئوية
إيجار 38 63,3
ملك 22 36,6
المجموع 60 100
نستنتج من بيانات الجدول ان نسبة الذين كانوا يقطنون سكنهم بالإيجار أكثر فقد بلغت 63,3% بينما الذين كانوا يقطنون سكن ملكهم فكانت نسبتهم 36,6%.
7. وقت الفراغ: ان طبيعة قضاء وقت الفراغ له دور في الانحراف السلوكي لدى الفرد.
جدول رقم (14) يوضح دور وقت الفراغ في الجريمة
دور وقت الفراغ التكرار النسبة المئوية
نعم 44 73,3
لا 16 26,6
المجموع 60 100
نستنتج مما تقدم ان لكيفية قضاء وقت الفراغ دور كبير في حدوث وارتكاب الجرائم فقد بلغت نسبة الذين أكدوا على ذلك 73,3% بينما كانت نسبة الذين لم يؤكدوا على ذلك 26,6% وهذا له دور كبير في ارتكاب الجرائم.
8. السلوك الإجرامي مكتسب أم موروث: حيث يكون في بعض الأحيان السلوك الإجرامي لدى الأفراد مكتسب عن طريق الكثير من السبل وفي بعض الأحيان يكون موروث عن الأب أو عن الجد وهكذا.
جدول رقم (15) يوضح هل السلوك الإجرامي مكتسب أم موروث
السلوك الإجرامي التكرار النسبة المئوية
مكتسب 38 63,3
موروث 22 36,6
المجموع 60 100
نستنتج ان نسبة الذين أجابوا بان السلوك الإجرامي هو مكتسب لديهم بلغت 63,3% بينما الذين أجابوا بأنه موروث فقد كانت نسبته لا تتعدى 36,6% من الأفراد.
9. الألعاب الالكترونية: تعتبر ممارسة الألعاب الالكترونية في بعض الأحيان من عوامل اكتساب السلوك الإجرامي.
جدول رقم (16) يوضح دور الألعاب في السلوك الإجرامي
الألعاب الالكترونية التكرار النسبة المئوية
نعم 32 53,3
لا 28 46,3
المجموع 60 100
نستنتج من هذا أن الإجابات كانت نسبة الذين أجابوا بـ(نعم) 53,3% من المجموع الكلي بينما الذين أجابوا (لا) فقد كانت نسبتهم 46,3%.
10. ضعف وسائل الضبط: ان لضعف وسائل الضبط الاجتماعي (القانون- الدين) دور في ارتكاب الفرد للجريمة.
جدول رقم (17) يوضح دور وسائل الضبط في الجريمة
وسائل الضبط التكرار النسبة المئوية
نعم 53 88,3
لا 7 11,6
المجموع 60 100
نستنتج من هذا ان لوسائل الضبط الاجتماعي دور كبير في ارتكاب الجرائم حيث بلغت نسبة الذين أجابوا بـ(نعم) 88,3% بينما بلغت نسبة الذين أجابوا بـ(لا) 11,6% يتضح من ذلك ضعف وسائل الضبط الاجتماعي التي تمثلت بالقانون والدين لها اثر كبير في ارتكاب الجرائم.
11. البطالة: تعد البطالة من أهم العوامل التي تؤدي إلى ارتكاب الجرائم بالإضافة إلى العوامل الاقتصادية الأخرى.
جدول رقم (18) يوضح دور البطالة في الجريمة
البطالة التكرار النسبة المئوية
نعم 48 80
لا 12 20
المجموع 60 100
نستنتج من ذلك ان نسبة 80% من المبحوثيين كانوا يعانون من البطالة مقابل 20% الذين كانوا ممن يعملون.
النتائج
يمكن إيجاز النتائج التي تم التوصل إليها في البحث الميداني والذي هو اختبار للدراسة النظرية بما يلي:
1. لقد تبين من نتائج البحث الميداني بان نسبة الذكور من المرتكبين للجرائم هي 96,6% من المجموع الكلي.
2. تبين ان الجريمة تظهر بنسبة أعلى بين صفوف الشباب حيث بلغت 95% من المبحوثيين يقعون في الفئات العمرية المحصورة بين (18- 41) سنة مقابل 5% للذين يقعون في الفئات العمرية الأخرى المحصورة بين (42- 49) سنة.
3. لقد ظهر من نتائج البحث الميداني بان نسبة العزاب تفوق نسبة المبحوثيين الآخرين حيث بلغت 41,6% في حين كانت نسبة المتزوجين 31,6% أما المطلقين فقد كانت نسبتهم 18,3% والأرامل 8,3%.
4. لقد اتضح بان نسبة المبحوثيين المقيمون في الحضر هي النسبة العالية حيث بلغت نسبتهم 65% مقابل 35% في الريف.
5. لقد تبين ان أكثر المبحوثيين هم من كان دخلهم يقل عن الحاجة حيث بلغت نسبتهم 63,3% مقابل 31,7% يسد الحاجة أما الذين كان دخلهم يفيض عن الحاجة فقد بلغت نسبتهم 5%.
6. تبين ان نسبة العاطلين عن العمل قد شكلت نسبة كبيرة فقد بلغت 65% وتلتها وبنسبة 25% هم من الذين يعملون أعمال حرة في حين بلغت وبنسبة 10% هم من الباعة المتجولين.
7. لقد اتضح ان الجريمة تنتشر بين الأشخاص الذين يكون تعليمهم منخفض حيث بلغت نسبة الحاصلين على شهادة الابتدائية 50% أما المتوسطة 30% تلتها وبنسبة 15% من حملة شهادة الإعدادية وبنسبة 5% من الأميين.
وقد تبين ان هناك عدد من الأسباب التي وقعت بأفراد العينة إلى ارتكاب الجريمة:
1. تفكك العلاقات الأسرية: حيث بلغت نسبة الذين يعانون من تفكك في علاقاتهم الأسرية 70% أما الذين تكون علاقاتهم بأسرهم بلغت نسبتهم 30%.
2. العمل المادي: حيث بلغت نسبة الذين يعانون من تدهور في حالتهم المادية 86,8% مقابل 13,2% كانوا من الذين ليس لحالتهم المادية تأثير عليهم.
3. المستوى التعليمي: تبين ان نسبة الذين كانت مستوياتهم العلمية متدنية بلغت 83,3% بينما الذين مستواهم العلمي أعلى فقد بلغت نسبتهم 16,6%.
4. الصحبة السيئة: حيث أكدوا اغلب أفراد العينة وبنسبة 80% ان للصحبة السيئة تأثير سلبي على الأشخاص مقابل 20% من الذين لم يؤيدوا هذا الموضوع.
5. المنطقة السكنية: حيث بلغت نسبة الذين كانت لمنطقتهم السكنية تأثير عليهم واكتسابهم للسلوك الإجرامي 75% في حين كان نسبة الذين لم يتأثروا بمناطق سكناهم 25%.
6. طبيعة السكن (ملك، إيجار): حيث بلغت نسبة المبحوثيين الذين كانوا يسكنون بيوت الإيجار 63,3% في حين كانت نسبة الذين يمتلكون بيوت 36,6%.
7. وقت الفراغ: حيث بلغت نسبة الذين ارتكبوا الجرائم لكثرة أوقات الفراغ لديهم بلغت 73,3% في حين كانت نسبة الذين لم تؤثر أوقات الفراغ عليهم 26,6%.
8. السلوك الإجرامي (مكتب، موروث): حيث بلغت نسبة الذين قالوا بان السلوك الإجرامي مكتسب 63,3% أما الذين قالوا بأنه موروث فقد بلغت 36,6%.
9. الألعاب الالكترونية: حيث بلغت نسبة الذين قالوا بان الألعاب الالكترونية تأثير في اكتساب السلوك الإجرامي 53,3% مقابل 46,6% من الذين لم يؤيدوا هذه الفكرة.
10. ضعف وسائل الضبط: حيث بلغت نسبة الذين قالوا بان لضعف وسائل الضبط تأثير على حدوث الجريمة 88,3% من حيث بلغت نسبة الذين لم يؤيدوا هذه الفكرة 11,6%.
11. البطالة: حيث بلغت نسبة المبحوثيين الذين كانوا يعانون من البطالة 80% مقابل 20% من الذين كانوا يعملون.
التوصيات
1. دراسة احتياجات الشباب حسب طبيعة المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية المرافقة لطبيعة الحياة العصرية.
2. تعميق دور الأسرة وبناؤها في المجتمع من خلال إبراز دورها في عملية التنشئة الاجتماعية وذلك بالتعاون مع المؤسسات الرسمية وذلك لبناء جيل شباب الواعي المدرك لمسؤوليته ودوره في هذه المرحلة.
3. دراسة أوضاع الشباب العاطلين عن العمل وتوفير فرص عمل تؤمن لهم مستقبلهم ومستقبل عوائلهم.
4. إعطاء أهمية متزايدة إلى المناطق شبه الحضرية الموجودة على أطراف المدن أو في المناطق الفقيرة المكتظة بالسكان لكي لا تكون مركز مناسبا لمرتكبي الجرائم وذلك عن طريق توفير الخدمات توفير أماكن ترفيه من اجل قضاء وقت الفراغ وخاصة من قبل الشباب.
5. إعطاء أهمية متزايدة لدور المدرسة في تنشئة الأطفال والشباب وتوعيتهم بالسلوك الانحرافي لما يسببه من سلبيات الأشخاص.
6. مراقبة الشباب المنحرف بصورة مستمرة لكي لا ينجرف الأسوياء منهم مع المنحرفين وردعهم عن السلوك الإجرامي.
خاتمة البحث
إن أهمية دراسة العوامل الاجتماعية وأثرها في ارتكاب الجريمة تتضح من خلال كونها محاولة لدراسة وتشخيص المسببات الحقيقية والدوافع لأحد أنواع السلوك الإجرامي المتمثل بارتكاب الجريمة وبعدها القانوني.
تهدف الدراسة إلى معرفة الأسباب الحقيقية التي دفعت بالشخص إلى ارتكابه للجريمة ومن الجدير بالذكر ان الزيادة الحاصلة في إعداد الجريمة بدأت تهدد امن المجتمع وتثير حالة من القلق لدى المختصين والمهتمين.
اعتمدت الدراسة على عدد من المناهج منها المنهج المقارن ومنهج المسح الميداني. فضلا عن استخدام الوسائل الإحصائية والدراسة مكونة من جانبين متكاملين هما الجانب النظري الذي يتضمن تحليلا للأسباب والخصائص المؤدية للجريمة والجانب الميداني الذي اجري على عينة مكونة من (60) محكوم في مديرية شركة الأنبار (المراكز) وجمعت البيانات من خلال استمارة استبيانية تضمنت (19) سؤالا أساسيا واختصاصيا.
مراجع البحث
1. الجميلي، فتحية عبد الغني، (الدكتورة)، الجريمة والمجتمع ومرتكب الجريمة، دائرة المكتبة الوطنية، عمان، 2001، ص35.
2. مازن بشير، (الدكتور)، مباديء علم الإجرام، دار الكتب والوثائق، بغداد، 2009، ص1.
3. الجميلي، فتحية عبد الغني، (الدكتورة)، المصدر السابق الذكر، ص35.
4. مازن بشير، (الدكتور)، المصدر السابق الذكر، ص30.
5. مازن بشير، (الدكتور)، نفس المصدر، ص115، ص166، ص167.
6. القرآن الكريم، سورة الشمس، الآية 7- 8.
7. عبد الجبار عريم، نظريات علم الإجرام، دار المعارف، بغداد، 1970، ص142.
8. الحسن، إحسان محمد، علم الإجرام، بغداد، 2001، ص266.
9. عبد الجبار عريم، المصدر السابق الذكر، ص16.
10. السيد علي الشتا، علم الاجتماع الجنائي، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، 1987، ص22- 23.
11. السيد رمضان، الجريمة والانحراف من المنظور الاجتماعي، الإسكندرية، المكتب الجامعي الحديث، ص152.
12. عبد الجبار عريم، نظريات علم الإجرام، بغداد، مطبعة المعارف، ط7، 1973، ص84.
13. الجميلي، فتحية عبد الغني، (الدكتورة)، المصدر السابق الذكر، ص39.
14. المشهداني، فهيمة كريم، (الدكتورة)، التصنيع والجريمة، ط1، بغداد، 2009، ص44.
15. فتحية عبد الغني، (الدكتورة)، المصدر السابق الذكر، ص51.
16. فتحية عبد الغني، (الدكتورة)، المصدر السابق الذكر، ص89.
17. الدوري، عدنان، (الدكتور)، أصول علم الإجرام، أسباب الجريمة السلوك الإجرامي، الكتاب الأول، الكويت، مطبعة جامعة الكويت، 1976، ص11.
18. عبد الجبار عريم، المصدر السابق الذكر، ص240- 249.
19. الحسن، إحسان محمد، المصدر السابق الذكر، ص193، ص213، ص214.
20. الحسن، إحسان محمد، المصدر السابق الذكر، ص237.
21. المغربي، سعد، (الدكتور)، السيد احمد الليثي، المجرمون الفئات الخاصة وأساليب رعايتها، ط1، القاهرة، المركز الإسلامي للطباعة والنشر، 1967، ص121.
22. الجميلي، فتحية عبد الغني، (الدكتورة)، المصدر السابق الذكر، ص64- 65.
23. غياري، محمد سلامه، (الدكتور)، الانحراف الاجتماعي للمنحرفين ودور الحداثة الاجتماعية معهم، ط1، الإسكندرية، المكتب الجامعي الحديث، 1986، ص82.
24. إبراهيم ناصر، علم الاجتماع التربوي، دار الجليل للطباعة والنشر، بيروت، ص62.
25. نفس المصدر، ص114، ص115.
26. صبيح عبد المنعم، (الدكتور)، الضبط الاجتماعي، مركز العراق للدراسات والبحوث الإستراتيجية، بغداد، 2009، ص9.
27. نفس المصدر، ص10.
28. الحسن، إحسان محمد، علم الإجرام، دراسة تحليلية عن دور العوامل الاجتماعية في الجريمة، جامعة بغداد، 1993، ص60.
29. نفس المصدر، ص61.
30. السرقة عند الأحداث: دراسة تحليلية إحصائية، المركز القومي للبحوث والدراسات الاجتماعية والجنائية، القاهرة، 1959، نقلا عن سيتاكوس، حجم المشكلة جنوح الأحداث، المجلة الجنائية، العدد الثاني، المجلد الثامن، القاهرة، 1965، ص200، ص225.
31. نفس المصدر، ص223.
32. إبراهيم ناصر، (الدكتور)، المصدر السابق الذكر، ص62.
33. البرفسور: دينكن ميشيل، معجم علم الاجتماع، ترجمة: الدكتور إحسان محمد الحسن، دار الرشيد للنشر، 1980، ص140، ص296.
34. إبراهيم ناصر، (الدكتور)، المصدر السابق الذكر، ص64.
35. صبيح عبد المنعم احمد، (الدكتور)، المصدر السابق الذكر، ص42.
36. مليحة عوني القصير، (أستاذة مساعدة)، علم الاجتماع العائلة، مطبعة جامعة بغداد، ص30.
37. مليحة عوني القصير، المصدر السابق الذكر، ص208، ص221.
38. الجابري، خالد فرج، (الدكتور)، دور مؤسسات الضبط في الأمن الاجتماعي، بحث مقدم إلى الندوة الفكرية الخاصة بالأمن الاجتماعي، سلسلة المائدة الحرة في بيت الحكمة، دار الحرية للطباعة، بغداد، 1997، ص63.
39. سامية محمد صابر، (الدكتور)، والدكتور محمد ناطق غيث، القانون والضوابط الاجتماعية، دار المعارف الجامعية، الإسكندرية، 1984، ص222.
40. منذ هاشم الخطيب، (الدكتور)، والدكتور صبيح عبد المنعم، الخدمات الاجتماعية للشباب، مطبعة المعارف، بغداد، 1984، ص80.
41. احمد الخشاب، (الدكتور)، الاجتماع التربوي والإرشاد الاجتماعي، القاهرة، 1971، ص180.
42. منذر هاشم الخطيب، (الدكتور)، والدكتور صبيح عبد المنعم، المصدر السابق الذكر، ص186، ص187.
43. رؤوف عبيد، (الدكتور)، أصول علمي الإجرام والعقاب، القاهرة، 1981، ص143.
44. رؤوف عبيد، المصدر السابق الذكر، ص146.
45. الحسن، إحسان محمد، المصدر السابق الذكر، ص138.
46. إبراهيم ناصر، (الدكتور)، المصدر السابق الذكر، ص92.
47. سعفان، حسن شحاته، (الدكتور)، علم الإجرام، دار النهضة المصرية، القاهرة، 1966، ص136.
48. خليفة، احمد محمد، (الدكتور)، مقدمة في دراسة السلوك الإجرامي، القاهرة، 1971، ص142.
49. Sutherl and, Edwin H. and Donold Griminology, op, cit, pp.72- 76.
50. احمد مصطفى خاطر، (الدكتور)، الخدمة الاجتماعية، المكتب الجامعي الحديث، الاسكندرية، مصر، 1984، ص351.
51. منذر هاشم، (الدكتور)، والدكتور صبيح عبد المنعم، المصدر السابق الذكر، ص59.
52. Tyler, Gus, Organi 3ed Grime in America, A book of Reading, the University of Michigan press, U.A.S., 1962, P83.
53. الحسن، إحسان محمد، الفراغ ومشكلات استثماره، دراسة مقارنة في علم الاجتماع الفراغ، دار الطليعة للطباعة والنشر، بيروت، 1986، ص14، ص15.
54. نفس المصدر، ص38.
55. نفس المصدر، ص8.
56. إبراهيم، نشأت أكرم، (الدكتور)، علم النفس الجنائي، مطبعة المعارف، بغداد، 1970، ص13.
57. جلال ثروت، (الدكتور)، الظاهرة الإجرامية، دراسة في علم الإجرام والعقاب، مؤسسة الثقافة الجامعية، الإسكندرية، مصر، 1979، ص147.
58. أكرم نشأت إبراهيم، جنوح الأحداث – عوامله والرعاية الوقائية والعلاجية لمواجهته، بحث مقدم إلى الحلقة الدراسية الخاصة بوقاية الأحداث من الانحراف، مركز البحوث والدراسات في مديرية الشرطة العامة، مطبعة الشرطة، بغداد، 1983، ص49.
59. العاني، عبد اللطيف عبد الحميد، (الدكتور)، دراسة اجتماعية للمناطق المتخلفة في بغداد، رسالة ماجستير في علم الاجتماع، غير منشورة، كلية الآداب، جامعة بغداد، 1976، ص88.
60. مناع خليل القطان، أثر الإيمان والعبادات في مكافحة الجريمة، مجلة الرادة، العدد 4، السنة الخامسة، مطابع دار الهلال الاوفست، الرياض، السعودية، 1980، ص16.
61. عبد المعطي، عبد الباسط، (الدكتور)، أصول البحث الاجتماعي، القاهرة، مكتبة الهيئة، ط6، 1977، ص130.
62. المشهداني، فهيمة كريم، المصدر السابق الذكر، ص144.
63. أحمد سليمان عودة، (الدكتور)، والدكتور فتحي حسن ملكاوي، أساسيات البحث العلمي في التربية والعلوم الإنسانية، مكتبة المنار للنشر والتوزيع، الزرقاء، الأردن، 1987، ص150.
64. نبيل نعمان، (الدكتور)، قتل الأصول .. الأسباب والخصائص، مجلة الآداب، العدد 67، 2004، ص500- 501.
استمارة الاستبيان
س1/ الجنس: ذكر أنثى
س2/ العمر:
س3/ الحالة الزوجية:
س4/ محل الإقامة: حضر ريف
س5/ الدخل: يفيض عن الحاجة
يقل عن الحاجة
يسد الحاجة
س6/ المهنة:
س7/ التحصيل الدراسي:
الأسئلة الاختصاص عن الموضوع (العوامل الاجتماعية وأثرها على الجريمة)
س8/ هل تعتقد أن تفكك العلاقات الأسرية دور في ارتكاب الجريمة:
نعم لا
س9/ هل تعتقد أن لضعف الحالة المادية لأسرتك دور في ارتكابك للجريمة؟
نعم لا
س10/ هل تعتقد بأن لتدني المستوى العلمي للفرد دور في ارتكابه للجريمة؟
نعم لا
س11/ هل تعتقد أن المدرسة تعد عامل ضبط من اجل الحد من الجريمة؟
نعم لا
س12/ هل تعتقد أن الصحبة السيئة مثل الجماعات الرفقة أو الأصدقاء التي تعتبر من أشهر العوامل تأثيرا على الأشخاص دور في ارتكابك للجريمة؟
نعم لا
س13/ هل تعتقد أن لمحل إقامتك أو لبيئتك السكنية دور في ارتكابك للجريمة؟
نعم لا
س14/ هل تعتقد أن لطبيعة سكنك (ملك- إيجار) دور في ارتكابك للجريمة؟
إيجار ملك
س15/ هل تعتقد أن لكثرة أوقات الفراغ لديك وعدم الاستفادة منها دور في ارتكابك للجريمة؟
نعم لا
س16/ هل تعتقد أن السلوك الإجرامي لديك مكتسب أم موروث؟
مكتسب موروث
س17/هل تعتقد ان لممارستك لألعاب الالكترونية (بلي ستيشن) وغيرها سبب من أسباب اكتسابك للسلوك الإجرامي؟
نعم لا
س18/ هل تعتقد أن لضعف وسائل الضبط الاجتماعي (القانون- الدين) دور في ارتكابك للجريمة؟
نعم لا
س19/ هل تعتقد أن للبطالة الدور الكبير في ارتكابك للجريمة؟
نعم لا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق